إنّ الرغبة في سرد الحكاية وتلقيها صفتان مُتأصّلتان في الذات البشرية. وقد وصل شغف الإنسان بالحكاية إلى درجةِ أنه يجدُ فيها حلًّا للأزمات المُطلسمة. كما أخذت القصة في النصوص الدينية دورًا محوريًا ولها وظائف مُتعدّدة، ولعلَّ في الإشارة إلى هدهد سليمان، الذي لولا تمكّنه من سرد حكاية عجيبة لكان من الهالكين، دلالة بليغة على تأثير القصص وفاعليتها. ومن هنا يمكنُ فهم مضمون مقولة «أليساندرو باريكو» بأن «الأحداث بلا حكاية لا وجود لها»؛ لأنَّ ما يعطي الديمومة للحدث ليس زمن وقوعه أو الفاعلين في ملابساته، بل تداوله في صيغ قصصية. ويرى «باريكو» في محاولة الإسكندر الأكبر الانتحار غرقاً خلال مرضه، رغبة في إسباغ المصداقية على حكايته؛ أي أنَّه من سلالة الآلهة، فقد كان يؤسفه أن يراه جنوده متحوّلاً إلى جثة هامدة. وفضّل الفيلسوف اليوناني «أميتروفليس» أن يترك وراءه حذاءه عندما ألقى بنفسه في فوهة البركان حتى لا تضيع قصة انتحاره.
عندما نتحدث عن الكهف كعنصر في العنوان فنحن أمام إحالة لكهف أفلاطون الذي يحمله كل شخص داخل نفسه : الحقيقة /صورة الحقيقة او حتى كهف نيتشه الفلسفي الذي يحمينا من عبث الواقع و العنوان هنا أيضا يحيلنا الى كل ما يتمثله الإنسان من واقع و هذا ما نجده عبر مجموعة مقالات حول الكتابة السردية و علاقتها بالقارئ في زمن مواقع التواصل و كذلك أهمية القصة و الرواية في تمثل الواقع و في عيش التاريخ . الكتاب موجه لكل محبي القراءة و المقالات تحيل على اقتراحات قرائية عديدة و متنوعة 👍👍👍👍. كتاب أنصح به .
كتاب كهف القارئ (كه يلان محمد)، يطرح في الجزء الأول منه عن فن الرواية وهي بطبيعة الحال(ابنة الغرب)، وهل هي كتابة للحياة بحيث يشعر القارئ أنه يفهم ثنايا تحركات الفكر ويتفاعل القارئ مع الكاتب بسماع أصوات متناقضة وكثيرة، وأنها تتميز بمساحة أكبر للحرية في الكتابة ولها التأثير الأكبر في وصولها لكثير من فئات المجتمع، وأنها تنشر كثير من الدروس المهمة في حياة الإنسان والأفكار في قالب قصصي وسردي لوصول لرسائل قد تكون مشفّرة في ظل عقبات كثيرة، أم أنها مجرد متعة وترف!. يناقش الكتاب كثير من الموضوعات الشيّقة مثل الكاتب في زمن وسائل التواصل الاجتماعي وعلاقة القراءة في ظلّها. ويطرح الكتاب أرآء كثيرة حول انتشار الرواية بصفة عامة وعلاقة الناقد بها وهل هي تتقاطع مع الفلسفة في استكشاف الوجود وإثارة المزيد من الأسئلة على حد قول(ميلان كونديرا).