إن دراستنا لحالات العباقرة من المُبدعين تكشف لنا عن تفاوت قدراتهم في تجسيد الخبرات الحيوية بما لم يشهدوه. وأذكر في هذا الصدد أنني توجَّهتُ إلى الأستاذ نجيب محفوظ بسؤال نقدي مطوَّل عن سر نجاحه في تمثيل حيوات النماذج البعيدة جدًا عن دائرة خبراته المباشرة من نساء وعاهرات ومجرمين ومتصوِّفة وفتوات وأنواع من البشر لا أتصور أنه لقي بعضهم في حياته، فكيف أُتيح له أن ينفُذ إلى أعماق مشاعرهم ويجسِّد حالاتهم كأنه عاناها بذاته، فردَّ عليَّ بإيجازٍ مرحٍ وممتعٍ قائلًا: "لو لم أفعل ذلك هل أستحق أن أكون أديبًا؟"
ولد الدكتور صلاح فضل (محمد صلاح الدين) بقرية شباس الشهداء بوسط الدلتا في 21 مارس آذار عام 1938م. اجتاز المراحل التعليمية الأولى الابتدائية والثانوية بالمعاهد الأزهرية. حصل على ليسانس كلية دار العلوم – جامعة القاهرة عام 1962م. عمل معيدًا بالكلية ذاتها منذ تخرجه حتى عام 1965م.
للدكتور صلاح فضل مؤلفات عديدة أثرت المكتبة العربية في الأدب والنقد الأدبي والأدب المقارن وزودت الباحثين برؤى جديدة في الشعر والمسرح والرواية، منها:
من الرومانث الإسباني: دراسة ونماذج 1974م. منهج الواقعية في الإبداع الأدبي 1978م. نظرية البنائية في النقد الأدبي 1978م. تأثير الثقافة الإسلامية في الكوميديا الإلهية لدانتي 1980م. علم الأسلوب، مبادئه وإجراءاته 1984م. إنتاج الدلالة الأدبية 1987م. ملحمة المغازي الموريسكية 1988م. شفرات النص، بحوث سيميولوجية 1989م. ظواهر المسرح الإسباني 1992م. أساليب السرد في الرواية العربية 1993م. بلاغة الخطاب وعلم النص 1993م. أساليب الشعرية المعاصرة 1995م. أشكال التخيل، من فتات الحياة والأدب 1995م. مناهج النقد المعاصر 1996م. قراءة الصورة وصور القراءة 1996م. عين النقد على الرواية المعاصرة 1997م. نبرات الخطاب الشعري 1998م. تكوينات نقدية ضد موت المؤلف 2000م. شعرية السرد 2002م. تحولات الشعرية العربية 2002م. الإبداع شراكة حضارية 2003م. وردة البحر وحرية الخيال الأنثوي 2004م. حواريات في الفكر الأدبي 2004م. جماليات الحرية في الشعر 2005م. لذة التجريب الروائي 2005م. محمود درويش-حالة شعرية 2008م
ومما ترجمه من المسرح الإسباني:
الحياة حلم، لكالديرون دي لاباركا 1978م. نجمة أشبيلية، تأليف لوبي دي فيجا 1979م. القصة المزدوجة للدكتور بالمي، تأليف بويرو باييخو 1974م. حلم العقل ودون كيشوت، تأليف بويرو باييخو 1975م. وصول الآلهة، تأليف بويرو باييخو 1977م.
أكتر حاجة عجباني في الكتاب، هو كتابة النقد بأٍلوب مبسط وسهل، يخلص منك على طول، ومفيش تعقيد ولا مصطلحات نقدية تخليك مش فاهم إيه إللي بيتقال. الأعمال المعروضة كويسة جدا، القراءات عامة كويسة جدا، بيخليك سواء قرأت العمل أو لا تبدأ تبص للنقاط المطروحة، وتفكّر فيها كوجهة نظر مغايرة لكل تأويل كوّنته أنت بعد قراءة الأعمال المذكورة. لكن لو جيت سألتني النّجمة دي وقعت ليه؛ هقولك هو النّقد هيبص إمتى لكتّاب تانيين غير الموجودين في معظم الكتب؟ هيدي إمتى الفرصة لكتّاب إنهم يشوفوا أعمالهم بيتم مناقشتها برؤية نقدية محترفة زي دي؟ أتمنى النّقد يبدأ ياخد نظرة أوسع شوية، أنا محتاج أعرف كتّاب تانيين غير إللي موجودين في كل كتاب نقدي، وإللي بدأت أحس بالاستسهال الصراحة في الحوار ده، تقريبا النّاقد مبقاش عايز يتعب عشان يدوّر! إللي هيجيله أو إللي يعرفه هو إللي هيكتب عنه وجبرت على كده.
الأديب يحرر العالم.. والمثقف يتمرد على التقني.. وصلاح فضل يكتب بحماس الشباب عن أوراق خضراء في عالم الرواية.. يتواصل مع الشباب.. يدخل عالمهم.. يوازن ويقارن ويشجع ويجلس إلى طاولة شاسعة تمتد على النيل متحدثا مع هؤلاء الذن أهدوه تذاكر السفر لعواصمهم الروائية.. شغف الرواية يتجاوز كونه كتابا في النقد الروائي ليقوم تحويل الشغف من المنشور الذي يخط فيه الناق بصمته القرائية إلى رواية رحلة إنجاز الذات في رحابة زمن التكوين والتمرين والإبداع المنهجي بأسلوب مشحون بطاقة الموهبة التي استقت منها أشجار النقد الباسقة على ضفاف العمر الجميل