يتضمن الجزء الثاني من مٌلاك مصر ستة فصول كتبها باحثين اقتصاديين في قطاع المنسوجات، والصناعات الهندسية، والأدوية، والبترول، والاتصالات والسينما.
ما الذي تعنيه ماركات الشركات الكبرى التي تتحكم في حياتنا اليومية؟ من ساندوتش البرجر إلى شركة النفط التي تنتج لنا وقود السيارة؟ هل ساهم دخول القطاع الخاص في صلب الاقتصاد المصري، على مدار ما يقرب من نصف قرن من الانفتاح، في تحسين مستوى حياتنا ودفع الاقتصاد إلى التقدم أم أننا نسير في الاتجاه المعاكس؟
يتعرض هذا الكتاب للتحولات الاقتصادية-الاجتماعية التي جرت في مصر منذ السبعينات حتى الوقت الراهن، ويتتبع مسار خروج الدولة من النشاط الاقتصادي وحلول القطاع الخاص محلها في القطاعات المختلفة.
دائمًا هناك تصور أن الحكم العسكري ضد الحكم المدني هو الوسيلة الأفضل لشرح وتلخيص ما يحدث في مصر منذ 1952، ويتناسى الكل أن الصراع الطبقي وأنماط الإنتاج هي المحرك الأساسي لأي نظام سياسي، وهي التي تحدد تدخل الدولة في النشاطات المختلفة، سواء لتنظيمها أو لكي تلعب دورًا أساسيًا. يشرح جزء من الكتاب على هيئة فصول عديدة كيف تغوّلت الرأسمالية المصرية الطفيلية على أشلاء القطاع العام الناصري بعد الانفتاح، وجاء هذا نتيجة توجه سياسي مختلف لدولة السادات بالتقرب لأمريكا والتخلي عن الدور العربي الذي لعبته الدولة المصرية على الساحة العربية.
تتميز الرأسمالية المصرية بعدة خصال، أولاً أنها طفيلية وتعتمد على نشاطات شديدة الربحية وقليلة التشغيل للعمالة، وحتى الجانب التصنيعي منها يعتمد على مدخلات إنتاج مستوردة، مما يجعله تحت رحمة تقلبات سعر الدولار، وهذا ما شهدناه في 2016 و2020. تعتمد تلك الرأسمالية على الدولة في كل شيء تقريبًا، على عكس المشاع، فمن خلال صفقات فاسدة والاعتماد على البنية التحتية للقطاع العام، جاءت موجة الخصخصة والاستحواذات على شركات القطاع العام في التسعينات بعد الاتفاق مع صندوق النقد الدولي. وعلى عكس ما كان يُروج له، كانت شركات القطاع العام تحقق أرباحًا مستقرة، وقليلة هي الشركات التي كانت تعاني من خسائر. ونتج عن هذا شلل تام في مسيرة الصناعة المصرية والتطور الذي كانت قد بدأته منذ الستينات.
تحاول الدولة الآن لعب أدوار رئيسية في مجالات الاتصالات والطاقة والعقارات، نظرًا لما يشكلانه من أهمية للأمن القومي وضمان الربحية العالية من تلك المجالات، وتركت السوق المصري للقطاع الخاص الهزيل غير المتطور، وتتدخل فقط في حل الأزمات التي ساهمت في تشكيلها من البداية.