تتداخل الأسئلة والأجوبة في هذه الرواية، بحيث يصعب القول أحياناً أيها هي الأسئلة، وأيها هي الأجوبة. وفي متابعة الجدلية القائمة في فصولها، يبقى الشك مثاراً، ومثيراً، وباستمرار. لماذا تبقى عمورية عالماً بلا خرائط؟ وعلاء الدين نجيب، هل له من طريق للخلاص من متاهاتها في اعترافاته الحارة، المضطربة، المتناقضة، عن مصرع نجوى العامري، المرأة المدهشة التي تجمع بين هوج السوالمة وشبقهم، وبين حسابات الربح والخسارة التي نشأت عليها في أسرتها ومجتمعها؟
وأين يقع ذلك لكه من قصته مع ماضيه، مع أخويه صفاء وأدهم، وخاله حسام الرعد، وعمته نصرت، وأسلافه القرويين والعشائريين من قصته الأخرى، قصته مع المستحيل والجنون، الكامنين في نجوى العامري، في نفسه هو، في عصرهن في عمورية كلها؟
روائيان كبيران، جبرا إبراهيم جبرا، وعبد الرحمن منيف، تضافرت مواهبهما تضافراً مذهلاً في عمل إبداعي متفرد، لإثارة جو عابق بالحيرة والسخط، بالرغب والنشوة، في خلق هذه المدينة، عمورية، التي لم يزرها القارئ يوماً من قبل، والتي بعد أن يزورها ستسكنه تهاويلها إلى وقت طويل
جبرا إبراهيم جبرا هو مؤلف و رسام، و ناقد تشكيلي، فلسطيني من السريان الأرثوذكس الاصل ولد في بيت لحم في عهد الانتداب البريطاني وتوفي سنة 1994 ودفن في بغداد انتج نحو 70 من الروايات والكتب المؤلفة والمترجمه الماديه ، و قد ترجم عمله إلى أكثر من اثنتي عشرة لغة. وكلمة جبرا آرامية الاصل تعني القوة والشدة درس في القدس وانكلترا وأمريكا ثم تنقل للعمل في جامعات العراق لتدريس الأدب الإنجليزي وهناك حيث تعرف عن قرب على النخبة المثقفة وعقد علاقات متينة مع أهم الوجوه الأدبية مثل السياب والبياتي. يعتبر جبرا من أكثر الأدباء العرب إنتاجا وتنوعا اذ عالج الرواية والشعر والنقد وخاصة الترجمة كما خدم الأدب كاداري في مؤسسات النشر. عرف في بعض الأوساط الفلسطينية بكنية "أبي سدير" التي استغلها في الكثير من مقالاته سواء بالانجليزية أو بالعربية.
قدم جبرا إبراهيم جبرا للقارئ العربي أبرز الكتاب الغربيين وعرف بالمدارس والمذاهب الأدبية الحديثة، ولعل ترجماته لشكسبير من أهم الترجمات العربية للكاتب البريطاني الخالد، وكذلك ترجماته لعيون الأدب الغربي، مثل نقله لرواية «الصخب و العنف» التي نال عنها الكاتب الأميركي وليم فوكنر جائزة نوبل للآداب. ولا يقل أهمية عن ترجمة هذه الرواية ذلك التقديم الهام لها، ولولا هذا التقديم لوجد قراء العربية صعوبة كبيرة في فهمها.
أعمال جبرا إبراهيم جبرا الروائية يمكن أن تقدم صورة قوية الإيحاء للتعبير عن عمق ولوجه مأساة شعبه، وإن على طريقته التي لا ترى مثلباً ولا نقيصة في تقديم رؤية تنطلق من حدقتي مثقف، مرهف وواع وقادر على فهم روح شعبه بحق. لكنه في الوقت ذاته قادر على فهم العالم المحيط به، وفهم كيفيات نظره إلى الحياة والتطورات.
المشهد الأول نهار خارجي بأحد نوادي العاصمة حيث يجتمع جبرا الجبرا بعبدالرحمن منيف علي احدى الطاولات بجوار تراك المشي عبدالرحمن انا عاجبنى اوى اسلوبك الفلسفي في الكتابه. بتقدر تحول مواضيع فلسفية معقدة جدا لحوار بسيط يفهمه القارىء العادى و اسلوبك الأدبي فعلا بديع جبرا العفو يا عبدالرحمن يا اخويا. هو احنا نيجي جمبك حاجه برضو. ده انت ابو الأدب و السياسه و عم الشباب و الرياضه عبدالرحمن طيب ايه رأيك نكتب حاجه مشتركه كتجربة جديدة على الرواية العربية جبرا و تعتقد دى هتاكل مع الناس عبده ناس مين يابا و هو احنا بيهمنا ناس برضو يا ابو الجبابير جبرا خلاص اشطه اتفقنا عبده هو احنا ليه بنتكلم مصرى!؟
المشهد الثاني ليل داخلي حيث مدير المطبعة أمامه عدة ملازم غير مرتبة على مكتبه و بيده سماعة التليفون ليتحدث مع الناشر مدير المطبعة انا هاعمل ايه في البوكلتس اللى قدامى دى الناشر هترتبها و تطبعها رواية بإسم الأساتذه بس بسرعة السوق مستنيها مدير المطبعة استاذ منيف باعتلي بتاع عشرين ملزمة و استاذ جبرا زيهم لكن محدش فيهم حاطط أرقام حتى ان من لخبطتي حطيتهم علي بعض و مبقيتش عارف أحمد من الحاج أحمد الناشر طيب ما انت لو قرأتها هتعرف الترتيب من تسلسل الأحداث مدير المطبعه ا هيا دي المشكلة. أنا قرأتها أكتر من عشر مرات كل مرة بترتيب مختلف و مافيش أي تسلسل للأحداث الناشر طيب كلمهم إسألهم مدير المطبعة محدش فيهم فاكر حاجه أصلا الناشر طيب انا هابعتلك الحل على واتس آب افتح هتلاقى صوره اعمل زيها بالزبط مدير المطبعه بس أنا عندي سؤال. هو احنا ليه بنتكلم مصري!؟
المشهد الثالث أنا و أنا بأقرأ الرواية و بالذات لما اخلص فصل و ابدأ في اللى بعده
رواية مليئة بالتساؤلات والأفكار والمشاعر تجمع بين الواقع ومشاهده الاجتماعية والسياسية وبين نفس الانسان والمنطق الخفي للدوافع والتصرفات كل شخصية في الرواية مصحوبة بتناقضاتها وتحولاتها وما بداخلها من يقينيات وشكوك
ببساطة لم ترق لي ليست هناك قصة ولا أحداث لا حبكة ولا هناك مايثير الفضول لمتابعة قرائتها سوى مجرد القراءة ...
عندما تأجل قراءة شيء ما لكاتب معروف وتقرأ الأعمال الأقل شهرة سترى تشابها كبيرا ثم ستقول إما أن يكون مجرد تشابه أو تأثير فكر أحدهم على الآخر ...
تجربتي الأولى مع جبرا ومنيف ولم تكن موفقة هناك الكثير من جنون وحيرة حسين البرغوثي كما في شخصية علاء أيهما قلد الآخر..؟ لا يهم ثم أنني أتسائل كثيرا لماذا يحاول الكُتّاب أن يتقمصوا شخصية الإنسان الحائر التائه الذي تؤرقه أسئلة الحياة والعبث واللاجدوى وفلسفتها؟ لماذا جميعهم يتقمصون شخصية الباحث عن الوطن والمكان الذي يحقق لهم انتمائهم الذاتي؟ ولماذا مع هذا كله لابد أن يعاقروا حياة الفسق والمجون؟ ولماذا عليهم أن يغرقوا صفحاتهم في وصف استمتاعهم بمجونهم؟ ولماذا تجتمع المصادفات في طريقهم فتوفر لهن نساء يملكن من الجمال والفتنة والفسق مايليي احتياجهم؟ أيصعب أن أكون حائرا تائها لكنني في الوقت ذاته أملك من العقلانية والمنطق مايقيم لي حياتي؟ أيصعب أن أكون كاتبا روائيا دون هذه الشخصية المستهلكة ..! ...
علاء، نجوى، أدهم صفاء، نصرت، ميادة، عمورية، عين الفجار، حسام الرعد و....و شخصيات كثيرة وغيرهم وأماكن عجت بهم الرواية في سبيل الحشو أكثر من أي شيء آخر بشكل ما.. اشتراك الكاتبين كان لغرض عرض أرائهم وأفكارهم فيما يتعلق بفلسفة الحياة ونوعا ما من السياسة شبه الوطنية ...
يحق للروائي مالا يحق لغيره على مايبدو.. تريد أن تعرض رأيا ما دون أن تنسبه لنفسك وتقول هذا رأي شخصية بطل الرواية ألف رواية بكل بساطة وهرطق بها كما تريد بكل أرائك جيدها وسيئها ولا لومك عليك طالما نفذت من مقص الرقابة ...
في النهاية.. هذه الرواية التي بلا أحداث وبلا قصة هي محاولة استعراض أفكار ومبارزة فكرية بين كاتبين تمكنا بطريقة ما في خلق نوع من التجاذب لا شيء أكثر أو أقل ..
وأنا أقرأ "عالم بلا خرائط" وألتهم صفحاته بنهم، وأتشرب أسئلة الروائيين بعطش يعتريني بشكل مُـفرط ... وكأنني ’نجوى‘ باندفاعها وجنونها، وكأن ’علاء‘ بطل حكايتي وكاتب روايتي وصاحب القلم الذي كان يُغريني ...
سحرتني أجواء الرواية، لدرجة تقمص الأدوار، ودخولي جوّها المظلم ... وبالرغم من أن المونولوج الداخلي لـ ’علاء نجيب‘ كان أكثر مما توقعته واكبر من طاقة استيعابي لمثل هذه الحوارات النفسية والاستفهامات العميقة ... إلا أنني توغلت بها قدر استطاعتي
عندما كتبت هذه الكلمات كنت قد وصلت للصفحة 172... ومستمتعة بالقراءة جدا ، ولا اخفي انذهالي كلما تذكرت أن هذه الرواية كتبها شخصان ... وها أنا الأن اطوي آخر صفحة من الرواية ولا استطيع أن أفرّق بين من كتب هذه الفقرة ومن كتب تلكَ ... نتاسق، وإندماج بالأفكار، والأسلوب لا مثيل له ... ابداااااااع
تقول نجوى العامري (إحدى أبطال الرواية):" عندما أفكر أبقى ساكنة، حالما أتحرك، أنطلق تلقائياً ... وبالطبع، قد أنطلق بالإتجاه الخاطئ".
الكتاب ذكرني بمقولة جدًا احبها «ليست مهمة الأدب أن يجاوب على الأسئلة، مهمة الأدب هو طرح الأسئلة». الكتاب يطرح كثير من الأسئلة التي تعيش داخلنا ونخاف من طرحها. بالنسبة لي لم اهتم جدًا بالقصة، ولكن صياغة الأفكار، والمشاعر والتساؤلات الوجودية للشخصية الأساسية بديعة جدًا.
قراءتي الثانية لمنيف والأولى لجبرا...الرواية متماسكة رغم أنها كتبت بقلمين مختلفين...ولكل منهما لغته ورؤيته وثقافته التي تؤثر بالتأكيد على أسلوبه
وربما لم تكن بالنسبة لي القراءة المناسبة للولوج إلى عالم جبرا...ولم تكن كذلك قريبة من شرق المتوسط لمنيف...مع أنني وجدت فيها من منيف همه السياسي والوطني
مع كل صفحة من صفحات الرواية كنت أتساءل: ما الذي يجعلني أستمر بالقراءة على نفس واحد ولا تتمة أنتظرها...أهي تلك التساؤلات الكثيرة التي تثيرها دون أن تمنحك الفرصة للإجابة...أم التأملات ووجهات النظر التي تناقشها؟؟أم حكاية المثقف وبحثه عن وطن لأفكاره؟؟
الرواية تبحر بك في عدة اتجاهات...الغربة وتداعياتها...الوطن وكل ما يمثله لنا...والحب بقصصه المجنونة شبه المستحيلة...والكثير من حكايات العائلة عبر الأجيال...والعلاقات الإنسانية التي تربط بينهم...وأثر كل جيل على الجيل الذي يليه
والأكثر من ذلك...أنها حكاية مدينة...وحكاية كاتب قلق...يبحث عن الخط الفاصل بين الوهم والحقيقة...خاصة في تلك الفترة التي عاش فيها العرب معظم انتكاساتهم وخيباتهم...ويحاول أن يرسم عالم بلا خرائط أو عالم بخرائط خاصة...كلما اقترب من حدوده تهرب منها وحاول الالتفاف عليها
"لا يمكنني أن أفسّر الأشياء برؤية واضحة، فالوهم جزءٌ من حياة كلّ إنسان، و ربما كان الوهم هو الحياةُ كلّها بالنسبة للكثيرين"
وعلاقته بمدينته"عمورية" - والتي تشبه أيّ من مدننا العربية وإن كانت كما قال المؤلفان خيالية-... وحديثه عنها هو أكثر ما جذبني للرواية...خاصة في صفحات الخاتمة...والتي لخص فيها الصراع الذي تخوضه
فإنها وإن كانت في أعماقها مدينة غافية...تشعر بشئ من الاستقرار...وتحاول التهرب من الأمور...فإن العواصف سوف تصلها...وسؤالا مريرا سوف ينطلق من أفواه سكانها..."أين كنا؟ لماذا لم نسمع؟ لماذا لم نفعل شيئا؟" إنها تكتنز الصمت...والصمت إذا بدأ بدأت بعده الزلازل والكوارث الكبرى... كم كانت تلك الكلمات بشارة لثورات الربيع العربي!!!
بينما ساءني ذلك التحرر الأخلاقي في نظرة الأبطال للحياة...فللخيانة مسميات كثيرة منمقة وتمر بسهولة وبلا عواقب...والتحرر من العادات والتقاليد عنوان لمواكبة التقدم...على الرغم من أنها بالنسبة لي واحدة من أسباب تقهقر المدن وضعفها...وليست تلك الشخوص التي لا يغادر كأس الخمر يدها ممن سيعيدون حقها الضائع...
آها...انتهينا؟؟!! وأين نجوى وحكاياتها المشاغبة وبيت المجنونة من كل ما ذكرت؟؟؟!! نجوى تلك حكاية أخرى..أبقيها بكل تفاصيلها ونهايتها حبيسة بداخلي!!
قراءة في كتاب (عالم بلا خرائط) للكاتبين عبدالرحمن منيف وجبرا إبراهيم جبرا
محمود فلاح المحادين
الكاتب عبدالرحمن منيف مواليد الأردن عام 1933 توفي عام 2004 في السعودية وحاصل على جنسيتها.. يحمل شهادة الدكتوراة في مجال اقتصاديات النفط من بلغراد، توفي والده وهو في الثالثة من عمره.... يعتبر الرجل الثاني في مجال السرد الروائي بعد نجيب محفوظ من أشهر كتبه مدن الملح وشرق المتوسط وقصة حب مجوسية وكتب في السيرة الكثير منها عروة الزمان الباهي
الكاتب جبرا إبراهيم جبرا مواليد بيت لحم عام 1920توفي عام 1994في بغداد يحمل الجنسية العراقية، معنى اسمه جبرا القوة والشدة وهي كلمة آرامية، اشتهر بكتابة مقدمات مميزة للكتب التي يترجمها، من أهم أعماله السفينة والبحث عن مسعود وروايته هذه المشتركة مع عبدالرحمن منيف، ويعتبر ناقداً فذّاً كما أنه يعد أفضل من ترجم لشكسبير
نشرت هذه الرواية للمرة الأولى عام 1982 كعمل فريد من نوعه توج الصداقة بين العملاقين بعمل يعجز القارئ عن فك أسراره، تدور أحداث الرواية في مدينة من خيال الكاتب ، تحكي قصة مقتل امرأة تدعى نجوى العامري المرأة المتزوجة التي تكون على علاقة حب مع شخص آخر يدعى علاء وهو راوي القصة ، والمتهم الرئيسي في مقتل السيدة نجوى ، وهو أستاذ جامعي متمرد...
ما يزيد في حيرتك وأنت تسافر بين ثنايا القصة المحبوكة بإتقان هو أنك عاجز عن تتبع أسلوب الكاتب، من الذي يكتب الآن؟ من الذي يتحدث؟ هل تقاسم الكتاب الشخصيات فكتب عبدالرحمن شخصية نجوى بينما تحدث جبرا كأنه علاء؟؟ من تقمص دور العمة نصرت الغامض؟ من أنشأ عمورية الخيالية؟ عين فجار؟ وغيرها! الرواية المحكية على لسان بطلها علاء تجبرك على تخيل المكان والأحداث ولعل عبقرية الكتاب ساهمت في اذابة الأحداث في الزمان والمكان وهما أهم عنصرين في أي رواية ولكنك هنا تشعر بأن عنصر النفس البشرية هو الطاغي وبقوة فأنت تسافر إلى أعماق علاء وتسبر أغوارها من الصفحة الأولى...
نجوى تلك العاشقة المتمردة التي لا تخشى خوض أي مغامرة في سبيل الحصول على ما تريد فهي إما تحصل على كل شيء أو لا شيء كما وصفتها صديقتها المقربة صبا شقيقة علاء... تم رسم هذه الشخصية ببراعة، بتناقضاتها، بحبها، برغباتها، لتقع في حب الكاتب من شخصياته ورواياته وتتعلق به تعلقاً مجنوناً يستمر حتى بعد زواجها بخلدون الذي تربطه علاقة تجارية مع صفاء شقيق علاء... قد تبدو خيوط القصة والشخصيات معقدة إلا أنك سرعان ما تمسكها وتربطها وتتعلق بأبطالها خاصة مع القفزات الزمنية في السرد بين الماضي والحاضر التي تحاول أن تشفي غليلك في البحث عن الأسباب الحقيقية حول البناء النفسي للأبطال...
لست من هواة السرد في الروايات ولم يسبق لي أن تعلقت بأسلوب سردي، ربما فعلت ذلك مع إيزابيل الليندي عدّة مرات أو ربما مع أليس مونروا ومرة مع أورهان باموق في رائعته (اسم الوردة) ذلك أنه تقمص فيها كل شيء تقريباً ولم يقتصر على تقمص الأحياء بل تجاوزه لتقمص الخيول والألوان والجثث وأعترف بأنني بقيت مذهولاً لفترة ليست بالقصيرة بعد الإنتهاء من قراءتها لذلك تورطت حينها بكيل الثناء لها ولكاتبها التركي الحاصل على نوبل للآداب.... ولكنني لا أخفي أنني وجدت ضالتي التي أبحث عنها وأنا أسافر بين ثنايا الكتاب، ألا وهي الإتحاد التام مع الأبطال حد التأثر بمشاعرهم والتعاطف معهم بل والبكاء إذا كان الموقف مؤثراً ونسيان أنهم كائنات حبرية...
تذوقت هذه اللذة مرتين في هذه الروايا حين سقطت دموعي على موقفين أولهما عندما صارحت نجوى خال علاء حسام الرعد صاحب الشخصية الحادة الذي قضى حياته بين الخيول والشعر بأنها ابنة شهاب خالد وعليكم أن تتابعوا تطور الأحداث لتستشعروا حجم الموقف وقوته ولكن انظروا وتخيلوا كيف نجح الكاتب برسمه: فانتفضت نجوى واقفة، واقتربت من حافة سرير حسام الرعد، وشمخت ازاءه بقوامها الفارع، وشعرها الأسود مسترسل فوق كتفيها وقالت:أستاذ حسام أنا ابنة شهاب خالد! رفع عينيه إليها، وقد أخذته المباغتة وقال:نعم؟ من أنت؟ -ابنة شهاب خالد فصاح حسام:لا! صحيح؟ يجب أن أحضنك يجب أن أقبلك! ورفع عنه دثاره ونزل من سريره ونهض على قدميه الحافيتين، وعانقها وهو يشهق، وقبّل خدها الأيمن وخدها الأيسر ثم كاد يتهاوى على السرير لولا أن سعيد تداركه وساعده في الإستلقاء على سريره.
أما الموقف الآخر فكان عندما أخبر علاء شقيقه أدهم العائد من خط المواجهة في لبنان حيث الدمار والقتال قد نالا من براءة ملامحه وجحظت عيناه وذبل قبل أوانه بأن خاله حسام الرعد أو الشيخ كما كان يسميه قد مات في غيابه وقد كان يحبه حبا جما: والتفت إليّ:بعد الغداء، أترافقني إلى الشيخ؟ وجدت أن الكلمات التي دربت نفسي على مجابهته بها لأشهر لم تنطلق من فمي، من الكرسي الذي جلست عليه رفعت إليه عينين صامتتين وفي الحال انفجر صارخاً:لا! وهجم علي بعينين مرتعبتين وكأنه غير مستعد لأن يصدق، وحين ظللت صامتاً وهززت رأسي دلالة أن ذلك الذي كان يخشاه قد وقع ارتمى بطول قامته على الكنبة ودفن وجهه فيها...
الرواية مليئة بالأحداث الاقتصادية والسياسية والإجتماعية فبرغم أن المدينة والأحداث خيالية إلا أن بإمكانك أن تسقطها بسهولة على أي مدينة عربية وأي زمان في القرن العشرين... ستستمتع وأنت تلاحق جريمة قتل نجوى التي أغلقت دون أن يُعرف من الذي قتلها رغم أن أكثر من طرف لهم مصلحة في موتها واختفاءها وان اختلفت الدوافع... الرواية تقع في 382صفحة ولكنها بالتأكيد من الروايات التي ستتمنى أن لا تنتهي وستودع أبطالها بألم لأن لقاءك بهم لم يدم حتى فترة أطول...
عليك أن تعلن الاستنفار العام في كل خلايا جسدك , سيالاتك العصبية , غددك الصّماويّة و حجرات عضلتك القلبيّة الأربعة ! طيلةَ قراءَتي لها كنت أشعرُ وكأني أركضْ وأركضْ .. أجري بسرعةٍ لا تسمح لي بأن أتوقف لأشرب كوباً من الماء و آخذَ شهيقاً عميقاً .. منهكاً , متورداً , فائضاً بالحياة والعدم ستكون بعدها .. غداً يوم آخر , لا عالم بلا خرائط فيه , بل مئات الصفحات من الطب الذي يعلّ القلب , سأشتاق تفاصيليَّ الصغيرة في ذاك العالم !
حبكة رائعة، منذ زمن لم أستمتع برواية كهذه، وأنا قرأتها أساساً لوجود جبرا إبراهيم فيها، وهو من أفضل الروائيين العرب عندي، ولم يُخِب ظني، بل حتى عبدالرحمن منيف للمرة الأولى أقرأ له وأنا مبهورة جداً بالأسلوب الساحر والعمق الذي تجذبك إليه الرواية وكذلك المعاني التي تسترعي التفكير والإنتباه، ولم أستطع تمييز أسلوب جبرا من عبدالرحمن ويصدمني جداً ذلك -أي تشابه أسلوبهما!-، كلاهما مبدعين.
أعجبني في الرواية شخصية العمة نصرت، وشخصية علاء الذي يروي الرواية بلسانه وحواراته الآسرة مع نفسه، ولا أعلم لمَ ذكرني علاء بشخصية آدم -والتي أحببتها جداً أيضاً- في رواية أمين معلوف (التائهون) وهي بالمناسبة من أفضل الروايات التي قرأتها :)، وأعجبني جداً الجانب الغامض الغيبي -إن صحّ التعبير- في القصة، اللعنة التي لاحقت عائلة الأبطال على سبيل المثال!
النهاية غامضة بشكل مستفز وشيّق في آنٍ واحد
.....
اقتباسات جميلة من الرواية:
" أنقذف كالسهم، وأحارب، ولشدِّ ما حاربت و خسرت، حتى الخسارة كانت لذيذة معها، كنت أقامر بكل شيء من أجل أن ترضى، أن تضيء عيناها، خسارتي هي الشيء الوحيد الذي كان يرضيها، وأخسر .. وأخسر، لا لم أخسر مرةً واحدة بل كنت الرابح الوحيد، كنت أربح دون توقف : يدها حول عنقي .. بشرتها المزروعة في ذاكرتي إلى الأبد "
" الألم أقوى محرّك في هذه الحياة ، بوسعه أن يدمّر الإنسان بقدر ما بوسعه أن يُنقذه "
" الوهم جزء من حياة كل إنسان، وربما كان هو الحياة كلها بالنسبة للكثيرين "
" أن يمتلئ الرأس بالصور شيء ، وأن يُفلح القلم في رسمها شيء آخر .. كان همي أن أجعل قلمي متصلاً بالحركة المضطربة ابداً في دماغي فيضطرب قلمي ويتحطّم بين يديّ، فأعيد الكرة مرةً بعد أخرى، أنا أعلم تماماً أن عالمي الداخلي حين أحاول صبه واضحاً على الورث؛ يختنق في عنق زجاجة ! "
" كانت أمي تقول بحزن: (يوم كان فقيراً كانت كلمة الله لا تقع من فمه، كان يحب بيته وأهله، لكن بعد أن أعطاه الله صار زنديقاً يشرب ويكفر ويهرب من البيت لا أدري إلى أين!)"
" لست أدري لماذا كنت أفرح كلما مر يوم آخر لا أرى فيه نجوى، كنت كمن يشحن نفسه باستمرار تهيؤاً لعملية ضخمة ستتطلب منه طاقة كبرى"
" قد يكتب الروائي أشياءً كثيرةً عن الحب، لكنه لا يعرف كيف يتصرف تجاه المرأة التي يحبها فعلاً "
" هذه الدنيا لا يُصلحها إلا نبيّ أو ثورة "
" في مرحلة معينة من العمر يريد الإنسان أن يهدم العالم، يريد ألا يُبقي حجراً على آخر، ويريد أيضاً بناء هذا العالم وفقاً لصورته المثالية، ولكن لأن الفرد ضعيف ولا يعرف الصبر والمثابرة، لا يلبث يكتشف يوماً بعد آخر مدى عجزه ! وهذا الاكتشاف يؤدي إلى إحدى نتيجتين: إما التسليم أو الجنون .. أغلب الناس يسلّمون، ومع مرور الأيام يقتنعون بأن تسليمهم كان الحكمة بعينها، ولكن يبقى حنين من نوعٍ ما يملأ صدورهم، خاصةً حين يتذكرون .. وهكذا يصبحون حكماء بمعنىً ما و يعيشون ثم يمضون .. أما المجانين فإنهم لا يسلّمون ولا يتوقفون عن المحاولة، وعند ذاك، يحصل شيءٌ ما. لا أعرف بالضبط ماهو هذا الشيء ولكنه من القوة والتأثير إلى درجة لا بد عندها أن يُحدِث تغييراً كبيراً، وهذا التغيير إما أن يُصيب المجنون ذاته أو أن يُصيب العالم "
" كتابة الرسائل فنٌ أهمله المعاصرون "
" أتدري أن الإيرلنديين والعرب يتشابهون بل متطابقون؟ كِلا الشعبين يحبّ الحرية لدرجة الفوضى وكلاهما مُبتلى بنفس المحنة -الإنكليز-!"
" أتعرفين ؟ ، الأصعب ليس أن يموت المرء ، بل أن يموت الذين حوله كلهم ، ويبقى هو حياً ..!"
" لو أن كل ما يخطر بالبال في الليل في لحظاتٍ من الحُلم والنشوة يتحقق ��ي اليوم التالي؛ لكانت الدنيا غير هذه الدنيا ".
كتجربة أولى مع الكاتبين لم تكن موفقة ابدا ..الرواية مليئة بالحشو ..بلا احداث بلا قصة ..الشخصيات غريبة بشكل بشعًا جدا، توغل بتفاصيل تافهة و خادشة للحياء، اللغة خالية من الدهشة ..لم يجذبني شيء في هذه الرواية !
أنهيتها لهفة وشوقا�� .... رواية آسرة، بأحداثها وشخصياتها وكياناتها ورموزها التي تستمر في الإحاطة بك والدق على رأسك للتوغل بخلاياك ، شخصيات كثيرة متشعبة لكل منها حكاية خاصة ثم تترابط جميعها بخيط واحد بشكل مميز للغاية ، بعدما قرأتها اغلقت عيناي مجمعاً الأحداث متذكراً و رابطاً ماحدث ، ومالم يحدث ، ما أردته وما أعجبني ، ما تذكرته وما خفت من عدم تذكره ... رواية أعتقد أن كل كاتب يحب أن يكتب مثلها .. نبدأ برمزية الأسماء المختارة فــ "علاء" الذي "علا" بُعداً عن الماديات .. كان علوه دوماً أدبي وشعوري لم ينصلح بالمادة ولا مقتضياتها ولم تمثل له كثيراً، بل ربما قلبت حياته ، فالمادة كما سنلاحظ هي الأمر الوحيد الذي وضع أول حجر في فشل تلك العلاقة الخائنة بينه وبين "نجوى" التي يمثل اسمها "نجواه" وسره والذي ربما تحول في الآخر إلى تقارب مع لفظ "المجنونة" والذي سمت به منزلها الذي أصبحت الخيانة تتم فيه ليناسب اسمه فعل القتل ومظاهر الخيانة التي أصبحت أكثر جنوناً بالفعل ، بعدما كانا في باديء الأمر يمارسون خيانتهم معاً في منزله على البحر في منطقة تُسمى "عين فجار" فكان اختيار جيد جداً يوحي ببداية فُجرهما !!!! "عمورية" نفسها ، اسم البلد التي اختلقها الكاتب أوحت لي في البداية بأنها المعمورة "الدنيا" بأحداثها وارتباطات وعلاقات البشر فيها ولكني قربتها في النهاية إلى العرب ، العاربة والمستعربة لأمور ذكرها الكاتب تتعلق بالسنين الرئيسية في المنطقة 1948 و 1967 و 1973 ، "علاء" نفسه قد يمثل المواطن العادي الذي حاول أن يحمل على كتفيه هم "عمورية" ومن بها وكانت نتيجة من يحاول حمل الهم وتجديد الفكر والنهوض أن تُهلكه "عمورية" والفتاة التي أحب "ميادة" الحبيبة الجديدة التي حاول أن يُنسي نفسه بها حب نجوى يجيء اسمها من "الميد" كما نقول مادت الأرض ، فنشعر أنها تسببت في ميد حياته وتحولها أو كانت ستتسبب في ذلك !! عندما بدأ الكاتب يتحدث عن أجداد علاء والسوالمة وأصولهم ومافعلوا وكيف نشأوا واتوا ، ذكرني تمامً بالكاتب الرائع محمد مستجاب وروايتيه آل مستجاب ، و العالم السري لنعمان عبد الحافظ. نفس طريقة السرد الأسطوري المبجل والمقدس للأجداد وأساطيرهم وتاريخهم الذي تتضافر فيه الأسطورة مع الواقع بشكل منسجم لا تستطيع معه رفض أي منهما. شخصية حسام الرعد من أجمل الشخصيات التي انفعلت معها ومع حياتها وتقلباتها وفرديتها المميزة وان كانت نهايته مؤلمة ، ليس لفاجعتها ولكن لأنه فقط انتهى ذكره من الرواية ، العمة نصرت من الشخصيات اللذيذة التي استطاع الكاتب أن يمزج عن طريقها الغيبيات بداخل النطاق الزمني للرواية بنبوءاتها وكلماتها القليلة الموحية، كان ينبغي على اختيار اسمي أخويه أن يتعاكسا فــ أدهم ومعناه شديد السواد وكثيفه ، هو الوحيد الذي نجا من شر السوالمة وذهب للقتال والحرب من أجل فلسطين ، بينما أخيه "صفاء" من الصفو هو الذي كان أكثرهم مادية وبحثاً عن المال !!!! فأعتقد أن تعاكس الأسماء مع تلكما الشخصيات كان سيكون أفضل وأنسب. أعجبني جداً من الكاتب أنه لم يتعرض لعلاقة علاء مع ميادة بشكل أكثرمن رمزي ليفهمه الكاتب ، وهو أن العلاقة مستمرة وذلك عرضياً تماماً ولكن مع استمرارها ولكونها شيء فرعي في الرواية لم يتحدث عن لقاءاتهما وإلا تحولت الرواية في النهاية إلى مجرد توهج جنسي بلا سبب ، فذلك حافظ جداً على كون الرواية وعدم انحدارها لذلك التيه. الحوار الذي أدرجه الكاتب مابين "علاء" و "رياض برهان" أحد أبطال روايته كتخيل من علاء ، كان أفضل ما يمكنني قراءته في ذلك المجال ، وفي الحقيقة أنا أعتبره نقاش فلسفي غير عادي وقد أستخدمه الكاتب ليتحدث بحرية وبرمزية شديدة حتى لا يلومه أحد عن فكرة الخلق والمخلوق والخالق ، الحوار مكتوب بأسلوب يجعلك رغماً عنك ترى "علاء" هو خالق شخصية "رياض" ومحاورتهما تلك في غاية التضاد والتفكر في الأسباب والمؤديات والنتائج ، فكل منهما يناقش ويبرر ويفلسف ويتسائل ويسائل عن الأسباب والنتائج والأدوار !! وفي النهاية لا يهم من قتل "نجوى العامري" ، والتي لم "تُعمر" ولم "تنج" !! في اللحظة الوحيدة التي لاقى فيها ميادة فميّدت به حياته للأبد وتم اتهامه بقتل نجوى !!!!!!!!!!!! ولكن المهم أن "علاء الدين نجيب" بطل الرواية لم تنفعه "نجابته" ولم يستطع أن يعلو بنجابته ولا ثقافته ولا فكره ولم يجد نقطة الضوء التي كان يبحث عنها لأن عمورية بكل أحداثها وشخصياتها لم تسمح له ، وربما يقصد هنا الكاتب أن الشخصية العربية المثقفة لا تستطيع التأثير كثيراً في الواقع العربي المحيط بنا لأن ظروفه وتغيراته أقوى منا بكثير ، بل أن الوحيد الذي نجا "أدهم" وتوجه للدفاع عن الوطن بحمل السلاح ، تغيرت روحه كثيراً من القتل والدماء ولم يعد ذلك البهي ذو الروح الشابة ... نتفق مع الكاتب أو نختلف في الرأي أو المباديء أو الإعتبارات ولكنها حتماً رواية ستظل عالقة بذهني لفترة طويلة .
"إن حيرة من نوعٍ ما تملؤني، لكني سأتجازوزها، لا يمكنني أن أتخلى عن مدينتي، لا أتصور للحظة أن تحارب "عمورية" لوحدها، بدوني، أن أبقى بعيدًا ومتفرجًا وفي وريدي دمٌ ينبض، وأنا بقدر ما أكرهها أعشقها، لكن لا أستطيع أيضًا أن أكون جزءًا من الجوقة، أو مخدرًا يتخدر به الآخرون، يجب أن أتروّى قليلاً .. لكي أعيد النظر في كل شيء وثمة سؤال واضح على كل إنسان أن يطرحه على نفسه، كما أطرحه على نفسي في هذه الأيام الصعبة، المخيفة، والعواصف على الأبواب: أين مكاني من هذا كله؟ هل أجده؟ هل سأكون جديرًا بالمستقبل؟ " . . . . هكذا تنتهي الرواية :) ليبقى السؤال . بين النجوم الثلاثة والأربعة .. أعترف أن منيف وجبرا حيراني ودوخاني .. ولكن العمل كان من الممكن في تصوري أن يخرج عمَّا هو أكثر وأعمق من هذه الحيرة، في هذا العالم الورقي الشاسع .. بلا خرائط .. . يبدو لي عبد الرحمن منيف في هذه الرواية كثيرًا، إذ هو البـارع في طرح الأسئلة وبث الحيرة هكذا والبحث عن الألم والجدوى والهوية وأشياء عديدة تنضح بها روايات، ربما أحتاج لأستكشاف عالم جبرا إبراهيم جبرا لأرى كيف اجتمعا في رواية . على طولها كانت شيقة
. بعد القراءة، وكما اعتدت، أتأمل تعليقات بعض الأصدقاء .. أجدها أكثر ثراءً وكشفًا لعالم الرواية ولكن شيئًا مما تحدثوا عنه لم يصلني كاملاً .. أو ضاع في الزحام . . . الرواية متاحة الكترونيًا http://www.4shared.com/office/3kxrAFh...
ضمن سياق نمطي هادئ جاءت الرواية....قصة تدور في مدينة وهمية اختلقها الكاتبان اسمها عمورية ولكن طول فترة قراتي كنت اشعر ان عمورية هي بغداد....القصة ربطتني برواية المسرات والاوجاع لفؤاد التكرلي رغم اختلاف المواضيع....السرد الروائي بطئ والهدف مشوش لا أدري كيف لاثنان من عباقرة الادب ان يجتمعا في روايةانا أؤمن ان الرواية هي خلق شخصي لا يمكن ان يشترك فيها اثنان.....عموما رواية لا ترقى الي مستوى الكاتبان ولم اجدها في مستوى اعمال منيف السابقة مما قرات.
ذات مرة قرأت :- "أن هذا العمل هو من أهم الأعمال العربية بالقرن الماضي ." الأن بعد أن أنتهيت منها أرفع القبعة احتراما لهذا القول . ولمنيف ..وجبرا ..رحمهم الله
انطلقنا من مشهد تحقيق في جريمة قتل، وانتهينا بتقرير الشرطة وبعض السطور المحرضة، المليئة بالسموم الفكرية التي في وسعها إدانة صاحبها بتهمة الخيانة الكبرى. ولكن ما الذي يحدث بين هذين المشهدين؟ لا أعتقد أن أحدا يملك جوابا عن هذا السؤال.
لا أدري ما قرأت، شذرات وعبارات حكيمة، وصف جميل، ولغة جميلة أيضا. ماذا عن الأحداث إذا؟ لا أحداث هنا، قليل من علاء وقليل من نجوى، هذيان وعشوائية كثيرين لا يظهر معهما هدف ولا مغزى. قصة الحب بين علاء ونجوى كانت ورقية أكثر من اللازم، فلم أقدر تصورها حقيقية ومعيشة، بل رأيتها صالحة للتدوين على الورق والاحتفاظ بها هناك، لا تتعدى حدود الصفحات. هذه ليست برواية بل كانت استعراضا لقدرة الكاتبين على دمج لسانيهما في صفحة واحدة، فلا يحس القارئ بتفسخ الكتابة وانقسامها إلى شطرين يستطيع التفريق بينهما.
كانت قراءة مثيرة للاهتمام، ومليئة بالأجزاء الجديرة بالحفظ والتخزين ولكنها لم تتعد ذلك، لم تترك أثرا ولا أعتقد أنها كتبت لتترك أثرا بل لتمر مرور الكرام. هذه شبه رواية، تجميعة من اللغة المصقولة والكثير من الصفحات التي كان من الممكن الاستغناء عنها (كحوار علاء مع شخصية رياض، مثلا).
"إحدى مهمات علاء سلوم هي أن يخلق القلق، أن يبذر الشكوك، أن يلقي حجرا في المياه الراكدة لعل أحدا يسمع، لعل أحدا يجيب."
لمن يبغ قراءة هذه الرواية...لا تبدأ قراءتها أبداً إلا و نفسيتك مستقرة...لأنك لو دخلتها بدون ذلك ستعيش مع بطلٍ يُرهقك بتساؤلاته الحائرة و خواطره المضطربة و نفسه الغير مستقرة. لكن خلال هذه التساؤلات و العلاقات المتشابكة تجد مجموعة من الحوارات التي تستوقفك ...بعضها تخيلي مثل الحوار بين علاء بطل الرواية و بين رياض بطل روايته (شجرة النار)..أو منقول و موظف جيداً مثل حوارية لوقيان. الأسلوب الأدبي الذي كُتبت به الرواية مرهق نوعاً ما...لكنك لو استسلمت من البداية ربما لما أكملت الرواية..أما إذا أمسكت بلجامها فلن تدعها رحم الله من كان سبباً في جعلي أسعى لقراءة هذه الرواية...كان يرى نفسه في شخصية حسام الرعد...هو أدرى بنفسه بالطبع غير أني لم أر أنه حسام...أرى إنه كان أدهم سويلم فحسام و أدهم كان كلاهما يملك نفس الأفكار و الروح و الأحلام...غير أن حساماً كانت لديه بندقية يحتفظ بها في بيته و تركها تصدأ, أما أدهم فقد حمل بندقيته و ذهب ليقاتل بها. رحمك الله يا محمد
توقعت أن تكون أفضل ... رواية غريبة تدور حول عدد رهيب من الأسئلة الوجودية وضعت في قالب قصة كاتب روايات وأكاديمي يتذكر طفولته وخاله وعمته وأخوته وعلاقته بامرأة متزوجة يتم اغتيالها ويصبح هو المتهم الأساسي في الجريمة ... الرواية بها أجزاء ممتازة في السرد والحبكة وأجزاء أخرى تعج بتفاصيل وتكرار لا أهمية لهما على الإطلاق ورغم ألفتي بأسلوب منيف وأسلوب جبرا في الكتابة لم أتمكن من التعرف على الأجزاء التي كتبها كليهما كما فعلت بسهولة شديدة مع رواية طه حسين وتوفيق الحكيم ... أتصور لو أن هذه الرواية جاءت في نصف عدد الصفحات لكانت أفضل بكثير من هذا الحشو بلا طائل الذي شاب أجزاء منها
لاني ماعرفت من كثر الوصف عن عموريه عن مشاعره ؟ عن نجوى ؟عن عائشه ؟عن سعيد ؟عن ادهم عن ابوه حررررفياً تههههت وتعبت صفحة 376 هي خلاصة الكتاب هذا او خلاصه قتل نجوى او من قتلها ، لانه المفتروض الروايه عن مقتل نجووى وماننًكر فيها اشيا ء جميله ولكن حتى هي تاهت في مجموعة من الاوصاف
هذا الكتاب هو عبارة عن هذربات لعلاء , روائي شاب , يحكي قصته مع أهله ؟ نجوى ؟ نسائه ؟ رواياته ؟ بصراحة , لم أفهم المحور الأساسي الذي أراد أن ينقله لنا علاء بطل الرواية , فطوال قرائتي للكتاب , كنت ضائعة و بانتظار لحظة توضح أو تكشف كلّ شيء , ولكني بعد الانتهاء منه , اكتشفت أني بقيت على الضياع الذي أدخلني فيه من الصفحة الأولى .. اللغة جميلة جداً جداً , وهذا هو الشيء الوحيد الذي جعلني أكمل قراءة الكتاب على الرغم من ضياعي وعدم فهمي للمحور الرئيسي أو الفكرة الأساسية منه .
الكتاب ليس سيئاً , ولكنه لم يكن جيّداً أيضاً , خضت فيه تجربتي الأولى مع الكاتبين جبرا إبراهيم جبرا و عبدالرحمن منيف , ولا أظن أنني سأكرّر هذه التجربة قريباً ...
كل فصل قائم بحد ذاته، لا أهمية للترتيب، يمكنك ان تقرأ بالترتيب الذي تريد ولا تشعر بأختلاف. هذا الامر كان مربكًا في البداية ثم اعتدته. ثم أحببته. رواية هي بحق عالم بلا خرائط.
حبيت انها تجربة جديدة لعل أحد يكررها بشكل أجمل.. عجيب غريب مشاعر تجاهه مظروبه، يزعل منيف ويفرح الربع الأول ما صدقت خلصته ونفذت منه، بعض التعابير ما حبيتها، وان تكتب يدان ولا يجعلانك تشعر شيء جميل، جربت اترك فصول و أرجعلها ما لاحظت فرق، هل بسبب انه قلمان كتبا!؟ يعيبه انه مشوش شوي فيه كذا قضية كذا قصة، رحمهما الله.
كيف اندمجت أفكار كليهما في قالب واحد... فهذا ما لم أجد له جواباً...تتجلى العبقرية بأقصاها هنا..ولا اظنها قد تجلت في عمل أدبي آخر..!
والآن بعدما انتهيتُ منها..أقول:إنها جميلة،،ممتعة،، تضرب الوتر النفسي -جداً-،، تحتاج لتأمل طويل أحياناً...ولربما قراء ثانية للفهم في أحيان اخرى. ومع كل ذلك.. أشعرُ بالاستفزاز، نفس -الاستفزاز- الذي سيطر علي بعد قراءاتي ل "من قتل ليلى حايك أو الشيء الآخر" !! فليس دائماً ما يُحرك "النص المفتوح" ذاكرتي !
الألم أقوى محرك في هذه الحياة، بوسعه أن يدمر الإنسان بقدر ما بوسعه أن ينقذه.
الوهم جزء من حياة كل إنسان، وربما كان الوهم هو الحياة كلها بالنسبة للكثيرين
هناك ما لا يتحدد بالزمان.ولا يتحدد بالمكان.شيء أشبه بالوجود المطلق،يتعدى كل حس بالزمان والمكان وينتاب المرء بغتة،على غير ماانتظار.
ليس من السهل أن يحلل الإنسان افكاره ورغباته!!
هناك لحظات في الحياة تحفر نفسها في الذاكرة إلى الأبد
الأشياء الرائعة غير معقولة !
*******
ما أشبه اليوم بالبارحة .... *هذا الصدأ الذي يغلف كل شيء حتى الروح،لا يمكن أن يزول إلا بالبارود.أما التجارة التي استمرت بالقضية..فلا تنتهي إلا بحذف التجار والأوغاد واللصوص والمدّعين!
في عالم يعوزه المنطق، يتساقط المنطقيون على الطريق*!!
في عالم من الضجيج، الكل يتكلم، ولا يسمع أحدٌ أحداً !
لا يستطيع البشر أن يتحملوا كثيراً من الواقع كثيراً من الحقيقة...
ألهذا نحلم.. ونُكثر من الحُلم ؟؟ الأفكار في عقل الإنسان مثل الرياح،مثل المياه الجارية،تأتي وتروح في كل لحظة،والسعيد السعيد من لا يفكر، من لا يشغل نفسه بهموم لا وجود لها.
نجوى..مثالٌ فاضح للمرأة اللعوب ! من شخصية علاء... بتُّ مقتنعة أن الكتاب مرضى نفسيين عن سبقِ إصرار وترصد..ولو كان مرضهم عارضاً أو خفيفاً منو نوعه بتميزه على الأقل! حسام الرعد.... كأنه مثال لرجال العروبة الذين يتقولون ويتأملون ويتألمون..دون أن يحركوا ساكناً سواء كان سكونهم برضاهم أو رغماً عنهم.
وتبقى التساؤلات...كل التساؤلات...مفتوحة بانتظار إجابة منطقية أكثر من منطقية السؤال نفسه !
عالم بلا خرائط ، رواية مشتركة لجبرا ابراهيم جبرا و عبد الرحمان منيف
في أول مصافحة لي مع كاتبين كبيرين في عالمنا العربي ، أكتشف كنزا أدبيا مشتركا ينبع بالابداع و الجمال. ولأنني لم أقرأ لأحدهما سابقا للأسف الشديد، ولأن الكاتبين يتميزان بلغة متينة و غنية ، لم أستطع أن أميّز بين أسلوبيهما في الكتابة فلم أستطع أن أعرف المقاطع أو الفصول التي كتبها منيف أو التي كتبها جبرا. على فكرة، لم يكن ذلك سيّئا أبدا، فقد بدى الانسجام جليا والأفكار مسترسلة رغم اختلاف القلم الذي كتب.
نأتي على الرواية الآن: في عالم أضاع فيه البطل علاء بوصلته ، وتراكمت عليه الأفكار و التساؤلات الوجودية و الحياتية ، نجد أنفسنا نبحث عن أجوبة لتلك الأسئلة التي يطرحها علاء الدين نجيب ، ونغوص معه في حيرته واضطراباته التي جعلت منه يبوح باعترافات خطيرة وجريئة فيما يخص علاقته بنجوى، الشخصية المركزية في الرواية. و من أسباب توهان بطلنا، قريته التي نشأ فيها، عمورية ، تلك القرية الغريبة بأهلها و عاداتها، التي جعلته محبّا لها و ناقما عليها، متشبثا بها و يتمنى الابتعاد عنها لشدة ما تثير سخطه . إطار مكاني كان له أثر كبير في نفسية الراوي و جميع الشخصيات تقريبا حتى أن ذلك الأثر يتنقل للقارئ لا شعوريا. و بين عمورية، وبين أفراد العائلة من اخوة و عمة و خال، و بين شخصيات الماضي و الحاضر ، و في تنقل بديع بين الأزمنة، كُتبت هذه الرواية ببراعة تامة ، و بحبكة جميلة تشدك اليها شدّا. (من أقرب الشخصيات الى قلبي و من أجمل المقاطع ، تلك التي تحدث فيها عن الخال، لعلني وجدت نفسي فيها.)
ملاحظة صغيرة: رغم كل هذا، أنا لا أستسيغ أبدا علاقة الخيانة الزوجية ، لا أحبذ أبدا الحديث عن علاقة حب مجنونة بين شخص متزوج مع شخص اخر. أشعر و كأن الحديث عن هذه العلاقات بكل تلقائية وبكل ايجابية تبرر ذلك الفعل و تعطيه مشروعية، رغم أنني لا أنكر وجود ذلك في اي مجتمع كان. ولكن ذلك هو الأدب، أن نتحدث في كل شيء،في مانحب و مالا نحب.
واو ايه ده رواية مبدعة مفيش كلام لوصفها ولا لتحديد اى جزء الاجمل فيها .. في البداية شوية ممل بس بعد كده حسيت مش بكاتب يكتب رواية لأ بشخص يكتب مذاكراته او اللى حصل في حياته اللى فاتت ومن وقت للتاني يخرج عن الموضوع الاساسي وهو حبه لنجوي ويتكلم عن عائلته ومن يعرفهم بسلاسة فيه شويه حشو وطبعا الطبيعي الحب المذهل الجامح لا يجده الحبيب الا في علاقة خيانه ومحرمة وان الزوج يكون عارف خيانة مراته عادي ويتقبل الامر بروح رياضية ! وكمان الغريب ان جوز نجوي هي شفته وعلاء كمان ازاى كان مسافر ؟؟!! ,, وكلام عن ربنا احيانا بما لا يليق ... واكيد الكلام عن السياسة والقمع وعدم الحرية موجود وازاى البعض بيغير بالامنيات والاخر بالكلام والقليل منهم بالأفعال . بعض مما اعجبني فيها ............
& ما لست تعرف هو الشئ الوحيد الذي تعرف ... وما تملك هو ما لست تملك ... وحيث أنت هو حيث لست أنت !
& أن يموت الإنسان هو أسهل الأشياء حينما ينتهي تذهب معه الأفكار والأحلام والأحقاد .. أما أن يموت ويُبعث ليموت في كل لحظة , أن يموت وهو حي فهذا هو العذاب الحقيقي !!
& الألم أقوي محرك في هذه الحياة .. بوسعه أن يدمر الإنسان بقدر ما بوسعه أن ينقذه !
& في النفس البشرية ظمأ يتكرر بحثا عن الماء الذي قد يرويه !
أرهــقتني حدّ الثمالة ! مثلها لا يُـقرء إلا في حالة استقرار مع النفس ! وهذا ما كنت افتقده حين بدئت بها لذلك لم استمتع بـِ اجزائها العشرة في البداية .. ولكنما بعد ان استقرت النفس والروح تغيرت الحالة ! فــ ارهقتني حد التوهان و الشرود ! وهذا ما كان ينقصني في ظروفي تلك ! ولكن لـِمّا العجب ! المْ اكن من انصار مبدأ تواطئ القدر و تجلي الصُدف .. تلك الرواية جاءت لِـتكمل عُــسر مزاجي من أشخاص هم سبب العُسر و اصحاب الكتاب " منهم استعرتها " فـَ والله لو كانت درة نفيسة في عالم الادب لن يكون لها مكانٌ في عالمي أنا .. فقد أسقطُ أُنـــاسٍ عليها فـابغتضها كما أُبغـضُهم .. نعم لستُ مُنصفة ولا موضوعية ! لذلك سأقول عن الرواية بعيدا عن ما كتبت اعلاه من مُـراهقة قارئة .. الرواية ساحرة شاردة لـِجُّل ما فيها من تساؤلات و حوارات منولوجية داخلية يستعصي على الفرد منها استدراك زخمها و استعيبها كلها .. الرواية نادرة لما فيها من سحر خاص وحيرة ! فكيف لـَ شخصان ان يتوحدا بالقلم لهذا الحد .. كنت اقرء واقول من كتب هذه الفقرة ومن كتب هذه .. حقاً تقارب الارواح يولد تناغم في الحبر والقلم :)