ينبهر المتابع لتجربة الروائية نجوى بن شتوان من دأبها على التجريب، ليس فقط على مستوى السّرد بعناصره المختلفة، بل إنها تنبش كثيرًا حتى تخرج لنا بموضوع -على أهميّته ووضوحه- نكاد نلمسه جديدًا وغنيًّا، وسريًّا أيضًا. إذ بعد روايتَيها (وبَر الأحصنة) و(زرايب العبيد) ترحل بنا إلى إيطاليا في (روما تيرمني) لنلتقي المُهاجرة (ناتاشا) التي تعمل في منزل لعجائز إيطاليات ثلاث، يعشن في ثراء الرأسمالية التي وهبتهن حياةً رخيّةً في الظاهر، يتسلّطن بها على بقيّة شعوب الأرض، لكن لم ينل أبناءهن منها شيئًا، وكأن الأبناء في هجرة داخلية موازية. تتساءل (ناتاشا) في حوار لها (ما حاجتي للنجوم، أنا حاجتي بالمال فقط، غادرت بلدي من أجله ومن أجله سأعمل تحت أي سماء) لترد عليها إحدى العجائز الثلاث (ليست لإيطاليا قدرة عليكم أنتم المهاجرون، تغزونها من كل مكان وتسدون فرص العمل في وجوه شبابنا). إنها رواية عن حياة المهجَر المعاصرة، عن التنازلات التي يضطر المهاجر لها الآن، عن الضحيّة المُلامة دومًا لا لذنب اقترفته بل لهُويّتها ومن تكون، عن هذا العالم المعاصر بخريطته البشرية دائمة التحوّل والسيلان، لا تلك الجغرافيّة بألوانها الثابتة، فالهِجرة فِعلٌ لا ينقطع، ويبدأ فعليًّا ساعة الوصول إلى المهجَر، أكانَ بلدًا أو مجرّد فكرة.
أستاذة جامعية قاصة وروائية تكتب المقال لبعض الصحف والمجلات فازت مسرحيتها( المعطف) بالجائزة الثالثة لمهرجان الشارقة للإبداع العربي في دورته السادسة 2002 فازت روايتها ( وبر الأحصنة ) بجائزة مهرجان البجراوية الأول للخرطوم عاصمة للثقافة العربية 2005
"في دواخلهم يتردد لحن الحنين: سنعود يوماً إلى الديار، فالغربة ليست وطناً، لا تكذب على نفسك أيها القلب الأصيل."
رواية "روما تيرمني" هي تجربتي الأولى مع الكاتبة الليبية "نجوى بن شتوان"، والتحدي الذي وضعت الكاتبة نفسها فيه، هو كتابة رواية مُختلفة المنشأ تماماً، ليست رواية ليبية، ولا رواية عربية حتى، ولا تقع أحداثها في المنطقة العربية بأي شكل، كتبت الروائية، رواية إيطالية تماماً، شخصياتها عواجيز إيطاليات، وشابة أوكرانية تركت بلدها من أجل أن تحصل على فرصة أفضل فعملت كخادمة لهم، ذلك التحدي، نجحت فيه الكاتبة بشكل كبير، فكنت أحياناً يتملكني الشك أن تكون هذه الرواية مُترجمة، ولكن لا، هي رواية كاتبتها عربية تماماً، الأحداث إيطالية ولكن كُتبت بلسان عربي فصيح مُباشرة.
"الموت لا يحدث لمن يموتون فقط، بل لمن يرحلون عنهم ويتركون لهم جزءاً من موتهم يموتونه نيابة عنه، تباً له من حدث سيء السمعة."
تطرقت الرواية إلى مواضيع عدة، العنصرية الطبقية من الأوروبيين حتى تجاه غيرهم الأوروبيين، طالما كانوا أقل منهم، معاناة المُهاجرين، نزاع روسيا وأوكرانيا، -أحداث ما قبل الغزو بكثير-، معضلة تأجير الأرحام مقابل الأموال، والعديد من المواضيع الأخرى، ولكن للآسف كُل ذلك لم يشفع للرواية أن تكون أكثر من جيدة بالنسبة لي، هي تجربة تستحق القراءة، لا أكثر ولا أقل من ذلك.
رواية عن الهجرة . استطاعت الكاتبة ان تشرح الهجرة و الحلم الأوربي عبر حكاية نتاشا المهاجرة الأوكرانية في الأراضي الإيطالية و القسوة و الاستغلال الذين عرفتهما أثناء عملها عند عجائز إيطالية . جمالية و قوة الرواية في أن الكاتبة ليبية و لكنها تستند في سردها على ثقافة المجتمع الإيطالي و خلفيته الثقافية و هذا يظهر منذ العنوان الذي يوحي على محطة روما التي منها تنطلق الرحلات عبر الأراضي الإيطالية الشئ الذي يخلق وهم انه عمل مترجم 👍👍.
انتهيت من رواية #روما_تيرمني للروائية الليبية #نجوى_بن_شتوان ; تعرض الكاتبة في هذه الرواية حياة مهاجرات شرق أوروبا في أوروبا الغربية و النظرة الدونية التي ينظر بها إليهم و ما يتعرضون له من مضايقات و استغلال فرغم التقدم الحضاري الظاهر و شعارات العدل و المساواة التي يدعيها الغرب لكن لا تزال بعض الرواسب المظلمة تطغى في النظرية العنصرية الاستغلالية لهذه المجتمعات الرأسمالية مدعية الحضارة طرحت نجوى بن شتوان هذه الأفكار من خلال حوارات أبطال الرواية و توصيفها لسلوكهم حتى من خلال أكثر العلاقات إنسانية نجوى بن شتوان هنا تختلف كلية عن نجوى بن شتوان في رواية زرايب العبيد و شخصيا و رغم أن القدرة على التنوع في السرد و الأسلوب يحسب لها و لكن كانت أقرب الى القارئ في زرايب العبيد و أوضح في إيصال الصورة و الفكرة و أكثر جمالا في التصوير و الحبكة الروائية ..جاءت الشخصيات هنا متعددة و مربكة أحيانا.رواية تنظر إلى الغرب المعاصر بعين المهاجر الجديد بنظرة هجاء الرأسمالية الغربية على حساب الإنسانية رواية تصور التنازلات التي يضطر لها الإنسان، في عصر تصبح فيه الضحيّة هي الملومة دوما بسبب الهوية و العرق و أحيانا الدين رغم جمال الأفكار و رغم انها تصور الكثير من العالم المعاصر إلا أنها تفتقر إلى العمق في إيصال المطلوب ⭐️ ⭐️
لأوربا الغربية مواقف متشددة تنتقد فيها الدول الشرقية حول الحريات ودعم حقوق الإنسان. فهل يا ترى يعيش المجتمع الغربي هذه المبادئ؟ تظهر لنا الرواية أنانية الإنسان الذي يستطيع تجاوز القوانين عندما يكون الطرف الاخر، المهاجر غير الشرعي، ضعيفا. ضعيفا لانه فقير ولوحده ومن ثقافة مختلفة. تتناول الرواية قصة ناتاشا، المهاجرة من اوكرانيا، والتي تعمل في خدمة نساء مسنات. السرد مشوق برغم التفاصيل التي تكون احد المواضيع الأساسية للرواية الا ان صوت الكاتبة في انتقاداتها للمجتمع الغربي، الذي يكيل بمكيالين، يبدو واضحا. الرواية كما ذكرت الكاتبة في حوار معها هي جزء من ثلاثية صدر الجزء الثاني منها بعنوان كونشيرتو قورينا إدواردو.
ملاحظة: يبدو أن النص لم يدقق قبل النشر لوجود بعض الأخطاء الإملائية البسيطة، حرف إضافي او حرف ناقص وما شابه.
"إن موت عجوز هنا حدث سيء للغاية، ليس فقط للأبناء والأحفاد الذين يعتاشون على تقاعدهن، بل للمهاجرات مثلي بالدرجة الأولى. كلما رحل مسن توقفت حياة امرأة مهاجرة جاءت إلى هنا بحثاً عن الحياة. يبدو الحال كقتال شرس بين المهاجر وهجرته حتى لا يكاد يوجد حظ البتة، بل كلُ يجب عليه انتزاع حظه من برائن واقع غير رحيم."
على غرار روايتي زرايب العبيد و وبر الأحصنة المكتوبات عن حقبات تاريخية قديمة في ليبيا، "روما تيرمني" أحداثها معاصرة في بيئة مختلفة تماماً.
في هذا النص الذي تتخذ فيه الكاتبة نجوى بن شتوان من أوروبا وبالتحديد روما إيطاليا مكاناً لأحداث الرواية التي تتطرق للهجرة من أوروبا الشرقية إلى أوروبا الغربية من خلال شخصية "ناتاشا" الشابة الأوكرانية التي تضطرها الظروف للسفر إلى إيطاليا (الأحداث قبل إندلاع الحرب في 2022) والعمل كخادمة للسيدة الإيطالية المسنة "آنا ماريا" التي تعيش في شقتها مع صديقتين لها (تؤجر لهن غرفتين ويعشن معها كنوع من الرفقة مع تقدم العمر).
"ماحاجتي للنجوم، أنا حاجتي للمال فقط، غادرت بلدي من أجله ومن أجله سأعمل تحت أي سماء، لا يهمني شكلها ولا لونها."
"كانت ناتاشا تسابق الزمن لجمع المال والعودة لوطنها وإقامة حياتها التي تريد هناك، بيد أن الوقت تسرب بسرعة كما يتسرب الماء من بين الأصابع، وكانت أعوامها في الغربة معقدة مثل وجه مجعد انتشرت فيه البثور إلى أن وجدت نفسها تخطو نحو الأربعين بلا أي منجز، سوى إعداد كبار السن لموتهم وانتظار أن يحين دور آخرين. وبين هذا وذاك ليس سوى أوقات مسروقة للحب والقليل من المتعة. هذه الطريق التي تشاركتها مع الملايين من أبناء جهتها لم تكن إلا نتاجاً لنمط حياة جعلهم فقراء وقدمهم خداماً وعمالاً لآخرين جعل منهم نمط حياتهم المغاير مستهلكين وقدمهم سادة للفقراء والمحتاجين. إنها معادلة أشبه بالمعادلات الرياضية تتخلها خطوات كثيرة شائكة وتنتهي إلى نتيجة صغيرة واحدة."
الموضوع الأساسي للرواية هو الهجرة المعاصرة بشكلها المختلف؛ فنقرأ عن الهجرة الأوروبية الداخلية من الشرق إلى الغرب من الشيوعية الى الرأسمالية والظروف والإستغلال والتنازلات التي يتعرض إليها المهاجر.
"كان على ناتاشا التحلي بالصبر للاستماع إلى ما تقوله السيدة أورورا وآنا ماريا ورفيقاتها، حتى لكأنها سلة مهملات بشرية يجب أن تكون متاحة في أي وقت للتلقي."
"- الفتاة مهاجرة فقيرة ولا تملك إقامة قانونية. جاءت من بلاد تاكلت فيها الحياة، ولا يكاد يكون فيها عجلة اقتصاد حر، بلاد تجاهد للخلاص من المعسكر الشيوعي رغبة في الالتحاق بالمعسكر الأوروبي. الناس أيضاً يجاهدون للخلاص بطريقتهم فارين إلى هنا، إلى الحلم الأوروبي. - ستعطيها أوروبا حلمها على أن تعطينا ما نريده منها، تبادل مشروع."
إلى جانب التطرق إلى أحوال ايطاليا بين الماضي القريب والفترة الحالية، لنرى العلاقة المضطربة بين الأهل (الجيل الذي تربى في الرأسمالية متمسكاً بتعاليم الكنيسة) والابناء (الذين عاشوا ظروف اقتصادية صعبة والغي متمسكين كثيراً بالدين)، والتطرق إلى المثلية الجنسية بين الذكور والإناث.
اللافت في أسلوب الكتابة أنها تحمل الروح الإيطالية لتشعر اثناء القراءة انك داخل الاجواء وقريب من الشخصيات. فالكاتبة عاشت فترة طويلة في إيطاليا؛ استطاعت من خلالها وبعين الكاتبة أن ترصد إلى حد كبير ثقافة المجتمع الإيطالي وطبيعة الشخصية الإيطالية. بالإضافة إلى العنوان "روما تيرمني"، البيئة المحلية الإيطالية من شخصيات واماكن تعطي شعور بأن الرواية وكأنها مترجمة عن لغة أجنبية وليست مكتوبة أساساً باللغة العربية وهو ما يميز هذه الرواية.
في "روما تيرمني" كما في المجموعة القصصية صدفة جارية، يظهر حس نجوى بن شتوان الساخر في الكتابة في بعض جوانب الشخصيات والمواقف المضحكة المكتوبة بشكل واقعي لتشعر وكأن الشخصيات مستوحاة من أناس من أفراد عائلتك أو قابلتهم في حياتك - تحديداً في شخصية "أنا ماريا" التي على الرغم من جشعها وتقلباتها لكنها تظل شخصية مرحة وقريبة من القلب.
"كأنها لا تصدق أن التي أمامها هي آنا ماريا العجوز التي تصبح لطيفة إذا ما حصلت على المال ويذهب عنها اللطف إذا ما دفعته."
"الزبونة المثالية لأرفف التخفيضات في سوبر ماركت تودي، الرومانية كما يجب أن يكون الرومان، بعراك الشرفات، بلعن اليورو والبكاء على الليرة، بنميمة الهواتف الطويلة، وموسيقى راديو سيسانتا، وطاولة لعب الورق ومسلسل المفتش ألبانو وبرامج الجرائم والحب القاتل. و"ميك أب" الثلاثة بيورو، وحلبات المصارعة العصرية متعددة الألوان. الناجية من مئات الزلازل والهزات الأرضية، الآملة في ربح المليارات من لوتو غراتا أيفينشي."
"إضافة لقلل النبات، امتلأت النوافذ والشرفات برؤوس الجيران ممن لم ترهم السيدة أورورا منذ مدة طويلة. كانت الرؤوس من المرونة بحيث مالت معها خبرة سنوات من اللف والدوران وتلقف الأخبار."
"بعد كثير من التصورات عن كيفية اللقاء، أتت لحظته كمشهد سبق التدرب على أدائه، قبلات وعناق ارتطمت فيه المعاطف الشتوية المنتفخة ببعضها بعضاً وأصدرت صوتاً منتفخاً للمعانقات."
التقييم: 3.5 لشعوري ببع�� الفراغات في شخصية "ناتاشا" وخاصةً فيما يتعلق بحياتها وهي طفلة في أوكرانيا.
تشدك الرواية بأحداثها المتتالية والمتسارعة... التنقل سريع وقد يحدث نوع من الارباك...لم تقف الكاتبة كثيرا عند وصف الأماكن والشخصيات وعلى القارئ أن يتابع الأحداث ويربطها ببعضها... كل شخصية لها خلفية وهمها الخاص ... تناقش الرواية عدد من القضايا ...الهجرة وأحوال المهاجر ومعاناته...النظرة الدونية للمهاجر ...المثلية بين الذكور والإناث...العلاقات المضطربة بين الأهل والأبناء...