هذا الكتاب هو الأول في سلسلة مشروع الحضارة و التي تنطلق من القوانين العامة للحضارة و دورة حياتها، ثم تضيق دائرة الموضوع نحو خصائص الحضارة الإسلامية، ثم الحضارة و الدولة أو الحضارة و المجتمع لتنتهي السلسلة إن وفقنا الله لذلك بكتاب حول الحضارة و العلوم، وهذا المشروع بدأت العمل عليه منذ سنوات و أسأل الله أن يوفقنا لإتمامه
الكتاب كان جد رائع رغم أن دار النشر ظلمته بالكم الهائل من أخطاء حيث جاءت الكثير من الكلمات متلاصقة ببعضها البعض على كل تحدث الكاتب عن الحضارة و معناها وبين الفرق بين الحضارة الربانية و التي يكون مصدرها الوحي و بين الحضارة التجريبية ثم وضح فكرة دورة الحضارة عند مالك بن نبي و الذي تأثر إلى حد ما بفكرة دورة المجتمع عند إبن خلدون حيث تنقسم دورة الحضارة إلى ثلاث مراحل مرحلة الروح و يكون فيها رواد الفكرة الغيبية التي تقوم عليها الحضارة مستعدون للتضحية بأرواحهم في سبيل بقاء الفكرة مرحلة العقل و التي تكون الحضارة قد تمكنت فتبدأ بالإستفادة من الحضارات الأخرى و تنتج أفكارا تقنية و إبداعية كتنظيم الجيوش أو نظريات مجتمعية أو ماشابه و أخيرا مرحلة الغريزة حيث تتوقف الحضارة عن الإبداع و تظل تجتر ما سبق من أمجاد الأسلاف و يظهر ذلك خاصة في العلوم الإنسانية حيث يصيبها الجمود وللمجتمعات حالات مختلفة المجتمعات تختلف من مجتمعات ماقبل الحضارة إلى مجتمعات الحضارة إلى مجتمعات مابعد الحضارة و ليس بالضرورة أن يكون الإنتقال من حالة إلى التي تليها مباشرة فمجتعات الخليج مثلا إنتقلت مباشرة من حالة ماقبل الحضارة إلى مابعد الحضارة بعد اكتشاف النفط فأصبح المجتمع الخليجي إستهلاكيا بإمتياز يستورد أفكار الحضارة الغربية كما هي و يقول الكاتب أن الحضارة الغربية نجحت أيضا في سحب المجتمع الجزائري الذي كان يحارب الإحتلال الفرنسي بالأفكار قبل السلاح نجحت في سحبه بعد الإستقلال إلى دائرة مابعد الحضارة
نقطة مهمة إختلاف الحضارة عن التنمية فالتنمية كما يحدث في تركيا و ماليزيا مثلا إلا ذلك لا يخرج عن إطار الحضارة الغربية فتلك التنمية تدور في فلك أفكار الغرب ذاته كالمادية و الديمقراطية و اللبرالية ويقول الكاتب أيضا أن المجتمعات البدوية أي مجتمعات ماقبل الحضارة تكون الأقرب إلى إنشاء حضارة فمجتمعات الصومال و أفغانستان أقرب إلى إنشاء أفكار تقنية تنتمي إليهم لا إلى الدائرة الغربية فقد تجد أفغانيا مثلا يصنع سيارة ستجد تلك الفكرة طريقها في ذلك المجتمع على عكس إذا حدث الأمر في الإمارات مثلا وذلك سر تصدي الحضارة الغربية لمجتمعات كالصومال و أفغانستان
و أخيرا يقول الكاتب أن كل حضارة تحمل بذور موتها في فكرتها الغيبية، فالحضارة الرومانية كانت فكرتها بالتسامح مع أي فكرة في سبيل إعلاء مجد روما و كان ذلك سببا لإنهيارها وأيضا الحضارة الغربية فكرتها هي البحث الدائم عن الحقيقة -و هو ما قد أفرد الحديث عنه لاحقا وبخاصة تأثرنا بذلك في البحث الأكاديمي إذ تجدنا نبحث من أجل البحث فقط- بإستثناء الحضارة الإسلامية فهي تملك بذور نجاحها و إستمرارها في فكرتها الغيبية التي تتلخص في لا إله إلا الله محمد رسول الله