خبز على طاولة الخال ميلاد

by محمد النّعاس

في مُجتمع قريته المُنغلق، يبحث ميلاد الأسطى عن تعريف الرجولة المثالي حسبما يراها مجتمعه، يفشل طوال مسار حياته في أن يكون رجلاً بعد محاولات عديدة، فيقرر أن يكون نفسه وأن ينسى هذا التعريف بعد أن يتعرف على حبيبته وزوجته المستقبلية زينب، يعيش أيامه داخل البيت يضطلع بأدوار خص المجتمع المرأة بها، فيما تعمل حبيبته على إعالة البيت، وهكذا يقلبان الأدوار الاجتماعية.

يظل ميلاد مُغيباً على حقيقة سخرية مجتمعه منه حتى يُفشي له ابن عمه بما يحدث حوله.
تتناول الرواية تعريفات مجتمع القرية المختلفة للرجولة، لكنها، تحتفظ بتعريف واحد للرجل الضد أو "اللارجل" الذي يكون ميلاد الأسطى رمزاً له.

تُعيد هذه الرواية مُساءلة التصورات الجاهزة لمفهوم "الجندر" وتُدين القوالب النمطية الجاهزة التي تحصر وظائف كل من المرأة والرجل في أطر مُحددة إذا تخطاها أحدهما تخطى الحد الذي سُطر له. إنها رواية الانتصار للفرد في وجه الأفكار الجماعية القاتلة، ورواية الانتصار للتجربة الإنسانية إزاء كل التوصيفات الثابتة.


- الناشر

Genres: Fiction, Novels, Libya, Contemporary, Literature, Africa

359 pages, Paperback

First published June 1, 2021

About the author

محمد النعاس، كاتب ليبي، نشرتُ في خط ٣٠، رصيف ٢٢، نيولاينز ماقازين، خارج التغطية، ولدي قصص ونصوص منشورة في آخر قصة، بلد الطيوب، ثقافات، كيكه ومواقع ثقافية أخرى. لدي مجموعة قصصية بعنوان ” دم أزرق- النّعاس وشركاءه للنشر- ٢٠١٩، كما لدي رواية بعنوان ” خبز على طاولة الخال ميلاد”، مسكلياني ورشم للنشر، يونيو ٢٠٢١

Reviews

[Pakinam Mahmoud · Rating 3 out of 5]

خبز علي طاولة الخال ميلاد..الرواية الأولي للكاتب والمحرر الليبي محمد النعاس وهي الرواية الفائزة بالبوكر لهذا العام..

تدور أحداث الرواية حول ميلاد الخباز الذي تعلم أصول المهنة من والده ثم أرسله عمه للتجنيد و أرغمه علي بيع حصته وحصة أخواته البنات من المخبز...
الرواية كلها الكاتب بيتكلم فيها عن شخصية ميلاد الضعيفة و بيوضح دة من خلال علاقته بأخواته البنات الذي كان بيصنع لهم حلوي إزالة الشعر وينزع الشعر الزائد من جسمهم بنفسه أو من خلال علاقته الغريبة بزوجته التي كانت تعمل وهو الذي يقوم بكل الأعمال المنزلية أو من خلال إلقاء الضوء علي فترة التجنيد العسكري الذي تعرض فيها لإهانات كثيرة من قائده لضعف شخصيته...

إسلوب السرد كان حلو و الكاتب كان يتنقل بين الماضي و الحاضر بإتقان ..اللغة بسيطة و غير متكلفة..
الرواية فكرتها عادية و فيها حشو و تفاصيل ملهاش لازمة وحسيتها تفتقد العمق المطلوب...
النهاية معجبتنيش أبداً كمان و لكن إسلوب الكاتب واللغة الجيدة من الحاجات اللي خلتني أقدر أكمل الرواية ولكن لم تكن قراءة ممتعة بالنسبة لي...

الصراحة كان عندي أمل في الرواية دي بس للأسف جاءت أقل من توقعاتي..
تقييمي ٢.٥ ولكن بما إنها أول رواية للكاتب بجانب إن إسلوبه كان فعلاً مميز فحرفع التقييم ل٣ نجوم...

[Sahar Zakaria · Rating 1 out of 5]

ندمت على وقتي الذي أضعته في قراءة هذه الرواية .. خُدعت في كونها فازت بجائزة البوكر ٢٠٢٢ .. ظننت أني سأستمتع بأدبٍ راقٍ وأسلوب مميز .. ولكن للأسف الرواية مليئة بالإباحية وبالألفاظ الخارجة والتعبيرات البذيئة مما يخدش الحياء ويفسد الذوق العام .. ولا أدري كيف يتم ترشيح مثل هذه الرواية لتلك الجائزة الكبيرة في مجال الرواية العربية .. نحن عرب ومسلمون .. وديننا دين حياء وعفة وخلق .. ورسالة الأدب هي الإرتقاء بالفكر والوجدان .. أما عندما يكون هناك رواية نخشى أن يقرأها أبناؤنا وأخواتنا فلا أقل من أن تستبعد من مثل هذه الترشيحات وأن تصنف بأنها رواية خادشة للحياء .. وإن لم نفعل فسنجد شبابنا من الأدباء لا يتورعون عن التعبير بمثل هذا الفحش والإنحلال في كتاباتهم طمعاً في حصد الجوائز !!

[فايز غازي Fayez Ghazi · Rating 2 out of 5]

"خبز على طاولة الخال ميلاد".. حكايات كادت ان تصبح رواية!

يأتينا هذا النص من الريف الليبي او القرية الليبية لشاب حاول الجميع ان يجعل منه رجلًا، والده وعمّه وابن عمّه والمدرب العسكري وهو ذاته. الرجل بالمفهوم الشرقي للكلمة، ربّ البيت، الآمر الناهي، معيل الأسرة، المدافع عن الشرف، الرافع لكفّه، المتحكم بإمرأته وأمّه واخته وابنة اخته، الضارب، القاطع... لكن ميلاد لم يكن كل هذا، كان يتعامل مع الناس كما يتعامل مع العجين، بلهفة، برأفة، بحنيّة بل بخضوع. حاول ان يكون الرجل الذي اراده الجميع ان يكونه فلم يستطع فحاول الإنتحار مرة اولى وثانية، لكنّه تعرّف على "زينب" التي رأت فيه ما تريد ان تراه في زوجها المستقبلي فتزوجته وبدأت الحكايات...

النصّ تقنيًا ممتاز، فالراوي (ميلاد) يحدّث أحدهم -من بداية النص الى اخره- والذي قد يكون شخصًا (صانع الفيلم) او يكون ميلاد ذاته بمونولوج طويل يسقطه الراوي على شخصية افتراضية من لاوعيه، يمزج ما بين الزمن الحاضر والماضي بإتقان، ويعرض القصص على المستمع في الحاضر ثم العودة الى الماضي لقصّ الحكايات المختلفة عن ميلاد وأهله وعمّه وابن عمّه والمعسكر، والتعليم، والمدام وغيرها بفصول مرتبطة مكانيًا (المعسكر، المخبز،..) ومرتبطة بتطور شخصية ميلاد وصناعة الخبز.... اللغة كانت جيدة وسلسة بشكل عام ومناسبة للنص.

هناك الكثير من الأفكار في هذا النص، نظرة المجتمع، التنميط، العادات، اللطشات الدينية ("ثمة نوع من العطور الخليجية والتي بدأت تنتشر في السوق، تظهر التديّن")، الخبز ورمزياته المتعددة، التحرر، عمل المرأة، الوظيفة الرسمية، الجشع، الدعارة، يهود طرابلس، أهمية المكانة الإجتماعية وحصانتها، دور المرأة والرجل، المعسكرات والتدريبات، الصداقة، الحب، الحب والزنى،...الخ

يعيب النص:

1- رواية كل الحكايات من قبل "ميلاد" اي اننا طوال الرواية نسمع وجهة نظر واحدة وكل من تكلّم في النص نقل ميلاد كلامه.
2- الحشو في حكايات كثيرة على سبيل المثال كيفية تحضير الأنواع المختلفة من الخبز
3- لا منطقية بعض الأحداث، مثل رأي اليهودي الذي التقاه ميلاد وزينب في تونس في شهر عسلهما وقال لميلاد انه لن يستطيع التعايش مع زوجته (بعد بضع ساعات)، الرحلة الثانية الى تونس، سبب ترك عمله في محل البيتزا..
4- تسطيح الشخصيات جميعها من أجل الشخصية الوحيدة شبه الدائرية (اي ميلاد).

أمّا الطامة الكبرى فهي حبكة النهاية! كيف لميلاد ان يقوم بما قام به؟ ميلاد الذي حاول الإنتحار بعد ان صفع زوجته وغضبت منه! ميلاد الذي لم يستطيع ابن عمّه ان يغيّره طوال فترة عمرهما، ميلاد الوديع وميلاد الخائن وميلاد الذي عرف قبلًا ولم يحرّك ساكنًا؟! ليس الفعل الذي قام به بل الطريقة وما أعقبها من برودة في التعاطي مع الفعل النهائي واختفاء الندم، لم أقتنع بهذا التحوّل العامودي، ولم أجد حدثًا يبرر هذا التحوّل الهائل

انطلاقًا من الخاتمة أتسآل ما هو المغزى من النص في نهايته وما هي الرسالة؟

الى ما قبل النهاية كانت الرواية جيدة لكن الخاتمة نسفتها نسفًا.
2.5/5

[Odai Al-Saeed · Rating 5 out of 5]

غداً تعلن جوائز البوكر ولو كان الخيار لي لإخترت ( خبز على طاولة الخال ميلاد) كشرف لهذه الجائزة

رواية تتدفق كالماء انسيابية السرد مفرطة بنص متموج بنكهات عدة لا
معوقات بأشكال الملل او الاقحام فيه

تجربة سردية خاصة بنكهة فريدة تجتاحك نسماتها برائحة عطر

هذه الرواية تخص مجتمعاتنا العربية بشكل خاص ففيها نظرة مضطربة للرجل وتلك المفاهيم التي تتقلدها المجتمعات التي تدعي المحافظة بينما هي في واقع الحال تهاب المجتمع فوق هيبة المبدأ.

إقرأوها في رواية للتاريخ

[Mohamed Al · Rating 4 out of 5]

كان هنالك اعتقاد شائع بأن الانتحار فعل محايد جندريًا، بمعنى أن الرجال والنساء يقدمون على الانتحار بمعدلات متساوية أو متقاربة. ولكن في الواقع وبحسب الإحصاءات فإن عدد الرجال الذين ينتحرون أكبر بكثير من النساء، صحيح أن النساء يحاولن الإنتحار بشكل أكبر، ولكن عدد الرجال الذين ينجحون في ذلك أكبر من عدد النساء. بعبارة أخرى .. الانتحار الناجح، بحسب الإحصائيات، هو فعل ذكوري بحت.

لا أعرف إن كان محمد النعاس قد اطلع على هذه المعلومة وهو يكتب الرواية، فمحاولات بطل الرواية الفاشلة في الانتحار تعزز من الصورة التي رسمها النعاس للبطل باعتباره "ناقص الرجولة" وفقًا لمفاهيم وتقاليد المجتمع الريفي الذي ينتمي له، وفشله في الانتحار لم يكن سوى حلقة من سلسلة محاولاته الفاشلة ليصبح "رجًلا" حقيقيًا.

ميلاد، وهو شخصية غريبة لا أظن بأنني صادفت مثلها في الرواية العربية، رجل يعاني من "الاغتراب" الحادّ، إن صح التعبير، وهذا النوع يتجاوز مستوى "الاغتراب" الهويّاتي الذي كان يعيشه عيسى بطل رواية "ساق البامبو" بسبب انتمائه إلى هويتين لا يشعر بأنه ينتمي إلى أي منهما بشكل كامل على سبيل المثال، وهو أكبر كذلك من "الاغتراب" الوجودي لبطل رواية "الحالة الحرجة للمدعو كاف" الذي كان يشعر بالغربة المكانية/الزمانية وهو محاط بالآخرين. الاغتراب الذي كان يشعر به "ميلاد" هو اغتراب خارجي عن المجتمع واغتراب داخلي عن ذاته نفسها.

هنالك أمران يمكن أن يقوم بهما شخص يعاني من هذا النوع من الاغتراب؟

الأول أن ينتحر وهو ما حاول "ميلاد" القيام به ثلاث مرات .. وفشل.
الثاني أن يحاول .. أن ينتمي إلى مجتمعه من خلال قمع ذاته أو إعادة تشكيلها لتصبح متلائمة مع قيم وعادات وأعراف المجتمع. كان "ميلاد" واعيًا بأنه مختلف عمن حوله من الرجال، فقد كان على عكس جميع الرجال في الرواية مرهفًا، رقيقًا، ناعمًا، يتصرف كالنساء، ويجد متعته في مجالستهن ومشاركتهن أعمالهن .. بل والقيام بها إن لزم الأمر. على العكس من "ميلاد" كان ابن عمه "العبسي" رجلاً مكتمل الذكورة، في مظهره ولغته وتصرفاته .. خصوصًا مع النساء، وإليه لجأ "ميلاد" ليتعلم على يديه كيف يصبح رجلاً، أو "فحلاً" بحسب تعبير العبسي الذي كانت لديه قدرة لا يُحسد عليها لتحويل كل شيء في الحياة إلى مادة للجنس.

تكللت محاولات العبسي في نهاية المطاف بالنجاح، فقد تمكن من إعادة تشكيل عجينة "ميلاد"، وطبخه على نار هادئة، حتى تحول إلى شخصية ذكورية ناضجة كما ظهر في المشهد الأخير في الرواية، والذي وإن كان يبدو دراماتيكيا ومبالغًا فيه بعض الشيء، إلا أنه يواجه نفاق المجتمعات الشرقية بجرأة، وكأن النعاس يحاول أن يقول من خلال النهاية بأن المجتمع الذي لم يتسامح مع شخصية "ميلاد" الذي كان يلعب على امتداد الرواية دور "جوز الستً" سيكون أكثر تسامحًا مع شخصية "ميلاد" الذي يروض زوجته حتى لو انتهى به الأمر إلى سفك دمها.

[Fatma Al Zahraa Yehia · Rating 3 out of 5]

رواية تجسد واحدة من العلاقات "السامة" التي يدخل فيها الرجل والمرأة. لم يكن أي من ميلاد أو زينب ناضجاً أو قادراً على المنح والعطاء بشكل حقيقي للآخر.

لم تكن علاقة ميلاد وزينب إلا قالباً وضعه المؤلف لتقديم فكرة الرواية، وهى الأدوار التي وضعها المجتمع الشرقي للرجل وللمرأة. الأدوار التي يجب أن تُنفذ بصرامة شديدة وبدون تداخل أو تهاون. ونصيب من يخرج عنها هو النبذ أو الوصم كما حدث للخال ميلاد.

كان إحساسي إن قضية الأدوار الجندرية للرجل والمرأة مثلت كهامش على خلفية العلاقة المضطربة بين ميلاد وزينب، والتي استولت على اهتمامي كقارئة أكثر من الخلفية المضطربة لطفولة ون��أة ميلاد كإنسان حاول أن يعيش بتلقائية فطرية رفضها وأنكرها المجتمع.

ولو وضعنا زينب وميلاد في مجتمع أكثر تسامحاً وانفتاحا، لمُنيت بالفشل أيضاً. فكلاهما خدع نفسه قبل أن يخدع الأخر. وانهار جدار الخداع عند اول أزمة، وهى أزمة عدم اتمام حمل زينب وعدم قدرتهم على تكرار تجربة الحمل مرة أخرى.

أعجبني كثيرا تناول الرواية للازدواجية التي يقع ضحيتها الإنسان العربي وهو يحاول الخروج من فخ وقيود مجتمعه.
فمهما حاولنا الهرب بعقولنا من الإرث الثقافي لمزيج الدين بالعادات والتقاليد الذي يكبل الفكر العربي، نجد تلك الافكار تهاجم عقولنا بشكل أو بأخر لتثبت لنا آنها جذور لا يمكن اقتلاعها.

ظنت زينب أنها كامرأة شديدة الانفتاح على العالم الغربي أنها سترضى بتبادل الأدوار بينها وبين ميلاد. ولكنها عادت في النهاية وضجرت وقادتها نفس العقلية التي جعلتها تنظر بعدم احترام للزوج الذي يطهو وينظف وينظم البيت. جعلتها تلك العقلية المتحجرة التي تسكنها بأن تنظر لنفسها كامرأة غير مكتملة لمجرد انها لم تنجب.

ميلاد أيضا يضرب ابنة أخته برغم كراهيته ورفضه للعنف ويقينه بأنها لم ترتكب أي خطأ، ولكن يفعل ذلك لأنه لا يستطيع مقاومة تيار المجتمع الذي يعيش فيه. لعنة وأصابتنا، ولن نستطيع التخلص منها بسهولة أبدا.

نجح محمد النعاس في خلق عالم روائي جذاب. ولكن كان يحتاج منه إلى بعض الاختصار في الوصف، كما احتاج أيضا إلى التحكم بشكل أفضل في التنقل بين الأزمنة والذي كان مشتتاً أكثر منه رابطا بين الماضي والحاضر.
هل تستحق البوكر أم لا؟ لم اقرأ أي من الروايات الأخرى المرشحة، ولكن أظن أن رغم المستوى الأدبي الجيد لتلك الرواية إلا إنه كان هناك الأفضل بالتأكيد

[زبيدة عالي · Rating 5 out of 5]

أحب قراءة الكتب،فأنا عندما أقرأ لا أطّلع على العالم المكتوب فقط، بل أدخل فيه بكل كياني ووجداني. تتملكني القصة وتتغلغل في أعماقي حتى يصبح البطل رفيقي وتغدو القرية قريتي. والأهم من ذلك هو ذاك المزاج العام الذي يصاحبني أثناء القراءة. هنا أنا أتحدث عن رواية “خبز على طاولة الخال ميلاد” حيث كنت منتشية، أطفو وأحلق بعيدًا. مزاجي رائق طوال قرائتي لتلك الرواية. فقد كانت قادرة على إضفاء جو من الهدوء والرقة وسط سرعة ورتابة أحداثي اليومية. أجد أن محمد النعّاس أبدع في روايته الأولى هذه حسبما سمعت.

بدايةً وجدت الطرح جديد فقلما يتم يتناول مواضيع تعنى بالرجولة ومفهوم الرجولة، تلك المفردة الضبابية التي ما يزال تعريفها هلامي ومتفاوت من مكان لآخر ومن تربية لأخرى. مواضيع مثل “الجندر” و الأعمال التي تترتب على كل من الجنسين بحسب ما خطّها لنا المجتمع والموروث. ما الذي ينبغي فعله كي تكون رجلًا؟ وما هي خوارم المرؤة والرجولة؟ ميلاد بطل الرواية يمثل شخصية شاب في القرية الذي يتخبط وسط كل هذه المفاهيم والتعريفات المتشابكة ويشق خطاه بكل نقاوة وعفوية غير آبه وبالمعنى الأصح هو بعيد كل البعد عن اللغط الذي يُثار حوله أينما حل وارتحل.

ثم نجده أثناء سير الرواية وقد تسربت إليه تلك الأحاديث ووصله شيئٌ من ذلك القيل والقال. “ميلاد يجلس في البيت فيما تعمل زوجته؟””ميلاد الشاب المائع الذي يقضي وقتًا مع أخواته ويساعدهن في مهامهن لا بل يدخل لعوالمهن النسائية بكل ما يتخللها من تفاصيل قد يجهل الجنس الآخر عنها مثل طرق إزالة الشعر وطلاء الأظافر وتضفير الشعر” كل هذا وأكثر بكثير نجده في تلك الرواية. ميلاد شخصية مكتوبة بعناية وذكاء فائقين. حتى أن لغة ميلاد واختراعه لمفرداته الخاصة كان أمر مدروس بذكاء. اللغة كانت بطلة هذه الرواية، مفردات عجيبة تقف عندها وتتسائل كيف وظّفها، اللغة هنا كانت تُلَمّح وتشي بالشيء الكثير. التفاصيل تصلك بوضوح والمَشاهد تقرأها ثم تراها ثم تدخلها وأنت قارئ فتصبح جزءًا من تلك الخلطة العجيبة. حتى ذكريات الطفولة والتربية وكل ما تعلّمه من والده في المخبز أو “الكوشة كما تسمى في الليبية.

ما الذي يحدث خلف كواليس المجاملات بين الأفراد؟ إنها تلك التفاصيل خلف النوافذ والستائر، تفاصيل وأسرار غرف النوم وجلسات الشباب وأقوالهم، ما هي تحدياتهم، مخاوفهم وأحلامهم؟ أسرار خلف الأسوار ومخاوف تُلاحق البطل منذ الطفولة. أشباح ساهم المجتمع في تكوينها والآن ما العمل؟ هل نفككها مرةً واحدة أم نبدأ بشيء تلو الآخر؟ ومن أين سنبدأ؟ . كما أن طريقة صياغة الجُمل واختيار المفردات كان ذكيًا. صاحبني شعور كبير بالتعاطف مع البطل طوال قرائتي للرواية. فتجده صادق معك، يشاركك أفكاره ويعرفها تمامًا فلا زيف ولا خداع. حواراته ونقاشاته مع زوجته زينب، حب الطفولة والتساؤلات خلف دوافع هذه الزيجة، كلها نقاشات لقضايا عميقة ينثرها النعّاس ما بين صفحات روايته.

جرأة في الطرح ومكاشفة للمجتمع بكل ما يحويه من علل ومشاكل كبرت حتى صارت جزءًا من الهوية والشخصية والعادات اليومية والمشاكل النفسية. أما النهاية فلن أتحدث عنها ولكنني وجدتها غير متوقعة، باغتتني واستفزتني. رواية تستحق “البوكر” وتستحق أن تُقرأ وتُناقش.

[محمد خالد شريف · Rating 3 out of 5]

رواية "خبز على طاولة الخال ميلاد" هي رواية هامة، وليس لأنها وصلت إلى القائمة القصيرة للبوكر العربية وقد تظفر بها، ولكن لأهمية موضوعاتها الشائكة المُتشعبة، وحرصها على تحدي المفاهيم الخاطئة للمجتمع، عن ما يصح أو لا يصح، أو عن المفهوم الأوسع للذكورة.

دعني أخبرك أن العنوان مشتق من المثل الشعبي الليبي "عائلة وخالها ميلاد"، وهو فيما معناه أنه تطبيق للرجل الذي لا يتحكم في نساء بيته أو عائلته، وبالطبع ستجد لهذا المثال أمثلة عديدة حتى لو اختلفت دولتك.
فنعيش قصة حياة "ميلاد" في وسط مجتمع لا يقبل إلا صورة واحدة للرجال، صورة لا بد أن تكون خشنة جلفة، يضرب النساء بسبب أو دون سبب، يطعن في شرفهم، ويعاملهم كالخُرق البالية؛ هم أداة جنسية بالنسبة له، آلة تُساعده لتُحقق حلمه الأكبر ليصبح أبو فُلان وأبو علان، يُحب أن يقهرها ويتلذذ بها، تلك هي الصورة النمطية عن الرجال، والجميل في الرواية، أنه ولأول مرة أرى تعاطفاً مع نموذج الذكورة، تعاطفاً من جانب التنشئة الخاطئة في البداية، يتربى الذكر على ما يصح ولا يصح، لا يجب أن تبكي، فالبكاء للنساء، لا تطبخ أكلك، فالطبخ للنساء، لا تقم بالأعمال المنزلية، فتلك للنساء، وهكذا دواليك، يوماً وراء يوم يُحفر بداخل الذكر أن النساء هُنا لخدمته، يتربى على أن هذا هو الطبيعي، يراه في علاقة والده بوالدته، أو جده بجدته، أو حتى أخته بزوجها، يراه في أمثلة عديدة حوله، أصدقاءه في المقهى يتحدثون حول الرجولة والفحولة والذكورة الطاغية، كُل ذلك يضع الذكر أمام خيار وحيد لا ثاني له، أن يُصبح الصورة النمطية للذكورة، بل وقد يتخذ أسوأها مثل تحول "ميلاد" في النهاية.

يحكي "ميلاد" مآسأته المُسماة حياته، التي تخللها التربية على يد أخواته البنات، ثم العمل تحت أمرة أبيه في المخبز/ البتزريا، ليكتشف والده أنه تنقصه الرجولة، فيُقرر إرساله إلى الخدمة العسكرية، فيجد هناك من الرعب أهوال عديدة، هل هذا هو ثمن الرجولة؟ الضرب والتعنيف والسب والقذف؟ لم يكن ميلاد ليُريد أياً من هذا، كان يُريد أن يخبز خبزه، وينام قرير العين.
تربط "ميلاد" قصة حُب بـ"زينب" الذي يعرفها من صغره، وهنا أعترف أن القصة أتخذت جانباً مُثيراً للاهتمام، ولكنه ساعد أن يجعل لدي أسئلة كثيرة بما تُريده النهاية رغم معرفتي مغزاها، "زينب" هي على العكس التام من نساء قرية "ميلاد" أو حتى طبائع "ميلاد" نفسه، رُبما لذلك وقع في غرامها، مُستقلة، لها آرائها المغايرة للمجتمع، تعمل بوظيفة وتطمح أن تترقى وتُحارب مُديرها الذي يُمارس ذكورته عليها! فكانا رغم كل التضاد الواضح بينهما، يؤسسان لعلاقة قوية، ربطتهم لسنين قبل أن تخذلهم الحياة، في مواقف عديدة، ووساوس المجتمع من حولهما ساعدت في أن يكبر الشقاق بينهما.

من الواضح لنا أن "ميلاد" شخصية مُتذبذبة، هو ضحية للمجتمع بشكل كبير، يقع ذنباً على عاتقه، ولكن تلك التسلسلات التي مر بها في حياته، هيأته ليكون في النمط العام للنهاية.
الرواية سودواية في أغلب أجزاءها، وحتى أكثر أجزاءها سعادة وجدت فيها قتامة، وذلك أعطى للعمل وزناً أكبر، حيث أن المواضيع المطروحة به لا تتحمل الخفة، أو حتى لمحة خفيفة منها، لغة العمل جيدة، لا بأس بها، الحديث عن الخبز أخذ أكثر من حقه في رأيي، رغم أني أؤمن أنه عامل مهم، وله رمزيات مُتعددة يُمكن أن تراها، ولكن يمكن أن نكتفي بنصف الأمثلة المذكورة داخل الأحداث ليصل معناها.
النهاية مُربكة، رغم أنني قد أستطيع فهم التطور الذي حدث لـ"ميلاد" ولكنها لا تزال مُربكة، فأحد الشخصيات الهامة لم يُبرر نفسه كفاية، والحديث كله كان من جانب "ميلاد" فقط، الذي سيجعلك تشك بنسبة كبيرة، هل "ميلاد" يتخيل كُل ذلك؟ أم جزءاً كبيراً منه؟

ختاماً..
كانت تجربة جيدة بالنسبة لي، رواية هامة، أثارت أسئلة كثيرة في وجداني خلال القراءة، وترشيح مُستحق للبوكر، رغم الصعوبة التي عانيتها في التحصل على نسخة ورقية منها.

[نورا العتيبي · Rating 1 out of 5]

خيبة جديدة من خيبات البوكر!

[Yara Yu · Rating 3 out of 5]

خبز علي طاولة الخال ميلاد

تخيل أن أول رواية تكتبها في حياتك تحصل علي جائزة البوكر وليس ذلك فقط بل تكون ثاني أصغر كاتب يحققها و اول كاتب لييبي
انه حقا لإنجاز عظيم وقيمة الجائزة ليست في القيمة المادية بل معنويا ستكون دفعه كبيرة للكاتب فيما بعد
فمبارك للكاتب الليبي محمد النعاس علي هذا الإنجاز

ولنأتي للرواية ... في البداية جذب انتباهي العنوان وأردت معرفة ماذا يعني وما الأحداث التي ورائها هذا العنوان الجذاب وإذا بالرواية كاملة بنيت علي المثل الشعبي الليبي عيلة وخالها ميلاد وهو مثل يطلق علي الرجل الذي لا يحكم نساء بيته
الرواية شملت وتكلمت عن المجتمع الل��بي كونه مجتمع ذكوري منغلق وما الذكورية والرجوله المقصودة
هل هي أن يحكم الرجل الأسرة بالعصا والحجر .. المرأة لا تتكلم ولا يسمع لها صوت أو رأي تضرب وتهان ولا حق لها في الاعتراض .. إذا وجد مجتمع ينظر إلي الرجولة هكذا فهو مجتمع بلا رجل بالتأكيد
الرواية بطلها الأساسي هو ميلاد وهو الولد الوحيد في العائلة وسط أخواته البنات .. تربي معهم وأخذ علي طباعهم
ميلاد شخصية هشه متأرجح بين ضغط المجتمع الذي يريده رجل بمرادفاته وبين إرادته ألا يصبح هكذا
وبالنسبة لي كان شخصيه غير سويه لجأ للزواج من فتاة أرادت أن تكون متحرره حتي يهرب من ضغوط المجتمع وهي أيضا غير سوية حيث أرادت التحرر فتزوجت بشاب رأت أنه سيكون مختلف عن باقي رجال المجتمع فكل منهما وجد في الاخر ضالته
الراوي هنا ميلاد فطبيعي تتعاطف معه في كثير من الأحيان .. كنت أتمني أن نري الأحداث من وجهات نظر باقي الشخصيات
الرواية كانت متوسطة وجيدة بالنسبة لاول رواية للكاتب
أسلوبه سلس ومنظم ويحسب له أنه عرفني عن المجتمع الليبي وأمثاله الشعبيه ولكن يعاب عليه الحشو والاطالة غير المبررة في أحداث ومواقف لكن حتي تزيد عدد الصفحات غالبا لابد من الاطالة
أيضا الألفاظ النابية كانت كثيرة وبلا مبرر ازعجتني كثيرا وكنت أمرر صفحاتها وإذا لم تكن موجودة كان أفضل
والنهاية ليست بسيئه كما يراها البعض غير منطقية بسبب التحول الكبير في شخصية ميلاد
ولكن هذا هو الواقع سيستجيب الإنسان لضغوطات المجتمع حوله وعاداته مهما كانت خاطئة
في المجمل بداية جيدة للكاتب وأتمني له التطور والافضل فيما هو قادم

[Nadia · Rating 3 out of 5]

العمل يلقي الضوء على فكرة التربية و التنشئة الاجتماعية و تحديد الانتماء و الهوية للطفل و تحديد معايير الذكورة و الأنوثة من خلال قصة ميلاد التي نتعرف عليها عبر لسانه و في إطار استرجاع للماضي و عودة للحاضر في إطار رؤية أحادية الجانب .
ميلاد الولد الوحيد وسط أخواته البنات و الذي يعيش هائما بين ما هو مفروض عليه من سلطة ذكورية و اجترار لقيم المجتمع و شخصيته الخاصة المحبة للطبخ و الخبز و كل ما له علاقة بالمجتمع النسائي النموذجي و من خلال حكيه ننفتح أكثر على المعايير المزدوجة للمجتمع الذي يغلب عليه الطابع الأبيسي و نتعرف على باقي الشخصيات: الام و الاب و الأخوات و الزوجة زينب و ابن العم العبسي و المدام و شخصيات أخرى ساهمت في تكوين شخصية ميلاد و لا ننسى طبعا العجين و الخميرة و هما جزء أساسي في العمل و في الحياة عموما و هي إحالة رمزية مهمة للاجتماع الإنساني منذ بداياته .
يمكن قراءة العمل على مستويين رئيسيين:
1/نفسي: ميلاد الإنسان صاحب هوية جنسية مغايرة hétérosexuel او ما يمكن الحديث انه انسان "سوي" جنسيا و لكنه فاقد للهوية النفسية و ذلك لعدم قدرته على التوحد l l'identification مع صورة الرجل /الاب نتيجة تربيته و استعداده النفسي و هذا ما يظهر فى حيرته و عدم فهمه لردود أفعال المجتمع تجاه تصرفته و حتى يمكن تبرير سلوكاته تجاه زوجته و محاولاته للانتحار .
2/اجتماعي /ثقافي: الشخصية النموذجية داخل المجتمع و اعتبارها مقياس و قاعدة الحكم على الآخرين مما جعل من ميلاد شخصية مرفوضة اجتماعيا حتى من قبل زوجته التي اختارته بسبب شخصيته التي لا تتمشى مع الشخصية النموذجية اجتماعيا و هذا ما يظهر عبر الرواية و خصوصا في النهاية.
لغة العمل سلسة و بسيطة خدمت شخصية العمل الرئيسية و كذلك أحداث الرواية رغم ما كان فيها من مط و استطراد و لكن يبرر ذلك بأنه اول عمل روائي للكاتب .

[Nada Elshabrawy · Rating 3 out of 5]

أحترم التجربة، ولكن يشوبها الكثير والكثير والكثير من المط.

[Mohamed Metwally · Rating 3 out of 5]

الرواية الحاصلة على جائزة بوكر ل2022، قرأتها وسأقوم بقراءة الروايات الأخرى التي دخلت معها المنافسة الفترة القادمة...
الرواية تعرض من خلال بعض الأمثال الليبية قصة ميلاد، وهو شخص تائه لا يجد لنفسه مكان في المجتمع "منهزم" كما يرى نفسه بسبب تنشئة خاطئة بين أخواته البنات وتواجد غير فعال من الأب، وتأثير سلبي من ابن العم، ميلاد لم يجد التواجد الذكوري الصحي في حياته ليساعده على بناء شخصية سليمة، وهو بتكوينه مرهف الإحساس، ضعيف وعوده أخضر بلا سلاح في مواجهة معارك الحياة اليومية، حتى لما قرر في النهاية ان يكون له موقف بدلا من الهروب للانتحار مرة أخرى، جاء تصرفه بشكل طفولي من شاكلة "أذاني فأذيته" ولم يتصرف بصورة صحيحة
كل فصل في القصة كان مستوحى من مقولة أو مثل كان له أثر على شخصية ميلاد وهو في رأيي اشارة الى الوعي المجتمعي المشوه الذي يكون له تأثير مدمر على تكوين شخصية صحية وسليمة في غياب التوجيه والتربية من الأسرة.
ميلاد ضحية ونتيجة لما زرع فيه.

رواية ليبية الجنسية لكن عربية الشخصية.

MiM

[يـٰس قرقوم · Rating 4 out of 5]

حسنًا يعرف الجميع اهتمامي بالأدب الليبي رغم نقدي وصراحة رأيي حول قراءاتي الشخصيّة، وباتت واضحًة للجميع أيضًا سعادتي التي أظهرتها ما أن ترشّح هذا العمل إلى القائمة الطويلة، ثمّ هووب القائمة القصيرة، ومن يدري لربما تناسب معايير وذوق الجائزة لتقطفها أخيرًا محرزةً النصر.

(عيلة وخالها وميلاد) عبارة ظهرت في السنوات العشر الأخيرة لدى المجتمع الليبيّ، تقال للرجل المتحرّر، الرجل الذي يطبخ ويرقص ويلاطف زوجته ويسمح لها بالخروج بأي مظهرٍ شاءت، ولربما يخاف الفرد الليبي من أن تُلقى عليه هذه العبارة أكثر من أي شيء آخر، يعني هذا أنّه ديّوث ولا تحتكم نساء عائلته إلى أمره، إنها في المجتمع الليبي بمثابة شتيمة قبيحة وجارحة.


نأتي إلى العمل الذي اتخذ من هذه المقولة الشعبيٍة إلهامًا ينسج منها كامل قصّته، ودعوني أقول ليس من السهولة أن تأخذ مقولة وتنفخ في خامة القماش التي تمثّلها حتى تخرج إلينا ثوب يحمل جيوب معبّئة بالحكايات، نجح الكاتب في رسم شخصيّة الخال (ميلاد) الذي قدّم إلينا القصّة بصيغة الراوي المباشر أو المتكلّم، يبدأ في سرد البيئة التي يترعرع فيها الفرد حتى تترسّخ في ذهنه عقيدة الرجل المتسلّط، يحكي ميلاد حكاية أبيه الذي كان يملك مخبزًا وعلّمه فيه صنعة الخَبز، أبوه الذي كان ينفجر غضبًا إذا رآه يجالس أخواته أو يصفف شعر إحداهنّ، يحكي لنا ميلاد قصّة صديقه (عبسي) زير النساء الذي كان يعلّمه كيف يكون هو الآخر نسخة أخرى من الرجال القاطنين هناك، يحكي لنا قصّة أخواته المتسلّطات اللاتي يتدخلن في شؤونه الخاصّة مع زوجته، يحكي لنا عن الحبّ الذي جمعه بزينب التي تقربه ونشأت معه، عن أمّه تلك الشخصيّة الغامضة والتي لم تأخذ حقّها كاملًا في رأيي، نعلم أن أبيه وعمّه هم من ألهموه تلك الأفكار المتسلّطة، أمّا أمّه فلم يكن لها وجود مباشر وتأثير صريح -إيجابيًّا أو سلبيًّا.

اللغة جيّدة وناسبت طبيعة العمل، القدرة السردية والقفز بين الماضي والحاضر كانت بطريقة رشيقة، لاحظت فقط أنّني قد بلغت ذروة الحكاية قبل أن أصل إلى المنتصف، ووجدت بعض الحشو الذي لم أجد له داعيًّا في بعض أجزاء النصف الثاني، أمّا النهاية التي اعتبرها البعض أنّها (أوفر) أو مبالغ فيها، فإني التمست الغاية التي من أجلها ختم المؤلف قصّته، كأنه أراد أن يقول (مهما تحرّرنا، تبقى بعض أفكار المجتمع سوس ينخر في رؤوسنا دون أن ندري). أحببت الرواية، وأرى أنّها تستحق التقديم والإحتفاء رغم المآخذ، وأرى أن الكاتب سيقدم المزيد والمزيد.

3.5/5

[BookHunter M ُH َM َD · Rating 3 out of 5]

هذه الرواية أوجعتني بقدر ما استفزتني. بدا لي ميلاد شخصية مشوشة. منقوصة. بل أحيانًا معدومة الرجولة بمعناها التقليدية. شعرت طوال الوقت أنّه غير قادر على أن يكون “رجلًا” بأي معنى. والسبب واضح. نشأته وسط خمس نساء. غياب الأب. وعمّ لم يهتم به. في النهاية استسلم لزينب. فأصبح “ست بيت شاطرة” بدلًا من أن يكون رجلًا بالمعايير التي يفرضها المجتمع.

❞ كنتُ أوجّه أصابع الاتّهام إلى الجميع: المادونّا وتعامله الوحشيّ معي وإرغامه إيّاي على أن أكون رجلًا، وإن كلّف الأمر حياتي، عمّي وعدم اهتمامه بي بعد وفاة أبي، وتركه إيّاي أتربّى بين خمسِ نساء، عمّ زينب الفنّان الداعر الذي تمكّن من تحويلها إلى كائنٍ لا يمكنه العيش وسط حيطانِ البلاد. اتّهمتُ الجميع إلّا نفسي. ❝

هنا يكشف ميلاد أنّ مشكلته الأساسية دائمًا عند الآخرين. يرى نفسه ضحية. ولا يواجه عجزه أمام المجتمع أو أمام نفسه.

❞ كنتُ بالفطرة منجذبًا نحو تقليم أظافر القبح حولي، قالت لي أخواتي إنّني عندما كنت صغيرًا، كانت غرفتي هي الوحيدة المرتّبة في البيت ❝

وهذا يوضح أنّ تكوينه الداخلي ميّال إلى الجمال والترتيب والرعاية. لكن المجتمع لا يرى في ذلك أي “رجولة”.

الرواية جريئة في ألفاظها وموضوعها. صادمة أحيانًا. وقد أثارت جدلًا واسعًا لحظة صدورها. لكنّها رغم ذلك حصلت على جائزة البوكر العربية سنة 2022.

رمزية الخبز واضحة باعتباره أساس العيش والبقاء. بينما الطاولة تشير إلى مكان الاجتماع العائلي الذي من المفترض أن يكون للحميمية. لكنه يتحوّل هنا إلى مساحة قهر وفرض أدوار.

ولأن السرد يتعمّق طويلًا في تفاصيل الخبيز اليومي وعملية إعداد الخبز. قد يشعر القارئ الذي لا يمتلك الصبر أو لا يحب هذه التفاصيل بالملل في أجزاء كثيرة. لكن هذه الرتابة جزء من الفكرة. فالخبز هنا ليس مجرد طعام. بل مرآة لحياة ميلاد نفسها: متكررة. خانقة. محكومة بإيقاع لا يختاره.

في النهاية تظل الرواية رحلة في معنى الرجولة المأزومة داخل مجتمع لا يسمح للفرد أن يعرّف نفسه بنفسه. هل ميلاد فاشل فعلًا. أم أنّ المجتمع هو الذي س��ّم الصورة. السؤال يظل مفتوحًا. والإجابة ستبقى معلّقة داخل كل قارئ.

[Abir · Rating 3 out of 5]

خبز على طاولة الخال ميلاد لمحمد النعّاس
هي قصة رجل أحبّ الخبز و جعل منه ملاذًا من قسوة الحياة.
إن كنت من أصحاب حساسية الغولتين، فهذا الكتاب ليس مناسباً لك. فإن نفضته ،قد تتساقط منه حبات الدقيق.
سيرة ميلاد الأسطى هي سيرة الذكورة السامّة في بلد عربي شاءت الصدف أن يكون ليبيا و لكنّه كان يمكن أن يكون أي بلد آخر.
ميلاد يروي حكايته بضمير المتكلم. هو الراوي الوحيد. لا وجود لوجهات نظر أخرى.
و كما هي العادة في القصص الشفوي تختلط هنا الأزمنة و تتداخل الأحداث و تتعدد الاسترسالات.
مما خلق بعض الإطالة التي جعلت النسق يشكو من بطء في مواضع عديدة. و هذا ما أعيبه على السرد.
و لكن اللغة كانت سليمة و جميلة و القصّ على لسان ميلاد كان عفوياًّ و ساذجًا و هذا ما يتناسب مع شخصيّته.
ميلاد الذي ولد في سبعينات القرن الماضي في ليبيا و نشأ في عائلة تقليدية كان هو الذكر الوحيد فيها وسط أربع بنات عانى الأمريّن لأنّه لم يمتثل أبدا لنواميس المجتمع و لم يشبه يوماً صورة الرجل الليبي المثالي.
ميلاد الرقيق و الحساس كان يُعدّ مخنّثا و ديّوثاً.
و هذا الضغط الذي سُلّط عليه منذ ولادته (و يسلط إلى يومنا هذا على أغلبية العرب من الذكور) كان المحرّك الأهمّ للأحداث.
محمد النعّاس يسائل فينا تعريفنا للرجولة و مدى تسامحنا مع كل ما يخرج عن ناموس القبيلة و ينجح في ذلك و هذا ما يحسب له رغم نقائص الرواية.

[Rawan · Rating 1 out of 5]

أكيد طبعا ستفوز الرواية بجائزة البوكر، فهذه متماشية مع الأجندة العالمية الشرسة التي تريد فرض الأيديولوجيا النسوية و اللوطية و التحول الجنسي على العالم، الرواية هي عبارة عن نظرية الجندر التي هي أساس الحركة النسوية اللعينة تمت صياغتها بشكل رواية، و نظرية الجندر لمن لايعرفها ملخصها أن كل من الأدوار التي يقوم بها الرجل و المرأة منذ فجر التاريخ هي أدوار فرضها المجتمع و ليست فطرية، يعني أن كل من الجنسين تتم قولبتهم من قبل الأديان و المجتمع الأبوي على هذه الأدوار و ليست فطرة بيولوجية فيهم، لذلك الحركة النسوية تعادي بشدة الأديان السماوية و مؤسسة الأسرة لأنها تراها هي الأساس في تشكيل هذه القوالب، و تسعى بكل طريقة ممكنة لتدمير مؤسسة الأسرة و كسر الأدوار المعروفة بين الجنسين،و للمعلومة هذه النظرية عليها أخذ و رد كبير جدا في المجتمع العلمي و لم يثبت فيها أي شيء حتى الآن و الأغلب أنها لاتزيد عن هراء،و إحدى أهم تطبيقات هذه النظرية هي تشجيع و دعم اللوطية فلا يوجد مايسمى برجل و امرأة بل هي تصنيفات اخترعها المجتمع الذكوري لذلك فما الفرق إذا تزوج الرجل برجل آخر أو امرأة ، كله نوع من أنواع الحب.
هذه الرواية تروج للرجل المخنث،الديوث بالمصطلح الشرعي، فالحركة النسوية عدوها اللدود هو الرجل مكتمل الرجولة الذي يحافظ على بيته و عرضه و يمنع زوجته من الانفلات الأخلاقي و ستجدها تشتمه بأقبح الألفاظ و أبشعها مثل: الذكوري السام، الشرقي المتخلف، الرجعي، المتسلط الذي يخاف حرية المرأة و إلى آخر هذه الاسطوانة المكررة، و هنا البطل لا شخصية له،يسمح لزوجته بكل أشكال الفجور الأخلاقي من تدخين و شرب الخمور و لبس فاضح في الأماكن العامة و ياحبذا لو يكون للمرأة علاقات جنسية مع رجال آخرين و يوافق عليها فهذا هو الرجل المثالي بالنسبة للحركة النسوية، صحيح أن النهاية كانت بشعة لكنك في آخر الرواية ستتعاطف معه و تلوم المجتمع المتخلف الكريه الذي لم يسمح لهذه العلاقة الزوجية الرائعة بالنمو و الاكتمال،هذه الرسالة التي يريد الكاتب أن يوصلها لك.

على فكرة مايعاني منه ميلاد اضطراب معروف في علم النفس يسمى اضطراب الهوية الجنسية و هو مرض شائع هذه الأيام بالذات عند الذكور مع ازدياد الخطاب الذي يحارب الرجولة و يشجع تخنث الرجال،لو كان زار طبيبا نفسيا مختصا لكان عالجه بكل سهولة و ارتاح من كل هذه المعاناة.

على أرض الواقع أمثال ميلاد لو تطورت حالتهم بلا علاج من الممكن أن ينتهي بهم الأمر بأن يقول لك بأنه امرأة محبوسة في جسم رجل و يقتنع بهذه الفكرة الشيطانية و يجري عملية تحول جنسي كما هو مشاهد في الغرب و بكثرة.

لمن أراد التعرف على نظرية الجندر فأنصحه بكتاب دين المؤتفكات للأستاذ عمرو عبد العزيز كتاب ممتاز من أفضل ما قرأت،تحدث فيه النظرية بالتفصيل و شرح فيه أسباب ظهورها و مآلاتها و تداعياتها على البشرية،و له أيضا قناة على اليوتيوب باسم المشكاة له فيها شرح جميل للكتاب،يوجد أيضا وثائقي غربي لليميني الأمريكي مات والش بعنوان ماهي المرأة
(What is a woman)
موجود في اليوتيوب و له ترجمة عربية
الفيلم عبارة عن كوميديا سوداء، المضحك المبكي،إذا أردت أن ترى نهاية و مآلات نظرية الجندر على البشرية شاهد هذا الفيلم و سترى العجب العجاب و ستحمد الله عزوجل على نعمة الإسلام و العقل ألف مرة و مرة.

خبز على طاولة الخال ميلاد

[Ayman Gomaa · Rating 3 out of 5]

ما بين ارضاء المجتمع و نفسه يتمزق ميلاد كقطعة الخبز الهشة فمثل ما قطعة الخبز تحتاج لمقادير مظبوطة من الاساس لابد ايضًا من درجة حرارة معينة حتي تخرج بالشكل السليم و كان ميلاد يقاوم الحرارة و سهام المجتمع في محاولة لارضاء نفسه و زوجته بالحياة التي قد يخجل منها كل الرجال المحيطين به و الثقافة البائدة في عالم توقف عنده الزمن لكنها حياة وجد فيها الراحة و الحب لكن هل سوف ينتصر الصراع بداخله ما بين راحته في حياته الت اختارها ان مقاومة المجتمع و كلامهم و نظراتهم .

“أضعت جزءاً كبيراً من ربيع سنيني وانا بين ان اقبل نفسي او اطردها”

في روايته الاولي اجاد محمد النعاس ف لغته الساحرة و سرده المتقن ان يشعرنا بالشفقة علي ميلاد احيانًا و الفرح و إن كانت لحظات عابرة قليلة في حياته المليئة بالتقلبات من اول نشاته في بيت يعج باخواته النساء الذين دللوه كثيرًا و عاش معهم لحظات تعتبر حميمة بين النساء فجعتله كما يقول عليه ابن عمه " طري " ضعيف الشخصية و هو الذي كان في نظر ميلاد الرجولة الحية بمغامراته النسائية و ضربه لاخواته بسبب او بدون سبب فقط ليشكمهم و هذا كان علي عكس طبيعة ميلاد الذي كان يعشق زوجته زينب و لكن ما بين تحررها المفرط و المجتمع الذي يخاف من نظراته كان صراعه الذي استمر حتي النهاية .

“كانت الدنيا تحشرني في الزاوية كقط يبحث عن مهرب فيتخذ قراراً انتحارياً بالولوج من تحت اقدام محاصريه”

ذكرني صراع ميلاد بصراع ذيبان في رواية طعم الذئب الساحرة , صراع ضد العادات و التقاليد لاثبات رجولتك لمجتمع بائد لازال يعيش في كهوف عن معاني للرجولة التي تستدعي الضرب و الاهانة و علي الرغم من معاناة ذيبان ف البحث عن سلامه النفسي كان ميلاد هنا اضعف من ان يضحي بالمجتمع في سبيل سعادته فقاوم و حارب ف محاولة للظفر باحترام الاثنين و هو ما كان مستحيل فكان لابد ان يخسر في النهاية .

النهاية اختلف عليها الكثيرين و انا مع البعض الذي وجدها مبتورة بعض الشئ لان مع النهاية المفجعة كان لابد ان يترك لنا الكاتب التبرير لما حصل !! هل حصل ما يستدعي ذلك ام كانت خيالات واهية ! هذا لم يتم الاجابة عنه

رواية جيدة و السرد و الشخصيات رائعين خاصة انها اول رواية للكاتب و منها حاز علي جائزة البوكر الحدث الابرز و الجائزة الاهم في الوطن العربي و مع هذا الانجاز اترقب بشدة روايته القادمة .


**************** حرق للاحداث
هجوم زينب في الاخر علي ميلاد و نعته بالمخنث و عديم الذكورة مبرره الوحيد انها لم تخنه اطلاقًا و هذا هجوم بسبب انها تفاجئت بخيانته لها اما اذا كانت خانته فما مبرر التقليل منه غير انها تقمصت دور الرجل في العلاقة بما انها التي تعمل و تصرف علي البيت و هجومها عليه برضه ساعتها غريب ! لانك اردتي زوج متحرر و لا يخضع للمجتمع و هو ما جذبها لميلاد فهل ضعفه جعلها بالمعني الشعبي تركب و تدلدل بقا و هو ما ينافي ما ارادته من الحرية .

[Ramzy Alhg · Rating 1 out of 5]

لا تستحق التقيّم .

Merged review:

أشد إستغرابي, كيف رشحت سعدية مفرح فوز هذا الكتاب بجائزة البوكر العربي, بالرغم من وجود كتب مترشحة أخرى, مثل "ماكيت القاهرة" للكاتب طارق إمام، "دلشاد - سيرة الجوع والشبع" للكاتبة بشرى خلفان، و"يوميات روز" للكاتبة ريم الكمالي، و"الخط الأبيض من الليل" للكاتب خالد النصرالله، و"أسير البرتغاليين" للكاتب محسن الوكيلي. والتى ارها جميعا افضل من هذة الرواية .

وجدتها مليئة بالإسفاف ودبل شوت من مقاطع بورنو عربية قذرة, بالرغم من تطرقها لأحد القضايا المهمة ومنها ( الديوث ) فى بعض المجتمعات العربية التى تعتبر محافظة نوعا ما , مثل ليبيا , وبعض دول الخليج, وبعض الدول العربية.

أحسست وكأنها ترغب في تمرير رؤية محددة رغم تحدثها عن العكس التبرير كان يكفي لمرور جميع تلك الآفات والتى كان أشدها أن أغلب شخصيات الرواية زناة, حتى شخصية ميلاد, لم تعالج القضية بل مررتها وبررتها, كما أن اغلب شخصيات الرواية من المعتوهين وخاصة شخصية العبسي واباه وعم زينب وغيرهم, شخصية اليهودي في تونس قضية لوحدها حكم على الزوجة بنظرة اليهود التى يخالطها الخبث.

ما هون عليّ هو صفحات الخبز التى لولاها ما أستحقت هذة الرواية نجمة .

[إيمان محمودي · Rating 1 out of 5]

روايتنا اليوم حائزة على البوكر العربية لعام 2022م مما جعلني أتحمس لقرائتها.. وزاد من حماسي ما وصلني عن القضية التي طرحها الكاتب وهي عن ميلاد الصبي الذي نشأ وتربى بين أربعة بنات وأمه وكبر وهو عاشق للخبز وطرق خبزه من والده.. وكنت كلي شوق لأرى كيف ستجري أحداثها وماهي العقبات التي ستواجهه وطرق معالجتها...

وياللصدمة والخيبة الكبرى التي تعرضت لها كان يجب على هذه الرواية ألا تبصر النور أصلا.. يجب أن تقطع وأن تحرق وتدفن في باطن الأرض ماهذا ماهذا؟!...

أنا أتسائل كيف فازت ولماذا؟ وماهي مقوماتها الأدبية؟ كيف يقيم القائمون على هذه الجائزة الكتب؟ وماهي معاييرهم في الاختيار؟.. لا يغفر له سوى طريقة انتقاله من الماضي إلى الحاضر بشكل محبوك أما الباقي لاشيء صفر مكعب هي فقط قصة رويت من طرف واحد لشخص عاش يتمردغ بالحرام تحت ذريعة الضغوطات والرواسب النفسية اللامنطقية مع نهاية لم أفهم لها أي سبب منطقي ..
لم يقدم الكاتب لي شيء سو الإسفاف والألفاظ المقرفة و الخادشة جدا جدا جدا والتي لم تخدم القضية أبدا.. لم يدعنا نسمع وجهة نظر باقي الأطراف ولم يقدم لنا الحلول لتجنب الغوص في وحل الحرام جعلني أشهر وكأن المجتمع كله هكذا هل من المعقول ألا توجد ولا شخصية واحدة فقط جيده وصالحة لتمثل الجانب الصالح الذي يحاول انتشال بطل القصة من قاع الوضاعة ..

فعلا شيء مؤسف جعلي أفكر هل وصل بنا الحال لكي نصل للشهرة والعالمية علينا أن ننحط إلى هذا القدر.. أم هو مخطط لاستدراج الشعوب العربية لتنحل أخلاقيا وتستسيغ الخطأ وتعتبره حرية شخصية..

الكتابة ليست هكذا.. الكتابة رقي واحترام.. الكتابة فكرة ونقل للواقع لكن ليس لهذه الدرجة من القبح والقرف وياللهول أصبحت مع جائزة للأسف...

رواية لا أنصح بها أبدا برأيي هي وصمة عار على الأدب و على تاريخي في القراءة ومضيعة لوقتي الثمين...
تقييمي 1/10
إيمان محمودي

[Aliaa Mohamed · Rating 4 out of 5]

هي رواية تُشبه رغيف الخبز، المكونات قد تبدو بسيطة للوهلة الأولى، مثل الخبز تمامًا، مجرد دقيق وماء وخميرة وملح، ولكن بتشكيل المكونات سويًا، يخرج لنا من رحمه منتجًا لا يشبه أصله في شئ، ولكن حتى نحصل على ذلك لابد من اتباع الخطوات بحذافيرها وعدم التعجل في مرحلة العجن أو التخمر أو التسوية.

نحن هنا أمام بطل الرواية، ميلاد أو الخباز الذي سيصنع لنا من قصة حياته خبزًا، سيحاول أن يجعله لذيذًا، كما يحب وكما تعلم، ولكن ربما كان الناتج في النهاية مخالفًا لما تمناه.

ميلاد الشاب الليبي الذي يخرج من كنف أسرة السواد الأعظم منها سيدات، أربع شقيقات وأم، وأب يحاول إعادة تشكيل نجله بعدما شعر بأنه فسد بسبب اقترابه اللا نهائي من شقيقاته، لدرجة تجعله جزءًا منهن ومن حياتهن في المراهقة دون شعور بالخجل.

يحاول ميلاد استعادة ذكورته، تارة باللجوء إلى العسكرية، وتارة بمحاولة تزييف صورته الخارجية، وتارة بصفع شقيقته، ولكنه يستعيد حقيقته المجردة في المخبز أو الكوشة، كما يُطلق عليها، لينصهر مع الخبز مشكلًا حياة مطهوة ساخنة.

يسرد لنا ميلاد قصة حياته ولكن ليس بالشكل الاعتيادي الروتيني، فنجد مقتطفات من ذكريات حديثة ممزوجة بقديمة ثم أحدث فأقدم، وهكذا، في عجان واحد.

الرواية تحاول أن تكشف لنا عالم ذكوري أنثوي، ميلاد بطابعه الأليف الذي يترك زمام الحياة لزوجته ويتكفل هو بمشاغل المنزل، وزينب الزوجة التي تدخل صراعين بين زوجها ومديرها في العمل، والمدام الغامضة التي نكتشف هويتها في النهاية، وما بين هذا وذاك هناك العبسي الذي يسمم بدن ميلاد بما يقوله الناس عنه وعن رجولته الناقصة، إلى جانب الشقيقات الأربعة اللواتي هربن من العراك رغم أن لهن عاملًا كبيرًا فيما وصل إليه بطلنا.

ولكن، هل خرج الخبز في النهاية ناضجًا وشهيًا ولذيذًا؟ بما تذوقته في النهاية شعرت بشيء ناقص، ربما هي النهاية التي لم تعجبني بشكل كافِ، ربما لأنني تمنيت خاتمة أفضل مما حدثت، ربما لتعلقي بشخص ميلاد وشعوري بأنه ضحية الجميع بما فيهم خبزه!

الخبز النهائي لم يكن ناضجًا بالدرجة المثالية، ولكنه لم يكن نيًئا في الوقت نفسه، ربما احتاج لمزيد من الوقت حيث شعرت ببعض التعجل من ميلاد في إخراجه.

هل تستحق تلك الرواية الفوز بجائزة البوكر؟ في البداية أؤكد أنني لم أعد أهتم كثيرًا بتلك الجائزة ولم يعد بداخلي أي مصداقية تجاهها منذ سنوات.

ولكن هل يستحق خبز ميلاد الجائزة؟ حقيقة لا أعلم، لم أقرأ سوى عمل واحد آخر مرشح للبوكر وهي رواية ماكيت القاهرة، كان عملًا مميزًا بالفعل، ولكن بالنسبة لي من الصعب بل من الإجحاف محاولة المقارنة بين عملين لا رابط بينهما سوى تواجدهما في قائمة المرشحين لجائزة ما، كل رواية منهما لها طابعها المميز ومن ثم لا أستطيع الإجزام بمن يستحقها.

شعرت أن تلك الرواية لكانت قد وجدت احتفاءً أكثر من هذا لو لم تكن جزءًا من سباق جائزة البوكر، الجائزة وضعت ثقلًا زائدًا على خبز هش يحتاج لمعاملة خاصة.

في المجمل، أحببت الرواية بغض النظر عن النهاية، أحببت طريقة السرد التي حولت مكونات رواية قد تبدو عادية وتقليدية إلى منتج عالِ المستوى وإن كان يحتاج لوقت أطول في التسوية حتى ينضج تمامًا كما قلت، ولكن بالنظر إلى كونها الرواية الأولى للكاتب فهو عمل يستحق الاحترام والثناء.

نهايةً، لو وددت شكر جائزة البوكر سيكون فقط لكونها جعلتنا على علم بكاتب واعد، وغلاف رائع.

التقييم النهائي بين 3.5 وأقرب لـ 4.

[Eman Elshazly · Rating 1 out of 5]

ازاي دي حصلت على جائزة البوكر ؟ لا ترقى للحصول على جائزة من مركز شباب بولاق الدكرور والله!
Overrated جدًا
الفاظ كتير بلا داعي ، تصوير مشاهد الخيانة مقرف
بغض النظر عن فعل الخيانة نفسه اللي بقى منتشر ف الكتب والواقع لدرجة انه بقى مُستحل واتحط لع مبررات..
خسارة عنيا اللي اتمققت فيها والله 🤦🏻‍♀️

[Nadine Yosry · Rating 4 out of 5]

رواية لطيفة جداً، بتتكلم عن مكانة المرأة في المجتمع الليبي وازاي بيتم النظر ليها. ومش بس المرأة، انما الراجل وتعريف المجتمع للرجولة.
كل ده عن طريق الشخصية الرئيسية، ميلاد.
عندي شوية تحفظات على شخصية ميلاد، هتكلم عنها بالتفصيل في الڤلوج اللي هعمله قريب

[Fatima Salman · Rating 1 out of 5]

رواية تحمل أفكارًا مهمة، لكنها تفتقر إلى الأسلوب الأدبي الممتع والجاذب.

بطل الرواية، وهو الراوي، يظهر كشخصية "رخوة"، تشكك في مفاهيم الرجولة التقليدية، وكأن الرجولة قيدٌ لا هوية. كائن ممزق بين ذاته الحقيقية وصورة الرجل المفروضة عليه.

في قلب هذه الحكاية، يتقمص البطل دور المرأة؛ يجلس في البيت، يطهو، بينما زوجته تخرج للعمل وتنفق عليه.
وحين تنفد الأفكار، يستعين الكاتب بالجنس ليملأ الصفحات، وكأن ذلك ما يكفل الفوز بالجوائز!

ومع كل هذا "الضعف"، يفاجئنا البطل في النهاية بفعلٍ صادم، كأنه يصرخ: "أنا موجود، ولو عبر ارتكاب الأشنع!"

رأيي النهائي؟
رواية لا تستحق القراءة. مضيعة للوقت والجهد، ولا ترتقي بذائقة القارئ أو فكره.

[Kholoud · Rating 4 out of 5]

رواية عن المجتمع الذكوري ولكن من زاوية مغايرة.

بطل الرواية ميلاد شاب لا أريد قول حساس ولكنه أقرب ل "إنساني" "طبيعي" لكن المجتمع يصمه ويعده ناقص الرجولة لانه لا يريد خوض العراكات العنيفة والسب، لا يحاول فرض سيطرته على النساء التي في حياته، لا يضربهن من باب تسلية الوقت كما ورد على لسان شخصية ما بالرواية، يهتم للأمور المنزلية التي كتبها المجتمع باسم المرأة، يبكي ويهتم بمشاعر الآخرين.

رواية جميلة واقعية تخليك تحط نفسك مكان ميلاد وكل الضغوطات المجتمعية عليه أنه يكون جاف قاسي جلاد عربيد عشان يكون راجل.
ماعدا النهاية مش واقعية ولا تشبه لشخصية ميلاد.

[Shatha Saleh · Rating 3 out of 5]

أعترف بأن الرواية استفزتني منذ صفحاتها الأولى، وبأنني لم أستسغ شخصية بطلها ميلاد منذ البداية!
لكنني مع مرور الصفحات بدأت أتعاطف معه بل وأتورط معه، فتى يافع يعيش بين مجموعة من الأخوات اللواتي تولين مهمة تربيته والاعتناء به، أحاطت به الإناث من كل جهات المنزل فلم يكن معزولا عن حياتهن أبدا، وعندما خرج إلى عالم الذكور استنكر كل من فيه تعاطف هذا الشاب مع المرأة ومشاعرها واحتياجاتها، كلهم دفعوه على التنكر لها، كلهم دفعوه على إبراز صورة الرجل -التي يراها المجتمع حقيقة وهي صورة بشعة مشوهة- فما كان له في النهاية أن يفعل إلا ما فعل، هكذا يصبح التطرف مبررا أو لنقل منطقيا في مجتمع لا يرى للأنثى وجود إلا في الهامش أو أقل…

رواية تعكس الكثير من الواقع في العديد من بلاد العرب ولكنها محشوة بالوصف المقذع والمشاهد المخلة غير الضرورية،، أرى الفكرة جيدة من حيث المبدأ والطرح لا بأس به ولكن هذه المشاهد أزجعتني كثيرا،،

أما السؤال الذي ألح علي طيلة الرواية فهو أليس من الممكن أن يخرج المجتمع شخصية سوية تربت على يد إناث؟!
والجواب هو بالطبع
فالأم هي المربية الأولى والأنثى هي الحاضنة الأجمل لأفضل ما قد يكون عليه الرجل

المشكلة إذا ليست بإحاطة الإناث بالذكر وإنما بنظرة الأنثى لنفسها قبل نظرة المجتمع لها، وقبولها لشروطه حتى وإن أبدت غير ذلك (زينب نموذجا)، كان يمكن لهذه الرواية أن تصعد لمستويات أعلى بكثير إن قدمت نموذجا آخر تتشابه حياته مع حياة ميلاد وتتقاطع معه في نقاط عدة ولكن مآلته تكون للأفضل لأن هذا أمر يمكن حدوثه بل يحدث فعلا في مجتمعاتنا وبهذا نخرج بعمل فني أكبر قيمة وأكثر إنصافا بل يطرح المشكلة ويساهم باقتراح حلول لها لا أن يصور المجتمع على أنه بهذا السواد دون أن يبدي أي بصيص أمل لمستقبل أفضل.

[Farah Tarek · Rating 4 out of 5]

نشكر البوكر انه عرفنا عالروايه....بعدين نرمي البوكر و المقارنات في الزباله و نحاول نشوف الروايه كأنها صدفه
كاتب معرفوش قصه معرفهاش و غلاف جميل ...عشان في النهايه " بعيدا عن النهايه نفسها " احبها ..
انا مهنجه شويه بما اني لسه مخلصها من دقيقتين و الحكم تحت الصدمه دايماا متسرع ...بس في المجمل حبيتها اه
الأسلوب الدافي
...الخبيييييز
شخصيه ميلاد...شخصية ميلاد تاني ...محكمه اوي و مجسمه اوي دافيه و محبه و حنونه و ضعيفه و مشتته و سهله الانقياد و عاطفيه و غبيه و حساسه.....الجانب ال" الانوثي " كان مثير ليا كقارئ اكتر منه كعامل استفزاز في أحداث الروايه " مع اني اشك ان دا غرض اصلا "
مع العلم ان احد عيوبي اني بشوف الشخصيه و اتعاط�� معاها و بعزل نفسي عن نظره المجتمع الي الكاتب اصلا بيبقي بيحاول يبروزها عشان اخد بالي من ظروف الشخصيه
.....الخبيييييز
و كل علاقه من علاقاته و كل شخصيه تعامل معاها كانت بتكشف فيه عمق جديد من أعماق كتير لميلاد
.....الخبيييييز
القصه نفسها بسيطه بس بعرضها في شكل فصول و عناوين بازمنه مختلفه مع اسلوب السرد نفسه كان بيشد
....الخبيييييز
النهايه رغم ان كتير اكلم عنها ادت عنصر مفاجئه مش وحش
الي ينقصها ان في قصص كانت مبتوره، و في تصرفات مكنتش مبرره ، تسلسل الأحداث في الاخر لخبطني سنه ...دا و اني زي الحماره قعدت لنص الروايه فاكره ان المدام هي مراته عادي مش شخصيه مختلفه ....اه و كنت هنسي الخبيييييييز
بس كده...
تنويه: قد يخضع هذا الريفيو للتعديل بعد ما اهدي كده

[Abeer · Rating 5 out of 5]

رواية مؤلمة ، تسرد تفاصيل حياة أحد النماذج التعيسة من الرجال في عصرنا الحالي ، الذي يحاول أن يثبت رجولته لكن يجافيه التوفيق ، رغم موهبته في صنع الخبز والحلوى والبيتزاريا "البيتزا" إلا أنه لا يمتلك أي موهبة في مواجهة مخاوفه وفي التمرد على العادات والتقاليد البالية ، وهناك نماذج حية رأيتها بعيني مثل هذا الرجل لا يجد تعويضا عن شعوره الداخلي بعدم الكفاءة و العجز عن إخضاع زوجته له إلا بارتكاب أفعال غير سوية وسلوك بهيمي ،دائما يعجز عن المواجهة وإثبات وجوده فيجبر زوجته على السقوط في الخطيئة . وعندما يشعر بعدم الاستحقاق والرفض يفرغ شعوره الداخلي بالعجز بالشباب والعنف الجسدي.
ببساطة هو في صغره تعرض لقمع من الأسرة فنشأ ضعيف الشخصية جبانا لا يملك أي طموح ، يتقبل سيطرة أخواته وأمه عليه ويرغب أن تخضع لها زوجته ، لكن كيف وهي الفتاة المتعلمة المتأثرة في نشأتها بعمها الفنان ذي العقلية المتحررة المنفتحة على الثقافة الغربية ، فتتمرد وتخضعه هي لإرادتها .
لكن إلى حد أن تتحول الدفة في يوم ما ويتغير مسار الأحداث ويحدث الانقلاب أو الزلزال الذي يكشف كل منهما على حقيقته أما الآخر .. ويضاعف من الضغوط التي تمارس على ميلاد عدم إنجابهما .. فيصيبه ذلك بالشعور بالنقص ويثير بداخله عاصفة من غضب مكتوم تنتظر فقط شرارة وقليل من الجاز لأن تتسبب في إشعال حريق هائل يحرقه هو وزوجته زينب ، لا لذنب سوى قوانين المجتمعات الظالمة التي تقبل عمل المرأة لكنها تسلبها حقوقا أخرى ، ومنها حق طلب الانفصال والعيش باستقلالية إن انفصلت عن زوجها .
من هنا تتعقد الحكاية وتتشابك خيوطها ، فالجزء الأخير من الرواية التهمته التهاما رغبة في معرفة نهايتها ..
باختصار هي أزمة الرجل والمرأة في مجتمع عجز عن تحرير كل منهما ، تحرير فكري وعقلي كما يجب وبما يتوافق مع عصرنا الحديث الذي رغم كل ما عشناه فيه إلا أننا مازلنا نرزح تحت الأفكار البالية التي توارثناها عن أجدادنا ، رغم علمنا أنهم عاشوا في زمن مختلف تماما

[آلاء · Rating 2 out of 5]

2.5 الفكرة نفسها جذابة، لكن جاءت مع رغي كتير بلا هدف، ومعرفتش المفروض يوصلنا إيه من القصة يعني أعمل إيه؟!.. بصراحة اتحمست زيادة قبل ما أقرأها 🙂
Sun, Mar 19, 2023

[Mohamed ندا) · Rating 4 out of 5]

خُبز على طاولة الخال ميلاد
المجتمع كفرن، والإنسان كرغيف من الخبز

تمهيد

للوهلة الأولى يبدو أننا أمام رواية تستجوب مفاهيم الرجولة في المجتمعات العربية، خصوصًا المنغلقة منها كالمجتمعات الريفية والبدوية وما يماثلهما، وهو أمر لا يجانب الصواب في العموم، لأن هذا العمل السردي يشرّح التعريفات الدارجة للرجولة من خلال عدة مواقف يتعرض لها بطل الرواية وترد على ألسنة محاوريه، وبالتبعية يسلط النص الضوء على ازدواجية المعايير التي تحاكم الأنثى وتغض الطرف عن الرجل، وكما ركزت الرواية على أسباب اضطهاد (وربما احتقار) المرأة وفقًا لأحكام الأعراف والتقاليد وتشريعاتهما، فقد تفادت مناقشة القضية ذاتها من المنظور الديني، الذي تعد تفاسيره المغلوطة رافدًا أساسيًّا يغذّي الأعراف وتنهض عليه التقاليد، الأمر الذي لا أعرف هل يحسب للكاتب، أم يؤخذ عليه (يأتي هذا في ظل توتر أنباء عن سحب وزارة الثقافة الليبية لتهنئتها للنعاس، أول روائي ليبي يفوز بالبوكر، لأن روايته تسيء للذات الإلهية والمعتقدات الدينية، الأمر الذي يضعنا -إن ثبتت صحته- أمام كارثة بكل المقاييس)
بيد أن هذه الرواية، التي يتصدّر الخبز عنوانها وغلافها (رغم تحفظي على اعتماد عنوان من خمس كلمات كان من الممكن اختزالها حسب رأيي)، تُصوّر العالم برمته كفرن كبير ينضج فيه الإنسان (الخبز) وفق مقادير محدّدة وأجواء تسهم في تكوينه وتحدد ملامح شخصيته.
لي مأخذ أخير على الغلاف، وهو إفصاحه عن وجه البطل، الأمر الذي يفرض نوعًا من الوصاية على مخيّلتي كقارئ يحب أن يُشكّل ملامح الشخوص كما يستخرجها من بين السطور.

ميلاد والخبز: خالق أم مخلوق؟

عندما يتحدث ميلاد عن كيفية تحضير الخبز، يتحدث بشغف عاشقٍ، ووله مريد صوفي، ربما لا يكون ميلاد على سجيته إلا وهو مطمور بالدقيق، ويداه مخضبتان بالعجين والخميرة، ممارسًا فعل الخلق الخاص به. يتلقى عن الأب الغليظ -الذي يرى أن تكميم المشاعر الأبوية أحد مظاهر الرجولة، فيكتفي بأن ينهر ويعاقب دون أن يقوّم أو يأتي بأي فعل تربوي مفيد- مقادير الخبز، وهي مقادير ماديّة ملموسة، ومقادير غير ملموسة تسهم في إنضاج العجين في رحم الحياة المفتوح على الأفق، الوقت والهواء عاملان مهمان في صنع الخبز إذن، وهكذا، مع توالي الفصول وتعاقبها على مطارح/أفران حياتية خُبزت وعُجنت وتخمّرت فيها شخصيّة ميلاد، تتبلور الفكرة الرئيسة لهذا العمل؛ إذ أن ميلاد هو الخبز الذي تصنعه المجتمعات العربية المنغلقة على نفسها، وانطلاقًا من هذا الإسقاط الهام الذي أجاد الكاتبة دمجه في بنائه السردي، يجوز للقارئ أن يطرح مئات التساؤلات عن ماهية المكونات الني تستخدمها المجتمعات العربية بغية إنضاج خبزها؟ وفي أيّة أفران حياتيّة وبيئيّة تتخمّر هذه العجينة الآدمية التي تكتمل مقاديرها السبعة بنفحة إله يبث في العجين قبسَا من روحه؟

بنية المكان والموروث الشعبي

أحببت تقسيم فصول العمل وعنونتها وفق المطارح والأمكنة التي تناوبت على ميلاد إبّان نشأته وحتى تمام نضجه. بداية بالمخبز ونهاية بالمطبخ، وما بينهما المعسكر ودار غزالة وبيت العائلة والبراكة. كما أن استهلال الفصول بأمثال شعبية ليبية جاء ليوثق السطوة الذكورية على العقل الجمعي للمجتمعات العربية وفقًأ للمنطق الأبوي والمفاهيم الجندرية العربية بكل تشوهاتها وعيوبها. كان من الملفت في هذا النص الروائي تصوير الأماكن كأفران يسهم كل منهم في "تسوية" عجينة ميلاد، الولد الوحيد لأب لم ينجب من قبله أو بعده إلا البنات. المخبز كان الأكثر تأثيرًا، والـمُشكّل الأساسي لملامح ميلاد التي يتصورها القارئ شبيهة برغيف من خبز الباجيت. كان للمعسكر دور محوري في تطور شخصية ميلاد، وربما كان أهم الأسباب التي دفعته إلى تقديم استقالته من مهام الذكورة التي يطوّق المجتمع عنقه بها كشرط لا تكتمل من دونه مقومات الرجولة، وكذلك الحال في دار غزالة وبيت العائلة والبراكة، كأن الأماكن كلها كانت حريصة على ترك بصمتها في قلب ميلاد، وشمًا يدق على جدران الذاكرة فلا يمّحي، ولا يتوارى خلف ما يراكمه الحاضر.

الخط المهزوز والراوي المتكلم

ما أصعب أن يكلف الكاتب شخصية مهزوزة غير سويّة مثل ميلاد باعتلاء منصته السردية الوحيدة، مغامرة محفوفة بالمخاطر، خصوصًا مع الكشف عن مشهد نهاية يحيل القارئ إلى مراجعة كل ما قرأه وقياس مدى الاتساق بين زمن الحكي والفعل الذي اختتمت به الأحداث. لن أستفيض في هذه النقطة حرصًا على عدم الكشف عن الـ twist الأهم في الرواية والذي نعرفه في الصفتين الأخيرتين فقط.
كان من الصعب أن تصل الفحوى من رسالة مكتوبة بكف مرتعشة إلى المتلقي، لولا أن الكاتب "حكواتي شاطر"، فمع تدفق السرد وتوالي المشاهد والصور المغمسة بنوستالجيا طرابلس بكل تضاريسها وتفاصيلها، يألف القارئ خط الكف المرتعشة، ويقدر على فهم الرسالة القابعة وراء السطور وخلف العناوين الأصلية والفرعية. اعتمد الكاتب على راوٍ متكلم وحيد، وهو محق في ذلك لأننا أمام نص لا يحتمل البوليفونية، ويحيد عن فكرته الأصلية إذا تشابكت أصوات موازية مع صوت ميلاد، بيد أن اعتماده نمط الحكاية الدائرية التي تبدأ من حيث تنتهي، كاشفة رويدًا رويدًا عن حبكتها الرئيسة، مَنَح فضاءً لبضع علامات استفهام راحت تتقافز وراء كلمة "تمت".

كيف خَبَز النعاس "ميلاد"؟ وكيف خَبَز"ميلاد" شخوص حكايته؟

ليست روايتنا هذه أول رواية ترد أحداثها على لسان شخصٍ مختل -أو غير متزن في أفضل الأحوال، فتاريخ الأدب العربي عامر بشخوص مُختلّة، إما حائرة، أو محطّمة ومنكسرة، أو منتقمة، ولأن المساحة الني خصصتها لهذه القراءة غير المتعمّقة لا تتسع لذكر نماذج كثيرة مما أسلفت، فإنني سأكتفي بالإشارة إلى نموذجين من الأدب العربي المعاصر استقرا في ذاكرتي القرائية القريبة، الرواية الأولى هي "فسحة للجنون" للمبدع الراحل سعد محمد رحيم، وهي رواية تحكي سيرة حكمت المجنون الذي فقد عقله في أقبية الأمن العراقي في عهد صدام. في هذا النموذج السردي آثر الكاتب استخدام الراوي العليم ليمنح لحكايته آفاقًا شاسعة تتعد بتنوع زوايا الالتقاط، وهو التكنيك الذي لم يفضله النعاس. النموذج الآخر، وهو الأقرب حسب رأيي لروايتنا هذه، يتمثّل في رواية "العطر الفرنسي" للأديب القدير أمير تاج السر، الذي قدم عبر روايته شخصيّة لا أعتقد أنني قادر على نسيانها في أمدٍ قريب، أعني هنا شخصية "علي جرجار"، الشخص المختل بدوره، الذي يروي حكايته بنفسه على الرغم مما يتضح عليه تدريجيًّا من أمارات الخبل، بيد أن المخضرم تاج السر تحايل على علامات الاستفهام (المحتملة) بأن استهل روايته بفصل من عشر صفحات قدم فيها الراوي العليم مستهل الحكاية، ثم ترك الكلمة لـ "علي جرجار"، ليحكي الأخير تتمة الحكاية ذاتها من منظوره -بتطور أركيولوجيّ للحبكة- لما يقارب مائتي صفحة. وأنا هنا لا أنحاز إلى نص على حساب آخر، بل ألقي الضوء على نصوص عربية معاصرة تناولت حكاية شخص مسّه الجنون لسبب أو لآخر، ولعلني هنا أ��د القطع بأن تفاصيل الروايات الثلاث، رواية النعاس وروايتيّ رحيم وتاج السر، لا تتقاطع ولا تتشابه في أي موضع منها.
اختار النعاس لنصه إذن مسارًا مختلفًا، وأجاد في بناء عوالمه بشكل لافت، وخلق شخصًا (حقيقيًا أو متخيّلًا؟ لن نعرف حتى الصفحة الأخيرة) وظيفته هي الاستماع إلى ميلاد طوال الوقت، وهو أمر استحسنته كثيرًا. كذلك: أنضج النعاس "ميلاده" على نار هادئة، ومنحه الحرارة اللازمة للاحتراق البطيء، بحيث لا يتحقق الاحتراق الكلي (على سبيل المجاز) إلا بنهاية الرواية، وفي ذات الوقت، أجاد النعاس استخدام الصوت المهزوز والكف المرتعشة في سرد الأحداث، كما كان بارعًا حين دلل على الاعتلال العقلي لبطله عبر سرد كل موقف من خلال خطين متوازيين يقصّان ذات الحدث في سياق زمني مختلف، ذلك للتدليل على ارتباك الراوي وعدم قدرته على لملمة الخيوط، والالتزام بالخط التصاعدي للحكاية.
وفي سياق موازٍ، كان "ميلاد" يرسم شخوصه مترويّا، وبمنتهى التلقائية والمكاشفة والتصالح مع سائر الموجودات، فميلاد شخص متصالح مع كل شيء، مع نفسه، ومع شخصيته المغايرة للسائد والمطلوب والمفروض. كما أنه شديد التعاطف مع النساء ولا يشعر بالتفوق أمامهن إلا مرغمًا أو ثائرًا مدفوعًا. ولعل الشخصيات الأكثر نضجًا في فرن "ميلاد" هي زوجته "زينب" وأخته "صالحة"، وأمه، ثم يأتي بدرجة أقل: الأب في البدايات، وابن عمه "عبسي"، والرجل اليهودي وابنته في تونس، مرورًا ووصولًا إلى شخصية مريم أو المدام.

سلبيات النصّ

كانت الحبكة الدائرية التي ترتكز على الحاضر مستعيدة تفاصيل الماضي تدريجًا حتى تلتحم الصفحة الأولى بالأخيرة جيّدة في ظاهرها، بيد أنها تركت تساؤلات لدى بعض القراء عن قدرة الراوي على قص هذه التفاصيل، على الرغم من تلعثمه الذي أجاد النعاس رسم تفاصيله. إذ أن النهاية تأتي لتكشف عن شخصٍ غير سويّ هو أبعد ما يكون عن رجاحة العقل، كما أن التفاصيل التي وردت على لسانه في الصفحات الأخيرة، والتي جرت بعد بلوغ الرواية نقطة ذروتها المفاجئة، ربما لا تتسق مع شخصية ميلاد التي عرفها القارئ طوال ثلاثمائة وخمسين صفحة.
عن نفسي، لم أجد النهاية مفاجئة أو بعيدة عن الواقع، بل إن العوامل كلها كانت تمهد لها، كان هناك إعصارًا يلوح في الأفق، وبحرًا يكتم غضبته قبل الفيضان، لكن التفاصيل التي تلت مشهد النهاية كما رواها ميلاد، ربما كانت غير منطقية.
الأمر السلبي الثاني حسب رأيي يتعلق بتطور شخصية ميلاد، إذ أنه يتخذ في مرحلة ما قرارًا بترك عمله في مطعم البيتزا والجلوس في البيت راضيًا بتأدية الأعمال المنزلية عوضًا عن زوجته الموظفة. وأنا هنا لا أنتقد قراره، لكن الرواية لم تفصح عن دوافعه، فميلاد لا يجد نفسه إلا بين الدقيق والعجين، فلماذا يقرر ترك مطعم البيتزا والجلوس في المنزل؟ في الحقيقة لم تقدم الرواية تفسيرًا لهذه التحول المؤثر على مجريات النص.

ختام

عودة على بدء، هذه رواية تبشر بميلاد كاتب عربي أتوقع منه الكثير، وهو الشاب الليبي محمد النعاس الذي اعتلى منصة البوكر بروايته الأولى، يقتحم النص أعشاش دبابير الذكورة، ويرشق نوافذ أرباب المنطق الأبوي ومعتنقي الشريعة الذكورية بحجارة الواقع. يحاكم النعاس المجتمعات العربية التي تخبز في أفرانها القمعيّة رجالًا يؤمنون بالتفوق الذكوري غير المثبت أو المبرهن فوق الأرض، ويعاتب نساءً يعتنقن الذكورة فلا يؤمنّ برجولة من لا يجلد المرأة بسياط اليد واللسان، يحاكم البلاد والعباد على مقادير الخلق الوجداني لأجيال تنشأ ونفوسها مشوهة وعقولها متشددة مصمتة أمام نداءات العقل، ينادي بنصرة المرأة من دون أن يمنحها صك البراءة مما اقترفته إزاء نفسها، لكنه يطلق صيحة تحذير (حذرة)، تطلب من الناس جميعًا أن يعيدوا حساب مقاديرهم.
كانت "خبز على طاولة الخال ميلاد" رواية تصوّر معاناة الفرد أمام المجتمع، العقل الفردي المختلف في مواجهة العقل الجمعي المنغلق، وتشرح تفصيلًا كيف ينسحق الفرد تحت وطأة مجتمع قاسٍ لا يقبل الاختلاف، ويعدّه جريمة تستوجب الإقصاء والمطاردة والتجريم.

مُولد البوكر، وتفسير ما لا يُفسّر...

مرة أخرى، لن أنكر تحيّزي لرواية "ماكيت القاهرة"، كما لن أخجل من تكرار إعلاني لهذا التحيّز هنا، ولكن؛ هذا لا يعني أنني مطالب بنسف الرواية الفائزة لإثبات نظرية المؤامرة الكونيّة على الأدب المصري المعاصر! فرواية "خبز على طاولة الخال ميلاد" رواية متميّزة محكمة البناء، مُبشرة لكونها العمل الأول للكاتب، تتناول قضايا مهمة، وتتبع نسقًا سرديّا غير نمطي، على الرغم من بعض الهنّات التي ذكرتها أعلاه.
لم تتوافق ذائقتي الخاصة مع ذائقة لجنة تحكيم البوكر برئاسة الروائي التونسي شكري المبخوت، فقد كان لدى اللجنة رأي آخر، فوجدت أن رواية النعاس أفضل، وهذا حقهم، وربما كنت لأحزن كثيرًا لو اكتشفت أن الرواية الفائزة سيئة مهلهلة أو معيبة، كما حدث من قبل في أكثر من جائزة وفي عدة مناسبات، لكن حسبي أن رواية النعاس رواية جيدة للغاية!
ربما لو كنت رئيسًا للجنة التحكيم لاخترت ماكيت القاهرة لأسباب كثيرة ليس من ضمنها عامل الجنسية، فهذه ذائقتي، أما المبخوت فقد كنتُ قادرًا على التنبؤ بالنص الأقرب إلى ذائقته (هذا رغم علمي أن لجنته تضم أعضاء آخرين)، ومن يقرأ سيرة عبد الناصر الطلياني (رواية المبخوت الرائعة، والفائزة بالبوكر منذ سنوات) يمكنه الجزم بأن المبخوت سوف يحب رواية النعاس. هذا لا يقلل من قيمة الرواية، ولا من قدر المبخوت!
لهذا، وبكل صدق، أهنئ الكاتب والشاب الموهوب محمد النعاس، وأعلن عن تضامني معه في الحملة الشرسة التي يتعرض لها على أكثر من صعيد، وآخرها المساس بالمقدسات والذات الإلهية، وهو خرف وافتراء لا يصدر إلا من شخص لم يقرأ الرواية، أو شخص يستكثر على ليبيا أن يفوز شاب غير مشهور من أبنائها بأكبر جائزة عربية.
نهاية، على الصعيد الشخصي، أحتفظ لليبيا ذكريات أعوام ستة قضيتها في طرابلس بداية التسعينيات، وهي صور مختلطة مرتبكة بين فرح وترح وعنف ووئام، لكن لديّ أصدقاء أعزاء لم أنس أي منهم، وذكريات لا أقدر على نسيانها.
لذلك أود أن أشكرك مرة أخرى عزيزي محمد، لأنك أعدت إلى مخيلتي تمثال الغزالة المفقود، ولأنك أعدتني إلى شارع الفاتح ومكتبة المختار وشارع المقريف، لقد رددت إلى ذاكرتي أماكن ظننت أنها ضاعت في زحام القصف.

رسالة تضامن

وفي ذات السياق، أود أن أجدد تضامني الدائم مع الكاتب المصري المتفرد طارق إمام، في ظل حملة مشابهة تتهمه بالاختلاس والاقتباس.
ولا أعرف -حقيقة- لماذا صرنا نتراشق ونتضامن، ونهاجم وندافع، أكثر مما نعرض ونكتب ونفنّد ونحلّل نقديًا ما نراه جيدا أو رديئًا؟
لكن؛ هكذا هو حال العرب!

#محمد_سمير_ندا