إسمعي أنتِ لا تنتمين لأحد، لا تنسِ ذلك أبداً، حتى لو أسعفتُكِ بهذه المشاعر البشرية والتي تضرب لها جذوراً صوب الحاضر والماضي، تظلين من الكائنات التي ليس لها ماضٍ ولا كينونة...
-كيف بوسع القلب أن يقول كلاماً بهذه القسوة؟!
هذا شأنُ القلوبِ عندما تُريدُ أن تلحقَ بآخر، تُغلقُ على صاحِبها السُبُلَ، موحية بألا وجودَ ولا ماضٍ وحاضرٍ إلا في الآخر. صدقيني، ألا تنتمي لأحد أخفُّ وطأةً من أن تنتمي لواحدٍ محجوب عنكِ للأبد، عندها تصيرين فريسة للشوق، وفي شوقكِ تِأخذُ الكائناتُ والأشياء تُخَاتِلُكِ، كلُّ حركةٍ تُخَاتِلُكِ، مجرَّدُ رَفَّةِ طيرٍ، أو حفيف ورقةِ شجرةٍ تصيرُ مثل بشارةٍ بانكشاف المعبود،
روائية سعودية ينسب لها الفضل في توثيق البيئة المكية/الحجازية في رواياتها . تختص رواياتها بسردية رمزية صوفية/غنوصية عميقة، وفق رؤى كونية مفتوحة.
من أعمالها الروائية الشهيرة
- سِتر. - حَبَى. - موقد الطير. - خاتم. - سيدي وحدانة. - نهر الحيوان. - الرقص على سن الشوكة. - الموت الأخير للممثل. - ثقوب في الظهر. (نص مسرحي). - أربعة - صفر. ـ طريق الحرير. ـ مسرى يا رقيب. _ طوق الحمام ( حصلت بها على جائزة البوكر العربية 2011)
وقد كتب عن أعمالها كتابات نقدية كثيرة من أهمها مايأتي:- ـ ماورد في كتابات الدكتور عالي القرشي ومنها ماورد في كتابه نص المرأة, وكتابه حكي اللغة ونص الكتابة ووبحوث المؤتمر الثاني للأدباء السعوديين. ـ ماورد في موسوعة مكة المكرمة الجلال والجمال ـ الجزء الثاني أكثر من بحث للدكتور/ عالي القرشي، والدكتور/ أحمد جاسم الحسين، والأستاذة/ نورة المري. بحث للشاعر الدكتور / عزت محمود علي الدين بعنوان : الخطاب الروائي ومضمرات النص ـ مقاربات حول بنية الشكل وأبعاد الموقف عند رجاء عالم (سيدي وحدانه نموذجا). ـ رسالة ماجستير لمعجب العدواني بعنوان : التناصية في رواية طريق الحرير. فازت في العام 2011 بجائزة البوكر للرواية العربية مناصفة مع الكاتب محمد الأشعري عن روايتها (طوق الحمام)
حينما تقرأ لـِ "رجاء عالم" فأنت أمام أحجية صعبة ومعقدة تحتاج للكثير من الجهد والوقت لتفكيك رموزها , ربما لهذا يبدو كل نص تقدمه نصاً فاخراً مهما كانت الفكرة من خلفه , لأن الحرف معها يتجاوز حدود معناه المعتاد ليصل إلى الحلم أو لسماء ثامنة , فأنت تهرول حتى تدرك نهاية هذا الحلم أو ستجد نفسك قد طار منك الحلم في منتصفه فلم تعد تدرك منه أي شيء , فتعود إلى نقطة البداية من جديد , وتبدأ بمحاولة بناء الفكرة كواقع يعتاشه الكثيرون . تأتي هذة الحكاية من ذاكرة "جبل الرخمة" و "موقد الطير .. المرتكز على قمته" من ذاكرة مغسوله بالحلم , وبتنبؤات الموتى والمحتضرين , حيث التوأمين .. "حورية" و "عائشة" , تنازع "حورية" أنفاس الموت , وتسعى للهروب منه وهي جسد مسجى لا تتحرك فيه سوى أنفاسه , بينما تجاهد "عائشة" لإفاقة هذا الجسد .. وإعادة الحياة إليه , تتأمله ليل نهار .. تنام بجانبه , وترويه بالماء والطين , لتعيد مجرى الحياه فيه إلى سيلانه , وتعيش "عائشة" على الجانب قصة عشق مبتكرة مع "آدم" , عريسها المبلل بماء الورد والرياحين , تتكلل ببطن مُدور وروح طفل تنشئ داخله . النص مطرز برمزية فاخرة .. رمزية تطلعك على عوالم أخرى للحرف , وتدخل بك إلى فلسفة تبرز لك معاني عدة : كالموت , والحياة , والزمن , والوقت , والخلق , والظلال , والحلم .. وأنت متدلي من حافة العبور وسط عوالم هذة الرواية , يسوقك الإنذهال من كل فكرة تعبر بك , وكل معنى جديد مبتكر يعزو فهمك البديهي للكلمة . مشهد ولادة عائشة لمولودها "سهل" كان مشهداً أشبه بالحلم , بالطريقة التي إختارتها للولادة .. بأن يكون فراش الولادة بجانب فراش الموت الذي تمارس عليه أختها "حورية" إحتضارها , حتى تختصر المسافة بين الحياة والموت , وربما ليكون بولادة مولدها "سهل" .. ولادة جديدة لأختها "حورية" تمنحها فرصة أخرى للحياة . وما تلى ذلك المشهد حينما تناول "آدم" إبنه ليرى عينيه , وكيف أن عينيّ الجنين تدور ولا تقف إلا على وجه أمه "عائشة" . الرواية عبارة عن حلم طويل .. وسرمدي , لا يكاد ينتهي حلم حتى يبدأ حلمٌ آخر على الطرف الآخر من الرواية .. مما جعل الواقعي واللاواقعي متداخلاً في بعضه البعض , الأمر الذي وقف عائقاً أمامي على تدارك أحداث الرواية بالتمام والكمال , رغم أني إلتقطت الرؤوس العامة من الحكاية , بينما التفاصيل كانت غائبة في أحيان كثيرة , ويعود ذلك ربما للغة التي تجيء في أحيان غامضة وصعبة , وفي أحيان أخرى سهلة الفهم والتذوق . ربما أكثر ما يميز هذة الرواية .. هي الحكمة التي جاءت في الحوارات المتخيلة والحلم , والرمزية التي تغلف كل المعاني وتصنع منها سراً ذا قدسية عاليه , لا أنكر أنني لم أستوعب الكثير من فلسفة الرواية ورمزيتها المستعصيه على الفهم واللحاق بإشاراتها , إلا أنني وجدت بعض المتعة بين سطورها ومعانيها .