هذا العصر وثقافته

by زكي نجيب محمود

نبذة المؤلف:
كاتب هذه الصفحات التى بين يديك, مصري عربي إنسان, يحس فى عمق قلبه بمصريته, وبكل ما يتبع هذه الصفة من أبعاد فى وجهة النظر, ومن بين هذه الأبعاد بعد نشأ له من كونه عربيا, يشارك مواطنيه فى الأمة العربية جانبا واسعا من الأهداف البعيدة والوسائل الموصلة لها, فيشاركها بذلك فى طائفة من القيم الأخلاقية والذوقية, على أن تلك الخاصة المصرية العربية لا تمنع -بل هى توجب- أن يكون صاحبها حريصا على مشاركة الأسرة البشرية كلها فى تقديمها الحضاري, معطيا آنا, وآخذ آنا آخر.
ومن أجل هذه المشاركة الحية كتبت هذه الصفحات, التى خلاصتها -برغم تنوع موضوعاتها- هى محاولة لخلق "المناخ" الثقافي, الذى بغيره يصبح من العسير علينا أن نشارك فى حضارة عصرنا على الوجه الأكمل, فنحن أمة عاشت حضارات مجيدة قبل اليوم, ولكن موقفنا من ذلك "الماضى" لا يجوز أن يزيد على استلهامه روحا تضمن لنا أن نكون مع أسلافنا حلقة فى سلسلة واحدة, وإلا أصبح ذلك الماضى المجيد نفسه عبئا تثقل به الخطى, وإنه لمن حسن الحظ أن من خصائص الماضى وما قبله, يميل إلى وحدانية الثقافة المسايرة لمن لهم السيطرة الحضارية, وعلى بقية البشر أن ينخرطوا فى قوالبها.

إن المثل الأعلى فى رؤية كاتب هذه الصفحات, هو أن تحيا الأمة العربية حياة فيها رحيق تاريخها, دون أن يكون هذا التاريخ حائلا لها عن الأنغماس فى عصرها, بما يتميز به من حقوق للإنسان لم ينعم بها من قبل, ومن نظرة علمية بالمعنى العصري لكلمة "علم", إذ لم يعد العلم توليدا لكلام من كلام, بل أصبح مقرونا بأجهزة يلجم بها قوى الطبيعة لحسابة, فما يزال بيننا أفراد كثيرون يظنون بأنفسهم "العلم" على حين أنهم -مثل دون كيخوته- قد جعل الواحد منهم نفسه كتابا قديما يمسي على ساقين, فلا هو يغير من العصر شيئا, ولا غير العصر منه شيئا, فكان كأن لم يكن.
إنه إذ خرج القارئ من هذه الصفحات, وقد أشرب ولو قطرة من روح هذا العصر بمنهجه العلمي وبذوقة الفني, وبطموحه نحو أن يكسب من المعرفة الصحيحة ما يقشع به كل خرافة, إذن فقد أدى الكتاب ما أريد له أن يؤذيه فى خلق مناخ ثقافى جديد.

226 pages, ebook

First published December 30, 1998

About the author

ولد زكي نجيب محمود عام 1905، في بلدة ميت الخولي عبد الله، بمحافظة دمياط. تخرج من كلية المعلمين العليا بمصر، عام 1930. في عام 1933 بدأ في كتابة سلسلة من المقالات عن الفلاسفة المحدثين في مجلة الرسالة. وفي عام 1936 سافر إلى إنجلترا في بعثة صيفية لمدة ستة شهور. وفي عام 1944 سافر إلى إنجلترا للدراسات العليا. وبعد عام واحد حصل على البكالوريوس الشرفية في الفلسفة من الدرجة الأولى من جامعة لندن (وكانت تحتسب في جامعة لندن آنذاك بمثابة الماجستير لكونها من الدرجة الأولى). عام 1947 حصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة لندن (كلية الملك) في موضوع (الجبر الذاتي)، بإشراف الأستاذ هـ.ف. هاليت. (وقد ترجم البحث إلى اللغة العربية الدكتور إمام عبد الفتاح بنفس العنوان عام 1973).

عاد إلى مصر عام 1947 والتحق بهيئة التدريس بقسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة (جامعة فؤاد الأول آنذاك). سافر عام 1953 إلى الولايات المتحدة أستاذاً زائراً ومحاضراً في جامعتين بها حيث قضى فصلاً دراسياً في كل منهما. وبعد عام اختير مستشاراً ثقافياً لمصر بالولايات المتحدة لمدة عام. في عام 1956 تزوج من الدكتورة منيرة حلمي، أستاذة علم النفس بجامعة عين شمس. سافر إلى الكويت أستاذا بقسم الفلسفة بجامعتها لمدة خمس سنوات (حتى 1973). عام 1973 بدأ كتابة سلسلة المقالات الأسبوعية في جريدة الأهرام.

نال جائزة التفوق الأدبي من وزارة المعارف (التربية والتعليم الآن)،عام 1939. نال جائزة الدولة التشجيعية في الفلسفة من مصر على كتابه الصادر بعنوان "نحو فلسفة علمية" عام 1960. نال جائزة الدولة التقديرية في الأدب من مصر عام 1975، وفي عام 1984 نال جائزة الجامعة العربية "للثقافة العربية" من تونس.1985 حصل على درجة الدكتوراه الفخرية من الجامعة الأميركية بالقاهرة.

Reviews

[Khalid Almoghrabi · Rating 4 out of 5]

إشراقات فكرية على مواضيع مختلفة من يجب على المفكر أن يهتم به فالكتاب زاخر بأفكار تجعلك تفكر وتنتج فكراً جديداً وهو علامات الكتاب الجيد الذي ينير فكرك ويعرضك لأشياء جديدة قد تقلب حياتك رأساً على عقب فتمنحها الهدف والرؤية السديدة للمضي فيه.
الكتاب فلسفي بقالب أدبي فلن ينال دماغك مجهوداً كبيراً في قراءته إلا عناء مايضيء لك من إضاءات تملئ حياتك فكراً جميلاً :)

[Yomna Habashy · Rating 4 out of 5]

بجد ندمانة اني مقريتش لزكي نجيب قبل كدة، كتاب عظمة

[Iman Bany Sakher · Rating 5 out of 5]

#هذا_العصر_وثقافته
#زكي_نجيب_محمود
عدد الصفحات : 226
الكتاب الخامس والتسعون لعام 2019
مجموعة من المقالات المتميزة، ناقش فيهن الدكتور زكي محمود الحياة الفكرية وأنماطها وخصائصها والعوامل التي تؤثر في رسم خط سيرها في المجتمعات سواءً سياسيًّا كان أم اجتماعيًّا وفي الفكرين العربي والغربي على حدٍّ سواء. وما المنقوص من النمط القديم والذي لا نجده في الحديث، أو الذي تطور من القديم وبات سمةَ حداثةٍ وتحضر، وتأثيرات تلك الانماط الفكرية على الحياة الواقعية، وبتركيزٍ مهم على ضرورة التمسك بالموروث القديم مع التقدم والبحث عن الجديد، دون تقليلٍ لأهمية كلا الأمرين سواءً كان العربي مقيمًا داخل حدود وطنه أم مهاجرًا خارجه.
وقد أشار في مقالاته لعددٍ هائلٍ من الكتب كنوعٍ من الأدلة المنطقية الداعمة لرؤيته الخاصة في الأدب والفكر، وقامَ أيضًّا بتحليل تلك الكتب وربطها بأخرى في مقارناتٍ أدبيةٍ راقتني للغاية.
ولم يكن يستثني ذكر حوادث معينةٍ من حياته تباينت ما بين القديمة لأيام طفولته أو الحديثة التي جرت في حلّه وترحاله.
الجميل في الكتاب أن المقالات لم تكن طويلة للغاية أو قصيرة فلم أشعر بمللٍ أو ركاكةٍ، رغم أني وجدت تكرارًا لبعض الأفكار، لكن لذّة اللغة الفصيحة فيها وقدرته على استدراك ذلك جعلته ممتعًا بالنسبة لي. كما أنه كان يكتب مدخلًا مميزًا لكل مقال، كمدخل مقالة ( حضارةٌ تأكل نفسها) والذي أثر بي بشكلٍ كبير، أو تعليمي كأن يقوم بوضع تعريفاتٍ لمصطلحاتٍ ما أو يقوم بتحليل كتب. لهذا لن يكون آخر ما سأقرأ لزكي نجيب مجمود بل سأتبع هذا الكتاب بكتابه الثاني من زاويةٍ فلسفية.
#إيمان_بني_صخر

[الشناوي محمد جبر · Rating 4 out of 5]

تحدثت في مراجعات سابقة عن الدكتور زكي نجيب محمود، وفي كل مرة أعرف أني لم أوف الرجل أي حق من حقوقه، وكم أود الحديث عنه مع كل كتاب جديد، لكني اخترت ههذ المرة أن أتركه يتحدث عن نفسه من خلال مقتطفات نقلتها من كتابه.
..................................
يقول الدكتور زكي نجيب محمود رجمه الله:
إن رفض الواقع المريض أمر ضروري في ذاته، لكنه وحده لا يكفي؛ إذ يجب أن يسايره تصور واضح، لواقع صحي.
...........
إن شر خيانة يخون بها المعاصرون أمانة السالفين، هي أن يقلدوهم تفصيلة بتفصيلة، وموقف بموقف، وإنما تصان الأمانة بأن نحافظ علي المنظار، الي يساعدنا علي رؤية ما هو دقيق وما هو بعيد، دون أن نتوقع رؤية المشاهد نفسها التي كان قد شهدها السابقون بهذا المنظار، فمن الحقائق الحضارية الكبرى أن الحضارة المعينة، إذا ما بلغت درجة عليا من الكمال، تأخذ في الانحدار إذا ظللنا نحاكي هذا الكمال نفسه كما وقع، ولكنا تطرد في الصعود إلي كمال أوفي، إذا نحن اصطنعنا طريقة السير التي سار بها السابقون.
..........................
وأخطر الخطر أن يحملنا الإعجاب بشجرتنا الثقافية، علي أن نجمد أوراقها فوق غصونها، فنلصقها بالصمغ حتي لا تسقط، ونطليها بالأخضر حتي لا تصفر مع الخريف، فالإعجاب بشجرتنا هذه إنما يتحقق علي أكمل وجه، لو تركناها تبدل ثوبها مع دورم جذعها وجذورها، فكما أن الداعين إلي حاضر بلا ماض، قد أخطئوا خطأ فاحشا، فكذلك يخطئ مثل ها الخطأ من يدعو إلي ماض بلا حاضر، نعم إن التزام الماضي بكل تفصيلاته طريق مأمون من الزلل، لكنه كذلك طريق يسير بالسائر إلي وراء، ليعود به إلي حيث كان الابتداء، وتدفق الحياة يوجب علي الكائن الحي أن يغامر في الجديد المجهول، حتي وإن عرضته المغامرة إلي شيء من خطر، علي أن تجيء المغامرة مستندة إلي أصول ثابتة.
..................
ليست الثقافة القومية، أو القومية الثقافية، كومة من أقوال هي أحسن ما قيل، ولا من أعمال هي أفضل ما عمل، ثم ما علينا إلا أن ننكت الكومة لنستخرج منها نموذجا من قول أو من عمل، بل هي وجهة نظر نستخلصها من تلك الأقوال والاعمال؛ لنسلطها علي مشهد آخر من عصر جديد.
.................
إذا وضع الإنسان العربي مستقبله لا ماضيه أمام عينيه، بحيث لا يبقي من الماضي إلا ما يضيء له طريق المستقبل، كان قد وضع بذلك قدميه علي أول موقع يدي به إلي ولادة جديدة، فالنظر إلي المستقبل يشعره بمسئوليته كاملة، كالمسافر الذي يعلم أنه لا وصول إلا بالخطر إلي الأمام، أما النظر إلي الماضي فهو أقرب شيء إلي نظرة المتفرج الي يفتح عينيه علي مشهد يعجبه، لكنه لا يدري بعد ذلك ما يصنع به.
.....................
للإيمان معني عند القوي القادر، يختلف عن معناه عند الضعيف العاجز، معناه عند القوي أن يكون له مبدأ يرتكز عليه، ثم هدف يعمل علي بلوغه بهدي من ذلك المبدأ، وهو فيما بين المبدأ والهدف يحتكم إلي العلم وحده؛ ليرسم له الطريق خطوة خطوة، واما معناه عند الضعيف فهو التمني بألا تجري الحوادث وفق أسبابها، لعل مشكلاته أن تنحل من حيث لا يدري.
.....................

[Ahmed Alarab · Rating 4 out of 5]

يتناول الكتاب سؤال عام وهو: كيف يتم الجمع بين أصالة التراث و تطور العصر؟ وهل يتعارضان مع بعضهما البعض، أم بالإمكان الحفاظ على التراث الماضي و مواكبة العصر ؟. ولماذا لا يمكن تطبيق هذه الأسئلة على البلاد المتقدمة؟