نبذة الناشر: إن هذا الكتاب ثمرة مطالعات التوحيدي ومشاهداته وسماعاته وقد ذكر التوحيدي في مطالع كتابه المصادر الرئيسية التي أعتمد عليها في تصنيفه هذا الأثر الضخم فهي تشتمل إلى جانب مؤلفات الجاحظ، على أمهات المتب المعروفة مثل "النوادر" لأبي عبد الله محمد بن زياد الاعرابي و"الكامل" للمبرد و"عيون الأخبار" لأبن قتيبة و"مجالسات ثعلب" و"المنظوم والمنثور" لأبن أبي طاهر و"الأوراق" للصولي و"الوزراء" لأبن عبدوس و"الحيوانات" لقدامة هذا عدا القرآن والسنة، ولا شك في أن التوحيدي أقدم على أختيار ما وتدوين ما دوّن بدافع من ذوقه وهواه ومزاجه وثقافته الدينية التقليدية ومذهبه الفلسفي في الاعتزال.
أبو حيان علي بن محمد بن العباس التوحيدي البغدادي، فيلسوف متصوف، وأديب بارع، من أعلام القرن الرابع الهجري، عاش أكثر أيامه في بغداد وإليها ينسب، وقد امتاز بسعة الثقافة وحدة الذكاء وجمال الأسلوب، كما امتازت مؤلفاته بتنوع المادة، وغزارة المحتوى؛ فضلا عما تضمنته من نوادر وإشارات تكشف بجلاء عن الأوضاع الفكرية والاجتماعية والسياسية للحقبة التي عاشها، وهي بعد ذلك مشحونة بآراء المؤلف حول رجال عصره من سياسيين ومفكرين وكتاب، وجدير بالذكر أن ما وصلنا من معلومات عن حياة التوحيدي بشقيها الشخصي والعام- قليل ومضطرب، وأن الأمر لا يعدو أن يكون ظنا وترجيحا؛ أما اليقين فلا يكاد يتجاوز ما ذكره أبو حيان بنفسه عن نفسه في كتبه ورسائله، ولعل هذا راجع إلى تجاهل أدباء عصر التوحيدي ومؤرخيه له؛ ذلك الموقف الذي تعّجب منه ياقوت الحموي في معجمه الشهير معجم الأدباء (كتاب) مما حدا بالحموي إلى التقاط شذرات من مما ورد في كتب التوحيدي عرضا عن نفسه وتضمينها في ترجمة شغلت عدة صفحات من معجمه ذاك، كما لّقبه بشيخ الصوفية وفيلسوف الأدباء؛ كنوع من رد الاعتبار لهذا العالم الفذ ولو بصورة غير مباشرة.
أذوب عشقاً وأنا أقرأ لفيلسوف كأبي حيان ، لديه أسلوب فريد ، جمع في هذا الكتاب من الحكم والطرائف والمواعظ و اللغة ما يأسر الألباب وخاصة مقدماته لأجزاء البصائر والذخائر في حمد الله والثناء عليه والتي أراها من أروع ما تكون ، واحد من الكتب التي لا تفارقني والتي دائماً ما أعود إليها . تحقيق الدكتورة وداد القاضي أضاف الكثير فهي لم تترك شاردة ولا واردة الإ تقصت مصدرها وسبرت أغوارها من معني ومقصد وزودتنى بالكثير من المراجع التي تملأ هوامش التحقيق لمن أراد أن يستزيد من روائع الأدب و اللغة . ينقل أبي حيان قولاً مأثوراً عن عمر ابن عبد العزيز والله أراه خلاصة للحكم الرشيد و الفهم العميق للنفس البشرية فيقول : " ما أطاعني أحدُ من الناس فيما عرفت من الحق حتي بسطتُ له طرفاً من الدنيا"
كتاب ادبى ممتع تجد فيه الادب مختلطا بالفلسفة والحكمة والفوائد العلمية واللغوية المختلفة كسائر كتب أبى حيان التوحيدى والتى لا يشبهها عندى غير كتب الجاحظ وهما من أحب الكتاب إلى قلبى ...... استمعتمت جدا بهذا الكتاب واستخرجت منه الكثير من الفوائد والكتاب يحتاج الى تهذيب لان به بعض الالفاظ والحكايات التى بها ألفاظ مكشوفة كمعظم كتب التراث التى عنيت بجمع اللطائف والنوادر والملح .
جمع أبو حيان التوحيدي هنا كل ما طاب له نفسه من مختارات.. فتارة شعر، وتارة نثر، وقليل من أقوال الفلاسفة وأخبار الخلفاء والأمراء.. كتابٌ ممتع، ونزهة أدبية رائقة.. ينقلك أبو حيان من تدبر آية إلى حديث .. ومن طرفة إلى خبر خوفاً عليك أيها القارئ من السأم والملل..
هذا كتاب عظيم .. أهم إنجاز فعلته مؤخراً هو قراءته وتذوقه، اللذيذ فيه أنك تستطيع العودة إليه لاحقاً وتذوقه مرة أخرى، مهم أن يكون في كل مكتبة، وأرى أن يطلع عليه النشء مبكرا لينمي الحس الأدبي والجمالي واللغوي لديهم ، الامتنان والشكر لزوجي فهو من دلني عليه ونصحني به وقرأه معي.
طالعت أجزاء البصائر والذخائر المتعددة؛ وأُصنفه من أدب المتقدمين، وبابه الأساسي الشوارد والقصص والأشعار. كما وضمنه التوحيدي شيئاً من الفوائد اللغوية والنحوية، ولا أنسى تدبيجاته للمقدمات والفواصل من الأدعية وابتهالاته البليغة.
الاقتباسات على كثرتها وشمولها، تعيبها عشوائتيها وسوء انتقاءها.. لم تعجبني منها سوى عشرات الشذرات من 782 شذرة. على كل يظل التوحيدي ماعوناً واسعاً من مواعين الأدب والفكر في عصره، كثير التأليف عظيم المطالعة.