في هذا الكتاب يشرح المفكر الاقتصادي الكبير جلال أمين حقيقة «العولمة» ومخاطرها، بما تتضمنه من تهديد لسعادة الإنسان ورفاهيته وشعوره بالاستقرار والطمأنينة، وتهديد لشعوره بالرضا عن نفسه المستمد من احترام هويته وتفرده. هذه المخاطر التي تأتي مما يسمى بثورة المعلومات، ومن اكتساح قيم المجتمع الاستهلاكي، ومن انتشار ما يمكن تسميته بحضارة السوق، التي تحول كل شيء إلى سلعة، هي كلها من مظاهر «العولمة». إن «العولمة»، في نهاية الأمر، هي اكتساح أشياء معينة للعالم بأسره. وهذه الأشياء تشمل، ليس فقط سلعًا وخدمات، بل تشمل أيضًا المعلومات، وقيم المجتمع الاستهلاكي، وقيم حضارة السوق. قد يجد القراء في هذا الكتاب تأكيدًا زائدًا على الجوانب السلبية للعولمة، ولكننا نعيش عصرًا يتغنى فيه أكثر الناس بمزاياها، فلا بأس من أن يؤكد البعض على جوانبها الأقل حسنًا.
Galal Ahmad Amin is an Egyptian economist and commentator. He has criticized the economic and cultural dependency of Egypt upon the West .
He is the son of judge and academic Ahmad Amin. He studied at Cairo University, graduating LL.B. in 1955 before studying for diplomas in economics and public law. Receiving a government grant to study in Britain, Amin gained a M.S. (1961) and Ph.D. (1964) in economics from London School of Economics. From 1964 to 1974 he taught economics at Ain Shams University, also working as economic advisor for the Kuwait Fund for Economic Development from 1969 to 1974. After a year's teaching at UCLA in 1978–1979. now he is professor of economics at the American University in Cairo.
يعرض الكتاب الجوانب السلبية للعولمة. جوانب قلما يسلط عليها الضوء؛ لأن العالم كله يتغنى بالعولمة والقرية العالمية والحرية.
يناقش بأن العولمة ليست بالظاهرة الجديدة؛ بل قد ظهرت مع الرحلات الاستكشافية الأولى، واكتشاف أمريكا، وانطلاق أول سفينة شراعية، حتى الوصول للقمر، وظهور الانترنت. والاهتمام بالعولمة في مطلع القرن الحادي والعشرين هو كالتفاؤل الذي ساد بعد الحربين العالميتين. حيث بعد الحرب العالمية الأولى روج لعصر جديد من السلام وحق الشعوب في تقرير مصيرها. وبعد الحرب العالمية الثانية كتب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وبشر بعصر جديد من الحرية واحترام الجميع مهما اختلفوا. حتى جاء القرن الحادي والعشرون وكانت ثورة الاتصالات التي قلبت العالم. بشر معها بعولمة، بالقرية العالمية. لكن العولمة ليست ثقافة عالمية إنسانية بقدر ما هي ثقافة أمة بعينها تفرض على الجميع؛ الثقافة الأمريكية غالبا. ولكم هذا صحيح. إننا في القرية العالمية نتبع كلنا نمط الحياة الأمريكية. هي الثقافة العالمية بنظرنا. وهذا غريب لو تأملت فيه.
يوجه جلال أمين نقدا لاذعا للثقافة الاستهلاكية التي تميز عصرنا. يسميه عصر التسويق. زيادة في كل شيء. زيادة في عدد السكان وسرعة الانتاج وعدد السلع الضرورية وأوقات الفراغ. يا له من عصر محموم! لقد أصبحت كمية السلع التي يحوزها الشخص مقياسا للمكانة. وصار همنا تجميع المال لانفاقه على منتجات استهلاكية، هي غالبا كمالية. وكم كثرت الكماليات في حياتنا! صار معيبا أن تكرر ارتداء قطع الملاس ذاتها كل يوم. وكيف تعيش بلا مستحضرات عناية بالجسم والبشرة؟ وكيف تكتب بقلم واحد بينما هناك عشرات الأنواع والقياسات والدرجات من الأقلام؟ نحن نعيش لنستهلك باختصار. وما الدافع وراء هذا التغير الاجتماعي إلا المنتجون الراغبون في تصريف منتجاتهم، بعد أن مكنتهم التكنولوجيا الحديثة من زيادة الانتاج بكميات غير مسبوقة، فتولد فائض في الانتاج، ظهرت معه الحاجة لإيجاد سلع جديدة لتحقيق الربح، والتسويق لها على أنها ضروريات، وهكذا في رقصة أبدية.
يسميه مرة اخرى عصر الثرثرة. وكم أحببت هذه التسمية! من قال أن الكثرة جيدة؟ من قال أن كثرة المعلومات مفيدة في تحقيق نتائج أفضل؟ هل يجب أن يعرف الجماهير بتفاصيل الحياة العاطفية للمرشح الرئاسي؟ هل هذه معلومات ذات قيمة؟! لا؛ إنها ثرثرة ليس إلا. انظر لمحتوى مواقع التواصل الاجتماعي الرائج، تكتشف الثرثرة على أصولها، السطحية والسخافة والتفاهة. والترويج للتفاهة. هي معلومات كثيرة للغاية لكنها ثرثرة. يمتلأ الفيسبوك مثلا بأخبار الحوادث، فلان قتل أمه وفلانة انتحرت، وفلان قطع أشلاء علان. أهذه معلومات تستحق المشاركة؟ مجرد ثرثرة. وبسبب كثافة جرع المعلومات التي يتعرض لها الفرد، قل الوقت الكافي لمعالجتها، فيغدو متلقيا سلبيا، صفحة بيضاء. لا يمكنه الاستيعاب والتفكير. ألاحظ ذلك في نفسي على الأقل. أنا قليلا ما أفكر، أعني به التفكير الحقيقي، ربط المعلومات للوصول لنتائج.
ثم ينظر جلال أمين للتاريخ الإنساني، ويقول أن هناك ألف طريقة لكتابة التاريخ الإنساني، وهو لديه طريقته في قص الحكاية تلك. التاريخ الإنساني في نظر جلال أمين هو تطور باتجاه زيادة وقت الفراغ.وهو الوقت الذي يستطيع فيه أن يمارس بحرية أي نوع من النشاط أو أن لا يمارس أي نشاط على الإطلاق. وهذه رؤية مثيرة للاهتمام في الواقع. هذه رغبة أساسية ربما لها أسس بيولوجية؛ فحتى الحيوانات نلاحظ لديها السعي لزيادة وقت الفراغ، كأنه الهدف. ربما اكتشف الإنسان أن قهره لإنسان آخر يمنحه وقت فراغ أكثر؛ وهكذا ظهر استغلال الفقراء والضعفاء، وقهر المرأة، وقهر الرجل الأبيض للأسود، واستغلال رب العمل لمرؤوسيه، والاستعمار الحديث، واضطهاد الأكثرية للأقلية. كل ذلك لأجل زيادة وقت الفراغ. ثم جاءت ثورة المعلومات، وزادت أوقات فراغنا بشكل كبير، حتى أصبحنا لا نعرف ما نفعل بوقت الفراغ، فنرمي أنفسنا أمام التلفاز ساعات كمتلقين سلبيين مثلا، أو نتصفح الفيسبوك أو نتابع أخبار المشاهير. ولأن وقت الفراغ قد زاد وحار الانسان ما يفعل فيه، أصبحت الكماليات ضروريات، لتسد الفراغ. وهكذا ظهرت ثقافة الاستهلاك الفاحش.
الكتاب خفيف ممتع، ربما بعض الفصول التي تناولت الشرح الاقتصادي للعولمة معقدة؛ لكن أغلب الفصول سهلة خفيفة. هي عبارة عن مقالات جمعت وعدلت لتكون بشكل كتاب كما قال الكاتب.
أسعدني الاطلاع على فكر جلال أمين، وأثار اهتمامي للغاية. من المبهج وجود مثقفين عرب أمثاله.
لا يمكن تسمية فرض ثقافة ونمط حياة معين عولمة، وبذل المجهود لدحر الثقافات المحلية والهوية والوطنية، فهذا يعتبر تعصبا لهذا النمط الحياتي واستنفار من الهوية الوطنية، كيف يكون هذا النمط الحياتي انفتاحًا وتسامحًا وعولمة للافكار بينما في جوفه يريد محو الحضارات والثقافات، الهويَّة عَصَب الأمم وميزتها، والاستغناء عن الهويَّة يعني الاستغناء عن روح هذه الأمة.
الكتاب يناقش العديد من القضايا المتعلقة بالعولمة والمترتبة عليها، ويمتاز ككل كتب المؤلف بسلاسة الأسلوب حتى في شرح أدق النقاط. اتفقت مع بعض تحفظاته واختلفت مع بعضها مثل تحفظه الزائد ضد وسائل الاتصال الحديثة. لم يعجبني اكتفاؤه في الكثير من الأحيان بانتقاد الواقع وتسليط الضوء على السلبيات وعدم تقديمه حلولًا لها. من الجدير بالذكر بعد نظر المؤلف (صدر الكتاب في 1999) في انتقاده للانترنت حيث أنه رأى أن الوفرة الشديدة للمعلومات لن تؤدي إلى زيادة المعرفة بل إلى صعوبة الوصول إليها، ويُلاحظ الآن صحة رأيه خصوصًا إذا نظرنا إلى تأثير موقع مثل فيسبوك.
يرى المفكر الاقتصادي جلال أمين حقيقة «العولمة» ومخاطرها بما تتضمنه من تهديد لسعادة الإنسان ورفاهيته وشعوره بالاستقرار والطمأنينة وتهديد لشعوره بالرضا عن نفسه المستمد من احترام هويته وتفرده. هذه المخاطر التي تأتي مما يسمى بثورة المعلومات ومن اكتساح قيم المجتمع الاستهلاكي، ومن انتشار ما يمكن تسميته بحضارة السوق، التي تحول كل شيء إلى سلعة، هي كلها من مظاهر العولمة
وهذه الأشياء تشمل، ليس فقط سلعًا وخدمات، بل تشمل أيضًا المعلومات، وقيم المجتمع الاستهلاكي، وقيم حضارة السوق قد يجد من يقرأ هذا الكتاب تأكيدًا زائدًا على الجوانب السلبية للعولمة ولكننا نعيش عصرًا يتغنى فيه أكثر الناس بمزاياها، فلا بأس من أن يؤكد البعض على جوانبها الأقل جمالا مما لفت انتباهي واعجبني في الكتاب ان الدكتور جلال أمين يرى أنّ الشركات متعددة الجنسيات، في عصر العولمة، قد حلّت محل الدولة. كما حلت الدولة محل الاقطاعية تدريجياً منذ خمسة قرون، تحل اليوم الشركات متعددة الجنسية تدريجياً محل الدولة، والسبب في الحالين واحد : التقدم التكنولوجي وزيادة الإنتاجية والحاجة إلى أسواق أوسع، لم تعد حدود الدولة القومية هي حدود التسويق الجديدة، بل أصبح العالم كله مجال التسويق، سواء كان تسويقاً لسلع تامة الصنع، أو تسويقاً لمعلومات وأفكار، فقفزت الشركة المنتجة فوق أسوار الدولة، وأخذت هذه تفقد قيمتها الفعلية، بل أصبحت أكثر فأكثر أسواراً شكلية، سواء تمثلت في حواجز جمركية، أو حدود السلطة السياسية، أو حدود بث المعلومات والأفكار أنّ الذي يحل محل الدولة هو الشركات العملاقة متعددة الجنسيات ونستطيع ان نرى ما تفعله وسائل الإعلام الحديثة بحرية الرأي والتفكير، أو بما تفعله سطوة هذه الشركات بحرية المرأة ومكانتها؟ أو بمدى تحملها للاختلاف الحقيقي في الرأي كتاب ممتع وجميل ركز على سلبيات العولمة بشكل كبير ربما لأننا لا نرى الا إيجابيتها
محاولة لاظهار سلبيات العولمة والرأسمالية وتأثيرها على هويتنا الثقافية تلك الهوية اللتى لم نختارها وانما التصقت بنا صدفة بعد ولادتنا على هذه البقعة من الأرض .. أراؤه سطحية جدا ورجعية فيما يتعلق بالتقدم التكنولوجى فكرنى بالرجل العجوز البضان اللى يفضل يمصمص فى شفايفه ويكلمك عن حلاوة زمان وخير زمان والناس ازاى كانت بتحب بعض قبل مايخترعوا النت والفيسبوك ..
~~~✪ ✪ ✪ ✪~~~ كتاب شيق يتناول فيه التأثيرات التي طرأت على مجتمعاتنا من الناحية الثقافية والاقتصادية والاخلاقية في عصر العولمة والتغريب.. انصح بقراءته .. ~~~ ✪ ✪ ✪ ✪~~~
عشاق نظرية المؤامرة سيعجبون بشدة بهذا الكتاب. أولئك الأفراد الذين يظنون في وجود أصابع خفية تدير العالم بأكمله من وراء ستار و أن كل البشر مجرد أدوات لأصحاب هذه الأصابع..
أجمل ما في نظريات المؤامرة أن أي فرد عادى يستطيع أن يؤلفها أثناء اضطجاعه على أريكته في حالة إسترخاء دون أن يبذل أي مجهود!
و أسوأ ما في نظريات المؤامرة أن أن إنسان آخر يستطيع أن يجدها مليئة بالفجوات التي تسرب أفيالا و ليس نقط مياه وأيضا بنفس القدر من المجهود "اللامبذول"!!
الدكتور جلال يظن أن العالم بأكمله في خدمة التسويق.. و في سبيل هذا فالإعلانات تحاول أن تجعل الإنسان يحصل على الجديد .. فتجعله مستهلكا دائما..
حسنا.. مبدئيا .. لا أعرف ما الخطأ في أن يستهلك الإنسان منتجات.. أليس هذا بدافع له في أن يعمل أكثر ليحصل على مال أكثر و يحصل على منتجات أكثر؟ ألا يعني هذا أن الإنسان يصبح "أكثر إنتاجية" بقدر ما هو "أكثر استهلاكية"؟!! أم هل يريد الدكتور ان نتوقف عن عمل أي شيء و الاكتفاء بشرب الماء و أكل الخبز بالزيت فقط؟!!!
ثم يخرج ادلكتور بنظرية مفادها أن التقدم التكنولوجي كان في خدمة التسويق... بل أن الأبحاث التكنولوجية أصلا الهدف النهائي منها هو تسويق منتجات أكثر!
و لأن التقدم التكنولوجي الهدف منه التسويق فهو -في نظر الدكتور ضار-.. لنر واحدة من الأمثلة التي يضربها الدكتور لنا للتدليل على عدم أهمية التقدم التكنولوجي.. بل و إثبات -ضمنيا- أنه ضار بالكلية! "مع أن من الممكن جدا أن يشك المرء مثلا في أن عبور المحيط الأطلنطي في ساعتين بطائرة أسرع من الصوت أفضل من عبوره في أربع أو خمس ساعات بطائرة أقل سرعة.. كما أنه من المشكوك فيه أن الحياة في وجود التليفزيون أفضل بالضرورة مما كانت بدونه" إذا كان هناك يشك في أن عبور الأطلنطي في ساعتين ليس بأفضل من عبوره في خمس.. فهو بالتأكيد شخص يحتاج إلى عقلا جديدا!! بعد انتشار الإسلام في أفريقيا الوسطي كان سكان أفريقيا المسلمين عندما يقررون الحج فإنهم يخرجون من بيوتهم في شهر محرم! أي قبل الحج أصلا بما يقارب 10 أشهر كاملة!! و هنا في مصر منذ قرنين فقط .. كان الحاج يخرج من منزله في اتجاه الحجاز و هو لا يأمن الطريق فالطريق نفسه كان مخاطرة غير مؤمنة العواقب و العودة منه يعتبر انتصارا و فرحة لا تناديها سوى الفرحة بالحج نفسه! و الآن الدكتور لا يري في التقدم العلمي الذي أدى إلى اختصار المسافات .. لا يرى في هذا فائدة؟!!!! لا يري أي فائدة في الحصول على وسائل مواصلات أكثر آمنا في نفس الوقت أكثر سرعة و كفاءة؟!! ماذا عن الشخص العادي الذي يرغب في زيارة سريعة لأهله.. ماذا لو كان الشخص يعمل في القاهرة و أهله في أسوان.. هل يفضل الدكتور أن يأخذ القطار و يقطع المسافة في نصف يوم بأكمله أم يفضل أن يأخذ الطائرة ليصل في أقل من نصف هذا الوقت؟! ألا يرى الدكتور فائدة أيضا في هذا؟!
طبعا كلام غاية في السذاجة اندهش بشدة أن يصدر عن أستاذ جامعي!
و حتى لو كان التقدم العلمي يحل مشكلة ما -والدكتو يركز أنها مجرد مشكلة واحدة التي يحلها التقدم العلمي!!- فهو يخلق "مشاكل" كثيرة.. هذا في نظر الدكتنور طبعا... فنجده يقول: "استطاع الانسان -أو كاد- أن يحل مشكلة العوز المادي و لكنه خلق في نفس الوقت مشكلة أخرى هى إطالة وقت الفراغ. فنحن نرى جزءا كبيرا من شعوب العالم المتقدم (بل و نسبة لا يستهان بها من شعوبنا نحن) يعاني من عجزه عن حل مشكلة الفراغ حلا مرضيا.. حاول عن طريق التليفزيون و عن طريق الرياضة و عن طريق شرب الخمر أو السياحة أو الحرية الجنسية أو الشذوذ الجنسي أو إدمان المخدرات دون أن يبدو أكثر رضا بحياته مما كان عندما كان ينفق الجزء الأكبر من يومه في عمل مرهق" طبعا كلام غاية في الغرابة!! ما الأزمة في أن يحاول الإنسان ان يستمتع بوقته؟!! هل المطلوب ان يظل الإنسان في حالة من الإجهاد و الإرهاق الدائم حتى يسعد الدكتور جلال؟!!
ثم ... أي وقت فراغ هذا الذي يتحدث عنه الدكتور؟!! لننظر حولنا! أي شخص عادي يعمل يوميا ما بين 8 إلى 10 ساعات.. و يستهلك ما بين ساعتين إلى ثلاث في المواصلات.. أي أنه يقضي يوميا خارج منزله ما بين 10 إلى 13 ساعة! .. أضف إلى هذا حوالي 6 إلى 8 ساعات نوم و يبقي للإنسان الطبيعي حوالي أربع أو خمس ساعات يوميا.. هل هذا في نظر الدكتور "وقت الفراغ الأسطوري" الذي يؤدي إلى الإدمان و الشذوذ الجنسي؟!! يبدو أن الدكتور يتحدث عن طبقة أخرى من البشر .. الطبقة التي لديها ما يكفي من أموال ألا تعمل و يصبح لديها اليوم بأكمله كوقت فراغ! .. لكن الطبقة العادية .. طبقة محدودي الدخل.. فيبدو أن الدكتور لا يدرك أنها لا تملك من الوقت هذا "الكثير" الذي يظنه!
و الأهم.. كيف يقرن الدكتور أشياء مثل "الرياضة و السياحة" مع أشياء مثل "الشذوذ و الإدمان"؟!!! أليس هذا بتأكيد ضمني على أنها أشياء ضارة في نظر الدكتور؟!!! و إذا كانت الرياضة شيء بهذا الضرر -فهو شيء يتساوى مع الإدمان- فما هو الشيء "الجيد" الذي يقترحه الدكتور لحل مشكلة وقت الفراغ؟!!!
أما طرق الحصول على راحة أكبر فمنها بعض الوسائل المدهشة.. فيقول الدكتور: "فلابد أن الرجل مثلا قد اكتشف منذ وقت مبكر أن قهر المرأة وسيلة فعالة جدا لتمكينه من إطالة وقت فراغه فيعهد إليها بالأعمال التي لا يريد هو أن يقوم بها ومن ثم اخترع فكرة أنه -أي الرجل- أكثر ذكاء و أقدر على الابتكار و على فهم المشكلات السياسية العويصة.. إلخ.. وذلك حتى يتمكن -دون تأنيب من ضميره أو لوم من أحد- من الجلوس على كرسي وثير وهو يدخن سيجاره أو غليونه ليقرأ صحيفة اليوم ريثما تنتهي المرأة من غسل الأطباق أو طهو الطعام"
و برغم من غرابة هذه النظرية التي لا تدعمها أي أدلة مادية حقيقية.. لكن لا مشكلة لدي.. ليكن! .. فهى نظرية مؤامرة و نظريات المؤامرة لا تتطلب أكثر من خيال واسع على أي حال! لكن المشكلة في أن الدكتور يعود في صفحة تالية ليقول الجملة هذي: "ففي وثيقة مؤتمر السكان عبارات عن ضرورة اشتراك الرجل في الأعمال المنزلية ورعاية الأطفال أسوة بالنساء دون أن تأخذ في الاعتبار الظروف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للرجال والنساء في المجتمعات المختلفة وكأن الهدف الأسمى في نظر الوثيقة هو تمكين المرأة من العمل خارج المنزل ولكن إطلاق حرية النساء في العمل خارج المنزل لا يعني أن عمل النساء في الخارج بأجر و لحساب الغير هو بالضرورة أكثر تحقيقا للرفاهية الاجتماعية في جميع الأحوال و في نظر جميع الأسر من عمل المرأة داخل المنزل دون أجر وفي خدمة أسرتها" الحقيقة. لا أفهم!!!! هل الدكتور يعتبر عمل المرأة في المنزل نوعا من الخديعة التي أوقع الرجل فيها المرأة؟! أم أن عمل المرأة المنزلي هو من "الظروف الاجتماعية المحمودة التي تسبب الرفاهية"؟!!! لماذا أجد الدكتور ينتقد عمل المرأة في صفحة و أجده في صفحة أخرى ينتقد وثيقة السكان التي تطالب بعمل المرأة ؟!! بل و يقول أن عمل المرأة داخل المنزل أفضل من عملها خارجه؟!! أم هل الدكتور واحد من أولئك الرجال الذين شاركوا في خديعة المراة للحصول على وقت فراغ أكبر؟!!!
و حتى الرياضة فإن الدكتور يتابع نظرية المؤامرة و يعتبر التسويق و الإعلان فيها هما المحركان وراء كل شيء فيقول: "لا يمكن أن نتصور أن يصل عدد المتفرجين إلى بليون شخص ولا يطالب الرياضي البطل بنصيب فيما يدره هذا من أرباح. ولا يمكن أن نتصور أن تجلب الإعلانات كل هذ الملايين من الدولارات دون أن يرضخ الرياضيون لإغراء أن يتحولوا هم أنفسهم إلى مروجين لهذه السلع. لقد كان الرياضي منذ ثلاثين أو أربعين عاما يطرد من اللعب و يحرم من الاشتراك في المسابقات إذا ثبت أنه يتكسب من الرياضة."
وليس هذا فقط بل أن الدكتور يتهم اتهاما خطيرا فيقول: "لقد أصبح التليفزيون يؤثر في اختيار نوع الألعاب التي تمثل في الدورة الأوليمبية فما لا يصلح للإذاعة و التصوير لا يصلح أيضا للدورة الأولمبية"
مبدئيا هذه الفقرات الأخيرة للأسف تعبر عن ثقافة الدكتور الرياضية الضحلة.. فلا أعرف أي عقوبات تلك التي يتحدث عنها الدكتور.. فرياضات الهواة دائما ما كانت مستقلة عن المحترفين!!! إلا لو كان الدكتور يتحدث عن الدورات الأوليمبية -وهى التي ذكرها في الفقرة الثانية- كمثال.. و في هذه الحالة ففعلا الأوليمبياد كان فقط للهواة قبل أن يسمح لاحقا للمحترفين بالمشاركة فيه.. لكن الحقيقة الأهم أن فكرة إشراك الهواة فقط كانت فكرة عنصرية!! بل و طبقية أيضا!!! كيف هذا؟!! كوبرتان عندما بدأ الأوليمبياد كان يريد الهواة أن يشاركوا فيها.. من هم الهواة؟ هم الذين يمارسون الرياضة "في وقت فراغهم" -نلاحظ جيدا هذه الجملة- و ليس في مقابل المال.. من هم -في ذلك الوقت- الشخصيات التي كانت تمارس الرياضة في وقت فراغها؟ بساطة كانوا النبلاء!! فعامة الشعب في كل مكان كانت مشغولة بالعمل طوال اليوم و لم يكن لديها أي وقت لأي رياضة! و بالتالي نجد النبلاء أيضا من وضعوا قواعد كل ألعاب الاوليمبياد تقريبا! أي أن الأوليمبياد كان الهدف منه دورة للأغنياء! لك ان تعرف ان مدرس الألعاب الرياضية مثلا كان يعتبر "رياضيا محترفا"!!!! لأن "رياضته" تدر دخلا عليه و بالتالي لم يكن يحق له المشاركة في الأوليمبياد!!! أي أن الدكتور الذي يتباكي على الأوليمبياد كرمز للرياضة الهاوية الشريفة .. هو في حقيقته رمز للطبقية البغيضة!!
أما عن اختيار التليفزيون لألعاب الأوليمبياد.. فلا أقول أكثر من أن الدكتور عليه أن يطالع الانترنت .. أو حتى صفحة الويكيبيديا ليعلم كيف يتم اختيار الألعاب الرياضية المشاركة في الأولمبياد.. آه نسيت!!! الدكتور يرفض التكنولوجيا الحديثة و غالبا لن يستخدمها لعمل هذا الشيء التافه! هو فقط ينتقدها!
للأسف الكتاب كانت لديه الفرصة ليكون رائعا.. لكن مبالغات الدكتور الكثيرة بالإضافة لعدم وجود أي أدلة ملموسة حقيقية على إدعاءاته جعلت الكتاب يفقد الكثير من مصداقيته في نظري.
كتاب فيما يبدو لي عبارة عن مجموعة مقالات كثيرة جمعها المؤلف في أبواب أو فصول خمسة هي: حقيقة العولمة، و العولمة والهوية الثقافية، والعولمة وثورة المعلومات والاتصالات، و العولمة والمجتمع الاستهلاكي، و العولمة وحضارة السوق، و العرب بعد مائتي عام من العولمة.
هو أول كتاب أقرأه للدكتور جلال أمين- وهو المفكر الاقتصادي والأكاديمي الكبير- بعد أن سمعت عنه في حلقة للدكتور (محمد العوضي)، وكنتُ قد سمعت عن كثرة ما كتب هذا المؤلف في العولمة.
قد يكون الفصل الأول هو الأفضل والأهم في الكتاب كله، حيث يفكك المؤلف ظاهرة العولمة ويبين حقيقتها، فيتحدث جلال أمين عن قِدَم ظاهرة العولمة، وبروزها بشكلٍ قوي في العقود الأخيرة على يد الشركات الكبيرة المتعدية الجنسيات. وأعجبني كثيرًا تحليل المؤلف لأسباب ظهور العولمة بشكلها الحالي، وتعملق الشركات الكبرى ونفوذها، وانحسار دور الدولة أمامها. كما أبدع المؤلف في مقال "ما الذي يجري عولمته؟" حيث يستنكر كثرة الحديث عن ��لعولمة بشكل يصورها على أنها باب الحرية والانفتاح وحقوق الانسان والديمقراطية والرفاهية وما إلى ذلك عن طريق التكنولوجيا الحديثة، مما جعلنا ننسى أن التكنولوجيا هي وسيلة إنتاج عظمناها كثيرا وتغنينا في فوائدها ولكننا لم نتوقف لنسأل أنفسنا ما الذي يتم إنتاجه أصلا تحت ظل العولمة؟!
أما الفصول التالية فتتراوح في درجة قوتها وإقناعها-طبعا في رأيي الشخصي- ولكنني وجدتُ إشارة المؤلف إلى وهم "عصر المعلومات" هامة جدًا. يقول المؤلف إننا نصف عصرنا العولمي الحالي بأنه عصر المعلومات، ونفرح كثيرًا، ولكن المعلومات لا تعني بالضرورة المعرفة أو الفهم، وفي الحقيقة فإن كثرة المعلومات غير المترابطة التي تأتينا عبر وسائل الإعلام لا تجعل لنا مجالا للتفكير فيها أو معرفة أسبابها أو الخروج بأية حكمة. كثرة المعلومات تجعل المرء مستقبلا أبله. في الحقيقة أتفق جدًا مع المؤلف، وأرى أنّ هناك الكثير من الغث وغير المهم مما تقنعنا وسائل الإعلام والإنترنت بأهمية معرفته.
ومن أهم الفصول كذلك فصل "العولمة وحضارة السوق" حيث يحلل فيه المؤلف أثر التسويق وحضارة السوق على الأخلاق والأسرة والقيم والسياسة وأشياء أخرى كثيرة. سيدهشك أن تفكر فيما يفعله التسويق وحضارة الربح والتجارة في الإنسانية، إذ إنها هي المستفيدة أولا وأخيرًا من انسلاخ الأفراد من قيمهم وأسرهم ودياناتهم.
ليس هذا عرضًا للكتاب بالطبع بل مجرد انطباع عنه، وهو كتاب جيد يستحق القراءة، وإن كان يعيبه بعض التكرار في الأفكار، والميل إلى أسلوب المقالات الصحفية الباهتة أحيانا، والتي لم أكن أنتظرها من شخص أكاديمي.
الكتاب في مجمله سطحي أعجبتني اجزاء ولم تعجبنئ اجزاء أكثر أعجبني أجزاء تتناول: -ترويج الرأسمالية للنمطيه الاستهلاكية وما قادت إليه من عبودية مختاره غير واعية بذاتها . -طمس الهويات الثقافية تحت تأثير شعارات نهاية العالم وعصر اللا أيدولوجية . —جزء سيطرة التكنولوجيا علي مفهوم التقدم حتي أصبحت غاية في ذاتها لا وسيلة . -قراءه التاريخ بعين الدافع الإنساني لاطالة وقت الفراغ لم يعجبنى اجزاء تتتاول : — ان العولمة الثقافيه طمس هويات فقط وانها لم تجدي اي نفع علي الوعي البشر و هنا تظهر سطحية الرؤية الشديده. _التعصب للقوميات علي حساب الانسانيات يظهر مابين الكلمات والافكار . -سطحية التعامل مع مشكلة الحرية . _نبذ اي صورة للتكنولوجيا الحديثة من منطلق ان الضرر اكثر من النفع فاختيار التجنب بالنسباله مفضل شخصيا !
الكتاب ليس أفضل كتب جلال أمين وفي كثير من الفصول لم يقنعني الكاتب بوجهة نظره وانما بدا لي وكأنه فقط يحاول الانتصار للاتجاه والفكر اليساري والذي يعتنقه بغض النظر عن صحة هذا الفكر .. أعتقد ان الكتاب ليس بمستوى كتاب ماذا حدث للمصريين مثلا
إذا كان هناك ما يضر الجهل به، فهذا الكتاب مما يضر الجهل بأفكاره وأساسياته. يا إلهي كم هو جميل في حديثه عن الثقافة والاقتصاد والإنسان والتطور .. جداً جميل :)
حقيقة عصر المعلومات د. جلال أمين قالت الزوجة لزوجها في دهشة شديدة: «كيف يصفون هذا العصر بأنه عصر المعلومات، وأنا لا أقابل إلا القليلين جداً من الناس الذين يعرفون أي شيء على الإطلاق؟!» قد يعتبر هذا السؤال مجرد نكتة ظريفة، ولكن أجد أنه يلمس حقيقة مهمة، من المفيد أن نفكر فيها قليلاً لنعرف كنهها. نعم، المعلومات تزداد بسرعة، وما نتلقاه منها في كل يوم أضعاف ما كان يتلقاه آباؤنا وأمهاتنا. هذه حقيقة، فالراديو كمصدر للمعلومات، أضيف إليه التليفزيون ثم الكمبيوتر. وقناة التلفزيون الواحدة أصبحت عدة قنوات، أرضية وفضائية. والجريدة اليومية أصبحت عدة جرائد. والتليفون الثابت أصبح تليفوناً محمولاً، ومن ثم زاد الوقت الذي تقضيه في تلقي المعلومات من خلاله، وفي توصيل المعلومات إلى الغير. والخطابات التي كان يحملها ساعي البريد مرة في اليوم، أصبحت بريداً إلكترونياً يأتيك في أية لحظة وفي أي مكان.. الخ. أليس العصر الذي حدث فيه كل هذا جديراً بحق بأن يسمى «عصر المعلومات»؟ نعم بالطبع، ولكن الجزء الثاني من السؤال صحيح أيضاً. «لماذا يبدو لنا أن أعداداً غفيرة من الناس وكأنهم لا يعرفون أي شيء ذي بال، على الإطلاق؟» نعم، الأعداد الغفيرة من الناس زادت معلوماتهم بلا شك، بل وتضاعفت، ولكن «المعرفة» شيء آخر. وهناك ما يدل على أن زيادة المعلومات قد تنطوي على تضاؤل المعرفة. فالمعرفة لا بد أن تنطوي على الفهم - أي الإدراك - بدرجة أو بأخرى للأسباب التي أدت إلى ظاهرة ما أو النتائج التي ترتبت عليها، أو ربط عدد من المعلومات بعضها ببعض على نحو يفيد متلقي المعلومات بشكل أو بآخر، فتزيد قدرته على القيام بأشياء لم يكن يستطيع القيام بها من قبل، أو يتضح له شيء كان غامضاً، أو يصبح المرء أكثر «حكمة» مما كان، أو أكثر قدرة على التنبوء بالأحداث، أو التنبؤ بما يمكن أن يقوم به شخص معين من تصرفات..الخ. إذا كان الفهم، بمعنى أو بآخر من هذه المعاني، عنصراً أساسياً في «المعرفة»، فما أكثر المعلومات التي نتلقاها ولا تزيد من «معرفتنا». كما هي الحال مثلاً في إخبارنا بغرق سفينة وعليها مئة شخص أو مئتان دون أن نخطر بأسباب الغرق أو آثاره أو معناه أو مغزاه. بل إن كثرة المعلومات التي نتلقاها دون رابط بينها، بل وقد ينتمي كل منها إلى نوع مختلف تماماً من المعرفة، عن النوع الذي تنتمي إليه المعلومة التي تليها. كإخبارنا مثلاً بأسعار البورصة في أميركا بعد إخبارنا مباشرة بقيام انقلاب عسكري في أفريقيا، أو بموت راقصة مشهورة في الهند.. الخ. إن مثل هذا الجمع بين المعلومات قد يعطل قدرة متلقي هذه الأخبار على تحويل المعلومات إلى معرفة، إذ لا يترك له وقتاً للتفكير في المعلومة الأولى قبل أن تلقى إليه المعلومة التالية وغير المرتبطة بالمعلومة السابقة. فإذا تكاثرت المعلومات على هذا النحو، وتضمنت المهم وغير المهم كان هناك خطر حقيقي في أن تطرد المعلومات غير المهمة المعلومات الأكثر أهمية وتحل محلّها، إذ إن قدرة المرء على استيعاب المعلومات في أية فترة زمنية معينة لا بد أن تكون محدودة، وإذا حلّ غير المهم محل المهم فلا بد أن يؤثر هذا على القدرة على الفهم، أي أن يقلل من المعرفة.
---------------------------------------------
المجتمع الإستهلاكي... في بلادهم وبلادنا
د. جلال أمين
قضيت في انكلترا ست سنوات (1958ـ 1964) أدرس الإقتصاد وأحضّر للدكتوراه. ثم ظللت أذهب إلى انكلترا بعد ذلك عاماً بعد عام لأسباب مختلفة. أتيحت لي إذاً فرصة رؤية انكلترا على فترات قصيرة، وإن امتدت هذه الزيارات حتى اليوم، استطعت أن أشهد ما طرأ على المجتمع الانكليزي من تطورات، عبر هذه الفترة الطويلة التي كادت تصل إلى نصف قرن. في أواخر الخمسينات لم تكن بوادر المجتمع الإستهلاكي قد ظهرت بعد بوضوح. كانت بريطانيا وسائر دول أوروبا الغربية قد أتمت ما سمي "بإعادة بناء ما دمرته الحرب"، وعادت الحياة اليومية إلى طبيعتها، وانتهى عهد توزيع السلع بالبطاقات، وأرسيت أسس ما سمي "بدولة الرفاهية" أي الاعتراف بحق الجميع في الحصول على الخدمات العامة، وبعض السلع الضرورية بأسعار مدعّمة من الدولة، أو حتى بالمجان، وعلى الأخص خدمات الصحة والتعليم.
ولكن كل هذا لم يكن ينضوي تحت لواء ما سمي "بالمجتمع الإستهلاكي"، الذي يُقصد به إقبال الجماهير الفقيرة على إقتناء السلع الكمالية، والمبالغة في شراء ما ليس هناك حاجة حقيقية إليه، مع ازدياد الأهمية التي يعلقها الناس على القدرة على الإستهلاك، وتنافس الناس في ما بينهم على إظهار هذه القدرة، وانتشار الإستهلاك المظهري الذي لا يخدم إلا هذه الرغبة في التفوق على الآخرين.
الشباب و "البيتلز"
كان منتصف الستينات هو التاريخ التقريبي لظهور هذه النزعة الإستهلاكية بوضوح، وقد اقترن هذه بالنجاح المفاجىء وغير المعهود الذي حققته فرقة البيتلز (الخنافس) الغنائية الشهيرة التي كانت تعبر عن رغبة جديدة وقوية في التعبير عن النفس والتمتع بالحياة، وببروز قوة حديثة في الحياة العامة وفي النشاط السياسي هي قوة الشباب الذين شعروا بدافع قوي للتعبير عن أنفسهم والمطالبة بتغييرات جذرية في السياسة والتعليم ونمط الحياة. كان أقوى مثال على بروز هذه القوة الحديثة الحركة الطلابية في فرنسا عام 1968 التي سرعان ما ظهر مثيل لها في دول أوروبية كثيرة ثم في الولايات المتحدة. قيل وقتها إن أحد أسباب هذا الميل الجديد إلى التعبير الحر عن النفس بأساليب جديدة، خاصة بين الشباب، هو نفس السبب الذي أدى إلى ظهور المجتمع الإستهلاكي، وهو زيادة الرخاء وارتفاع مستوى الدخل إلى درجة أتاحت حجماً أكبر من الفراغ لدى الشباب، ما كان من الممكن لهم بدونه أن يمارسوا هذه الحرية الجديدة.
الكماليات... ضروريات
منذ ذلك الحين شاهدت النمو السريع في المجتمع الإستهلاكي عاماً بعد عام: المحلات التجارية تمتلىء بالسلع الجديدة من مختلف الأصناف، وتمتلىء أيضاً بالمشترين المقبلين على اقتنائها حتى أن بعض هذه المحلات التجارية مددت ساعات العمل فيها إلى 24 ساعة في اليوم. المنتجون يتفننون في ابتداع طرق جديدة للإعلان وترويج السلع. زيادة الميل إلى استخدام أوقات الفراغ (التي تزداد طولاً) في أنشطة تنطوي على انفاق أكبر على مختلف السلع والخدمات. لم يعد الرخاء يعني مجرد اقتناء المزيد من الطعام، بل أصبح يعني الخروج لتناول الطعام في المطاعم والمقاهي، ولم يعد قضاء يوم على شاطىء البحر يعني مجرد ارتداء لباس البحر وتعريض الجسم للشمس والنزول في الماء للسباحة، بل أصبح يتطلب شراء مختلف السلع التي لم تكن تعتبر ضرورية بالمرة فأصبحت لا غنى عنها، كالقوارب الخشبية أو المطاطية، الصغيرة والكبيرة أو المراكب النفاثة، أو الأدهنة المختلفة لحماية الجسم من أشعة الشمس، أو النظارات الشمسية الفاخرة والقبعات والملابس الخاصة بالجلوس على الشاطىء دون غيره، أو مختلف الأواني الملائمة لحفظ المشروبات ساخنة أو باردة حتى يأتي وقت شربها.. الخ. أصبح كل نشاط، من الذهاب إلى الشاطىء، إلى الانتقال إلى مكان العمل، إلى الاجتماع بالأصدقاء، بل وحتى القراءة والكتابة، عملاً "كثيف الإستخدام لرأس المال" (إذا استخدمنا المصطلح الشائع بين الاقتصاديين)، والمقصود هنا اقتران النشاط باستخدام سلعة مادية لم تكن تستخدم من قبل للقيام بنفس النشاط، الأمر الذي يستدعي بالطبع مزيداً من الإستهلاك.
الفعل صار اسماً
عبّر الكاتب الشهير (النمساوي الأصل) إيفان إيليتش (Ivan ILLich) عن هذا التطور تعبيراً طريفاً وصحيحاً عندما قال إنه في المجتمع الحديث (أو المجتمع الإستهلاكي) تتحول الأفعال (Verbs) إلى أسماء (Nouns). فالمشي من مكان إلى مكان (وهو فعل) يتحول إلى سيارة (وهي اسم)، وغسيل الملابس باليد يتحول إلى غسّالة كهربائية، وطهي الطعام يتحول إلى أجهزة الكترونية لا يحتاج طهي الطعام عن طريقها إلا إلى الضغط على زرّ أو زرّين، وتنظيف البيت يتحول إلى مكنسة كهربائية، والجلوس مع بقية أفراد العائلة لتبادل الحديث عما حدث خلال اليوم يتحول إلى تليفزيون ملون.. الخ. ***
كنت كلما ذهبت إلى انكلترا ثم إلى الولايات المتحدة، عاماً بعد عام ألاحظ اتساع المجتمع الإستهلاكي وانتشاره أكثر فأكثر، حتى اقتحم ميادين كان المفترض أنها أبعد ما تكون عن تشجيع الإستهلاك، كالمدارس والجامعات والمؤسسات الثقافية والأنشطة الرياضية. وتسابقت الشركات الكبرى، وهي أكبر المستفيدين من المجتمع الإستهلاكي، على غزو عقول الناس منذ نعومة أظافرهم، فرضخت هذه المؤسسات لما تمارسه من ضغوط، ففتحت المدارس والجامعات والنوادي الرياضية أبوابها للدعاية الإستهلاكية، وقبل الأبطال الرياضيون أن يرتدوا ملابس تحمل أسماء الشركات الشهيرة، بل وقبل بعض رؤساء الحكومات أن تستخدم شهرتهم للترويج لبعض السلع بعد خروجهم من الحكم.
آفات الإستهلاك
هذه الأمور كلها تبدو ثقيلة على النفس لأكثر من سبب، فالمجتمع الإستهلاكي يعامل الإنسان كمستودع للسلع (والبعض يقول كصندوق قمامة)، يقضي حياته في عملية لا تنتهي من الإمتلاء ثم التفريغ ثم الإمتلاء من جديد، ويصّور حاجات الإنسان كما لو أنها حاجات غير محدودة فلا يكاد يشبع حاجة إلا وتظهر حاجة جديدة، ويتنافس الناس فيه على إشباع هذه الحاجات ويقيمّون مراكزهم الاجتماعية على أساس حجم استهلاك كل منهم من السلع والخدمات. وانشغال الناس المستمر بعملية الإستهلاك لا بد أن يكون على حساب أمور أخرى كانت تعتبر في الماضي أجدر بالاهتمام، كتنمية العقل، أو خدمة الآخرين، أو الإستمتاع بالطبيعة، أو بناء علاقات اجتماعية أفضل.. الخ.
قلقهم فضيحتنا
ولكن عيوب المجتمع الإستهلاكي، وإن كانت قد وصلت إلى درجة مقلقة في البلاد التي نشأ فيها، وهي بلاد غنية تستطيع أن تتحمل التكاليف المادية للمجتمع الإستهلاكي، (ولو أنها تعاني من تكاليفه النفسية)، هذه العيوب عندما تنتقل إلى بلد فقير، كمعظم بلاد أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، لا تبدو فقط سبباً للقلق بل تكاد تشبه الفضيحة. إن ظاهرة المجتمع الإستهلاكي، كما تبدو في بلاد الرخاء قد تظهر لنا كتبديد سفيه للمواد أو انشغال بغير المهم بدلاً من المهم، ولكنها عندما تظهر في البلاد الفقيرة تتحول إلى مشهد مأساوي/كوميدي، وإلى قوة تعمل على تمزيق نسيج المجتمع وحضارته. ولكن هذا يحتاج إلى الكثير من التفصيل.
كالعادة جلال أمين من أكثر الكتاب الذين أخرج من كتبهم بفائدة كبيرة ونواحي جديدة للنظر!
1- "شاع استخدام العولمة بعد سقوط السوفييت، ومع ذلك فهو ظاهرة ليست حديثة.. فعناصره من ازدياد العلاقات المتبادلة بين الأمم في تبادل السلع والخدمات وانتقال رؤوس الأموال أو في تأثر أمة بقيم وعادات غيرها من الأمم.. كل هذه العناصر يعرفها العالم منذ عدة قرون بالأخص منذ الكشوف الجغرافية في أواخر القرن 14"
2- "كان أيضاً من ضمن المهام الخطيرة للدولة الغربية تفكيك النظام السوفييتي إذ لا يمكن ترك سوق بهذا الاتساع غني بالموارد الطبيعية والبشرية كسوق الاتحاد السوفييتي وأوروبا الشرقية خارج نشاط الشركات العملاقة"
3- "هذا مافعلته العولمة بالدولة: انحسار لقوة الدولة بصفة عامة من غير أن يعني ذلك أن الدولة المعاصرة ليست لديها وظائف جديدة عليها القيام بها لخدمة المصالح المسيطرة [مصالح الشركات الدولية العملاقة متعدية الجنسيات]"
4- "ومن الغريب أن القلق المتزايد داخل المجتمعات المتقدمة اقتصادياً من تهديد بعض أنواع الحيوانات نتيجة التكنولوجيا بالإنقراض لا يقابله قلق لثقافات الأمم المختلفة من الإنقراض نتيجة التكنولوجيا"
5-"التنمية كثيراً ما يقتصر نفعها على حل مشكلات لم توجد أصلاً قبل التنمية، الدولة الحديثة تقوم بتجميع المعلومات عن مواطنيها للقيام بوظائف كحفظ الأمن لأن الدولة الحديثة الجريمة فيها أكثر انتشاراً وتعقيداً، إن ملاحقة ثورة المعلومات قد تكون في جزء منها مجرد وسيلة لحل مشكلات ساهمت ثورة المعلومات نفسها في خلقها"
6-"إني أحب أن أذكر القراء بأن الثورة الصناعية في أوروبا قامت بكمية محدودة من المعلومات وأعظم المشروعات الإقتصادية كإدخال السكك الحديدية مثلاً تحققت دون حسابات دقيقة لما يسمى (العائد والنفقات) بينما مؤسسات التمويل الدولية حالياً تشترط تحليل العائد والنفقات للدول الفقيرة ولو كان المشروع المطلوب تمويله واضح النفع كإنارة قرية مظلمة "
7-" نحن نحتاج إلى معلومات أقل وحكمة أكبر، قد نحتاج إلى معلومات كثيرة عن تلوث الهواء ولكن الأرجح أن نتجنب تلويث الهواء أصلاً فلا نكون في حاجة إلى كل هذه المعلومات"
8-"كانت الروح الثورية في شبابنا تناسب ذلك العمر الذي كنا فيه نبالغ في قدرتنا على تغيير العالم ونظن أنه من السهل بين يوم وليلة أن نتخلص من كل ما نكره في نظامنا الاجتماعي أو السياسي، ومع مرور الزمن وتقدمنا في السن أدركنا أن التغيير وإن كان مطلوباً ليس دائماً بالسهولة التي كنا نتصورها، وأن هناك من الأشياء ما يستحيل تغييره كم أن هناك ما ليس من المستحب تغييره"
9-"كلما تقدمت التكنولوجيا كلما قلت نسبة المنتجات الضرورية في إجمالي الناتج وزادت نسبة المنتجات الكمالية، فاستهلاك الكماليات أكثر تأثيراً بالخيال ومجال الخداع به أكبر.. خداع النفس/الغير باستخدام مختلف أنواع الإعلان والترويج للسلع."
10-"الحرية الفردية إذن وإلى آخر مداها، هي الفلسفة الكامنة وراء وثيقة مؤتمر السكان والتنمية. ومن حق واضعي الوثيقة بالطبع أن يتبنوا من الفلسفات الاجتماعية ما شاءوا ولكن ليس من حقهم أن يقدموها للعالم وكأنها تعبير عن موقف إنساني عام!"
11-"إني عندما أشاهد فانوس رمضان وهو ينتشر وتزداد أحجامه وتتعدد ألوانه وترتفع أسعاره أتذكر ماحدث لشجرة الكريسماس في أوروبا وأمريكا وكيف أن الكريسماس والشجرة أصبحا في الأساس مناسبة للبيع والشراء ولتبادل الهدايا التي لا صلة لها بالدين، إن هذا الإعتداء ليس فقط على الدين بل هو أيضاً إعتداء على ثقافة الأمة إذ تزول بالتدريج العواطف التي ارتبطت بأعمال معينة في رمضان لتحل محلها فقط الرغبة في تحقيق المكسب!"
12-" شيئاً واحداً على الأقل لا تنخفض أهمية العالم الثالث في صدده، منظوراً إليه من العالم الصناعي المتقدم .. وهو أهميتنا كمستهلكين للأسلحة !"
13-"في حرب الخليج كان عدد البريطانيين الذين اشتركوا في القتال 43ألفاً ولاحظ بعض المتصلين بالجنود العائدين تكرر حالات الانتحار وأعمال العنف بين هؤلاء الجنود وعائلاتهم والاعتداء بالضرب على أقرب الناس إليه أو قيامه بالاعتداء الجنسي على الأقارب أو تهديده للأخ أو الزوجة بالقتل أو القيام بسرقات مسلحة أو الاستسلام لحالة من الهذيان المستمر أو شرب لا ينقطع للخمر"
14-" بعد أسابيع قليلة من غزو العراق للكويت ألح الصحفيون على جورج بوش أن يذكر لهم السبب الحقيقي لهذا التواجد الأمريكي الكثيف في منطقة الخليج، فقال لهم في النهاية إن الهدف يتلخص في كلمة واحدة : Jobs ! أي خلق فرص عمل أكبر للأمريكيين"
15-"والخصخصة التي تؤخذ عادةً بمعنى تغيير نظام الملكية من عامة إلى خاصة تعني في الحقيقة نقل الملكية من الدول (العربية) إلى الشركات (الغربية)"
16-" في عصر الاستعمار زادت مساحة الأراضي المزروعة ولكن ليس في الأساس بقصد توفير الغذاء لعدد أكبر من الناس أو لتحسين مستوى تغذيتهم وإنما لإنتاج كميات أكبر من محاصيل التصدير لتلبية المستهلك الغربي، أما الطرق والسكك الحديدية فقد أنشئت مصادر محاصيل التصدير بالموانئ التي سيتم التصدير منها"
إن للعولمة أبعاد مختلفة من التأثيرات و التوصيفات ولكن جلال أمين وضعها في حيز السوق و الشركات متعددة الجنسيات كيف للعولمة أن توثر على الهوية و العقيدة و كيف تتبنى الرأسمالية هذه المبدئ للإستهلاك أكثر مهما كانت السلعة ، توصيف الكاتب للأحداث التي نعيشها جيد جدًا و بسيط و هذا أكثر ما لحظته في كتابهِ بداية من احداث الستينات وصخب الموضة والشكليات الاذعة للعين إلى عصر المعلومات او كما يسميه الكاتب عصر الثرثرة ففي نظره نحن نعيش في عصر تكثر المعلومات و تقل الفائدة وينجب عن ذلك تشتت للذهن وهذا و كان الكتاب في عام 2001 فأين نحن اليوم ؟ ، لم يقدم الكتاب الحلول و شرح الكتاب ذلك في إطار بسيط إننا نعلم المشكلة لكننا لا نسلط الضوء عليها و المسؤولية لا تقع على أحد مُعين لكنها واجب على كُل إنسان الحروب و الثورات والنزاعات و الإحتلالات يراها الكاتب من أكثر الامور التي صنعت بلادنا اليوم ولولاها لكنا اكثر اختلافًا و اكثر تقدمًا وليس بضرورة في نظره أن التقدم هو في الأساس ان ننتج أكثر و يكون إقتصادك أقوى لأن ذلك يجعل من كل تقدم هو اللهث المستمر نحو الحياة المادية و الثروة الدنيوية دون قيمة حقيقية وكيف أن حتى الطموحات التي كنا نطمح لها قديمًا تختلف عن طموحات اليوم فنحن أمام إنسان أختلاف كليًا عن ما كان قبل 200 سنة وهذا أمر طبيعي على أي حقبة لما يمر بها من نزاعات إلخ ، في فصل " قصة إستغلال مطرد" يرى الكاتب أن التقدم الذي احرزه الغرب في الدول العربية كان بدافع تقدمهم هُم من سكك حديدية للتجارة و توصيل السلع إلى إستيراد الخضروات و المزروعات وقتها و أن ما انعكس علينا من تقدم تكنولوجي كان قبيلة الصدفة و المنفعية البراغماتية البحتة من طرف الغرب لزيادة رؤوس أموالهم و الإنتفاع لبلادهم وهذا أمر واضح طبعًا فحتى نبوليون مثلًا كان يقول أنه مسلم عندما ذهب إلى مصر و كلنا نعرف ما فعله بالمساجد في مصر و المدنين ايضًا ! ..الكتاب ناقش عدة قضايا في اجزاء بسيطة و سلسة وتوصيفه جدًا أعجبني رغم اختلافي في بعض المواضيع من التي تحدث عنها و أرى عكسها تمامًا لكن لا يزال يستحق القراءة بلا شك للإطلاع على ثقافة السوق و إسلوب الترويج الحال .
تحذير: قراءة هذا الكتاب ستغيّر نظرتك إلى كثير من مجالات الحياة وبالتالي ستشعر بغربة مصحوبة بإحساس الواقف خارج خط الزمن... انتهى التحذير! قيل أن أفضل وسيلة لإقناع شخص بشيء ما هي إيهامه بأنها فكرته، أزعم بأن المؤلف نجح في ذلك لدرجة أنني أصبحت خلال قراءتي أتبنى أفكاره المذكورة في الفصول التي تليها!
السياسة والاقتصاد والإعلام وحتى والرياضة هي جوانب التهمتها دوامة العولمة وحولتها لسلع للإنتاج والإستهلاك. يأخذك الكاتب في رحلة عبر هذا الكتاب ليوضح لك أن كثير من المسلّمات والبديهيات هي أمور طرأت علينا حديثاَ. يبيّن المؤلف أن نبرته في هذا الكتاب متحاملة على العولمة - وحق له ذلك - حيث يركز بشكل كبير على الوجه القبيح للقرية الصغيرة. العولمة جعلت العالم قرية صغيرة ولكنها في نفس الوقت أذابت ثقافات الشعوب، فمكعب الملح يحتفظ بطعمه في الكأس الصغير ولكنه يضيع إذا ما ألقي في البحر، وكذلك الثقافات وهويات الشعوب!
يكشف لك هذا الكتاب الرائع عن ما هو امعنى العولمةو ليس هذا فقط ولكن يزلزل لدينا عقائد الوهم المتمثلة في الشركات المتعددة الجنسيات والتقدم افلتكنولوجي والتصدير والاستيراد
حقا ان هذا الكتاب من اهم واقيم الكتب التى قرأتها في حياتى
اول كتاب أقراه للمفكر العظيم جلال أمين .. عجبنى الكتاب بشدة لما يحتويه من التعريف و التحذير من مخاطر العولمة و إغتيال هوية الأمة بستار ثورة المعلومات و التكنولوجيا و غيرها من المصطلحات الأخاذة الكتاب مهم و حتماً سأرجع له مراراً .
ربما في بعض النقاط لم يكن جلال أمين قادراً على إقناع البعض في أفكاره ولكن فهمه للواقع و طريقة تحليله و تفسيره للأمور تجبرنا أن نعيد التفكير في كثير من جوانب الحياة في هذا العصر " عصر السوق والبذخ الغير مبرر " كتاب يستحق أكثر من خمس نجوم :)
واحد من أفضل ما كتب جلال أمين.. في يوم ما استيقظ "س" من نومه او ثباته العميق ليري ان وصل اليه العالم لا يسر لذلك التف بوسادته من جديد وأقبل على النوم وهو في حالة من الأحلام المرعجة او التي يجدر تسميتها بالكوابيس... من وسائل الإعلام التي يستخدمها الاستثمار "في كل شيئ من أجل الربح" التي ابيحت فيها كل وسائل الكسب من إهدار الفطرة والتجني على الأخرين انسانيا وخلقيا وهذا نتيجة لحضارة السوق... ولكن مهلا مهلا ما هي العولمة اصلا وكيف نشأت وكيف تؤثر علينا ومنذ اي حين ظهرت؟ في الحقيقة العولمة موجودة منذ القدم لكن ظهورها وتأثيرها زادا بشكل كبيير واضح في في آخر ٥٠ سنة يشرح لك الكاتب العولمة والرأسمالية وما العلاقة بينهما.. وهل تصدق ان وقت الفراغ هو سبب إضافي لظاهرة العولمة؟ وكيف دخلت الرياضة هذا العالم العولمي.. الإستهلاك كنتيجة حتمية لهذه القرية العالمية الكبرى، تآكل الحضارات والثقافات أمام المد الجارف من اللاثقافة او ثقافة العولمة ..... مشكلتي في هذا الكتاب إنني لم اتناول كما يجب فهو بالنسبة لي اول الكتب التي تتحدث عن هذه الظاهرة لذلك فلم اخرج بفكرة عامة متماسكة على النحو الأمثل بعد قراءة الكتاب لذلك أكتب هنا لنفسي قبل أي شيئ ما أتذكر وما علق بالذاكرة: الإستهلاك والمجتمع الإستهلاكي ان لم تقدر . على تغيير الواقع فعليك بفهمه على الأقل العرب وكيف تأثروا بالعولمة من الغرب قديما ومن أمريكا حاليا في النظرة للرفاهية والإقتصاد والتصنيع والكسب التقدم التكنولوجي الحديث هو كغريزة في الإنسان لتسهيل الحياة الي ابعد مدى وهو لن يكف او يتوقف فحجات الإنسان "الكمالية" لا تتوقف نظرا لإرتباطها بخيال الإنسان نفسه، وكيف تعمل وسائل الإعلام والمستثمرون على جعل الكماليات ضرورات لابد منها ماذا عن ثورة المعلومات؟ وفائقية الإتصال بطن الناس وسرعة التنقل يسمى المؤلف ان هذا هو ثورة المعلومات التافهة او عصر الثرثرة فما الفائدة من أن تعلم أن مبارة الاهلي و الزمالك اليوم او ستلغي او ان هناك تصريحات يخرجها لاعب او آخر او ان هذا قد ضاع منه سرواله .. وكذلك الحال بالنسبة لي على الواتس اب والفيس حتى مهما بدا لك من فائدة فهي سطحية لا تبني علما ولا تثبت فطرة بل بالعكس فإن الضرر أعظم واخطر نتيجة لتكدس هذا الكم الهائل من المعلومات الصفرة او السالبة لتحمل معلومات نافعة يكسب بها الإنسان تقدما في ادنيا او الأخرة والتقدم هنا بالمعنى الذي بتوافق مع شريعة الله ليس بإنفاق الأموال لمشاريع مبهرة الغابة فيها الإبهار والتخدير كما تفعل النظم الظالمة ذات الديكتاتورية الناعمة أحيانا واشرسة في الأخرى اذن فقد يكون الجهل نعمة بل في عصرنا هذا هو أفضل ما يكون من العلم الضار المنشر....
بدأت قصتي مع المفكر جلال أمين بكتابه "ماذا علمتني الحياة؟" الذي ما تركته حتى انتهيت منه في غضون ٣ أيام.. وأعدت قراءته مرتين ولا زلت أعيش تحت تأثيره فهو من الكتب التي تغادرها ولا تغادرك.وقد كتبت عنه هنا في صفحتي. وكعادتي عندما أحب كاتبًا أبدأ بملاحقته في أروقته المختلفة التي كتب بها،فوصلت لكتاب العولمة دراسات في الاقتصاد و الاجتماع والسياسة.. جلال أمين ابن الأديب المؤرخ الكبير أحمد أمين يكتب بروحه الخفيفة الظل و حرفه الذي يغوص في أعمق الإشكاليات المعقدة ويقدمها للكاتب كوجبة سهلة مشبعة ومقنعة في كثير من الأحيان.. اتفقت معه واختلفت معه لكن لن أنكر أن الكتاب يشبه مذكرات لعالم اقتصاد كبير أحبّ أن يدّون للمهتمين خلاصة تجربته وآرائه و رؤاه للحالة الراهنة التي تمرّ بها الأمة العربية .. أكثر فكرة استوقفتني بالكتاب كيف أنّ التقدم التكنولوجي استخدم كأداة للقهر و الإجبار بالتراضي ، فمجرد أن يصبح الشيء ممكنًا يتحول لشيء مرغوب فيه بغضّ النظر عن حاجتنا الحقيقة والماسّة له! " دقة التصوير ، سرعة الانترنت، تنوع النكهات، تنوع الشركات المنتجة لسلعة واحدة " ، كل هذا جعل السباق محمومًا على شيء هو في الحقيقة لم ولن يكون يومًا من ضرورات الحياة .. و أن تطوير الإنسان للتكنولوجيا تجاوز استعداده و قدرته الطبيعية على التحمل مما هدد توازنه النفسي و المادي وهذا يزداد كلما ازداد التطور المادي والتكنولوجي.. * أرفقت فهرس الموضوعات في الصور على الهامش : توفي جلال أمين نبي الطبقة الوسطى منذ عامين فقط قبل ذكرى ميلادي بيومين تاركًا وراءه إرثًا فكريًا لا يقدر بثمن .. #كتب#قراءة#جلال_أمين #العولمة#كتاب#مكتبة#قراءة#الحظر
أول نقطة تثار بصدد هذا الكتاب أنه نشرت أول طبعة له في عام 1998م فترى أن الكاتب الباحث الرائع د.جلال أمين يكره الهاتف المحمول لأنه مظهر من مظاهر الثرثرة وأنه يرسم ملامح حضارة أخرى أرادت من كل شيء أن يكون سريعاً.تستطيع بسهولة أن تتسع في أفكار د.جلال أمين لتفهم العالم اليوم هناك أفكار كثيرة يتحدث الكتاب عنها، يمكن تلخيصها في أن الحضارة الغربية قائمة على مبدأ الإنتاج والإستهلاك وأنها من أجل ذلك المبدأ أسست علاقاتها مع شعوب العالم المختلفة. الرغبة في زيادة الربح وإستغلال كل شيء لزيادة ربح الجيوب شيء مخزي. أن ينحدر قيمة الإنسان لدرجة أن يكون كل الفائدة منه أن يستهلك أكثر، ينتج أكثر، يزيد من رصيد بنوك الشركات العالمية والسلطات التي تشرف على عملية التنمية الإقتصادية هذه. أن يكون كل ما يغرس في العقول والقلوب هو أن الحضارة يجب أن تكون بنفس ملامح الحضارة الغربية بل بنفس أدواتها ونفس قيمها ونفس حجم السلع التي تُباع وتشترى.ز بل بنفس قيم السلع ومعناها في الحياة. والآن تكتظ أوقاتنا بمواقع التواصل الإجتماعي، اليوتيوب والواتساب والانستجرام والسنابشات في تفاهاتهم المتتابعة، واستغلالهم لعقول الناس ودفعهم الى تفاهة تتبعها تفاهة.. وتزداد الإعلانات، ويزداد إستغلال معلومات الناس وما يحبون وما يكرهون لنستخدم كل ذلك توجيه الإعلانات، وزيادة الإستهلاك بل أن ينغمس الناس في الإستهلاك حد الإرهاق. عندما تتأمل كيف يستخدم الفيسبوك، أو جوجل معلومات تصفحك لأن يقترح عليك منتجاً معيناً. عندما يطلب منك موقع تتصفحه بأن لا تحجب الإعلانات لكي “يسترزق”. تشعر أن لا قيمة لك وبالتالي لا قيمة لأن تستفيد من المحتوى ولا ما إن يعرض. كل ما يهمّ هو أن تأتي، تزيد نسبة المشاهدة، لكي يكتسب منك.. أي يستفيد منك بأي شيء. عندما تتأمل أن هناك في حقبة من حقب الزمان ظهر مجموعة من الرجال كانوا ينفقون بسخاء ويدفعون في حق الرقيق المال لشيء واحد هو أن يشعر الإنسان بقيمته، أن يوحّد الله، وأن يستطيع أن يعبده بدون قيود. لم يكن يطلبوا منه في المقابل أي شيء. لم ينتظروا منه أن يزيد من رصيد أموالهم ولا أن يهلل لهم ويكبّر حين الإنتخابات. لم يطلبوا أي شيء..لقد فعلوها عبادة لله. التكنولوجيا الآن ليس فقط تتدخل في حياة الناس، بل تحدد لهم السلوك الذي يجب أن يمارسوه. تقهرهم بشكل ما عندما تفكر فكرة تافهة أخبرنا بها، عندما لا تفكر أخبرنا أيضا عندما فقط تشعر أخبرنا. عندما تتزوجوا أشهروا ذلك على مواقع التواصل الإجتماعي، عندما تتخرجوا أشهروا ذلك، عندما تلتقوا وتتشاجروا أشهروا ذلك. أختزلت حياة الناس إلى تايم لاين، وأختزلت علاقات الناس إلى مجموعة لايكات وتعليقات. وأصبح الكل متشابهاً فيما يفعل مع إختلاف الملامح البشرية. الكل متشابها يفعل مثل الآخر تماماً لا إختلاف! هناك مشكلة أخرى للتكنولوجيا، مشكلة إستغلالية فهي تنتفع منك. ولا شيء سرّي في هذا.. وعلى الرغم من ذلك نمارس جميع حياتنا عليها في حين أننا يمكن أن ننتشاجر مع بشريّ أراد أن يستغلّنا لصالح مصلحته الخاصة.. وسائل التواصل الإجتماعي تستغلّك، فالملاين التي تربحها بسببك؟ ولماذا لأنها تبيع معلوماتك إلى أي أحد يريد أن يسوّق منتجاته. بل تستخدمها في سبيل ذلك. هي لا تريدك أن تكون أفضل، ولا تريدك أن تنتفع بأفكار الآخرين ولا أن تنفتح على ثقافات أو أي شيء آخر. كل هذا جانب من القصة أو ما يبرر كل الإستغلال الذي يحدث ويربحوا على أكتافك الكثير، وأنت؟ لا. إنهم لا يفكرون فيك حتماً. أنت قوة إستهلاكية. التكنولوجيا يمكن أن تكون أداة بعيدة كل الإبتعاد عن الإستغلال أو عن التربح. يمكنها بالفعل أن ترقي من وجود الإنسان ومن تفتحه على أفكار وآفاق الآخرين. يمكنها أن تشبع فضوله في التعلم والبحث، ويمكنها أن تجعله يُبدع ويحافظ على رونق عقله وصحته. هذه التكنولوجيا عندما تتحول فقط إلى أداة لزيادة الإنتاج للتربح وفقط. ذلك في الحقيقة قٌبح. كلّ ذلك تم الإشارة إليه في الكتاب وبإستفاضة ولكنه لم يناقش مواقع التواصل الإجتماعي. ولكن هي نفس أفكار الغرب التي لم تتغير بل تفشت فينا حتى أصبحنا معتادين. بل حتى أصبحنا نعرف قبح مايفعلون ومع ذلك لا نتحرك أو نتمرد أو نصنع جانباً آخر جميلاً! قد نقبل القول أن التقدم العلمي حتمي، أو حتى إن تطوير الثقافة أمر حتمي، إذ كلاهما يعبر عن نزعة طبيعية لدى الإنسان للإستكشاف وحب الإستطلاع وتخفيف ما يتحمله من مختلف صور العناء. ولكن قبول هذا أو ذاك كظاهرتين حتميتين “لا يلزمنا” بقبول الحضارة الغربية كظاهرة حتمية. فمن الممكن مثلاً بسهولة أن نتصور تقدما في العلم والتقانة، من دون هدف تحقيق أقصى ربح، أو هدف تعظيم الناتج, أو هدف تحقيق أقصى قدر من السيطرة على الطبيعة، أو تحقيق أعلى درجة من استقلال الفرد، أو أقل درجة من الإيمان بالميتافيزيقا..إلخ. وهذه كلها من السمات الأساسية للتقدم العلمي والتقاني الغربي. والزعم بغير ذلك ليس إلا إعترافا بقصور خطير في الخيال، بل إنه يتضمن توجيه الإهانة إلى الجنس البشري لأنه يفترض أن الإنسان غير قادر على تحقيق شيء أفضل من ذلك.