ستخرجون بقميصٍ صارخٍ لتقابلوا اعتزالاتكم. في الليل أو في النهار ستخرجون وعلى حدةٍ يقابل كلُّ واحد اعتزالاتِه ينقّب طويلاً في الحقول ولا يجد كنز حياته في الليل أو في النهار ستمزّق المحيطاتُ ثيابكم وتبحثون عبثًا عن إبرة الشمس
ولد العام 1948 في قرية شبطين شمال لبنان وعمل في الصحافة العربية في بيروت ولندن وباريس قبل هجرته الى استراليا في أواخر عام 1988 وما زال يعمل في مجال الصحافة في استراليا كما أنه يكتب لعدد من الصحف في الدول العربية‚
صدر لوديع سعادة تسعة دواوين: ليس للمساء أخوة - 1981 المياه المياه - 1983 رجل في هواء مستعمل يقعد ويفكر في الحيوانات - 1985 مقعد راكب غادر الباص - 1987 بسبب غيمة على الأرجح - 1992 محاولة وصل ضفتين بصوت - 1997 نص الغياب - 1999 غبار - 2001 رتق الهواء - 2005
يحتوي الكتاب - وعنوانه "ليل في كأس" - على مختارات من أعمال وديع سعادة من عام ١٩٦٨ حتى ٢٠١٤.
تذكرني بعض قصائده - خصوصاً القصائد الأولى - بالرسومات السيريالية التجريدية - ذكرتني بعملي المفضل لبول لكلي. قصائد أخرى اختبرتها كلوحة انطباعية. رغم ذلك فقد شعرت أن ما سحرني وجذبني في أعماله الأولى قد تبخر تماماً حين وصلت إلى ما بعد منتصف الكتاب. وكأن الصور والسيناريوهات والرحلات في الخيال أصبحت مبتذلة. هل كان يعيد نفسه، ببلاغة أقل؟
في بعض القصائد الأولى، تجد كل بيتين أو ثلاثة يكلمان بعضهما البعض في تمايز ما بين الحالة التأملية العذبة والاغتراب عن النفس المألوف - في المعضلة الوجودية. قصائد أخرى تحاكي كحالة الظرف الاجتماعي والسياسي (قصيدة الهجرة مثلاً، أو الموتى نيام) في درجة أعلى من المادية. لكنه في الأغلب يستغرق في الحالة النفسية ويسقطها على كل ما يراه.
قصيدة “الريح تعبث في شعري”أشبه بالحلم الغريب، الذي تستيقظ منه محاول التقاط الأشلاء المتناثرة - أو أشلاؤك المتناثرة - محاولاً تفكيكه في نطاق الوعي والمنطق، دون جدوى. من هنا تأتي جمالية النص، فهو يأخذك إلى مكان غريب ومألوف في نفس الوقت.
تبرز في أعماله ثيمة الموت والفقدان كذلك، ولربما كانت تظغى في المختارات من دواوين “بسبب غيمة على الأرجح" و”محاولة وصل ضفتين بصوت” بالذات. في “بسبب غيمة على الأرجح" برز فقدان البيوت والأشياء لأصحابها ضمن المعالجات، فقدان الأحباء لروتينهم اليومي ولحظاتهم المشتركة - آثار الحرب الأهلية؟ - ليظهر الفراغ الذي يتركه الميت في غيابه. يتأمل سعادة في علاقة الإنسان بالمكان ومصير الذكريات. إلى أين تذهب الذكريات بعد الموت؟ حريصٌ عليها هو. يجيب أنها تبقى مع الأشياء، مع الحجر والخشب وحديد القفل - قصيدتا رحيل وغياب مثلاً. هل هذا بعض من الهذيان؟ بل هو الرثاء الشخصي، المتبقي ما بعد الجنازة وما بعد الحادثة، العبق المتبقي في الملابس؛ الحياة التي تمتطي الموت.
وجدتُ هنا الكثير من النصوص المُغالية في شاعريتها، أبهرتني، وجدت أيضاً مراكمة للكلمات في بعض القصائد، لكأن مخاض القصيدة كان عسيراً، ولم يصلني شيءٌ من هذهِ المراكمة، أو ربما إبحارهُ في فكرتهِ والغوص في رمزيتها مِراراً لم أَستسيغهُ. يستحق القراءة .