تنقسم الرواية إلى قسمين طويلين وقسم ثالث قصير، فى القسم الأول نتعرف على قصة الصداقة بين الصبيين "عيد كورى" و"عازار ناحوم عزرا"، ونتجول معهما فى مدينة "القامشلى" التى تزدحم بالأعراق والديانات والجنسيات، ومع نمو صداقتهما يقدم لنا الكاتب المدينة – القامشلي- بأسواقها وشوارعها وسينماها وملاعبها، فى مشاهد مرسومة برقة وعناية، وعبر لغة بسيطة وناعمة، نتعرف على: زملاء الدراسة، الجيران فى بيت "صومي"، مكتبات المدينة، محل "أبى خالد"، والمعلمين فى المدرسة.فى القسم الثانى من الرواية، ترتفع نغمة الشجن بعد رحيل "عازار"؛ وتصبح حياة الراوى وذكرياته وآماله كلها أغنية شجية ورقصة متكررة بحثًا عن شمسه ومدينته وصباه، بحثا عن عازار. نرتجل مع "عيد" إلى حلب وبيروت والنرويج، ونعايش حكاياته الجديدة مع الأصدقاء والشعراء والمناضلين الفلسطينيين، حيث يجاور الكاتب بين مشاهد من رحلة حياته ودراساته وسفره وعلاقاته بالبشر والتنظيمات السياسية وبين الأغانى والأشعار والترانيم فى حب فتى صباه الأول "عازار"، إلى أن يلتقيا فى نهاية القسم الثالث والأخير من الرواية بعد مرور أكثر من أربعين سنة من الحلم والبحث والأسى. من أجواء الرواية: " قبل قدومى إلى القامشلى والاستقرار فيها لم أكن أعرف شيئًا عنها سوى أنها مدينة، مثل المدن الأخرى المتناثرة على تراب تلك الأرض المترامية الأطراف فى هذه البقعة من العالم. هى مدينة، أكبر من "عامودا" ولكن أصغر من "ماردين"، وأقل بهاءً منها.
"هذه الدنيا كتاب أنت فيه الفكر.. هذه الدنيا ليال أنت فيها العمر.." هذه الدنيا حصل فيها ايه عشان رواية بهذا المنظر تترشح للبوكر..!
مبدئياً لازم أعتذر للست أم كلثوم بسبب إستعانة الكاتب (اللي مش مهتمة أعرف أي معلومات عنه) بالكثير من أغانيها للتعبير عن مشاعر غريبة بين طفلين..ولدين للتوضيح ومش ولد و بنت!
تدور أحداث الرواية حول ولدين عندهم ١٤ سنة كانت تربطهم صداقة قوية و قصة حب غريبة أسهب الكاتب في سرد تفاصيلها بطريقة لا تحتمل.. علاقتهم مش شاذة لا سمح الله(يعني كان في بينهم قبلة واحدة طول الرواية بس حنعديها ،مش مشكلتنا دي دلوقتي خالص ) لكن المشكلة إن نص الرواية أو أكتر إحنا بنحكي بس عن المشاعر اللذيذة دي و دة جزء بسيط من اللي موجود في الكتاب... " أتوق للقاءه وأتحرق لأن يتحدث معي،أنتشي حين أكون بالقرب منه،أشعر بروعة الحياة لإنه موجود..!"
النصف الثاني من الرواية حصلت كارثة! خيراللهم أجعله خير! عازار أختفي وسافر مع اهله وساب البلد! فصاحبه يا عيني حيقعد يعيط علي أيامهم الجميلة وذكرياتهم الحلوة و يكتب أغاني لعبد الحليم وأم كلثوم وأغاني بالفرنش و الإنجليش في كل الرواية.. حاول الكاتب أن يعطي عمق للرواية بشوية كلام علي اليهودية والأزيدية وفلسطين بس ممكن نقوله ياخد حبة العمق دول وهو مروح عشان لم يضيفوا أي قيمة للرواية!
الصراحة أنا كدة كتبت كتير أوي علي عمل لا يستحق! مكان النوع دة من الروايات أكيد مش القائمة الطويلة للبوكر... مكانه الحقيقي عند عم سيد بتاع الفول والفلافل يلف بيهم السندويشات... أو ممكن برضو نقطع الورق و حيكون هدية حلوة لعم عبده بتاع البطاطا عشان كل ما واحد ياكل بطاطا في البرد دة ،حيلاقي ورقة مكتوب عليها وحشتني يا عازار..بحبك يا عازار...سيبتني و روحت فين يا عازااااار !! و بكدة قدرنا نحولها من رواية تافهة إلي رواية مفيدة! كل الشكر والتقدير للجنة البوكر اللي صحيح مقدرتش تحترمنا كقُراء بس علي الأقل قدرت تحترم مجهود عم عبده وعم سيد وتساعدهم فعلاً!
نص انشائي طويل وممل يرتكز على وصف تفاصيل التفاصيل، يضيع الموضوع فيه، ويتصدّع الزمن بفعل وجود فجوات هائلة دونما تفسير، وتنتحر الحبكة على مذبح السذاجة. مكتوب بلغة بسيطة أقرب الى الركاكة وبتقنية الصوت الأول التي نحرت النص حرفيًا.
في التفصيل:
1- الموضوع: موضوع الرواية هو صداقة "عيد" الكردي الايزيدي مع "عازار" اليهودي، هذه الصداقة التي بدأت في عام دراسي في القامشلي وانتهت خلال ذات العام بسبب هجرة عازار وأهله واختفائهم (الجزء الأول من الرواية). موضوع الصداقة هذا لم يكن واضحًا، فتارةً يكون صداقة وتارةً حب ووله، وتارةً تقديس وتبجيل، وتارةً اتحاد ارواح: فعلى صعيد المثال يقول عيد ص10 (تطبيق أبجد) "من أي سماء هبط عليّ هذا الكائن دون مقدمات؟ أي وحي، ملاك، رسول، أرسله الي؟" ثم ص44 "بقينا نمشي/ كعاشقين غافلين عما يجري من حولهما" ثم ص 77 "حين يتكلم أشعر انني ليس فقط أسمع كلماته بل إنني أراها أيضًا" ثم ص89 "حين يمسك عازار بيدي أشعر ان تيارًا ينتقل من يده الى يدي ومن ثم يسري في كل جسدي. أشعر ان لمسته اكثر دفئًا من لمسة أمي" ثم ص 108 "عازار استحوذ علي، أنا، كلّي، قلبًا وقالبًا له" ثم ص389 "ستكون نهاية عام كامل عشناها معًا، يومًا بيوم، كصديقين، كأخين، كحبيبين، جمعهما القدر مرة فالتحمت روحهما مرة والى الأبد" ثم يأتي التتويج ص 392 "اقترب حتى كاد يلتصق بي. وقف أمامي وجهًا لوجه. بدأت انفاسه تضرب وجهي. اعتقدت انه سيصفعني. غير انه قرّب وجهه مني وقبلني. قبلني على شفتي"!! لا أعرف ما هو نوع هذه الصداقة بكل صراحة!!
الجزء الثاني من الرواية والذي كان المفترض ان يكون رحلة البحث عن عازار (بعد ان اختفى مع نهاية الجزء الأول) اقتصرت على السؤال عنه في فندق حلب (حيث صاحب الفندق صديق والد عازار). ةتذكّر "عيد" لأيامه مع عازار (إعادة الجزء الأول من النص على شكل تذكّر وحنين ورسائل).
2- اللغة: سأعطي بعض الأمثلة عن اللغة "المدهشة" والتركيب الجملي في هذا النص:
ص43 (حسب تطبيق أبجد، لنلاحظ اسماء الإشارة): "هذه لحظة فريدة في حياتي، لم أكن أتوقع أن يحدث هذا، أن يحدث على هذا النحو المدهش. بقيت كل الوقت أتوق الى هذا، أشتاق الى هذا، أدعو الى ان يحدث هذا، ولكنني في أعماقي كنت أشك في أن يحدث."
ص51: (لنلاحظ ضمير المتكلم والفعل تغيّر): "أنا تغيرت كليًا. لم أعد ما كنت عليه من قبل. أنا لست أنا من بعد اليوم. ولكن لم أتغير أنا وحدي. كل شيء من حولي تغير، او هي نظرتي الى العالم هي التي جعلت الأشياء تتغير؟"
ص136: (مقطع مدهش!):"تصيبني الدهشة ثم أندهش لدهشتي ثم أفرح لأني مندهش ثم أفرح لفرحي من دهشتي ثم أترجم فرحي ودهشتي بأن أفرح وأندهش أكثر فأكثر"
ص154: (لنعدّ الزهرات معًا): "رأيته يمضي الى البئر ويملأ دلو ماء ويفرغه في الإبريق ويأتي بهدوء ويسقي الزهور زهرة زهرة، بعناية وترتيب. ينحني ببطء، يقرّب رأسه من الزهرة كما لو انه يريد ان يعانقها... من فورها ترفع الزهرة رأسها وتبدو كما لو انها تريد ان تنطق..كنت أشعر بأن الزهرة تريد ان تقبّل يد صومي..."
ص 306 (الكمكمة): "أتذكر كم كانت نظيفة، كم كانت رائحتها زكية، كم كان جسمها أملس... كم كانت أنفاسها دافئة، كم كان صدرها آمنًا، كم كانت حركاتها تحثني على الاستسلام"
بالإضافة الى ذلك فثمة الكثير من الأخطاء اللغوية والإملائية في النص.
3- الوصف: الرواية متخمة بالوصف للقامشلي والحسكة وحلب بشوارعها ودكاكينها وجسورها وناسها وسينماتها ومطاعمها ومحلاتها التجارية ومحلات الألعاب وصناعة الحلوى واسواق الدجاج والحصاد وحقول القمح والمدارس والمنشآت والأبنية ثم عقد مقارنات (بين الحسكة والقامشلي مثلًا)... هذا الوصف هو الذي جعل النص يتخطى الأربعمئة صفحة رغم ان الحدث لا يتعدى صفحات قليلة.
5- الحبكة: لنترك قصة الحب او الصداقة بين عازار وعيد جانبًا، ونلاحق عيد بعد اختفاء عازار: ذهب الى الحسكة ومنها الى حلب ثم دمشق، أصبح تروتسكيًا ثم فجأة أصبح في مخيم عين الحلوة في لبنان ثم فجأة على الجبهة يقاتل ضد حركة أمل ثم فجأة يطلبه "جلال طالباني" لمقابلته (يذهب بسهولة من بيروت الى كردستان ولا نعرف لماذا طلبه ولماذا سيسمع بإسمه طالباني أصلًا) ثم فجأة يصبح في النرويج ثم فجأة تمرّ أربعون سنة، ثم فجأة يصبح لديه أبنة ثم فجأة تكون هذه البنت صديقة ابن عازار وهكذا يجد عازار عيد!! انتهت القصة.. هنا نيودلهي!
6- ملاحظات اخرى: كسر هذا النص الرقم القياسي في استعمال الأغاني/ مقاطع منها او كلها: أغاني وطنية، أغاني عبد الحليم (153، 464، 468، 477)، أم كلثوم، أديث بياف (601) جو داسين (501/502) الفيس برسلي (540) فرانك سناترا، لارا فابيان، خوليو، ازنفور، لاورا باوزيني، مايكل بولتون... وغيرهم مما زاد حجم الرواية فقط! كما استعمل العديد من ابيات الشعر وكتب بعض السجع في الرسائل الى عازار.
ثمّة عدّة تناصات في الرواية، سأشير الى واحدة اعرفها جيدًا وهي القصة ما بين عيد وسعاد (ص308 الى 310) حين تزجره سعاد لأنه يهتم بمضاجعتها أكثر مما يهتم للمدرسة، فتغضب سعاد وتطرده فيعدها بأن ينتبه لدروسه. هذه القصة ذاتها في رواية "القارئ" لبرنارد شلينك. وفي القارئ ثمة ما يبررها ويضعها في صلب الرواية ومعناها (لأن هانا كانت أميّة ومايكل يقرأ لها) بينما ههنا لا طعم ولا قيمة لها بلّ ان سعاد أقلّ من عادية ومرّت مثل مرور "سامية" للمضاجعة فقط.
رغم كل المشاكل التي وردت إلا ان الرواية اشارت الى افكار جيدة (حبذا لو كانت كثيرة) كالتمييز ضد اليهود في المدارس مما دفعهم للهجرة (بعضهم على الأقل) توطين العرب (قرى الغمر) والأهتمام بقراهم في مقابل اهمال قرى الأكراد والسريان والآشوريين، تقاطع الأفكار في الأديان المختلفة.
رواية سيئة بكل المقاييس. ليست أكثر من ثرثرة "عيد" عن "عازار"، وأنا لم أجد اي قيمة أدبية لكل هذه الثرثرة..
* ملحوظة ما قبل البداية: هذه الرواية هي أسوأ ما قرأت طوال حياتي، ولأسباب كثيرة سأحاول أن أوجزها فيما يلي، فلو رأيت أن المراجعة غير موضوعية، أو مُتحاملة، فأنا أؤكد لك من البداية، أنها كذلك. :) * كان هناك العديد من الألفاظ الذي كنت أنوي ذكرهم، ولكن قد قمت بقصهم بعد قراءة المراجعة.
"دائماً يخطر لي أن الكتب ليست أشياء جامدة بل هي أرواح. الكتب التي نقرأها ثم ننتهي منها تضيف أرواحها إلى أرواحنا، ونعود نتذكرها تماماً مثلما نتذكر البشر. كُل كتاب قرأناه كان صديقنا ذات يوم."
وهذا الكتاب لو كان روحاً فهي روح شريرة، وهذا الكتاب ليس بصديقي، فهو عدوي.
البحث عن عازار: أو كيف تستفز قارئك بخسمين طريقة على الأقل؟ رواية غير ناضجة على الإطلاق، لا مُميز بها، لا أحداث مؤثرة، ولا منطقية، لا شخصيات مرسومة بشكل جيد "ومنطقي"، تُمثل فترات حياتهم من المراهقة وما يليها من مراحل نختلف فيها.
الرواية تبدأ بعلاقة "صداقة" بين "عيد" الإيزيدي، و"عازار" اليهودي، وذلك الاختلاف كان يُمكن أن نرى من خلاله أشياء كثيرة، ولكن الكاتب اختار أن نرى أكثر الجوانب شذوذاً، وغرابة، فالحكاية أصبحت مُريبة بشكل كبير، تلك المشاعر التي يتكلم بها عيد، ليست مشاعر مُراهق أولاً، وليست مشاعر صداقة ثانياً، هذه مشاعر بين مُتحابين! بالإضافة إلى الهالة الإلهية السماوية إلخ إلخ التي رسمها الكاتب ليُشكل بها "عازار"، لا أعلم لماذا نسى الكاتب أن يصف جناحي "عازار"، وعائلته، وكُل شيء مُتعلق بهم. ثم فجأة بعدما جعلنا الكاتب نلف سوريا لكي يجعلنا نشعر بونستالجيا ما، فجأة، يختفي عازار مع عائلته، فنعيش مناحة، طويلة، لعيد، عن فقدانه لعازار، وكيف دمره ذلك، ولقد كان هذا الجزء سمجاً ثقيلاً لزجاً بشكل لا يوصف، مشاعر "عيد" لم تعد منطقية فقط، بل ومُستفزة! والأنكى أنه ظل على ذلك أربعين سنة! أربعين سنة! يا صبر أيوب.
حتى الأحداث لم يُمنطقها، نتنقل بين الفترات الزمنية والبلاد بكل عبث مُمكن، الجزء الثاني من الرواية عُبارة عن محطة راديو لأغاني يختارها الكاتب يرثى بها فقيده "عازار"، ويكتبها بلغتها الأصلية ويُترجمها لأنه كاتب بارع ومترجم حذق. وفي قولاً آخر، أي لت وعجن.
بكل تأكيد أسوأ رواية قرأتها في حياتي، رغم أن ترشحها للبوكر مفهوم، لأننا نُراعي الأقليات طبعاً، ونهتم بها، ولأننا لسنا بعنصريين إطلاقاً، ونختار الأعمال بعناية، حتى لو من طوائف أقليات، أترى كم نحن لجنة بوكر عادلة؟ ولكن، أين الرواية التي تُمثل الأقلية؟ أين الكتابة الجيدة؟ أين اللغة؟ لغة سطحية، لا يوجد بها أي مُميز، سوى بعض الإقتباسات القليلة على مدار أكثر من 400 صفحة من اللت والعجن والصياح والنواح والصداع والشحتفة واللزق والمحننة والسماجة -مشيها سماجة- ثم تجد هذا الشيء مُرشح لأهم جائزة عربية. ***.
بكل تأكيد لا يُنصح بها، وفي العموم، عندما لا تعجبني رواية ما، أقول حاول معها رُبما تعجبك، ولكن لأن هذه الرواية إستثناء خرائي، فسأقولها واضحة وصريحة، لا تقربوا هذا الشيء.
العمل في مجمله جيد وشيّق حتى يصل لجزئية رحيل عازار عن القامشلي. حيث تبدأ العيوب واضحة في الأسلوب الروائي. يعيب العمل التكرار الكثير والإعادة المفرطة في وصف المشاعر لحد الملل. وليس تكرار الحديث عن المشاعر فقط، إنما الأحداث نفسها فمرة يسردها في وقت حدوثها، ومرة في عن طريق "الفلاشباك" بإعادة ذكرها بكامل تفاصيلها لدرجة تشعر أن الكاتب يجتر نفسه.
كما أنَّ وصف العلاقة بين الصديقين عيد الأزيدي وعازار اليهودي لم تكن مقنعة، حيث أن الطريقة التي كان يعبر بها عيد الأزيدي عن مشاعره وعلاقته بصديقه عازار اليهودي الذي ارتحل مع عائلته من القامشلي دون إخبار عيد كانت وكأنما تعبير عن علاقة بين عشيقين وليس صديقين، حيث يشعر القارىء أن عشقاً جمع هذين الصبيين وليس صداقة. ربما أراد الكاتب الالتفاف حول الموضوع، لكنه قدمه بطريقة وكأنه يحاول إثبات أن علاقة الصبيين كانت علاقة صداقة وليس شكلاً آخر، في حين كل تفاصيل السرد تثبت العكس.
أيضاً الشعر والأغنيات التي استشهد بها عيد في صفحات العمل، ليست من الشعر أو الغناء الذي يقال بين الأصدقاء، إنما بين العاشقين.
لم يكن هناك أيضاً مراعاة لعامل الزمن، فشخصيات العمل والتي بدأت بعمر الثالثة عشر كانت من الوعي لدرجة تشعر أنها في أواخر العشرينات، ومن المواقف على ذلك أن الكاتب كان يضع عبارات في غاية العمق على لسان عيد ابن الثالثة عشر يستشهد بها من كتاب كبار، كما أن عيد قرأ المنفلوطي وآلام فرتر وغيرها من الكلاسيكيات في هذا العمر، وبرأيي لم يكن هذا منطقياً!
إضافةً لذلك، كان هناك زج لبعض الفقرات أو الجمل في العمل التي لا تخدم السياق، كأن يكون عيد يتحدث عن شوقه لعازار ثم تأتي فقرة كاملة يتحدث فيها عن أهمية الكتب.
كما كانت هناك قفزات كبيرة في عامل الزمن دونما تمهيد، حيث يغرقنا الكاتب في مشاعر عيد وشوقه لعازار على طول صفحات العمل، ثم في لحظة نجد عيد وقد انضم لجماعة الفدائيين للدفاع عن فلسطين، هكذا دون سابق إنذار. ثم نجده وقد وصل النرويج لاجئاً كيف ومتى لا نعرف. وهذا وجدته غير منطقي!
عامل الصدفة أيضاً، وإن كان يمكن أن يحدث في الحياة الواقعية لم يكن مقنعاً، والطريقة التي التقى بها الصديقان في النهاية كانت حبكتها برأيي ضعيفة وركيكة.
لاشيء يقود تفاصيل هذه الرواية الشيقة الجميلة غير الحنين، الخط الواصل بين بدايتها ونهايتها، وبراعة كاتبها في استحضار ذلك الزمن الغائب البعيد الجميل بشخوصه ومغامراته وبراءته، وبشكلٍ شديد الخصوصية في تفاصيل نتعرف من خلالها على مدينة القامشلي السورية حين كانت معبرة عن حالة من تقارب الأجناس والألوان قل أن تكون موجودة في مدن اليوم، ليس الأمر أمر عازار الفتى اليهودي المفقود فحسب، وإنما هو تلك القدرة على رصد تفاصيل ذلك العالم القديم بكل ما فيه من جمال وصدق وبراءة.
في أكثر من 400 صفحة تتناول رواية "البحث عن عازار" الصادرة في العام الماضي عن الكتب خان، قصة الفتى الإيزيدي "عيد كوري" وعلاقة الصداقة والحب التي ربطته لمدة عامين تقريبًا بصديقه اليهودي "عازار ناحوم" وعائلته، وكيف كان بوابته في تلك المرحلة المبكرة من عمره على التعرف على الحياة بشكل خاص، وكيف كانت محبته تلك لصديقه مفتاحًا للعالم
يكتشف عيد في وجود صديقه مشاعر الحب والصداقة ويتعرف من خلاله على جمال الحياة:
(فجأة شعرت بالحرية، الحرية المطلقة. الحرية التي يشعر بها الطائر في الأعالي. صرت أشعر أن بوسعي أن أرقص من دون أي حرج. أن أغني، أن أصرخ، أن أقفز وأهرول وأنا أضحك، دون خجل أو ارتباك.
إنها تجربة فريدة تلك التي تجعلك تشعر بأن حياتك التي كنت تعتبرها عقيمة وفارغة من المعنى باتت غنية وساطعة وزاخرة بكل شيء.
الحياة مع صديق تحبه ويحبك أشبه بحياة المؤمن الذي يغمره اليقين بأن الله يسير معه ويسهر عليه. لم يسبق أن شعرت بمثل هذا الأمان والرضا.
الآن يلوح لي أن الصداقة نعمة إلهية ومن لم يتوفر عليها لا يعرف كنهها. إدراكي أن عازار سوف يصير صديقي كان يحولني إلى شخص متحمس ومندفع. كنت أخوض معركة. أشحذ قواي، أهيئ سلاحي، أسهر وأستعد. كانت معركة حياة أو موت وقد صار صديقي. كسبت المعركة. معركة الحياة. لن أموت أبدًا.)
.هي قصة حب وصداقة استثنائية، جمعت بين عيد وعازار في البداية، ثم بين عيد وبين إيفون أخته، حيق تعرف على مشاعر حب الأنثى من خلالها، لكن بقي حبه لعازار لامثيل له، يدور العالم حوله.
تقسم الرواية إلى ثلاث أقسام، في الأول نتعرف على عيد وعالمه الصغير وانتقاله بين قريته والقامشلي، وبدايات تعرفه على "عازار" وعائلته، وكيف تمضي أيامهم سويًا، ونعيش مغامراتهم ومواقفهم ورحلااتهم الصغيرة، حتى نفاجئ مع بطلنا باختفاء عازار وعائلته بدون مقدمات، في القسم الثاني يتغير حال عيد وينتقل إلى المدرسة الثانوية، ولكنه لايزال يذكر صديقه وصاحبه، ويكتب له يوميات، ويحكي له عن كل شيء يمر به في حياته الجديدة بعده، حتى أنه يتعرف على زهير الذي يذكره به، وتتغير به الأحوال فيدخل كلية الآداب وينضم للجماعات السياسية الماركسية، فيهرب إلى لبنان ومنها إلى النرويج ويعمل مترجمًا هناك، ونفاجئ أنه تزوج وأصبح لديه ابنة، في القسم الثالث تعثر البنت (التي جاء ذكرها في بداية الرواية) على عازار ناحوم من خلال البحث عنه على وسائل التواصل الاجتماعي وتتعرف على ابنه، فيأتيه صوته عبر الهاتف بعد كل هذه السنوات والانتظار، يلتقي الصديقان الحبيبان، ويقرر الكاتب أن ينهي الرواية عند هذا الحد.
ويبدو أن إخلاص الراوي لصديقه طوال تلك الفترة، جعل الكاتب أيضًا يغض الطرف عن كل ما حدث لعيد بعد ترك صديقه له، فيبدو للقارئ أن هناك قفزات زمنية ومكانية بل واجتماعية هامة قرر الكاتب أن يقفز عليها ويثبت فقط كل ما له علاقة بعازار وذكرياته مع عيد، فلم نعرف مثلاً لماذا انخرط عيد وهو الفتى المسالم الذي أحب صديقه اليهودي، ولم يرى في يهوديته ما يتعارض مع صداقته، كيف انخرط فجأة في الجماعات المسلحة، وكيف أًصبح واحدًا منهم، لدرجة أنه هرب خوفًا من الملاحقات الأمنية، ولم نعرف حتى بعد ذلك كيف تعرف على زوجته وتزوجها، وأنجب منها ابنته، وهذا ربما يكون أغرب ما في الرواية، إذ كان من المتوقع أن يتوقف السرد طويلاً عند هذه النقطة بالذات، ويعرض كيف تم هذا الزواج وكيف حكى عيد لزوجته عن صديقه، ثم بعد هذا كله، لماذا تنتهي الرواية أصلاً، كنّا نود أن نعرف ماذا حدث بعد هذا اللقاء المفاجئ والتاريخي بين الصديقين، ما الذي فعلاه معًا، لماذا أغلق الستار فجأة بعد هذه الرحلة الشيقة؟!
تحضر في الرواية التي تبدأ من سبعينيات القرن الماضي عددًا من الأفلام والأغاني المصرية بشكل خاص، مثل "خللي بالك من زوزو" الذي يشاهده الأصدقاء معًا، وأغاني أم كلثوم وعبد الحليم من خلال شرائط الكاسيت التي يبتادلوها سويًا تلك التي غدت بمثابة الموسيقى التصويرية المصاحبه لمشاهد الحب واللقاء، وكذلك الهجر والفراق بعد ذلك، بالإضافة إلى أشعار ابن الفارض وكلمات جلال الدين الرومي، وروايات المنفلوطي وغيرها .. كما حضرت سوريا القديمة بتفاصيل حاراتها ولعب أطفالها الشيقة مثل البلياردو والبيبي فوت وغيرها من ألعاب الصبيان والمراهقين التي ربما يفتقد الجيل الحالي وجودها أصلاً، وجاء في الرواية رسم تفصيلي للأماكن سواء لمدينة القامشلي السروية ومافيها من تعددية ثقافية في ذلك الزمن أو عامودا وغيرها من المناطق والحارات بشكل يجعل القارئ وكأنه يركض معهم هنا وهناك .
في النهاية نحن إزاي عمل روائي جميل، يرصد فيه الكاتب من خلال بطل روايته ذلك الزمن الجميل، دون أن يقع في فخ البكائيات، ويستغرض كيف كان جو التسامح موجودًا رغم كل المنغصات، ونستعيد معه ومن خلاله قيمة كبرى ضاعت منا وسط عالم السوشيال ميديا والأقنعة الكاذبة، إنه عالم الصداقة البريء بجماله وتفاصيله التي نحن إليها دومًا.
من جهةٍ أخرى أحب كثيرًا تلك اللحظة التي أتعرّف فيها على عالم روائي مميز لأول مرة، وهو الروائي السوري الكردي "نزار آغري" وهو مترجم وناقد أيضًا، ترجم عددًا من الروايات عن الإيطالية مثل روايات "جبل الرب" و"باسم الأم" للروائي الإيطالي دي لوكا وغيره، كما يكتب بشكل دوري عن الكتب والروايات في موقع المدن يرصد فيها عددًا من الظواهر الأدبية والثقافية.
شكرًا نزار آغري على هذه الرواية التي ستبقى في البال طويلاً والتي سعدت بوصولها للقائمة الطويلة لبوكر هذا العام.
نصيحه.. لا تضيعوا وقتكم الثمين في قراءة هذا الكت��ب، استغرب كيف لمثل هذا الكاتب ان يمسك قلما" و يكتب روايه!! الروايه اكثر من متواضعه من حيث موضوعها كما انها مليئة بسموم الافكار من كل النواحي.. ترفعوا عنها و اتركوها على رفوف المكتبات