هذه الرواية عن الشيخ أحمد الذي فرّ من الحرب مائة عام، ثم استدار ونظر إلى عينيها. أمره والده أن لا يعود إلى القرية إلا برأس، أي رأس. ولكنه مضى في الطريق هارباً برأسه إلى أن وصل إلى وادي الخضر، أبعد الوديان عن المعارك. هناك بنى طاحونة وكتب الأشعار وتزوج امرأة ما لبث أن غيّر اسمها. وكان كلما أنجب طفلاً أحس بالحرب أكثر من أي وقت مضى، حتى إن زوجته باتت قادرة على رؤية مدافع الإنكليز في رأسه. وما إن رأى الثورة تشقّ طريقاً إلى الوادي حتى فرّ إلى الجبل، حاملاً معه كل شيء عدا أشعاره. على الجبل، وقد صار شيخاً مبجلاً، جلس ينتظر الحرب الكبرى، أم الحروب الصغيرة كلها، علّها تأتي بما تأتي به الحروب الكبيرة: الموت، ثم السلام. ولمّا يئس من كل شيء، حتى من الموت، جاءه البشير. كان يصرخ من أعلى القرية “يا شيخ أحمد، يا شيخ أحمد” .. وسمعه الشيخ أحمد.
لم نجد في الرسالة لغة الشيخ أحمد ولكننا وجدنا ألمه."
اقتنيت هذه الرواية في معرض الكتاب وقد لفت انتباهي انها لكاتب يمني مروان الغفوري. أحيانا تشدك الرواية من الوهلة الأولى وتتبع احداثها بشغف. في أحيان أخرى تجد نفسك تطفو فوق الكلمات ولكن لست مدرك تماما أين انت ذاهب. بالنسبة لي كانت الرواية من النوع الثاني.
الشخصية الرئيسة للرواية هي شخصية الشيخ أحمد. الذي فر من الحرب مئة عام. ينتهي به المطاف ليعيش على الجبل شيخا مبجلا لينتظر الحرب الكبرى علها تنهي الحروب الصغيرة وتأتي بالموت ومن ثم السلام. رغم ان الرواية تدور حول الثورة والحروب بين الجمهوريين والملكيين والانكليز ونرى كذلك ذكر مصر جمال عبدالناصر والحجاز وذلك في وقت مضى، الا ان الرواية لا تخلو من عناصر المفارقة مع يمن اليوم وما آلات اليه فهل تكون بانتظار حرب كبرى والموت الشامل قبل ان يعم السلام؟!
بعض مقتطفات من الرواية: - تمنيت لو أن الحرب تركت آثارها على جسدي لكنها تركت جسدي ودخلت إلى روحي. - إن القلاع لا تكفي لصد الأعداء إذا تخلى عنك الرجال. - إن أولى أسس العدل أن يتمكن الحاكم من كسر كل السيوف ليحقق المراد الأول للإله: المساواة بين البشر في الظلم والعدل. ولن يتسنى للحاكم ذلك سوى بالبطش. - فإما أن يخضع الناس جميعهم لسلام شامل وإما يتركهم ينهشون في أجسادهم. النوع الأول هو الحاكم الجيد، النوع الثاني هو الحاكم السيئ. - كلما جاءت الحرب أرسل الله النبيين ليوقفوها.. كلما توقفت الحرب أرسل الله النبيين ليشعلوها. وفي الحالين، من أجل الفكرة ونقيضها، كان يجد قرآنا يسانده وأحاديث شريفة تستجيب له، وقصصا من كتب الخلفاء وأشعارًا. - كان يرى المحاربين يكبرون في السن، ومع الأيام ينسون الأسباب التي دفعتهم لخوض تلك الحرب الكبيرة. - من أنا لأوقف حروب اليمن.