تبلور المشروع الوطني الفلسطيني، عقب مرحلة من التخبط السياسي في عهد الانتداب البريطاني، مع ولادة حركة "فتح" في أواخر خمسينيات القرن العشرين، وانتقل، عبر تطوره، من مشروع تركّز على تحقيق هدفَي التحرير والعودة، إلى مشروع تركّز، في المقام الأول، على تحقيق هدف الاستقلال في إطار دولة فلسطينية تحددت حدودها في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة، ثم إلى مشروع راهن على أن تقوم هذه الدولة بعد مرحلة انتقالية من الحكم الذاتي، وهو الرهان الذي خاب وولد المأزق الراهن الذي يواجهه هذا المشروع اليوم، وأثار سجالات غنية بشأن سبل الخروج من هذا المأزق.
فما هي العوامل التي حالت دون نجاح الحركة الوطنية الفلسطينية في تحقيق أهداف مشروعها، والتي أدت إلى وصول هذا المشروع إلى مأزقه الراهن؟
يجتهد هذا الكتاب في الإجابة عن هذا السؤال من خلال تتبع المراحل التاريخية التي مرّ بها المشروع الوطني الفلسطيني، وذلك استناداً إلى منهج ينطلق من فكرة رئيسية فحواها أن الأفكار هي نتاج الأوضاع التاريخية لزمنها، ويقوم بالتالي بعرض الأفكار وتحليلها ضمن سياقاتها المحلية والإقليمية والدولية.
مؤرخ فلسطيني وباحث متفرغ في مؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت. حائز درجة دكتوراة دولة في الآداب والعلوم الإنسانية من جامعة باريس الأولى-السوربون سنة 1982، ودرجة دكتوراه حلقة ثالثة في التاريخ المعاصرمن الجامعة نفسها سنة 1977. كان أستاذ التاريخ العربي في المعهد الفرنسي للشرق الأدنى، دمشق ثم بيروت. وهو الآن باحث في المعهد الفرنسي للشرق الأدنى في بيروت، وعضو اللجنة الدولية المشرفة على فصلية "أبحاث دولية" في باريس، وعضو لجنة تحرير "دفاتر مجموعة الأبحاث والدراسات حول المغرب العربي والشرق الأوسط" في باريس.