نبذة المؤلف: قيمة من التراث تستحق البقاء هي حقيقة توشك أن تكون واضحة بذاتها، ليست بحاجة إلى برهان يقام على صوابها ، لأنها حقيقة يدركها الإنسان بفطرته إدراكا مباشرا، أو تكاد؛ وأعني بها أن الولد إذا أراد أن يحيا على نهج والده، فهو لا يطالب أن تجيء المحاكاة قولا بقول وفعلا بفعل، فذلك في منطق الحياة ضرب من المحال، فشجرة الورد تجيء على صورة شجرة الورد التي سبقتها، لكنها لا تجيء مطابقة لها مطابقة كاملة في فروعها وأوراقها وورودها؛ وإن أصحاب المعرفة بدنيا النبات ليزعمون لنا بأنك لن تجد في ملايين الملايين من وحدات النبات، ورقتين تطابق إحداهما الأخرى في كل أجزائها؛ وذلك هو سر الحياة في شتى كائناتها: أن يكون لكل كائن على حدة فردية لا يشاركه فيها كائن آخر؛ وحتى التوائم، فمهما بلغ التشابه بينهم، فيكفي لاختلافهم اختلاف البصمات. وإذا كان ذلك هو مبدأ الحياة فى تصويرها للأحياء من أدناها إلى أعلاها، فكيف بالإنسان الذى جعله الله مسؤولاً عما يفعل، لا يشفع له أن يكون قد رجى فى فعله مجرى السالفين وإنذ فهي- كما قلت حقيقة توشك أن تكون من البدائه الأولية، لا يكون المقصود بمحاكاة والأخر للأوائل، محكاة لا تدع مجالاً للابداع وللإرادة الحرة تختار لتقع عليها تبعة اختيارها.
ولد زكي نجيب محمود عام 1905، في بلدة ميت الخولي عبد الله، بمحافظة دمياط. تخرج من كلية المعلمين العليا بمصر، عام 1930. في عام 1933 بدأ في كتابة سلسلة من المقالات عن الفلاسفة المحدثين في مجلة الرسالة. وفي عام 1936 سافر إلى إنجلترا في بعثة صيفية لمدة ستة شهور. وفي عام 1944 سافر إلى إنجلترا للدراسات العليا. وبعد عام واحد حصل على البكالوريوس الشرفية في الفلسفة من الدرجة الأولى من جامعة لندن (وكانت تحتسب في جامعة لندن آنذاك بمثابة الماجستير لكونها من الدرجة الأولى). عام 1947 حصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة لندن (كلية الملك) في موضوع (الجبر الذاتي)، بإشراف الأستاذ هـ.ف. هاليت. (وقد ترجم البحث إلى اللغة العربية الدكتور إمام عبد الفتاح بنفس العنوان عام 1973).
عاد إلى مصر عام 1947 والتحق بهيئة التدريس بقسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة (جامعة فؤاد الأول آنذاك). سافر عام 1953 إلى الولايات المتحدة أستاذاً زائراً ومحاضراً في جامعتين بها حيث قضى فصلاً دراسياً في كل منهما. وبعد عام اختير مستشاراً ثقافياً لمصر بالولايات المتحدة لمدة عام. في عام 1956 تزوج من الدكتورة منيرة حلمي، أستاذة علم النفس بجامعة عين شمس. سافر إلى الكويت أستاذا بقسم الفلسفة بجامعتها لمدة خمس سنوات (حتى 1973). عام 1973 بدأ كتابة سلسلة المقالات الأسبوعية في جريدة الأهرام.
نال جائزة التفوق الأدبي من وزارة المعارف (التربية والتعليم الآن)،عام 1939. نال جائزة الدولة التشجيعية في الفلسفة من مصر على كتابه الصادر بعنوان "نحو فلسفة علمية" عام 1960. نال جائزة الدولة التقديرية في الأدب من مصر عام 1975، وفي عام 1984 نال جائزة الجامعة العربية "للثقافة العربية" من تونس.1985 حصل على درجة الدكتوراه الفخرية من الجامعة الأميركية بالقاهرة.
كتاب ثري، يجمع عدداً من المقالات المفيدة والممتعة، في موضوعات شتى، وهو يحمل عنوان المقالة الأولى منه ولعل الفكرة المشتركة التي تجمع بين تلك المقالات على تنوعها، هي فكرة الجمع بين الأصالة والمعاصرة، بين منهج السلف ومنهج العلم الأوروبي، وأن هذا الجمع هو النهج الأمثل لأمتنا في العصر الحديث
فمحاكاة السلف هي محاكاة في الاتجاه، لا في خطوات السير، محاكاة في الموقف، لا مادة المشكلات وأساليب حلها، محاكاة في النظرة، لا في تفصيلات ما يقع عليه البصر.. محاكاة في القيم التي يُقاس عليها ما يصح وما لا يصح. وأهمية هذا المنهج السلفي في النظر والعمل، هي أن يدخل الإنسان خضم الحياة مزوداً بمبادئ مسبقة، تكون بمثابة بوصلة تهديه سواء السبيل.
أما العلوم الطبيعية وما يتفرع عنها من صناعات يكون لها منهجها العلمي الأوروبي القائم على تقصي الوقائع قبل صياغة القوانين والجمع بين الأصالة والمعاصرة يقتضي أن نجمع بين المنهجين، فالعلوم لها منهجها العلمي الطبيعي، أما الحياة الخلقية والفنية فيكون لها مبادؤها المسبقة.
يشتمل الكتاب على العديد من الأفكار الأخرى المثيرة، منها ما أعجبني وهو الأكثر، ومنها ما لم، وهو جدير أن يُقرأ بعين ناقدة، تعرف وتنكر، لا قراءة المستسلم المذعن
لقد أبخس العنوان حق الكتاب، فالكتاب رائع بحق، ولكن العنوان ضلل القارئ لأنه عنوان أول مقال فقط أما باقي المقالات تناقش مواضيع متفرقة فلسفية ودينية واجتماعية ، وأغلبها مهمة ومثيرة للتأمل والتفكير، وتعلمت منها الكثير . وها هي عناوين بعض المقالات، لتأخذوا فكرة عما تناقشه:ـ
قيمة من التراث تستحق البقاء
من وحي الكعبة (نظرة زكي نجيب الفلسفية للكعبة عند قيامه بالعمرة)ـ
تربية الضمير الديني
الشعائر وما وراءها
الفلسفة شيء والدين شيء اخر
ذلك دور المسلمين
نعم اسلامنا يكفينا ولكن كيف؟
الدين .. والتدين .. وعلم الدين
ويبقى الود ما بقي العتاب (يعاتب الشيخ الشعراوي)ـ
أقولها كلمة صدق (عن تطور زكي نجيب الفكري)ـ
نمل ونحل (عن طرق جمع الانسان لمعارفه)ـ
ما لهذه الشجرة لا تنمو (ويقصد شجرة العلم)ـ
بقعة زيت على محيط هاديء (ويقصد بالزيت، المثقفين الذين لا ينهضوا بوعي شعبهم (المحيط))ـ
حرية الذين يعلمون
مفلسون في ثياب أغنياء
النفخة الكذابة
قالت الشمس للسحب
مغامرات محسوبة (مقالتي المفضلة، عن أسباب تخلفنا، والنهضة العلمية في الغرب)ـ
قوة المستغني
سؤال عن الثقافة وجوابه
حوار على الورق (اجابته على اسئلة القراء مثل: لماذا أقرأ؟ ولمن أقرأ؟ كيف أقرأ؟)ـ
مصر هي أنت يا صديقي ----------------------------------------- أسلوب زكي نجيب محمود هو السهل الممتنع، فهو يشرح الفكرة عدة مرات ويبسطها بالأمثلة، لذلك فالمقالات طويلة نسبيا (تتراوح من 8 – 12 صفحة من القطع المتوسطة) ولكنها غير مملة، لأنه يشرح أفكار ومفاهيم فرعية ثم يعود لموضوعه الاساسي.
من الذي قال ان الفلسفة تتعارض مع الدين؟! و أن الفيلسوف لابد أن يكون زنديقا مرتدا كافرا ملحدا؟!!
عندما أقرأ للدكتور زكي نجيب محمود أجد عقلية فلسفية علمية من الدرجة الاولي و في نفس الوقت أجد إيمانا عميقا مذهلا!
في كتابه هذا لا يفعل الدكتور سوى المعتاد منه.. يثير عقل القاريء بالفكرة تلو الأخرى!
لن أستطيع الحديث عن كل مقالات الكتاب .. لكن ساتحدث فقط عن أكثر ما لفت انتباهي منها..
واحدة من الأفكار الهامة التي ناقشها الدكتور هو الفرق بين الدين و التدين وعلم الدين.. مقالة شديدة التفرد يحاول فيها الدكتور كعادته أن يحدد تعريف كل كلمة بدقة.. فالدين هو تلك المعرفة بوجود الله و التي تتوقف على الإيمان بعدة أشياء.. وجود الله.. رسالات الأنبياء.. إلخ.. أما التدين فهو اعتناق الفرد لتلك المعتقدات التي يقوم عليها الدين.. أما علم الدين فهو العلم الذي يقوم على دراسة قواعد الدين تلك واستنباط الأحكام منها.. فالإنسان المتدين قد يتواجد دون وجود عالم الدين.. لكن عالم الدين لا يستطيع التواجد دون التدين.. الهدف من هذه الفكرة هو إزالة القدسية عن أقوال علماء الدين التي تجعلهم يظنون أنهم وحدهم و فقط وحدهم من يملكون مفاتيح الدين الصحيح.. لكن الدكتور يرد و يقول لا.. نحن نؤمن في وجودكم أو عدمه..
فكرة أخرى ناقشها الدكتور في عدة مقالات.. كيف يمكن الارتقاء بحياتنا الفكرية و العلمية... و طبعا استتبع هذا بالضرورة الحديث عن شعار "الإسلام هو الحل".. هل بالفعل الإسلام يكفينا بحد ذاته؟ .. و في هذه الفكرة قسم الدكتور التقدم المعرفي إلى قسمين.. تقدم معرفي يتبع مثال النمل.. و تقدم يتبع مثال النحل.. فأما النمل فهو ينقل الطعام و يخزنه كما هو لحين الحاجة إليه فيأكله كما هو.. اما النحل فهو يمتص رحيق الأزهار ليقوم بعدة عمليات هضمية داخلية و ينتج في النهاية العسل.. بمعني آخر فالمعرفة إما ان تؤخذ كما هى و تستخدم كما هي.. و إما أن تؤخذ فتهضم و تختلط ببقية المعارف و الأفكار الأخرى و نضيف عليها من أفكارنا نحن لننتج منتجا جديدا تماما مختلف تقريبا بالكلية عن مصادره... و أقول مصادره و ليس مصدره.. فالدولة الإسلامية قامت عندما هضم العرب ثقافة اليونان و الفرس و أدمجوها بالثقافة العربية لتخرج في النهاية الحضارة الإسلامية.. ليست مثل الثقافة العربية الأولي.. و ليست مثل الحضارة اليونانية.. و ليست مثل الحضارة الفارسية.. لكنها كائن جديد تماما بمكونات و مفردات و عناصر مختلفة اسمه الحضارة الإسلامية.. ففي نظر الدكتور شعارات مثل الإسلام يكفينا .. او الإسلام هو الحل .. لا تعني أننا نكتفي بالدين الإسلامي ليكون هو كل شيء .. لكن أن نفعل كما فعل المسلمون الأوائل فنهضم شتى المعارف و العلوم لينتج منها كائن فكري جديد يناسبنا نحن..
فكرة ثالثة كثيرا ما يؤكد عليها الدكتور ضمنيا في معظم كتاباته.. الدقة اللغوية.. لا تقول لفظا إلا أن تتأكد أنه يعني تماما ما تريد ان تقوله.. لا تستخدم كلمة إلا عندما تكون متأكدا تماما أن لديها نفس التعريف بين المستمع و المتلقي.. هذه الفكرة موجودة في خلفية جميع المقالات تقريبا.. تستطيع ملاحظتها مثلا في رده على الشيخ الشعراوي.. أو في نقده لفكر جاوردي.. أو في عدة مقالات أخرى..
و اتوقف قليلا عند جارودي.. ففي حين نجد المفكرين الإسلاميين قد هللوا و كبروا بعد إسلام جارودي.. و للغرابة أن يسقط الدكتور المسيري في هذا الفخ معهم!.. نجد الدكتور زكي ينتقد فكر جارودي.. لسبب بسيط .. أن جارودي رفض الحضارة الغربية لأنها مادية.. لكن وجد الإسلام دينا يحتوي الروح و المادة معا فاعتنقه.. وهنا التساؤل.. هل لو كانت الحضارة الغربية لديها جانب روحاني فجارودي كان وقتها سيعتنق الإسلام؟ الإجابة لا.. ولهذا يلوم الدكتور زكي جارودي.. فالدكتور يريد أن يكون الإيمان مبنيا على الإعتقاد الكامل بغض النظر عن أي شيء آخر .. و ليس مبنيا على عدم وجود بدائل أخرى أفضل كأن الإسلام هو "أفضل الأشياء المتاحة" فقط!
لكنني لدي تحفظات على أجزاء من الكتاب.. فألوم الدكتور مثلا على تناقضه عندما تحدث عن الشخصية المصرية.. ففي بعض المقالات تحدث عن سبب خمول الشخصية المصرية في العصر الحديث و انتقد هذا بشده و جعل من أسبابه أننا نتعود على السمع و الطاعة لمن لديه سلطة منذ صغرنا.. نخفي أفكارنا و نخادع الناس ونفعل كما يقال لنا ممن هم فوقنا حتى لو لم نكن مقتنعين به.. و لكنه يعود لاحقا في مقالات أخرى و يقول أن الخضوع في الشخصية المصرية هو مجرد إيمان عميق بأن كل شيء سيزول في وقت ما.. و أن الحياة الطويلة للشخصية المصرية منحته الخبرة أن يدرك أن الظلم مهما كان فإنه سيختفي في وقت ما.. فمرة ينتقد و مرة يجده شيئا فلسفيا حكيما..
كانت هناك عدة مقالات مررت عليها مرور الكرام غالبا لعدم اهتمامي بموضوعاتها.. مثل مقاله عن ابن عربي مثلا.. لكن في المجمل كتاب آخر للدكتور زكي يمنحني ما أريده تماما.. إثارة عقلية خالصة..
مقتطفات من كتاب "قيم من التراث - لزكي نجيب محمود" وهو من الكتب الفلسفيه الرائعه والتي يربط بينها الكاتب بين واقعنا المعاصر بأسلوب اكثر من رائع وبخطوات فلسفيه يستسيغها القارئ العادي حاملاً امامه مشعل من النور ليهديه الي الغايه المنشوده والطريق الصحيح الذي ينهض به كأنسان قبل ان ينهض بالمجتمع كتاب وإن كانت قيمته لا تتعدي جنيهان الا ان قدره لا تضاهيه أثمان
للنفس قوتين ولكل منهما كمالها فله "القوه العالمه" وكمالها إدراك المعارف والعلوم ،ثم له من جهه اخري "القوه العامله" وكمالها تدبير وسائل العيش ونظمه تدبيراً محكماً ---------------- لماذا لا نري ف الفن العربي او الاسلامي فن تشكيلي او صور منحوته؟ لأن الفن الاسلامي هو فن "فكره" قبل ان يكون فناً مراده ان يعكس الكائنات ع الخامه التي يستخدمها بكل تفصيلاتها او ببعضها علي سبيل المحاكاه للمحاكاه ذاتها وإذا قلنا انه فن "فكره" فقد قلنا بالتالي انه فن للمبادئ المجرده لا للمخلوقات المجسده ----------------- ألا حياك الله يامصر فهو جل جلاله الذي شاء لك ان تكوني ملاذ ابراهيم وموطن موسي ومنجاه عيسي ثم حافظه الاسلام منذ اريد بالاسلام شر ونكر علي ايدي التتار فلو كان ف الدنيا بأسرها موقع واحد يصلح للبشر علي اختلاف ديانتهم الثلاث كنيساً وكنيسه ومسجداً لكان هذا الموقع هو انت يامصر يامن اسماك رسول الله ارض الكنانه مريداً بذلك ارض العتاد الذي يصان به حمي الاسلام --------------- هل يحق لنا بعد ذلك بعد ان اصبح محور اهتمامتنا الدينيه تفصيلات شكليه عجيبه لاتمس روح الدين وجوهره ولا تحرك الضمير الديني عند الانسان من قريب ولا من بعيد اقول هل يحق لنا بعد ذلك ان نسأل ماذا اصاب شباب المسلمين ليصبحوا علي ما ��صبحوا عليه من هزال وضعف وانحراف؟ ----------------- ان العابد لا يسأل عن عبادته ليغير منها شيئا بل انه يسأل الفهم والفرق بينهما كبير فمقيم الصلاه اذا سأل ليفهم سر التكبير ف اول الصلاه وعند كل ركوع وسجود وقيام لزاده هذا الفهم امعاناً ف مقومات الصلاه من قول ومن حركه فتصبح الصلاه احدي الوسائل الفعاله ف تربيه الضمير الديني وإلا فكيف تنهي الصلاه عن الفحشاء والمنكر والبغي اذا لم يكن المصلي قد خرج من صلاته حاملاً ف صدره ضميرا يردعه عن تلك الآثام ---------------- نحن امام كتاب "القرأن الكريم" جعل للعلم والفكر منزله هيهات ان تجد لهما منزله اعلي منها ف اي مصدر اخر انه لم يرد للانسان علماً مجرد العلم بل اراد له رسوخاً فيه وهداه الي وجوب التفرقه بين العلم والظن فليس المراد معرفه تقام علي ظنون بل المراد معرفه تقام علي علم وليس المراد للانسان ان ينساق مع الهوي بل المراد له ان يهتدي بالعلم الذي لا يعرف الهوي --------------- اذا قرأنا ف كتاب الله ان يتفكر الانسان ف خلق السموات والارض فإننا لا نفعل الا قليل القليل القليل اذا نحن اقتصرنا ع حفظ الايه وتلاوتها وترتيلها مرات تعد بملايين الملايين وانما يكمل ايماننا بالايه الكريمه حين ننتقل من لفظها الي ما وراء ذلك اللفظ حقائق السموات والارض فإذا سألتني الا يكفينا اسلامنا ويغنينا عن الغرب؟ فأجيبك: نعم يكفينا، شريطه ان نَنفذ خلال كلماته الي ما ترشد اليه تلك الكلمات فلنحفظ تلك الكلمات الكريمه ولنعلم اطفالنا ان يحفظوها ولنتلها تلاوه لا تنقطع بالليل والنهار لكن كل ذلك لا يجعلنا من العلماء الذين عرفوا شيئاً عن خلق السموات والارض الا اذا اضفنا الي الكلمه ما وراءها ----------------- المبادئ والقيم والمثل العليا لن تبلغ غايتها ف حياه الانسان الا اذا غاصت ف نفسه الي اعماقها وتحولت عنده من حاله الوعي بها الي حاله اللاوعي بحيث تفعل فعلها فيه وكأنها جزء لا يتجزأ من فطرته وعندئذ لا تسمع مثل ذلك الانسان يقولها لفظاً ولكنك تراه ف اوجه نشاطه يحياها سلوكاً ------------- لن يكون لنا احساس حي بوجودنا وقدره ع المشاركه الايجابيه ف حضاره عصرنا إلا اذا استطاع حاضرنا ان يبتلع ماضينا ابتلاعاً ينقل ذلك الماضي من حاله كونه تحفه نتفرج عليها وعبارات نرددها الي حاله كونه غذاء للدماء ف شرايينها اي ان ينتقل الماضي من خارجنا الي داخلنا ليصبح فينا ضميراً حاكماً وموجهاً لسلوكنا لا بمحاكاتنا لما قد كان محاكاه حرفيه كما يقولون بل بإبداعنا للجديد الذي يتناسب مع عصرنا كما كان اسلافنا يبدعون ما كان متناسباً مع عصرهم ---------------- بالصداقه يزداد الصديق اقتراباً من المثل الاعلي للانسان الكامل ---------------- اذا اردنا الكشف عن الاهتمامات الحقيقيه التي تشغل شعباً معيناً من الشعوب فما علينا الا ان نراجع ما كتبه الكاتبون من ابناء ذلك الشعب لنري اي الافكار يتردد اكثر من سواه فيكون هو موضع الاهتمام الاول ---------------- قبل البدء بقيم الحريه والعداله وما اليهما مما نطالب به من حقوق الانسان لابد اولا ان نعد نفوس الناس اعدادا يهيئهم للاصرار علي ان يكونوا احراراً ومنصفين اذ ماذا يجدي ان تقدم للناس حقوقهم الانسانيه جاهزه معطره مبخره اذا كانوا ف اعماقهم لا يريدونها ----------------- ليس حرص الانسان علي حياته عيباً يؤاخذ عليه لكن يعلم انه ف اراده الحياه ليس وحيداً ولا فريداً بل يشاركه الحيوان كله والنبات كله واما الذي يتميز الانسان به فهو ان يمتد بحرصه ذاك ليشمل الحياه ف درجاتها العليا التي هي حياه مقرونه بمجموعه من القيم التي جعلت من الانسان انساناً وف مقدمتها الحريه والعداله وانظر الي الايه الكريمه" ولتجدنهم احرص الناس علي حياه " انظر لكلمه حياه وقد تجردت من اداه التعريف لتعني مجرد حياه نكره خلت مما يكرم الانسان وها هنا يأتي الواجب الصعب الذي ينقض الظهر بحمله الثقيل وهو ان يتصدي الانسان للدفاع عن حياته انساناً بكل تكاليفها ولا يكتفي بمجرد حياه يحافظ فيها علي قوته وقوت عياله مهما بهظ الثمن الذي يدفع من حريته وكرامته ---------------- الانسان مسؤول عن اعلان رأيه امام ضميره لانه مسؤول عن ذلك امام الله فليس الرأي من الانسان كالقطعه من ملابسه يلبسها الناس او يخفيها ف خزائنه تبعاً لمزاجه المتقلب يوماً بعد يوم بل الرأي هو صميمه هو لباب كيانه هو فؤاده -------------- لم تعرف الدنيا منذ الازل ولن تعرف الي الابد شعاعاً كتمت انفاسه ظلمات فشعاع الضوء مصيره الي ظهور مهما طال احتباسه وراء الحجب -------------- كنا ف الطليعه يوم كنا نفرز افكارنا كنا يتفصد العرق من جلودنا ثم تخلفنا حين تركنا لسوانا ان يغامر ويغامر حتي شق بصواريخه اجواز الفضاء بينما جلسنا نحن القرفصاء ننظر اليه بأفواه فاغره انتظاراً لما يلقي به الينا من فتات كان الفرق بيننا وبينهم ذات يوم فرق غرب يتعلم ليغزو الدنيا بعلمه وشرق يتصوف لتخبو شعله الحياه بزهده فما كدنا نستيقظ لنبرهن لهم الا فرق بين الشرق والغرب حتي فصل بيننا فارق جديد فأصبح الفرق بيننا شمال وجنوب فالشمال يزداد ثراء بعلمه نره وبسطوته الباغيه مره بينما الجنوب يزداد فقراً بجهله مره وبضعفه مره الذي مكن الشمال ان يستذله ويستغله وها نحن هؤلاء نشهد علي مسرح الاحداث صراعاً بين غرب وشرق ونسمع حواراً بين شمال وجنوب لكن الغرب الشمال ف مركز القوي والشرق الجنوب ف مركز الضعيف ولو سألتني لألخص لك الفرق بين الجانبين ف كلمه قلت إن الغرب الشمال يغامر بينما الشرق الجنوب يجلس القرفصاء ------------------ احتج الي من شئت تكن اسيره واستغن عمن شئت تكن نظيره واحسن الي من شئت تكن اميره الامام علي ---------------- امكن القول بأن هدوء العقل ف تقليب الامور قبل الاخذ ف رد الفعل ع الموقف المطروح هو مؤشر دال علي ارتقاء صاحبه بقدر ما يكون المنفعل الهائج السريع مؤشراً دالاً علي فجاجه صاحبه --------------- انك تقرأ لتضيف الي عمرك المحدود عشره امثال او مائه او الفاً بحسب القدر الذي تقرؤه والطريقه الي تقرأ بها لماذا؟ لانك خلال عمرك المحدود ستجمع خبرات وافكار عن العالم وعن الناس وعن حقيقه نفسك لكن تلك الخبرات والافكار سيكون مداها مرهوناً كذلك بعدد السنين التي كتب لك ان تحياها ---------------- إقرأ لمن يضيف الي خبراتك وافكارك إضافه توسع من افاق دنياك فما كل قراءه ككل قراءه وإنما القرأه التي نعنيها هي قرأه الافذاذ ف كل ميدان فهل يعقل ف ميدان الفلسفه مثلاً ان اترك افلاطون وارسطو وابن سينا وابن رشد وديكارت وهيجل لأقرأ فلاناً وعلاناً!؟ وف الشعر هل يعقل ان اترك البحتري والمتنبي وابا العلاء لأقرأفلاناً وعلاناً!؟ نعم قد نقرأ للأوساط بل وللصغار احياناً لنتسلي انني اذكر سؤالاً وجهته لاستاذ كبير ف الفلسفه ف انجلترا وكنت ازوره لأودعه إذ سألته كيف تري جان بول سارتر؟ فنظر ااي نظره الذاهل للسؤال وقال:سارتر!؟ ثم اشار بيده نحو رفوف مكتبته وقال: وهل فرغت من هؤلاء الساده القاده لأنفق ساعاتي ف قراءه سارتر؟ ------------------ ولكن كيف تقرأ؟ اقرأ وكأن الذي معك ليس كتاب من صفحات مرقومه بحروف وكلمات بل كأنك تتحدث مع مؤلف الكتاب ،اقرأ وكأن الذي معك هو الرجل الحي يعرض عليك فكرته او خبرته بصوت مسموع ففس هذه الحاله ستجد نفسك مدفوعاً الي مراجعته ومساءلته ومراجعته جزءاً جزءاً ومعني معني وهكذا تكون القراءه الحيه بفاعليتها الذهنيه فلا تجعل من نفسك اثناء القراءه شريطاً من اشرطه الكاسيت يتلقي ولا حيله له فيما يتلقاه بل تمهل هنا وقف هناك واسأل وحاور ووافق واعترض فالذي معك هو انسان حي بفكره ووجدانه وقد يكون انساناً اطول منك باعاً واقدر منك علي الغوص وراء الحقائق لكنك لن تبلغ منه كل ما تريد الا اذا وقفت منه موقف الاحياء من الاحياء اذ يلتقون ف دروي الحياه ومسالكها ---------------- ما من مخلوق بشري شهدته الدنيا الا وقد تنازعت فيه قوتان احدهما تدفعه نحو اشباع دواعي الفطره المغروزه ف جبله الانسان والتي لا حيله للانسان ف وجودها، والاخري فهي الشكائم التي نلجم بها تلك الفطره عند جموحها لكي نسير بها ف الطريق المشروع ولئن كنت تؤدي فرائض الله وتقرأ كتابه ثم تري نفسك علي شئ من ضعف الاراده قد ينتهي بك الي زلل فإنك ف كل ذلك انما تفصح عما يكتمه الاخرين وحسبك هذه اليقظه المؤرقه من ضميرك الحي اللوام لتكون علي يقين بأن السفينه لابد راسيه آخر الامر في مرفأ الامان -------------
حتى كتب أستاذنا (زكي نجيب محمود) الخفيفة كهذا الكتاب بديعة وتستحق التوقف عندها. ابتداءً مازالت لغته تروقُني في الكتاب الرابع الذي أقرؤه له بعد (رؤية إسلامية) الذي قرأتُه منذ عشرين عامًا، و(المعقول واللامعقول في تراثنا الفكري) الذي قرأته منذ ثمانية عشر عامًا، و(من زاوية فلسفية) الذي قرأتُه منذ ثلاثة أعوامٍ أو أربعة! رغم خِفّة الكتاب التي أرادَها الأستاذ وتعمّدَها، فقد أثارت المقالات المحتواةُ فيه موضوعاتٍ على قدرٍ كبيرٍ من الأهمية، كما جاءت تحليلاتُه مضيئةً جدًّا بالنسبة لي على الأقل في مواضع كثيرة. ربما أهمّ هذه الإضاءات في مقاله (ابن رشد في تيار الفكر العربي) وقوفه على مدار الضعف عند أبي الوليد بن رشد في تيار الفكر العربي، إذ أرجعَه إلى اهتمامه بالمنهج على حساب فحوى المشكلات التي تعرّض لمناقشتِها، واستخدامه للقياس الجدلي في نقده للمتكلمين وزعمه ضعفهم لاستخدامهم القياس الجدلي!، ومصادرته على المطلوب في إثبات الشريعة بالشريعة. كذلك أرى تحليله في مقال (طريقة الرمز عند ابن عربي في ترجمان الأشواق) صائبًا موضوعيًّا جدًّا، وأراه قد صاغ في براعةٍ ما أدركتُه من قبلُ على نحوٍ مباشرٍ من اعتساف (ابن عربي) في ليّ أعناق معاني قصائده لتتفق مع ما رمى إليه من إثبات أنّ الغاية من (ترجمان الأشواق) كانت الحب الإلهي أولاً وآخِرا. كذلك في مقال (أقولُها كلمةَ صِدق) أرى فكرتَه عن انطلاق رؤية كلّ عصرٍ للعالَم مأخوذةً من علمٍ معيَّنٍ ملهِمةً وجديرةً بالالتفات، حيثُ الرياضة هي ذلك العلم منذ اليونان إلى زماننا، وعلم الأحياء هو ذلك العلم في عصرِنا الراهن. يُضافُ إلى هذه الإضاءاتِ تحليلُه لهشاشة العلاقة بين جماعة المثقفين وجموع الشعب في العالم العربي منذُ نهضة مصر بعد خروج الحملة الفرنسية إلى الآن، ورجوعُه بها إلى طبيعة طبقة (المثقفين) فيما قبل الحملة الفرنسية وتكوُّنِها من علماء الدينِ إجمالاً، وتغيُّر هذا التكوين فيما بعد. ومن أعمق هذه التحليلات في تقديري ما جاء في مقاله (حرّيّة الذين يعلمون)، حيث تتبّع مفهوم الحُرّيّة كما تواترَ في أدبيات الزعماء السياسيين ومقالات المثقفين التنويريين المصريين والعرب في القرنين الأخيرين، ورأى أنه كان مفهومًا ذا طبيعةٍ سلبيةٍ بمعنى أنه كان يشيرُ دائمًا إلى الانعتاق من سطوة المستبدّ المحلّيّ أو من قبضة المحتلّ الأجنبيّ، ولم يكتسب أبدًا تلك الصبغة الإيجابية المتعلقة بتعاظُم طلاقةِ الإرادة مع إنتاج العِلم وتحصيله. أمّا في مقاله (هيّا إلى اقتحام العقَبَة)، فقد جاء إرجاعُه مفتاحَي الرؤية القديمة والمعاصرة للكون إلى مفهومَي (الجوهر) و(الصيرورة) متجاوبًا مع ما أسلفَه في مقاله (أقولُها كلمةَ صدق) عن الرياضيات والبيولوچيا. أمّا أطرفُ ما جاء في الكتاب فرُبّما كان حلمُه بسقراط في المقال الأخير (لك أنتِ الولاءُ يا مصر)، وحديثُه المقتضَب عن فصولٍ سريعةٍ من حياته وخبراتِه الشخصية في مقالاتٍ كثيرة، وحواراته مع كثيرين، وربما أهمّها حوارُه مع الورّاق الملهِم. كذلك حديثه في مقال (النفخة الكذابة) عن النفخة الصادقة الصادرة عن امتلاءٍ، وكيف اختلفت طرائق (طه حسين) و(برنارد شو) عن (عباس العقاد) و(نيتشه) مثلاً في الزهو بأنفسهم! كذلك جاء مقالاه (قالت الشمس للسحُب) و(حوارٌ على الورَق 1) طريفين جدًّا في مسألتَي (لماذا ولِمَن وكيف أكتب) و(لماذا ولمَن وكيف تقرأ). أما حوارُه مع أستاذ الفلسفة في لندن بشأن (سارتر) حيث أشار أستاذُه إلى أرفف الكتُب المتراصّة أمامَه وقال: "وهل فرغتُ من قراءة هؤلاء السادة القادة لأنفق ساعاتي في قراءة سارتر؟" في المقال الأخير فهو واحدٌ من أكثر حواراته القصيرة إلهامًا على الإطلاق. لكن لابُدّ من الإشارة إلى مواضع اختلفتُ فيها مع أطروحات أستاذنا، لاسيّما في إضاءته القيّمة في المقال الافتتاحي (قيمةٌ من التراث تستحقُّ البقاء) بشأن موقع فنّ التصوير من الحِلّ والحُرمة في الإسلام، إذ استعان بكتاب (بِشر فارس) الموسوم (سِر الزخرفة العربية) الذي أشار فيه إلى مخطوطةٍ لأبي عليٍّ الفارسيّ النحويّ فسّر فيها الحديثَ الشريف (أشدُّ الناس عذابًا يوم القيامة المصوّرون) لغويًا بأنّ المصورين هم من جعلوا لله صورةً، وهو تفسيرٌ مقنعٌ ولاريب، لكنّه يُغفِلُ التيارَ العامَّ للفقه الإسلامي الذي يكاد يمثّل الرُّوحَ الحاضرةَ في ممارسات المسلمين الآن وقبل الآن. كذلك ما لمحتُه من شوفينيةٍ مستترةٍ في نفس المقال، حين ألمح أستاذُنا إلى (عِلميّة) لغة العرب واطّراد قواعدِها وإمكان التنبُّؤ بمعنى الكلمات المولَّدَة في العربية مقارنةً بالإنكليزيةِ مثَلاً حيثُ يدّعي غيابَ كلِّ ذلك فيها، وهو ما أرى به الكثيرَ من الشطَط والتعجُّل في الحُكم. لكن هذا المقال نفسَه لم يَخلُ من إضاءةٍ جذّابةٍ تتعلقُ بمنبع الأخلاق عند الشرقيين والغربيين، وارتباطه بنهجٍ استنباطيٍّ توليديٍّ يكادُ يكونُ رياضيًّا في الشرق، ونهجٍ استقرائيٍّ تجريبيٍّ في الغرب، كأن (أخلاقَنا هبطت إلينا من السماء وأخلاقهم نبتت لهم من الأرض) بحسب عبارة أستاذنا الرائعة. ربما فيها قَدرٌ من التعميم كذلك لكنّها تظلُّ جذّابةً جديرةً بالمناقشة، لاسيّما أنه ربطَ طبيعة الأخلاق بطبيعة الفنّ خاصةً التشكيليّ عند العرب وعند الأوربيين.
انتهاءً هو كتابٌ جديرٌ بالقراءة لاشك في ذلك، وملهِمٌ كعادة كتب أستاذنا رحمةُ الله عليه.
من أكتر الحاجات المستفزة بالنسبة لي خصوصاً في كتب المقالات الكلاسيكية للأدباء والمفكرين هي إنها بتعتمد بشكل أساسي علي تجميعة مقالات من صحف مختلفة ونشرها تحت عنوان جذاب يثير فضول القارئ ويخليه يكون صورة مثالية عن الطرح المقدم والأفكار المعروضة، لكن للأسف لما يفتح الكتاب ويبدأ يقرأه يحصله نوع من الصدمة لعدم وجود أي فكرة مرتبطة بعنوان الكتاب وأغلبها مقالات مكررة عن مصر والمصريين مع بعض الحكايات الشخصية والسفريات المختلفة وفقط ثم مقال أو إثنين له علاقة بشكل مباشر مع عنوان الكتاب. هنا ٣٧ مقال في ٣٩٠ صفحة ثلاث أو أربعة مقالات فقط المرتبطة بالتراث الإسلامي والباقي مواضيع خارج نطاق العنوان، الكتاب للدكتور زكي نجيب محمود وفي الحقيقة أنا أحبه واقدره جدا وهو مفكر عظيم ولا خلاف علي ذلك لكن أعتقد أن هذا الكتاب سيكون من أعظم كتبه وأهمهم إذا ما كان تركيزه كله علي موضوع العنوان، فليحدثنا مثلاً عن أغاني الأصفهاني أو نهاية الإرب في فنون الأدب للنويري أو يكلمنا عن المؤرخين كإبن إياس أو يعطينا نظرة عن التراث الإسلامي لكن كل هذا لم يكن حاضرًا بل كان الحاضر هو حكاياته الشخصية وحواراته وأسئلة واجابات، ليست المقالات سيئة بل كلها مفيدة ورائعة لكن حينما ترسم صورة في خيالك عن كتاب ويخذلك فالطبيعي يحدث شيء من الملل والضجر فلا تستطيع حتي إتمام الكتاب. اعتقد أن هذا درس هام لعدم الحكم علي اي كتاب -خصوصا المقالات- بالعنوان فقط حتي لا تأخذ علي قفاك.
يكاد يكون الكتاب سيرة ذاتية لفكر الدكتور /زكى نجيب محمود... أعجبنى الصراحة والوضوح فى عرض الأفكار - رغم صعوبة بعض المقالات نسبياً - إلا أن الكاتب يمارس دور الأستاذ بحرفية وإتقان.. فهو الدور الذى يصفه بأنه لا يصلح لأى دور سواه. وأقف ملياً عند فصل (ويبقى الود ما بقى العتاب) ومناظرته للشيخ /الشعراوي رحمه الله تعالى. وكذا فصل (نمل ونحل)... الكاتب شخصية مصرية عربية مسلمة فريدة بما تحمله من حضارة ولغة وتدين... تنضح بها الكلمات.
يوم الثلاثاء موعد قراء الأهرام مع زكي نجيب محمود ، تجلس مع صفحة عقله فتستمتع بحديث صديق يستخلص شخصية مجتمعه الثقافية بجدية ويضع أمامك عقل العالم باحترام لفكرك ومشاعرك ، لا تتناقش مع أفكاره فقط بل تصاحب عملا جميلا فيه مهارة الصنعة الخفية فهو يوظف السرد والحوار والاستعارات بجمال لإقامة عالم لغوي جمالي يستضيفك فيه ويترك معك لحظة صفاء عميقة مثل موجة تظل تزور شاطئك لتنبهك إلى وجودها وإلى جمال البحر ، هذه الجلسة الهادئة مع أهرام الثلاثاء كانت تأتي عقب جلسة الاثنين الانفعالية التي يعلو فيها صوت يوسف إدريس. كانت الأهرام محطة لأهرام الفكر وقتها حتى مطلع تسعينيات القرن العشرين
مؤلف انتقائى نقدى يبحث فى ما ظهر من التراث الفلسفى الفكرى للعرب و اختلاطه بالحضارات الاخرى و ما يراه د.زكى نجيب محمود حول تلك المذاهب و الافكار و ما يراه قد ينطبق او يلائم ما يدور بمجتمعنا كتاب رائع لمن يريد رؤيه شامله بها شئ من العمق على العديد من المذاهب الفلسفيه الفكريه الموجوده بالعالم.
page 334 " لقد ضاعت منا "الحكمة" في بحر "المعرفة" ثم ضاعت منا المعرفة في بحر "المعلومات المتفرقة
page 387 ما هي العلة الأولى في حياتنا الفكرية تلك؟ لأسرعت بالجواب قائلا: هي جهل الناس بحقائق المعاني التي يتداولونها زاعمين لها الوضوح، وربما كان مثل هذا العوم في بحر من الغموض، شبيها بما وجده سقراط في أهل أثينا، فأراد أن ينبه إليه الاذهان
page 112
لو كنت مربية لهؤلاء الأطفال، ومستهدفة إقامة ضمير ديني» في نفوسهم لبدأت بإدخالهم في الحالة الوجدانية التي يكون عليها المصلي، قائلا لهم شيئا كهذا: إن مقيم الصلاة عندما يرفع يديه إلى أذنيه قائلا: الله أكبر، فهو بمثابة من فتح بابا ليدخل منه إلى عالم آخر غير العالم الذي يحيط به ويعيش فيه، إنه هناك ملاق ربه و مخاطبه، ولذلك يحاول المصلي أثناء صلاته أن يصم أذنيه . ما استطاع - يسمع فلا صوتا، ويغض من بصره به ما استطاع أيضا . فلا يرى شيئا، بل إن من المأثور عن كبار العابدين، إنهم أثناء الصلاة لم يكونوا يحسون شيئا على جلود أبدانهم، ويروى عن أحد هؤلاء أريد له أن تبتر له ساق مريضة، فأوصى بأن يتم ذلك وهو يصلي، موقنا بأن إحساسه با يحدث لبدنه سيضعف إلى حده الأدنى، فالمصلي مستغرق بكيانه كله ووجوده كله فيمن هو في حضرته إبان الصلاة .. page 166 ولو كانت المعرفة التي أبحث عنها، وأبحث فيها، وأنقلها إلى الآخرين تدریسة وكتابة ، مما يندرج في العلوم الرياضية أو العلوم الطبيعية، لما قلت كلاما كهذا عن الصواب والخطأ، لأن تلك العلوم تبلغ من دقة النتائج ما لا يتركها نهبا للآراء والظنون، لكن المعرفة التي أشرت إليها تقع في مجال ما اصطلح على تسميته بالعلوم الإنسانية آنا، أو بالعلوم الاجتماعية آنا آخر، ثم في معرفة تدور حول معان، فيها من السخاء ما يكاد يسمح لكل من شاء، أن يكون فيها صاحب رأي، وماذا أنت قائل في فكرة كالحضارة، أو «الثقافة» أو «التقدم، أو أي عضو من أعضاء هذه الأسرة الضخمة من المعاني التي تتلفع بغلالات لطيفة من الضباب، الذي يظهر منها جانبا ويخفي جانب ؟ إنك إذا طرحت واحدة منها للنقاش، فتوقع أن تسمع من المشاركين في المناقشة عجبا من العجب، دون أن تجد بين يديك الوسائل الرادعة الفاصلة التي تحسم الرأي بين صواب وخطأ.
إننا في بحر هذه المعاني الضرورية رغم غموضها، والغامضة رغم ضرورتها، نضرب بأيدينا وبأرجلنا ضربة لا نضمن به أن نجتاز الموج العاتي لنبلغ شاطىء السكينة والأمان، ومع ذلك فلا مندوحة للسابحين في ذلك البحر عن السباحة، إذ هو حتم محتوم علينا أن نكون لأنفسنا من تلك المعاني الفضفاضة المتصلة بالثقافة والحضارة ، صورة فيها من الوضوح حدا أدنى، يكفي للهداية في ميادين التعليم والإعلام. وهي الميادين التي تكاد تنفرد بواجب الإعداد للمستقبل المأمول، وإلا فكيف نصوغ الأهداف التي نريد لشبابنا أن يستهدفوها، إذا لم تكن أمامنا وأمامهم صورة لما نبتغي
والقِيَم كثيرة، تلك التي كانت تنتظم حياةَ أسلافنا فِكرًا وسلوكًا، والتي يمكن أن نستعيرها لحياتنا المُعاصرة، لتكونَ هي الحلقةَ الرابطة بين ماضٍ وحاضر، لكني سأَقصر الحديثَ في هذا المقال على إحداها، فأتعقَّبها تحليلًا وتوضيحًا؛ لأُبيِّن كيف كانت مَنزلتها في فِكر السلف، وكيف يُمكِن امتدادُها إلى حياتنا الفكرية الراهنة.»
اجتمع لدى الدكتور «زكي نجيب محمود» الرغبةُ المُلِحة في تتبُّع التيارات الفكرية المُعاصرة، وفي الوقت نفسه الاتصالُ بالماضي وما عَلِق به من علوم وقِيَم تراثية ترتبط بالواقع بشكلٍ أو بآخر، ورَبْط ذلك كله بالحياة العامة وإيصال الرسائل الفكرية التي تحتويها بأسلوبٍ سهلٍ مُمتع. وفي كتابه هذا يجمع أكثرَ من ثلاثين مقالًا يرتبط مُعظمها بقضية الأصالة والمعاصَرة، وبما يتبعها من جدلٍ فِكري ثَرِي وموضوعي، مثل: الضمير الديني وما وراء الشعائر، وعلاقة الفلسفة بالدِّين والتديُّن، وتيار «ابن رشد» الفكري، ودور المسلمين كما يراه في العصر الحديث، ونظرتهم للدِّين الإسلامي كدِينٍ مُتكامل نستطيع به النهضةَ والتقدم.
اقرأ لمن يضيف إلى خبراتك وأفكارك إضافة توسع من آفاق دنياك، فما كل قراءة ككل قراءة، وإنما القراءة التي نعنيها هي قراءة الأفذاذ في كل ميدان، فهل يعقل في ميدان الفلسفه مثلًا أن أترك أفلاطون وأرسطو وبن سينا وبن رشد وديكارت وهيجل لأقرأ فلانًا وعلانًا؟! وفي الشعر هل يعقل أن اترك البحتري والمتنبي وأبا العلاء لأقرأ فلانًا وعلانًا؟!
نعم قد نقرأ للأوساط بل وللصغار أحيانًا لنتسلى. إنني أذكر سؤالاً وجهته لأستاذ كبير في الفلسفة ف انجلترا، وكنت أزوره لأودعه، إذ سألته كيف ترى جان بول سارتر؟ فنظر إليّ نظره الذاهل للسؤال وقال: سارتر؟! ثم أشار بيده نحو رفوف مكتبته وقال: وهل فرغت من هؤلاء السادة القادة لأنفق ساعاتي في قراءة سارتر؟
عنوان الكتاب مضلل بعض الشيء، لكنه محتوى الكتاب ممتع لأقصى درجة بأسلوبه اللي بيعتمد ع ايصال الفكرة بشكل سلس بأمثلة كتير ممكن تخلي المقال يوصل ل 10 صفحات بدون ملل، فكرني بأسلوب طه حسين الجذاب.
ده من آخر الكتب اللي صدرت لدكتور زكي على حد علمي معظم المقالات مكتوبة في التمانينات ومن خلالها نطلع ع التكامل الفكري ورده على تحولاته الفكرية واللي هو بيعتبرها مش تحولات اد مش ماهي تكامل في الجانبين.
لا أنكر أنني في بادئ الأمر كنت قد عزمت على ألا أكمل الكتب ، و ذلك مما وجدت في شرح مبالغ فيه لمعان كلمات لأحد الشعراء ، و لكن ما إن أكملت حتى وجدت نفسي أمام وجبة دسمة من فكر ينبغي أن يدرس لعامة الناس إن أردنا إصلاحا لهذا الوطن و لأنفسنا
الثلاث نجمات لأول ثلاثة فصول فقط من الكتاب. بعد ذلك كأنك تتصفح جريدة، كان افضل ان يتم تنقيح المقالات وحذف المقدمات الطويلة وربطها بشكل افضل. فلا يوجد اساس او هيكل لكتاب ابداً.
الكتاب هو رحلة مع عقل الرائع د. زكي نجيب محمود متمثلا في تأملاته للعديد من القضايا الهامة في مجتمعنا، مثل الدين والتدين، مواكبة العصر مع التمسك بالتراث والهوية المصرية، لماذا لا نواكب العصر في المقام الأول،ويناقش مفاهيم لطالما تداخلت علينا مثل مفهوم الحرية ومفهوم الثقافة ومفهوم الفلسفة. وفي مقالات يطرح الحلول للمشاكل المذكورة أعلاه. وفي مقالات تحمل العتاب سواء الى فئة من الناس مثل المثقفين أو الى أشخاص بعينها مثل الشيخ الشعراوي. وفي مقالات أخرى يعرض فيها دعوته الى اعلاء الهمم والى مراقبة الذات والى استحضار الوطن. ولا ننسى بالطبع نقده المبهر الى فلسفة ابن رشد المتمثلة في كتبه الثلاث والتي تحاول الجمع بين المنطق والدين موضحا أنه لا خلاف بينهما يمكن أن ينشأ حيث أن الاثنين في جوهر الأمر هم شيء واحد. ونقده للرمزية عند ابن عربي في ترجمان الأشواق موضحا دلالات المعاني المختلفة للكلمة الواحدة.
في البداية ارى ان عنوان الكتاب لا يعبر عن مضمونه الثري و الشيق فهو يعبر عن مقالات قليلة فقط منه مما قد يفاجئ القارئ او المشتري للكتاب و الذي قد يبحث عن موضوع التراث بصفة خاصة . و أما انا فلا اجدني امام كمات استاذي و معلمي زكي نجيب محمود الا في صورة الطالب المبتدئ امام مفكر كبير و معلم مثالي فلا املك امام كلمات الا الشعور بالمزيد من الاحترم و الاجلال له . فالكاتب في كثير من مقالات ذلك الكتاب يتحدث عن كيف اننا اقتصرنا في تعاملنا مع العلم الحديث بمجرد النقل و الحفظ ، و اعتبرنا ان مجهودنا بذلك يكفي ان يجعلنا من علماء ، وقد اغفلنا مبدأ الابداع و التطوير و اصباغ ما يأتينا بصفة مختصة بنا و اضافة تميزنا . و كيف انا ما زلنا نتعامل مع الحديث بأسلوب تفكير قديم لا يتفق معها و لا تتفق معه . و تحدث ايضا الكاتب في مقالاته عن تربية الضمير الديني و كيف يجب للأنسا ان يدرك و يعرف معنى الدين و يدرك المغزى وراء شعائره قبل ان يسعى الى تنفيذ تلك الشعائر تقليدا لغيره و اننا يجب ان نربي ابنائنا على هذا المبدأ . افكار ذلك الكتاب لا يسعني ان احصيها في ذلك التعليق الصغير . و لكن ذلك الكتاب و غيره من مؤلفات دكتور زكي نجيب محمود فيه ما يجعلك تشعر بعد قرائته بانك عشت عمرا فوق عمرك و و تغيرت نظرت للأمور ففيه من صدق الكاتب و سعيه الى ايصال ما يريده لقارئهما يجعله من اكثر الكتب قيمه في المجال الفكري . و ذلك مما رأيت في رأيي المتواضع . و شكرا
سعيد جدا إني قرأت هذا الكتاب.. كتاب جيد جدا ويستحق القراءة الكتاب عبارة عن مجموعة مقالات منفصلة أحيانا ومتصلة أحيانا يتناول الكتاب بالشرح والتحلليل بعض أهم المشكلات التي تواجه المجتمع المصري المعاصر ويحاول الكاتب تقديم حلول جذرية لهذه المشكلات. فلسفة د/ زكي نجيب محمود تتضح كاملة في هذا الكتاب.. فلسفة عقلانية تقوم على العلم والأخذ بقيم الحضارة المعاصرة مع الحفاظ على قيم وثوابت المجتمع المصري العربي الاسلامي فلسفة ليست مجرد كلاما في الهواء إنما هي تقوم على اسس علمية وتحاول دفع المجتمع إلى الأمام ليس فقط لمجرد مواكبة العصر وإنما تسعى إلى خلق حضارة جديدة قديمة عربية واسلامية لكنها علمية مبتكِرة في نفس الوقت انصح الجميع بقراءة هذا الكتاب.
كتاب رائع لكاتب رائع و لكن يؤخذ على الكتاب عنوانه المضلل للقارئ نوعا ما ... لان الكتاب عبارة عن مجموعة من المقالات الفكرية التي تطرح أفكارا مختلفة للقارئ يناقشها د. زكي نجيب محمود بسلاسة أسلوبه و أمثلته ... و قيم من التراث هو محتوى المقال الاول من الكتاب .... استمتعت بقراءة الكتاب لان الموضوعات التي طرحها الكاتب تجعل عقل القارئ يعمل في تحليل الأفكار المطروحة و أراء الكاتب كثيرا ...
دراسة فلسفية نقدية رائعة.. ويعتبر هذاالكتاب أول قراءة لزكي نجيب محمود، ولن تكون آخرها. هناك العديد من المقالات ما لفتت نظري وعاودت قراءتها اكثر من مرة. هذاالكتاب يعتبر تراث في حد ذاته.