بين ركام من الرسائل و النصوص و المقالات التي لم تنشر قط و يغطيها الغبار ، و قبل أربعة أشهر من انقلاب ( بينوشيه ) العسكري ضد حكومة الرئيس التشيلي المنتخب ( سلفادور الليندي ) يجد مدير جريدة ( السيجلو ) في أحد أدراج مكتبه رزمة أوراق صفراء في مغلف ، مضى على وجودها مهملة قرابة عشر سنوات ، و نحمل عنوان ( بريد بغداد
José Miguel Varas Morel fue un locutor de radio, periodista y escritor chileno de amplia y polifacética carrera, Premio Nacional de Literatura en 2006.
تشيلي يكتب عن العراق، هذا ما يحدث فعلاً! خوسيه ميغيل باراس التشيلي يكتب عن بغداد الستينات! و يتصدى للترجمة السيد صالح علماني الذي ندين له بكثيرٍ من الفضل و الامتنان لترجمته ما يزيد عن 100 كتاب باللغة الاسبانية. و قد تم تكريمه في الخارج بحضور الناقد و الروائي الاسباني خوزيه ميرينو بالإضافة إلى حامل نوبل ماريو بارغاس يوسا.
تم رفض الرواية عبر أكثر من دار نشر عربية بحجة إسائتها للعراق حتى تشجعت الهيئة المصرية للكتاب و حسناً فعلت فالعرب لا تقرأ - لا شيء يدعو للقلق - كما أن الكتاب ليس مسيئاً بقدر ما كان ساخراً من كل شيء و إذا ما تذكرنا أن البطل رسام ذو مزاج هوائي و لا يستطيع العيش بدون تهكم قد نتقبل الرواية البديعة كما جاءت حادة و ساخرة و ناقدة لكل شيء.
بريد بغداد كتاب عكف على قرائته الرسام التشيلي والذي ينحدر من أصول هندية ( المابوتشي ) و ذلك قبيل سفره للعراق لمعرفة ما يجب معرفته عن هذا البلد المجهول. الرواية تبدأ قبيل الإطاحة بسلفادور الليندي الرئيس المنتخب و قيام الانقلاب العسكري و فيها نجد أحد الصحفيين توكل إليه مهمة مراجعة مخطوطة عن رسام تشيلي! قام بإعداد المخطوطة دكتور تشيكي و كان قد ارتبط الرسام بابنة أخته و تزوجا ثم ذهبا معاً إلى العراق الذي يغلي في زمن عبدالكريم قاسم. الرواية تقوم على المخطوطة التي تقوم بدورها على مراسلات الرسام و الدكتور و ملاحظات الأخير الذي بعثها لجريدة تشيلية و هناك نرى العراق الذي سوف يهب الإلهام بالكامل للرسام عبر عواصفه الرملية و طبيعته الجهنمية و ثوراته التي لا تهدأ. يعب الرسام هوبركيو من سحر الشرق و يسجل نجاحات عملاقة الواحدة تلو الأخرى حتى تلفت نظره معاناة الأكراد و الذي تذكره في الأساس بمعاناته الشخصية.
الرواية عظيمة و كاتبها عملاق جداً غير أن ملاحظات الدكتور المكتوبة بلغة اسبانية رديئة قام بترجمتها علماني و من الصعب القول بأنها لم تكن مزعجة على الرغم من أهميتها الكبيرة.
انقلاب عسكري في العراق واخر في تشيلي , اقلية اثنية كردية في العراق واخرى مابوتشية في تشيلي , احلام اشتركية وواقعية فاشية و شراسة امبريالية وطموح برجوازي , ضمير فنان بعين فيلسوف تلتهم كل شيء لتبدع لوحة هي ذاتها حياة و تجربة , كيان و ضمير وواجب , رسائل بين براغ و بغداد لقاءات بين فينا وباريس و سنتياجو , رواية بديعة
وجدت الرواية صدفة وانا اطلع على قائمة الجوائز ولكون اسم بغداد عليها كفيل بان يجعلني اقرأها فاي شيء له صلة ببلادي يستهويني
رسام تشيلي مابوتشي وهي اقلية من السكان الاصليين في تشيلي يذهب الى بغداد حيث تعاقدت زوجته التشيكية مع شركة هناك. فنرى بغداد في اوائل الستينات في تلك الفترة الحرجة من تاريخ العراق حيث اقام عبد الكريم قاسم جمهورية العراق بعد الانقلاب على النظام الملكي ليليه انقلاب عبد السلام عارف عليه بعد نزاعات بين الشيوعيين بقيادة قاسم والاشتراكيين القوميين بقيادة عبد السلام وبدعم من ناصر.
فنرى العراق بعيون هذا الرسام الساخر الذي يحول كل مشهد يراه الى لوحة فنية فتضحك من جهله في التعامل مع العراقين وتتعاطف معه حين يربط بين بلاده البعيدة تشيلي, وبين بلدي العراق وحين يربط بين ما تتعرض اليه الاقليات في كل من البلدين وتنسحر بجمال الاثار التاريخية التي يحولها للوحات
رواية رائعة لولا التفاصيل الزائدة التي لم استمتع بها عدا تلك المتعلقة باحوال العراق على الرغم ن وجود العديد من الكليشهيات والصور النمطية للغرب عن العرب اما وصفه للمجرم مصطفى البرازاني كبطل اثار غيضي عموما رواية جميلة ومهمة تستحق القراءة
-صورة زقاق بغدادي في الستينات - عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف
كيف للماضي أن يفجر فينا كل هذا الحنين،كيف لقصاصة قديمة أو ورقة مهترأة أن تعيدنا إلى عقود منصرمة ومرّت كالطيف الثقيل،كيف لها أن تدور بنا وتنقلنا عبر آلة زمنية غريبة،أبو تمام كان بيكدب لما قال( السيف أصدق إنباء من الكتب)فالقلم أمضى وكلمة يكتبها القلم قد تقوم مقام ألف ضربة سيف.
المهم: نحن أمام رواية عالمية، تتقلب بنا بين أجواء أمريكا الجنوبية وأوروبا وشرق أوسطنا العزيز،وكالعادة شرقنا مشرف بانقلاباته كما هو الحال في أمريكا الجنوبية.
الرواية ببساطة عن صحفي يُكلَف بدراسة مخطوطة تضم عدة رسائل قديمة أُرسلت لجريدته،وموضوعها رسام اختفى في ظروف غامضة في القاهرة،وكانت له حياة في بغداد وحراكها السياسي بعد أن ذهب إليها مع زوجته الاوروبية الشرقية،التي تعرف إليها أثناء منحة دراسية في براغ.
واحد من السكان الأصليين عاش في تشيلي وسافر في منحة لأوروبا علشان يتعرف على حبيبته هناك ويسافروا بغداد في فترة سوداء من تاريخها،في فترة حكم عبدالكريم قاسم والانقلاب عليه واعدامه.
الرواية جميلة فيها من الحنين الكثير،والعِبر الأكثر والكاتب كان عبقري،تقمصه لشخصياته وحديثه بألسنتها كان ممتع وعظيم،فيتحدث كالفنان والاستاذ وصحفي، ومعرفته بظروف كل مجتمع يتحدث عنه جديرة بالتبجيل.
لن أُطيل في وصف ترجمة صالح علماني حيث أنه لا غبارَ عليها كما باقي ترجماته لأعمال كُتَّاب الأسبانية, إن كُنت لا تقرأ الأسبانية من السهل جداً التنبؤ بأسلوب الكاتب فقط بقراءة النسخة العربية للكتاب و تستطيع أن تتأكد من ذلك عندما تقرأ بريد بغداد, فالمترجم لا يتقن العربية و الأسبانية بإمكانياتهما فقط, بل يجيد نقل العَمل بدقة و أمانة إلى العربية كي لا يفتقد القارئ المتعة التي يتسنى لقارئ العمل بالأسبانية الحصول عليها. الكتاب يتناول قصة تقصها رسائل مُرسلة من بغداد تحمل أفكاراً و أخباراً و أسئلة من رسام لاتيني لحميه الأستاذ الجامعي بتشيكوسلوفاكيا -قبل أن تسقط الشيوعية- متبوعة بتعليقات الأستاذ على ظروف استلام الرسالة أو أي ظروف محيطة بها.ما أثار انتباهي لا يمت بصلة إلى اتصال الرواية و الأحداث بالأخبار السياسية في العالم في وقتها في أميريكا اللاتينية أو شرق أوروبا و روسيا أو الشرق الأوسط, و لا قصة البطل المبدع الذي وقع في حب تشيكية و تزوجها و ممارسة الحب مع أخرى أو شهرته في بلدِه أو خارجها. بل اللغات و ثراء الرواية بالحديث عنها و الذي أرّخ بطريقة أعمق لكل ما يحدث في العالم من شرقه لغربه, الرسائل مرسلة بالأسبانية إلى الأستاذ التشيكي الذي يفهم الأسبانية و يجيدها مشوبة ببعض الإيطالي و البرتغالي, و الذي يظهر في الترجمة العربية و يستحق المترجم عليه ثناءً مضاعَفاً . الرواية تستحق القراءة و النسخة العربية إثراءً لا نظيرَ له للمكتبة العربية.
بدايةً أُحب أن أشكر صالح علماني على قيامه بالترجمة، لأن أي مترجم آخر كان سيثير شكوكي حول لغة الكاتب. أولاً: لم أرى أي داع فني لأن يكون البروفسور التشيكي ضعيف في اللغة الاسبانية مما جعل تعليقاته على الرسائل مزعجة للغاية. ثانياً: بناء الرواية ضعيف، لو كنت أنا الكاتب كانت ستكون على الوجه التالي: البداية بأخبار عن وفاة رسام شيلي في هجوم للقوات العراقية على قرية كردية، صحفي شيلي يثيره الأمر مهنياً فيقرر مقابلة عم زوجة الشاعر السابقة الذي يعطيه مدونات للرسام حول لوحاته التي رسمها بالعراق، بالتوازي نستعرض هذه المدونات (كل واحدة تحكي قصة رسم وتتقدم بقصة الشاعر بالعراق) مع محاولات الصحفي تحري تاريخ مغادرة الرسام شيلي إلي براغ إلى العراق في ظل إنقلابين عسكريين. إجمالاً الرواية مسلية "خفيفة الدم" أجمل ما فيها هو إستكشاف كيف تعمل مخيلة رسام موهوب في ضوء مشاهداته اليومية العادية.
من أجمل الكتب التي قرأتها في الفترة الأخيرة. الكتاب عبارة عن مجموعة من الرسائل المتبادلة بين رسام من تشيلي من أصول هندية (وأعني السكان الأصليين لأمريكا) وبين صديقه التشيكي، عن رحلة الرسام إلى بغداد وإقامته فيها لمدة ثلاث سنوات انتهت باختفاء الرسام في بغداد حيث لم يعرف له مصير. يصف الكاتب معاناة الرسام في التأقلم مع الحياة ذات العادات الغريبة عنه، ثم شعوره بالتوحد مع قضية الأكراد التي شعر فيها بقضيته هو ، قضية السكان الأصليين لأمريكا، مع الفارق طبعا! الكاتب استطاع ببراعة شديدة أن يضعني في أجواء الحياة في بغداد في ظل الثورة العراقية ومعاناة أهلها في ظل حكم عبد الكريم قاسم. لا أعرف إن كان الكاتب قد زار بغداد في تلك الفترة أم هو فقط قرأ عنها، لكنه حتما أجاد الوصف. انا لا أعرف أحوال العراق في تلك لافترة لكنني لا أشك في دقة وصفه لها. بالطبع لا يخلو الكتاب من الكليشيهات المعتادة حول العرب، وإن كانت في حدها الادنى، لكنها تتجلى واضحة في وصف الكاتب للرقص الشرقي والحانة التي تؤدي فيها الراقصات، ومعاملة صاحب الحانة لهن، ذلك كان الجزء الذي أكد لي أن الكاتب لم يمر بتجربة كهذه من قبل، فهو يصف ذلك الموقف بالضبط كما تصفه أفلام لص بغداد القديمة بكل تفاصيلها: الراقصات الفاتنات الاتي يعرضهن صاحب الحانة للبيع ، وصاحب الحانة، بالطبع، هو رجل قصير القامة، بدين، وعلى أنفه حبة عملاقة! من الواضح أن هذه الصورة ستظل ثابتة في أذهان الكتاب الغربيين لفترة طويلة، مهما تحدثنا عن كسر الكليشيهات المعتادة.
رسام تشيلي من أقلية المابوتشي ( السكان الأصليين لتشيلي ذوي الجذور الهندية ) يسافر إلى بغداد مع زوجته في مهمة عمل مؤقتة تمتد إثر تطورات جديدة إلى ثلاث سنوات، وهكذا نرى بغداد بعيون هذا الأمريكي الجنوبي من خلال رسائله المبعوثة إلى أحد أقربائه. لكن الرسام المذكور لن يكتفي من العراق بغايته المهنية، بل سيندمج مع جوها وأحداثها أكثر مما نتخيل. إذن؛ تشيلي في فترة الإطاحة بسلفادور الليندي والثلاث سنوات التي تليها، والعراق في زمن عبد الكريم قاسم، ورسامنا التشيلي المتعمق في كل ما حوله حتى أدق التفاصيل.. والباقي في الرواية.
مهما بَعُد الماضي وحكاياته فجذورك ستشدك دائماً إلى ساحة نضالك المنسية، وستجد نفسك تتجه بخطوات ثابتة إلى ما تظنه قضيتك ومكانك الصحيح.
هذه الرواية مختلفة عن كل ما قرأت، تحتوى على الكثير من المعاني المستترة خلف صفحات صفراء، فتُظهر الرواية الروح المُنبعثة في شخصاَ كان يحيا بدون روح، كان يسعى للوجود الحقيقي ومعرفة ماهية الأشياء وليس للروتينية والرتابة، فتجره الأقدار نحو للعراق فتتغير ملامحه وتبهت هذه الملامح على روحه وسويدائه
أنه رجل يرى ما بين السطور، يقرأ لغة العيون، يستبصر ما خلف الكينونة. رسام ذا جنسية تشيلية، من أصل مابوتشي، يحاول سبر أغوار العالم برسمه...ألوانه تنطوي على واقع أليم، وآلية رسمه تعُج بكومات من المشاعر الإنسانية.
مخطوطة في أحد الأدراج تكوم التراب عليها تبعث روح الرسام للحياة مرة أخرى، وتفتح نوافذ على حياته المُغلقة بجفاء، والمنبوذة من ذويه.
تتحدث الرواية عن تغير الإنسان وانصياعه لقلبه وأصله قبل كل شيء، فليس كل العظماء يلتحفون بالشهرة، هناك الكثير منهم من يرتدي عبائة الظلام ويختفي. هذه الرواية تنم عن كاتب عظيم متميز ذا قدرة تعبيرية هائلة في أشد مواقف التغير وعد الوعي بالبيئة المتواجد بها الشخوص. القصة عبارة عن بريد متوارد بين طرفين، أحدهم الأكثر نشاطاً وغزارة، والآخر يكتفي بالتفصيل والتوضيح.
ببساطة الإنسان ما يهوى، والهوى ليس إنساناً بل كياناً وفكرة وبيئة كاملة..الإنسان ما يعشق ويحب..هذا ما استخلصته من الرواية
لم تعجبني فصول "الملاحظات" كانت سيئة ومملة لآعلى درجة، مكتوبة برداءة، رغم أن الكاتب كان يقصد ذلك.
الترجمة رائعة كالعادة من أفضل المترجمين (صالح علماني)
تشيلي يكتب عن العراق بدا الامر غريبا للوهلة الاولى لكن اظن ان الكاتب كتب فاجاد لا اعرف ان كانت الرواية تلتزم بالدقة التاريخية لكن الاسلوب الساخر اللاذع و اختيار العراق كمسرح للاحداث بتاريخه الشديد الغنى و الالم مع الاسف قد عزز كثيرا من قيمة الرواية
بريد بغداد خوسيه ميجيل باراس ترجمة/ صالح علماني ............................ في العادة أستعد دائما إلي نوع من الملل الذي أتوقعه عندما أقرأ رواية تزيد صفحاتها عن الثلاثمائة، أما أن تكون فوق الأربعمائة صفحة فالملل بالنسبة لي سيكون مؤكدا. لكن المجازفة لا تكون مجازفة إذا كانت الرواية من تأليف أدباء معينين أو مترجمة بأقلام مترجمين معينين منهم المترجم الفذ صالح علماني. بريد بغداد رواية مختلفة عن أي عمل أدبي قرأته من قبل من حيث أسلوب السرد ومن حيث اتجاهات الحبكة الروائية وطريقتها. بريد بغداد تبدأ أحداثها بعيدا تماما عن بغداد!! في تشيلي!! في مكتب أو خزانة أو أرشيف لأحدي صحف هذه الدولة البعيدة جدا عن بغداد، ومن خلال رسائل بريدية وجدها مدير الصحيفة، عمرها _ الرسائل _ سنوات طويلة، تبدأ رحلة البحث عن مصير بطل الرواية وشخصيتها الرئيسية الذي اختفي في الشرق الأوسط وهو بالمناسبة فنان تشكيلي من طائفة المابوتشي _ التشيلية _ سافر إلي بغداد مع زوجته. بريد بغداد هي رسائل أرسلها للصحيفة قريب لزوجة هذا الفنان المفقود، وقد أرسلها للصحيفة للتعقيب علي النقد الحاد الذي قامت به الصحيفة ضد لوحات قريبه، وفيها أيضا الكثير من رسائل الفنان المتبادلة بينهما، من خلال هذه الرسائل والتي هي بنيان الرواية نعيش في العراق في فترة من أشد فتراتها اضطرابا وهي فترة حكم (عبد الكريم قاسم). في فترة عصيبة من التاريخ العراقي يسافر فنان تشكيلي طموح من طائفة المابوتشي إلي بغداد مع زوجته الأجنبية لحضور مؤتمر طلابي تقيمه الحكومة العراقية في عهد عبد الكريم قاسم، وفي زيارته تتحول بغداد إلي مصدر وحي للعديد من لوحاته، ومصدر للعديد من متاعبه ومشكلاته، ومصدر نعرف منه طبيعة الحياة العراقية في عهد عبد الحكيم قاسم ومتاعب الشعب العراقي التي عاناها بسبب الاضطرابات السياسية في البلاد. في الرواية يعرض المؤلف علي لسان الفنان المهاجر إلي بغداد حكايات عن الشعب العراقي ومعاناته من إصلاحات عبد الكريم قاسم الاقتصادية، ومعاناته من الإجراءات العسكرية في تنظيم البلاد وإدارتها، كما يعرض محنة الأكراد من خلال بعض الأكراد الذين تعرف عليهم وطلبوا منه مساعدتهم في نقل رسائل إلي أقربائهم في الخارج، وباندماجه بينهم أصبح مناضلا ومحاربا معهم، في نهاية لرحلته في بحثه عن ذاته. حكايات داخل حكايات تدور في إطار جذاب جدا غير ممل إلا في رسائل قريب الفنان إلي الجريدة المذكورة حيث كتبها المؤلف الأصلي بلغة ركيكة لأن الشخصية لا تجيد اللغة التي تكتب بها، فترجمها المترجم بنفس الطريقة الركيكة. ملاحظة (الرسائل اكتشفها مدير الصحيفة قبل الانقلاب علي الرئيس سلفادور الليندي بشهور)
يا لها من تجربة رائعة و فريدة من نوعها رسائل من هنا و رسائل من هناك كانت تجارب غنية جدا و على رأي هوميركو الذي يقول لكي ننمي حواسنا المحلية لا بد ان نجرب الاف التجارب من عوالم اخرى لنرجع و نظر الى عوالمنا بطرق مختلفة اما الاستاذ صالح علماني فقد ابدع الى اقصى الحواس في هذه الرائعة الخالدة بريد بغداد
رسام تشيلي من طائفة المابوتشي يسافر مع زوجته إلى العراق في الستينيات إبان فترة الحكم الدموي لعبد الكريم قاسم ثم يختفي في ظروف غامضة بعدما يقرر الانضمام إلى الأكراد في نضالهم للاعتراف بحقهم في الحكم الذاتي. برأيك، ما الذي قد يجعل من قصةٍ كهذه شيئاً هاماً وجميلاً يستحق أن يعيش بين دفتي كتاب ؟! هذا ما ستعرفه وتعيشه بنفسك أثناء قراءتك لهذه الرواية.
الرواية جميلة. اللغة (التي انعكست بالطبع على ترجمة المبدع، صالح علماني)، الحبكة الهادئة التي تليق بفكرةٍ كهذي، تقسيمه لأحداث الرواية على هيئة رسائل تشبه فصولاً من سيرةٍ ذاتية مترعةٍ بحس تهكميٍّ قاتل، تعدد وجهة رواية الأحداث -الذي يثير في القارئ شيئاً يشبه النكهات المختلفة لوجبة واحدة متعددة الأصناف- من الرسام، مروراً بالبروفيسور عم زوجته، حتى الصحفي التشيلي الذي يقرر في النهاية نشر الرسائل بعد الانقلاب العسكري الذي يحدث في بلاده على الرئيس سلفادور الليندي، نظراً لما يجده من خيوطٍ كثيرةٍ تمتد ما بين ما حدث في العراق، وما تلاه في تشيلي بعشرة أعوام تقريباً.
لكن، لا تقع في ذات الخطأ الذي وقعتُ أنا فيه، وتنتظر من الرواية أن تدخل بك بشكلٍ أكثر عمقاً إلى قصور السياسة والحكم حيث رائحة الدماء والخيانة والبارود تزكم الأنوف. هي ستريك ما حدث في العراق ولكن بعدسات إنسانية أكثر منها سياسية، عبر تفاصيل مؤلمة ربما قد تراها أنت يومياً في بلادنا، فتمر عليها مرور الكرام.
كجندي ينهال لكماً بقاعدة بندقيته على مواطن بسيط اقترب من مكان حراسته، ليجبره على الابتعاد، فلا يقوى في النهاية حتى على عبور الشارع زحفاً إلى الجهة المقابلة كي لا ينال ضربة أخرى، بينما الجندي يضحك مع زميله من مشهد الدماء والأسنا�� التي تطايرت من فم هذا المواطن. أو كالمفارقة بين صورة الفنادق الفاخرة ومَن بها من العسكريين بعدما أصبحت البلاد في قبضتهم، والبسطاء الذين اتخذوا من شطّ النهر مطعماً لهم، والشاب أو مسيح دجلة كما أطلق عليه الرسام، الذي تم قتله وإلقائه في النهر في استخفافٍ كأقصى ما يكون بالروح البشرية.
وعنها، وعن إحساس الرسام يتحدث الكاتب على لسانه، في أكثر النصوص إيلاماً :
( لم يكن من السهل عليّ أن أبعد من ذهني صور النهر، والليل، والجثة، وشارع الأندية المترفة، لكنني بدأت بإجراء بعض الرسوم الأولية لكل ذلك. وكذلك حادثة الأشوري قبالة المستشفى. وهكذا أتحرر من الضيق والغم، لأن الموضوعات تصبح أكثر موضوعية، وتتحول إلى مسألة جمالية وأكاد أقول تقنية، ولا أعود أشعر كما في ليالٍ كثيرة حين أستيقظ فجأة في ساعة من الليل، بأن عقب البندقية يلطمني على أنفي وأسناني، وأنني أنا من يتقدم على أربع بينما تسقط الأسنان مع الدم من فمي، وأشعر بطعم الدم ممزوجاً بالرائحة المعدنية للبندقية وبالغبار. وفي لحظة أخرى، أو في الوقت نفسه، أكون أنا من يخرجونه من الماء متيبساً، مبللاً، ومغطى بجراحٍ لم تعدْ تنزف. )
تلك التفاصيل، وغيرها، خلق منها الرسام لوحاتٍ شعرتُ أنني أراها أمامي معلقة على الجدران من جمال وعبقرية الكاتب/الرسام، ودقتهِ في الوصف.
في الرواية سترى تفاصيل أخرى، جميلة، عن كيف يرى الرسام بعينيه ما قد نراه نحن عادياً، وكيف تتولد وتتشكل في داخله اللوحة والألوان وخطوط الفرشاة.
أرى فى هذه الرواية مجموعة من الترابطات و المقارنات بين أحوال العراق أساسا و الشرق الأوسط بشكل عام فى أواخر الخمسينيات و أحوال وطن الكاتب تشيلى فى حقبة السبعينيات. فعندما نتكلم عن الأقليات يذكر الكاتب بطلنا الهندى الفنان الموهوب المضطهد من تشيلى و فى العراق يأتى على ذكر الأكراد الثوار الأشداء الشجعان و هم الذين أختار البطل أن يربط مصيره بهم كحل لأزمته الوجودية. و أخيرا عندما يأتى على ذكر التشيك يتكلم عن اليهودالنبلاء و المثقفون فمنهم من لا يمانع فى أعطاء أسمه لطفل ليس من صلبه بل تحكمه الدوافع الأنسانية فقط و منهم من يدرب القوات المصرية و يشعر بالمرارة نتيجة الهتافات النازية من الجنود المصريين و هم يحملون الرشاشات التشيكية و يطيرون بالطائرات السوفيتية. و كذلك لا ينسى الوضع المهين للآشوريين حسب رأيه فى بلاد كانوا هم أصحابها فى وقت من الأوقات. أما عندما يتكلم عن الديكتاتورية فهو يقارن عبد الكريم قاسم و مجتمع العسكر العراقى بديكتاتورية أغستو بينوتشة اللاحقة فى تشيلى بل عندما يتكلم عن المعارضة فهو يتكلم عن معارضة ضعيفة لم يشتد عودها متمثلة فى الحركة الشيوعية العراقيةو كأنه يشير بشكل غير مباشر الى المعارضة اليسارية و مصيرها السيء فى تشيلى و فى النهاية يتكلم أيضا عن وضع الطبقة المخملية فى كلا من العراق و تشيلى فبرغم من بساطة أصحاب المصرف الوطنى العراقى النسبية و تعقيدات المظاهر التى يعيش فيها رجال الأعمال التشيليون إلا أنه يبدوا أن فنه لا مكان له و للأسف إلا عند هؤلاء. الكتاب ممتع جدا و يخبرنا بمعلومات قيمة عن هذه الفترة القصيرة و الحساسة من تاريخ العراق و لكن فى رأيى الكتاب بالأساس عن وطن الكاتب , عن تشيلى
في البداية تظن الترجمة سيئة ثم تدرك انها ترجمة رائعة لما بفترض انها رسائل شخص غير متقن للغة فتاتي الرسائل مضحكة في اسلوبها ترسم بسمة على وجه القارئ رغم جدية ما تتناوله، تتقاطع ازمنة اربع في الرواية بصورة مريحة ذهنيا لا تؤثر على الاطلاق على متابعة القارئ للسياق الزمني المنطقي للاحداث، فالرواية كما يظهر في نهايتها كتبتت في التسعينات لتحكي الاحداث من عين الراوي كما بدات في 1973، وهو في ذلك يتناول المراسلات البغدادية للبطل في بداية الستينات بالتناوب مع تعليق على الرسائل تمت كتابته في 1963، رغم ذلك الاختلاط الزمني الا ان تسلسل الاحداث ليس به اي شائبة ، ويشعر القارئ انه بدا مع اليطل في الستينات الى ان وصل زمن كتابة الرواية، وهو دليل في رايي على مهارة الكاتب . المحتوى لا يقل ابداع عن طريقة السرد فمن خلال كل من الراوي والبطل نعيش في مقارنة غير صريحة بين ثورة العراق وثورة تشيلي والانقلاب العسكري في كل منهم، وتطور الفاشية بصورة تشعرك ان الاحداث تعيد نفسها بصورة او اخرى بين البلدين مع فارق عقد من الزمان والااف الاميال من المسافات. يطرح الكتاب قضايا اخرى متعددة منها الاقليات سواء الاكراد في العراق او المابوتشي في تشيلي، وعلاقة الفن بالسياسة ودور الفنان في القضايا الانسانية، كما تطرح قضية النضال من اجل المبادئ الانسانية وليس القضايا الشخصية من خلال شخصية اليرو البطل الرسام الثائر . هي رواية غنية بالفعل تستحق القراءة اكثر من مرة
" ما عدا ذلك يموت دون أن يعبر عن نفسه " من أجمل ما قرأت هذه السنة، أعظم شئ قرأته بتكنيك الرسائل حتى الأن، كيف تخلق عالمًا كاملًا من الرسائل فقط أولًا، الرسام و هو يتحدث عن المواقف التى رآها و كيف سينقلها على اللوحات، تقمصت الشخصية و الدور، أو أنها أغرقتنى تمامًا حتى أننى أصبحت أفكر مثله! كل مشهد أراه أفكر فيه بطريقته و أتخيل لو كنت رسامة، و ما أكثر المشاهد السيريالية فى بلدنا. رواية ثلاثية الأبعاد، تندمج معها تمامًا. تتحدث فى زمنين و 3بلدان أو أكثر إذا أخذنا فى الاعتبار البلدان العابرة. الرئيسيان، بغداد و تشيلى، أوافقه تمامًا إذا جردت كل شئ لوجدت البشر متشابهون و حياتهم متشابهة جدًا( ما لم يكونوا فى بلد ذا قوة عظمى بالطبع ل6 ) " و من جهة أخرى، ما أهمية كل الرسم فى العالم أمام ألم طفل واحد بلا ساقين بسبب عمليات قصف؟ " الرسام نفسه كان يشعر بالشك من حياته، أظن كل من يمتهن بالفن يفكر فى الشئ نفسه، لكن صدق أو لا تصدق حتى لو لم تكن فنانًا ما استطعت تغيير شئ أيضًا! كنت أريد كتابة مراجعة طويلة جدًا، لكن كالعادة أنتهى من الراوية بالقرب من الفجر و يطير الكلام xD لكن لما قراءة رؤية الأخرين لعالمنا العربى مؤلمة هكذا؟ و لماذا بغداد هذا البلد العظيم و الجميل حدث و ما زال يحدث به كل هذا؟
بريد بغداد وتكنيك الرسائل المفضل بالنسبةِ لي... أعتقد أنها أعظم ما قرأته متخذًا نمط الرسائل حتى الآن.
بريد بغداد رواية تشيلية تحكي عن العراق في الخمسينات تدور قصتها حول رسام ينتقل هو وزوجته إلى العراق، بينما يراسل عم زوجته وهو بروفيسور في الأدب ومن خلالها يعرض لنا العراق كبلد لم ينتقل من مرحلة العصور الوسطى.
كما ذكر في مقدمة الكتاب أن الرسام المابوتشي قُتل أو اختفت آثاره في القاهرة، وحاولت الحكومة التشيلية العثور عليه ولم تفلح. أرسل البروفيسور الرسائل إلى صحيفة تشيلية كي تنشرها، ولكنها بقيت في الأدراج إلى أن سلمها أحد رؤساء التحرير إلى خوسيه ميجيل باراس.
يؤرخ الروائي زمن فتح الرسائل العام 1973 ، أي سنة الانقلاب على سلفادور أللندي، وسيجد القارئ الكثير من الأحداث التي تجمع بين ما حدث في بغداد في تلك الحقبة، وما يحدث في تشيلي وقت فتح المخطوطة.
العراق بقلم تشيلي!!!! سخرية هذا الكاتب من النوع العميق والمتفرد، سخرية لا تجعلك تقهقه بل تكتظ بضحك صامت يطول ويطول باثاً في نفسك جواً من الراحة النفسية كتعويض ضروري عن رد الفعل العصبي الذي يستلزمه الموقف. كل شيء كان قابلاً لأن يتحول إلى نكتة
لم يخطيء العقاد حين قال ان الكتب حيوات تضاف الي حياة الواحد منا وهذا الكتاب خير مثال فبعد بداية متعثرة قليلا لم يرق لي موضوع الكتاب ولا طريقة السرد ولا القصة ذاتها ولكن اكملتها لثقتي بترشيح العزيزة جدا ندي ولم تخيب ظني فالكتاب محكي علي ثلاث مستويات صحفي الجريدة الذي يقرا المخطوطة معانا و صوته هو الاقل واالاخفض ورسائل من البرفسيور والذي كانت فصوله في البداية غير مستساغة البتة لان الكتاب اراد جعل لغته الاسبانية مكسرة ولكن بعد الكثير من الرسائل ستعتاد عليها كلكنة محلية ظريفة واساس كتابنا رسائل الرسام والتي كانت تجربة فريدة بذاتها فتذوق اللوحات وتخيلها و سرده و دواخله و تعاطفه مع قضية الاتراك ولكن الاجمل بنظري بجانب الترجمة التي لا يشق لها غبار للمرحوم باذن الله صالح علماني هو المنظور الصادق لواقعنا العربي من نظر تشيلي وتماهي البشرية رغم اختلاف المكان والزمان والاشخاص حبيت
في البداية أنا شخصيا أحب الروايات المكتوبة علي شكل رسائل ، و هذة رواية من العيار الثقيل ، نذهب مع بطل الرواية الرسام الموهوب في رحلة في بغداد يصف ببراعة الأحوال الأجتماعية و السياسية ، الخط الثاني في براغ و التي يرسل إليها البطل الرسائل لصديقه . أعجبني المقارنة و المشابهة بين تشيلي و العراق ، هل يتعامل أذا الجميع بنفس الطريقة ؟ رواية جميلة لولا بعض المط لحصلت علي النجوم الخمسة
"ولكن ما التأثير الذي نخلّفه فيهم نحن، وهم يسمعوننا؟"
أن تقرأ رسائل رسام هندي الأصل عاش في تشيلي لينتقل إلي اوروبا بين فرنسا وبراغ حيث أولى رسائله ثم يستقر في العراق زمنا حتي يختفي. هو وضعك معه في هذا التنقل المربك بين ثقافات لا تجمعهم حتي قارة! لا يهم من اين بلد انت منهم او من دونهم -حتي عراقنا التي ظننا اننا نعرفها- تسمع عن عادات معروفة عندك ولكن من وجهة نظره تجدها محيرة. لم اشعر بأي اهانة لأي بلد تحدث عنها، حتي فقر العراق وقمع سلطتها كان مقارنة مع احوال بلاد اخرى ومع ذلك كلها صحيحة لم يزور احداث لتشويه بلد ما، بل علي العكس يدفعك لأن تشتاق للعراق بالتمر والمآذن وسموم والخيل وتشفق علي اهلها و الأقليات. الحديث المتقطع عن السياسة والأحداث في العراق وتشيلي كان بسيطا غير متكلف فصول التعليق علي الرسائل كانت مملة بكثير من التفاصيل الرتيبة علي عكس تفاصيل رسائل الكاتب-الرسام- و أيضا اللقاءات في اوروبا مع حاملي الرسائل تنقلك من حرارة رمل العراق إلي ترف عالم آخر وإن كان مجرد مقعد صغير يسبب الآلام بعد النوم الترجمة عظيمة، سبب اختياري للكتاب اصلا كان ترجمة صالح علماني. بالطبع لم تكن رواية عادية ولا حتي في الهيكل الأدبي المعروف للرواية ،هو فقط بريد من بغداد إليك أينما كنت.
يختصر الكاتب خوسيه ميغيل باراس المسافة بين تشيلي وبغداد بأربعة عشر رسالة يبعثها الرسّام التشيليّ هويركيو من بغداد إلى عمه البروفسور التشيكي جوزيف.
يكتشف الرسّام بغداد أخرى تختلف عن بغداد هارون الرشيد وعرب الألف ليلة وليلة، بغداد وعراق الستينات حيث حمى الانقلابات تنافس حرارة الصحراء هناك.
المؤتمر الطلابي كان بوابة العبور لهذا الاكتشاف،يتفاجأ بحكم الاعدام العسكري الصادر بحق مجموعة من الطلاب العراقيين، يجد أحدهم ذلك من طبيعة حالة البلد الثورية وتناقضاتها معلقاً : يجب ألا ننسى في نهاية المطاف أنهم عرب! يتحدث هويركيو عن المؤتمر الطلابي ويلمّح للمؤتمر الموازي بطريقة ساخرة : لم ألحظ قط أن المؤتمر يعالج مشاكل الطلاب. فقد كان يحلّق أعلى من ذلك بكثير، أو أحطّ من ذلك بكثير. الرسّام من هنود تشيلي المابوتشينيين لذا يتعاطف بشكل خاص مع قضية أكراد العراق وزكية التي تحمل قارورة بقايا نوري السعيد كقطعة تذكارية. مابين عبدالكريم قاسم ومصطفى البارزاني تختلف الحسابات السياسية وجمهورية مهاباد الكردية تُخنق قبل اكمال عاماً من الوجود!
القارئ يرى بعين الفنان هويركيو التي تنظر للعالم من حولها بطريقة مختلفة -تذكرت هنا تأثير رواية العطر على القارئ- يتحدث عن شكل التمور : تفتنني التمور. ليس كغذاء بالضبط.فهي تسبب لي نوعاً من الاشمئزاز بسبب مظهرها الشبيه بالصراصير وحلاوتها المفرطة، ولكن مايفتنني هو اللون.. شخصية الرسّام الساخرة تضيف الكثير من الطرافة على بعض المواقف التي يرويها ولأرآئه بشكل عام. نعجة ميتة ابتسمت لي كان هذا هو كل شيء ابتسامة مع تقليب العينين كانت رؤية تلك النعجة نذير الشؤم لهذا الرسّام الساخر حيث يُفقد أثره تماما بعد سقوط نظام عبد الكريم قاسم ١٩٦٣م
تحدث الكاتب عن أشهر الكُتّاب والكتب في تشيلي وبقية انحاء العالم الأدبي، تحدث أيضا عن أحاديث التشيليين اليومية أينما كانوا من حلوى التشوكلوس إلى نيرودا والمسرح التجريبي.
باراس يملك القارئ من الصفحات الأولى للرواية، وله الكثير من التشبيهات اللافتة مثل "عشب شديد الخضرة والنضارة لاينقصه إلا أن يتكلم الإنجليزية"، بلغت الترجمة الأمينة لصالح علماني أن ينقل لنا حديث البروفسور جوزيف المكسّر كما هو، يصبح هذا التكسير المترجم مستفز أكثر كلما زادت مساحته من الكلمات.
المراجعة عبارة عن مقتطفات مما أسعفتني به الذاكرة والملاحظات المسجلة من فترة زمنية طويلة وربما فاتني من الرواية غير جمال الانطباع الأول ؛ التحدث عن نقاط أهم مما ذكرت أعلاه.
بطل الرواية - رسام تشيلى - هيسافر بغداد و هينشغل بقضية الأكراد ، فى حين إن علاقته بوطنه و عشيرته المستضعفة هتفضل فى هدنة ، ده غير إنه فى بغداد هيحلم يخلف طفل من مراته(إيفا) ، و هينكلم عن رغبة ملحة فى إنه يبص فى عيون طفله ، زى مايكون ناسى إن هو ليه طفل فعلا من روزينا فى التشيك . المهم ، إن البطل الرسام هيفضل منفصل عن الواقع بشكل ما ، أو الواقع بالنسباله فى خفة ريشة ، و قابل دايما للإحالة إلى تجريدية لغة تشكيلية بحتة .................. إن انقلابا فى تشيلى غير ذى أهمية أو (ثقل واقعى) ، طالما إن انقلابا يشبهه حدث فى بغداد قبلها بعشر سنوات ...................... كانت لدى الرسام رغبة صوفية فى إحالة زخم العالم و بسرعة و هوس ، للغة موحدة ..ربما ليموت بدفقة واحدة سريعة الرواية نقلت الواقع بصورة أخرى ..مقلوبا و مطبوعا على رسايل غير مرتبة ، ربما هى النظرة الأعمق للواقع بوصفه مفتوحا و قابلا للإحالة ............. فى النهاية خفة الرسام لم تمنعه من قراره المنفرد و ( الثقيل) ، وربما كان هذا من صميم الخفة : هى خفة الاستسلام السريع لإشارة ميتافيزيقة دون التشتت و الخوف من (تعسفها)، فعندما رأى الرسام رأس نعجة ميته يبتسم له - لأن حركة الدود فى تجويف العين انعكست كابتسامه - بكى فى حضن ذكية الكردية . بعدها ترك زوجته و فنه و أمواله و كل الواقع الذى لم يرتبط به يوما ، لينضم إلى جيش الأكراد. دون أى تفسير واضح .............. الصحفى التشيلى - قارىء مخطوطة الرسايل ، فضها بعد عشر سنوات من كتابتها ، فى نفس وقت انقلاب تشيلى سنة 1973 ، و سيتملكه هوس بالرسايل و بقصة الرسام(المابوتشى الأصل و الغير معروف) فى بغداد فى الوقت الذى ينشغل فيه بالهرب وسط أحداث الانقلاب
حين أنهيتها لم أستطع تقييمها بشكل موضوعي، وبغض النظر عن النهاية التي كانت متوقعة نوعا ما مع أن ذلك لا يكمل الطريق المؤدي لها ،وبغض النظر عن الصحفي الذي أراه مقحما وربما كانت الرسائل والتعليقات عليها كافية .. خلفت في نوع من الحسد تجاه الرسام ..بالطبع ليس على فنه ونظرته الفاحصة المتأملة لما حوله أو وعيه وفطنته ؛فذلك نوع من البلاء ، وإن كنت أغبطه على قدرته على تحويل تلك النظرة والمشاعر والأفكار أو بمعنى أدق عكسها من خلال عمل يعبر عنها (عمل تصويري) وهو شيء لطالما أثار في مشاعر الاحترام والتقدير تجاه كل من له تلك الموهبة الاستثنائية .... وإنما ما أغبطه عليه أكثر هو جوزيف ..ذلك الشخص المتفتح القادر على تحمل نزعتك إلى الغموض والسخرية بل وربما الغرابة إن صح التعبير، ويتفهمك أيا كانت دوافعك أو مبرراتك دون رغبة في إصدار الأحكام ، يحمل معك شيئا من عبء الأفكار التي ترزخ تحتها عاجزا إلا عن أنين بائس.. أيا يكن.. أعتقد أني حانقة بعض الشيء لعدم القدرة على رؤية كل تلك الأعمال الفنية للرسام بعد أن ارتسمت في مخيلتي بشكل مثير للحواس أكثر منه كاف، بسبب ذلك الكم الهائل من التفاصيل والوصف الدقيق لتلك اللوحات ،وربما أيضا لأنها المرة الأولى التي أهتم فيها بهذا النوع من الفن ..