بدأ حسن مطلك بهذا الكتاب حال انتهائه من روايته المعروفة (دابادا)، ولم ينهه، لأن حياته قد انتهت بإعدامه شنقاً، وبلا شك فإن تجربته في إعادة كتابة (دابادا) خمس مرات، هي التي دفعته لإعادة فتح الأسئلة المتعلقة بالأدب عموما وبالرواية على وجه الخصوص؛ "ما هي الكتابة النثرية؟ لماذا نكتُب؟ مَن هو الكاتب الحقيقي؟ ما جدوى الكتابة الأدبية؟ كيف يمكن الربط الإدراكي بين الحياة في النص والحياة كما هي؟ لمن نكتُب؟ مَن القارئ؟ ما القراءة؟". "إنني أتوخى أن أصل إلى علم للرواية من خلال فهم تفاصيلها. متى وكيف ولماذا عليّ أن أستخدم هذه الجُملة وقياساً إلى أي زمن؟". فكان يدوّن أفكاره ويقرأ ويناقش أفكار غيره، بالتوازي مع مواصلته لكتابة نصوصه الأخرى، ومنها روايته (قوة الضحك في أُورا). يشغله الصدق مع النفس ومع الكتابة، فهو القائل: "أنا والكتابة شيء واحد". وها هو عبر هذا الكتاب، يدلّل لنا على ذلك: "لو كان الأمر يتعلق بمشكلات اللغة ونظامها المعقد لأمكننا أن نجد عشرات المقاييس المنطقية التي افتُضِحت بجهود (سوسير) وغيره، ولكنها تتعدى ذلك إلى الفعل المصيري للكتابة، أن تُفنى حياتنا في مشكلات (الرواية) حصراً". "فالروائي الحقيقي هو الذي يضع احتمالات وحلولاً روائية لحياته، لسلوك زوجته، يطرق باب الجيران على طريقة زوربا، يعشق على طريقة بتشورين، ويصعب عليه الفصل بين ما يَكتُب أو يَقرأ وما يعيش". يبدو ما دوّنه بمثابة مدخل لما كان يأمل التأسيس له؛ (الواقعية المُطلَقَة)، فيعلن عما أسماه: "مشروع لبيان فردي ضد مناهج القرن التاسع عشر الأدبية". ويُسمّي ما قام به: "تأملات" عن وعي وإدراك، فيقول: "إني لأرجو أن تكون تأملاتي قابلة للدحض، مع ذلك لن أرفض التأييد". وهي تأملات تستحق منا تأملها بكل جدية ومناقشتها.
حسن مطلك روضان . - ولد في قضاء الشرقاط – قرية سديرة عام 1959. - عاش في كنف عائلة ذات ماضي عريق في الزعامة العشائرية وثرية بعطائها للادب الشعبي. - اكمل دراسته في قريته وفي الشرقاط. - حصل على شهادة بكالوريوس آداب من جامعة بغداد. - نشر الكثير من قصصه القصيرة في الصحافة العراقية، وكتب عنها نقاد متميزون. - ارتبط بصداقات حميمة مع الوسط العراقي وكان حاضراً في المشهد الثقافي والادبي وفي الندوات التي يقيمها اتحاد الادباء والكتاب العراقيين. - فاز بالجائزة التقديرية للقصة القصيرة عن الحرب العراقية – الايرانية. - صدرت له في بيروت رواية "دابادا" التي احتوت دلالات فلسفية عميقة جعلت منها مادة خصبة للمناقشات والتأويلات الأدبية وكتبت عنها الصحافة العربية كثيراً وتناولها النقاد بالمديح والثناء وصدرت بعد وفاته... وله عدة روايات ومجاميع قصصية مخطوطة أهمها رواية قوة الضحك في اورا التي صدرت عام 2004. - عام 1990 أشترك القاص والروائي حسن مطلك، في ثورة 6 كانون المعروفة بحركة النقيب سطم، ، فتم القاء القبض عليه وحكم بالاعدام . - كتب عنه الناقد جبرا ابراهيم جبرا، والشاعر عبد الرزاق عبد الواحد، والناقد عبد الرزاق الربيعي وعشرات غيرهم.. رحم الله الشهيد الروائي حسن مطلك
كتاب رائع ومهم جداً بالنسبة لكل شخص مهتم بالسرد وشخصياً أرى المرحوم حسن مطلك عقلية ثاقبة سبقت عصرها وعمرها بعشرات السنين. الكتاب ينم عن عقلية واعية وعميقة الفهم بالنسبة للرواية وقد رؤيته بطريقة تجمع ما بين الرواية كفن وفلسفة وعناصر ضرورية عرضها بطريقة عملية واكاديمية مثل المكان والزمان والشخصيات
"لم تكن الرواية قد ادعت يوماً على أنها قادرة على الإجابة عن أسئلة الإنسان."
"لكل أديب، بالدرجة الأساس، دور استفزازي مستمر لصالح الوعي، لأنه من الخطأ أن يُسخّر الأديب نفسه للأدب في حد ذاته، قبل أن يسخر أدبه ونفسه لصالح الوعي، الأدب لأجل الإنسان بالدرجة الأساس."
"إن الوظيفة الأساسية للأدب هي أن تجعل الإنسان يتحسس مكانه في الوجود، وتجعله يعي هذا التحسس، إنها وظيفة إدراكية تصويرية بحتة، وليست وظيفة حلول مقترحة."
كتاب مذهل..فلسفي وعميق، يجزء كل ما هو متعلق بفن الرواية ويحلله ويتعمق به جالبًا لحظات من تاريخه وما يمكن أن يحدث في الرواية، كتاب حيوي يجعلك تدرك الرواية العربية الحديثة وتدرك مهنة الكاتب وواجباته.
كل كلمة في الكتاب ليست مجانية كما يقال، بل رغم صغر الكتاب إلا أنه يجب إعادة قراءته، فحتى في القراءة الأولى له كنت أعيد قراءة بعض الفقرات والسطور مرة تلو الأخرى لأدرك مقصده، أنها فعلاً تأملات عليك أن تفكر بها لتستوعبها. الكتاب هدية لا تنسى🤍
الكتابة وقوفًا هي أحد تلك الكتب التي تجذبك عناوينها وقد تصل لدرجة توقعاتك في البداية ولكن لسببٍ ما تسوء بعد ذلك. مما فهمته أن الكاتب حسن مطلك قد توفي قبل أن ينهي الكتاب فقام أخوه بنشر ملاحظات حسن مطلك وتحريرها للقراء. المشكلة أنها صعبة الفهم، أريد القول أنها لغة أكاديمية ولكن اللغة الأكاديمية تُفهَم بعد المحاولات ولكن في هذا الكتاب شعرت بأني أدور في حلقات لا معنى لها. وفي كثير من الأحيان تكررت النصوص واحتاجت الكثير من التحرير.
وجدت نظرة حسن مطلك للأدب بديعة وتستحق القراءة (رغم التكرار المريع) واقتبست من هذا الكتاب الكثير من النصوص الملهمة، فهو ليس بذاك السوء 💌
لطالما كنت مهتما بالقراءة حول الرواية، ولست مهتما بقراءة الرواية نفسها.
إنني استمتع بتشريح النص وتفكيكه ومحاولة الغوص داخل الجسد الروائي.
وأنا في المطار صادفت كتابا لأول مرة أعرف صاحبه (حسن مطلك) وهو يقف بطوله الفارع كغلاف للكتاب.
استمتعت كثيرا مع فرجينيا وولف في كتابها (رسالة إلى شاعر شاب) وكيف كانت عينها ناقدة فاحصة للعمل الروائي والشعري أيضا.
فأحببت أن أعيد هذه التجربة مع حسن مطلك.
حسن مطلك اسم لم أسمع به من قبل ربما لقصور في اجتهادي بالبحث عن المبدعين، وحينما تصفحت الكتاب واقفا في المطار دهشت لهذه اللغة السامقة الباذخة، وإلى هذه النظر الثاقبة للأدب وللرواية وللحياة بأسرها.
بحثت عنه وعن سيرته وكانت نهاية مسيرته الحياتية حزينا؛ لأنه أُعدم لخروجه على النظام العراقي عام 1990.
لقد تحدث في بداية الكتاب عن الوعي بالكتابة وكيف أن الوظيفة الأساسية للأدب هي أن تجعل الإنسان يتحسس مكانه في الوجود، ويقول إن أدب لا يتناول مشكلات الإنسان الأولية في العالم، ويكتفي بتطوير حياة زائلة، هو أدب زائل بزوال الشرط التاريخي للمشكلة.
ثم يعرض للأدب والفلسفة ويقول أن الأدب هو خيانة للفلسفة، ولذلك هو أدب، وبالمقابل فإن الأدب لن يكون أصيلا إذا ما قطع علاقته بالفلسفة.
ثم يقول عن الفلسفة (وكيف يمكن أن نصدقها بعد أن خانت نفسها على يدل (كارل ماركس) إذ تحولت إلى أيديولوجيا، وتحولت إلى علم على يد آخرين. لم تكن الرواية قد ادعت في يوم على أنها قادرة على الإجابة عن أسئلة الإنسان).
ثم يعرض لمسألة مهمة جدا وهي مسألة الاقتناع بأهمية الأدب، وأننا لسنا جادين أبدا في كتاباتنا وفي قراءاتنا وحتى في تفكيرنا.
(يبدو أن الخطأ الذي نرتكبه في الكتابة، هو أننا نمارسها في وضع الجلوس، ولو جربنا أن نكتب وقوفا، وفعل الوقوف يتجاوز معناه الشائع..أقصد أن نتلقى العالم بشكل طولي).
الكتاب مليء بالدقة والجِدّة والتمحيص والتحليل وفهرس الكتاب يدل على ذلك فيشمل من المواضيع: الوعي بالكتابة، الأسئلة الروائية، المكان في الرواية، مشكلات الزمن في النص بين الانتظار وفوات الأوان، والشخصية والراوي، والشكل والقراءة والواقعي والخيالي والواقعية المطلقة وقوة الأدب، وملحق أفكار وملاحظات.
وكذلك الكتاب زاخر بالأسئلة الموجعة والفاحصة، وعليه أرى أن هذا الكتاب مهم جدا لأي روائي خبيرا كان أو يافعا؛ لأن هذا الكتاب لن يعطيك السمكة، ولكن سيعلمك الصيد حتما.
الكتاب من منشورات تكوين والرافدين من إعداد وتقديم د.محسن الرملي، الصادر في عام 2022 ويقع في 172 صفحة.
"إن اللحظات التي تمضي من الحياة دون أن يرصدها الأدب، هي لحظات ميتة، ستمضي نحو العدم حاملة معها حالة توتر حساس لصالح الوعي، في تاريخ الشخص أو مجموعة الأشخاص. وهي إذاً، هذه اللحظات تشكل في ماهيتها، حالة اختيار أو نفي أو انسحاق، أو قرار بمثابة موجه في البحر، ترصد منطقة ظلت ميتة على الدوام داخل الوعي. إن الإشارة الأدبية إلى هذه المنطقة - اللحظة، تعني أننا نرفض أن يكون جزءا منا ميتاً موتاً سرطانياً داخل الموجود الإنساني الذي يرفض بكل شدة أن يكون منسياً، أكثر من رفضه من أن يكون ميتاً لذا فإن الخطاب الأدبي يُذكرنا بأننا على قيد الحياة "
ان افكار الكتاب معقدة و لا أستطيع القول انني فهمتها بشكل كامل الا أن اسلوب اللغة اسرني و ارى ان الكتاب ليس عن الادب فقط بل عن الفن و الحياة عامة و ربما لو عاش حسن مطلك لكان الكتاب اكثر وضوحا لأنه مجموعة تأملات غير مكتملة .
أنا طول الكتاب ده عندي سؤال واحد فقط؛ لو كان ربنا طوّل في عُمر حسن مطلك؛ كان هيوصل لإيه؟ كم تساؤلات وتفصيص للبنية الرّوائية والرّؤيوية، والسّرد والزّمان والمكان والشّخصيات وجدوى الكتابة. كورس كتابة مكثف، صعب جدا، محتاج تركيز مع كل صفحة، حقيقة يعني أنا ممتن للدار إنها أتاحت كتاب مهم زي ده.
ادري انك كيان يحتوي العالم،والعالم يحتويك،فلا تقل انك في ازمة طالما انك تستطيع ان تتحدث فباللغة تخرج من شرفة الذات لترى العالم. إنك "ترى بواسطة اللغة" ولغتك هي مثول في صميم العالم.
هذا الكتاب هو عبارة عن تأملات وأفكار الكاتب العراقي حسن مطلك والتي لم تكتمل بسبب إعدامه في عام ١٩٩١. الكتابة وقوفاً! وصف غير مألوف لغعل الكتابة، فالراسخ في أذهاننا أن الكتابة فعل يستوجب الجلوس والهدوء والإنعزال عن العالم، إلا أن الكاتب كان له رأي آخر، فهو يرى أن الكتابة فعل يستوجب النشاط ويحمل دلالة على مقاومة الكاتب للواقع والقيود التي يفرضها على نفسه أو يفرضها ع��يه غيره، كما أن الكتابة مسؤولية كبيرة تتنافى مع الجلوس. في هذا الكتاب يتعمق الكاتب في جوهر الكتابة ويطرح أسئلة جوهرية قد تبدو للقارئ سهلة أو معروفة إلا أنه ما يلبث أن يغير رأيه ويراجع نفسه وهو يقرأ ما يطرحه الكاتب. لماذا نكتب؟ ما هي الرواية؟ المكان والزمان في الراوية، الشخصية، اللغة، مسؤولية الكاتب، وغيرها من الأفكار التي تناولها الكاتب وناقشها بتعمق شديد وتفاصيل دقيقة، ولعل رحيل الكاتب المبكر حال دون إتمام أفكاره وتأملاته. الكتاب بأفكاره ولغته مناسب للمتخصصين في الكتابة أو المهتمين في هذا المجال دون غيرهم، إذ أن أسلوبه ولغته في أجزاء ليست بالقليلة عالية، بالإضافة إلى أن أفكاره عميقة ومتقدمة. لست أهلا للقول أن هذه التأملات قد طرحت من قبل في أي كتاب غير هذا أم لا نظراً لقلة إطلاعي على كتب في هذا المجال، لكني وجدت جوانب غير تقليدية حول الكتابة.
تأملات شخصية للكاتب، فلسفية في أصلها رغم تحامل الكاتب على الفلسفة. يطرح الكاتب أسئلة عن المعنى، وعن معنى الرواية، وعند التفكير باستخدام "معنى" كمفتاح للاجابة عن سؤال، يدخل الانسان في السياق الوجودي، وبالتالي الفلسفي، فجاءت التأملات وجودية/فلسفية رغم رفض الكاتب إقحام الفلسفة في آراءه عن الرواية، ورفضه إقحام الفلسفة في الرواية.
بدأ الكاتب بكتابة النصوص التي ضمها الكتاب عام ١٩٨٨، عن عمر السابعة والعشرين، الكاتب اشتغل على الكتاب اشتغال الطالب على البحث الأكاديمي، قابل للنقاش في عدة مواضع في أول فصلين، (الوعي في الكتابة) و (الأسئلة الروائية)، دار بعضها في حلقات مفرغة، وأعتقد ان الكاتب كان يعي بأنها حلقات مفرغة ورغم ذلك دار مطولا فيها، ولا أعرف لماذا فعل ذلك، كان الأمر كطرح الافكار لمجرد طرحها فكانت تصل إلى نهايات مسدودة، حيث كانت عملية معالجة الأفكار بالتأمل ثيمة أول فصلين.
يتطرق الكاتب إلى نقطة مهمة يتجاوزها سريعا، وهي تعرض الرواية للكثير من التجريب. هذا التجريب مستمر باستمرار الرواية، لانه حقيقي كحقيقتها التي ليس لها حقيقة واحدة، فما هي الرواية؟ ما يريد لها الروائي أن تكون، طالما يتمسك ببعض الأدوات الاساسية التي تجعل من الرواية رواية، ولا أتحدث هنا عن المدارس الروائية، لكن عن الفروقات الفنية بين الرواية والنص المسرحي، النص السينمائي، القصة القصيرة، وغيرهم من فنون الحكاية.
في الفصول اللاحقة عن المكان والزمن، الشخصية والقارىء والروائي، كان فيها التركيز على النص نفسه، شكله وصوته وأسلوبه، فاتخذ الكتاب منحنى أدبي يشبه قصده، ووجدت شمولية في المفاهيم المعروضة للطرح والنقاش من ناحية الأساس والمصدر والمثال، وفي الأفكار من ناحية الجدوى. بدا الكاتب شغوفا بهذه الجوانب الفنية للرواية وقدم لنا بهذا الشغف فصولا مصبوغة بحس أدبي مهتم بالعملية الفكرية كما الفنية حتى نهاية الكتاب.
الكتاب قراءة عابرة فوق حدود الزمن، تجربة "تحسست بها مكاني في الوجود" كما يكتب الكاتب في وصفه لوظيفة الأدب، وهذا كتاب كله أدب. ومن صفحة ٢٩، أقتبس: "ان الاشارة الأدبية إلى هذه المنطقة-اللحظة، تعني أننا نرفض أن يكون جزءا منا ميتًا موتًا سرطانيًا داخل الموجود الانساني، الذي يرفض بكل شدة أن يكون منسيًا، أكثر من رفضه أن يكون ميتًا"
ألف رحمة ونور على روح كل تضحية ضحت من أجل معنى إنساني سامي سمت به نحو السماء، إن الأرض تتذكر
«إنَّ هذا النصّ يشبه الاستماع إلى حسن مطلك وهو يفكّر بصوتٍ عال» .. كما قيل في التقديمِ لهذا الكتاب. كنتُ سأضعُ له 4 نجوم؛ لأنَّ اللغة في بعض المواضع هنا قد قَصُرت قليلًا عن بلوغِ الصواب، ولغموضِها في مواطن أيضًا. لكني تذكرتُ أنَّ هذا الكتاب مجموعُ (تأملات) نُشِرت بعد وفاته، وأنَّ حسن مطلك ابتدأها ولم يتمّها؛ لأنه أُعدِم! وهو الذي اعتيد منه إعادة النصّ خمس مرات، وأكثر، كما فعل في إحدى رواياته، من هنا أتممتُ النجمة الخامسة.