إن سريان مبدأ سريَّة الدعوة عامةً هو اتجاه خاطئ يسيء إلى الفَهمِ الصحيحِ لممارسات شعائر هذا الدين. وقد أدى تكتم المسلمين الشديد إلى جَعْلِ مَن يرصدُ أمور دينهم ويتابعُها أن يُصْدِرَ أحكامًا خاطئة تمامًا، أو أن ينطبعَ في ذهنه فكرة غير حقيقة عن الإسلام، بخلاف مَن يتابعُ ممارسات المسلمين لشعائر دينهم عن كثب، ويجاورهم، ويخالطهم، فإن ذلك الذي هو مَن سيفهم الحقيقة. إنه لأمر نادر الحدوث في مِصر أن تجد معرفة المقيمين الأوروبيين سطحية عن الإسلام وعن المسلمين. أما بالنسبة للسائح العادي فهو بين أمرين اثنين لا ثالث لهما: إما أنه مِن الذين يطلقون على أنفسهم (الترجمان)، وهو في حقيقته مخادع محتال، أو أنه من الذين يعمل على محاكاة أهل الورع والتقوى من المسلمين حتى يفهم دينهم، لكنه في الحقيقة لا ينال مِن مراده إلَّا المعرفة السطحية بهذا الدين. ومع ذلك؛ فإن مدى الجهل بالإسلام في الغرب مخيف جدًّا بنفس القدر الذي يجعلنا نتساءل: لماذا يتفشَّى الجهل في الغرب إلى هذه الحد؟! فإن أي إنسان ليس لديه ما يدله على الحقيقة سوى المعرفة السطحية لنبي الجزيرة العربية وشريعته، يجب أن يتحرى عنها كما فعلتُ عندما أتيتُ لأعيش مع الشعب العربي في شمال إفريقيا، وكما عشتُ – لاحقًا – في مِصر، ثم قرأتُ القرءان الكريم بنفسي لنفسي. كم إن هذا الأمر برمته محيرٌ لِمَنْ جَهِلَه!
تشرفتُ بترجمته إلى اللغة العربية بعنوان: (أسرار مصر الخفية) - عنوان فرعي: (نقد الحركات التبشيرية والرؤية الاستشراقية عن مصر والإسلام)، تصدر قريبًا عن دار زحمة كُتَّاب للنشر، وستشارك النسخة العربية في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2022