وأما العمل الفريد الذي نعنيه فهو هذا الكتاب الذي نُقدِّم له بهذه الكلمة الموجزة "محيي الدين ابن عربي: آراؤه الفقهية والأصولية"، وكان في الأصل رسالةً علميةً نال بها الدكتور أسامة، رحمه الله، درجة الماجستير عام 2003م. ولا ريب أن هذا الكتاب -في ضوء ما أسلفنا من قلة عناية القدماء والمـُحدَثين بالكلام عن الجانب الفقهي والأصولي عند محيي الدين ابن عربي- سيملأ فراغًا واضحًا في المكتبة العربية، التي تحفل بمئات الكتب والدراسات عن تصوف الشيخ وعقيدته، وتفتقر في الوقت نفسه إلى كتابٍ كهذا يُعنَى بدراسة آرائه في الفقه ومعالجة نظريته في الأصول. والحق أن إماطة الحجاب عن الآراء الفقهية والأصولية التي قال بها ابنُ عربي لم تكن مهمةً يسيرةً، وإنما كانت عسيرةً كلَّ العسر، شاقةً كلَّ المشقة؛ ذلك أن أقواله في الفقه والأصول منتثرةٌ في تضاعيف كلامه في "الفتوحات الكبرى" ممتزجةٌ بأقواله في العقيدة والتصوف امتزاجًا قد يُفضي إلى شيء من الارتباك أو الاضطراب في فهم مراميها، دع عنك اكتناز عبارة الشيخ ووجازتها إلى حدِّ الإلغاز أحيانًا؛ وهو الأمر الذي أوجب على الدكتور أسامة أن يُطيل النظر في هذا الكتاب الموسوعي، وأن يتوفر على قراءته قراءةً متأنيةً؛ لاستخلاص ما يمكن أن نصفه بأنه شذراتٌ متفرِّقةٌ في الفقه والأصول. زد على هذا أن ابن عربي كان يُورِد القول خِلوًا من الدليل، ويسوق الرأي بغير بيان الحُجَّة التي يقوم عليها، فكان على الدكتور أسامة أن يقوم بتوجيه مذهبه؛ باستخراج الأدلة التي بنى عليها أقوالَهُ على وفق الأصول المعتبرة عنده، ثم مقارنة ما ذهب إليه من آراء فقهية وأصولية بما سبق إليه جمهورُ الفقهاء والأصوليين، ولا سيما ابن حزم الذي شاع أنه يسلك سبيله أو يتمذهب بمذهب أهل الظاهر في العموم. نهض الدكتور أسامة بهذا العمل المركَّب أحسن نهوض ممكن؛ فجمع أقوال ابن عربي، وخرَّج فروعَهُ على أصوله، وقارن أقواله بأقوال غيره من أهل الفقه والأصول، فاستقامت له أربعةُ فصول محكمة البناء، سوى التمهيد والخاتمة، فدرس في الفصل الأول مصادر التشريع عند ابن عربي، وتناول في الفصل الثاني الأحكام الشرعية ومباحث التكليف عنده، وعرض في الفصل الثالث لآرائه في الاجتهاد والتقليد، ثم حلَّل في الفصل الرابع ما وقف عليه من مسائل الفروع الفقهية التي وقف عليها في الفتوحات الكبرى.
أسامة محمد شفيع الدين السيد أحمد. مدرس بقسم الشريعة بكلية دار العلوم، جامعة القاهرة. - نشأ في بيت علم، فوالده الأستاذ الدكتور محمد شفيع السيد أستاذ البلاغة والنقد الأدبي والأدب المقارن بكلية دار العلوم، وعضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة. - التحق بالتعليم العام منذ صغره - التحق بكلية دار العلوم سنة ١٩٩٣ - تخرج فيها سنة ١٩٩٧ وكان الأول على دفعته. - عين معيدا بقسم الشريعة الإسلامية بالكلية سنة ١٩٩٨ - حصل على الماجستير عام ٢٠٠٣ بتقدير ممتاز عن رسالته (الفكر الفقهي عند محيي الدين بن عربي) بإشراف الدكتور محمد بلتاجي حسن رحمه الله - عين مدرسا مساعدا بقسم الشريعة سنة ٢٠٠٤ - سافر إلى فرنسا عام ٢٠٠٧ في بعثة للحصول على الدكتوراه من كلية الحقوق جامعة روان نورماندي - حصل على الدكتوراه سنة ٢٠١٥ بتقدير ممتاز عن رسالته (امتناع المسئولية الجنائية في الفقه الإسلامي دراسة مقارنة) بإشراف البروفيسور بيير ألبرتيني - رجع إلى مصر وعُين مدرسًا بقسم الشريعة في الكلية - عين خبيرا بلجنة الترجمة بمجمع اللغة العربية بالقاهرة. - جمع - مع إتقانه العربية - الإنجليزية والفرنسية. - ترجم العديد من الأبحاث والكتب: • جلال الدين الرومي بحث عن الفرنسية، ترجم فيه الشعر شعرا • الاضطرابات الدينية في بغداد في القرنين الرابع والخامس الهجري أنري لاؤوست • النشأة الثانية للفقه الإسلامي: المذهب الحنفي في فجر الدولة العثمانية الحديثة جاي بوراك بالاشتراك مع الدكتور أحمد محمود إبراهيم • المرجع في تاريخ علم الكلام تحرير زابينه شميتكه • الشرق والغرب رينيه جينو • أزمة العالم الحديث رينيه جينو • الفكر السياسي الإسلامي في العصور الوسطى رؤية تمهيدية إرڤن روزنتال بالاشتراك مع الدكتور أحمد محمود إبراهيم • موجز تاريخ الإسلام كارين آرمسترونج - حصل على جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي سنة ٢٠١٨ عن ترجمة كتاب المرجع في تاريخ علم الكلام. - مؤلفاته: • قيد الأوابد شذرات في الدين والفكر والأدب • الفقه الإسلامي بين حرية الأجتهاد وقيود المذهب الرسمي • الفقه الإسلامي بين نشأتين مع قراءة نقدية لكتاب النشأة الثانية للفقه الإسلامي - مقالاته: نشر العديد من المقالات على موقع إضاءات وموقع الأستاذ الدكتور محمد حماسة، وعلى صفحته الشخصية بالفيس بوك.