Phd Researcher in International Relations, Alex U., Master in International relations, Alex U., Master in Microbiology, Alex U., Diploma in Islamic studies, Cairo U., Diploma in Political science, Alex U., Diploma in Analytical Biochemistry, Alex U., Bachelor in Arabic and Islamic studies, Cairo U., Bachelor in Chemistry and Microbiology. Benha U.,
ليست المشكلة في بيان حقيقة أسس نظرية العلاقات الدولية في الإسلام، فهذا الأمر موجود وبتفصيل كبير في كتب الفقه تحت مسميات مختلفة، وإنّما تنبع المشكلة الحقيقية من الواقع الذي يُمارس ضغطًا كبيرًا على العقلية الإسلامية لتخطّي تلك التفصيلات، إمّا بردّها كليّة وإمّا بتأويلات تفرّغها عن مضمونها ومحتواها، ومن هنا أحسب أنَّ تفصيل أسس نظرية العلاقات الدولية في الإسلام هنا في كتاب " هلال السيادة" لم يأخذ الحيز الكبير منه، بينما الجزء الأكبر كان يشابك معرفيًا مع هذا الواقع الذي تُسيطر عليه إيديولوجيات وضعية مهيمنة،فجاء هذا التشابك كتمهيد لنظرية العلاقات الدولية في الإسلام.
هنا عمرو عبد العزيز كما هو في كتابه " وطن الراشدين" يُقرِّر الحقائق الإسلامية - كما تظهر له- بكل وضوح مهما كانت صادمة للفكر الليبرالي السائد، ومهما كانت تتناقض بشكل واضح مع نظريات العلاقات الدولية المعاصرة، كما في كلامه عن نظام الرق في الإسلام وأنه مقصود لذاته كعقاب للأمم المعادية والمناوئة لدولة الإسلام وليس فقط محض تماثل لسياسة الأعداد كما زعم الشيخ محمد أبو زهرة - رحمه الله- وكذا في كلام عمرو عن جهاد الطلب الإسلامي، ودفاعه عنه بكل قوة مبيّنًا أنه لا يُماثل فكرة الحرب العادلة في الكتابات العصرانية التي تفرّغ هذا النوع من الجهاد من معناه وغايته الحقيقة . إذن هي أطروحة أصولية تتقارب منهجيًا مع أفكار سيد قطب - رحمه الله- و البشير عصام المراكشي في أطروحته عن " العلمنة من الداخل" في الجزء النقدي الخاص بمتلبرلة الحركات الإسلامية، لكن هنا التنظير يكتسب بعدًا معرفيًا جديدًا، وهو تشابكه مع المنظومة الليبرالية من داخلها بفهم أسسها ومناطتها و أنواعها وتقسيماتها، ثم نقدها ونقضها، وعقد المقاربات ليُثبِت أنَّ المنظومة الإسلامية في جوهرها أكثر عدلًا وواقعية واتساقًا مع مبادئها متجاوزة الأفكار الطوباوية الليبرالية حول الدولة، فمما يؤكد عليه هنا أنَّه لا وجود لهذه الأفكار فعليًا إذا ما استحضرنا النماذج التاريخية الأوروبية في التعامل مع الآخر المخالف له.
يقوم الكتاب على بيان قدرة الإسلام كنظرية شارحه، كما قام بإظهار أركان الإسلام كنظرية معيارية وموّجهة، لكن هذا لا يتأتّي إلا ببيان صراع السيادة، فصراع الأفكار في عالم السياسية ما هو إلا صراع حول السيادة، يتجاوز الكتاب هنا الوقوف حول مصطلح السيادة، رغم كونه فكرة محورية، فعبر صفحات الكتاب هناك تنظير صريح أحيانًا، وضمني في بعض المواضع حول صراع السيادة بين الإسلام والليبرالية، ومن ثم تم التأكيد في بداية الكتاب أن الليبرالية ما هي إلا " دين" يُحاكي الدين الحقيقي بصورة واضحة، فالدين هنا معنى واسع يقترب من الأيديولوجيا، وهو وفق تأكيد الكتاب أساس الدوافع الموضوعية الكبرى للحراك السياسي العالمي.
وهنا يستعرض الكتاب من وحي تداخل الدين بالسياسة أفكار رجال الثيولوجيا السياسية مثل " سيينوزا" و " كارل شميت"، وأفكار رجال " الثيوبولتيك" مثل اليهودي مارتن بوبر والمسيحي " وليام كافانه" أو علماني مثل " تيم وينتر"، ويوافق الكتاب " شميت" أنَّ مبادئ النظرية الحديثة للدولة هي مبادئ مُعلمنة، لكنّه يرى أنَّ شميت رغم حسن نقده جاء بحل كارثي عندما عرض بديلًا شموليًا فاشيًا، أما بالنسبة لتنظيرات رجال الثيوبولتيك= فالقدر المشترك بين تنظيراتهم هو اعتبار الثيوبولتيك دالًا على المنظور الديني للعالم السياسي، بغض النظر عن الدين نفسه.
يقوم الكتاب بالتأكيد على فكرة أن الأسس المحركة للفعل السياسي إما دينية، وإما تحسينية، وعامل الدين الرئيس هو العقل، وعامل التحسين الرئيس هو النفس، وهذا استقراء على الحقيقة جيد جدًا، بل هو شمولي بدرجة مدهشة، وهذا دور مهم في فهم طبيعة القرار السياسي بل وتوقعه، وإن كان الكتاب يؤكد أنه ليس هناك حتميات في الفعل السياسي، فالدين كمحرك هنا يشمل الأديان العلمانية كالليبرالية، والدافع النفسي كمحرك يشمل مفاهيم القوة والسيطرة والسيادة، وقد يختلط النفسي بالديني في بعض الأحيان، ومن هنا يبدأ الكتاب في توضيح الدوافع السياسية وعلاقتها بالاسلام، و سيظهر الحس الأصولي في الكتاب حيث الكلام عن جهاد السيادة و هدم مبدأ التناظر، هذا من جانب، أما على الجانب الآخر هو اشتباكه مع أطروحتين كمثال لأثر الليبرالية في أدلجة مفاهيم الإسلام، الأطروحة الأولى هي للشيخ " محمد أبو زهرة" كتمثيل للخطاب الأزهري الرسمي، والثانية للأستاذ محمد طلعت الغنيمي كتمثيل للخطاب الأكاديمي السياسي.
موطن التشابك هنا حول مفاهيم " الجهاد الدفاعي وجهاد الطلب" و منطق الرق في الإسلام"، فمما عرضه الكتاب يبدو لنا مدى الاهتمام في تلك الأطروحتين بمدى التقارب مع المفاهيم السياسية الدولية وعدم التنافر معها، لكنه أثبت عدم معيارية تلك المفاهيم من جانب، والخواء المعرفي لتلك النظريات الملبرلة من جانب آخر، ومن هنا حاول الكتاب كشف ماهية هذا النموذج من خلال عرض ونقد نظريتي الليبرالية التعددية والتضامنية، والنتيجة النهائية أن الليبرالية ليست هي النموذج الأليف - في الواقع والتطبيق- المؤمن بأحقية الجميع في السيادة الكاملة على المعيارية القيمية والأخلاقية.
في نهاية الكتاب يُوجِز لنا المؤلف مبادئ النَّظم من مبدأ التدافع= الصراع الأبدي بين الخير والشر، ومبدأ السيادة= وهو مبدأ مشترك إسلاميًا وعلمانيًا وهو موضع الصراع، ومبدأ الوحدة= حيث يتحد المكون السياسي والاجتماعي والأخلاقي، عبر وحدة المعيار حيث يكون معيار الفاعل السياسي الديني الأخلاقي هو نفسه معيار الفاعل المسلم عامة، وعبر وحدة الأمة الإسلامية من خلال وحدة السلطة السياسية العليا، وإن كان الكتاب لم يتكلم عن شكل النموذج المقترح لذلك، لكنه يوضح أن تلك الأسس النظرية لا تتم بالنهاية إلا عبر تعظيم القوة والخروج عن النطاق الإقليمي، وتمثُّلات ذلك عبر التاريخ كثيرة.
بالنهاية ربما أفكار الكتاب الأصولية ليس فيها جديد عما هو معروف في المدرسة السلفية التقليدية و عند منظري الحركات الإسلامية غير المهجَّنة، لكن تكمن أهميته بتصوري في استيعابه للنظرية الوضعية الليبرالية، ومحاولة كشف خواءها مع مقارنة ظاهرة مع الأفكار الإسلامية، فهو بلاشك جيد من هذا الوجه.
يحاول في هذا الكتاب الدكتور عمرو عبد العزيز صياغة نظرية علاقات دولية إسلامية جديدة ولنا هنا أكثر من وقفة ١. كون حقل العلاقات الدولية حقل حديث وناشئ والمتغيرات فيه أكثر من اليقينيات كان الأساس اليقيني الوحيد المسيطر عليه هو اللا يقين .. فليس ثمة نظرية مفسرة لهذا الحقل قدرت على تفسير كل ظواهره ولا يغيب مثل هذا عن الكاتب ها هنا فهو يسلم بهذه الحقيقة ويسلم بأن دفعه (الجديد تنظيرًا القديم تأصيلًا) هو نظرية لا تعد بتفسير ما عجز عنه الأقدمون سواء الواقعية أو النقدية أو الماركسية أو الليبرالية غير أن قدرة البحث على نقد وتفنيد هذه النظريات في المقدمة لم يكن كافيًا في بيان عجزها وهو أمر منطقي فالكتاب ليس في (نقد النظريات) بل هو في التأسيس لنظرية جديدة لذا فلا ننصح به لمن ليس له قراءة في العلاقات الدولية ومعرفة معقولة بالنظريات ومكامن ضعفها التفسيري ٢. الكتاب قدم لنظريته تقديمًا حسنًا في ضبط اصطلاحاته وحدوده البحثية والحسن هنا هو أنه تقديم يفهمه القارئ سواءً في تعريف الأديان وتفريقها عن الأيديولوچيا وبيان تعريفات مثل الثيولوجيا السياسية والثيوبوليتيك واختياره اصطلاحًا لكل منها عنده يسري على بقية بحثه فأقول هنا أن المقدمة من متن الكتاب ومهمة بل هي أكثر أهمية من بقية الكتاب في التأسيس لهذه النظرة ٣. بين الكاتب سبب إتيانه بجديد في النظرية الإسلامية للعلاقات الدولية وهو في رأيه (ضعف النظريات الإسلامية المقدمة) وقد انتقى في فصول الكتاب علمين مسلمين قدما اجتهادًا في العلاقات الدولية هم الشيخ محمد أبو زهرة والدكتور الغنيمي بوصفهما ممثلين عن مدرسة (الأزهر / النخبة الدارسة للعلوم السياسية الباحثة عن مرجعية الشريعة) اختار الكاتب الإغضاء عن مدارس مثل (الإسلام الحضاري/ وإسلامية المعرفة) بزعم عدم وضوح طرحهم وهو زعم قد يقبله القارئ وقد يرفضه على أية حال فنقد الباحث للمدرستين فيه نقد لبارادايم معرفي إسلامي اعتذاري وهو (أعني الاعتذارية) وصف يصح في جل المدارس الإسلامية المنخرطة في حقل العلوم السياسية وما يصح من وصف د. عمرو للمدرستين يصح في غيرهما ببعض مقايسة ٤. الكتاب في الجزء الثالث أبان عن الطرح الجديد عنده وهو في رأيي طرح يكاد يكون مطابق للمدرسة الواقعية إلا في المنطلق الأخلاقي لهذه الواقعية وهو ليس اختلافا بسيطا فالإسلام عند الكاتب هو قوة دولية تأخذ بأسباب القوة و(السيادة) لتسييد المبدأ الأخلاقي المسلم الذي هو عند الكاتب (وعند أي مسلم) هو الحق والخير المطلق فكما تقول الواقعية .. البشرية لن تجتمع على الحق بمحض الديموقراطية والليبرالية والسوق الحرة بل لا بد لهذا الحق من قوة تسوده بالقوة أو بردع امتلاك القوة وعكس قول الواقعية .. هذه السيادة لن تكون لأشخاص المسلمين ولا حكامهم بل هي لمطلق الحق ودين الله وإن حكم لغير المسلم على المسلم ربما كان حري بالكاتب هنا سرد أمثلة على كل هذا وزيادة الإيضاح في الجزء الثالث غير أنه آثر الاختصار والكلام الكلي ليكون الكتاب متنًا قصيرًا .. فهو اختيار عاقل واعي قد يعجب القارئ وقد يراه محتاج لشرح أكبر ٥. مال الكاتب في البحث للإطار البحثي التقليدي والمجود خاصةً في المقدمة التي هي مخ الكتاب غير أنه لم يقيد نفسه بأنفاس الباحثين لا من حيث اللغة .. فقد آثر لغة تراثية فيها من (غريب الألفاظ العربية الفصيحة) ما فيها .. وهو اختياره الذي لا أوافقه فقد احتجت لإعادة قراءة بعض الفقرات أو البحث عن معنى اللفظ .. وهو مخالف لمقصود الفصاحة (الإفصاح من الإفهام لا من الإبهام) ولعل الأستاذ عمرو هنا متأثر بسنين دراسته الدرعمية في كتابة هذه الفصول كما أن الكاتب آثر نبذ الحياد الأكاديمي فهو يعبر عن منطلقه الديني في نبذ أديان أيديولوجيات وبلدان والانتماء لدينه وأيديولوچيته وهو أمر مذموم بلغة الأكاديميين .. وظني أنه اختار ذلك أيضًا لم يغفل عنه ٦. للكاتب قناة شخصية على اليوتيوب فيها سلسلة مقاطع لشرح نظريات العلاقات الدولية وسلسلة أخرى لشرح الكتاب لمن أراد الاستزادة والسلسلتان فيهما تفاصيل زائدة عن الكتاب وشارحة له اسم القناة (المشكاة- عمرو عبد العزيز ___ وأخيرًا أقول أن الكتاب هو طرح جديد لا يخدمه متقبله دون إمرار بقدر ما يخدمه الرافض والمشتبك والمناقش والباحث المكمل والمخاصم وهو كتاب موجه للمثقفين الإسلاميين المهتمين بفرع العلاقات الدولية تحديدًا وإن قرأه من هو خارج هذه الفئة فربما لا يفاد منه فائدته ولا يقضي منه وطرًا وبالرغم من اشتهار صاحبه نسبيًا ومن صغر حجم الكتاب غير أنه لم يلق ما يكفي من التناول لا من صاحبه ولا من خاصة متابعينه بما يكفي في رأيي