" ... كانوا يوجهون نداءً يقول: أيها الجندي المصري نحن لا نريد بك أي أذى.. عندما تشاهد جنود جيش الدفاع الإسرائيلي ألق بسلاحك، وارقد مادًا يديك أمامك.. جنود جيش الدفاع لديهم الأوامر بأن لا يصيبوك بضرر.. وستقضى فصل صيف ممتعًا على ضفاف البحر المتوسط في ضيافتنا. في الوقت الذي يصبح فيه الإنسان وجهًا لوجه أمام الموت، ينتابه شعور غير عادى؛ الحقيقة مجردة من جميع التزاويق... تأخذ الأشياء حجمها الطبيعى." الرائد محمد حسين يونس أو الأسير رقم 36715 لدى الجيش الإسرائيلي في حرب 67، يحكى هنا وبأسلوب روائي فريد تجربة الأسر، متجاوزًا ذلك إلى تسجيل شهادته حول واحدة من أكثر اللحظات مأساوية في تاريخنا المعاصر. قال الناقد الكبير علاء الديب عن هذه الرواية: "إنه كتاب مكتوب بقدر هائل من الصدق، وقدرة فنية وافرة، وبنية بيضاء خالصة"، وقال عنها الناقد الكبير فاروق عبد القادر: "أكثر من رواية تسجيلية أو وثائقية"، وقال عنها الأديب جمال الغيطاني: "كتاب علامة"، وقال عنها الناقد محسن الخياط: "عمل تسجيلي مكتوب بإحساس شاعر وروح فنان"
محمد حسين يونس مولود في القاهرة في الثالث من مارس سنة 1940. وحاصل على بكالوريوس العمارة في سنة 1962. وعمل في القوات المسلحة حتى أكتوبر سنة 1970. ثم أحيل إلى المعاش برتبة رائد
كتاب مؤلم آخر عن النكسة يلي قراءتي لكتاب "مذكرات جندي مصري". وما زال لدي تعطش لقراءة المزيد عن تلك الصفحة الأليمة في تاريخ وطني.
وإن كانت جرعة الألم هنا أشد. فالحكاية ليست مجرد الحكاية المعتادة عن صدمة الجندي المصري وقتها في قيادة اكتشف انها لم تُقدم له سوى وهم وأكاذيب على مدى سنواتٍ طوال. ولكن يمتد بنا الألم من ما بعد مرارة الهزيمة، إلى انكسار وذل الوقوع في أسر العدو.
يكتشف الجندي المصري المكسور بهزيمته أنه لم يكن يواجه جيشاً من "الخرعين" أو "العاهرات" أو "ذوي الأنوف المعقوفة" كما روج الأعلام العربي. يكتشف أنه كان أمام جيش منظم وحكومة تتحرك لهدفها بمنطق ونظام عقلاني مدروس يُناقض تماما الاستعداد الكرتوني العربي الذي اعتمد تماماً على "الجعجعة" قبل النكسة.
تلك الكيان الغاصب سيمارس على مدى شهور الأسر الطوال حرباً ناعمة وذكية على بطل قصتنا مع مئات أخرين من زملائه من الأسرى. حرباً تُشككه في هويته وثوابت معتقداته. غسيل عقل منظم كان الهدف منه أن يرى الحق باطلاً، والظلم والعدوان مجرد "أثار جانبية" لمحاولة تعايش غاصب مع مُغتَصَب.
خرج أسرانا من تلك الحرب أحياء، ولكن قتل روحهم الرعب والخوف من المجهول. زاد على ذلك تعامل القيادات المصرية مع العائدين من الأسر على أنهم جواسيس أو "مشروع" جواسيس لصالح العدو.
وجه الكاتب رسالة وقت كتابته في بداية الثمانينات بأننا لن نهزم ذلك العدو بالشعارات والطنطنة الفارغة، ولا بالسلام المتخاذل الذليل. رأى الكاتب أن وجود ذلك الكيان الغاصب لن يضعف إلا بتقدم وعمل وتكاتف العالم العربي ليكون قوة أمامه فلا يستطيع التجبر أكثر من ذلك. وبالطبع، ذاب صوته وتلاشى.
أتمنى أن تُعيد دار الشروق إصدار ذلك الكتاب كما أعادت دار الكرمة طباعة كتاب "مذكرات جندي مصري"، فللأسف النسخة القديمة الإلكترونية للدار الأصلية مليئة بالأخطاء الطباعية، مما أوجد صعوبة في فهم الكثير من الفقرات والأجزاء.
و ماذا يُرجَى الآن من الحديث عمّا دار و كان بعد أن طواه النسيان ؟! لم ننسَ و لن ننسى ، لابدّ أن نعيَ ماضينا ، حتّى نحسن التخطيط لما هو آتٍ.
محمد حسين يونس : مهندس مصريّ شاب ، كثير الاطّلاع ، حضر حرب الأيّام الستّة " 5 يونيو 1967" ، شهد هروب قائد كتيبته ، تمّ أسره من بين 1500 أسير مصري ، و هؤلاء من بقوا بعد المذبحة ، و تلك هي سعة معسكر "عتليت" للأسرى ! ، حمل رقم 51763 ، قضى في إسرائيل 7 أشهر ، تمّ التأثير عليهم هناك بأسلوب نفسيّ جديد ، و هو الشدّة المفرطة ، و أن يشهدوا قتل أحبّاءهم ، ثمّ اللين المفرط ، ثمّ الحديث الهادئ ، و بعد التشكيل الجديد للوعي ، ببعض الأخبار المقتطفة على لسان القادة المصريين ، و كبار الصحفيين ، و عرض بعض الأفلام الجنسيّة عليهم ، و نشر بعض المجلّات الإباحيّة ، الغريب أنّهم لم يكذبوا عليهم في شيء ، هم فقط اقتطفوا الأخبار ، و عندما عاد الجنود لمصر سألوا عن صحّة ما قيل ، فتأكّدوا من تمام يقينه كضرب " الزيتيّة " ردًا على تدمير " إيلات" ، و انتحار " المشير عامر" و تنحيّ " عبد الناصر " و غيره !
رواية على قدر كبير من الأسى ، صادقة حدّ الوجع ، تقدر تصنفها ك" رواية تسجيلية " عن أدب " الأسر" و يمكن إدخالها في أدب " السجون " ، الواقعيّة و العفويّة تغلب على أسلوب الكاتب ، رواية مفعمة بالصدق و الواقعيّة ، لا بطولات زائفة ، و لا حديث عن حب ضائع ، ما مرّوا به كفيل بأن ينسيَهم أنفسهم ، دنياهم وأخراهم ، ليقضوا ما بقيّ من أعمارهم في قتل أوقاتهم في كل صروف العبث الممكنة !
تجربة ثريّة ، تسجيليّة لفترة مهمة من تاريخ مصر الحديث ، الحِمل الثقيل الذي ناء به الجنود زاد من وقع الهزيمة كلمة الطفل الفلسطيني للأسرى الذاهبين إلى معسكر " عتليت " في أتوبيس تشاهده كل إسرائيل ، ليلقي الطماطم من يريد ، و يقف لواحدة تدخل لتبصق على الأسرى المصريين ، و هلمّ جرّا ، المهم الطفل الفلسطيني أسرع صوب الأتوبيس و قال كلمة واحدة " كسفتونا" كم أنتَ قاسٍ يا صغيري !
الأرض المحبوسة هي سيناء ، هي فلسطين ، هي إسرائيل و أعتقد أن الأخيرة هي الأقرب لأنّ أغلب الأحداث تدور فيها . و عليه أعتقد هي رمزيّة اسم الرواية ، الذي كان غاية في الإتقان ، مع انتقاء مميّز لصورة الغلاف ، معبّرة جدًا ، و إهداء الكاتب الرواية لأبيه الذي نام على الأرض طول أسر ابنه ، مسّ قلبي .
المقالات في آخر الرواية جيّدة ، ما عدا مقال ل"يوسف القعيد" نشر في "المصوّر" بتاريخ 8-9-1995 به الكثير من المعلومات المغلوطة ، يبدو أنّه كان يقرأ رواية أخرى !
" و كان علينا أن نواجه العذاب .. لقد صبغونا بصورتهم و تركونا بين أهالينا .. نشعر بأننا خونة منفصلين مصبوغين نردد دعاية العدو ... و بين ما تعلّمناه طول حياتنا قبل الحرب و ما أُمليَ علينا .. كنا في صراع و تمزّق و هو الشكل الذي عدنا به إلى وطننا . "
بعض الصور لأسرى 67 : .................... جبل الكرمل الذي كان في حضنه " معسكر عتليت " : ............................ أمثلة لبعض مهازل التدليس الإعلامي ، و عمليّة غسيل المخ للشعب المصري و الشعوب العربيّة ، 67 .. انتصار على الورق فقط ! :
فى تاريخ أى مجتمع توجد أحداث وفترات يرغب الجميع فى نسيانها ولو قَدروا لمحوها من ذاكرة العالم أجمع.
ولا داعى لذكر أمثله من عدة مجتمعات بل يكفى ذكر مثال واحد وهى فترة النكسه فى المجتمع المصرى
ونتيجه لهذه الرغبه الدفينه فى محو ونسيان هذا العار نجد إهمال بشع لأدبيات تلك الفترة أو حتى الكتابه عنها. وبالطبع لا يلام المجتمع فحتى الإنسان قد يختار محو ذكرى سيئه من حياته.
ولكن مثلما شملت تلك الفترة مهانه فقد اشتملت أيضا على غرابه شديده بل تظل تلك الفترة مقياس واضح على ازدواجية مجتمع عريق
فمن واقع اعلامى(دعارة اعلاميه بمفهوم أوضح) تمثل فى : إلى واقع مرير (أسود) حدث فى الحقيقه تمثل فى : و: واقع ظل فى ذاكرة التاريخ كجريمة إنسانيه فى حق كل الأطراف بداية من وطن أهمل حق مواطنيه انتهاء الى دولة مغتصبه لم تراع حق الانسانيه هذا العمل (الرائع)هو تأريخ مهم لفترة أسر قضاها مع العدو والمبدع أنه حوّل تلك الفترة لوقود ذاكرة يعيش معه ويحاول الاستفادة منه.
فى هذا العمل يصدمنا الكاتب انه لن ينسى ولم يرغب حتى فى النسيان ليقدم لنا شهادته التى عانى فى نشرها من مرارة انتظار دافع الأسير رقم 51763 يقدم لنا كيف عاش فى أسره وكيف تعامل معه العدو ليقدم لنا شهادته ليست فقط على انتهاكات ولكن على أسلوب تفكير أمه جارة لنا.
تعمق فريد فى النفس الانسانيه وتوضيح مشاعر مختلفه قد لا تعيشها فى حياتك. اللغه ممتازة ورغم ما يغلب على جو العمل من (توثيق) إلا انك تجد صدق وعاطفه يجبرك على ان تغلب عاطفتك قبل عقلك وأنت تقرأه
ما سوف ينتابك من حزن شديد قد يصل إلى درجة الألم هو أدنى احساس قد يصلك. فى الكتاب مقالات عدة لكتاب عظام ولكنى وجدتها عديمة القيمه بجانب العمل (الوثائقى الهام)
عندما تنتهى من هذا العمل ستتذكر موشى ديان وهو يقول :'إن العرب لا يقرأون، وإذا قرأوا لا يفهمون، وإذا فهموا لا يستوعبون، وإذا استوعبوا لا يطبقون، وإذا طبقوا لا يأخذون حذرهم'
رواية حقيقية حدثت للكاتب وهو في زمن الرواية كان ضابط في سلاح المهندسين أثناء حرب الأيام الستة، تم أسره من ضمن 500 ضابط و5000 جندي في معسكر عتليت المخصص لأسرى الحرب.
يروي الكاتب ما تم عمله من خطة من قبل إسرائيل لغسل أدمغة الأسرى مع التركيز على قطاع الضباط وإيهامهم بضرورة السلام وأننا قوم سلام ولا نرغب بالحرب ولكن أنتم من إعتديتم علينا ونحن نرد العدوان فقط. مع سرد كيفية عمل مقابلات معه�� من قبل أساتذة جامعة وباحثين يهود للتأثير عليهم وعودتهم لمصر بشحنة عاطفية تجاه إسرائيل والتعاطف معها، كما أسهب الكاتب في سرد مهازل تلك الحرب وعدم الإستعداد الكافي لها من قبل القيادات المصرية العابثة وأن كل شئ كان تحت السيطرة.
مع بعض أفكار الكاتب الشخصية عن أسباب الهزيمة وكيفية التفوق على العدو في المستقبل والإستعداد له. كتبت الأحداث على شكل روائي للإلتفاف حول معضلة نشر أحداث وتفاصيل عسكرية قبل مرور 15 سنة على الحدث وهو بدأ في كتابتها قبل مرور تلك المدة القانونية ولكنها نشرت بعد تحرير سيناء كاملة في بداية الثمانينات. ملحق بالرواية مقالات ومقابلات مع الكاتب نشرت في الصحف المصرية والعربية.
تعتبر من الكتابات النادرة التي كتبت عن موضوع أسرى النكسة وما تم من قتل لهم أثناء الإستسلام وخاصةً قطاع الجنود قبل صدور الأوامر بشحنهم على معسكر عتليت، وتقع أهميتها أنها مكتوبة على لسان واحد من الأسرى وشاهد عيان على كل تفاصيل الرواية والمهزلة "النكسة".
الصدفة وحدها قادتني لهذا الكتاب فالمؤلف هو رئيس أبي في العمل ولم تكن لدي أدنى فكره حتى عن محتوى الكتاب لكنني انبهرت برغم بشاعة التجربة وقسوتها (الأسر أثناء نكسة 1967) وقد كان محظوظا بشدة فقد كانوا يحصدون أرواح جنودنا المصريين حصدا لكن عندما وقع بطلنا في الأسر صدرت الأوامر فجأة بعدم قتل الأسرى ثم ذهب لمعسكر عتليت وحمل رقم 51763 على صدره يحكي عن قسوة الحياة في الأيام الأولى وعن كم الضغوطات النفسية التى تعرض لها في التحقيقات ومساجلاته مع المحققين وإفحامهم في الرد رغم حداثة سنة وقتها (27 عاما) وجولته في الأراضي المحتلة وزيارة الكيبوتزات والمقابلة مع عرب 48 عسى أن تتغير فكرته عن إسرائيل وعن مشاعره عندما عاد أخيرا إلى مصر في أوائل عام 1968 بعد قرابة ثمانية أشهر من الرسف في أغلال الأسر المهين وعن كمية الغضب التى اضطرمت بداخله تجاه قادة الجيش بسبب كمية الكذب التى تسببت في وقوعهم في الأسر من الأساس بالإضافة لهروبهم أثناء المعركة وتخليهم عن الجنود والضباط إضافة إلى محاولات التشويه والتخوين لكل الأسرى العائدين أجمل ما في الكتاب هو البعد النفسي لمشاعر الجندي الأسير والتى نادرا ما نجدها في أدبنا العربي بقى أن أذكر أن المؤلف إضطر أن يحول مذكراته لرواية حتى يتمكن من نشرها وأن جميع الأحداث الواردة حقيقية 100 %
ليست رواية وليست سيرة ذاتية، بل تسجيل يحمل الكثير من الصدق والخوف والغضب من واقع حرب النكسة وماعاشه المؤلف في فترة الأسر من محاولة إسرائيل لاهانة اسراهم وتجريدهم من انسانيتهم ثم غسيل المخ وتحويل العدو لضحية والضحية لجلاد، المؤلف قال كلمة يجب أن تقال في وقت طغى عليه الكذب وانكار الهزيمة.
عن أسري يونيو ٦٧ ،،، الكتاب بالأصل تجربة حقيقية للكاتب أثناء فترة الأسر بسجن عتليت الإسرائيلي ،،، اضطر الكاتب لنسج مذكراته ضمن رواية ليلتف حول قرار المخابرات العسكرية بمنع النشر.
الحقيقة الكتاب أعجبني جدا لكثرة تفاصيله العسكرية و التاريخية الجديدة علي معرفتي جدا ،، و كأن لي عينا داخل اسرائيل .
الحقيقة المزعجة أن اسرائيل تبادلنا نفس شعورنا من الكره و الرغبة في التدمير. و لكنها لا تكتفي بالخطب و الشعارات و الأغاني. و تلك الهتافات من نوع »خيبر خيبر يا يهود« حقا تصيبهم بقشعريرة و لكنها لا تتركهم قارضين أظافرهم من الخوف منتظرين جيوش العرب علي الأبواب ،،،، و انما تدفعهم لمزيد من العمل.
ألهذا انتكسنا؟ لم تكن هزيمتنا هزيمة حربٍ فقط، بل كانت هزيمة معنوية أيضًا. لم تكن هزيمتنا من الخارج فقط، بل كانت من داخلنا أولًا. هزَمْنا أنفسَنا وهَزَمَنا قادتُنا أولًا. لم نُعطِ الأمر حجمَه، فصار ما صار.
" فسأل أحدهم: ترى هل نحن مستعدون؟ أجاب المشير: بالطبع إحنا عندنا أقوى طيران في الشرق الأوسط أنتم جهلة قول لهم يا صدقي قول لهم عن السخوى والتوبيلوف. رد الآخر: يا فندم لن يحتاج المشاة للحرب.. سأنهي المعركة ولن يحتاج جندي المشاة حتى لتطهير الخنادق سأطهرها بالطيران."
"سأل ضابط آخر: يا فندم الجيش كله في سيناء ماذا سيحدث لو هاجموا مصر كما حدث في 56؟! دق المشير المنضدة بعنف بقبضته وقال: أنا المشير عبد الحكيم عامر باقول إني قادر على حماية مصر وتحقيق نصر في اليمن وتحقيق نصر في سيناء. ثم انتصب واقفًا وغادر القاعة وهو يبتسم ويقول إن شاء الله لن بحدث شيئًا."
وقد حدث! وكان القادة أول من هربوا من ساحة المعركة..! "قطع عليه سلسلة تفكيره ضابط يدخل إلى الخيمة مندفعًا: -مسمعتوش وقعنا عشرين طيارة. -إيه؟ -وقعنا عشرين طيارة إسرائيلية. -مين؟ -إحنا. -فين؟! -في مصر! -إمتى؟ -الآن. -مين قال كده؟ -في الإذاعة.. فتح الراديو بسرعة. كان صوت المذيع يجلجل.. وقعت إسرائيل في المصيدة.. هذا يومك يا عربي.. أيها المواطنون.."
"في صباح اليوم التالي كانت الأمور هادئة. أين الحرب؟.. لا شئ إلا بعض الأغاني والشعارات والبيانات. من صوت إسرائيل كان ليفي أشكول يقول لجنوده: معكم السلاح ولديكم القيادة المؤهلة جيدًا.. لقد تدربتم واستوعبتم دوركم وما عليكم إلا أن تدافعوا عن أنفسكم وتنتصروا لتعيشوا. ومن القاهرة كان أحمد سعيد يقول: كلها دقائق ونصل تل أبيب.. سنشنق موشي ديان على أقرب شجرة.. ونصل تل أبيب.. اقتلوهم.. اذبحوهم.. إنه يوم العروبة.. الجيش الأردني في المعركة.. الجيش السوري في المعركة.. الجيش الكويتي في المعركة.. الجيش.. الجيش."
ما أشبه اليوم بالأمس! غالبًا هي معايير محددة يتم انتقاء القادة والإعلاميين على أساسها.. كانت وما زالت موجودة للآن.. إلى متى؟
ما حدث في 67 نكسة بكل المعايير.
ما حدث في الأسر كان مدروسًا من قِبَل اليهود بعناية وذكاء فاقا كل التوقعات. أسلوب الترهيب ثم الترغيب.. الشدة المفرطة ثم اللين. التعذيب المعنوي، إثارة الحنين والغرائز، ومن ثم التشكيك في كل ما هو يقينيّ، وإعادة ترتيب أفكار الأسرى من جديد. التعامل مع الأسير كعقلٍ نابض يمكنني الاستفادة منه ومن أفكاره.
تساءلتُ في موضعٍ ما: ماذا لو كان العكس قد حدث؟ ماذا كنا سنفعل بالأسرى؟
بقدر ما آلمني ما حدث لأسرانا في معسكر عتليت، بقدر ما ذُهِلت مما حدث لهم بعد الرجوع لأرض الوطن!! عائد من الأسر ليُشَكك بك، عائد من تعذيب معنوي وحرب نفسية ليتم التشكيك في انتمائك. إذا عقدنا مقارنة بين ما قاله موشي ديان عندما اجتمع بالأسرى المصريين قبيل عودتهم، وما قاله الفريق محمد فوزي بُعيد عودتهم من الأسر.. سيتضح لنا كل شئ، سنجد الفرق بين طريقة تفكيرنا وطريقة تفكيرهم. الأنفة والتكبر والتعالي لدينا حتى في الهزيمة..!
وتلخيصًا لكل ما سبق، يقول الكاتب: "وكنت دائمًا ما أقول.. حقًا إنه حقق نصرًا يفوق أقصى تصورات اللواء مرد خاي هود قائد الطيران جنونًا.. ولكن السبب لأننا أيضًا فُقنا أقصى التصورات جنونًا في الفوضى وعدم التخطيط والارتجال والغرور.. إن الانتصار الإسرائيلي في حقيقته هزيمة عربية.. فقط" فقط.. فقط.. فقط..!
هذه الرواية تصف لقاء بين كيانين مختلفين بشدة الكيان العربى متمثلا فى مصر و الذى عند الكلام هو بديل الفعل و المنظرة بديل الواقع والجعجعة بديل العلم و الغطرسة الكاذبة هى بديل الكفاءة و هذه الصفات تجعل هذا الطرف فاشلا مهزوما لا محالة . الطرف الآخر هو طرف يبحث و يتعلم و يطبق و يتدرب بمنهجية , العمل عنده بديل الكلام بل هو قليل الكلام كثير الفعل و ثقته بنفسه تأتى من معرفته و تدريبه و أمتلاكه الأدوات اللازمة للقتال, هذا الطرف فى الغالب دوما منتصر خصوصا إذا كان الخصم صفيق مثير للشفقة كما وصف أعلاه الكتاب يحتوى على حوارات كثيرة شيقة مثل مفهوم الديمقراطية هل هى ذات حزب واحد يمثل مصالح الشعب أم هو نتيجة صراع بين مصالح فئات مختلفة, كذلك عن النظام الأشتراكى و تشاركيات الكيبوتزات الموجودة فى أسرائيل. كما أنه يرينادرجات تماسك الضباط المصريين الواقعين فى الأسر نتيجة الضغوط النفسية من شد و جذب التى كانت تمارس معهم لتشكيكهم ليس بقضيتهم فقط بل بمجتمعهم و قيمه التى تربوا عليها فبعد فترات التضيق يأخذون للفسح ليروا المجتمع الأسرائيلى بل و يتحدثون مع أفراده و يتناقشون معه فى القضايا السياسية و العالمية من ناحية أخرى يعرفنا بالتقصير الذى أرتكبه الضباط فى حماية جنودهم عند نية الأسرائيليون فى أعدامهم كذلك فى فقدانهم الأنضباط العسكرى و هم فى الحبس فى صراعهم على الطعام و الأهم هو النفاق البالغ فى تعامل السلطات المصرية مع الأسرى العائدين و دمغهم بالتشكيك فى وطنيتهم و ولائهم! لكن الحقيقة تفرض نفسها, هولاء العائدون يتغيرون الى الأبد
يا الله! هكذا كنت أردد بعد أن انتهيت من هذه السيرة الرائعة، لم يسبق لي أن قرأت عن هزيمة 67 أو الأسرى المصريين بعد الحرب، هذه شهادة صادقة يقدمها الرائد مهندس محمد حسين يونس، رؤية حقيقية للوقائع في زمن كل شيء يكذب من حولنا، زمن لا يُسمح لأحد فيه غير التغني بالأمجاد الوهمية التي لا يراها إلا الحمار. تعتبر هذه الرواية الأولى للكاتب والتي كتبها بعد أن شجعه الأهل والأصدقاء لتقديم شهادته وتم رفض نشرها مرارًا وبقيت في درج المكتب من عام 70 إلى أن ظهرت للعلن في العام 82 بعد تحرير أخر شبر من أرض سيناء. في الأسر ظهرت أشكال الرجال الحقيقية ورأينا كيف أننا نواجه عدوًا خبيثًا يأسطر رواياته ويخلطها بالأكاذيب لتبدو متلألأة لكل سامعيها، عن وطن ديموقراطي أبناءه قادرون على الاختراعات والحروب والعمل في أي وقت ودائمًا ما يحلمون بالسلام المشترك! عن طريق التطبيع أثناء الأسر تحول جانب الرهبة والكره إلى حياة شبه عادية بين الصهاينة والمأسورين في خطة محكمة وكل هدفهم هو إطلاق 5500 أسير مدجنين مغيبين ليذهبوا إلى مصر يسبحوا بحمدهم، كان وما زال هذا حلمهم والآن في 2021 يلقي الحمقى من العرب بأنفسهم في أحضان هؤلاء الصهاينة ولكن ستدور الدائرة مرة أخرى وسيكون هناك شأنًا أخر في نهاية الأمر.
يقول جميل حتمل عن الرواية: كتبوا عن البطولة وكتبت عن الخوف.
تجربة فريدة من نوعها احسست انني اسير بالفعل ف هذه الفترة ومررت بما مر به الكاتب من ذل ومهانه وغسيل مخ داخل السجون الاسرائيليه , اسقط الكاتب الضوء ايضا علي المستوطنات والمجتمع الاسرائيلي واستقدام الليهود من جميع انحاء العالم الي اسرائيل
اتضح جداً لي ان نصر اكتوبر ٧٣ لم يكافئ انتصار اسراءيل في ٦٧ حيث تم تدمير ما يقرب من ٨٠٪ من الجيش المصري ومعداته وذلك رغم حشد كامل للجيش المصري في سيناء قبيل الحرب ومعني ذلك غياب عنصر المفاجأة من الجانب الصهيوني ورغم ذلك انهزمنا بينما في ظل وجود عنصر المفاجأة في ٧٣ لم نحقق نصراً مماثلا لهزيمتنا في ٦٧ للاسف
الكتاب من تأليف المهندس الشاب محمد حسين يونس , الذي عاش بين صفوف القوات المسلحةو شارك في حرب الأيام الستة عام 1967 وهو يقدم تجربته للشباب من خلال رؤيته الخاصة و مشاركته الفعلية في الحرب و الأسر. أخطر ما يتعرض له المؤلف في كتابه هو الفصل الذي يتحدث فيه عن الاستلاب الفكري الذي مارسته قوى الغزو الاسرائيلي على الأسرى في معتقل "عتليت" فقد استفاد الاسرائليون من خبرات المعتقلات السابقة وتوصلوا إلى أن التعذيب البدني والتهديد بالإبادة ليس وحده كافياً لاستدراج أسير إلى الاعتراف أو الإدلاء بمعلومات مهمة , و أدركوا أن الأساليب الأكثر إيجابية هي محاولة تفريغ العقل العربي من كل المثل و القيم التي عاش لها و آمن بها , و تفويض كل ما آمن به من مسلمات عن الوطن و الدفاع عن النفس و الحرية و الديمقراطية, فكانوا يصحبون أسراهم بعد فترات من الترويض و التخويف في رحلات استكشافية لحياة الإنسان الإسرائيلي , إيهاماً للأسرى بالحضارة المزيفة و معان للتحضر والديمقراطية , لا يمتلك مفاتيحها في المنطقة كما يزعمون سوى " شعب الله المختار " من اليهود!! أدركت بعد هذا أن حضارتنا وقيام الأمة لن تزدهر إلا بالعلم و أساس عمل الفرد و إنتماءه لأرضه , عدا ذلك شعارات جوفاء تقودنا إلى الحضيض .. يقول الكاتب علاء أديب : " إن تصور قضية إسرائيل لكفاحنا السياسي أو عملنا الوطني كان مزلقا صعبا و مناطح مع صخر صعب أو سير في طريق مسدود , و أننا على كافة المستويات - وعلى مستوى العمل الوطني و السياسي أيضاً - قد حرمنا من إنجازات كثيرة و من فرص كثيرة للتطور و النمو ,لأننا جعلنا من قضية إسرائيل و تحرير فلسطين قضية القضايا. ومقياس الوطنية الثورية. حتى من ينادي بأن حربنا مع إسرائيل حرب حضارية يشعر - ولو في عقله الباطن - بأننا نحاول تحقيق مجتمع متحضر لكي نهزم إسرائيل و نتفوق عليها, إن تحول إسرائيل إلى فكرة مسيطرة على تفيرنا السياسي .. هو انتصار يومي يحققونه علينا دون أن نشعر " ومن عام النكسة إلى اللحظة نجحت إسرائيل في جعلنا عرب بلا قيم ولا مبادئ نردد الخاوي و الفارغ من كل الأحاديث !
كتاب رائع خصوصا انى من محبى تلك الفترة الزمانية يلقى الضوء على المجتمع الاسرائيلى قليلا حالة الجيش المصرى قبل الحرب ايضا تلك المشاكل النفسية شى يحسب للرواية استمعت بها بالرغم انها فى البداية مملة قلبلا
بعد قراءة هذا السيرة الذاتية، فهمت لماذا احتاج الأمر ما يقرب من العشر سنوات حتى تخرج إلى النور ويتلقاها القراء، إنها سيرة ذاتية ذات وقع قاسي في كثير من مواضعها على النفس والروح، وتحمل نقد شديد اللهجة لكل أشكال السلطة وقت النكسة، صحيح أنه قد شابها الكثير من المباشرة في القول والانفعال الزائد، لكن لا يمكن إنكار صدق الكتابة والقوة الممثلة في عفويتها.
البطل هنا يتماهى ليس فقط مع رفقائه في الأسر في معتقل عتليت الاسرائيلي، بل مع رفقائه في الوطن، فجميعهم يقفون على أرضية واحدة من اللايقين والخوف من المستقبل وسقوط الأقنعة مع أول مواجهة أمام الذات.
عندما سئل الكاتب عن تصنيف روايته اهي ادب السجون ام سيرة ذاتية ام ادب الحرب ...قال انها ادب الهزيمة روايه عن هزيمة 5 يونيو 1967 و عن احداث حقيقية حدثت للكاتب نفسه ...محمد حسين مهندس في كتيبة المهندسين و رحلته للاسر في عتليت في قلب اسرائيل
من اجمل الروايات التي قرأتها هذا العام ..يعيبها فقط قلت الشخصيات
Wonderful, yet painful details about the defeat of 1967 Some rare view by a war hostage who stayed for sometime in the other side's prisons. Shows how Israelis brain wash the prisoners
إن الحديث عن تجربة الأسر ورصدها أمر يستحق إصغاء الأسماع ، وانتباه العقول ، فليس في الأمر تسلية ، ولا هى فرصة لإبداء الشعور بالأسف الأجوف ، بل فرصة لمن كان له عقل للبحث عن مواطن الداء لعلاجه ، والإجابة عن السؤال الصعب بمَ يتميز عنا عدونا؟ وفيمَ يفوقنا لينتصر ؟ وما الخطايا التي ارتكبناها أو نرتكبها لننهزم؟ لقد قرأت تجربة فؤاد حجازي من قبل عن مرارة الأسر في (الأسرى يقيمون المتاريس) ولعل هذا ما أصابني من فتور في أن أقبل على تجربة محمد حسين يونس في (خطوات على الأرض المحبوسة) ظنًا خاطئًا مني أنها لن تضيف جديدًا عن تجارب الأسر. لكني كنت حقًا مخطئًا. أخيرًا بدأت أجد إجابات كاشفة عن سؤالي الداخلي المؤرق : كيف انهزمنا في 67؟ كيف أن جنودنا لم يحاربوا؟ أهى المفاجأة وحسب مضافًا إليها التسرع في اتخاذ قرار إغلاق مضيق تيران دون إعداد مسبق وتحسّب للعواقب المتتظرة؟ الأمر أخطر من ذلك فالجندي وقتئذ لم يُعَد نفسيًا وعسكريًا ولا خططيًا ليخوض حربًا مع عدو لن يضيع تلك الفرصة الذهبية. الجندي المصري لم يعرف طبيعة الأرض التي يقف عليها ، ولم يعرف الطرق التي سيخوضها ، ولم يُجنْد كل واحد في الموقع الذي يناسبه ، ولم يجد القيادة الشجاعةالواعية التي تقوده التضليل الإعلامي والنزق العسكري والبلاهة السياسية ، وسوء التخطيط وغياب التدبير وغياب التفكير العلمي السليم.. كوارث وفضائح تسببت في هزيمة فكرية ونفسية قبل أن تكون عسكرية. في مواجهة عدو يعرف كيف يخطط ويستغل أنصاف الفرص ، ويحاول قهر النفس قبل الجسد ، لينتصر قبل أن يخوض المعركة اقرءوا ما خطّه محمد حسين يونس ، وتعلموا منه في كل وقت ، فالتاريخ لا يعيد نفسه بل الغبي لا يتعلم من دروسه.
رواية تصلح لكل العصور، فهى ترينا كيف يتحول الفساد السياسى و الحكومى إلى كارثة وكيفية تحول الأمة إلى كيان عشوائى همجى مهمل يبدو متماسكا، و يرسم لنا المؤلف بمنتهى البراعة الأدبية كيف يتصرف المصرى وقت الأزمة، كيف يتصرف و يتطرف فى التعامل معها .... لا فارق بين متعلم و جاهل، فالكل يغنى على ليلاه، و ليلاه هو فقط بدون اى مراعاة لكرامة أو تقاليد أو قيم حقيقية تربى عليها.
أما المحترم المتحضر الذى مازال يحتفظ بعقله فى مكانه، فمصيره الإنزواء و النظر إليه ككائن مريض مجنون يتكلم بألسنة غريبة لا مكان له أو أذان لها وسط هذا المجون الذى يبدو وكانه يملأ الحياة كلها.
فاجأنى محمد يونس بهتاف الجنود وهم فى الأسر بحياة موشى ديان ولعن عبد الناصر ... وذلك طلباً للشراب، فالصورة الخيالية للجندى المصرى التى بالغ فى رسمها الأعلام قد قاربت على ان تلغى من تفكيرنا النظر إلى طبيعته البشرية البسيطة والقريبة منا ومن ملاحظاتنا فيمن حولنا ... فالجندى بشر مثلنا، قد يكون جسوراً و قد يكون فأراً ... قد يكون بارعاً أو خيبةً، هو مصرى مثل كل من نراهم حولنا .. إن إحترمه النظام فداه بحياته و إن لم يحترمه ينسى تعاليم دينه ويصبح كارها لوطنه.
أرانا محمد يونس صورتنا فى مرآة قديمة واضحة، لا تعترف بعوامل التشويش أو الإهتزاز المغيبة لعقولنا ... أرانا انفسنا كمأسورين ومعتقلين بداخل مشاكلنا، و لكننا لا نحاول حلها ابدا بتعاوننا، بل نبرع فى التصدر فى اى هايفة. خنافة أو إعتراض على نصيب الأسير فى الفرخه، وفى نفس الوقت إستسلام تام لحالة الحمامات المذرية.
يبين لنا الكاتب فى روايته التواكل اللى على أصوله، حتى و لو كان على أخلاق العدو الإسرائيلى و مدى كرمه...! و عرض لنا كيف يتم إستثمار الوقت فى أسوأ صورة ممكنة، وكيف تتحول عناصر التسليه لفساد أخلاقى، وكيف يتم تجاهل النظام أمام النعرة القبلية وتطبيق قوانينها بالبلطجة و العافية.
الرواية كلها يوميات متفرقة، توضح الحياة اليومية للأسير الظابط المهندس المثقف الذى يحاول إصلاح كون الأسر و لا يعرف، يحاول التثقيف عن طريق عقد ندوات للمناقشة فيتهم بالهرطقة، يحاول ان يشرح لزملائه كيف يتعامل معهم العدو بأسلوب نفسى و علمى مدروس، ولكنه يصطدم بغلاظة العقول و النفوس.
تفرغ المؤلف لدراسة العدو و مقارنته بالوطن، عرف لماذا يعاملونهم بقسوه فى اول الأمر ثم بمنتهى التحضر و الرقى باقى فترة الأسر، فهم يتبعون منهجاً متقدماً فى علم النفس و المخابرات، و الكل يعمل على تطبيقه و إحترامه وليس كل واحد بدماغه. هم لا يرونها حرباً بين دولتين بل صراع حضارات. حضارة تنظر تحت أرجلها و حضاره أخرى ترى المستقبل البعيد غاية فى القرب، متسلحين فى ذلك بالماضى و دروسه و الحاضر وإستغلال ظروفه. يعلق المؤلف على ذلك فى جزء اعتبره من أبدع ما كُتب فى اى رواية سابقة قائلاً:
"نحن فى مواجهة تحدى حضارى ... إما ان نقبله ونكون أو نتجاهله و نزوى، وفى حالة قبولنا للتحدى والتطوير لن تكون هناك قضايا شكلية. إذا إمتلك العرب عناصر التحدى الحضارى، أى إمتلكوا لغة العصر و طوروا إمكانياتهم وإستغلوها أفضل إستغلال، فستذوب إسرائيل داخل الأمة العربية كما ذاب اليهود دائماً فى وسط المسلمين و المسيحيين طوال التاريخ، و هذا سينزع من إسرائيل أشواكها و مخالبها الممثلة فى تكوينها الإستعمارى ... ولكن هل نحن لدينا الثقه فى انفسنا؟"
يتبنى المؤلف الصوت الهادى الراقى الواعى عند عرض أفكاره و قص روايته، يتعرض للمقارنة بين دولتين .. بل بين الطبيعتين ... بمنتهى الحياد و العقلانية. لا يؤخذ عقله بجمال الزيارة التى نظمها الأسرائيليين للأسرى لمستوطنات (الكيبوتز) و لمدن مختلفة، من ضمنها تل أبيب، فهو ينبهر بحساب و لكن لا يدمى يداه بالتصفيق. فهم يستحقون تقديره على المجهود الكبير الذى بذلوه لتحويل جزء من شرق أوسط إلى أوروبا و امريكا بكل ما تحمله هاتان القارتان من تقدم علمى وحضارى فى كافة المجالات .. و كل ذلك فى زمن يعتبر قياسى.
هم يقولون له: "بص على نظامنا. إحنا متأكدين إننا حنتعاون فى المستقبل، فمصلحتنا فى التعاون". وهو من جانبه يناقش و يجادل بالتى هى أحسن، يفهمهم إنه فاقسهم .. فنحن لدينا مقومات أكثر مما لديكم، وبالتالى لو "إستفدنا من تجربتكم" فلن نحتاج لكم، بل أنتم من يحتاج لنا على الرغم من ضعفنا و فوضى حياتنا.
ثم ينتقل بنا فى نظرته الواقعيه الكاشفة المتعمقة إلى مرحلة الإفراج عن الأسرى و رجوعهم للقاهره، حيث تحتجزهم المخابرات الحربية فى الكلية الحربية كإجراء أمنى، منعاً من تسرب اى جاسوس. و هو لا يعترض على ذلك على الرغم من شوقه الرهيب لرؤية أهله و لوعتهم هم على رؤيته ... مما جعلهم يرابطون بجانب سور الكليه الحربيه أملاً فى ان يلمحوه و لو بالصدفة.
يتفهم هو هذه القسوة، فمصلحة الوطن فوق الحفاظ على روابط اى أسرة .... لكنه يتعجب و يغضب من تفتيش حاجياتهم من وراء ظهورهم، و من سرقة سجائرهم التى عادوا بها من الأسر .... و ينهار عندما يجد أن الـ 200 جنيه العهدة التى أسر بها، و التى قد إئتمن العدو بذات نفسه عليها و لم يخن الأخير الأمانة، بل و سلمها له قبل الإفراج عليه، فوجىء بأن سيادة اللواء القاهرى قد أخدهم منه بعد ما طلع عينه أسئلة عنهم، و فى النهاية لم يعطه وصلاً بهم......حمد الله على السلامة يا يونس .. نورتنا.
يشرح الطبيب النفسى التخيلى فى نهاية الرواية كل ما يدور بداخل بطلنا، أو "صديقنا" كما أسماه المؤلف بمنتهى البراعة، وضح لنا تفاصيل صغيرة لها معان كبيرة، و أيضاً قرارات مصيرية حياتيه لها أسباب مقبولة ومنطقية ... و تثير الحسرة على حاله و حال الأمة كلها.
الكتاب شدينى وكانت أكثر فكرة مؤثرة عليا وقت قراءة الكتاب هى "الإنسان ذالك المجهول "... فكرة إن النفس البشرية سأستمر طول عمرى أدرس وأتعلم فى بحورها , هفضل طول عمرى أدرس نفسى وأكتشف فى نفسى جديد وجديد رغم إنى عايشة معاها طول عمرى . موضوع الكتاب بالنسبةلى هى ثقافة النكسة النفسية , النفس المحبوسة داخل نفسها . الكتاب بيعرض مثال حى لمعنى الصدمة النفسية والحضارية إلى تزلزل كل المسلمات عند الإنسان بشدة وتفقده توازنه وكيف يكون رد فعل الإنسان تجاه تلك الصدمات وبعدها . يتحدث الكاتب عن إيمانه بثورة يوليو و عبد الناصر ثم كيف لإصتدم بواقع التردى فى حال الجيش قبل النكسة و ماحدث وقت النكسة من هروب القيادات وترك الجنود والضباط يقتلون ويأسرون على يد الإسرائيلين . يحكى بشكل رائع تجربة مواجهة الموت والهروب منه ... كيف يتصرف الإنسان على سجيته عندما يكون تحت إمرة جنود العدو يتلاعبون بالأسلحة وفى أى لحظة يقر أحدهما قتلك . تجربة مواجهة الموت وكيف يكون رد فعل الإنسان حينها جعلتى أفكر أن أهم ما أفعله هو أن أربى نفسى بإخلاص حتى تستطيع أن تواجه تلك التجارب التى تتصرف فيها النفس على سجيتها إما أن تكون نفسا كريمة عزيزة أو نفسا مبتذلة . ثم يتتطرق لتجربة الحرب النفسية التى شنتها عليهم المخابرات الإسرائيلية وقت الحبس ... وكيف إستطاعت تلك الحرب أن تحولهم لقنابل موقوتة تنفجر فى أى لحظة. كثيرا لأستبعد أن يكون تعرض الكثير من أبناء جيلى لتلك الحروب النفسية العديدة التى تفقد الإنسان توازنه . ثم يتتطرق الكاتب لما بعد العودةبعد تجربة الأسر ... هل تنفجر تلك القنبلة الموقوتة التى زرعها العدو فى نفسه أم يعكس إتجاهها و يوجهها للعدو .. أكثر ماشد إنتباهى فى تلك الرواية هو عرضها للجانب النفسى لتجربة الأسر أما ماحدث للأسرى بالتحديد فيمكن معرفته بإختصار من كتاب الأسرى يقومون متاريسا. إنها تلك النفس البشرية مفتاح الحضارة والأما عندما تعرفها وتعرف كيف تتعامل معها وتتحكم فيها
ما رفع من قيمة هذا الكتاب، أنَّه رواية وليس رواية، ورصد كأنَّه الرصد الذي نعرف، وتقرير فُصِّل على العقل وأُلبسه فما أستطاع أن يتخيل في غير الحقيقة حدثاً ما يضيفه إلى هذا الواقع المؤلم الذي ميل به إلى بناء رواية أُحكم فيها ذلك السرد التقريري، والذي لو لم يكن كذلك لما أظنها بلغت ذلك المبلغ فوق واقعيتها. كتاب ليس ممتع بقدر ما هو مهم.
من الملاحظ الفجوة الكبيرة بين الضابط و الجنود فى أكثر من موقف واللتى هى أحد أسباب الهزيمة بالإضافة التخبط فى القيادات برغم من امتلاك مصرى لجيش قوى فى هذا الوقت ولكن بدون قيادة و أيضا سوء التدريب.
أما فى إسرائيل الحرص الدائم على إثبات أنه لهم حق فى الدفاع عن أنفسهم وأنهم شعب متحضر وأصحاب قدرات علمية وفنية وحضارة وهو ما حاولوا إقناعهم به فى الرحلات التى قامت بها الأراضى الإسرائيلية.
رواية تسجيلية رائعة يسجل فيها الكاتب "محمد حسين يونس" ما حدث معه من معاناة في الحرب و الأسر وكيف ان الاسرائيليين كانوا يعرفون كل شيء عنا، وكيف انهم استخدموا كل اساليب القهر النفسي في الأسر
ما هي مقومات النصر وما هي اسباب الهزيمة ؟ ماذا تفيد الشعارات الرنانة والتصريحات المتعالية امام لحظة الحقيقة لقد انهزمنا في حرب الايام ال6 وجاء الاسر ستعيش في تفاصيل الهزيمة ومرارة الاسر وتدخل في تجربة نفسية فريدة لما حدث وكيف يتم التلاعب بالعقول وكسر الحواجز النفسية وكيف يتم غسيل الادمغة استمعت بها
٤٩ عاما علي نكسة ١٩٦٧ ------------------(حلقة١) لا أدري !هل كان حظا حسنا أن يكون هناك كاتبان روائيان بين خمسة الآف و خمسمآئة أسير مصري نجوا من تعرضهم للقتل و احتجزوا في سجن عتليت تسعة أشهر حتي عادوا الي بلادهم،و قد خلدا تجربة الأسر بفنية رفيعة في روايتين،أولاهما الاسري يقيمون المتاريس لفؤاد حجازي،و ثانيهما هذه الرواية،خطوات علي الارض المحبوسة،و التي انتهي منها الكاتب بعد خمسة أيام من عودة سيناء لمصر،إذ ظل غير قادر علي كتابتها قبل ذلك،قرأت الرواية يوم صدرت طبعتها الاولي آنذاك عن دار المستقبل العربي عام ١٩٨٤،و اليوم حين أعدت قرآءتها أحس بنفس المرارة التي أحسستها في المرة الاولي،ذُل الهزيمة يبقي مهما جاء ما يجلوه و خاصة إذا ما بقيت الظروف التي تنتج القابلية لمثلها و لم تغير كثيراً ،فالظروف التي أنتجت النكسة كما كتبها المؤلف باقية. تقنية الرواية تجعل أحداثها تروي من قبل طبيب نفسي تعامل مع الأسير حين تابعه و هو يبحث عن حل لازمته النفسية التي تجعله يمتلئ بمشاعر تدفعه إلي إطلاق النار علي قائد وحدته و اللواء الذي تتبعه،و هكذا تتابع جلسات العلاج و زيارات المنزل بينهما،في الثلاثة أبواب الاولي يتحاور الاثنان حول كيف حدث الأسر،بدءاً من دفع القوات إلي سيناء ،بعض الاحتياط جيئ بهم من متاجرهم و بثياب منازلهم،و بعض الجنود جآؤوا من اليمن دون أن يتاح لهم زيارة عآئلاتهم و هكذا، جيش لجب لا تنقصه عدة و عتاد بل و يمتلئ أفراده وطنية و إيمانا بحقهم في الدفاع عن وطنهم،و لكن الحرب تنتهي سريعا ليدرك الجميع أن حشدهم البشري و الآلي لا يكفيان،كيف يتحرك جيش ليس معه خرآئط،و كيف يتحرك جيش ضباط إستطلاعه لا يعرفون كيف يهتدون الي مواقعهم،و كيف يتحرك جيش يمر بطرق لا يعلم تضاريسها و تغرق جنازير دباباته و عجلات حاملات جنوده في أرض رملية يحتاج معها الي أن يستخدم البشر في تحريك الاليات الثقيلة،و كيف تتحرك طائرات لم تتدرب علي الخطط الحديثة للتشكيلات و ليس لديها معلومات كافية عن العدو و تحرك الياته،و كيف تتقي مطاراته هجمات طآئرات لم تكتشفها شاشات راداراته،و النتيجة أن تصطاد إسرآئيل جنوده و تعمل فيهم قتلا فظيعا رغم استسلامهم و و النتيجة المرة هرب القيادات...........المذعورون من الأحياء ينسحبون راجعين في غير تخطيط ليتواروا بصعوبة عن طآئرات العدو و مدفعيته ليجد الناجون منهم أنفسهم يقعون في شبكات وضعها العدو لأسرهم تشبه شبكات اصطياد طآئر السمان،و هكذا يُحشد الاسري يجمعون ،يُصغون في دوائر متلاصقة ،كل منهم مُقعٍ علي ركبتيه و يديه خلف رأسه ثم تُطلق زخات من الرصاص يقتل من في الصف الخارجي و المقتول يحمي بجسده من في الصف الثاني،بعد إن يتناقص عددهم للنصف،تهدأ زخات الرصاص و الاحيآء متساقطين بين الجثث ينتظرون دورهم،يقترب منه جندي إسرآئيلي : ألست من سكان الظاهر،من الثانوية الإلهامية ،كنا زملاء في المدرسة ،ماذا تفعلون بنا؟...صدر الامر أن نأسركم ،كانت الأوامر ألا نحتفظ بأسري،أنتم محظوظون.....تبدأ بعدها رحلة العذاب الطويلة عبر سينآء أولا،يرون الدبابات المدمرة و الأجسام المتفحمة و المنشآت العسكرية أطلالا....يحملون في زرائب متنقلة أولا كل منهم مُقعٍ و قد باعد بين فخذيه ليجلس بينهما أسير آخر و هكذا...أقرب إلي طريقة نقل الماشية .....منهم من يشرب بوله عطشا و أكثرهم يتبولون علي أنفسهم،ثم يٰنقلون في حافلات فاخره عبر الاراضي التي أصبح إسمها إسرآئيل،حدآئق غناء فيها الرآئح و الغاد من الحسان و شعب يحتفل!......تفتح الباب عليهم مجندة زاد عريها عن المألوف تبصق عليهم،و هكذا حتي يصلوا إلي عتليت،السجن المشهور في أحضان جبل الكرمل المطل علي شآطئ حيفا.
نحن الآن في أطول فصول الكتاب حيث أسري منهكون يتم توزيعهم علي عنابر مراحيضها تكشف كلا منهم للاخر،لكلٍ كوز لتحضير مآء شربه و أخر لتبوله حينما تُغلق عليهم الأبواب،بعضهم في الظلام يشرب بوله و يتبول في كوز مآءه،يتدافعون علي الطعام يقتتلون حتي يهاجم الجنود الضباط ، و يستمعون الي تقريع الصهاينة...جيش يحاربنا لا يحسن الاصطفاف في طوابير،مع الوقت ينتظم الاسري و لكل مجموعة رئيسها و قائد توجيهها المعنوي و من يناط به جلب الطعام و تقسيمه،و من يناط به تسجيل شهادات الذين يُستدعون للتحقيق،التحقيق ناعم يجريه استخباراتيون معظمهم يتأهل للدراسات الجامعية العليا في تخصصات علم النفس و الاجتماع و ما الي ذلك،أسئلة لكل عن دوره و عمله و كيف بنوا حقول الألغام و لماذا يحاربون إسرأئيل المسالمة،و هكذا....يكرمون خلال التحقيق بماء مثلج و زجاجات عصير منغبشة بقطرات الماء و كأس شاي تجعل كل أسير يتوق لجلسة التحقيق و الهدف واضح،مع الوقت تسترخي إجرآءات السجن و يتلقي الاسري هدايا الحكومة المصرية و هدايا عائلاتهم...سجأئر ...ملابس و يوصل الصهاينة لهم كتبا و صحفًا ...الجيروزاليم بوست...اليوم ...أفلام جنس ...مجلات جنسية...إذاعة داخلية بصوت أنثوي عن تردي الأحوال في مصر و أغان محرّفة تحرق القلوب:....قولوا لعين الشمس ما تحماشي....لحسن دا جيشنا المصري راجع ماشي.......، تتزايد فقرات الترفيه و يتصادق من في المعسكر الصهاينة مع الاسري،مجموعات تؤخذ للسياحة في فلسطين المحتلة ...الحياة في الكيبوتسات...الشواطئ....... المدن العربية،كانوا أولا يأخذونهم لزيارة عآئلات عربية ثم ألغي الصهاينة ذلك...و هكذا غسيل مخ ،عن إسرآئيل التي تحب السلام و التي تدافع عن نفسها و عن عدم جدوي الحروب... و عن أهمية المفاوضات المباشرة...ثم يزورهم قادة صهاينة و منهم إسحق رابين و موشي ديان و بعد كل زيارة تتحسن أوضاعهم المعيشية...تتعطل الإذاعة المحلية يوما.....لا يوجد سبب واضح......يتبين من الأخبار أن المصريين قاموا بعملية جريئة...إغراق المدمرة إيلات....إشاعة كل يوم إقتربت العودة...يقول المحققون لقد رفض ناصر إطلاقهم مقابل ثلاثة يهود لماذا؟تتضعضع الروح المعنوية...لكن مصر أسرت لواءا اسرآئيليا.....يا عم دول عشرين بس..الاسري يقضون أوقاتهم في الشهر الأخير بعد أن إسترخت عليهم القيود...حلقات دينية...حضرات صوفية.....غنآء....بريدج....قمار...محاضرات تثقيف معنوي
وأمسك صديقنا وآخر بإحدى المعاز (معيز) ووضع فمه على ضرعها ..ياللذة..سرسوب من اللبن الدافئ يصطدم بحلقه الجاف فيرطبه ويرويه..الماعز مستسلمة .. بل تنظر إليهما بحنان شديد.. يقول صديقنا : كانت تنظر لى بحنان أم وحبيبة ..وانهلت عليها أقبلها بين العينين..يالانسانية هذه المعزة..يالامومتها تركتنا نشرب لبنها فى محبة وسلام.لقد حطمت حياتى بعد ذلك هذه المعزة..فأنا مازلت أبحث عز نظرات عينيها بين النساء حتى الآن وأفتقدها ..لن انساها ما حييت ! :D أعجبنى هذا التصوير الطريف المبالغ فيه لعلاقة نشأت بين إنسان وحيوان فى لحظة احتياج شديد وتيه فى الجبال