بحلول 2020 يكون قد مر مئة عام على تأسيس بنك مصر، وهو حدث فريد في تاريخنا المعاصر جرى العرف على أن يتم استحضاره للحديث عن روح الوطنية المصرية وإسهامها في تأسيس أول بنك برؤوس أموال مصرية، ولكن الواقعة كانت تنطوي على معانى تفوق بكثير تلك المسألة الوطنية.
كان تأسيس بنك مصر في العشرينات واحدة من التصورات المبكرة للرأسمالية المصرية عن ذاتها كطبقة صاعدة في مواجهة هيمنة الأجانب، وعن دور الدولة في تشكيل ما نسميه اليوم بالسياسة النقدية.
بالرغم من أن بنك مصر لم يكن تابعا للدولة، إلا أن تأسيسه بهدف المساهمة في إعادة توجيه فوائض الاقتصاد المصري، من مجرد التركيز على الزراعة التقليدية إلى أنشطة أكثر إسهاما في تطوير الاقتصاد، بدا وكأنه سياسة دولة أكثر منه رؤية لبنك جديد.
بناء على ذلك، رأينا أن نقدم كتابا يكون بمثابة تاريخ قصير للسياسات النقدية المصرية منذ لحظة الميلاد في العشرينات حتى زمننا الراهن، لكي نرى كيف أثرت تلك السياسات على صياغة شكل الحياة الاقتصادية والاجتماعية في مصر.
سنسأل على مدار تلك الرحلة (ماذا جرى لمشروع طلعت حرب) كما بدا في خطابه التأسيسي، ولأن مسألة العلاقة مع الآخر هي في جوهر مشروع حرب، ستكون قراءتنا لتاريخ السياسة النقدية في مصر مصحوبة بقراءة موجزة لتاريخ النظام المالي العالمي، ثم نرى كيف أثرت تطورات العنصر الثاني على العنصر الأول.
سمعت إن الدولة المصرية هتعمل مسلسل عن قصة كفاح طلعت حرب ومشروعه الاقتصادي، فقولت الكتاب ده ممكن يساعدني على فهم الشخصية دي
كتاب رائع تحدث عن شخصية الجميع يعلمها "طلعت حرب" أو كما يطلق عليه "أبو الاقتصاد المصري" .
الكتاب اتسم بوضع صورة شبه كاملة عن مشروع طلعت الحرب الاقتصادي، مع تقديم أسبابه وكيف استمر ولماذا لم يكتب له النجاح، بالإضافة إلى صورة عن الاقتصاد المصري والجنيه المصري حتى عصر مبارك.
وكيف تأثر الاقتصاد المصري بالمشاكل الاقتصادية العالمية مع الحديث عن الاقتصاد المصري منذ بداية محمد علي حتى مبارك
أما الفصل الرابع والخامس وهم أفضل فصول الكتاب، فضموا معلومات عن رؤية طلعت حرب ومشروعه للعمال. وهل فعلا طلعت حرب سعى لنهضة اقتصادية وطنية بعيدة عن أي تعاون مع الأجانب كما قيل لنا طوال هذه السنوات؟
ما عيب الكتاب هو ترتيب الفصول، وكان من الأفضل لم تم ترتيبها بشكل أفضل من ذلك للحفاظ على وحدة الكتاب وتماسكه ولكن في المجمل رائع! ========
يتميز الكتاب بالسرد النقدي للتاريخ. ماذا حدث خلال مئة عام ، علاقة مصر بالنظام المالي العالمي، الحربين العالمييتين، معضلة القطن وأثار الاستعمار في اجهاض الرأسمالية الوطنية. لا يتعامل الكتاب مع المسلمات لكنه يعيد طرح الأسئلة ليناقش مصطلح الراسمالية الوطنية نفسه، ومشروع طلعت حرب وفكره ما له وما عليه وما سر تمسك الحكومات المتعاقبة بمشروعه على مدار العقود والأزمنة؟ .ما هي جذور الأزمة المالية ؟ يفند الكتاب الأفكار المسبقة والتبسيط المخل الذي ربط أزمة الديون باسراف الخديوي اسماعيل. كما يفرد الكتاب فصلا كاملا عن عولمة سنوات التسعينيات والمضاربات في البورصة من خلال مقابلة للباحثين محمد جاد وأحمد فتيحة لوزير الاقتصاد الأسبق يوسف بطرس غالي.
خلال النصف الثاني من التسعينيات، كان يوسف بطرس غالي، الاقتصادي الشاب الحائز على الدكتوراه من جامعة إم آي تي الأمريكية ، يشغل منصب وزير الاقتصاد في حكومة كمال الجنزوري، وكان الأخير يفوقه سنًّا بنحو عقدين وله خبرة سابقة في إدارة معهد التخطيط القومي، ذلك الكيان الذي أنشأه ناصر في الخمسينيات تعبيرًا عن سياسة التخطيط المركزي للاقتصاد.
في تلك الفترة نشأت أزمة مالية عنيفة في جنوب شرق آسيا، ناتجة عن خروج سريع للاستثمارات الساخنة من تلك المنطقة، وبدأ صناع القرار في مصر يشعرون بآثار الأزمة مع اتجاه الأجانب للخروج من استثماراتهم في مصر بهدف توفير السيولة الكافية لتغطية التزاماتهم المالية الناتجة عن أزمة آسيا، وهو ما شجع حركة المضاربة على الدولار في السوق غير الرسمية في مصر.
وبدافع القلق من هذه المضاربات، طلب الجنزوري من غالي أن يرفع خطابًا للنائب العام يذكر فيه أن شركات الصرافة تقوم بأعمال مضاربة تضر الأمن القومي.
وعلى عكس المعتاد في دوائر البيروقراطية المصرية، فقد عارض الوزير رغبة رئيس الحكومة، وبرر غالي معارضته بأنه يرى أن المضاربة في حد ذاتها ليست فعلًا يستحق العقاب، وأنها أمر معتاد في اقتصاد السوق الحر، وإن وقعت فهي تعكس سوء إدارة الحكومة للسياسات الاقتصادية. السياسات إذن هي ما يستحق التعديل وليس سلوك المستثمرين.
لكن الجنزوري أصر على طلبه، وتحت ضغط رئيس الحكومة رفع غالي الخطاب المطلوب، ولكنه وضع فخًّا في الصياغة يبطل مفعوله، فقد أقر بوجود المضاربات ولكن اعتبر أنها "قد" تضر الأمن القومي.
ثاني قراءة لي لهذا الكتاب خلال فترة قصيرة ،لكن القراءة الثانية بترتيب مختلف للفصول ، فقرأت الفصل السادس بعد الفصل الثالث مباشرة ثم ختمت بالفصلين الرابع والخامس وقد اراحني هذا الترتيب . الكتاب في الحقيقة قيم جدا ويستحق القراءة وهو يسير في خطين رئيسين الأول هو النظام المالي العالمي ورحلة تطوره وأزماته وعلاقتنا المتوترة معه على طول هذه الرحلة الدامية ، والخط الثاني هو الرأسمالية المصرية ، نشأتها ورحلة تطورها أيضا وعلاقاتها المتشابكة بالنظام المالي العالمي وبالاستعمار وبالحركة الوطنية والعمالية . الخطان يسيران متلازمين كوجهين لعملة واحدة يحاول الكتاب أن يساعدك على اكتشاف معالمها بأسلوب سهل وممتع .