ولد عام 1936 بالسودان نشأ في مدينة الاسكندرية،هناك حفظ القرآن الكريم
درس بالمعهد الديني بالاسكندرية ثم انتقل إلى القاهرة أكمل تعليمه بالأزهر كلية العلوم عمل محررا ً أديبا ًبالصحف المصرية والسودانية وعين خبيرا ً إعلاميا ً بالجامعة العربية1968- 1970 عمل مستشارا ً ثقافيا ً في السفارة الليبية بإيطاليا شغل منصب مستشارا ً وسفيرا ً بالسفارة الليبية ببيروت ثم مستشارا ًسياسيا ً وإعلاميا ً بسفارة ليبيا بالمغرب يعتبر الفيتوري جزءا ً من الحركة الأدبية السودانية
مؤلفاته:
1- أغاني إفريقيا 1955- شعر ط2 1956.
2- عاشق من إفريقيا 1964- شعر.
3- اذكريني يا إفريقيا 1965- شعر.
4- سقوط دبشليم 1968- شعر.
5- معزوفة لدرويش متجول 1969- شعر.
6- سولارا (مسرحية شعرية) 1970.
7- البطل والثورة والمشنقة- شعر 1972.
8- أقوال شاهد إثبات- شعر 1973.
9- ابتسمي حتى تمر الخيل- 1975- شعر.
10- عصفورة الدم- شعر- 1983.
11- ثورة عمر المختار- مسرحية 1974.
3- عالم الصحافة العربية والأجنبية- دراسة- دمشق 1981.
4- الموجب والسالب في الصحافة العربية- دراسة- دمشق 1986.
سرقوا فمي لم يتركوا لي غير قافية خجول سرقوا فمي لم يتركوا لي ما أقول ..)
يقول الشاعر الذي - سرقوا فمه- وهذا وصف يحتاج من الشاعر شجاعة ليصف نفسه بهذا الوصف تحديدًا لما له من إيحاءات تعقد قضيته ، قد يستنتج البعض سوداوية الفكرة و لكن برأيي هو سعيد بهذا الوصف فلقد سرقت قضاياه فمه لتحدثكم بنفسها.. هذا يعني أن قضاياه نضجت كفاية لتقوم بفعل محاكاتنا بمفردها
من قصيدة ( ليس طفلاً و حجارة )
ليس طفلاً، ذلك الخارج من أزمنة الموتى .. إلهىّ الإشارة ..
ليس طفلاً وحجارة .. ليس شمسًا من نحاسٍ و رماد .. ليس طوقاً حول أعناق الطواويس، محّلى بالسواد ..
إنّه طقس حضارة إنّه إيقاع شعب و بلاد..
إنّه العصر يغطى عريه، فى ظل موسيقى الحداد
ليس طفلاً ، ذلك الخارج من قبعه الحاخام من قوس الهزائم.. ليس طفلاً و نمائم..
إنّه العدل الذى يكبر فى صمت الجرائم
إنّه التاريخ مسقوفاً بأزهار الجماجم!.. إنّه روح فلسطين المقاوم..
إنّه الأرض التّيْ لم تخن - الأرض - .. ً و خانتها الطرابيش و خانتها العمائم
إنّه الحق الذى لم يخن - الحق - .. و خانته الحكومات و خانته المحاكم !..
من قصيدة ( هوانا )
الهوى كل هوى دون هوانا نحن من أشعلت الشمس يدانا و الخُطى مهما تناءت أو دنت فهى في دورتها رجع خطانا و إذا التاريخُ أغنى أُمَّةً بشهيدً فأُلوف شهدانا و اذا الثورة كانت بطلاً يطأُ الموت ويحتلّ الزمانا فلنا في كُلِّ جيل بطل مجدهُ يحتضن المجد إحتضانا عرب’’ نحن .. وهذا دمنا يتحدى في فلسطين الهوانا
هل قلت لكم مسبقًا أن هناك ثمة قصائد كالمصائد تتربص بنا .. لها شهية الصياد ولنا شهية الفريسة التي تطلب الأمان من مصيدة بكماء! حسنًا هذه المصيدة ليست بكماء فقط نحن من نسينا آذاننا صماء !..
قصائد الشاعر السوداني محمد الفيتوري لها مناخاتها الواقعية التي تسعى لكشف أزمات صمتنا عبر أزمة بوح شاعرنا .. الفيتوري، تمتاز القصائد ب لعبٌ لغوي بديع يصرع ذهنك و لكنه لن يخالف توقعاتك بل ستسامرك الحروف مسامرة الندماء القدامى - العقلاء بالطبع- وكأنك سمعتها و ألفتها مسبقًا ، ثمة سحر إضافي ستجده في تقطيع الجمل بشكل صحيح و هذا أكثر ما يلفت انتباهي في الجمل الشعرية من حولي.
راقت لي القصائد .. و نصيحتي تجول في هذه الحديقة الحرفية !..
ربما لم تكن .. ربما لم نتقاسم معك هذا الجرح .. ربما لم نحلم معك بسماء صافية وعوالم بلا ضباب ها أنت ذا حيثما أنت تمضي لست غريبا بقدر ما هو غريب واقعك المظلم الذي لم تشفع له الرؤى القديمة ولا الماضي المتناثر في الحاضر هكذا ولدت سمرة تخضبت باللامكان ولم تجد معناك إلا في خبايا القصيدة .. أيها الواقعي الذي لم يفقد معناه في أزمنة الموات التاريخي في عنصرية الإنسان المضجرة ولم يترك دمه سدى على خريطة الحروف وقال ما لم يتركوه أن يقول فظل قمة في الصورة والإبداع
الهوية , فلسطين , العراق , الحرية في كافة صورها مثلت منعطفات الفكرة في الديوان
الشعر الحر , الموسيقى العالية , والروح النثرية هي ايقاعية القصيدة في الديوان
خريطة العربي .. ملكة الكلمات .. اللحن المتدفق .. والصورة المعبرة تضعك بين عوالم الفيتوري ليخلد المعنى
سامحني يا فيتوري سامحني فلقد تأخرت بقرأتك تأخرت جدا هذا سحر وليس شعر كان قلبي بين يديك أقلب أوجاع و همومك التي هي همومي وآقول هذا ما اريد ان أقول حجبوا الله والشمس والحب عنه فأصبح سجنا كبيرا وضاق جزؤه وقد كان شعبا فأضحى شعوبا معبأةً في زقاق #الفيتوري لازلنا كما ذكرت ايها العظيم يا ابن النيل الرحمة لروحك والسلام عليك
عن الشعر الشعر عن ثورة الحواس، اللغة والوطن عن فتائل متّقدة كالبراكين واشعال القصيد كجبهة ثائرين عن المفردة وجمالها وخيالها عن نسج أسرجة العروبة وحشد انتصاراتها عن كل حِس مجاز وكل مجاز كُتِب بحس عن هوية بلاد العرب أوطاني من فلسطين ومصر إمتداداً للعراق عن إيقاع أغنيات ترقص على لسان القارئ رغماً لجودة وروعة ما يقرأ عن المعاني الثِقال ورجاحة البيت دون اهتزاز عن الحروف المحال أن تخون كاتبها بل وتصل به لأبعد ما عناه عن القومية الأم التي توحّد العرب رغم تفرقتهم عن كل جمال وفن تنتشي به أثناء مزاولته وبعد الإنتهاء منه تشع القافية المُحببة بين ثنايا أغلب الأبيات والغير مصطنعة
للأمانة الديوان مذهل لولا مأخذ ما؛ لي عليه ( لن أذكره) ثمّ انفعاليته في بعض الأبيات رغم أنّني لستُ ضد أي جميل بغض النظر عن المذهب أو الديانة أو المُعتقد ولكنه أسهب بشكل منفر في بعض المديح
ديوان شعري يقع ضمن ١٥٧ صفحة موزعة على ١٧ قصيدة فيما يتعلق بقصائد بغداد( يأتي العاشقون إليك يا بغداد) أبدع إبداعاً عجيباً
ولا يسعني قبل النهاية إلّا أن أشير للبادئة ( للإهداء) الذي جاء ملفتاً نسبة لي على نحو آسر :
إلى الزهرة الإفريقية .. جدتي المسكينة القائمة في ذاتي .. رغم شواهد النسيان
الزهرة الإفريقية لأنّ الشاعر سوداني محمد مفتاح الفيتوري شاعر سوداني بارز يعد من رواد الشعر الحر الحديث ويلقب بشاعر إفريقيا والعروبة وتم تدريس بعض أعماله ضمن مناهج آداب اللغة العربية في مصر في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي كما تغنى ببعض قصائده مغنّون كبار في السودان.
يستحق القراءة والتزكية لمحبي الشعر ثم رقة الديوان تجعل منه رفيق خفيف الظل في كل مكان و وقت
اقتباس : * لم يتركوا لكَ ما تقول والشّعر صوتك حين يغدو الصمت مائدة وتنسكب المجاعة في العقول
* وهل الغناءُ إذا تساقطت الدموع هو الغناء؟ وهل التناهي في الظهور هو التناهي في الخفاء ؟ وهل التّرابُ هو انحباسُ الرّوح في فلك الزّمان وهل الحنين؟ لحيثما اشتعل الحنين هو المكان؟
* عارياً إلّا من الكوفيّة الحمراء والحجر المُخضّب في يديه وألفُ نيشانٍ من الذهب المرصّع فوقَ صدرٍ لم يخُض حرباً
قصيدة التراب المقدس المتنبي: و ينحني شجر الأيام مقام في مقام العراق: و دعيني أغب فيكِ، طائر شعر.. جناحاه من نغم و احتراق بقدر ما تتسع السماء: لغة تمحو.. تتفاقم.. توغل.. تؤرق ليل نهار.. لغة متناهية في الله بعض الوشم يرسم ظله فوق الجباه.. و البعض مثل النقش.. ينخر في المعاصم و الشفاه يأتي العاشقون إليكِ يا بغداد: لم يعرفوك، و أنت توغل عاريا في الكون إلا من بنفسجة الذبول قصيدة رؤيا
شاركتني في رؤيتي الطفولية لقشرة الانسان.. كنتَ معي إذا تقاسمني نظراتهم و تعليقاتهم القاسية على سمرتي الحزينة جميل إدراكك أنه شرارة.. و جميل تصالحي معه بطريقتي كنت متشوقة لرائحة افريقيا و لكني وجدت الديوان مشبع بالقومية العربية.. ليس غريبا أن أخطئ العنوان في أول زيارة، و ليس بعيدا أن أكررها قريبا، فقد شدتني ارتجافة الصوفي في الكلمات
"كلُّهم ذَاتَ يومٍ .. تغيمُ سَمَاوَاتُهُمْ ثُم لا يُمْطِروُن!” بأي قلب يكتب الشعر ابن السودان هذا .. وحده الشعر يصدق عندما يخون الجميع .. والفيتوري مذهب العقل الحلال ..
يأتي العاشقون اليك ....ديوان شعري الشاعر / محمد الفيتوري عدد الصفحات / 162 عدد القصائد / 17 قصيدة
شاعر مبدع ومتمكن يستهل ديوانه بمقدمة جميلة توضح ظروف نشأته وتتضح فيها معاناته من الطبقية وهو شاعر حر في لفظه وفكره جذوره صوفية وابيه كان شيخا او خليفة للطريقة الشاذلية الاسمرية . دفع ثمن مواقفه السياسية ومعارضته للنميري بسحب الجنسية منه وكذلك سحبت منه لاحقا الجنسية الليبية بعد سقوط نظام القذافي ثم استرجع حقه بجنسيته السودانية في 2014 ( مأساة اي معارض عربي كالعادة ) !!! الديوان متفرق ومتنوع ولغة الشاعر سلسة تقف في المنتصف بين الكلاسيكيين وبين النثريين حيث تتغلب الموسيقى الداخلية والقافية على النزعة النثرية في السطر الشعري. وفي رأيي ان السطر الشعري من المفترض انه انطلاقة شعرية للامام لكن للاسف تم التحايل عليه لاحقا بظهور ( العك الحر ) او ما يسميه ( قليلي الموهبة وعديمي الابداع ) الشعر الحر . الديوان ديوان ( مكاني ) حيث يحضر المكان ( العراق – بغداد – مصر – الاسكندرية – فلسطين ) في كل القصائد اما موضوعا للقصيدة ومحورها مثل انها مصر ويأتي العاشقون اليكِ وقصائد فلسطين او مموهة في ثنايا القصائد . خيال الشاعر جميل جدا وتعبيراته منمقة غير مفتعلة وعفوية بشكل مذهل. لم تعجبني بعض ( التجديفات ) اللفظية لا اكثر. روائع من الديوان يقول في قصيدته انها مصر سلام لارتعاشات الايادي والمناجل لحائط الصفصاف والكافور والحور وأمواج المشاعل لبحة الناي وأهات الاراغيل وايقاع الجداول لقامة سمراء يكسوها الصبا الحلو وخلخال يغازل لوجه فلاح عن التربة والتاريخ والحب ..يقاتل وللعصافير التي تجري مع الاطفال في عيد السنابل وعن اطفال الحجارة انه العدل الذي يكبر في صمت الجرائم انه التاريخ مسقوفا بازهار الجماجم انه روح فلسطين المقاوم انه الارض التي لم تخن الارض وخانتها الطرابيش وخانتها العمائم وأما قصيدته في الاسطورة ( المتنبي ) فهي قصيدة اقل ما توصف انها تليق بالمتنبي ولا اعتقد ان هناك درجة شعرية لقصيدة ارقى من ان تنسب باي وجه لما يخص المتنبي . بغداد أقل مـجدك أن الفاتحين وقد جاءوا غزاة على ابوابك انكسروا وبعض مجــدي أن الكون لي فلكٌ شعري وانت عليـه الشمس والقمرُ ويقول واصفا الموقف العربي في قصيدته الى العراق فالأمس كان مراهقة والنضال القديم ارتزاق والجيوش التي سمنت في حظائر حكامها كذبة .. واختلاق انما يسترد البلاد الرجال الأسود وليس الرجال النياق وفي الثورات وفلسطين واذا الثورة كانت بطلا يطأ الموت ويحتل الزمانا فلنا في كل جيل بطل مجده يحتضن المجد احتضانا عرب نحن وهذا دمنا يتحدى في فلسطين الهوانا ويقول في اجمل قصائد الديوان والمسمى باسمها أكاد اني لا اصدق عاريا الا من الكوفية الحمراء والحجر المخضب في يديه وألف نيشان من الذهب المرصع فوق صدر لم يخض حربا وألف اذاعة قصفت متاريس العدو وألف اغنية مسلحة من الوزن الثقيل وألف طاغية يعلق سيفه قمرا على عرش ذليل .. لمن اذا ..؟؟!! تلك الاساطيل التي يبنونها ؟! للنازية السوداء أم للطفل؟ ام للمشي خلف جنازة الوطن القتيل ؟! ياا اللــــــــه على ابداع الكلمة والمعنى في شعر الفيتوري هنا
أول قراءه ليا في عالم محمد الفيتوري ،سوداني النشأه مصري الدراسه
"أنا هذا الراحل أبدا ،من أفق إلى أفق ،المقيم في التناقضات و التفاصيل المجهوله .. تركيبة العلاقات الإستثنائيه و الغامضه ،بركان العواطف و الميول المضطربه ،حائط التوازنات الدقيقه المدهشه ،المنسوجه من لحظات اختلال التناغم وانعدام التساوي و الانسجام" ...
"في المحاولات التجريبيه لكل ذي موهبه ،يظل حلم التجاوز هدفا بعيد التحقيق ،وتظل العمليه الإبداعيه ذاتها ،هاجسا خرافيا ،عذابا ذاتيا ،أبديا ومستحيلا في آن"
من مقتطفات أشعاره:
وفي بوخارسْت بلادي أزْمٍنةُُ تكْنٍزُ الفقرَِِ خلف خزائنها وسُكونُُ جريحْ وأشباحُ موْتى مٍنَ الجوع تخضرُّ سيقانهم في الرمال ْ وتيْبُسُ ثمّ تقِيح! .....
وَمَجْد’’ من الكبرياءِ الذليلة
وَالْكذِب العربيِّ الفصيحْ
((كأنّك لمْ تأتِ إلاَّ لِكيْ تُشعِلَ النَّارَ
في حطب الشَّرقِ وَحْدك
في حطب الشرقِ وَحْدَكَ
تَأْتِي..
وَشَمْسُكَ زَيُتُونَة’’
وَالبَنَفْسَجُ إكليلُ غَارك
ولا شيء في كُتبِ الغَيْبِ غَيرُ قَرَارِكْ)) .... يا أيُّها الطيْفُ مُنْفلِتاً مِنْ عُصُورِ الرَّتَابِةِ والمسْخِ مَاذا وراءك في كتب الرمل؟ ماذا أمامك؟ في كتب الغيم
إلاّ الشموس التي هبطت في المحيطات والكائنات التى انحدرت في الظّلام و امتلاُؤك بالدَّمْع
حتَّى تراكمت تحت تُراب الكلام .....
قد مرّ طاغيةُ من هُنا ذات ليل
أَتى فوق دبّابةٍ
وتسلَّق مجداً
وحاصر شعباً
غاص في جسمه
ثم هام بعيداً
ونصَّب من نفسه للفجيعة رَبَّا .....
إنما يستردُّ البلادَ .. الرجالُ الأُسودُ وليس الرجالُ النِّياقْ وفلسطينُ أرضٌ وشعبٌ وليست كما زعموا حارة أو زقاقْ ويُسائلُكَ الميّتُ الحيُّ .. والدمُ يختالُ منتصراً أو يُراقْ عاصفٌ غيمُ تلك الليالي على أنّ موجاً منَ البرق في الغيم باقْ ......
ولا تقول كما يقول الآخرون سكان هذي الأرض موتى.. الميتون هم الذين تفاخروا يوم السقوط بأنهم يتساقطون الميتون هم الهزيمة تحت رايات الهزيمة والخيانة ملء أبواق الخيانة الميتون هم الطواويس المتوجة المهانة الميتون هم الإدانة! ....
فتعلّم، وتعلّم أن إشراقَةَ أيامٍكَ في إشراقة الناس وأن القهر موت يسكن القاهر والبغض رماد الروح والظلم عقيم وتعلم.. أن عدل الله في الأرض.. وفي الناس مقيم ...
خارجاً من دمائك تبحث عن وطن فيك مستغرق في الدموع وطن ربما ضِعْتَ خوفاً عليه وأمعنت في التِّيه. كي لا يضيع أهو تلك الطقوس؟ التي ألبستك طحالِبها في عصور الصقيع! أهُو تلك المدائن؟ تعشَقُ زوارها، ثمّ تصلبهم فى خشوع أهو تلك الشموس ؟ التي هَجَعَتْ فيك حالمةً بمجىءِ الربيع أهُو أَنت؟ وقد أبصرتك العيون.. وَأبْصَرْتَها في ضباب الشُّمُوع! *** خارجاً من غَيابِك لا قمرٌ في الغياب.. ولا مطرٌ في الحُضُور مثلما أنتَ في حفلة العُرس والموت لا شيءَ إلَّا انتظارٌ مَرِير وانحناءٌ حَزينٌ على حافُّة الشِّعْر في ليل هذا الشِّتَاءِ الكبيرْ تَرْقُبُ الأُفُقَ المُتداخِل في أفُقٍ لم يزال عابراً في الأثير رُبَّما لم تَكُن.. رُبَّما كُنْتَ في نحلة الماءِ أو يَرَقاتِ الجُذُور رُبَّما كان أجمَلَ لو أطبقَتْ رَاحَتاكَ على بَاقَةٍ مِنْ زهور!
تلفتني بعض الإهداءات في بداية الكتب إلا أن هذه كانت غريبة حقاً ,أن تهدي كتابا لجدتك القائمة في ذاتك رغم شواهد النسيان ,فهو فعل إنساني فعل نبيل.. محمد الفيتوري الشاعر الإنسان يجسدالإنطلاق من الواقع الى الحلم,الإنفلات من المحدود إلى اللامحدود,التحول الخلاق والمستمر,من جمود العادي ,والنمطي,والشخصي من صورة العاشق إلى هوس المجنون,إلى شطحة الصوفي,إلى السقط في طحلبة الموت,والخلود في شجرة الحياة..
وذات يوم.. كلهم يشعلون أصابعهم في الفضاء ويستدفئون! كلهم يَنحِتون تماثلَهم في الضباب ولا يسأمون! كُلُهم فلماذا المجاعةُ,والدمُ,والصرخاتُ.. لماذا الحروبُ؟ لماذا الجنون!! كلهم ذاتَ يوم .. تغيم سماواتهم ثم لا يمطرون!
أمس جِئتَ غريبا وأمس مَضيَتَ غريبا وها أنت ذا حيثما أنت تأتي غريبا وتمضي غريبا تحدق فيك وجوه الدخان وتدنو قليلا وتنآى قليلا وتهوى البروق عليك وتجمد في فجوات القناع يديك وتسأل طاحونة الريح عنك كأنك لم تك يوما هناك كأنك لم تكن قط يوما هنالك °°°°°°°° إنما يحصد القهر من يزرع القهر في زمني إنما يلبس الخوف من ينسج الخوف في بدني إنما الموت موت ابتلائي أما أنا فسأبقى أراقص حريتي وأدافع بين هدير الملايين عن وطني
°°°°°°°°°° إن حريتي هي ميراث أرضي ومعجزتي وتوهج دربي إن حريتي هي حريتي في خلود نضالي وفي عبقرية شعبي إن حريتي هي بدئي وخاتمتي وهي ديني العظيم وربي °°°°°°°°°°
فانتزع نفسك من نفسك واشعل أيها الزيت الفلسطينى أقمارك وأحضن ذاتك الكبرى وقاوم وأضىء نافذة البحر على البحر وقل للموج ان الموج قادم ليس طفلاً ذلك القادم فى عاصفة الثلج وأمواج الضباب ليس طفلاً قط فى هذا العذاب صدئت نجمة هذا الوطن المحتل فى مسراك من باب لباب مثل شحاذ تقوست طويلاً فى أقاليم الضباب وكزنجى من الماضى تسمرت وراء الليل مثقوب الحجاب °°°°°°°°°
خارجا من دمائك تبحث عن وطن فيك مستغرق في الدموع وطن ربما ضعت خوفا عليه وأمعنت في التيه كي لا يضيع أهو تلك الطقوس التي ألبستك طحالبها في عصور الصقيع تعشق زوارها ثم تصلبهم في خشوع أهو تلك الشموس التي هجعت فيك حالمة بمجيء الربيع أهو أنت وقد أبصرتك العيون وأبصرتها في ضباب الشموع خارجا من غيابك لا قمر في الغياب ولا مطر في الحضور مثلما أنت في حفلة العرس والموت لا شيء إلا انتظار مرير وانحناء حزين على حافة الشعر في ليل هذا الشتاء الكبير ترقب الأفق المتداخل في أفق لم يزل عابرا في الأثير ربما لم تكن ربما كنت في نحلة الماء أو يرقات الجذور ربما كان أجمل لو أطبقت راحتاك على باقة من زهور °°°°°°°°°° كلهم يشعلون أصابعهم في الفضاء ويستدفئون كلهم ينحتون تماثيلهم في الفضاء ولا يسأمون كلهم فلماذا المجاعة والدم والصرخات لماذا الحروب ... لماذا الجنون ؟؟ كلهم ذات يوم تغيم سماواتهم ولا يمطرون !!!
في مقدمة الكتاب وصف الفيتوري قصائده الأولى بالسّاذجة و الطّفولية؛ لإنها كانت تتحدث عن لونه الذي اعتبره حاجزًا، الأمر الذي أدركه عندما اكتهل أنه لا يوجد حاجزٌ واحد بل ثمة حواجز أخرى، وهذا يظهرُ جليًّا في ديوانه هذا.
يقول الفيتوري:" إن جوهر الإبداع الشعري عندي، إنما يُقاس بمستوى قدرته على التماس أو التّضاد، مع هذه الهموم الكلية للإنسان والمجتمع."
وقد أبرز الفيتوري جوهر إبداعه عندما جمع بين همه الشّخصي و هم الأمة أجمع متمثلاً بالقضية الفلسطينية أولاً وبالعراق ثانيًا وثالثهما الاعتزاز بعرقنا العربيّ.
ببساطة هو شاعرٌ فذٌ يهوى الخروج عن المألوف، متجذرٌ بلونه، معتزٌ بعروبته، رحالةٌ يهوى العِراق ومِصر.
أسمع زفرة العربي الأخير في صوت الفيتوري عابرًا البدايات والنهايات، أحاول منع نفسي من الغرق في حنين إلى برَدى ونيل وفرات، إلى كل أنهار جنان عدن التي سقطت وستسقط.. أسقط كذلك، أفشل، أحنّ ديوان ينساب نهرًا رابعًا يرثي الثلاثة. سحرٌ وحربٌ، ودمٌ لايعرف أين يتوقف وعلى أي ضفة يستريح ويمدّ أقدامه حتى ينام؟
مقدمة باهرة تكاد تكون لكاتبها سيرةً لوحدها! أحس التعب في عيني -حقيقيًا عضويًا- حين أقرأ "وأن لي عينان قد تعبتا كثيرًا ، دون جدوى، تتعقبان هذا الهاجس الجنوني، الانطلاق من الواقع إلى الحلم"
مثلك تمامًا يا الشاعر اكتهلنا يافعين..
"كان يا ما كان في الزمن الطريح على فراش الموت كان فتى من الصحراء يدخل ظل خيمته ويحلم كان يحلم كان يحلم"
إنما يحصد القهر من يزرع القهر في زمني إنما يلبس الخوف من ينسج الخوف في بدني إنما الموت موت ابتلائي أما أنا فسأبقى أراقص حريتي وأدافع بين هدير الملايين عن وطني له الرحمة والمغفرة
هذا المساء كأنّ ثمّةَ مَن يُرَقّعُ غيمةً مثقوبةً هذا المساء كأنّ أجنحةً فلسطينيةَ الألوان تَزلقُ في الهواء كأنّ طفلاً حاملاً حجراً يراوغُ قاتلاً مُتربّصاً ويغوصُ في عينيه يحفرُ في صخور الجاهليّة جدولاً للضوء ثمّّ يغيبُ خلف ظلام من قتلوا ابتسامته ومن قتلوه كان الطفلُ ذو الكوفيّةِ الحمراء يركضُ عارياً إلا من الحجر المُخَضَّبِ في يديه أكاد..إنّي لا أُصدّقُ عارياً إلا من الكوفيّة الحمراء والحجر المخضَّبِ في يديه وألفُ نيشانٍ من الذهب المرصَّعِ فوق صدرٍ لم يخضْ حرباً وألفُ إذاعةٍ قصفت متاريسَ العدوّ وألف أغنيةٍ مسلَّحةٍ من الوزن الثقيل وألفُ طاغيةٍ ، يُعَلّقُ سيفه قمراً على عرشٍ ذليل **** أرأيتِ يا بغداد؟ يأتي العاشقون إليك ِ مثقلةُ حقائبهم بماء البحر والصدف الشتائي القديم وزنبق الأمطار يأتي البحر ذو الرايات فوق خيوله الزرقاء مسبوقاً بأجنحةٍ مباغتةٍ من الأنوار تأتي الشمس حاملةً كؤوس رحيقها الأزليُّ ليل نهار يأتي الشعر والشعراء في زمن انشطار الضؤ، يأتي الشعر والشعراء شاخصةً نواظرهم ، الى بغداد كعبتنا التي سجدت على عتباتها شمس المجوس