ليس هذا الكتاب مقدمة جغرافية للتاريخ بالمعنى الحرفي للعبارة، إذ لم يضع المؤلف نصب عينيه أنه يقدم كتابًا لقراء التاريخ، ولكنه انشغل بمشكلة أهم في نظره، وفي نظر علماء الجغرافيا في ذلك الحين، ولا تزال هذه المشكلة محل بحث وموضوع مناقشة في الوقت الحاضر. هذه المشكلة هي ماهية العوامل الجغرافية وموضوع أثر البيئة في الإنسان. وهنا يقف الاستاذ لوسيان فيفر موقف المتشكك في "أثر البيئة" – وفي "الإنسان" نفسه، إذ ليس هناك بيئة لها أثر في إنسان مجرد، بل ليس هناك مثل هذا المخلوق المجرد، فالإنسان يعيش عضوًا في مجتمع، ينتمي إلى طائفة من طوائف أو طبقة منطبقات هذا المجتمع.
الكتاب يتكون من جزئين، لم استسغ قراءته ولم أعرف السبب، هل هو بسبب أنه كُتب منذ أكثر من سبعين سنة وكثير من معلوماته قد تبدلت لغتها؟ أم بسبب ذكره لفروع علمية تخصصية لا تهمني؟
ناهض المؤلف المدرسة البيئية الحتمية، فهو لا يرى الإنسان عبداً للطبيعة أو مخلوقاً سلبياً يتقبل المؤثرات الخارجية ولا يستطيع التحرر من قوانينها، بل الإنسان عامل جغرافي يساهم في تغيير سطح الأرض بما يلائم حاجاته.، واعتبر المؤلف أن قول مونتسكيو وغيره بتأثير المناخ على صفات البشر الذهنية والعقلية من الأوهام والخرافات.