رواية مستوحاة من سيرة الشاعر الجاهلي طرفة بن العبد البكري، ومأساة روحه المعذبة بين إرادته الحرة وإرادة الجماعة الني لا تمنحه إلا بقدر ما تسليه.. بين موت يتربص به على ميعاده، وموت يبادره إليه بإرادته، فيستهلك نفسه باللذات واقتحام المخاطر.. فلا هو يستطيع أن يجعل الحياة على مثال نفسه، ولا هو يستطيع أن يجعل نفسه على صورة الحياة وناسها.
أكاديمي وشاعر وكاتب درامي، تفوق بأعماله الدرامية التاريخية التي انفرد بجعلها نوعاً أدبياً مصوراً. من أهمها: صلاح الدين الأيوبي، صقر قريش، ربيع قرطبة، ملوك الطوائف، عمر بن الخطاب، التغريبية الفلسطينية. حصل على جائزة أفضل كاتب دراما في مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون، لأربع سنوات متتالية، عن أعماله: صلاح الدين الأيوبي، صقر قريش، ربيع قرطبة، التغريبة الفلسطينية.
"ذلك فتى قتله شعره ، أو كبرياؤه ، أو قومه ، أو عمرو بن هند ، لا أدري "
لا أدري هل يمكن الاكتفاء بقول الشاعر والملك ؟ أم أقول الشجاع والملك؟ أم العنيد والملك ؟ أم الحُر والملك؟ أم المظلوم والملك ؟ رواية حول حياة الشاعر الجاهلي طرفة بن العبد أو عبيد بن العبد بن سفيان بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس البكري وهو مصنف من شعراء المعلقات . حاول الدكتور وليد سيف في هذا العمل الروائي أن يكتب عن حياة هذا الرجل وطفولته وشبابه وقبيلته التي نشأ بها وعلاقته بعائلته وقبيلته
توفى والده وهو في سن صغير واهتم به أعمامه الذين رفضوا أن يعطوه ورثه من أبيه، ولكن طرفه كان فصيح اللسان يمكنه أن يأخذ ما يراد فقط بالشعر ! وفجأة ينقلب على جماعته بسبب خضوعهم للملك عمرو بن هند ذاك الملك الظالم المستبد ، وطرفه يرفض خنوع قبيلته وإذلالهم لعمرو بن هند ويترك طرفه قبيلته ومن هنا تبدأ رحلته ، نستطيع أن نسميها رحلة التيه. وقد جرب الفرار من قومه حين خرج منهم ، ثم جرب الفرار من نفسه حين عاد إليهم ، فلا اطمأنت نفسه بهذه ولا بتلك
ومأساة روحه المعذبة بين إرادته الحرة وإرادة الجماعة الني لا تمنحه إلا بقدر ما تسليه.. بين موت يتربص به على ميعاده، وموت يبادره إليه بإرادته، فيستهلك نفسه باللذات واقتحام المخاطر.. فلا هو يستطيع أن يجعل الحياة على مثال نفسه، ولا هو يستطيع أن يجعل نفسه على صورة الحياة وناسها.إلى أن ينتهي به الأمر نهاية لا تليق بشاعر بكر ولكن تليق بالرجل الحُر الذي لا يهمه الموت وهو الذي نشأ بين أحضانه.
أسلمني قومي ولم يغضبوا لسوأة حلت بهم فادحةٍ كل خليل كنت خاللته لا ترك الله له واضحة كلهم أروع من ثعلبٍ ما أشبه الليلة بالبارحة
مشاعر الرواية كثيفة ،وقلم دكتور وليد سيف ولغته أكثر من رائعة ، تأثرت بالرواية وتأثرت بكل ما مر به طرفة ،الاحداث والأشخاص في الرواية حقيقية ولكن ينسجها وليد سيف في قالب روائي ، حقيقي مش عارفه ازاي هذا الرجل لم يأخذ الشهرة التي يستحقها في وسط المجتمع الأدبي ، بزعل لما الاقي أعمال سطحية وساذجة مشهورة وتريند ، وأعمال ثرية وقيمة زي دي مش واخده حقها 🥹 "وعليه أن يقر أخيراً أن الحياة كانت أقوى منه وأنها قهرته على قالبها وهزمته وغلبته على إرادته ، فهو الآن ميت حي ! ولم يبق له من إرادته إلا أن يبادر إلى موته بما ملكت يده " تمّت 21/5/2024📖🌿
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ؛
أما بعد؛ فهذه الرواية من أجود ما قرأت من الروايات المعاصرة! قلمٌ بليغ، سبكٌ محكم، أحداثٌ منضبطة، الفكرة ذاتها عبقرية! وهي تفتح بابًا لعددٍ لا نهائي من الأفكار المشابهة! تخيل أن يكون لدينا رواية لامرئ القيس، النابغة، المتنبي، حسّان بن ثابت رضي الله عنه!
ما رأيت الكاتب تعرنج إلا قليلًا، وإن هذه والله لمنقبة عظيمة لا يدركها كل أحد! ومنذ اللحظة الأولى التي انتقيت فيها صفحةً عشوائية وقد وقعتُ في غرام حروفه.
ومما راقني كثيرًا قوله:
"فأهون عليه أن يُفرد إفراد البعير الأجرب، من أن يساق في قطيعٍ يدور معه أنى دار"!
وقوله: "على أن الأسد وإن أُعجب بنده وشبيهه، فليس يضره شيء مثل وجوده في حماه، فإن الأجمة لا تتسع للأنداد"!
وقوله: "وقد وجدتني أنظر في صحيفة الملك، فأواسي نفسي على ما تخاف وتحذر، أقول إن كان بها حتفي فلا أعلم رجلًا قبلي قبض على منيته بيده"!
قد عشتُ مع الرواية، ومع طَرَفة، ومع عمرو بن هند، تأثرتُ لعامرٍ وسعدٍ وحنظلة! وما يذهلني هو تصميم شخصية طَرَفة! فذ! نسيجٌ وحده! ورغم ذلك؛ واقعيّ! ولا أدري كيف أقحمني الكاتب في كل المشاهد إقحامًا كأني بين ظهرانيهم!
وعندما يصمت طَرفة لثوانٍ؛ فيخفض رأسه قليلًا، كأنما يحضره شيطان الشعر، ثم يرفع رأسه، فينطلق كجوادٍ بريّ، حينها أود أن أقفز من مكاني!
…
أزعجني مشهدٌ وحيد في الرواية، عكّر عليَّ صفوها، حينما تغزل طَرَفة بقانية..
وجب التنبيه عليه.. فيما عدا ذلك؛ أرشح هذه الرواية بشدّة.. لها أثرٌ بيّن في اللسان..
…
اختم بقول طَرَفةَ:
لعمري لموْتٌ لا عقوبة بعده لذي البث أشفى من هوىً لا يزايله! … متحمسٌ للغاية لقراءة الأعمال الأخرى للكاتب. والله المستعان على كل ذنبٍ ونائبةٍ.. أبدًا.
هذه قصة (طرفة بن العبد) الشاعر صاحب المعلقة. أدار الكاتب (وليد سيف) روايته على حياة طرفة القصيرة، وبها حدثنا عن جدلية علاقة الفرد الفذ بقومه؛ بما تحمله من أسئلة الانتماء والتفرد، وما يقابلها من احتمال الشذوذ (التفرد) و القدرة على التماسك والبقاء.
كما تلمح في خلفية الرواية وثناياها متاهة العرب في قدرهم كأمة متشرذمة يتسلط عليها الطغاة التابعون للخارج.
وكأن حياة طرفة -في هذه الرواية- ريح أثارت تلك الأسئلة، وكشفت تلك المعضلة، وعفت لكنها تركت شعرا خالدا يذكّر بها.
جاء ذلك كله في رواية كتبت بفصاحة وليد سيف، وجزالة أسلوبه، وليست أعظم ما كتب.
لا يمكن لصفحات التاريخ أن تنقلك إلى قلب وقائع تلك الأيام كما يفعل الدكتور وليد سواء كنت مهتما بالشاعر أو بالفترة الزمنية أو بالعرب كلهم أو لا يكفيك ارتشاف عذب البلاغة و التبصر في معاني الأحداث اكتب يا دكتور زادك الله.. تحدث عن الطقس عن أصل طبق الثريد.. عن أي شيء.. فلا ينطق قلمك إلا جمالاً و بياناً
في رواية "الشاعر والملك"، يُبدع الدكتور وليد سيف في سرد قصة طرفة بن العبد، الشاعر الجاهلي الذي تمرد على قيود المجتمع وسلطة الملك. بأسلوب رشيق ولغة عذبة، يأخذنا سيف في رحلة عبر الزمان لنشهد صراع طرفة مع أغلال السلطة وإرادته الحرة. تُظهِر الرواية كفاح طرفة في التوفيق بين إبداعه وضغوطات قبيلته، مُبرزًا التضحية التي يقدمها من أجل فنه. تُسَطِّرُ "الشاعر والملك" مأساته المؤثرة بأسلوب يجمع بين الشِّعْرِية والوقائع التاريخية، مُضْفِيةً على شخصية طرفة بُعْدًا إنسانيًّا عميقًا. هذه الرواية ليست مجرد سيرة تاريخية، بل هي دعوة لإعادة التفكير في مفهوم الحرية والإبداع، وتُثْرِي المكتبة العربية بإضافة فنية تُحَفِّزُ التأمُّل.
خمس نجوم بجدارة! من أفضل ما قرأت ! 🌟 وليد سيف ذكي جداً في نقل الاحداث التاريخية، استمتعت كثيراً بالحوارات واللغة العربية الرصينة وأبيات الشعر في هذه الرواية. رواية متوازنة ومتسلسله 💓
عَمرٌو وعَمرُو.. قد يجمع الرجلان اسمٌ، ويُفرّقهما نسبٌ ونفسٌ وصفة! وما الفرق بين ابن عبدٍ وابن هندٍ -دون النسب- سوى أنّ الأوّلَ له نفسُ شاعرٍ عزيزة، والآخر له نفسُ ملكٍ دنيئة!
طرَفة، على قِصر عهدي بك.. إلّا أنّك قد وقعت في نفسي موقعًا خِلتُ من ورائِه أنّ نفسيَ قد كُشِفت! كنتَ الغريبَ بين قومِك، وكنتَ العزيزَ الذي لم تُفهم عزةُ نفسِه وكبرياؤه وأنفته، كنتَ مرهفَ الحِسّ، رقيقَ القلب، ذا مروءةٍ شجاعًا.. وكنتَ من وُصفت شجاعتُه بطيشِ الشباب كنتَ أمةً يا فتى! قبيلةً كنت.. وكنتَ الجماعة! وكنتَ.. وحدك!
«لخَولةَ أطلالٌ».. لطالما رد��ت هذا البيت، ولم أعلم ما وراءه، أمّا وقد علمت؟ أذكر أنّي قرأتُ يومًا رأيًا جهولًا لفتاةٍ تقول ما معناه: «أنّها لا مانع لديها لما حدث للشعراءِ في سبيل وصول شعرهم لنا»، أنكرتُ في نفسي قولها ومضيت، وقد أرجعني طرَفة ووجعه على خولة لما قد مضيت، وتركني قابعةً هناك.. أتساءل: كيف لو لم تكن طرَفة من آل بكر؟ أو كيف لو كانت نفسُك مثلهم يا طرَفة؟ تقبلُ الذلَّ وتخضعُ له في سبيلِ الأمن من الخوف، ماذا لو جهلتَ حقيقةَ الحياةِ كما جهلها قومك؟ أكنتَ مستريحًا؟ أضاعوكَ يا طرَفة، وأيُّ فتًى أضاعوا! قلتَ لعامرٍ: «اِبعد يا عامر... اِبعد عن حياةٍ لم تَعِدك إلا بالشقاءِ والظُلم. اِبعد عن قومٍ ضيّعوك... فالأرضُ أرأفُ بكَ منهم». وأنتَ القائلُ أيضًا: «لا يستوي الناسُ فوق الأرضِ، ولكن... يستوون تحتها»! فهل رأفت بكَ الأرضُ؟ وقد استوى ابنُ عبدٍ مع ابنِ هند.
عامرٌ وسعد! وقد درستُ على عجالةٍ الفصل الماضي عن الصعاليك، ولم أقف عند أي بيتٍ لأحدِهم إلا بيت عروة بن الورد الذي يقول فيه: «إنّي اِمرُؤٌ عافَى إنائِيَ شِركَةٌ وأنتَ اِمرُؤٌ عافَى إِناءَكَ واحِدُ».. ولم تسنح لي الفرصة لأعرف عنهم، وما كنتُ لأرجو أن تكونَ معرفتي بهم من خلال عامر وسعد! وإنّ بعد اليوم لذكر «الصعاليك» في نفسي تنهدٌ طويل!
سيّد وليد سيف، عندما عزمتُ على القراءةِ لكَ كنتُ على درجةٍ كبيرةٍ من حسنِ الظن فيك، فلم تخيّب ظني، وزدتَ على ذلك أن أبكيتني.. ورُغم سرعة استجابة عيني للبكاء، إلا أنّ نفسي عصيّة على التأثرِ السهل بما قد أقرأ لدرجة البكاء، أشكرك.. على هذه الساعات القليلة المؤنسة، والمؤلمة أيضًا.. التي قضيتها بين كنفِ هذه الصفحات والرواية، لم أندم عليها، وحسبي أنّها قد تركتْ -على قصرها- في نفسي الأثرَ الذي لوددتُ أنتَ تركه في نفسِ القارئ، بلغتِكَ.. وسردِكَ.. واختيارِكَ لطرَفة! للشاعرِ... طرَفة..
وهذا.. شكرٌ لن يصل، لنفْسٍ كان عهدي بطرَفة أقصرَ من عهدي بها، على أنّهما الاثنان قصيران! وقد علمتُ منها ما قد علمتُ من نفسِ طرَفة، شجاعة.. ومروءة.. ورهافة حسٍّ ورقة! وقد كانت سببًا في قراءتي لهذه الرواية دون أن تعلم..
وكما قلتَ يا طرَفة: «لعمري لموتٌ لا عقوبةَ بعده.. لذي البثّ أشفى من هوىً لا يُزايِلُه»! ---------------- الرواية ماتعة ومؤلمة، وأسلوبها سلس وجميل، وهي من نوعِ الروايات التي لا تُحبّ أن تفارقها لِما لها من تأثيرٍ على نفسِك ولسانِك، فهي أيضًا مُعينة على تطهيرِ اللسان من العجمة التي يحملها، وقد وضعتُها في منزلةٍ أظنني لن أجدَ روايةً أخرى تحل محلها وتأخذ ما منحتها من منزلة! والحمدُ لله الذي قد منّ عليّ بقراءتها..
قراءة أي شيء يخطه قلم الدكتور وليد سيف متعة في حد ذاتها بصرف النظر عما يكتب.. هذا القلم المميز الفصيح الجذاب الحكيم لا أملك إلا أن أقول ماشاء الله وأكون سعيداً لوجود مثله في عصرنا ممن يضاهون رموز الكتابة في القديم ولا أبالغ حين أقول أني أرى الدكتور وليد سيف في مستوى ابن المقفع قديماً.. عودة للرواية.. تتناول الرواية قصة حياة طرفة بن العبد الشاعر الجاهلي وموقفه من الموت الذي جنا عليه في مستهل حياته باختطافه لأبيه مما كان له الأثر على حياته كلها من بعد.. اللغة رصينة ممتعة والحكمة بارزة والقصة جميلة.. شكراً دكتور وليد سيف على هذا الإبداع وتلك المتعة التي أجدها عند قراءة أحد كتبك أو مشاهدة احد سيناريوهاتك.
وليد سيف.. أي كلام يفي هذا العبقري حقه.. أن يستل روائي من تراث الأدب العربي حكاية واحد من فحول شعرائها ويقدمها بهذا العمل البديع لغة ومضمونا.. فلا بد أن يكون وليد سيف هو وحده القادر على ذاك
الشاعر والملك، أما الملك فهو عمرو بن هند ملك الحيرة، أما الشاعر فهو طرفة بن العبد الشاعر الجاهلي وصاحب إحدى المعلقات الطوال والتي تبدأ ببيت شعر نعرفه منذ الصغر: " لخولة أطلال ببرقة ثهمد تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد" يروي الكتاب سيرة طرفة بن العبد ويصفه وليد سيف بروح معذبة بين إرادته الحرة وإرادة الجماعة الني لا تمنحه إلا بقدر ما تسلبه. سيرة حياة بديعة لشاعر نبغ منذ صغره فتنبأ له شاعر آخر بقوله ويل لهذا وأشار إلى رأسه من هذا وأشار إلى لسانه فكان مثل ما قال. شاعر من قبيلة بكر واحدة من أمنع قبائل العرب، ومن بيت من أغنى بيوت العرب، يترك قبيلته التي لم تتمكن من استيعاب جموحه ولا روحه المعذبة فينضم لصعاليك الصحراء، ثم يعود إليهم، لتحمله تلك الروح من جديد بعيداً فينضم لبلاط ملك كان يعاديه، ويؤلب قومه عليه فلا يكون في البلاط كسواه بل ينادم الملك منادمة الصحبة والند، ويتجرأ بأن يغازل أخت الملك في حضرته فيقصيه عن بلاطه فيهجيه. ويحمل بيده رسالة موته وهو يدري ما بها، ولكن تأبى تلك الروح أن تفر بل يمضي بالرسالة لعامل عمرو بن هند على هجر التي تعيش فيها قبيلته. ويحمّل قبيلته هم الدفاع عنه والوقوف بوجه عمرو بن هند، فيضعهم بين المطرقة والسندان، فإن هم خالفوا أمر الملك عرضوا أرواحهم وقبيلتهم للخطر، وإن هم تركوا فتاهم للموت عرضوا مروءتهم للخطر فيا له من اختبار صعب يضعهم فيه فتاهم الجامح.
منذ زمن لم أقرأ رواية بهذه العبقرية بهذا المستوى الرفيع من اللغة، رواية في ظاهرها تحكي سيرة الشاعر الجاهلي طرفة ابن العبد، وفي مضمونها تحكي سيرة كل مظلوم آثر ألا ينصاع للنظام الجائر، وألا يَنْجر وراء ذُل الجماعة، حتى ولو أُفرد إفراد البعير المعبَّد( الأجرب). أما المناذرة الذين كانوا سادة على العرب وخدم للأكاسرة، ذلة للأعجمي المتغلّب أورثتهم عِزَّة على أبناء جلدتهم. كل ذلك هو إسقاط للتاريخ على واقع العرب اليوم. لا أعلم هكذا قرأتها! ينتمي طرفة ابن العبد إلى بلاد هجر( الأحساء) المنطقة التي أنتمي إليها وهذا كفيل بأن تقرؤها😂. بعيدًا عن كل ذلك، هي رواية استثنائية بكل ماتحمله الكلمة من معنى، اقرؤها فلن تقرؤا مثلها ما أطت الإبل وما حنَّت النيب وما حملت العيون الماء !
طرفة بن العبد، شاعر طبقت شهرته الآفاق، ولهجت الألسن بشعره الفائق. ارتقى بشعره إلى درجة الخلود، رغم موته في منتصف العشرينيات. هذه قصة حياة طرفة ومأساته التي لا يعرفها كثير من الناس، فقد عاش طَرَفة معذبًّا بإرادته الحرّة التوّاقة للانعتاق من قيود الجماعة والتبعية، معذبا بحرصه على أن يرى قومه أعزّاء لا أذلاء لملوك الحيرة. "عاش طَرَفة"، كما أراد أن يعيش، مغترفا من نعم الحياة بقدر ما أمكن ، عاش طَرَفة وقد حضّته روحه المتمردة على أن يتمرد على الأقدار، فيموت كما يريد لا كما شاءت الأقدار.
رواية رائعة للكاتب المتميز وليد سيف الذي عرفناه من خلال تعاونه الأسطوري مع المخرج السوري حاتم علي رحمه الله، لغة بليغة وفصيحة كأنك تعيش أجواء العصر الجاهلي تماما، وانتقال سلس بين الأحداث.
هذه الروايةُ ليستْ بالأدبِ الجيدِ فقطْ لكنها أدب يغير , ويدعو قارئه ليُفكر , و قليةٌ جداً بل قلْ نادرةٌ تلك الروايات التي حينما تنتهي منها تشعرُ أنْ صديقاً عزيزاً قد فارقكْ , وكنتَ تتمنى ألا يفعلْ.
لمْ أشعر وأنا أقرأ هذه الحكاية إلا أنّ وليد سيف كان شاهداً على هذا الزمان كأنه صاحبَ طرفة في كل مشاهد حياته و كأنه لم يخلق الأحداث بل عاشها. فإلمْ يكنْ ذلكْ فكيفَ حصّل هذا النص البديع , وتلك اللغة السهلة البليغة�� وهذا الحوارُ السلس الذي يجري على لسان أصحابهِ يسيراً بغير تكلفٍ ولا تناقض، وكيف رسمَ الشخصيات بكل هذا العمقْ، فكأنْي أراها تتحركُ على الورقْ.
هل كان طرفة الذي يتكلم وينقلْ وليد سيف الكلام على لسانه أم كان هذا خيالُ الرجل الذي حكي القصة كأنه شهدها أو كأنه أحد أبطالها .
كيف صاغ هذا الحوار المبهر , حوارٌ لا تشعر معهُ إلا أن طرفة كان هنا جالساً بين يدي الرجل يحكي لهُ قصته ويعرفهُ بنفسه ويبث لهُ شجونهُ ويحكي لهُ أطوارهُ ونوادرهُ، فما تشعرُ وأنتَ تقرأ إلا أنّكَ هناك في تلك الحقبة وذاكَ الزمان تشهدُ مع الشاعرِ حياتهُ ومعانته وتعرفُ طبعهُ وصفاته كأنك تراه.
هذا رجلٌ تعرفه من شعره , فلم يكن شعرهُ إلا حياته التي عاشها وآلامه التي قاساها وحده و غربة نفسه التي ما انفكت عنه لحظةً من عمره .
أظنني عرفته , رجلٌ مجنون بروحٍ ثائرة ونفس أبية كالفرسِ الجموحْ لا ت��لكُ إلا أن تبين عن نفسها، عرفته فتىً يائساً من الحياة مقبلاً على ملذاتها يطاردُ الموتَ كأنه لا يعبأ به ويصنعُ الحوادث كأنها لن تصيبَهُ و يمضي في رأيه كالسيف و يسلُ شعره على كل عادٍ عليه يمزقُ به شرفهُ ويبليه في عرضه شرّ بلية.
رجلٌ لم يرْضَ لقومه بالذلّ وإن رضواْ له به، ومضى في حياته كالسيف البتار حتى كسرهُ الدهر بنوائبه وتحولاته.
ربما تراهُ شجاعاً وربما تراهُ طائشاً لكنْك على كل حالٍ ستعُجبُ بهذه النفس الأبية التي لا تقبل الضيم , و التي تبين عمّا في نفسها ولا تكتمُه خشيةً من بطش أحد .
هناكٌ نفوسٌ خلقتَ لتحيا بحرية، لايملكها أحد ولا يقيدها أحد ، ولا تخضعْ لسلطانِ أحدْ حتى وإن كانت مكبلةً بالأغلال، فلا يقدرُ أحدٌ على قهرها .
ربما انتهتْ القصة بمقتلِ طرفة لكنّها في الحقيقة لا تنتهي أبداً , ستظلُ تبصر طرفة في كل حُر والملك في كل ضُر.
إنّها ليستْ قصة طرفةَ بن العبدِ البْكري مع عمرو بن هندٍ ملكِ الحيرة، وإنما هي قصُُةُ كلُ لسانٍ حرّ لا يجدْ الجبابرةُ معه حلاً إلا القطعْ، فالأحرار لا يُقيدونْ و إنْ كانواْ في الأغلال، فلا تزالُ الأُسْدُ مهيبةً في نفوسِ الضباعِ حتى وإنْ حواها القفص .
منْ قبلُ كان يرتبطُ في ذهني اسمُ طرفة بن العبدِ بالشعرِ الذي خلّفه، أسمعُ شعرُه فيعجبني لفظهُ ومعناهُ ولا ألتفتُ لما حواهُ هذا الشعر من معاناة صاحبه وما سجلهُ من فكاهته، كنتُ أقرأُ الشعرَ ولا أقرأُ الشاعرْ، لكنْ بعدَ قراءة هذه الرواية سأحاول قراءة الرجلِ الذي خلف هذا البيان البديعْ، فهذا رجلٌ لا تقرأ شِعرَهُ وإنّما اقرأهُ في شِعْرِهِ تجدْ نفسهُ حاضرةً بارزةً لا يقدرُ على مواراتها، وأظنُ وليد سيف كان بارعاً في التقاط سماتِ هذا الرجلِ من شعره حتى بانتْ شخصيتهُ جليةً أمامهُ فبعثهُ على الورقْ كأنما أحياهُ وهو ليسَ بحي .
لا أظن أنَّ طرفةَ بن العبدِ البكري رجلاً قتلهُ عمرو بنِ هند بل قتلَ هو كبرياءَ هذا الظالمِ المستبدِ بشِعرِه، وليس طرفةُ بالرجلِ الذي قتلهُ شعرُهُ فما أشدّ الفريةَ إن رميْنا شعرَهُ بذلك، بل الحقُ أنْ طرفةُ بن العبد رجلٌ أحياهُ شعرهُ فقد مات الجمعُ كلهم ولم يبقَ إلا طرفة محفوظاً في أبياتِ قصائدهِ ، فما أبرأ الشعرَ من قتلِ طرفةَ وما أبرَهُ لصاحبه .
ختاماً، أظنني فزتُ بكاتبٍ مفضل وشاعرٍ مفضل وروايةٍ مفضلة في آنٍ واحد , وهذا فوزٌ عظيم لم أحسب أنّي أنالهُ دفعَةً واحدة.
الحمد لله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد و لم يكن له كفؤا أحد اللهم لك الحمد أن جعلتنا من أمة إقرأ ولك الحمد أن سخّرت لنا الحروف والمعاني نهتدي برسمها لبر المعرفة والعلم، والصلاة و السّلام التّامان الأكملان على سيّد الخلق أجمعين وقائد الغرّ المحجّلين سيدنا محمد سيّد الأوّلين و الآخرين ورحمة الله للعالمين اللّهم أخرجنا من ظلمات الوهم وأكرمنا بنور الفهم وافتح علينا بمعرفة العلم وسهّل أخلاقنا بالحلم أما بعد وأمرُّ ما ألقاهُ من ألَـمِ الهوى قُرْبُ الحبيبِ وما إليه وصولُ " كالعِيْسِ في البيداءِ يَقتلها الظَّما والماءُ فوقَ ظهورِها محمولُ أشكو الغرامَ وأنتَ عني غافلُ ويجدُّ بي وجدي وطرفكَ هازلُ يا بدرُ كم سهرتَ عليك نواظرٌ ويا غصن ُ كم ناحت عليكَ بلابلُ " البدرُ يكمل كل شهرٍ مرةً وهلالُ وجهك كل يوم كامل من يخوض بحر هذه الأبيات ممسكا شراع الحبّ يرى كيف أن الغرام والظلم قد إجتمعا في نظم واحد فترى البدر مكتملا في السّماء ينير بضوئه عتمة الّليل البهيم والموت المحتم ظمأ، كذلك هو طرفة ابن العبد أحد أشهر شعراء العصر الجاهلي الملقّب بالغلام القتيل والذي توفي مصلوبا عام 569هجري على يد الملك عمر ابن هند. وأهم ما تميّز به شعر طرفة ابن العبد القوة في السبك والجرأة في الهجاء وقد سلّ سيف لسانه الحدّ على أقرب الناس إليه، أعمامه، كما اشتهرت أشعاره بطابع الحكمة والتحدث عن حياة الناس ويعدّ شعر طرفة في الحبّ من أجمل وأرقّ .الشعر الذي تحدّث عن علاقة الرجل بالمرأة تاركا في جعبته العديد من القصائد التي خلّدها التاريخ و تغنى بها العشّاق على مر الأزمان كعادته في رواياته الشيّقة يسافر بنا الدكتور وليد سيف عبر الزمن لحقبة تاريخية غابرة، لننيخ مطايانا هذه المرة في البحرين ونعيش مع القبائل العربية الاصيلة لنتعرف على عاداتهم وتقاليدهم راسخة الجذور رسوخ النخلة في رحم الصحراء الحارقة، وتحديدا في بيت عزّ وسيادة قد عرفته جزيرة العرب كلها دار طرفة ابن العبد، لنكبر ونشبّ مع ذلك الفتى الشاعر العاشق الماجن السكّير زير النسّاء وعاشق القيان والغواني الرفيق بالفقراء والمساكين ذو الروح الأبية التي ترفض الظلم والهوان، طرفة فارس الخيل والكلم سواء الذي أبى أن يتذلّل لأهله رغم ما قد سلبوه من حقّه في ميراث أبيه والذي لم يطرق باب أمير سائلا العطايا أو القرب رغم ملكة الشعر الذي قد خصّه المولى بها والتي إن أراد فتحت له أبواب قصر كسرى طرفة العاشق الذي أغرم بسلمى وخولة وأخت الملك ابن الهند راسما في مخيّلته الأدبية أجمل الصور وهو بين أحضانهن يرتع و يلعب منتشيا بخمرة الغرام قبل صهباء الأقداح، ولكن القدر لم يكتب له أن يصل إلى هؤلاء النّساء إلّا بالشعر والغزل فكتب فيهنّ أجمل الكلم و أروع الأبيات، فكان الشعر قاتله كما كان في العديد من محطات حياته منقذه من المهالك والمحن. لِخَولَةَ أَطلالٌ بِبُرقَةِ ثَهمَدِ " تَلوحُ كَباقي الوَشمِ في ظاهِرِ اليَدِ وُقوفاً بِها صَحبي عَلَيَّ مَطيَّهُم يَقولونَ لا تَهلِك أَسىً وَتَجَلَّدِ وَوَجهٌ كَأَنَّ الشَمسَ حَلَّت رِدائَها "عَلَيهِ نَقِيُّ اللَونِ لَم يَتَخَدَّدِ لقد ابدع الكاتب وليد سيف في سرد قصة هذا الشاعر الجاهلي فأتت هذه الرواية إحدى أهم أعماله نبراسا لمن يهتمون بحياة شعراء العصر الجاهلي المستذوقين لمعاني الشعر الغزليّ ...
تُعلِّمُكَ الرواية أنّ الصواب في لفظِ إسم الشاعر طرفة بن العبد هو طَرَفَة بفتح الطاء والراء، لا طَرْفَة ولا طُرْفة.
تُعلّمك الرواية أنّك عندما تتغّير، للأفضل خاصّةً، أن تتهيّأ أنّ بعضَ الآخرين من حولك لا يتغيّرون. فهوّن عليك...تُعلمّك أن تُهوّن عليك.
وتُعلّمك " أنّ أبصر الناس بعورات الحياة أكثرهُم همًّا وغمًّا وأرقًا. ولعمري إنّ الحياة مليئة بالنقص والخلل والعورات" وأنّ أصعب ما يمرّ به أخاك الإنسان عندما يكون " أخاك أَحَدُّنا بصرا وأنفذُنا رأيًا وأرهفُنا حسًّا. وقد اوتي نفسًا كمعدن المرآة الصقيل، لا تظلم الجميل ولا تُجمّل القبيح. غير أنّ القُبح في الحياة أكثر. أو كأنّ نفسه ماء غديرٍ صافٍ، لا يُخالطه شيءٌ من الكدر إلّا ظهر فيه. فماذا عساه يفعل وهو ما زال مُحيّرًا بين مثال نفسه وبين حال البشر، فلا هو يستطيع أن يجعل الحياة على مثال نفسه، ولا هو يستطيع أن يجعل نفسه على صورة الحياة وناسها. "
وتُعلّمك أن تسمع الصوت في داخلك وأن تلتفت الى نفسك وترعاها وأن تكون جميلًا...حيثُ " إنّ المرء ليرى بعينه كُلّ شيء، إلّا عينه نفسها، فلا يراها إلّا في عيون غيره."
تُؤكّد لك الرواية أنّ هذا العبقريّ لا يكتُب إلّا ما هو عبقريّ، أخّاذ وساحر !
تزيدُ هذه الرواية من الحُبّ والفخر في قلبي لوليد سيف..الأُستاذ !
عدد صفحاته: 253 حكاية من العصر الجاهلي تتمثل بين ثنايا الكتاب، بين الشاعر طرفة بن العبد البكري وملك المناذرة عمرو بن هند، شاعر لا يأبه بموته ولا حياته شعاره كما قال في الرواية "من أيقن أن الموت لن يخطئه بكل الأسباب، أقبل على الحياة يعبها عبا، ويقتحم الشدائد، ولم يبال بالعواقب، وإنما جبن الجبان طول الأمل في الحياة"، فخالف قومه البكريين يقرعهم ويخطئهم في شعره يحقرهم لذلهم نحو ملك المناذرة وبعده كسرى بلاد فارس، حتى ضاقوا به وضاق بهم فخرج هائما يبتغي حريته وكرامته عند ذؤبان العرب صعاليكهم مع من تبرأ ت منه قبيلته واللصوص وقطاع الطرق، فلم يطب عيشا، فرجع يلتمس القوم ثم الملك بين السرف والترف والغنايا والخمر والنساء، غير آبه بتبعات ذلك، تجرأ على الملك وهجاه واستنكر أفعاله، تارة يقترب وأخرى يبتعد إلى أن كانت مهلكته، فصلب على نخلته الغراء. شاعر وفارس مقبل على الدنيا يعبها عبا كأنه علم أن موته في صغره، غزل وهجران وهجاء وصعلكة وفروسية، جمع أطياف العرب إبان الجاهلية بكل أصنافه من مساوئ وحسنات فهو الكريم ذو الجود كأنه لن يفقر أبدا. لبيب حكيم نابغة في الشعر ديوان العرب ومعلقته بقيت على أسوار الكعبة، ما زلنا نرددها إلى يومنا هذا
على تعدد أسباب عظمة مشروع وليد سيف الكتابي سواءً في الرواية أو الدراما إلا أني أرى أن أبرز سبب لتفوّق مشروعه وتميّزه هو أنه بعث الحياة في الشخصيات التاريخية على مختلف العصور التي كتب عنها،فطرفة في روايته لم يعد مجرد شاعر يخلد اسمه في كتب التاريخ بل أصبح إنسانًا من لحم ودم وشعور وتناقضات وآمال وآلام،ولم يعد شعره يسكن ديوانه وكتب الشواهد الشعرية وبعض ألسنة مُحبي الأدب،بل غدا حديثًا تسمع فيه نبرته المُعتدة بنفسها واليائسة من تخاذل قومها وذلهم.
قرأت جميع أعمال وليد سيف الروائية وكانت هذه الرواية مسك الختام،كتابة الروايات مشروع صعب فكيف إذا كانت روايات تاريخية تلزم كاتبها بقراءة مكثفة للتاريخ وتحرّي أصدق المصادر وأقربها للواقع وتصوّر نفس شخصية بينه وبينها مئات السنين،هذه الرواية أخذتني إلى هَجَر والبحرين والحيرة وإلى مجلس ابن هند وتفيأت تحت نخلة طرفة وفكرت مطولًا وتبنيّت هموم نفسه كأنها همومي أنا! وشعرت بالأسى على كل نفس تتوق إلى المعالي ثم تخذلها الأيام ولا تبلغها مناها..
سيختلف وقع شعر طرفة على نفسي بعد هذه الرواية ولن تكون خولة في معلقته مجرد اسم خلّده التاريخ بل سأتمث��ها في خيالي وأعرفها.
من افضل الروايات اللي ممكن تبتدي تدخل بيها عالم د. وليد سيف القصصي. القصة معروفة، كلنا درسناها في سطرين و احنا بندرس الادب الجاهلي:
طرفة بن العبد من شعراء المعلقات، قتل بعدما دفع الملك عمرو بن هند ملك الحيرة برسالة تدعو عامله على هجر و البحرين لقتله؛ بعدما هجاه طرفة.
السطرين دول خدهم د.وليد سيف و صاغهم في رواية تحمل ابعاد فلسفية، و اسقاطات سياسية، كل دا مع لغة سرد بديعة تجعلك تذوب عشقًا في اللغة العربية، لدرجة تستقل قدامها اي لغة اخرى.
هتلاقي نفسك، و حيرتك، و اسئلتك الوجودية كلها على لسان طرفة. هتلاقي علاقتك ببلدك و مجتمعك، متجسدة في علاقة طرفة بقبيلته، اللي هي علاقة حب غريبة زي ما سجلها صلاح جاهين في قصيدة على اسم مصر: "… بحبها بعنف وبرقة وعلى استحياء واكرهها وألعن أبوها بعشق زي الداء واسيبها واطفش في درب وتبقى هي ف درب وتلتفت تلاقيني جنبها في الكرب والنبض ينفض عروقي بألف نغمة وضرب"
رواية جميلة، لكاتب مبدع، طبعًا ارشح قراءتها بدون شك.
*ذاك فتىً قتلهُ شعرهُ، أو كبرياؤهُ، أو قومهُ، أو عمرو بن هند... لا أدري🥺 ------- يقف المرء مُحتارًا أمام لغة د.وليد سيف، أين يأتي بكل هذا الجمال!!! لغةٌ ساحرة، تعبيرٌ وافٍ يأخذك من نفسك إلى ما تقرأ، تتسأل أحقًا يملك الإنسان حُريتهِ في هذه الدنيا؟ كيف يُحِبْ الإنسان؟ كيف تفيض المشاعر مُتضارِبةً في اتجاهين مُتضادين؟ اليمين والشمال، الحب والكره، العِزة والذُل، الكرامة والإهانة، الأمان والخوف... يرجع المرء إلى ذاتهِ وفى قرارة نفسهِ يُرَدِد... "أن تموت كريمًا عزيزًا؛ خيرٌ لك من أن تعيش ذليلًا مُهانًا"🌻
أجمل وأكمل رواية قرأتها على الإطلاق؛ فقصتها مهمة وجميلة، في سيرة طرفة بن العبد وهو شاعر فحل مشهور من شعراء المعلقات: لخولةَ أطلالٌ ببرقةِ ثهمدِ…تلوحُ كباقي الوشمِ في ظاهر اليدِ
أحداثها تُعرض بلا تطويل ولا ملل، وأحسن المؤلف في اختيار الأبيات التي تصلح للمقام ومواضع ذكرها، وسبقها بأسباب قول طرفة لها، أما لغة الرواية فقوية جميلة جدًا، ما قرأت روايةً كُتبت بلغة كهذه إلا ما ترجمه المنفلوطي رحمه الله، لغة بديعة محكمة ممتعة لم أتوقع أن تكون الرواية بها أبدًا ولعلها تكون لي بدايةً لما كتبه وليد سيف جزاه الله خيرًا.
ستبدي لك الأيام ما كنتَ جاهلاً ويأتيك بالأخبار من لم تزِوِّدِ
إذا كان الشاعر طرفة بن العبد البكري قد قُتِل بأمر الملك عمرو بن هند، على يد عامله التغلبي، فلن يطول الوقت حتى يُقْتَل عمرو بن هند على يد شاعر تغلبي آخر هو عمرو بن كلثوم، أحد أصحاب القصائد الطوال التي عُرِفت بالمعلقات. ولولا قتيله الشاعر البكري، وقاتله الشاعر التغلبي، لذهب الملك طي النسيان!
لطالما تمنيت ان اجد كتاب يتحدث عن حياة طرفة بن العبد البكري ووجدتها عند الرئع وليد سيف وقد فاقت كل توقعاتي لروعتها الأدبية والتاريخية في حياة هذا الشاعر العظيم.
من أين لك بكل هذا الإبداع ؟ د وليد سيف، حيث تجتمع الأضداد من المشاعر، ها هو يسوق لك التبريرات لفعلين متضادين فتمكث حيرانًا، مع أي الجانبين أنت ؟ أعماله الروائية أو الدرامية التاريخية التي تغرقك في فلسفته ولغته وبيانه العذب.🤍🍂 حياة الشاعر الشاب الثائر الحائر أبدًا، طرفة بن العبد البكري، قتيل عمرو بن هند الذي قتله الشاعر التغلبي عمرو بن كلثوم، فخلد بذلك ذكره وكما قال د وليد هل كان سيذكر لولاهما؟
" من أمضى عمره في مقارنة الحجج وترجيح الظنون، لم يبلغ شيئاً. وما زالت الحياة محفوفة بالأخطار، ولا فوز بلا مغالبة" " لِخَولة َ أطْلالٌ بِبُرقَة ِ ثَهمَدِ تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليدِ"
هذه أول رواية أقرأها للكاتب، لكنها خالفت توقعاتي.. الرواية جميلة جدًا ♡ وهي رواية مستوحاة من سيرة حياة الشاعر الجاهلي طرفة بن العبد البكريّ.