What do you think?
Rate this book


224 pages, Paperback
First published March 8, 2020
لقد اتفق الناس على أن يحققوا نتيجة مروعة في حياتي .. أن يجمدوني في مكاني .. فأنا واقف لا أتحرك خطوة واحدة إلى الأمام .. لم أحب أو أعمل أو أتزوج أو أنجب أطفالاً .. أشبه صخرة في محيط من الأمواج الصاخبة
ــــــــــــــــــــــــــ

الآن أشعر أنني وصلت إلى الحضيض فالأمر تجاوز مجرد الاندهاش في العيون إلى الوقاحة المتعمدة من جانب الآخرين .. الشتائم وصيحات الاستنكار وصفير السخرية كلها تتابعني في كل مكان أحل به .. إنهم يبصقون على الأرض بشدة عندما اقترب منهم وقد امتلأت وجوههم بأقصى درجات الكراهية..أنني في نظرهم متهم بكل التهم القبيحة فأنا مجنون شاذ غريب غبي قبيح وهذا يدفعني للتساؤل عن معنى العدالة عن معنى الانسانية
ـــــــــــــــــــــــــــ
أتصور لو أنني رأيت الإله في لحظات الحزن الفظيعة في حياتي لما ترددت في إطلاق الرصاص عليه، فما صنعه هذا الإله بي يعتبر جريمة لا يمكن اغتفارها.. لو أن الغزاة قدموا إلى مدينتي الميتة القلب لفتحت لهم الأبواب.. لما رفعت سلاحا ضدهم لا لشيء إلا لأنهم يحملون الإذلال والعار للناس الذين أكرههم من أعماقي
ــــــــــــــــــــــــــــــ
للوهلة الأولى أَدرك أنه أمام انسان محطم تماماً.. انسان خلق ليتعذب حتى الموت .. لايصادفه المرء كثيراً في الحياة .. خيل اليه أن هذا الانسان ملحوم في أكثر من مكان لأن به عديداً من الشروخ وأنه يمكن أن يتفسخ بين أصابعه بسهولة شديدة إذا لم يمسكه بحذر تام لكنه لم يستطع للحظة خاطفة أن يقاوم رغبة شريرة آثمة في أن يضحك من هذا الانسان الغريب الملامح كأي رجل آخر في العالم
هذه الرغبة التي لا يمكن مقاومتها .. الانسانية تماماً
ــــــــــــــــــــــــــــــ
المنتحر .. إلى حد ما .. إذا لم يرد أن يترتب على عمله مضاعفات قد تسيء لآخرين يحبهم في هذا العالم يشبه الجراح الذي يقوم بعملية بتر كاملة للعضو المصاب بالغرغرينا.. ينظف مكان العملية الجراحية ليتأكد أنه لن تحدث مضاعفات خطيرة قبل أن يغاق مكان الجرح المفتوح .. المنتحر يصفي كل علاقاته القديمة .. يقطع كل الخيوط التي تربطه بأناس يعنيهم في هذا العالم حتى لا يرحل عن الدنيا مديناً لأحد .. حتى لا يسبب إزعاجاً لأحد ..هذا كله يحتاج منه إلى أن يخطط لهذا العمل الخطير قبل فترة مناسبة
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
لقد انتهيت بعد تجربتي الطويلة في الحياة إلي أن القبح ليس مجرد ظاهرة غريبة تثير ضحك الناس وازدرائهم فحسب بل هو أقرب ما يكون إلي عاهة حقيقية يُبتلي بها الشخص القبيح فتُحدث في حياته ما تحدثه العاهات فى حياة أصحابها من تدمير وتشويه، بل أصبحت أؤمن أن القبح ربما كان أفظع العاهات وأكثرها إيلاماً وتدميراً للنفس الإنسانية على الإطلاق، فالإنسان القبيح لا يثير إشفاق أحد من الناس أو إحساسه بالعطف عليه أو الرثاء له.. القبح يستفز مشاعر الآخرين العنيفة.. كل حاستهم النقدية الساخرة.. فيوجهونها بضراوة عنيفة ناحية الإنسان القبيح قاصدين إهانته وتدمير معنوياته
...
إن كلمات كالجمال أو القبح تبدو بلا معنى على الإطلاق.. مفرغة تماماً من المعنى المألوف لنا .. الجمال بالنسبة لماذا..القبح بالنسبة لماذا.. الجمال لايوجد إلا بالمقارنة بالمرض ونحن لا نعرف ضوء النهار إلا بمقارنته بالليل أو الفقر إلا بمقارنته بالثراء ..لكن أغبياء العالم لا يدركون ذلك ..لا يدركون أهمية القبح والمرض والفقر وسواد الليل ليعرفوا جمال النهار أو الصحة أو الثراء أو الوسامة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ