لقد أصبح الناس يدعون اليوم إلى دين، إن لم يكن ممسوخاً مشوهاً فهو مختزل ناقص لا تصلح عليه أمة ولا تستقيم عليه ملة، بل هو أغلال وآثار الإسلام الحق منها براء، أدى إلى هذا الواقع، الذي يعيشه العالم الإسلامي اليوم من تخلف، وانحطاط، وشيوع للظلم والفساد، فكان لا بد من مراجعو الخطاب السياسي الإسلامي.
وأعلم أن ما توصلت إليه سيثير سخط كثيرين، إذ ليس من السهل هز عقائد الناس ونسف مفاهيمهم، التي نشأوا عليها حتى غدت هي الدين ذاته في نظرهم، بينما هي في واقع الأمر ثقافة مجتمعات توارثتها على مر الأجيال، صاغت الدين وأحكامه وفق حاجاتها ومصالحها وقيمها، فآلت أمورها إلى ما آلت إليه، لا بسبب الدين بل بسبب انحرافها في الدين عن مبادئه وغاياته ومقاصده بالتأويل الفاسد والتحريف الكاسد، حتى لم يعد دين الناس اليوم هو الدين الذي كان عليه الصحابة-رضي الله عنهم-مع كون القرآن ما زال غضاً طرياً كما نزل، إلا أن حيل بين الناس وبينه بمفهوم مئات العلماء وشروحهم وتأويلهم حتى لا يكاد المسلم اليوم يقرأ آية من كتبا الله، مهما كانت صريحة قطعية في دلالتها، حتى يراجع عشرات الكتب لينظر ماذا فهم منها الآخرون، وهذا هو الفرق بين الصحابة رضي الله عنهم-الذين كان القرآن والرسول صلى الله عليه وسلم هما اللذين يحددان لهم الطريق فانخلعوا من ثقافة مجتمعهم وقيمه ومصالحه، وقطعوا كل علاقة تربطهم بهذه الثقافة-وبين المسلمين اليوم، الذين لم تعد القرآن ولا السنة هما اللذين يحددان لهم معالم الطريق، بل المفسرون والشراح والعلماء، الأحياء منهم والأموات، مع اختلاف عصورهم وفهومهم وثقافاتهم؟!!
حاكم عبيسان الحميدي المطيري ولد في الكويت حاصل على الإجازة الجامعية من كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الكويت سنة 1989 بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف. حاصل على درجة الماجستير بتقدير ممتاز من قسم الكتاب والسنة في كلية الشريعة وأصول الدين بجامعة أم القرى بمكة المكرمة سنة 1995 عن أطروحته ( الاختلاف على الراوي وأثره على الروايات والرواة ) . حاصل على دكتوراه فلسفة من قسم الدراسات الإسلامية بجامعة برمنغهام بإنجلترا سنة 2000 عن أطروحته (تحقيق كتاب إحكام الذريعة إلى أحكام الشريعة للسرمري الحنبلي مع دراسة شبهات المستشرقين حول السنة النبوية ومناقشتها) حاصل على الدكتوراه من جامعة القروين بفاس المغرب قسم الفقه تخصص فقه المعاملات سنة 2006 عن أطروحته (تحقيق كتاب مختصر النهاية والتمام لمحمد بن هارون الكناني) بدرجة مشرف جداً، ويعمل الآن أستاذاً مساعداً بقسم التفسير والحديث في كلية الشريعة بجامعة الكويت كما أنتخب أمين عام للحركة السلفية 2000 – 2005 وهو الآن الأمين العام لحزب الأمة 2005 – 2008 في الكويت وأنيم مؤتمر الأمة في مقرة الرئيسي بتركيا.
وهي كلمات حق وصيحة في واد، إن ذهبت اليوم مع الريح، فقد تذهب غداً بالأوتاد.. __ لا يحمل الكتاب نظرية جديدة في الدولة أو تحليلا عميقاً لإشكاليات النظام الإسلامي , و إنما يتعرّ للتبدّل في الخطاب المتعلق بالحرية و الخروج على وليّ الأمر في الإرث الإسلامي ضمن مراحل ثلاث : المنزل و المؤول و المبدل . تفريق جيد , و جهد مشكور في تجميع الآراء و الاقتباسات المفيدة . هناك انتقادات على بعض التفاصيل في الكتاب , لكنّه احدث زلزلة لا يمكن لأحد إنكارها ضمن وسط التدين الرسمي الذي ينتمي لخطاب عصمة ولي الأمر و تكفير المطالبين بالحرية بعيداً عن ظلّ عباءته . و هذا إنجاز كبير و مشكور للكاتب .
يستعرض كتاب "الحرية والطوفان" للكاتب الكويتي الدكتور حاكم المطيري مراحل تطور الخطاب السياسي الإسلامي منذ بداية بناء رسول الله (ص) للدولة الإسلامية في المدينة إلى العصور المعاصرة، وما طرأ على هذا الخطاب من تغيير كان له أثره الكبير في حالة الانهزام النفسي والعقائدي الذي تعيشه الإمة الإسلامية إلى يومنا الحاضر. وقد كان من أهم أسباب هذا الانهزام تغييب مبدأ الشورى والاستعاضة عنه بمبدأ توريث الحكم، وقد زاد الطين بلة إضفاء الشرعية على النظام الوراثي من قبل بعض علماء الأمة، حتى أضحى أي انتقاد للسلطة خروج عن طاعة ولي الأمر مع أن الرعيل الأول كان أحرص ما يكون على وعظ الحاكم وتغليظ الأمر له بالمعروف ونهيه عن المنكر. لقد سبق الدكتور المطيري في الكتابة عن هذا الموضوع نخبة من كبار علماء ومفكري الأمة كان أبرزهم المفكر الراحل سيد قطب رحمه الله في كتبه معركة الإسلام والرأسمالية ومعالم في الطريق والاسلام والعدالة الاجتماعية، كما كتب الشيخ الغزالي عن الموضوع ذاته في كتابه الإسلام والاستبداد السياسي. وهذا الكتاب يعتبر امتداداً لما كتب من قبل، وتشخيصاً للحالة المزرية التي وصلت إليها الأمة الإسلامية، وإدانة واضحة لعلماء الأمة الذين اشتركوا مع السلطة في تعطيل ركن من أركان الإسلام ألا وهو الشورى. وصدق رسول الله (ص) حين قال: "لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها، وأولهن نقضاً الحكم وآخرهن الصلاة".
لن أبالغ إن قلت إنه من أفضل الكتب التي قرأتها في حياتي, ليس لأنه يناقش موضوعا مهما فقط ولكن لأنه يفتح للقاريء أبوابا كان يظنها لا تفتح باسم الدين ويطرح تساؤلات مهمة جدا كنا نبتعد عنها خوفا من الوقوع في الخطأ.. ستعرف الكثير عن نظام الحكم الإسلامي ومراحله الثلاثة, وستعرف أن كثيرا من مشاكلنا بسبب بعض الاجتهادات الفقهية التي صاغها علماء ودعموها بأدلة تراعي الظروف في حينها ولا تراعي المستقبل.. ستجد كم أننا نجهل التاريخ, وأن كثيرا مما لدينا لا يكفي كي نحكم على الأحداث والأشخاص.. الكتاب يستحق ان تقرأه مرتين..
- عمل على تثبيت قناعات بريئة و قوى دعائمها .. و أيضاً قفزت إلى السطح كم من علامات الإستفهام حول ما كنت أعتقده ، و ما أراه من واقع
الكتاب ممتاز في التبويب و التقسيم و ترتيب المعلومات و طريقة العرض .. فضلاً عن الجهد العلمي الكبير المبذول فيه -
- تجاوزت آخر 30 صفحة ، التي تحدثت عن سقوط الخلافة ( حسيتها تفصيلية بزيادة ) + الروايات التاريخية الزائدة على الفكرة بعد اكتمالها عندي + بعدني ما قرأت الملحقات :)
- المفرح في الموضوع أنك تجد حراً يكتب دون قيد .. و دون إعتبار الا للحق
و هنا بعض النقاط التي ركز عليها د.حاكم :
- حرية الأمة و حرية الفرد .. بكل ما تحمله كلمة الحرية من حمولات إجتماعية و فكرية و سياسية و تاريخية - الخطاب الشرعي المنزل هو ما جاء به الإسلام الحق وهو ما يجب أن نجاهد دونه أبتداءً بالفكر - أول خطوة في طريق الإصلاح " نحن أحق بالشك من إبراهيم " - تأويل الخطاب الشرعي أو تبديله ، ما هو الا محاولة ( للي ) الخطاب المنزل ليتوائم مع الواقع / الأهواء - الصبر على الظلم ليس أفضل من مقاومة الظلم
هذا الكتاب .. له ما ورائه بإذن واحد أحد __________
على الهامش : - سأعيد كتابة هذه المراجعة - سأكتب ملخص الكتاب الليلة - سأعيد قرآءة الكتاب بعد الثانوية
يعرض هذا الكتاب لمسألة شائكة في العقل الإسلامي وذلك لما لابس هذا من تأويل أو تبديل كما يذكر المؤلف. في الكتاب تتبع مميز ووافي للمسألة خاصة من الزاوية الأحرى التي تم إخفاؤها عمدا من قبل المدرسة الدينية. تمنيت لو عرض الكتاب لمناقشة النص بشكل أوفى. في ختام الكتاب محاسبة شديدة لتبدل النص السلفي وتعامله مع الحكم والسلطة. لكن ايضا هناك بعض ملامح التكفير المرفوضة بالطبع. على أية حال، فأرى أن الكتاب جدير بالقراءة والمراجعة . و غني بالسرد التاريخي المجموع بعناية ودقة .
قليل هي الكتب التي تمر عليك في حياتك فتغير تفكيرك وتنير بصيرتك، بل وتعيد نظرتك وقراءتك للأحداث من حولك.. نعم فكتاب دكتوري الفاضل -حفظه الله- أحد هذه الكتب، التي تجبرك قراءتها لأكثر من مرة. دعوة للحرية، دعوة للتصحيح، دعوة للنظر، دعوة .. للتغيير أنصح الجميع بشدة الاستفادة من أسس هذا الكتاب
يعني وبعيدا عن آخر فصل لأني قلبته، والتنظير المجرد بدون أي إشارة لكيفية تطبيق الكلام الجميل دا على أرض الواقع، فأحيانا يعني يحتاج الإنسان أن يسمع أدلة للحاجة اللي هو عارفها ومؤمن بيها ويبقى مدرك إن اللي بيحصل حوالينا غلط وإن لم نملك تغيييره بنسبة 100 % فيكفي إننا منركنش إليه ونبقى مقتنعين إن دا الصح لأننا منعرفش غيره. الكتاب أسلوبه سهل جدا، ممكن مشكلته الأساسية إننه بيعيد ويزيد ويجيب كذا رواية لنفس القصة من كذا مصدر. وبشكل مختصر جدا هو بيناقش كيف تغير الخطاب الإسلامي/ فهم الناس لتعاليم الإسلام من وفاة الرسول (الخلافة الراشدة) وحتى العصر الحالي.
وإذا كانت المعارضة الجماعية للسلطة في عهد عثمان محدودة في مجموعات محصورة في مصر والكوفة والبصرة، فقد إذ حدثت المعارضة له داخل المدينة نفسها، وهي تطور الوضع في عهد الخليفة الرابع الراشد علي بن أبي طالب عاصمة الدولة الإسلامية؛ وقادها نفر من كبار الصحابة رضي الله عنهم وهم طلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وهما من العشرة المبشرين بالجنة، ومن الستة الذين اختارهم عمر للشورى، وآزرﺗﻬم عائشة رضي الله عنها ومجموعة من الصحابة؛ لتدخل المعارضة طورا جديدا فقد جاءوا لعلي بعد أن تمت له البيعة فقالوا: (يا علي! إنا قد اشترطنا عليك إقامة الحدود وإن هؤلاء القوم قد اشتركوا في دم عثمان) فقال لهم:(كيف أصنع بقوم يملكوننا ولا نملكهم؟) فطلب منهم التأني حتى ﺗﻬدأ الفتنة، إلا أﻧﻬم رأوا عجز الإمام عن القيام بما أوكل إليه نيابة عن 21 الأمة لا يسقط الواجب، بل يلزم الأمة القيام به فهي المخاطبة به في الأصل، إذ عامة الخطاب القرآني موجه للأمة، ولهذا قالوا: (نقضي الذي علينا ولا نؤخره).
هذا الكتاب يستحق أن يكون من ما يطلق عليها "الكتب النوعية", وهو يدخل ضمن الكتب التي تعيد قارئها إلى أصل الأمور وتخترق سحابات الدخان التي خلقها الإعلام أو السلطة لحجب الحقيقة. ببراعة تامة ينجح هذا الكتاب في العودة إلى أصول مسألة الحكم في الإسلام - وأعني هنا الأصول الحقيقية والمعين الأول - وبشجاعة كبيرة في تسمية الأمور بمسمياتها دون مواربة, ويكشف القناع عن من يدعون الانتماء للسلف وهم للسلف سارقون. وعن فهرس الكتاب فهو شامل لجميع جوانب المسألة التي يمكن الإحاطة بها في 300 صفحة, وكافي لإعطاء القارئ غير المتمرس صورة جيدة عن موضوع ماذا يريد الإسلام من السياسة.
لم ياتي بجديد لقد درسنا هذه المناظرات في مراحلنا الدراسية فشتان بين التنظير والتطبيق .اعتقد ان الفلسفة الفكرية ايا كان اطارها ومسماها يجب ان تطبق على الواقع فان عجزنا فهناك قصور في المادة التي تنظر. الكتاب يجمع مجموعة من المراجع لاثبات ان الواقع الذي نحن فيه لا يطابق نصوص ديننا الاسلامي ولا ارى اي جديد في ذلك . السرد العام للكتاب جيد وان تخللته بعض المقالات التطويلية
كتاب فريد واقل ما يوصف بانه رائع وشامل كتبه رجل قل مثيله من رجال الدعوه السلفيه ويقع الكتاب في (324) عبارة عن دراسة موجزة عن الخطاب السياسي الإسلامي ومراحله التاريخية، وعن طبيعة كل مرحلة وأبرز سماتها، وما طرأ على ذلك الخطاب من تغيير وتحول وأسباب ذلك ونتائجه قسم المؤلف المراحل التاريخية للخطاب السياسي الإسلامي إلى ثلاث: الأولى سماها (مرحلة الخطاب السياسي الشرعي المنزّل)، وحدد بدايتها بقيام الدولة الإسلامية في المدينة النبوية بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إليها، ونهايتها بوفاة الصحابي عبد الله بن الزبير عام المرحلة التاريخية الثانية أطلق عليها المؤلف اسم (مرحلة الخطاب السياسي الشرعي المؤول)وتحدث عن أبرز ملامحها وهي مصادرة حق الأمة في اختيار الإمام والشورى، وتحول الحكم إلى وراثة، وغياب دور الأمة في الرقابة على بيت المال ومواجهة الظلم والانحراف، مفصّلاً في الأسباب التي أدت إلى شيوع الخطاب السياسي المؤول، دارسا لظاهرة المستبد العادل، معدداً واجبات الإمام والأمير في الإسلام المرحلة الثالثة (مرحلة الخطاب السياسي الشرعي المبدل)وفيها بدأ التراجع عن مبادئ السياسة الشرعية منذ أواخر العصر العثماني واستجلبت القوانين الوضعية من أوروبا، ووقعت الأمة الإسلامية تحت الاستعمار الغربي، وانبرى من يدّعي عدم شرعية الخلافة أو الجهاد في الإسلام، ومن يثبت مشروعية التحاكم إلى القوانين الوضعية، وهو ما عالجه المؤلف في فصله الثالث والأخير من هذا الكتاب من وجهة نظري ان أهم النقاط التي يشرحها الدكتور بشيء من التفصيل الجميل مسألة العقد الإجتماعي (البيعة) بين الحاكم والمجتمع، وكيف أن هذا العقد أشبه بالعقود بعقد الوكالة حيث الأمة هي الأصل ، ومن تختاره إماماً لها هو الوكيل عنها في القيام بما أوجب الله على المسلمين القيام به، من إقامة العدل والحقوق والحدود والمصالح، وهذا العقد قابل للفسخ كغيره من العقود كعقود الإجارة والوكالة والنكاح – وفي إضاءة فكرية أضاف الدكتور حاكم – لا عقد لمكره ! ولا يتصور بطلان عقد البيع في ربع دينار عند انعدام رضا أحد الطرفين، وصحة عقد الإمامة مع الإكراه. الكاتب يستدل بالأدلة الشرعية في جميع المسائل التي يناقشها ثم يأتي بإضاءة أو إشارة لطيفة على سبيل المثال،عند حديثه عن مبدأ العدل في القضية والقسم بالسوية، تطرق لقول شيخ الإسلام ابن تيمية : ” ليس لولاة الأموال أن يقسموها بحسب أهوائهم كما يقسم المالك ملكه فإنما هم أمناء ونواب ووكلاء ليسو مُلاكا”.
في هذه الأيام بالتحديد غالب ما يدور في خلد الإنسان العربي المسلم هموم و شكوك بل و أسئلة كثيرة حول واقعه الحالي و حال أمته الإسلامية اليوم، ويسأل نفسه السؤال الوجودي المصيري … كيف لنا أن نغير هذا الواقع المر؟ كيف لنا أن نقدم شيئا لأمتنا و أن نخدم ديننا؟ كيف لنا أن نتعايش مع كل هذه التطورات و التداخلات السياسية و العقدية و الغربية؟
أسئلة كثيرة، أسئلة جوهرية، لا يمكن الإجابة عنها قبل فهم واقعنا … علمونا بالمدارس أن فهم السؤال نصف الإجابة و كذلك اليوم؛ فهم الواقع هو نصف بعث و نهوض الأمة الاسلامية من جديد .
الكتاب قدم لنا هذه الوصفة ذهبية من 325 صفحة تقريبا وهي نظرة شمولية لم يسبقه إليها أحد، نظرة تاريخية سياسية جيوعقدية نقدية تحليلة " بل حتى حلل و نقد مواقف لكبار من العلماء المتقدمين " !
بالمختصر … إذا أردت أن تحيي هذه الأمة " بعد توفبق الله عز وجل " فلتجعل هذا الكتاب يدرس بالمدارس !
يتحدث المؤلف في هذا الكتاب عن ثلاثة مراحل للخطاب السياسي الشرعي: الأول وهو الخطاب السياسي الشرعي المنزّل، وهو ما أتى به الرسول (ص) والخلفاء الراشدين من بعده، من انه لا عقد بيعة إلا برضا الأمة واختيارها، ولا رضا بلا شورى بين المسلمين، ولا شورى بلا حرية. الثاني وهو الخطاب السياسي الشرعي المؤول، وهو بدأ ببداية التوريث في الدولة الأموية وقد تم فيه تؤويل الأحاديث وسنة الخلفاء الراشدين كي تناسب الوضع الجديد الذي أتت به سلطة الخليفة. فظل الخطاب مؤمنا بالخطوط العريضة للسياسة الشرعية لكنه موافق ومداهن لظلم الخليفة. الثالث وهو الخطاب السياسي الشرعي المبدل، وفيه تم الإعلان صراحة بأنه لا دخل للدين بالدولة، فمكان الدين بالمسجد فقط.
أعجبني الكتاب في سرده للأدلة والشواهد التي تدعو إلى الرجوع إلى ما كان عليه الصحابة والخلفاء الراشدين. ولكن المؤلف أكثر من ذلك وكرر بعض النقاط مرات عديدة حتى كان الكتاب مملا بعض الشيء. المأخذ الآخر هو أن المؤلف مؤمن بالتغيير السلمي ورفضه للعنف حيث أن ضرره في هذا الزمن أكثر من نفعه ولكنه لم يوضح تلك النقطة جيدا بل ذكرها مرة واحدة فقط وبشكل مقتضب، بين قصص وشواهد عديدة لاستخدام العنف ضد السلطة الظالمة.
الكتاب في مجمله نافع ويؤصل حق الدعوة إلى العدالة والشورى التي همشها وأهملها الخطاب السياسي الشرعي المعاصر.
بحثت عن الكتاب لشهور قبل أن أشتريه .. توقعت أنه سيكون رائع .. بصراحة كان أروع مما تصورت .. أحد أصدقائي قال لولا الحرج لجعله في منزلة القرآن
قسم المؤلف الكتاب إلى 3 أقسام: - الخطاب السياسي المنزل .. والمقصود به الفترة من بداية بيعة الرسول لأهل المدينة وحتى مقتل عبدالله بن الزبير .. وكيف كانت أساسيات الحكم
- ثم الخطاب السياسي المؤول بداية من عهد معاوية وحتى سقوط الخلافة العثمانية .. وما حصل للأحكام التشريعية من تأويل لإرضاء السلطة
- الخطاب السياسي المبدل وبدأ بسقوط الخلافة العثمانية واستعمار الدول الأوروبية للعالم الاسلامي .. إلى يومنا هذا بوجود الملكيات والحكومات الدكتاتورية والقمعية
كتاب يحاول تفنيد الأوهام المعتقده عن الآسلام وعن تقييده للحريات وعن تعظيم شأن ولي الآمر ومايدعى بأنه أسلامي. من الرائع في الكتاب بأنه يستند إلى آيات وأحاديث نبويه مستنده ومقولات تاريخيه مشهوده بصدقيتها ، يحاول الكاتب في البدايه شرح أبعاد الدوله الآسلامية ومبادئها التي قامت عليها من الحريه والشورى والعدل وما ساواه ويفند المزاعم التي كانت تروى بأسم الأسلام ، ثم ينتقل لمقارنته في الحاضر وسبب وصولنا لهذا المستوى من الأستبداديه. أتمنى أن أكون قد وفيت هذا الكتاب حقه.
الخلاصة كما جاءت في نهاية الكتاب والخلاصة: ١- أن ما تعيشه الأمة اليوم من انحطاط وتخلف هو نتيجة طبيعية للانحراف الذي طرأ على الخطاب السياسي الشرعي، الذي جرد الأمة باسم الدين والسنة من حقها في اختيار السلطة ومحاسبتها ومقاومة طغياا وانحرافها، وإصلاحها عند فسادها، حتى شاع الظلم والاستبداد، وظهر الفساد، فكانت النتيجة الهلاك كما أخبر بذلك القرآن في قوله تعالى: {وما كان ربك ��يهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون} أي ما كان الله ليهلك الأمم بسبب الشرك وحده حتى يتجاوزوا ذلك إلى التظالم فيما بينهم، كما قال المفسرون، وكما يشهد له الواقع، وهو ما عبر عنه شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله: (وأمور الناس تستقيم في الدنيا مع العدل الذي فيه الاشتراك في أنواع الإثم: أكثر مما تستقيم مع الظلم في الحقوق وإن لم تشترك في الإثم، ولهذا قيل: إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ويخذل الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة، ويقال: الدنيا تدوم مع العدل والكفر، ولا تدوم مع الظلم والإسلام). وقال: (إن العدل نظام كل شيء، فإذا أقيم أمر الدنيا بعدل قامت، وإن لم يكن لصاحبها في الآخرة من خلاق، وإن لم تقم بعدل لم تقم، وإن كان لصاحبها من الإيمان ما يجزي به في الآخرة)(
( . لقد ظن العلماء أن الصبر على الظلم خير من مواجهته، دون إدراك لخطورة الظلم نفسه على ا���تمع، وأنه سبب ايار الأمم وسقوطها. كما يشهد بذلك الواقع المعاصر للأمم. ٢- أن الخطاب السياسي الشرعي المترل هو الخطاب الذي يمثل تعاليم الإسلام الحق، وأن ما عداه إما مؤول أو مبدل يجب رده ورفضه والتمسك بما كان عليه الخلفاء الراشدون في باب الإمامة وسياسة شئون الأمة، كما جاء في الحديث: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات - ٣٥٨ - الأمور)). وأن التمسك ذا الخطاب هو السنة والسلفية، وما سواه هو من البدع التي أحدثها الملوك والأمراء، وتابعهم على أهوائهم العلماء والفقهاء، اتباعا منهم لسنن : ((لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا " القياصرة والأكاسرة كما أخبر بذلك النبي بشبر، وذراعا بذراع… فارس والروم)). ٣- وأن هذا الخطاب يقوم على: أ-حق الأمة في اختيار السلطة، ومشاركتها الرأي، ومحاسبتها، وخلعها، والاشتراط عليها، ومراقبتها، ونقدها. ب- وحقها في حرية التفكير والتعبير دون مصادرة أو حجر. ج – وحقها في مقاومة طغيان السلطة والتصدي له. د – وحقها في الانتماء والتجمع السياسي والفكري. ه – وضرورة احترام حقوق الإنسان وحريته التي جاءت ا الشريعة. و – ووجوب تحقيق العدل والمساواة بين أفراد اتمع أمام القضاء وفي تولي الوظائف العامة وفق مبدأ تكافؤ الفرص. ز – وحق الأمة في التحاكم إلى الشريعة وخلع السلطة عند خروجها على أصولها القطعية. ح – وحق الأمة في الذود عن أوطاا وإخراج الاستعمار من أرضها وحماية مصالحها. ٤- وأن هذا الخطاب لن يتحقق إلا بمواجهة الخطاب المؤول والمبدل فكريا، ثم بالعمل على نشره ودعوة الأمة وحكوماا إلى تبنيه بالطرق السلمية؛ لتبادر الحكومات نفسها إلى إصلاح الأوضاع وتدارك ما فاا، وإلا فالواجب العمل على تغييرها بكل وسيلة ممكنة، سواء بالعمل السياسي السلمي أو بالعمل الثوري؛ إذ بقاؤها بقاء للاستعمار ولا سبيل إلى زواله إلا بزوالها. - ٣٥٩ - ٥- وأنه جائز شرعا الاستفادة من تجارب الأمم الأخرى في تنظيم هذه الحقوق، كما استفاد عمر من النظم الإدارية لدى الفرس والروم، وأجمع الصحابة على : ((أنتم أعلم بأمور دنياكم)) " مشروعية ما فعل؛ لأن ذلك يدخل تحت قول النبي وكل ما فيه خير ومصلحة وعدل فهو من السياسة المشروعة، وكل ما فيه شر ومفسدة وظلم فهو من السياسة الممنوعة. وقد عرف الفقه الإسلامي النظام الرئاسي، حيث الرئيس يتم اختياره من الأمة مباشرة كما في عصر الخلفاء الراشدين، ويكون مسئولا أمامها، والنظام الوزاري كما كان الحال في العصر العباسي الثاني، حيث كان الخليفة رمزا للأمة والذي يمارس السلطة وصلاحياا هو الوزير أو السلطان. فكل هذه الأنظمة جائزة شرعا إذا رضيت ا الأمة وأقرا ورأت فيها مصلحتها إذ الأمر لها. كما لا يوجد ما يمنع من مشروعية التداول السلمي للسلطة بين أحزاب سياسية تطرح برامج انتخابية في إطار دستور الدولة ونظامها العام وهو الشريعة الإسلامية، كما اقترح ذلك الأنصار في المدينة بقولهم: (منا أمير ومنكم أمير) وقد أثبتت هذه الطريقة نجاحها وجدواها في أكثر دول العالم المعاصر، ولا يمكن تحريمها على تلك الشعوب لو أرادت الدخول في الإسلام، كما لا يمكن تحريمها على الشعوب الإسلامية التي تمارسها في العصر الحديث إذا كانت الشريعة هي مصدر التشريع. ٦- وأن كل عمل جماعي منظم لتحقيق هذه المبادئ التي جاء ا الإسلام، وتأسيس الأحزاب السياسية والنقابات المهنية، والجمعيات الخيرية، ولجان حقوق الإنسان التي تعمل من أجل تحقيق الصالح العام للمجتمع في شئون السياسة والاقتصاد والاجتماع وتحقيق العدل والمساواة وحماية الحقوق والحريات، كل ذلك مشروع؛ إذ مثل هذا الاجتماع على جلب المصالح ودفع المفاسد داخل في قوله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى}. وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. - ٣٦٠ - وإنما يحرم الاجتماع أو التحالف على إبطال حق أو إظهار منكر أو إثارة شر(
( . قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فمن تكفل بأمر طائفة فإنه يقال هو زعيم؛ فإن كان قد تكفل بخير كان محمودا على ذلك، وإن كان شرا كان مذموما على ذلك. وأما "رأس الحزب" فإنه رأس الطائفة التي تتحزب، أي تصير حزبا، فإن كانوا مجتمعين على ما أمر الله به ورسوله من غير زيادة ولا نقصان فهم مؤمنون، لهم ما لهم وعليهم ما عليهم. وإن كانوا قد زادوا في ذلك ونقصوا مثل التعصب لمن دخل في حزم بالحق والباطل، والإعراض عمن لم يدخل في حزم، سواء كان على الحق والباطل، فهذا من التفرق الذي ذمه الله تعالى ورسوله، فإن الله ورسوله أمرا بالجماعة والائتلاف، ويا عن التفرقة والاختلاف، وأمرا بالتعاون على البر والتقوى، ويا عن التعاون على الإثم والعدوان) ( ! ( . بقوله: وإن أول خطوة على طريق الإصلاح هي بالشك كما دعا إليه النبي ((نحن أحق بالشك من إبراهيم)) ) " ( . الشك بمفاهيم اتمع وتصوراته عن الدين ومجالاته، والشك بالثقافة الإسلامية المعاصرة التي هي نتاج ثقافة اتمع، الذي تقوم الحكومات بتشكيلها وتوجيهها بوسائل الإعلام والتعليم، بما في ذلك المساجد والمدارس الدينية والكليات الشرعية، التي تم توظيفها في خدمة الحكومات على تفاوت توجهاا من أقصى اليسار الاشتراكي إلى أقصى اليمين الرأسمالي التي سيطرت على العالم العربي منذ سقوط الخلافة العثمانية، وهيمنة الاستعمار الغربي على شئونه. وإنه من دون الشك لن تصل الأمة إلى برد اليقين، ونعيم الحرية، بل ستظل ترسف في أغلال الوهم وجحيم العبودية، وليس أمامها للخروج من هذا التيه سوى الثورة أو الطوفان!
بعض الاقتباسات من الكتاب
ذا قامت دولة بني العباس على أنقاض دولة بني أمية؛ ليثبت بطلان نظرية الحسن البصري وادعائه عدم قدرة القوة على التغيير، وأن التوبة هي السبيل إلى تغيير الواقع ورفع الظلم، وأنه ما أفلح قوم خرجوا على إمامهم قط.
لقد بدا الفرق واضحا والبون شاسعا بين حركات التغيير الارتجالية دون تخطيط وتحديد هدف - كما فعل ابن الأشعث ومن معه من القراء - وبين حركة بني العباس التي بدأت سنة ١٠٠ ه، وظلت تعمل بالخفاء مدة ثلاثين سنة كحزب سياسي منظم معارض، له نقباؤه وفروعه في جميع الأقاليم، وظل يعقد اجتماعاته طوال ثلاثين سنة سرا في مكة. واستطاع سنة ١٣٢ ه أن يصل إلى هدفه.
ثم ما لبثت دعوى ابن مجاهد البصري المتكلم تروج بين الفقهاء، تعبيرا عن أثر واقع العصر على الفقه والنصوص الشرعية، حتى ادعاها النووي – ت ٦٧٦ ه- في القرن السابع حيث قال: (أما الخروج عليهم وقتالهم فحرام بإجماع المسلمين وإن كانوا فسقة ظالمين، وأجمع أهل السنة أنه لا ينعزل السلطان بالفسق، وأما الوجه المذكور في كتب الفقه لبعض أصحابنا أنه ينعزل، فغلط من قائله مخالف للإجماع)( ! ( . وكذا ادعاه القاضي عياض( " ( . فما أن شاع هذا الخطاب السياسي المؤول – الذي أضفى على السلطة هالة من القدسية حتى بلغت أوجها في انحرافها واستبدادها – حتى حلت الكارثة بالأمة، وإذا بالغزو التتاري وبالجيوش الهمجية تسقط عاصمة الدولة الإسلامية سنة ٦٥٦ ه في أكبر كارثة عرفها المسلمون في تاريخهم، وهذا ما حصل في الأندلس وفي غيرها من الأقاليم، ثم انتهى أمر الأمة إلى السقوط تحت سيطرة الغرب الاستعماري الصليبي، بسبب غياب دور الأمة وفساد الأنظمة، وشيوع هذا الخطاب السياسي المؤول الذي يضفي الشرعية على وجودها، بل وحمايتها، مهما بلغت في فسادها وتفريطها بمصالح الأمة، حفاظًا على مصالح عروشها؟!
لقد كان أخطر ما في هذا الخطاب أنه قطع الطريق حتى على من قصد الإصلاح من الخلفاء والملوك
لقد تم ترك كل ذلك والركون إلى أحاديث الفتن، وأنه لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه، وفهمها على غير الوجه الصحيح الذي يراد منها مما أفضى إلى حرص العامة والخاصة على المحافظة على الأمر الواقع خوفا من المستقبل، وتشبثوا بالحجاج خوفا من ابنه؟! هذا، مع أن التاريخ يثبت خلاف هذه الدعوى، فقد كان عهد معاوية – مدة عشرين سنة – أكثر استقرارا ورخاء من عهد علي بن أبي طالب – رضي الله عنهما- وعهد عبد الملك بن مروان خيرا من عهد يزيد وهو قبله، وعهد عمر بن عبد العزيز خيرا مما قبله؟ وعهد هشام بن عبد الملك – نحو عشرين سنة – خيرا من عهود من قبله من بني أمية، وعصر الخلافة العباسية الأول خيرا من أواخر العصر الأموي، وبدايات الخلافة العثمانية أفضل من ايات العباسية … إلخ
والإرجاء: وهو أن الإيمان مجرد التصديق ولا كفر إلا بالجحود( ! )، فمهما فعل الخلفاء من انحرافات فإم لا يخرجون من دائرة الإسلام، ما دموا يقرون بالشهادتين، مهما استحلوا من المحرمات، وفعلوا من الموبقات، وارتكبوا من المنكرات… إلخ. وهذا ما يوافق أهواء الملوك كما قال المأمون: (الإرجاء دين الملوك)( " فكانت الدولة الإسلامية بذلك أول دولة تعرف نظام الفصل بين رئاسة الدولة ممثلة بالخليفة، ورئاسة الوزراء ممثلة في الوزير أو السلطان الذي يقلده الخليفة ويعزله، ولكل منهما صلاحياته كما فصلتها كتب الأحكام السلطانية، وهذا الذي أدى إلى استمرار الخلافة العباسية سبعة قرون؛ إذ لم يحتج الناس إلى إسقاطها لتنازلها عن كثير من صلاحياا للوزير الأول
لقد حافظ الخطاب الفقهي السياسي المؤول على بعض المبادئ الرئيسة في الخطاب السياسي الأول المترل؛ كوجوب إقامة الشريعة، وحماية الأمة والملة؛ إذ صيانة هذا الأصل من أولى مهمات السلطة وأولى واجبات الإمام، كما قال الماوردي فيما يجب على الإمام: (والذي يلزمه من الأمور العامة عشرة أشياء:
فما إن استشرى هذا الاعتقاد بين علماء الأمة وعامتها حتى ازداد الانحراف شيئا فشيئا، دون أن تواجه السلطة من يسائلها ويتصدى لفسادها، فتم تعطيل أحكام الشريعة شيئا فشيئا،وبلغ الفساد مداه حتى تحالف كثير من الملوك مع أعداء الإسلام، وتركوا الجهاد، حتى وقع المسلمون تحت حكم أعدائهم، كما حصل في الأندلس، فاستأصلوهم منها وقضوا عليهم بسبب فساد الملوك وانحلالهم، وعدم تصدي الأمة لهم، فكانت الكارثة عليهم جميعا، وبعد سقوط آخر ملوك الأندلس بأربعة قرون سقط العالم الإسلامي كله – لأول مرة في تاريخ المسلمين – تحت سيطرة الاستعمار الغربي، مع وجود الملوك والحكومات في كل قطر دخله الاستعمار؟!! وقد دخل الاستعمار أكثر الأقطار دون مقاومة تذكر، بل تم بموافقة كثير من ملوك تلك الفترة؟! وظل العلماء يرون السمع والطاعة لهؤلاء الملوك، مع أن الواقع يؤكد أم مجرد ولاة تحت سيطرة الاستعمار، كما كان حال الخديوي في مصر تحت حكم الاستعمار الإنجليزي، وحال السنوسي في ليبيا تحت الحكم الإيطالي … إلخ.
وبسقوط العالم الإسلا��ي تحت سيطرة العالم الغربي انتهت مرحلة الخطاب السياسي المؤول على أرض الواقع لتبدأ المرحلة الثالثة، وهي مرحلة الخطاب السياسي المبدل الذي كان نتاج الهزيمة الفكرية والسياسية والعسكرية أمام القوة الاستعمارية التي كان لها يد طولى في صناعة هذا الخطاب الجديد؟!
فإن الخطاب في المرحلة الثالثة قد تجاوز ذلك كله، وبدأ التراجع حتى عن هذه المبادئ أيضا تدريجيا، حتى بلغ الانحراف ذروته في أواخر العصر العثماني باستجلاب القوانين الوضعية من أوربا، ثم بوقوع الأمة الإسلامية كلها تحت الاستعمار الغربي، حيث تمخض ذلك عن ولادة الخطاب السياسي الشرعي المبدل، بظهور كتاب الشيخ علي عبد الرازق (الإسلام وأصول الحكم) ثم بتأييد من شيخ الأزهر بعد ذلك الشيخ المراغي ليتم إضفاء الشرعية على هذا الخطاب الجديد الداعي إلى إلغاء الخلافة وإلغاء القضاء الإسلامي، بدعوى أن الإسلام لم يأت بأصول للحكم وسياسة الأمة؟!
علي عبد الرازق بك وكتابه الذي ألفه حين كان قاضيا شرعيا بمدينة المنصورة، وأراد بتأليفه تأييد ما فعله مصطفى كمال في تركيا من إلغاء الخلافة،
لقد تم إخراج خطاب علي عبد الرازق الذي يمثل الخطاب السياسي الشرعي المبدل بثوب سلفي عصري،وصار ما كان كفرا بالأمس في الفكر السلفي جائزا مشروعا اليوم ؟!
بل إن الأئمة إنما أوجبوا السمع والطاعة للخلفاء – وإن وقع منهم جور – إذا كانوا خلفاء وأئمة ليس فوقهم سلطة، أما الأنظمة التي جاء ا الاستعمار أو صنعها على عينه لتنفذ مخططاته، فالطاعة ليست لهم، وإنما هي في واقع الأمر للدول الاستعمارية التي توظفهم في خدمتها، فالطاعة لم تكن لخديوي مصر أيام الحماية البريطانية لمصر، بل الطاعة في واقع الأمر لملك إنجلترا، وكان مندوا هو الذي يملك الحل والربط في شئون مصر كلها، فمن ظن أن مثل ذلك الملك أو الخديوي تجب طاعته وأن طاعته من طاعة الله ورسوله، وأن هذا هو ولي الأمر كما في قوله تعالى: {وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} -: فقد خالف الإجماع، بل طاعة مثل هذا إنما هي طاعة الاستعمار الذي يسيطر عليه ويتصرف فيه، فلا سمع له ولا طاعة، بل يجب خلعه والخروج عليه وجهاد الاستعمار وإخراجه عن أرض الإسلام بإجماع
لقد قامت جميع الحركات والأيديولوجيات في العالم بعد وصولها للسلطة بتحقيق مشاريعها الإصلاحية، كما حصل في الثورة الفرنسية والثورة الروسية والثورة الأمريكية… إلخ، ولم يعرف التاريخ حركة إصلاحية نجحت في تحقيق مشروعها بغير هذا الطريق. نعم، بإمكان السلطة إذا كانت هي نفسها تحمل مشروعا إصلاحيا أن تحقق الإصلاح كما فعل أمبرطور اليابان في القرن التاسع عشر، إلا أن العالم الإسلامي لم يشهد مثل هذه الظاهرة؛ لأن الخطاب السياسي المبدل يمنع من ظهوره ويحول دون وجوده.
الكتاب يتحدث عن الحكم السياسي الإسلامي مقسما تاريخنا إلى 3 مراحل: منزل ومؤول ومبدل، تحدث باستفاضة عن الخلافة الراشدة وكان العرض بالمجمل جيد قد عابه الابتعاد عن الأمور التي تحوي جدل ونقاش عظيم في التاريخ لا سيما فترة خلافة عثمان بن عفان وسبب الخروج عليه ،وأيضا ذكر أن من شروط الخلافة في الفترة المنزلة رضا الأمة واختيارها وحق الأمة في عزل حاكمها فلم لم يستجب عثمان بن عفان لحكم الامة؟ وهل ينوب الصحابة عن رضا سواد كبير من الأمة المحكومة؟ ومتى تكون الكلمة الاخيرة للأمة وليس للحاكم بشكل تطبيقي وليس نظري؟ وهل هناك نسبة محددة من الأمة تطاع كلمتها ام الامر لم يحدد؟ وهناك الكثير من الاسئلة لم اجد لها جوابا. أما القسم الثاني فقد كان التوسع فيه قليل إلى حد ما وكان ما يلبث أن يتحدث عن الفترة المؤولة حتى يعود لذكر الخلافة الراشدة والحديث عنها،لم أتفق مع نظرية العادل المستبد حيث أنه بطبيعة الحال التاريخ يكتبه المنتصرون والحكام فالمدح لا يؤخذ به كثيرا مع الظلم الواضح، والعدل واحد والاستبداد واحد لا هجين بينهما. القسم الثالث يتحدث عن الأوضاع الحالكة سوءا التي وصلنا إليها والحكم حسب الغرب ومنهجيتهم والضلال الذي يعتري هذا الحكم معرجا على بعض الحركات الإصلاحية كجمال الدين الأفغاني ومحمد بن عبدالوهاب ،منتهيا إلى ضرورة تحكيم الإسلام والحكم بروحه مع الاجتهاد قدر الإمكان،الحال سيء وضعفنا فاق التصور والحديث وأتفق تماما مع الحل بشكل نظري وأشكك في امكانية تطبيقه في هذا الزمن بهذا الوضوح. بالمجمل الكتاب مفيد ومهم وعرضه موضوعي ومنظم ويفتح في الذهن قدر جيد من التساؤلات.
قراءته كانت مجهدة، مدري هو الكتاب بحاجة إلى مزيد تنسيق وتحرير. يعني مثلا من الأشياء المزعجة أن الفكرة تكون واضحة والمؤلف لا يكتفي بشاهد أو اثنين، وإنما بسيل جارف من الاقتباسات المطولة.
على الهامش: المسعري له مناقشة ومراجعة جيّده على الكتاب.
برؤية واضحة مستندة إلى أدلة تاريخية ثابتة وأحاديث صحيحة لا يتجاوزها إلى غيرها .. يستعرض حاكم المطيري الخطاب السياسي الإسلامي عبر ثلاث مراحل مرّ بها منذ العهد النبوي إلى يومنا هذا .. الخطاب السياسي الإسلامي الذي بدأ منزلاً إلى عهد الخليفة علي رضي الله عنه .. ثم تبدأ المرحلة الثانية بعهد معاوية رضي الله عنه و بداية التوريث في الدولة الأموية هي : الخطاب السياسي الإسلامي "المؤول" التي تنتهي بسقوط الدولة العثمانية ثم المرحلة الثالثة الممتدّة إلى يومنا و الكائنة في خطاب مبدّل يفصل الدين عن الدولة .. يستعرض المطيري المراحل بدقة وتأصيل تاريخي دقيق ومقنع .. لكن ما أضعف الكتاب هو افتقاره بعض الشيء إلى البُعد النقدي واعتماده على السرد التاريخي وأحيانا الاكتفاء بتعليقات مختصرة .. الكتاب يحتاج القراءة لأنه يكوّن رؤية تعتمد على تاريخ طويل من انحدار الخطاب السياسي الإسلامي وهو ما يفسر ضعف الحركات الإسلامية برأيي في سيطرتها على الحكم جراء افتقارها إلى معرفة نقاط الضعف التي وصلت بالأمة الإسلامية إلى الهشاشة السياسية وعجزها عن تولّي الحُكم بالصورة السويّة والقوية التي بدأت بها دولة النبوة ودولة الخلافة الراشدة .. بالطبع الحديث عن العودة إلى الأصول الثابتة لدولة النبوة والخلافة لن يجعلنا بالتأكيد نطالب اليوم بدولة خلافة .. لأنّ الاسقاط يحتاج إلى الوقت وإلى حيثيات كبيرة ليست بالهيّنة .. لكنه يخلص بنا إلى أن نطالب الحركات الإسلامية بإعادة مراجعة خطابها السياسي الهش .. وإعادة صياغته بحيث يتناسب مع متطلبات شعوب ثارت من أجل حريتها ومن أجل أن تجد من تستند إليه ليحمي حريتها ويحافظ عليها لكي لا تقع في براثن الاستبداد من جديد . الخطاب السياسي الإسلامي الأصيل لا يستعبد الفرد بل يصل به إلى درجة من حرية الفكر والاعتقاد ما يجعل المجتمع صحيحاً كونه يعيش في جو من النقد .. و حتى الأمير لا يتعاطى مع رعيّته بتلك الصورة بل بصورة "الأجير" .. حرية الفرد تساوي تماماً حرية الأمّة .. دون تقييدها بنصوص " دينية " ملوية أعناقها خاضعة لأهواء الأشخاص ومصالحهم .. ولذا فإن ما ينتظر الحركات الإسلامية هو نفض الدين _إن صحّ التعبير_ من كل القشور التي علقت به وشوّهت صورته على مدى مئات السنوات .. وقد تستلزم عملية النفض هذه سنوات طويلة لأنها قد تعني بصورة أو أخرى الخروج بمجتمع واعي قادر على نقض ما لا يتناسب مع الصورة الأصيلة التي يسعى اليها الإسلام ويؤديها الخطاب السياسي الإسلامي بالطريقة الصحيحة .. بعد هذا الكتاب لن يكون بوسعك أن تنظر إلى الخطاب الإسلامي وإلى الدولة بصورتها العامة وإلى الحرية ومتطلباتها وإلى الخطاب السياسي عموما نظرتك الأولى ..
هذا الكتاب من أمتع الكتب التي قرأتها في حياتي و كم كنت أتمنى أن أقرأ مثل هذه الأفكار منذ أمد, لكن قدر الله و ما شاء فعل :( بعد قراءتك لهذا الكتاب ستعلم لم قال المثنى بن حارثة الشيباني - رضي الله عنه, قبل أن يسلم - للنبي - صلى الله عليه و سلم - : إن هذا الأمر - أي الإسلام - مما تكرره الملوك! و ستدرك كيف أن الإسلام جاء ليس فقط لتحرير الإنسان من عبادة الأوثان, بل لتحرير الإنسان من طغيان الملوك أيضا و ستعلم كيف فهم خير الناس, الصحابة, ستعلم كيف فهموا الإسلام, و كيف طبقوه, و كيف دخل الناس في دين الله أفواجا, لأن الإسلام حررهم من الخرافات, و من الوثنية, و من طغيان الملوك! و هذا المؤلف العبقري, الفذ, لا يسعني إلا أن أتبع هذا الكتاب بكتابه الآخر: تحرير الإنسان و تجريد الطغيان أنصح كل الناس بقراءة هذا الكتاب القيم
يقول الكاتب ( وبهذا دخل الخطاب السياسي الفقهي مرحلة جديدة ، قام العلماء فيها بتأويل النصوص لإضفاء الشرعية على الواقع وترسيخه ؛ تارة بدعوى أن هذا ما تدل عليه النصوص ، وتارة بدعوى أن هذا ما تقضي به المصلحة وأن الخروج لا يؤدي إلا إلى المفسدة ... إلخ . دون قراءة صحيحة للواقع ، ودون إدراك أن المصلحة التي تظن بتحريم مقاومة طغيان السلطة وانحرافها هي مصلحة آنية مؤقتة ؛ إذ ما تلبث أن تكون النتائج أشد مفسدة مما كان يخشى من الخروج ، إذ تؤول الأمة إلى الضعف والانحلال ومن ثم السقوط كما هي السنن الاجتماعية ، وهذا ما حصل ؛ فما إن شاع هذا الخطاب السياسي المؤول – الذي أضفى على السلطة هالة من القدسية حتى بلغت أوجها في انحرافها واستبدادها - حتى حلت الكارثة بالأمة ، وإذا بالغزو التتاري وبالجيوش الهمجية تسقط عاصمة الدولة الإسلامية سنة ٦٥٦هـ في أكبر كارثة عرفها المسلمون في تاريخهم ، وهذا ما حصل في الأندلس وفي غيرها من الأقاليم ، ثم انتهى أمر الأمة إلى السقوط تحت سيطرة الغرب الاستعماري الصليبي ، بسبب غياب دور الأمة وفساد الأنظمة ، وشيوع هذا الخطاب السياسي المؤول الذي يضفي الشرعية على وجودها ، بل وحمايتها ، مهما بلغت في فسادها وتفريطها بمصالح الأمة ، حفاظا على مصالح عروشها؟! لقد نظر أصحاب هذا الخطاب المؤول إلى حركات الاحتجاج السياسي نظرة سلبية من زاوية واحدة ، هي ما يحدث بسببها من فتنة قد يذهب بها بعض النفوس والأموال ، دون نظر إلى ضرورة قيام مثل هذه الحركات التي تحول بين السلطة وبين الظلم والاستبداد والانحراف الذي قد يؤدي إلى سقوط الأمة كلها تحت سيطرة عدوها الخارجي؟! وهذا ما حدث فعلا ، فلما وقع المحذور إذا الأمة لا تملك القدرة على الدفاع عن نفسها ، بعد أن تم تحطيمها واستلابها حقها ، وبعد أن أصبحت غائبة تعيش على هامش أحداث الواقع، تنتظر من السلطة أن تقوم عنها بكل شيء حتى في تقويمها - أي السلطة – لنفسها ونقدها لسياساتها؟! لقد كان أخطر ما في هذا الخطاب أنه قطع الطريق حتى على من قصد الإصلاح الخلفاء والملوك ؛ إذ لو قيل بوجوب أن تكون الإمامة شورى ، وقيل بحرمة توريثها وبوجوب مشاورة الأمة وعدم قطع أمر دونها . . . إلخ – لربما جاء من الخلفاء من يدفعه إيمانه وصلاحه إلى العمل بذلك وترسيخه ؛ لتبدأ الأمة حياتها من جديد ، كما كان عليه حالها في عهد الخلفاء الراشدين في شئونهم السياسية ، غير أن هذا الخطاب المؤول أول النصوص بما يتوافق مع الواقع ، ولم يعمل على حمل الواقع على ما جاءت به النصوص ، فصار الخلفاء الصالحون والملوك المخلصون إذا جاءوا لا يجدون ما عليهم سوى العدل ، فلا يلتفتون إلى ما سوى ذلك من مبادئ الخطاب السياسي الشرعي المنزل الذي لم يبق من العلماء في عصورهم من يدعو إليه أو يبشر الناس به ، بل يجدون خطابًا مؤولاً يرى مشاورة الأمة في شئونها أمرا مستحبا ، ورد الأمر إليها أمرًا مباحًا؟!
إن تغير حال المسلمين من "دعوة لإخراج الناس من عبادة الناس إلا عبادة الله رب الناس ومن ظلم الأديان إلى عدل الإسلام ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة" إلى "طاغة أناس قهروا عباد الله وظلموهم وإن كانو من أهل البدع والمعصيى" كان الدافع للكاتب أن يبحث عن جذور هذا الخلل وإنه والله انتكاسة عظيمة. فقسم الكاتب الخطاب السياسي الشرعي إلى ثلاثة أقسام: الأول الخطاب الشرعي المنزل وهو الخطاب الشرعي في زمن الخلفاء الراشدين وعرف البيعة لهم بالعقد وأنها تشترك مع العقد في أحكام أهمها حق عزل الأصل وهو الأمة للوكيل وهو الإمام وذكر أنه زمن امتاز بالدفاع عن حرية الفرد وضمان حقوقه في القضاء وبيت المال والحض على الجهاد في سبيل الدعوة إلى دين الله والحفاظ على دين الإسلام وحق الأمة في اختيار إمامها والامتثال لمبدأ الشورى وأورد الأدلة على هذه الحقوق من سيرة وهو الخطاب الذي يأمل أن نعود له اليوم. الثاني وهو الخطاب الشرعي المؤول وهو الخطاب السياسي الذي بدأ في عهد معاوية إذ أخذ البيعة لابنه من بعده وذكر موقف ابن عمر وعبدالله بن الزبير وعبدالرحمن بن أبي بكر من هذه الدعوة وعرج بعدها على ثورة الحسين وثورة عبدالله بن الزبير مستدلا على حجية الإنكار على ولاة الأمر إن هم ابتدعوا أمرا ينقص من حقوق الأمة أو عطلوا مبدأ الشورى. وأهم ما ذكره في هذا الفصل هو نقطة التحول في الاعتراف للناس بحق الوثوب على من ظلم وتجبر إلى عدم جواز الخروج على ولي الأمر. ونقطة التحول تلك كانت بعد القضاء على ثورة الفقهاء وبعد هذه الهزيمة بدأت أقوال الجبرية والإرجاء وظهرت ظاهرة أسماها "المستبد العادل" حيث أن في تاريخ الأمة أمثلة عن الحاكم العادل المختار من قبل الأمة وما كان في عهده من التزام بمبدأ الشورى ولكنهم بالرغم من اشتراطهم شروطا لصحة الإمام إلا أنهم كانوا يخضعون للسلطان الجائر إذا كان صاحب شوكة. الثالث الخطاب الشرعي المبدل حيث بدأت دعاو تقول بفصل الدين عن السياسة وأن الإسلام ما جاء ليسوس الناس إنما ليعلمهم أمور العبادة ونزع ما كان يقوم بالعدل بين الناس وهو القضاء من أيدي القضاة الشرعيين إلى مؤسسات الدولة الحديثة في ظروف الاستبداد والطغيان القائمين.