Jump to ratings and reviews
Rate this book

عبقرية الكذب

Rate this book
كثيراً ما شكّلت إدانة الكذب من الناحية الأخلاقية عائقاً يحول دون تقدير طابعه المتشعّب المعقّد. وحسبنا أن ننحي الحكم الأخلاقي على الشخص الكذوب جانباً حتى نجد أن معاينة المواقف الكاذبة -بما تنطوي عليه من غنىً ونشاط-أمرٌ شيّقٌ ومثمرٌ. فمثال داروين الذي كان يختبر مشاعر الفرح والألم التي كانت ترتسم على وجه طفله الصغير كي يقوم بتسجيلها في دراسةٍ حول العاطفة لدى الحيوانات، يجعلنا نكتشف المدى الرحيب لعلامات الكذب ولغاته الخاصّة. تقدّم لنا الحياة اليوميّة مشاهدَ متعدّدة من صنوف الكذب، الخاصة والعامّة، فحقل الخيانات الزوجية يشكل منذ أمدٍ بعيدٍ حقلَ تجاربٍ ترى فيه الطرف الخائن يخترع السيناريوهات الكاذبة، ويحرّف الكلمات ويلغمها"، ويلفّق الحيل الذكية أو الساذجة. والحال كذلك في المشهد السياسي عندما يقوم أحد السياسيين المسؤولين بحلف أغلظ الأيمان على كونه بريئاً. بالطبع -نحن نكظم مشاعرنا غيرةً أو ازدراءً-بقدر ما يصدمنا انتهاك حرمة الحقيقة، ولكنّ التمعّن قليلاً في طبيعة البشر، وألوان خطاباتهم يجعلنا ندرك الغنى المدهش للكذب وأَمَاراته التي لا تنتهي. وحسبنا أن نستطيع -دون تجشُّم روح الصرامة العلمية على الدوام، أو برودة أعصاب الناقد المتهكّم-معاينة قدرة الكذب الإبداعية.

Paperback

First published September 24, 2015

9 people are currently reading
246 people want to read

About the author

François Noudelmann

30 books3 followers

Ratings & Reviews

What do you think?
Rate this book

Friends & Following

Create a free account to discover what your friends think of this book!

Community Reviews

5 stars
5 (26%)
4 stars
10 (52%)
3 stars
2 (10%)
2 stars
2 (10%)
1 star
0 (0%)
Displaying 1 - 5 of 5 reviews
Profile Image for Mohammed.
540 reviews777 followers
August 14, 2023
عبقرية الكذب
فرانسوا نودلمان

يقولون بالإنجليزية: لا تعظ الناس بما لا تفعله.
والعرب يقولون: لا تنهَ عن خلق وتأتي مثله.
ومع ذلك ستجد طبيب القلب الذي يدخن بشراهة، رجل الدين الذي ينهب أموال الناس، والمثقف الذي يعنّف أهل بيته.
هل التناقض بين ما نقول وما نفعل هو جزء أصيل من طبيعتنا كبشر؟

فكرة ماكرة
يهدف هذا الكتاب إلى كشف أكاذيب الفلاسفة. بالأكاذيب نقصد التناقض ما بين أفكارهم المنشورة في كتاباتهم وبين تصرفاتهم في حياتهم الشخصية. يتناول الكتاب عدداً من الفلاسفة ويستعرض بعض نظرياتهم ثم يأتي بما يخالف ذلك من أفعالهم. يضرب لك الكتاب عصفورين بحجر: التعرف على التيارات الفلسفية واقتناص لمحات من سيَر أعلام الفلسفة.

مفكرون متناقضون
لو قرأت مذكرات جان جاك روسو للمست منه ادعاءه المظلومية طوال الوقت. هذا الفيلسوف البارز تخلى عن أولاده لدور الأيتام ثم ذهب ليؤلف كتاباً في أصول التربية بعنوان "أميل". ميشيل فوكو، من ناحية أخرى كان يتشدق بشجاعة قول الحقيقة فيما كان يُخفي إصابته بمرض الإيدز. رائدة النسوية سيمون بوفوار كانت تنبذ الاندماج في الآخر وتشجع الاستقلالية بينما تشهد رسائلها الغرامية لعشيقها الأمريكي بأنها كانت على أتم الاستعداد للانسحاق من أجل الآخر. سارتر روج للمقاومة غير أنه كان متحفظاً أثناء فترة الاحتلال النازي. أما كيركجارد رفض فصل النظرية عن صاحبها، ومع ذلك فقد كتب بعدد من الأسماء المستعارة. من مدرسة إلى مدرسة ومن حقبة إلى أخرى يستخدم نودلمان مبضعه ليشرح النظريات من جهة وحياة أشخاصها من جهة أخرى.

مبادئ أخرى
لا يقتصر الكتاب على المحورين المذكورين، بل يتصدى لبعض المبادئ على الهامش. فمثلاً يطرح فكرة صنمية المصطلح، أي عندما يتم نفي أي قصور في المبدأ مهما حدثت من إشكاليات في التطبيق. أيضاً استعرض الجدل المتعلق بتجريد الفلسفة وكونية الأفكار، ما أتاح للفلاسفة الاختباء وراء كلماتهم. هذا وقد فصّل النص الإشكاليات المتعلقة بالكذب: دوافعه، مؤشراته ووسائله. كذلك ناقش بشكل شيق لجدوى الاعترافات الذاتية ومدى مصداقياتها.

كتاب ذكي وشغوف، ليس سهلاً في مجمله وليس صعباً بشكل مطلق. يبقى السؤال: هل يكون للأفكار معنى، وهل نأخذها بجدية بغض النظر عن سلوك صاحبها وعدم مسؤوليته تجاهها؟ أم نحمل الفكرة مسؤولية تصرفات صاحبها ونلغيها بمجرد فقدان مصداقيته؟
أسئلة محيرة!
Profile Image for عبدالرحمن عقاب.
804 reviews1,017 followers
September 3, 2023
هذا الكتاب، موضوعه مهم جداً، وأسلوبه ممل، وترجمته متوسطة الجودة.
يرى الكاتب "نودلمان" أنّ علينا أن نتعلم الإصغاء إلى الفكر، وعدم التوقف عند فهمه فقط.
فالفكر يحمل بصمات المفكّر، كما تحمل النصوص الأدبية بصمات الأدباء. ورغم ما يبدو على الخطابات الفكرية من رصانة ومتانة، وما يكسو عباراته من متانة وهيبة ومطلقية، إلا أنّ تلك الخطابات تحمل شيئاً من نفوس أصحابها! مثل: صراعاتهم الفكرية، وتناقضاتهم السلوكية، وعيوبهم التي يريدون إخفاءها ومحوها.
في تلك الخطابات شقوق، ترى منها-إذا أردت وبحثت- اختلالات جوهرية وصراعات دفينة. وهذا ما أراده الكاتب بصفة الـ(كذب) التي اختارها. ووصف الخداع أدقّ وأرقّ. لكنّه خداع يصل إلى خداع الذات نفسها، في محاولة لاسترضاء الضمير بتبرير الخطأ أو تجميله إلى حدّ طمسه.
مقاربة "الكذب" حسب تسمية الكاتب هنا، مقاربة فكرية، لا مقاربة أخلاقية. فليس هنا بصدد التشهير والفضح وإطلاق الأحكام، بل الكشف والبحث والانبهار بقدرة المخادع (الكاذب) وعبقرية الخداع.
ومن النقاط المهمة التي يقوم عليها الكتاب هو الفصل في الفكر والفلسفة ما بين الكذب (الخداع) والخطأ. فقد يحمل الكذب صوابا وينطق بالحكمة.
موضوع الكتاب لافتٌ، وأتمنى أن نجد لها صدىً في ثقافتنا العربية والإسلامية. فلن نعدم أمثلة من الأسماء الثقيلة والخطابات الشهيرة الرصينة.
Profile Image for Mohammed omran.
1,839 reviews190 followers
November 23, 2024
الحقيقة، إن الطبيعة مليانة أكاذيب، بتكون بغرض النجاة أو الافتراس، وموجودة حتى من قبل اختراع اللغة ومن قبل الإنسان ذات نفسه.
طيب، سيبك من الحيوانات خالص. فيه ظواهر إنسانية كمان الكدب جزء من تكوينها، يعني، الحُب مثلًا، ممكن يبدو ليك إن الحُب دا شيء طبيعي وتلقائي، وموجود من أول ما نزل الإنسان على الأرض، لكن عمرك فكرت في الحُب دا باعتباره كدبة بيكدبها عليك جسمك؟
وبتكدبها عليك جيناتك؟ يعني، افتكر كدا لمّا زهقت من أكاذيب العالم وزيفه، وكانت الحياة في عينك بلا لون، وفجأة، لقيتها قدامك، أيوة، البت اللي طول عمرك مستنيها!
ومن أول لحظة، قُلت: "أهي، نُصّي التاني. حُب عمري اللي اتخلقنا لبعض، هي دي اللحظة السحرية التمام!" للأسف، صديقي الإنسان، الزهق والتعب والمعاناة، اللي كنت حاسس بيهم قبل ما تشوف فتاة أحلامك، تسببوا في إفراز كميات كبيرة من هرمون الكورتيزول في جسمك، والهرمون دا بيخلّيك مسعور على إقامة علاقة عاطفية، علشان تهدّي مستويات التوتر اللي مبهدلاك.
وفي اللحظة دي، ظهرت هي قُدّامك، وبدأت تفكر فيها كشريك محتمل، تفكيرك في هذه الأنثى معتمد أساسًا على الشفرة الجينية اللي بتتحكم في نظرتك للأمور ولأن الإنسان زمان كان بيقيّم جسم الأنثى بناءً على خصوبتها، وإمكانياتها، لا مؤاخذة، التكاثرية،
وقدرتها على إنجاب سلالة قوية تعيش وتتحدى ظروف الطبيعة، فبقى عندهم مجموعة من المعايير، اللي انت ورثتها منهم،
جدّك البدائي مثلًا، كان بيشوف المؤخرة الدهنية الممتلئة دليل على قدرة الأنثى على الإنجاب، وبالتالي، هتدّيله عيال كتير صحتهم كويسة، يساعدوه في الصيد وفي الزراعة. وانت، صديقي الإنسان، جيناتك لا تزال أسيرة لتفضيلات جدّك البدائي دا، وبيقولولك إن دا حُب من أول نظرة، مش مجرد تطلع للتكاثر.
البت برضه، لأن الزمن جه عليها هي كمان، والكورتيزون مش عاتقها، بتشوف في مواصفات الذَكَر الجسدية، بشكل غير واعي يعني، إنك ممكن تبقى أب كويس ما أصل الجو دا مش ناقصه غير بطانية 190 سم عندها دقن!
المهم، انت شُفتها وهي شافتك والدوبامين ضرب في دماغكم انتم الاتنين، وعلى مستوى الابينفرين ودا هرمون تاني مسئول عن الشعور بالإثارة والنشوة الجنسية، وفي نفس الوقت، بتتغير مستويات هرمون تاني اسمه التسترون،
والتغيير دا بيقلل قدرتك على إصدار أي أحكام نقدية أو سلبية، خلاص كدا يا معلم، بقيتم انتم الاتنين من غير أي دفاعات نفسية،
كل واحد فيكم مش هيشوف في التاني غير كل جميل. والحوارات اللي جسمك بيحوّرها عليك دي، بنقول عليها: حلاوة الحُب وجماله، "كيوبيد" وسهامه، ويتلاعب بيك السيروتونين عشان يولّد عندك مشاعر مختلطة من الأمل والخوف والوسوسة، اللي بنسمّيها نار الحُب،
وتمسك وردة، تقعد تقطّع فيها وانت بتقول: "بتحبني! ما بتحبنيش!" لو كانت الغريزة بتكدب قبل وجود اللغه لكن لو جينا نبص على فيلسوف فرنساوي تاني، اللي هو "فرانسوا نودلمان"، هنلاقيه بيقول لـ"روسو":"انت أصلًا كداب يا (روسو)! وكداب أوي كمان!"
يعني، "نودلمان" شايف إن نظرية "روسو" في الكدب الهدف منها تبرير كدبه هو الشخصي، أو التخفف منه، لأنه "روسو" نفسه بيقول أكاذيب كتير أوي في كُتُبه، حسب كلام "نودلمان" يعني. يعني مثلًا، "روسو" في كتابه "(إميل) أو التربية" اللي قدّم فيه نظريات في تربية الأطفال، بيحاول يقنعنا إن المؤسسات الحكومية، اللي هي زي دور الأيتام مثلًا، هي أحسن مكان تربي فيه الأطفال. يا سلام! فكرة غريبة جدًا، بالنسبالك انت دلوقتي، صديقي الإنسان!
فما بالك بقى بأيام "روسو"، لمّا كانت معدلات الوفاة عالية جدًا في دور الأيتام دي! نودلمان" بيقول إن كلام "روسو" هنا محاولة للدفاع عن اختياراته الشخصية في الحياة، بعد ما الراجل هجر أطفاله الـ5، وحطهم في دار رعاية حكومية! وكان دايمًا "روسو" حاسس بالذنب ناحيتهم، وفي نفس الوقت، كان حاسس إن هو متهم، وإن الناس بتتكلم عنه بسبب فعله دا.
ويبقى نظريات "روسو" نفسها في الكدب مجرد كدبة لتبرير تصرفاته. تبنّي "روسو" مفهوم الكدب باعتباره إخفاء حقيقة لازم تظهر، بيساعده إنه يحدد هيظهر إيه ويخبي إيه، وهو بيكلمنا عن حياته الشخصية،
بما إن الإخفاء دا مش بيضر حد، حسب نظريته يعني، وبالتالي، هيفضل "روسو" يقف كل يوم قُدّام المراية، ويبص في وشه، ويحس إنه مش كداب. مع إننا ممكن نعتبره بيحاول يحقق منفعة من الكدب دا، بإنه يظهر كشخص كويس. ودي منفعة إيه؟ تطلّعه كداب عادي، حسب نظريته هو كمان"روسو" واحد من الفلاسفة اللي دافعوا عن الفكرة اللي احنا بنقول عليها بالشعبي كدا "الكدبة البيضا"، اللي هو تقسيم الكدب لنوعين، نوع شرير، ونوع تاني ممكن يبقى محايد أو حتى يبقى مطلوب وأخلاقي في سياقات معيّنة. وحتى من قبل "روسو" بكتير، يعني، كان الفيلسوف الإغريقي "أفلاطون" بيشوف إن الكذب اللي بييجي من وراه خير، هو كذب أخلاقي، بيسمّيه "الكذب النبيل"،
ممكن يبقى زي حكاية الواد اللي بيغرق كدا. بس بالنسبة لـ"أفلاطون"، الكدب النبيل دا بيتمثل أكتر في كدبة دولة على الناس
علشان السلام الاجتماعي يستمر. جايز رؤية "أفلاطون" للكدب تكون مرتبطة بحكاية الكهف المشهورة بتاعته، اللي حكاها في كتابه "جمهورية"، أفلاطون" بيطلب مننا نتخيل إننا قاعدين جوا كهف، تخيل معايا، صديقي الإنسان، قاعدين جوا كهف، ومربوطين بحيث ما نقدرش نتحرك من مكاننا، ولا حتى نبص ورانا، وفي نفس الوقت، فيه ورانا نار، والنار دي بتعمل ظلال على الجدران اللي قُدّامنا، واحنا قاعدين نتفرج على الظلال دي، وفاكرين إن الظلال دي هي كل حاجة في العالم. لكن بعد شوية، حد مننا بيتحرر، وبيشوف النار اللي وراه، فيعرف إن النار هي مصدر الظلال، وبعدين، يطلع من الكهف أصلًا، ويلاقي إن الدنيا صابحة والحياة جميلة،
ويشوف الشمس ذات نفسها، ويعرف ساعتها، إنه كان عايش في كدبتين جوا بعض! ويرجع يحكي للناس اللي تحت، فيضحكوا عليه، ويقولوله: "ولا، ولا! انت شكلك أهبل يا لا!" أفلاطون" كان شايف العلاقة بين الحاكم والمحكوم زي العلاقة بين الشخص المتنور، اللي شاف الشمس في الحكاية اللي فاتت دي، وبين الناس الموهومة اللي عايشين قُدّام الظلال. فما فيهاش حاجة يعني، لو الراجل اللي شاف الحقيقة دا، اللي طلع برة الكهف، شاف الشمس والنور، ما فيهاش حاجة لو كدب على الناس اللي تحت دي، عشان مصلحتهم،
هو أعلم منهم بكتير، وكدا كدا، حياتهم كلها كدب في كدب. طبعًا، دي النظرية المفضلة للحكومات المستبدة واللجان الإلكترونية.
يعني، أنا أصلًا عندي نظرية، صديقي الإنسان، إن "أفلاطون" دا ما كانش إنسان حقيقي، كان لجنة إلكترونية! معظم الناس هيبقوا ضد دفاع "أفلاطون" عن كدب السياسيين، بالعكس، احنا دايمًا عندنا تطلُّع إن الدولة اللي نعيش فيها
تكون دولة ما فيهاش كدب، وهتبقى دي بالنسبالنا قمة الديمُقراطية والحرية لكن رغم كدا، ممكن الكدب يكون بيزيد مع الديمُقراطية، مش بيقل، يعني، الفيلسوف الألمانية "حنا آرنت"
في مقال ليها بعنوان: "السياسة والكذب"، بتقول إن الكدب وصل في العصر الحالي إلى حدوده المطلقة وبقى كامل ونهائي، مع إنه قبلها، في القرن الـ19 مثلًا، كان الكاتب الأيرلندي "أوسكار وايلد" اشتكى من مستوى الكدب، اللي كان شايفه متدني وأي كلام وما فيهوش ضمير، خصوصًا، كدب السياسيين. علشان تفهم الفرق بين اللي بتقوله "أرنت"، واللي بيقوله "وايلد"،
تعالى نتخيل اتنين حُكّام كدابين في بلدين مختلفين، الحاكم الأول في بلد ديمقراطي. والتاني، بلد نظامه شمولي وديكتاتوري، والحاكم دا معاه كل أدوات القمع. في رأيك انت بقى، صديقي الإنسان، مين فيهم اللي هيهتم أكتر بإتقان الكدب؟
وبإن الكدب بتاعه يكون مُحكَم، وما فيهوش أي ثغرات؟ أكيد الأول، بتاع الدولة الديمُقراطية دا، كل تركيزه هيبقى على إتقان الكدب دا، لأنه أحد أدواته الرئيسية في الحُكم. لكن التاني هيوجع دماغه ويفكر ليه؟ هيقول لشعبه: "خدوا كدبة أهي ما لهاش لازمة، مشّوا بيها حالكم وخلاص ولو مش مقتنعين خالص، خلاص، اتفضلوا نورونا في السجن، وندوّر على الحقيقة المطلقة مع بعض!"
وما تخافش، صديقي الإنسان، هأشرب من غير صوت المرادي. النظريات اللي بتقول إن بعض الكدب ممكن يبقى مُبرَّر أو مقبول،
سواء كان كدب مش مؤذي لحد، أو كدب للصالح العام، كل النظريات دي فضلت مثيرة للجدل بالنسبة لفلاسفة تانيين. فعلى الناحية التانية من "أفلاطون" مثلًا، هتلاقي "كانط" الفيلسوف الألماني ذو الشخصية الضيقة جدًا، كانط" كان راجل ضيق جدًا على جميع المستويات، وبدل البحبحة بتاعة "روسو"، اللي هو بالنسباله كل الكدب ممكن يعدّي دا،
"كانط" كان شايف إن ما فيش ولا كدبة مسموح بيها، ما ينفعش نكدب، حتى لو الكدب دا هينقذ حياتنا. كان باني "كانط" فكرته دي على نظريته المنطقية في الأخلاق، اللي هي بتقول باختصار شديد إنك عشان تعرف أي فعل أخلاقي ولّا لأ،
اسأل نفسك، هل ينفع الفعل دا يبقى قانون عام كل الناس تعمله طول الوقت؟
لو الإجابة لأ، يبقى الحاجة دي مش أخلاقية، يبقى ما ينفعش تعملها انت كمان، فمثلًا، إنك تكون مؤدب مع اللي قاعد جنبك في الـ"ميكروباص"، هل ينفع تبقى دي حاجة بنعملها كلنا؟ آه، طبعًا، يا ريت أصلًا! إذًا دا فعل أخلاقي. إنك تضرب على الربع جنيه الباقي للراجل اللي ورا، عشان مش معاك فكة،
هل دي حاجة كلنا ينفع نعملها؟ لأ، لأن دا ساعتها هيدمر الثقة اللي بتعتمد عليها عملية لمّ الأجرة،
وهيعطّل العملية الميكروباصية بالكامل، أو هيأدي إلى تناقض في منطق الميكروباص بنفس الطريقة دي، "كانط" بيقولّك: "لو عايز تعرف ينفع تكدب ولّا لأ تخيل الأول عالم الكدب فيه ممكن لأي حد طول الوقت." وبما إن العالم دا هيبقى مستحيل نعيش فيه،
يبقى الكدب غلط مطلقًا طيب، يا عم الحاج "كانط"، ما فيش رخصة كدا ولّا كدا؟ ما ينفعش حتى واحنا بنهزر؟ أو واحنا بنجامل حد؟
ما ينفعش حتى لو هنموت؟ حَرْفيًا، ما ينفعش حتى لو هتموت، صديقي الإنسان،


Profile Image for Ghala Anas.
339 reviews62 followers
September 18, 2025
"تحت تأثير اللغة – وهذه هي فكرة الكذب – المشحونة بالمشاعر الأخلاقية، يتم الربط بين مختلف المنعطفات التي يتخذها بناء الشخصية المتعددة، والتي يبقى تماسكها خاضعاً للسيطرة قليلاً أو كثيراً .. فالذات تبقى شخصية هشة منبثقة عن إجراءات التذوتن. إنها ذات منقسمة، ومُركبة، ومتعددة كما تبين ذلك تناقضاتها وأعراض انشقاقاتها المجمَّعة – على نحو اعتباطي – تحت مسمَّى المؤلف"
"إن هذا الكذب الحقيقي الذي تقوم به النظرية ما هو إلا عملية تكوين ذاتي، وطريقة في الولادة، وتمثيل للذات داخل مُركب لغوي .. إن من الممكن جداً للكذب – هو الآخر – أن يقود إلى الخلاص، من خلال جمعه بين الولادة والحرية .. فالكاذب الذي لا يعرف الندامة يتحرر من واجب الحقيقة من خلال تحوُّله إلى حرباء، مستعداً لأن يتلبَّس الأدوار جميعها التي تعرضها عليه فرصةٌ من أجل التعدد .. فالطفل ذو الكلام المخادع لا ينكر الحقيقة، لكنه يهرب منها. وفي هذا الهرب تمتزج المتعة بالحرية وعدم المعرفة. سوف تُصدر الأخلاق أوامرها بالقمع، لكنَّ أذناً مرهفة السمع سوف تلتقط ما في ذلك من قوة للكذب ذي الأشكال المتعددة"
عبقرية الكذب: هل كذب كبار الفلاسفة؟ - فرانسوا نودلمان \ ترجمة: إياد عيسى
لطالما أرَّقني سؤال التناقض الإنساني، لماذا يُبدع الفيلسوف ما يخالف حياته؟ لماذا أحبُّ التنظير فيما لا أفعل؟ لماذا يجتهد الكثيرون في التنظير البعيد عما يعيشون؟ هل نولد بازدواجية فكرية أصيلة؟ هل أنا واحدٌ أم مُتعدد؟
يتناول الكتاب أسئلتي هذه، ويحفر خلفها باحثاً عن الإجابات في الوقائع الوجودية لفلاسفة كُثر، مثل سيمون دو بوفوار وروسو ودولوز وغيرهم، ويقع على احتمالات الإجابة مفسِّراً إياها ضمن علم النفس الوجودي الذي يشتغل بأكثر الكائنات المتعددة تعقيداً.
وجدته يقترب كثيراً من كتاب "فوائت الحياة: في مدح حياة لم نعشها" لآدم فيليبس، فهو يشتغل في الإطار ذاته، ولكن كتاب فيليبس يوجز القول في المحاولة الإنسانية للهرب، ولم يتطرق إلى كون الفلسفة والأدب من أهم الطرق التي يهرب بوساطتها المرء من نفسه.
كتابٌ عبقريُّ، يشرح التناقض الإنساني الذي يمدُّ الفلسفة بالطاقة النفسية كي تُبدع المفاهيم والنظريات والنُّظم، مُثبتاً أن الإنسان ابنُ خياله، وأن التجربة الأدبية أمُّ الفلسفة وأصلها، ولا تُفهم الأخيرة إلا بها.
قد لا يقع المرء على كتبٍ كثيرة بهذه الشجاعة، لا سيما إن ظل يصدِّق كل ما تجيء به الفلسفات، لاهياً عن المشترك بينه وبين الفيلسوف الذي يحاول فهمه.
أحببتُه كثيراً، يُقرأ مراراً، وأنصح به بشدَّة.
Profile Image for Nuha.
83 reviews6 followers
December 7, 2024
يتناول المؤلف فكرة مميزه , ودراسه عميقه في حياة الفلاسفه , مإ إذا كانت فلسفتهم جزء من تجاربهم , وانعكاس لخيباتهم وحياتهم الاجتماعية والأسريه ... وأنها لا تتجاوز ذلك مهما حاولو التمويه والكذب والإسقاط بشأن ذواتهم ..
خمس نجمات بجدارة...
Displaying 1 - 5 of 5 reviews

Can't find what you're looking for?

Get help and learn more about the design.