ليس هذا الكتاب مقدمة جغرافية للتاريخ بالمعنى الحرفي للعبارة، إذ لم يضع المؤلف نصب عينيه أنه يقدم كتابًا لقراء التاريخ، ولكنه انشغل بمشكلة أهم في نظره، وفي نظر علماء الجغرافيا في ذلك الحين، ولا تزال هذه المشكلة محل بحث وموضوع مناقشة في الوقت الحاضر. هذه المشكلة هي ماهية العوامل الجغرافية وموضوع أثر البيئة في الإنسان. وهنا يقف الاستاذ لوسيان فيفر موقف المتشكك في "أثر البيئة" – وفي "الإنسان" نفسه، إذ ليس هناك بيئة لها أثر في إنسان مجرد، بل ليس هناك مثل هذا المخلوق المجرد، فالإنسان يعيش عضوًا في مجتمع، ينتمي إلى طائفة من طوائف أو طبقة منطبقات هذا المجتمع.