الأستاذ الدكتور عبد الوهاب المسيري، مفكر عربي إسلامي وأستاذ غير متفرغ بكلية البنات جامعة عين شمس. وُلد في دمنهور 1938 وتلقى تعليمه الابتدائي والثانوي (مرحلة التكوين أو البذور). التحق عام 1955 بقسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب جامعة الإسكندرية وعُين معيدًا فيها عند تخرجه، وسافر إلى الولايات المتحدة عام 1963 حيث حصل على درجة الماجستير عام 1964 (من جامعة كولومبيا) ثم على درجة الدكتوراه عام 1969 من جامعة رَتْجَرز Rutgers (مرحلة الجذور).
وعند عودته إلى مصر قام بالتدريس في جامعة عين شمس وفي عدة جامعات عربية من أهمها جامعة الملك سعود (1983 – 1988)، كما عمل أستاذا زائرًا في أكاديمية ناصر العسكرية، وجامعة ماليزيا الإسلامية، وعضو مجلس الخبراء بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام (1970 – 1975)، ومستشارًا ثقافيًا للوفد الدائم لجامعة الدول العربية لدى هيئة الأمم المتحدة بنيويورك (1975 – 1979). ثم عضوا بمجلس الأمناء لجامعة العلوم الإسلامية والاجتماعية بليسبرج، بولاية فرجينيا بالولايات المتحدة الأمريكية، ومستشار التحرير في عدد من الحوليات التي تصدر في ماليزيا وإيران والولايات المتحدة وانجلترا وفرنسا (مرحلة الثمر).
ومن أهم أعمال الدكتور المسيري موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية: نموذج تفسيري جديد (ثمانية مجلدات) وكتاب رحلتي الفكرية: سيرة غير ذاتية غير موضوعية- في البذور والجذور والثمار. وللدكتور المسيري مؤلفات أخرى في موضوعات شتى من أهمها: العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة (جزأين)، إشكالية التحيز: رؤية معرفية ودعوة للاجتهاد (سبعة أجزاء). كما أن له مؤلفات أخرى في الحضارة الغربية والحضارة الأمريكية مثل: الفردوس الأرضي، و الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان، و الحداثة وما بعد الحداثة، و دراسات معرفية في الحداثة الغربية. والدكتور المسيري له أيضاً دراسات لغوية وأدبية من أهمها: اللغة والمجاز: بين التوحيد ووحدة الوجود، و دراسات في الشعر، و في الأدب والفكر، كما صدر له ديوان شعر بعنوان أغاني الخبرة والحيرة والبراءة: سيرة شعرية. وقد نشر الدكتور المسيري عدة قصص وديوان شعر للأطفال
قدم الدكتور المسيري سيرته الفكرية في كتاب بعنوان رحلتي الفكرية – في البذور والجذور والثمر: سيرة غير ذاتية غير موضوعية (2001) حيث يعطي القارئ صورة مفصلة عن كيف ولدت أفكاره وتكونت والمنهج التفسيري الذي يستخدمه، خاصة مفهوم النموذج المعرفي التفسيري. وفي نهاية "الرحلة" يعطي عرضًا لأهم أفكاره
لم يكن هذا الكتاب تعريفاً أو تبسيطاً للدخول في عالم الحداثة وما بعد الحداثة وتفكيكها ونقدها بالصورة التقليدية وإنما جاءت كمحاولة تأويلية تنبؤية إن صح التعبير لما هو قادم بعد هاتين المرحلتين والوقوف على الإحتمالات المتوقعة لما سيأتي وما ستفرزه القيم والفلسفات الغربية الحديثة من مآلات ووقائع وأخلاقيات ستؤثر بلا شك في مصير عالمنا وتغيير صورته الحالية ..
الكتاب يقدم مبحثين متقابلين ، أولهما يقدمه الدكتور عبد الوهاب المسيري وتميز بحثه بالنبش كثيراً في القيم الغربية الجديدة وتفسير الحداثة ومابعد الحداثة كنتيجة حتمية وأيضاً تأويلاً مأساوياً للنتائج المترتبة حول قيم مابعد الحداثة وأختص بالتنقيب عن مفكرين كان لهم الدور الكبير لمرحلة ما بعد الحداثة وقيمها وهما جاك ديدرا وميشيل فوكو ، وناقش فلسفتهما بصورة ليست نقدية فقط بل تأولية وخاصة التقويضية التي تبناها ديدرا والتي إعتبرها المسيري نقطة إنطلاق لما بعد الحداثة وبدء مرحلة المادية السائلة التي بدأت تغرق الإنسان في الإستهلاك والبحث عن اللذة مهما كانت نتائجها على الصعيد الإخلاقي وأيضاً وضح كيفية سيطرة الرأسمالية على كل شئ في عالمنا وتحويلها جميعها الى وسيلة مجردة ، أدى في نهاية الأمر إلى أن الإنسان نفسه أصبح يُنظر إليه كـ وسيلة وكأداة في يد الحضارة الجديدة، لا غاية في حد ذاته في ظل غياب تام لمفهوم الإنسانوية وموت الميتافيزيقا وتحويل المعنى الى إطار عدمي ..
ومن خلال ذلك إستطاع المسيري أن يعرف كلا المفهومين بهذا الشكل ومن خلال تحليله للفلسفة الغربية :
عصر الحداثة : موت الإله (حسب زعم نيتشه وغيره) عصر ما بعد الحداثة : موت الإنسان
عصر الحداثة : الجسد، الألة عصر ما بعد الحداثة : الجنس، البراز
المبحث الثاني قدمه فتحي التريكي حيث قدم الجانب السياسي في تحليله على الجانب الفلسفي وتنجب الخوض في تأويلات عميقة كما فعل المسيري وكان أكثر تفاؤلاً رغم أنه أقر بالجوانب السلبية والتي وقعت بصورة خاصة على عالمنا الإسلامي بإعتباره الجانب الأكثر تضرراً في عصر مابعد الحداثة..
كتاب شيق وممتع وذو فائدة كبيرة وخاصة مبحث الدكتور المسيري الذي كان واضحاً ومبسطاً أكثر من مبحث التريكي الذي كان أقرب الى البحث الأكاديمي الصارم ..
أصبح موضوع الحداثة وما بعد الحداثة هاجساً لي في الفترة الماضية، ولم يزل هاجسي الحالي، لذا أخذت أنقب عن أي كتاب يساعدني في تسليط المزيد من الضوء على جوانب هذا الموضوع. وجدت هذا الكتاب الكنز في مكتبة الإسكندرية على رف متطرف في آخر الدور، وهو عبارة عن تفريغ لندوة في التسعينات عن الحداثة وما بعد الحداثة. المحتوى مركز جدا وسلس في الوقت نفسه، وفيه يتناقش المفكرون العرب عن معنى الحداثة وما بعدها وما الموقف الذي ينبغي أن نتخذه منهما نحن العرب، وإن كان نقاشهم عن ما بعد الحداثة جاء مقتضبا على عكس ما أملت. والمفكرون مع حفظ الألقاب هم: عبد الوهاب المسيري، ومحمد عمارة، وسيف الدين عبد الفتاح، وطارق البشري، والسيد ياسين، وهشام جعفر، وغيرهم.
انصب اهتمامي على البحث الأول في الكتاب و هو الجزء الذي أعده المسيري , والذي ركز فيه على المرحلة العقلانية (المادية القديمة الصلبة) و المرحلة اللاعقلانية (المادية الجديدة السائلة ) و أسباب الانتقال من الصلابة للسيولة , انفصال الدال عن المدلول ..منطلقات فلسفة ما بعد الحداثة ومصطلحاتها , ما بعد الحداثة و اليهودية , ما بعد الحداثة و الصهيونية و النظام العالمي الجديد ثم نهاية التاريخ . بعض الأفكار الواردةاطلعت عليها سابقا" في كتب أخرى ولكن هذا الكتاب كان بمثابة مختصر و تذكير وفرصة للتثبيت
اقتباسات " بدأت الرؤية الاقتصادية الحديثة في الغرب بما أسميه ( المرحلة التقشفية ) . و الهدف النهائي للإنسان في هذه المرحلة هو الإنتاج و الزيادة المطردة للإنتاج , و ما يُحرك المنتج هو المنفعة , و لذا لا بد من عملية قمع , فلو حركته اللذة لكانت كارثة, و الإنسان منتج أكثر من كونه مُستهلكا", واجبه الإنتاج و مكافأته الاستهلاك , ولذا تسود في بداية هذه المرحلة أخلاقيات العمل البروتستانتية, ويظهر الإنسان الاقتصادي في الدول الرأسمالية , وهو نفسه الإنسان الاشتراكي ( بطل الإنتاج ) في الدول الاشتراكية , وكلاهما تتحدد مكانته في المجتمع في إطار مقدار ما ينتج ( لا ما يستهلك ) . ومن هنا يأتي التقشف و التراكم و زيادة الانتاج و الصناعة الثقيلة , ومن هنا تأتي الصلابة و التماسك . وتتسم هذه المرحلة بكثير من الوضوح و التراتب الطبقي , ولذا يمكننا أن نتحدث عن ( المستغِلين ) و ( و المستغُلين ) و عن عمال يتم اعتصار فائض القيمة منهم , وعن طبقات متوسطة تحقق حراكا" اجتماعيا" أو هبوطا"في السلم الاجتماعي و الطبقي . ولكن الرؤية الاقتصادية تطورت و أصبح الهدف النهائي من الوجود هو الاستهلاك , وما يحرك المستهلك هو اللذة , لأنه لو حركته المنفعة لكانت كارثة .بل إن الاستهلاك بالنسبة للمستهلك واجب / حق . ولذا , فبعد تحكم الرأسمالية في العملية الانتاجية , انتقل النظام من المنفعة إلى اللذة , و أصبح الاستهلاك ( لا الإنتاج ) هو هدف المجتمع . و قد أدى هذا إلى تصفية ثنائية المنفعة و اللذة , وأصبحت السعادة هي تحرر الاستهلاك ( وهو مسألة ذاتية ) من الحاجات المادية أو الأساسية ( الموضوعية ) التي يتطلب الوفاء بها السلع ذات القيمة الاستعمالية . ولم يعد هدف المجتمع اشباع الحاجات , وإنما تخليقها , ولم تعد الحاجة مصدر معاناة تحتاج إلى إشباع , وإنما أصبحت – على العكس من ذلك – شيئا" يحتفى به . ولم يعد التنافس الأساسي بين المنتجين ( كما هي الحال في الرأسمالية الصناعية التنافسية ) و إنما بين المستهلكين . ولكن رغم تصفية الثنائيات , أصبح الاستهلاك هو المجال الرئيسي الذي يتم فيه اغتراب الإنسان , حيث تتحدد وتُنتج احتياجات الناس , وتوجه الرغبات نحو ما تم تحديده و إنتاجه من قبل الاحتكارات الرأسمالية . ويتم استيعاب الناس في منظومة متعددة المستويات من الأشياء و العلامات و الدلالات المجردة , وهو ما يجعل ( للثقافة ) و الإدراك و أسلوب الحياة ( التي تدور في إطار النموذج المادي ) أولوية على القيم المادية المباشرة . و أصبح نمط الاستهلاك و إشباع اللذة ( و ليس ممتلكات الفرد أو انتاجيته ) مؤشرا" على مكانته في المجتمع , فالتركيز الاجتماعي لتحديد وضع الفرد في المجتمع انتقل من السلعة نفسها أو كمية النقود ( إلى دلالة السلعة و النقود ) التي يمتلكها الفرد . "
نجمة واحدة لهذا الكتاب .. اعطيها للفصل الاخير منه والمتمثل بمعجم لمصطلحات فكرية منوعة من الاممية والاشتراكية و المثالية و التعددية والراديكالية والخ
اما من ناحية نقاش وشرح ما بعد الحداثة فلم يصل الكتاب الى مستوى البحث العلمي المرجو .. نجح في البداية المسيري في شرح الحداثة والقليل من ما بعد الحداثة فم سقط هاويا في تاويلات لا نعرف اصلها عن ربطه التفكيكية بلصهيونية واليهودية !!
اما الكاتب الاخر الدكتور فتحي التريكي فلغته معقدة نوعا ما وقد يكون هذا من منظوري الشخصي لاني غير مختص
الكتاب في بدايته فلسفي جدا أصابني بشيء من الملل.. تجاوزت الأجزاء المتعمقة في الفلسفة لأنني لم أستوعبها تماما ولكن الكتاب مهم جدا و يعطي صورةمهمة لمفهوم الحداثة و ما يعد الحداثة كيف بدأت و أسباب تغيرها يشرح الكتاب الأسباب التي أدت لإنحلال الغرب أخلاقيا و كيف انسلخ الإنسان الغربي من انسانيته ليغدو كائنا لا أهمية له ولا مغزى لحياته و لا لوجوده و يربط الدكتور عبدالوهاب المسيري بين حركة الحداثة وما بعد الحداثة وبين اليهود و نظرتهم لباقي الشعوب كغويم: أي كائنات دونية لا قيمة لها..
اولا قبل كتابة المراجعة. ما جعلني اقرا هذ الكتاب هو مشاهدة حوار بين جوردن بترسون وكاميل باكليا حول ما بعد الحداثة. ولم افهم جيدا الكثير مما سمعته لذا قررت قراءة الكتاب. وهذا هو الحوار https://www.youtube.com/watch?v=v-hIV...
(ان سعيكم لشتى) ليس هناك فرد كالاخر هناك اختلاف في الملل والشرائع والالسن واللغات والقوميات والمناهج والحضارات فاذا كانت هذه هي الحقيقة فهذا يعني ان المجتمع الاسلامي لديه مشروعه الخاص به ومنظومته الفكرية كما لباقي المجموعات مشاريعها الخاصة ومنظوماتها الفكرية
نحن بحاجة الى نظام او مذهب او افكار تضع ايدينا على ما يمكن ان يفيد الانسان ويصعد به ويقدم للانسان حلا للمازق الذي يعيشه هذا الانسان نتيجة صراع القوى المختلفة وصراع الطبقات وصراع الاتجاهات ويسمح له ان يعيش ويتعايش مع الاخر
ان منطق العصر يعتمد على العلم والتكنولوجيا ولا يمكن انكار ذلك او الاعتراض عليه لكن لا يجب ان نضع العلم مكان الاله ونلغي وجوده. فالانسان لديه ماض وحاضر ومستقبل واذا فقد هويته سيفقد ذاته ويصبح كالريشة في مهب الريح
الحداثة هو استخدام العقل فالانسان عظيم ويستطيع التحكم في الطبيعة بدون الحاجة الى اله وهكذا فالامور الغيبية لا داعي لها
الحداثة تنتج انسانا يعيش لنفسه ظالما لغيره وما بعد الحداثة تخلق انسان يعيش لنفسه ويفعل ما يريد
ان بعد الحداثة تجعل كل الحقائق نسبية كل شيء يمكن تفسيره بعدد لا نهائي من التفسيرات وليس هناك ارضية ثابتة وهذا يخلق حالة من الفوضى ومن العدمية كاتها لعبة عروش قائمة على القوة فقط ولا شيء صحيح ولا شيء باطل كل يلعب لصالحه. هنا التعصب يصبح منطقيا اكثر فان تؤمن كل امة انها على حق وانها افضل الامم يساهم في التقدم اما اذا اعتبرنا الحقائق كلها نسبية ولا وجود لحقيقة ولا وجود لتاريخ ولا وجود لقاعدة ننطلق منها فهذا سيخلق حالة من الضياع. لا وجود للوطنية ولا وجود للقومية ولا وجود للدين ولا وجود للفروق بين الجنسين...
الاستنارة المظلمة بدات مع هوبز عندما قال الانسان ذئب اخيه الانسان وان الواقع هو حلبة صراع الجميع ضد الجميع ثم تبعه كثير من الفلاسفة الماديين كاسبينوزا وهيوم وبركلي وبنتام الذي ذهب الى انه لا يوجد مطلقات اخلاقية وان تصرفنا الاخلاقي يمكن تفسيره من جانب المنفعة ثم جاء داروين لكي يقول ان العالم في حالة تطور وصراع ثم ماركس الذي قال انه يجب رد وعي الانسان الى العالم المادي والاقتصادي ثم جاءت الثورة العلوم الطبيعية. وكانت دعوة نيتشه الى التخلص من ظلال الاله بداية التحديث العقلاني المادي
ان تجديد الفكر الاسلامي يمكن ان يكون حلا بديلا للحداثة
لا جديد تحت الشمس .. المسيرى هو المسيرى وان كان غير مقنع وقابل للتفكيك بسهولة فى الجزء الأخير من بحثه وفتحى التريكى لم يكن بالمستوى المطلوب ولم يضف الكثير الى الكتاب لكن بصفة عامة هو كتاب جيد لمن يريد أن يقرأ فى هذا الموضوع
"الحداثة ومابعد الحداثة" له بنية خاصة: مبحث لعبد الوهاب المسيري، ومبحث لفتحي التريكي ثم تعقيبان.
بالنسبة إلى مبحث المسيري، من المؤسف أن نقده في البداية لما بعد الحداثة كاد يكون اخلاقويا صرفا. وحتى مع التقدم في المبحث، نجد الكثير من التقريبات غير الدقيقة (ص129، "سبينوزا شبه الانسان بالحجر، وداروين شبهه بالقرد"، ص181، "العقل الغربي سبب تقتيل الشعب العراقي في حرب الخليج"...)، وخاصة عند الحديث على دريدا (وقد رد عليه التريكي في التعقيب).
بالنسبة إلى مبحث التريكي، فإنه كلما ذكر الإرهاب حتى عرضا يبدأ في الشقلبة الفكرية لنفي الإرهاب عن "الحضارة العربية الإسلامية"، وهو مفهوم نوعا ما لكنه يحط كثيرا من مستوى البحث. هذا يجعلنا نطرح التساؤل الآتي: هل هو مع كل ما إستشهد به في مبحثه، عندما يقرأ المراجع يفهم أم لا يستطيع فهم إلا ما وافق رؤيته؟ منهجيا، لا مبرر أيضا للتركيز على اديولوجيا المحافظين الجدد عند الحديث عن ما بعد الحداثة.
لا يستطيع المرء أن يكتب خلاصة للمسيري من القراءة الأولى فجمله ذات نسق فريد وأسلوبه ذو وقع شديد فالقارئ يحتاج قراءة تلو قراءة ليستخلص الأفكار المفيدة من قلم المسيري في هذا الكتاب فتعريف ما بعد الحداثة واتجاهات ما بعد الحداثة والتعرض بشكل مفصل للفوضوي اللغوي جاك دريدا
لقد استمدت الحداثة جذورها من فلسفة الأنوار التي أعلنت مركزية الإنسان وفردانيته، وأكدت أن عقله المادي يحوي في داخله ما يكفي لتفسير ذاته وبيئته والكون المحيط به من دون حاجة إلى وحي أو بعد ميتافيزيقي وأن هذا التفسير يشكل كلاً متماسكاً يتجاوز أجزاءه المتناثرة. ولقد نجحت هذه الفلسفة العقلانية المادية-إلى حد كبير-في إقصاء البعد الروحي للإنسان (في مجال الحياة العامة). ولم يلبث النسق المعرفي في المادي للحداثة أفرز تساؤلات عميقة آلت بها إلى ما بعد الحداثة التي فككت الإنسان، وأنكرت مركزيته، وأسلمته إلى العدمية، فبعد تراجع الجوهر الإنساني لصالح الآلة والسوق والقوة، على يد (الحداثة)، تم اختزاله إلى شيء أحادي البعد (جسد، جنس، لذة) على يد (ما بعد الحداثة). الكتاب -الحوار لا يحمل توجهات كل منهما المسيري والتريكي ومنهجه وغاياته فقط بل يعد صياغة جديدة لقضية الأصالة والمعاصرة أو التراث والتجديد. صياغة القضية في علاقة ثنائية حول التراث والتجديد، الأصالة والمعاصرة تجعلنا طرفا أولا في هذه القضية. فالتراث والأصالة تمثلان الهوية والذات مقابل التجديد والمعاصرة المستمدان من أوروبا والغرب الآخر
يتناول المسيري في بحثه القضايا التالية مفهوم المادية، والانتقال من المادية القديمة (الصلبة) إلى المادية الجديدة (السائلة)، انفصال الدال والمدلول المادية النهائية أو نهاية المادية، أسباب ظهور الانتقال من الصلابة إلى السيولة، ما بعد الحداثة والجنون، التفكيك والتقويض من الإنسان الصلب إلى الحيوان السائل، ما بعد الحداثة واليهودية، ما بعد الحداثة والصهيونية والنظام العالمي الجديد. بينما تناول التريكي في خمسة فصول: الحدث، الهوية، الحداثة، وما بعد الحداثة، الحداثة ووحدة العقل، الحرية، التعقلية، والفصل الرابع العولمة ومعضلة الثقافة وأخيراً العيش معاً. ينحاز المسيري للحداثة ويرفض ما بعد الحداثة وما يرتبط بها من نتائج ويناقش أصولها ومصادرها ونتائجها مع إدانة لهذه المصادر والنتائج خاصة لدى نيتشه وفرويد ودريدا ويقترب من موقف مدرسة فرانكفورت خاصة لدى هابرماس في تحليله للعقل الأداتي ونقده له وتأكيده على العقل النقدي وتبنيه له وذلك تحليلاً للحضارة الغربية وإدانة بممارستها. وجد المسيري في مفهوم العقل مدخلاً لمناقشة بعض المواقف الفكرية الفلسفية أولها مفهوم المادية، الصلبة والسائلة من أجل ضبط المفهوم وتصوراته وقوماته. ويرى أن علينا البحث في بنية المادة بمنظور علمي لنتجنب السهولة في أخذ المواقف وبعد تحليله العلمي يستنتج من تعقد الأسباب وكثرة الظواهر صعوبة اختزال المادة إلى عنصر محدد مهيمن. فلا المادية الصلبة ولا المادية السائلة هما سمتا الحضارة الغربية فكل الحضارات تتضمن تلك العناصر بدون استثناء لتكون الغلبة تارة للمادية بقسميها، وتارة أخرى للروحية بتقسيماتها المختلفة، في الفترة نفسها حسب الظروف والمعطيات الداخلية والخارجية. والمسألة الثانية هي دريدا والتفكيكية وهي مسألة مهمة شغل بها المسيري وتناولها في كثيراً من أعماله متخذاً من دريدا والتفكيكية موقفاً نقدياً ولا ينكر وجود علاقة بين فلسفة دريدا واليهودية وإذا كانت يهودية دريدا قد أثرت في فلسفته فذلك بديهي ومن حقه الكامل الانتماء إلى حضارته والدفاع عنها
بينما يتبنى التريكي الموقف الذي يرى أن ما بعد الحداثة هي لحظة ممتدة للحداثة الأوربية ما يستدعي تبني المواقف الحداثي والتأكيد على العقل والحرية ومن هنا فهو يعيد تحليل فهمنا للمادية بناء على تطور العلم المعاصر في رده على المسيري مع إعادة الاعتبار لدريدا والتفكيكية وفوكو والهامشية.
يوافق التريكي على قول المسيري بالاتجاه الهدمي التقويضي في فلسفة دريدا، أنه علينا أن نؤكد على أن الفلسفة لا تكون مجدية إلا إذا فتحت آفاق الفكر نحو النقد الجذري وتجاوزت حدود الظنون والأفكار السائدة. فبدون حركية النقد والتقويض والتشهير لا يمكن للفلسفة أن تكون مجدية ومبدعة. وعلى هذا يتوقف أمام ما يسميه الوجهة الإيجابية لفلسفة دريدا التي تعطي للغيرية أرضية صلبة لتتدخل في إعادة صياغة كونية للإنسانية لا تقوم على هيمنة الغرب، بل على مفهوم الضيافة وقواعدها التي ستعطي للعلاقة التي تربطني بالآخر صبغة تسالمية منفتحة فيها احترام متبادل للهويات وللمعتقدات وللمآرب والطموحات. التريكي يصف ما بعد الحداثة بفلسفة الهامش، وهو يتوقف عند فلسفة فوكو الأخيرة التي يرى أنها وقبل كل شيء فلسفة الذات. وينتهي إلى أن ما بعد الحداثة ليست فترة تاريخية مستقلة عن الحداثة، هناك فقط تحولات اقتصادية واجتماعية أعطت للأمبريالية آليات جديدة للهيمنة.
يتوجه المسيري نحو إقامة نسق فكري يقوم على الثنائية والتجاوز والإنسان الروحاني الديني الرباني مقابل الإنسان الغربي المادي الطبيعي الجسدي، بينما الفلسفة عند التريكي، الذي يطلق عليها أحياناً الحداثة أو الفلسفة الشريدة، وما تبناه تحت عنوان المعقولية والتجاوز، هي أداة للنقد، لذا يربط بين العقل والحرية ويتخذ من التعدد والتنوع طريقاً للديمقراطية ورفض الكلية والاتجاه الكلاني. وهما معاً يدينان ممارسات الغرب
المسيري , وما أدراك ما المسري .. ! أول تجربة للأستاذ عبد الوهاب و قد كنت أخاف من أقرأ لهذا الرجل , و حقيقةً كانت تجربة شاقة مرهقة , لم تكن يسيرة إطلاقاً , فطريقته في السرد و الكلام و البحث و التفصيل و التدقيق .. كانت عميقة نفسياً وسسيولوجياً. الحداثة و ما بعد الحداثة .. اللاعقلانية و اللاوعي و اللاشعور و اللا أحاسيس و اللا معنى و اللا قيم و اللا بناء و التفكيك و التجزيئ .. كل هذه من سمات ما بعد الحداثة التي صاغها وخطت على أيدي ماركس و نيتشه و شوبنهاور و فرويد .. لن ندرك أهمية هذه المرحلة إلا عندما نرى إسقاطاتها الكثيرة في واقعنا المعاصر .. مع أن العديد الآن يتكلمون عن عصر ما بعد بعد الحداثة , و لكننا ما زلنا نعيش على أنقاض كثير من فلسفاتها الحيّة و المعاصرة ..
أجاد المسيري و التريكي في طرح رؤية نقدية واضحة عن أطر هذين الفصلين الهاميين من فصول الفلسفة البشرية و رسم حدو��هم , مع أن الكتاب نوعاً ما كان من النوع السردي أكثر منه من النوع المرتب السبريّ .. لذا قد يكون من الصعب لمبتدئ " مثلي " أن يتابع مع عمق هذين العملاقين في فهم الفلسفة الحديثة وما بعد الحديثة ..
صدقًا الكتاب لا يقع ضمن نطاق اهتماماتي ومع ذلك استمتعت بالقراءة في موضوع الحداثة للغاية، لاسيما وأن الكاتبين تناولا موضوع الحداثة كبحث وألحق كل كاتب تعقيبه على بحث الآخر في صورة مستقلة. العديد من المفاهيم لم أفهمها وأخرى لم اتفق معها، ولذلك فأي مراجعة أرفقها ارجع انها لن تحتمل الشكل الموضوعي وبهذا اكتفي ربما، حاليًا.
لاحظت الفرق بين فكر المسيري و التريكي هناك فرق واضح حيث المسيري أقرب للقارئ أوضح في الشرح أسرع للوصول إلى الهدف و يصيبه بدقة. يشرح الدكتور المسيري مفهوم المابعديات, الحداثة و ما بعد الحداثة و التفكيكية. كما يتحدث عن النظام العالمي الجديد.
Far from interesting,I know..Five stars on the ground of the research of Dr. Elmessiri who has spared no effort in critiquing the deconstruction of Jacques Derrida.A thoroughly insightful book..I like the fact that each writer comments on the writing of the other one..This definitely enriches the understanding of the reader,or at least it facilitates that..I read it to enhance my research paper in critical theory...If u are not already familiar with both author speak about,u are more probably to despise both the book and the authors..Anyway,good luck in the next book,everybody...
لم اقرا الكتاب ولكنى قرات الجزا الاول من العلمانية الشاملة والجزئية واراه اكثر كتب المسيرى فائدة وعملية نظرا لبروز التحدى العلمانى السافر فى مجتمعاتنا ومطالبة البعض بالعلمانية رغم افلاسها الفكرى والاخلاقى والانسانى ...السؤال لمن قراوا الاثنين هل كتاب الحداثةوما بعد الحداثة يضيف جديدا،ام ان كتاب العلمانية يغنى عنه ؟