كان برنارد قارده، على امتداد حياته الفكرية، مسكوناً بمقاربة المكوَّن الأخلاقي للممارسات اللغوية; وبخاصة استغلال ما تتيحه اللغة من إمكانيَّات من أجل الحصول على خطابات تسير في اتجاهات محددة مسبقاً . هذه المقالات المترجمة (والدراسات التي أعدها المترجم لمحاورة هذه الفكرة) قد تتيح للقارئ فهم كيف أنَّ -كما يقول برنارد قارده- خياراتنا النحوية هي حتماً اختيارات أيديولوجية، اختيارات يعلن بها المتكلم التزامه، ويُشيَّد بها علاقته مع الواقع ومع الآخرين
كتاب صغير الحجم مهم في بابه يرصد موضوعا كثيرا أثيرًا في حقل اللسانيات التطبيقية يحاول تحليل الخطاب الأخلاقي من الناحية اللغوية جامعا بين دفتيه مقولات غربية (فرنسية خاصة) وبعض النقولات العربية من أجل المقاربة. يتكون الكتاب من قسمين: قسم فيه قراءة المؤلف الخاصة حول نظرية الأخلاقيات اللغوية والقسم الثاني مقالات مترجمة عن الفرنسية وبعض الملاحق المتعلقة بنظرية الأخلاقيات اللغوية. على الرغم من صغر حجم الكتاب إلا أنه يحتاج لوقت طويل في قراءته نظرا للأسلوب الفلسفي الذي اتخذه الكاتب لطرح هذه النظرية. استمتعوا معي ببعض المختارات
ينقسم هذا الكتاب إلى أربعة أقسام وملحقين. القسم الاول مدخل أورد به المترجم مهم وبه مراجع ومصادر غنية يغني عن قراءة المقالات الثلاث المترجمة. وفي هذا الكتاب نرى أهمية وأثر اللغة فهي أساس ومحور عمليات عدة تحدث عن طريق الكلام .وتترتب عليها أمور عدة من خلال الكلمات. وتتوضح أمور من خلالها كذلك. بدأ المترجم مدخله بالحديث عن الترجمة ووضح أن الترجمة تهدف إلى محاذاة النص اﻷصلي لا مطابقته. ولا يوجد معيار لصحة الترجمة. وهي عملية لغوية تقع ضمن علم اﻷلسنة.ومن ثم يحاول توضيح سبب أختياره للفظ غير دونه من الاختيارات. ويورد من المعاجم معنى كلمة اﻷخلاق.وأشار الى خمسة مفاهيم رئيسة لتوضيح الفكرة: أولها فكرة المعيار، وثانيها حيادية البنيوية، وثالثها: اﻹلزام الاخلاقي، ورابعها الايدلوجيا، وخامسها: النقاءاللغوي. وضح بهذه المفاهيم الخمسة الفرق بين اللسانيات والنحو التقليدي و أشار الى فكرة جبران خليل جبران ورد الرافعي عليه. وأن على الباحث اللساني حتى وأن عمل على لغته الأم أن يتعامل معها معاملة اللغة الأجنبية. وأشار في اﻷلزام الاخلاقي الى صور الالتزام كما قسمتها خديجة جعفر: ديني، سياسي( قانوني) ،وعرفي، وذاتي يعتمد على الضمير. وفي الايدلوجيا وضح الكاتب هذا المفهوم وحاول إعادته لأصوله وعرض سماته الخمس.وتأثير الايدلوجيا على الغة وتأثير اللغة وخدمتها للأيدلوجيا. وهي أداة تواصل والأداة قد تكون مفيدة أو ضارة سلبية أو ايجابية.