ماذا لو هناك جزيرة كل سكانها توائم ملتصقة؟ على جزيرة للتوائم الملتصقة تقع في مكان ما وزمان ما، كل أبطالها يبحثون عن شيء ما. يأخذنا الكاتب عبر أحداث ذات طابع أسطوري مليئة بالسخرية والتشويق وشخصيات لاتنسى نعيش مغامراتهم في البر والبحر ليطرح اسئلة ملحة عن ماهية الوجود الإنساني. والشعور بالوحدة، وكيف يمكن للإنسان أن ينفق عمره بحثًا عن السعادة الكاملة. أحداث تبدو مضحكة في ظاهرها بينما فيما يحمله معناها شيء يستحق التوقف والتأمل. ابتكر الكاتب في جزيرة إلخ إلخ عالمًا خرافيًّا متكاملًا مستقلًّا؛ له ثقافته ودينه وتاريخه وسياسته وجغرافيته واقتصاده وأحلامه، بطريقة كلام مختلفة، والاهتمام بصغائر الأمور لا بكبائرها والمصيري منها. جزيرة إلخ إلخ هي نافذة على أرواحنا المختبئة، عدسة مكبرة لما يحدث داخل رؤوسنا من ازدواجية وهواجس ومخاوف وعبث في بعض الأحيان.
مينا عادل جيد كاتب مصري من مواليد المنيا عام 1990. تخرج في كلية الآداب قسم الإعلام بجامعة المنيا، وحصل على دبلوم الدراسات العليا في التنمية الثقافية بجامعة القاهرة. كتب في عديد من الصحف والمجلات والمواقع المصرية، كان آخرها جريدة «الأهرام ويكلي»، وعمل مُعِدًّا لبرامج تلفزيونية، وكتب سيناريوهات لأفلام وثائقية وروائية قصيرة. نال كتابُه «كنت طفلًا قبطيًّا في المنيا»، الصادر عام 2020، جائزة الكتاب الأول في العلوم الإنسانية في دورة 2021 من معرض القاهرة الدولي للكتاب. وصدرت له كتب أخرى: «استحمار كوكب الـFacebook»، و«يوتوبيا السوشيال ميديا»، و«نواحي البطرخانة». يشغل مينا الآن منصب مسؤول الاتصال والإعلام بإحدى منظمات المجتمع المدني.
"جزيرة إلخ إلخ"... روايةٌ ترسم الوجود كاريكاتوريًا علي عطا النهار العربي 22-12-2022
"رأس الإنسان عدوة ما يجهل، فما بالك لو كان له رأسان تجهلان؟". هكذا يُستهَل السرد في رواية "جزيرة إلخ إلخ" للكاتب مينا عادل جيد (الدار المصرية الللبنانية، القاهرة).
جسدٌ برأسين ووجهين متطابقين، وعقلين متصليْن بالأفكار والأحلام. هذه هي حال كل شخص يعيش في جزيرة التوائم الملتصقة. هو اتصال مربك أثناء التفكير في الكذب والخطيئة. ما يستدعي قصة "قسمتي ونصيبي" من مجموعة "رأيتُ في ما يرى النائم" لنجيب محفوظ والصادرة عام 1988.
هذه القصة "المحفوظية" التي تحوَّلت مسلسلًا تلفزيونيًا وعرضًا مسرحيًا، بطلها توأم سيامي غير قابل للفصل، ولكل منهما طباع تختلف عن طباع الآخر. وهي أيضًا تمزج بين الواقع والفانتازيا في ما يخص العلاقة بن الأنا والآخر من خلال الحياة المشتركة الحتمية. أما قي رواية جيِّد، فالجحيم هو أن "أفكار كل رأسٍ مكشوفة للرأس الأخرى"، بحسب الراوي الخارجي لحوادث الرواية الذي يؤكد أيضاً أن "ونَس هذه الجزيرة هو سجنها الأبدي"، فقد دمج الله أهلها "اثنين اثنين اثنين، جسديًا وعاطفيًا ونفسيًا"، مع استثناءات لا تنفي القاعدة بطبيعة الحال.
في زمن قديم، يلي ظهور الديانة المسيحية بوقتٍ غير محدَّد، تدور حوادث رواية "جزيرة إلخ إلخ". وتلك الحوادث التي تغلفها الفانتازيا، وتقع في جزيرة متخيَّلة، تستدعي إلى الذهن "حكايات ألف ليلة وليلة"، وتُحيل في الوقت ذاته إلى واقع إنساني مأزوم، يكاد يتطابق مع واقع إنسان وقتنا الراهن، خصوصًا في مجتمعات يهيمن عليها التدين الشكلي وتتعامل مع الحداثة بسطحية تامة، فتبجل المزيَفين وتضطهد الساعين بجدية إلى التجديد المعرفي. . إطار هزلي
تعالج الرواية، على الرغم من إطارها الهزلي الكاريكاتوري، مسائل جوهرية، على رأسها حيرة الإنسان إزاء العلم والإيمان، والنظام الأنسب للحكم، والسياق الأمثل لعلاقة سوية بين الرجل والمرأة، ومخازي التفاوت الطبقي. كل ذلك وغيره، يطرحه أساسًا راوٍ خارجي، نقلًا من مخطوط لمؤلف مجهول الاسم. ولكنه لا يكتفي بما ينقله من ذلك المخطوط، بل يحلو له، من وقتٍ لآخر، التوجه مباشرة إلى القارئ الافتراضي (أو حتى السامع بما أن الحوادث يمكن أن تروى شفاهة، على غرار السير الشعبية)، لجذبه نحو واقع روائي لا يقل في غرابته عن الواقع الذي يعيش في ظله ذلك المتلقي، أينما كان. فنجده مثلاً يقول في لؤمٍ لقرائه / مستمعيه المنتمين إلى الزم ___________________________ جزيرة إلخ.. الكتابة بمسؤولية وجمال سيد محمود - جريدة الشروق 10 يناير 2023
قبل ثلاث سنوات فاز كتاب «كنت طفلا قبطيا فى المنيا» للكاتب مينا عادل جيد بجائزة معرض القاهرة الدولى للكتاب ولفت النظر إلى موهبة كاتبه الشاب القادم من قلب الصعيد وقبل أن ينتهى عام 2022 نشر مينا روايته الثانية «جزيرة إلخ إلخ» والتى أعدها واحدة من أفضل الروايات التى قرأتها خلال الفترة الماضية. . ومنذ المقدمة الاستهلالية للرواية يضع الكاتب القارئ فى علاقة مع النص الساحر والمنطلق من افتراض فانتازى حول وجود جزيرة جميع سكانها من التوائم الملتصقة. ويتتبع الراوى سيرة بطلها «طفو» صاحب مصنع السكر المسكر، والمنشغل بمشروع بحثى لإحصاء عدد الظرطات التى تنطلق من بطون سكان الجزيرة، لكن طفو يفاجئ وهو يوشك على غلق دكانه آخر الليل بزيارة من عجوز غريب يترك لديه أمانة عبارة عن شوال أو جوال يثير ريبة طفو الذى يطمع فى محتوياته ويأخذه إلى البيت لكنه يلتقى فى الطريق بشاب اسمه بونو يرغب فى التتلمذ على يديه لتبدأ مغامرة فك لغز صندوق وجدوه داخل الشوال. . فى كل مرحلة من مراحل البحث يظهر سؤال جديد، وعبر سردية ساخرة بوضوح نكتشف معنى المقولة التى أطلقها الفيلسوف داخل الرواية وتمسك بكافة دلالاتها وهى أن «بعض الأشياء الخيالية أكثر واقعية منك ومنى». يتبنى الكاتب طريقة فى السرد التهكمى للتحايل على جميع البنى السردية المغلقة ويفضح نمطا تسلطيا لمفهوم البطل الذى يعرف كل شىء، ويظهره فى صورة كاريكاتيرية تبالغ فى تصوراته عن نفسه وعن الأدوار التى يؤديها فى هذا العالم الغرائبى، إنها كتابة على وعى تام بدور المحاكاة الساخرة فى العصف بالسرد الكلاسيكى وتقويض كل ما هو مستقر. . الميزة فى طريقة سرد مينا عادل تأتى من خياله الخصب والفريد فى صياغة مكونات عالمه من أول قدرته على الكتابة بلغة على حافة السرد الشفاهى وصولا إلى منتهاه فى مواجهة القمع ومقاومة حراس الخيال. . وعلى الرغم من فصاحة لغة الرواية إلا أنها تبدو قريبة إلى اللغة اليومية وبالتالى ينفى عبرها غرابة عالمه القصصى، لغة تبدو قريبة من الشعر لكنها لا تغيب دورها كلغة سردية فى المقام الأول لها وظيفة أساسية فى تقديم الحكاية كأن يقول مثلا (طلعت الشمس كأطفال بلا خطيئة) أو يصف البيوت قائلا (بيوت ضيقة كقلب خائف مسكين) وبالتالى نحن إزاء استعمال ذكى للشعر ولكن دون مبالغة أو إفراط. ينتشى قارئ الرواية بنوع من الخيال الطليق الذى يستمد حريته من القدرة على تخليق كائناته بلا حسابات وتأتى هذه الكائنات للنص من مصادر تراثية عديدة وتصنع سبيكة متفردة لحكاية تقارب الحكايات الشعبية لكنها تشتبك بوضوح مع التراث السردى فى نمط ناضج من أنماط المحاكاة وتناوش واقعنا بوضوح، ولا تنفصل عنه، حيث لا تغيب الأسئلة الكبرى حول الحرية أو العدل والجمال وغير ذلك من القيم الجمالية المنشودة، وتحررها من اللغة الإنشائية وتتجلى بها فى معالجة غاية فى البساطة تمارس دورها الذكى فى «انتهاك» المؤسسات الكبيرة التى تحتكر وحدها عمليات إنتاج المعنى. . يستعيد المؤلف غرامه الراسخ فى تحدى «المؤسسات» بأنواعها المختلفة، لكنه يركز على سطوة المقدس الدينى وتحالفاته لأن ما يرغب فى تأكيده يأتى من مناكفة «ملاك الحقيقة المطلقة» ومثل البلياتشو فى الحكايات الشعبية يختفى مينا عادل خلف الكثير من الأقنعة ويلعب لعبته بمهارة فائقة فى تناسل الحكايات كأنما يلح على تأكيد أنها دورة من دورات الحياة تتكرر فيها المواجهة والصراع بين الدين والعلم وهى الفكرة المركزية داخل النص الذى لا تغيب عنه كذلك المجازات السياسية والإلحاح على ما قد ينتج عن التناقضات الطبقية من أزمات، فالإشارة واضحة للهوة القائمة بين أصحاب الأيدى الناعمة وسكان الطبقات الفقيرة ومثلها أيضا تبدو الاستهانة بمواقف «الطبقة المتأرجحة» والتأكيد على أن الكبار يتسامحون دائما مع الفساد من أجل استقرار الحياة، وهؤلاء هم من يمجد فى الحكاية استبداد الوعاظ من أجل شراء الوعد بمكان أفضل بعد الموت. يستعيد الراوى ذاكرة البشرية ويتلاعب بمعاركها لكن لا يستهين بها، ويفعل ذلك بخفة الطفل وقدرته حين صرخ (أرى الملك عاريا). . والمؤكد أنه لم يكن يرغب فى معركة وإنما ينشد الحقيقة وبالمثل تأتى دوافع أبطال الرواية من ذاكرة طفولية خصبة تخلص تمام الإخلاص لجمال الكتابة ومتعتها. #جزيرة_إلخ_إلخ #مينا_عادل_جيد #سيد_محمود _________________________ رواية غرائبية ساخرة تتبع أوهام الإنسان وأسئلته الوجودية . الكاتبة الصحفية نشوة أحمد في موقع اندبيندت عربية 27/9/2022 . بعض الظواهر الغريبة تنشأ وتنسجم مع الواقع كبرهان من الحياة على أن الخيال قد يكون أكثر واقعية من الواقع ذاته. ربما غرابة أن يولد طفل وله رأسان أو أن طفلين يلتصقان في جسد واحد تجعل الأمر غير قابل للتصديق، لولا أن هناك بالفعل عدداً من التوائم الملتصقة حولنا في مناطق مختلفة من العالم. ظهر أول توأم ملتصق في شعب الموشي في بيرو قبل مئات السنين، وتكرر ظهور هذا النوع من التوائم حتى وقتنا الراهن، منهم آبي وبريتني هينسل المولودتان في الولايات المتحدة الأميركية منذ أكثر من ثلاثة عقود وتعيشان بسعادة مع جسدهما المشترك. أيضاً التوأم الهندي الملتصق شيفاناث وشيفرام ساهو اللذان دفعت غرابة مظهرهما بعض الهنود إلى محاولة عبادتهما. هناك أيضاً كارمن ولوبيتا المولودتان في المكسيك وروني ودوني غاليون الأميركيان ونماذج أخرى من التوائم الملتصقة حول العالم، بعضها يلتصق من الرأس وبعضها من الجانب وبعضها من الجذع وتوائم أخرى تشترك في الجسد كاملاً إلا الرأس، فيكون للتوأم رأسين في جسد واحد، وهؤلاء هم من كانوا أبطالاً لرواية الكاتب مينا عادل "جزيرة إلخ إلخ" (الدار المصرية اللبنانية).
فضاء مكاني مبهم وكذلك الفضاء الزمني للأحداث، بينما الشيء المعلوم على جزيرة التوائم الملتصقة هم الشخوص الذين قرر الكاتب لهم أن يكونوا جميعاً من أصحاب الرأسين في جسد واحد. وهكذا كشف عن غرائبية النص التي تتقاطع مع الواقع في إمكان وجود هذا النوع من التوائم، غير أنه حول الندرة إلى سائد ومألوف. الفكاهة والسخرية . اتخذ الكاتب موقع الراوي العليم الذي يعرف كل شيء عن شخوصه، مستخدماً أحياناً أسلوب الخطاب ليكسر عبره الصورة النمطية للتلقي ويمنح القارئ حضوراً داخل السرد ويجعله جزءاً من الحكاية وخيطاً من خيوط النسيج. ثم مهد طرقاً عدة، عبر السرد، للفكاهة، فانتهج أسلوباً يعتمد على توأمة عباراتهم، بما يتسق مع ما لهم من رأسين وفمين في كل جسد. وكذا غلف بعض الأحداث بالسخرية، فالعالم "طفو" الذي يبيع "السكر المسكر"، ينشغل في بحث علمي لاكتشاف عدد ضرطات أهل الجزيرة بعدما حفزته رائحة كريهة مجهولة المصدر على المضي في هذا البحث الذي توقف من دون أن يكتشف ما كان يسعى إلى اكتشافه. وكانت هذه السخرية التي غلفت الأحداث وسيلة الكاتب التي مرر عبرها إسقاطات على الواقع المعيش، فهذا البحث العلمي يعادله في الواقع الكثير من الأبحاث المضحكة التي ضجت وسائل الإعلام بالإعلان عنها كي تثبت فرضيات لا تنم إلا عن حماقة، وبالطبع لم تسفر عن أي شيء. وربما يحيل أيضاً إلى استشراء حال من تعمد الاستغراق في سفاسف الأمور وتضخيمها لإلهاء الناس عن مشكلاتهم الحقيقية. . تمرد الكاتب على البنى القديمة للسرد وانضم إلى أولئك الذين يتجهون مباشرة إلى الأحداث، فلا إسهاب ولا تطويل ولا تقعير، وإنما أحداث سريعة متلاحقة ولغة فصحى سلسة، لكن ذلك في الوقت ذاته لا يمكن اعتباره تنصلاً من الموروث، لا سيما وقد استلهم من التراث الصبغة الغرائبية والأجواء التراثية التي تتصل بعوالم "ألف ليلة وليلة". وهذا ما بدا في أسماء الشخصيات "طفو، كنزو، كاتو، كا، بوتو، كندلو..."، وفي بعض الصيغ اللغوية التي وإن ابتكرها هو، تظل لها نكهة تراثية مثل عدد لفات الشمس التي كان يستخدمها تعبيراً عن عدد الأعوام، استناداً إلى أن الأرض تكمل دورة واحدة حول الشمس كل عام وأيضاً أنه استدعى حكاية سندريلا ومنهج الأمير في تفقد بيوت الجزيرة للحصول على عروس. . الواقعية وصراع الرؤوس . "شيء تشده يشد، تمطه يمط، تتركه فيعود كما كان". من هذا اللغز انطلقت رحلة السرد عبر الشخصية المحورية "طفو" الذي كان يسعى إلى الحصول على تفسير لأصل جسم غريب، "تشده يشد، تمطه يمط، تتركه يعود كما كان"، آل إليه عن طريق الصدفة. فلجأ في رحلة بحثه إلى الرحالة والفيلسوف والفلكي والمنجمة والكيميائي. وعلى رغم أن الرحلة كانت من أجل معرفة طبيعة ذلك الجسم الغريب، فإن تكرار اللغز على طول خط السرد وشى بمغزى ضمني أراده الكاتب وأعلن عنه على لسان البحار العجوز في نهاية الرواية. كذلك لم يكن الطابع الغرائبي للأحداث إلا طريقاً خلفياً، سلكه مينا عادل للوصول إلى هشاشة الواقع ودفعه عارياً إلى فضاء السرد، بلا تدليس ولا مواربة، وهذا ما بدا في تقسيمه مجتمع الجزيرة إلى طبقة الأيدي الناعمة "الأثرياء" والمتأرجحين "الطبقة المتوسطة" ومن ينامون جوعى "الطبقة الفقيرة"، وفي إظهاره غرور وغطرسة الطبقة الغنية والصراع القيمي عند الطبقة المتأرجحة ومشكلاتها الاجتماعية، وأيضاً في ما أبرزه من تفاوت طبقي يدعمه الساسة ويغذونه لضمان استقرار حكمهم، ثم ادعاؤهم بنظافة أياديهم وتفسير معاناة الفقراء وسوء حالهم بكونهم كسالى، مما يجعلهم وحدهم مسؤولين عما يعانون! وأبرز أيضاً طريقة تعاطي الحكام مع الفقر والفقراء وجهلهم بمعاناتهم. فعندما دخل الأمير ابن الحاكم حي الفقراء لم يصدق ما يقاسونه من حرمان ولم يبد إلا تأثراً وحزناً من دون أن يفعل المزيد، بل إنه رفض اختيار عروسه من هذا الحي! . فرادة الشخوص واحتفاظها برأسين في جسد واحد أتاح للكاتب أن ينتج مستوى جديداً من الصراع يقع بين عوالم النفس الداخلية والخارجية. فوجود رأسين للجسد الواحد جعل للصراع الداخلي صوتاً، فـ"طفو" يريد أن يتبرز صباحاً، ورأسه الأخرى ترجئ الأمر إلى المساء. و"كا" يريد أن يصبح محارباً بينما رأسه الأخرى تكره الحروب والموت وتؤثر السلامة والنجاة. وعلى رغم تجريم الإعلان عن الآراء المختلفة للرؤوس، فإن ذلك لم يمنعهم من الاختلاف ولم يلزمهم الصمت، كما تفرض عليهم السلطة، فكانت الحانة متنفساً للاختلاف وللحقيقة وكان ذلك إسقاطاً جديداً، مرره الكاتب على مناخات القمع وتكميم الأفواه وتجريم الاختلاف. كما أنه أتاح عبر شخوصه من التوائم الملتصقة نظرة عكسية ترى ذوي الرأس الواحدة على أنهم مسوخ بشرية وربما كان ذلك انتقاماً عادلاً، ولو كان قاصراً على فضاءات السرد، لما وجده هؤلاء التوائم من تنمر وسخرية ومعاناة على مدى تاريخهم. . سهام النقد . لم يتوقف الصراع داخل النص عند حدود رأسي الجسد الواحد، بل امتد وتشعب وسلك اتجاهات عدة من بينها الصراع بين العلم والكنيسة التي استخدمها الكاتب كإشارة إلى سلطة الدين عموماً وليس للمسيحية فقط. وعبر هذا الصراع مرر رؤاه حول ما يحدث من استخدام الدين كذريعة لرفض العلم واتهامه بالهرطقة، أو لي يد العلم لإثبات الدين، وأيضاً استخدام الدين ذريعة للتواكل، فالقس عندما ضاع حفيده اكتفى بأن قام ليصلي ولم يذهب للبحث عنه! . كذلك أحال عبر الأحداث إلى استخدام الدين في تخدير الشعوب، لا سيما من قبل الحكام الذين يصدرون لشعوبهم كل ما يوحي بأنهم كلمة الله على الأرض لتكون طاعتهم واجبة مهما أرادوا. أما صورة رجل الدين في الرواية، فكانت ترسخ للفوقية والغطرسة والنفاق والازدواجية في القول والفعل، "يتحدث على المنبر عن الزهد، بينما هو في البيت يأخذ أكبر قطعتي لحم في طبقيه" ص 166. . استمر الكاتب في تمرير رؤاه التي بث عبرها انتقاداته الضمنية للواقع، فانتقد الفلاسفة المنفصلين عن واقعهم ولا يرددون إلا ما يصعب فهمه. وانتقد الحارس الجاهل الذي يتصرف بسلطوية حمقاء. وانتقد المعارضة التي لا هدف حقيقي لها سوى مستقبلها السياسي. وانتقد الشعوب التي تسلم عقولها لمن يتلاعبون بها... "عليك أن تنافق الشعب يا مولاي، نافق كما يفعل والدك، الشعب نافقه، نافق الشعب المؤمن بالسماء، وكن له حاكماً ابن سماء. هذا لكي يرتاح الشعب ويتركك تفعل فيه ما تشاء" ص 167. . الحب وأوهام البطولة . بالسخرية ذاتها التي انتهجها الكاتب في سرده تسلل إلى سيكولوجية الرجل والمرأة. وطرق دوافعهما للوقوع في الحب فـ "طفو" متقلب المشاعر سريع الوقوع في الحب، ولا يحتكم لعقل ولا منطق، حتى إنه وقع في حب المنجمة القبيحة والمخيفة لمجرد أنها تعرف كل شيء عنه. أما شخصية "زوزو"، فكانت الجسر الذي عبر فوقه إلى سيكولوجية المرأة التي لو أحبت أنكرت، وإن رغبت تمنعت، وإن كانت على صفة جاءت بعكسها. واستخدم الكاتب حضور الراوي والقارئ ضمن شخوص النص ليمرر رؤى مباشرة ويعبر عنها صراحة وليس ضمناً واستطاع أن يخلق لها مناخاً سردياً مناسباً، نفى عنها فجاجة المباشرة: "لما لمس يدها وشعر بدفء كفها، كانت اللمسة كالسحر. أنظر يا عزيزي القارئ وإن كنت ذكراً أنظر بتركيز أكبر، في استراحة القصر لمس ولي العهد الحاكم ابن السماء فخذي كاتو كلتيهما أثناء نومها... لكنه لم يشعر بدفئها ولا برجفة في جسده إلا عندما مدت كاتو يدها ولمسته بإرادتها" ص 170. وعلى رغم ما لعبه الحب من دور في إضفاء ظلال رومانسية على السرد، فإنه كان بالأساس معبراً سلكه الكاتب ليفضح الغباء والحمق، وليرصد عبره أوهام البطولة التي تمنح أصحابها شقاء أبدياً، تلك الأوهام التي إن تشدها تشد، تمطها تمط، تتركها تعود كما كانت! . .___________________________________________________________ . التوائم الملتصقة في «جزيرة إلخ إلخ» د. ياسر ثابت الجمعة 09 سبتمبر 2022 على موقع مصراوي
في رواية «جزيرة إلخ إلخ» (الدار المصرية اللبنانية، 2022) يُقدِّم الروائي مينا عادل جيد حكاية تكتسب طابع الأسطورة وتقترب من حكايات «ألف ليلة وليلة» مع خلفيات دينية وفلسفية لا تخطئها العين. . عبر 215 صفحة من القطع المتوسط، يقودنا الروائي بأسلوبه التوثيقي والتفصيلي في دهاليز حكاية خرافية استعصت على الفناء. . «جزيرة إلخ إلخ» تقود القراءة بناءً على معمارها وعلى وعيها السردي المستقطب لتعدد الأصوات واللغات وتواشج الشخصيات وصراعها وتعارضها، وتداخل الأزمنة وتباعدها، في سيرورة تحكمها دورة زمنية ممتدة زمنيًا ومكانيًا، وهي فترة يملأ الحكي بياضها بتأصيلٍ نكتشفه مع السطور الأخيرة للرواية. . تتأسس الرمزية في هذا النص الروائي على المحاكاة الساخرة، وهي محاكاة ذات بُعد تنظيمي واختزالي، يعمل على انحرافات سردية -إن جاز لنا الوصف- بُغية إيصال دلالات معينة من ناحية، وإبراز رمزية الشخصية من ناحية أخرى، وهذا نجده في الكثير من المشاهد والأحداث في الرواية. . الرمزية في النص لا تقوم على السرد العام بقدر ما تقوم على الصورة التي تؤطر هذا الرمز وتجعله صورة لغوية تأثيرية متوازية مع المفارقات الساخرة التي ينشدها النص، غير أن هذه الرمزية الساخرة تؤسس لوظيفة أيديولوجية من خلال صور متتالية عبر عمليات الكشف في تتابع الأحداث وانكشافها، والحمل في تكثيف الرمز وتحميله لمجموعة من الدلالات، والمتجاورة في فك شفرات تنامي الشخصيات. . لعل صفة «المتاهة» هي الأشد ملاءمة للإحاطة بهذه الرواية، المتعددة المداخل والمخارج، بل المتعددة الخيوط والوقائع والحكايات والكواليس. . تحفل الرواية بما لا يُحصى من المرويات والوقائع والأحداث و«الأكاذيب» الجميلة والشخصيات.. فالحكاية تخرج من الحكاية، والشخصية تنسلّ من الشخصية. . لم يترك الروائي شاردة تفوتها أيًا كان أثرها، فبدت الرواية أشبه بالنهر على صغر حجمها مقارنة بالروايات الفائضة... أسماء وأشخاص وأماكن وتواريخ وتفاصيل، آباء وأبناء وأحفاد، عادات وطقوس، وأحداث لا تنتهي وإن كانت هامشية أحيانًا. . تثير الرواية سؤالًا افتراضيًا: ماذا لو كانت هناك جزيرة كل سكانها توائم ملتصقة؟ على جزيرة للتوائم الملتصقة تقع في مكان ما وزمان ما، كل أبطالها يبحثون عن شيء ما. . يأخذنا الكاتب عبر أحداث ذات طابع أسطوري مليئة بالسخرية والتشويق وشخصيات لا تنسى نعيش مغامراتهم في البر والبحر ليطرح أسئلة ملحة عن ماهية الوجود الإنساني. والشعور بالوحدة، وكيف يمكن للإنسان أن ينفق عمره بحثًا عن السعادة الكاملة. أحداث تبدو مضحكة في ظاهرها بينما فيما يحمله معناها شيء يستحق التوقف والتأمل. . ابتكر مينا عادل جيّد في «جزيرة إلخ إلخ» عالمًا خرافيًّا متكاملًا مستقلًّا؛ له ثقافته ودينه وتاريخه وسياسته وجغرافيته واقتصاده وأحلامه، بطريقة كلام مختلفة، والاهتمام بصغائر الأمور لا بكبائرها والمصيري منها. «جزيرة إلخ إلخ» هي نافذة على أرواحنا المختبئة، عدسة مكبرة لما يحدث داخل رؤوسنا من ازدواجية وهواجس ومخاوف وعبث في بعض الأحيان. . بطل الرواية هو «طفّو»، الذي يعمل في بيع السكر. ذات يوم، وجد نفسه أمام جوال ثقيل استأمنه عليه رجلٌ غريب يُدعى «ميجو»، حتى يزور أقارب له في الجزيرة، وحين يتأخر الرجل الغريب حتى اليوم التالي يقرر «طفّو» فتح الجوال، «فوجد فيه ثلاث طبقات من سبائك الفضة، وتحتها خمس طبقات من سبائك الذهب، ثم صندوقًا على شكل رأس جمل من الخشب ارتفاعه شبر ونصف الشبر، خشبه قديم جدًا، وتحت الصندوق عشر طبقات من الياقوت» (ص 33). . يأخذ «طفّو» الجوال إلى البيت، ثم يستعين بشابٍ تعرف إليه في الحانة، يُدعى «كا» لحل لغز مكونات الجوال، وخاصةً الصندوق الذي يحوي الجسم الغريب الذي لونه كأطراف قرص قمر، تشده يُشد، تمطه يُمط، تتركه فيعود كما كان» (ص 58). . لحل اللغز، يقصد الرجلان الرحالة المُسن «بادو»، الذي جال العالم واستكشف ما هو غامض فيه، إلا أن الرحالة صارحهما بأنه لم ير مثل هذا الجسم الغريب، ونصحهما بأن يسألا الفيلسوف «كيندلو»، الذي لم يزد على أن يقول لهما إن هذه المادة «في علم السماء» (ص 72). أما الفلكي «ميخو» فرأى أن هذا الجسم الغريب قد يكون أتى من الفضاء. بدورها، أرشدتهما المنجِّمة «أسترو» إلى الخيميائي «مادو» الذي أضاف إلى هذه المادة بضع قطرات ثم جرَّب تسخينها في وعاء على لهب أحمر، فلن يحدث أي تغيُّر فيها، حتى عند وصولها إلى درجة الانصهار. دلّهما «مادو» على العالِم «مانو» المنفي في جزيرة الكناغر. . أبحر الثلاثة -«بادو» و«طفّو» و«بوتو»- إلى الجزيرة البعيدة وخاضا في أهوال البحر، وعندما استوقفتهما سفينتان ورأوا أكثر من عشرة رجال، لكل منهم رأس واحدة، أراد «طفّو» أن يلقي بصندوق رأس الجمل الخشبي وبداخله الجسم الغريب في البحر، علَّ أحدًا غيرهم يعثر عليه ويعرف ماهية هذا الجسم الغريب. . مع استمرار غياب الزوج «طفّو»، قررت زوجته «كنزو» أخذ حميها وحماتها وابنتها «كاتو» وابنها «كا» إلى قصر الحاكم ابن السماء،، لترجوه أن يتدخل بسلطته وعطفه في الأمر، ويرسل حملة بحرية إلى جزيرة الكناغر للبحث عن زوجها وطاقمه. . التقت الأسرة مع ولي العهد وقدَّموا مظلمتهم، فلما أعجب ولي العهد بالابنة «كاتو» اقترح عليهم بقاءها في بلاط القصر الحاكم لمتابعة المسألة. عرض ولي العهد على «كاتو» مساعدته في العثور على حُب حياته في شوارع الجزيرة وبيوتها، واتفقا على توجيه س��ال ملغز أو «فزورة» إلى فتيات الجزيرة، مع رصد جائزة كبيرة لمن تجيب الإجابة الصحيحة على موضوع الساعة «ما هو الشيء الذي تشده فيُشد تمطه فيُمط، تتركه فيعود كما كان؟» (ص 139). . يزور الاثنان «حي الأيادي الناعمة»، حيث التجار والأثرياء، و«حي الأسر المتأرجحة»، الذي يضم المتعلمين والفنانين والصنّاع المهرة من أبناء الجزيرة. قادتهما الجولة إلى «حي الذين ينامون جوعى»، ثم قصدا شاطئ البحر الكبير، قبل أن تصحب «كاتو» ولي العهد المتنكر إلى الحانة، ليقابل المزيد من أبناء الشعب ويستمع إلى أفكارهم. . عبر ألغاز «جزيرة إلخ إلخ»، تستوقفك في هذه الرواية جُمل وعبارات وأوصاف طازجة وغير مستهلكة، مثل: . «كانت فتاة «ميجو»، ذات الابتسامات التي تشبه أطباق الفاكهة، ترقص كأنها تطير، وتطير كأنها ترقص» (183). . «كانت «كاتو» سمراء ولها هيبة مصدرها أنفاها المرتفعتان بانحدار هرم كبير إلى الأعلى حيث جوهر الكون ذاته، عيونها سوداء قوية النظرة كشيطانة ذكية» (ص 128). . «طلعت الشموس كأطفال بلا خطيئة، ووقفت حمامة على شباك «طفّو» لونها بنيّ كشعر المسيح في تصاوير الأوروبيين» (ص 16). . الأكيد أن الصور التي يقدِّمها النص للشخصيات تصنع للقارئ مجالًا رحبًا لسبر أغوار تلك الشخصيات عبر القيم التي تتأسس عليها؛ وهي قيم ذات أبعاد نفسية وانفعالية ورمزية.
جزيرة إلخ إلخ| مينا عادل جيِّد. **** لا أريد نهاية كهذه.. لا يعرفني أحد، ولا أعرف نفسي. لا أريد منتصف أحداث كهذه.. بلا وطن، وبلا حب. لا أريد بداية كهذه.. أرفض الاستسلام والنهايات السعيدة.
❞ - من أنت. أنت من. وأين كنت. كنتَ أين. ❝ ماذا يجبرني على التحدي؟ ما جئت هنا لأقاتل. أحاول إيجاد فروق بين الوهم والحقيقة، ما لي ومال الحقيقة وأنا عشتُ عمري كله أبحث عن الوهم. تركتُ كل ما يبقيني سعيد، وبحثت عن تعاستي بيدي، ما كانت الحياة عادلة أبدًا.
ميجو!.. نصف بطل يبحث عن الضلال. طفو!.. اكتشف أن حياته وهم. ولي العهد!.. ليس هناك فرصة لوطن جديد، أو حب أبدي.
حكاية خرافية ومحاكاة ساخرة، تشويق لا نهائي، مغامرات عن بشر في جزيرة وهمية ورغم الألفة في كل مكان حولهم، يضيعون في شعور الوحدة والبحث عن السعادة والسعادة في جزيرتهم وهم. #ريڤيو_لذيذ #إسراء_باهي
رواية فانتازية سريالية مثيرة، عن جزيرة التوائم الملتصقة، حيث لا وجود لشخص بمفرده، فالطبيعي على تلك الجزيرة هو وجود توأمين ملتصقين في جسد واحد برأسين، كل رأس متحدة مع الأخرى ولا تخالفها الرأي وإلا فمصيرها ليس جيدًا، ولا وجود لأشخاص تحمل رأسًا واحدة فقط وإلا يتم النظر إليهم كأعداء أو كائنات خرافية.
من بطل الرواية؟ هل هو طفو الذي يعثر ذات يوم على جوال غريب به من الكنوز ما ليس غريبًا أكثر من جسم مستدير، إذا شدته يشد، وإذا مطته يمط، وإذا تركته يعود إلى ما كان عليه، فيحاول طفو تفسير ماهية ذلك الشئ ويقوم برحلة طويلة مع شاب آخر، مارين بالحكيم والفيلسوف والفلكي والدجالة وغير ذلك، فهل تنجح رحلتهم؟
أم أن البطل هو عائلة طفو، وتحديدًا ابنته التي تقوم بجولة مع ولي العهد ابن الحاكم ابن السماء، في محاولة للعثور على حب حياته، فيتنقلا بين الأحياء الثرية والمتأرجحة والفقيرة، ويصطدم بأفكار الفتاة المناهضة لسياسة والده الحاكم وتأييدها لكل ما هو مختلف وخارج عن المألوف.
أم البطل هو الرجل العجوز صاحب الجوال، الذي يروي لنا في النهاية قصته وكيف عثر على مقتنيات ذلك الجوال الذي كان شرارة أحداث الرواية منذ البداية.
في رأيي البطل هو الجزيرة بكل ما تحتويه من غرائبيات وأفكار غير مألوفة وأحداث متشابكة تجعلك تشعر وكأنك جزءًا من تلك الجزيرة حتى لو لم تكن تملك سوى رأسًا واحدة في جسدك!
صاحب تجربة الإمساك بالجنون: أردتها رواية حزينة..فجاءت ساخرة! محمد سرساوى يجيد الأديب "مينا عادل جيد" رسم ملامح شخصيات أعماله، ويصنع لها تاريخًا ذاتيًا، وهذا ما يتضح فى روايتيه: "بيت المساكين" و"جزيرة..إلخ إلخ"، ويقول "مينا" عن ذلك: في البداية لابد من هذا الاعتراف؛ بعد الانتهاء من كتابة المسودة الأولى أقرأ رواياتي بصوت عَالٍ، لأضمن أنها مثل الطريقة التي أتكلم بها، وكل المسودات تسعى غالبًا إلى تحقيق هذا الهدف، وقدرة على الإقناع فني في رسم الشخصيات، وهى فِطْرِية، لكني طورتها، وعلى سبيل المثال حين يحكي لك صديق عن مديره في العمل، كم هو طيب، أو كم هو متعب، وقبل أن يسرد لك موقفًا ما حدث معه في الصباح، وأنتم على المقهى في الليل، هل سيقول لك: مديري الذي أنفه معقوف، ووجهه مستدير، وأصابعه غليظة خصم لي يومِين لأنني جئت إلى العمل متأخرًا؟ لا هذا مضحك للغاية، بل غالبًا لن يذكر صديقك شكل مديره أو سيذكر صفة واحدة مهمة في شكله أو شخصيته، ولها دور فعال في القصة التي سيحكيها، وإلا ستكون قصته مبهمة، أو بها تفاصيل زائدة ومضحكة، وكذلك أحب الشخصية الفنية حين تصفها أفعالها، وأذكر من صفاتها ما يخدم دورها الفني فقط، وأترك فراغات في النص للقارئ يضع هوملامح الشخصية - على سبيل المثال- بملامح أسوأ شخصية يعرفها، إذا كان مديرًا سيئًا، وأرق ملامح يعرفها إذا كانت قصة مدير طيب، لأن القارئ شريك، وعنده خيال أيضًا، ولو كان المؤلف هو أول من أبدع الرواية، فالقارئ- عبر قراءة واعية- هو من يبدعها ثانية، وإلى الأبد، القارئ يقرأ لأنه يريد أن يعبر هو الآخر، وتعبيره يجئ عبر من يعطيه طرف الخيط ليعبر في خياله، يخرج فيلمه في آلة السينما الذكية الخالدة وهي عقل الإنسان. وروايته "جزيرة.. إلخ إلخ"- الصادرة مؤخرًا عن الدار المصرية اللبنانية- تحكى عن "طفو"، يعيش فى جزيرة، جميع سكانها توائم ملتصقة؛ هيئتهم عبارة عن رأسين فى جسد واحد، ويكتشف "طفو" مادة غريبة الشكل، يحاول أن يعرف ما هى؟، تبدأ رحلته فى البحث لمعرفة السر المختبئى داخل المادة، ويحدثنا "مينا" عن روايته الجديدة فى السطور التالية: - في روايتك الأولي، ترصد تجربة واقعية، لماذا قررت أن تكون روايتك الثانية في إطار "فانتازي"؟ لم أقل قبل كتابتها سأكتب رواية فانتازيا (إذا كان طبعًا هذا هو التصنيف الصحيح لروايتي)، هي من اختارت ذلك، ولكن كان لدي دافع فني في الأساس، أردت أن أختبر قدرات خيالي بلا أية ضوابط أو حواجز، وأشيد عالمًا من الكلمات، أسمع فيه صوتى الفني بوضوح، وأكون أنا فيه السيد المطلق، رغبت فيها في أن أسخر من كل القوالب الفنية، واللغة الروائية الجامدة "الكلاشيه"، اهتممت بلا معقولية الإنسان أكثر من معقوليته، وحاولت الإمساك بالجنون ووضعه في إطار، بين دفتي كتاب، والسخرية من نفسي قبل الجميع، "جزيرة إلخ إلخ" هي أبعد نقطة في أعماقي قدرت على أن أطولها حَالِيًّا. - وكيف جاء اختيارك للتوائم الملتصقة ليكونوا أبطال روايتك؟ ربما لأنني وحيد، جاءت الومضة الأولى في بداية ،2021 حين تأملت رأسي على الوسادة، وجدتها بمفردها، تأملت الوحدة لأول مرة بعدما استفحل وباء "كورونا"، وتمكن من عقلي وعقل البشرية، ورغم أنني لم أصب ولا مرة بالفيروس، ورغم أنني لا أعاني من هواجس الأمراض، إلا إنني لا يمكنني تجاهل إن روايتى لا ولن تكون موجودة إلا بسبب جائحة "كورونا" العالمية وتبعاتها من عزل، وبقاء في المنزل، وحظر للتجوال، وخوف وصل إلى حد الهلع من الآخرين، ومن أقرب الناس. - دُهِشَ القارئ حين انتهى من الرواية، وجد النهاية مبتورة فما تعليقك؟ إجابتي عن هذا السؤال ربما تكون صادمة، وهي فى جزءين، أولًا هذه النهايات المبتورة تليق بالشخصيات التي تبحث عن الوهم، أو تبحث عن غاية، وهي تمشي بجوارها ولا تراها، لا نهاية، دوامات من السعي، النسيج التكراري للرواية هدفه الأساسي أنها بلا نهاية، والجزء الثاني من الإجابة لأنني مللت من اللعبة، في كل جزء من الأجزاء الثلاثة حين أمل أنهي، وإلا سيكون القادم تأليفًا، نعم التأليف أنواع، أؤلف وأنا مستمتع ومصدق، يختلف عن التأليف لصناعة شكل فني معروف ومتفق عليه من أجل أسباب شعبوية أو تجارية، هذا الأخير مزيف وممل وعتيق وليس فيه حياة، وأنا ما زلت طفلاً ملولًا جِدًّا، حين أفقد استمتاعي بالشخصيات، أبتدع شخصيات جديدة للعبة جديدة. إذا كان المؤلف نفسه مل، فلماذا يتمادى ويثقل على القراء؟ - تعامل أبطال الرواية مع الإنسان الطبيعي كأنه كائن فضائي، فمتى يصير الإنسان كائنًا خرافيًا؟ على الإنسان أن يتوقف عن غروره، وظنه بأنه أفضل "موديل" لكائن حي موجود على الأرض، هل فكرنا قبل ذلك كيف يرانا الفيل ونحن نعيش بلا " زلومة "؟ بالتأكيد يرانا مسوخا، أعرف قصة عن الصراصير، لا أعلم إن كانت علمية أم مختلقة ولكنها موحية، وهي أن الصرصور حين يلمس إنسانًا يتوقف ليمسح يديه من أثر لمسنا، فيا لغرور الصراصير. - ذكرت في الرواية "بعض الأشياء الخيالية أكثر الواقعية منك ومني"، فمتي يحدث ذلك؟ يحدث في الفن، أن ميزة الأدباء ومصيبتهم هي قدرتهم الفذة على وضوح وتبين حقيقة الواقع والتاريخ بل والمستقبل في بعض الآحيان. من الممكن أن تكون هذه هي عقدتهم مع كل السلطات والكهنوت، الذين لا يريدون أن تظهر الأمور بكل تلك البساطة، في ثرثرة فوق النيل أو في اولاد حارتنا، جاء رجل موظف بسيط بأوراق وقلم ورسم ماكيتات بسيطة لحركات كبرى. انزعجوا، غضبوا، كيف يا أنت تسفه من الحقائق المعقدة وتطبعها في كام صفحة وكأنك تدندن أغنية أطفال.
- لما استخدمت تقنية السخرية والفكاهة في الرواية؟ لا أعرف؛ كنت أرغب في كتابة رواية حزينة، فجاءت لا تخلو فقرة فيها من سخرية، وهذا مازال سرًا محيرًا لي أنا نفسي، ومنتظر أن يفك شفرته أحد النقاد.
- وما مشروعك الإبداعي القادم؟ رواية قصيرة "نوفيلا" استوحيتها من تصريح ظريف لنقيب سابق لإحدى النقابات الفنية في مصر.
بخيال خصب ووعي بالميراث العربي -والغربي أيضا- الغني بالحكايات والأساطير الشعبية يبتكر مينا عادل جيد عالما جديدا "عالمًا خرافيًّا متكاملًا مستقلًّا؛ له ثقافته ودينه وتاريخه وسياسته وجغرافيته واقتصاده وأحلامه". لا يكتب مينا عن بطل واحد بفكر واحد وحيرة واحدة، بل عن توائم ملتصقة بجسد واحد ورأسين، ولا يكتفي فلا يجعلهما على وفاق دائم! لم يبحث مينا فقط عن فكرة جديدة لروايته بل ضاعف مهمته، فطعم عمله بشخصيات مزدوجة تصعب دوره كراو مضطر لاختراع لغة تناسب عالمه المبتكر. نقرأ عبر ثلاث مغامرات ملفتة في تفاصيلها ولغتها حكاية جزيرة إلخ إلخ وسكانها من التوائم الملتصقة. رحلة دائرية يبدؤها "طفو" بحثا عن سر مادة مجهولة وجدها في جوال تركه عنده عجوز كأمانة، يحاول فك شفرتها في: مركب الرحالة، وصومعة الفيلسوف، ومرصد الفلكي، ومغارة المنجمة، ومعمل الخيميائي. وفي الجزء الثاني نتابع رحلة ابنته التي تخرج للبحث عنه فيأخذها ولي عهد الحاكم في رحلة مغايرة للبحث عن حب حياته في جزيرته التي لا يعرف عنها شيئا. وأخيرا نرافق "ميجو" الشاعر العجوز وصاحب الجوال في رحلة بحثه عن مهر زوزو قبل أن يعود ليترك جواله في حوزة "طفو". نتابع عالم الجزيرة بأحيائه الراقية والمتأرجحة والجائعة، بسكانه المنشغلين بالتدين الشكلي والخرافات والعلم الذي لا ينفع، بنخبته المشتتة وأوهام مثقفيه، بكباره المغيبين الممتلئين بذواتهم، حكايات في سطحها العبثية والفنتازيا والسخرية وفي طبقتها الأعمق يكمن السؤال الأهم: مدى قرب ذلك العالم من عالمنا..
قسم بالله بديتها بعقل كامل، بخلاياه العصبية كاملة. اليوم انا بخلية عصبية وحدة. من غباها. طيب ليش توائم ملتصقة؟ ليش قريت كل هذا؟ لاحول ولا قوة الا بالله
" شئ إذا شددته إنشد، إذا مططته امطط. وإذا ترتكته عاد كما كان، فما هو؟ " مراجعة رواية: جزيرة إلخ إلخ للكاتب: Mina Adel Gayed الدار: الدار المصرية اللبنانية طباعة - نشـر - توزيع ملخص الرواية (بدون حرق): في عالم فانتازي من رحم خيال الكاتب، ننتقل لجزيرة للتوائم الملتصقة، في مكان ما وزمان ما، جزيرة من المحرم علي الرأس من الأثنتين أن تفكر أو ترغب في شئ وحدها، دون مشاركة لرأسها الأخري. ورفقة العالم طفو نبحر لمناطق سردية سرياليه بتلك الجزيرة للعثور علي ما هية الشئ الذي إذا شددته إنشد، إذا مططته امطط. وإذا ترتكته عاد كما كان، فما هو؟ فهل ينجح العالم طفو بمعرفة ما هية هذا الشئ؟
رأي شخصي: رواية فانتازيا ستظنها بادئ الأمر من فئة ال YA، لبساطة اللغه وسلاستها وخلوها من التعقيدات الفلسفيه، إضافة لاسلوب الكاتب الساخر والمشرح لعالمه. لكن بوصولك للجزء الثالث والأخير، ستفاجئ بأن الكاتب قد ساقك نحو فكرة عميقة بفلسفة مستترة بين أعماق السطور، كما أنه أهتم بخلق كامل منسوج من خيوط فكرته. أي ليس غية الإبهار بأماكن متخيله في عالم خيالي تخلق بتضافرها عالم فانتازيا.
السرد واللغة: تذكرت مع تلك الرواية اسلوب مياس في رصد الاشياء المعتادة بالحياة اليوميه وقدرته الخارقة لتحويلها لأشياء مذهلة مبهرة للقارئ، كأنه لم يسبق له تلمسها بحياتها العادية، إضافة للسخرية الموظفة بكل مهارة؛ تماما كبصمة سارماجو بكل أعماله، فهنا الخلطة موزونه بالمكيال، تحقن القارئ بوضوحها بغاياتها، حتي المستتر منها بين الأسطر كما ذكرت.
الأحداث: صمم الكاتب عالم أعمق من وصفه بالغرائبي أو الفانتازي، كونه عالم واقعي، حال كنت أحد سكانه، أي واحد من هؤلاء التوائم الملتصقة. تسكر في حانات يمكنها جعل إحدي رأسيك تسكر وتهذي بكلام لا تردده رأسك الأخري، أحياء ودروب وبحار وعلماء؛ سطر بها الكاتب رمزية عالمه السحري الفذ.
الحوار: دون مبالغة، تتجلي عبقرية الكاتب في كتابة الحوارات، حيث أخترع تكنيكا بديعا يعكس الفارق المبطن بين جمل الرأسين المتشابهة المتنافرة في ذات الآن. إضافة لأن كل حوار عكس رسم الشخصية بشكل بارع. الشخصيات: تأرجحت مع تلك النقطة مرارا وتكرارا، فهل نجح الكاتب بخلق شخصيات ثلاثية الابعاد أم أنها مسطحة متشابهة! وبنهاية الرواية واسترجاع الاحداث وبراعة الحوار، أدركت إنني لازلت متأرجحا. لكنني تلمست اختلافاتها وأبعاد تفكيرها المتباينة، كالقس الأب والزوجة كنزو والابنة الذكية كاتو والحاكم إبن السماء، لذلك يصعب علي التقييم الموضوعي، لكن تنوع الشخصيات كان ملحوظ وممتع. الخلاصة: كثيرا ما وصم الأدب العربي باستسهال الكتاب لخلق فكرة مبتكرة، لكن منهج الكاتب هنا ينفض اصداء تلك الهرطقة، فهو مشروع أدبي يسطر لنفسه خارطة تنافسية متفردة مع أمثاله مع الكتاب، ففي رأيي المتواضع، يحتاج أدبنا لمنقبين مثل مينا عادل عن أفكار هامة وجدلية تستحق التأمل وتجبر القارئ علي توسيع مدارك تفكيره، حتي لو قدمها الكاتب ببعض بهارات البساطة وعدم التكلف والعمق المبالغ فيه. تقييم الرواية : ٤.٥/٥ وأنصح بها بكل تأكيد.
أنا عرفت عنها انها روايه فانتازيا سيريالية و ده اللي شدني ليها من البدايه لكن انا حسيت ان الروايه عشوائية بشكل مزعج احداث عشوائيه غير مترابطه بتحصل و صفحات قليله جداً اللي فعلاً حسيت فيها معنى و هدف اذا كنت اديتها نجمه فا ده بسسب اني ضحكت من مشاهد كتير بسبب عشوائيتها الغير منطقيه
رواية رائعة، غاية في اللطافة والضحك، والفكرة أن الضحك مش جي من افيهات او مواقف مبتذلة، الضحك نابع من الشخصيات وطريقة تفكيرهم وتعاملهم وأنهم مصدقين نفسهم .
يمكن الحاجة اللي معجبتنيش هى تكرار الكلام على اساس إنه طالع من كل راس وكده، لكن غير كده الرواية تحفة ♥️♥️♥️♥️
بداية احداث الرواية بتكون مع طفو الشاب (التؤام الملتصق) شاب من أسرة متوسطة او متأجرحة كما أطلق عليه راوي العمل (لان العمل في الاساس بيتحكي من راوي سمع او عرف عن الجزيرة دي جزيرة التؤام الملتصقة و نقل الاحداث ) بالاضافة ان الأسرة دي متدنية ورب الاسرة بيكون هو زي قس الكنيسة بتاعت الجزيرة.. وهذا الشاب طفو عنده محل لبيع السكر المسكر كما أطلق عليه الرواي برده 😅 وهو عامتا الرواية فيها حاجات غريبة كتير بالقصد من الكاتب و دا من إيجابياتها، و في يوم بيجي كهل لطفو و يسيب معاه امانة عبارة عن جوال او شوال خيش... و من هنا بتبدء الاحداث في ان طفو بيجبره فضوله علي فتح الشوال و بيخوض رحلة في كشف الشيء الغريب الي جواه شيء تشده يشد، تمطه يمط، تتركه يعود كما كان🤔
(العمل يصلح لمن هم فوق ١٥ سنة)
طبعا واضح من النبذة أن الرواية غريبة و دا شيء طبيعي لانها بتدور في عالم خيالي، له قوانين و معتقدات مختلفة تماماً عن عالمنا وانا للاسف دخلت الرواية معلي سقف توقعاتي..
لغة العمل كانت جميلة بسيطة مش معقدة و العمل دا اصلا لو كان اتكتب بلغة معقدة كان هيبقي صعب و مش راكب علي الاحداث. الحوار كان فصحي.. وحوار الرواية دي غير اي حوار ممكن تقرأه في اي رواية حوار له طابع غريب و دا عجبني عشان كان عامل طريقة خاصة بشعب غريب في جزيرة خيالية.
السرد زي ما قلت كان من منظور الشخص الأول.. راوي خارجي، و كان سلس و معنديش معاه مشكلة المشكلة تكمن في ضعف او قلة الوصف.. انا داخل عمل في عالم فنتازي مش موجود علي ارض الواقع ف كنت محتاج وصف دقيق و عميق اكتر من كدا و دا عيب قاتل في الرواية بالنسبة ليا و اه العمل يصنف فانتازيا بس من نوع تاني غير الحروب و العوالم بتاعت جورج ر ر مارتين
شيء مهم في العمل برده لازم أقوله وهو ان العمل في إسقاطات و رمزيات كتير في منها الي كان واضح والي كان عميق بالذات الفصل الثاني بتاع ولي العهد كان ملئ بالرمزيات الي فعلا عجبتني و سبب النجمتين دول اصلا
من الحاجات الي حبتها برده معتقدات الشعب (الحرام و الحلال) قوانين مختلفة و دي اكتر حاجة بتعجبني في العوالم المخنلفة وهي وضع قوانين خاصة به، بس للاسف لم تستخدم في صالح العمل بشكل كويس
ادخل بقا في الجوانب الي خلت الرواية كانت عجباني في الاول و بعد كدا كرهتني فيها... زي ما قلت انا كنت متحمس و انا بادئ في الرواية بس بعد ٥٠٪ بدأت اقول و بعدين الاحداث مملة ممل رهيب رتم بطئ، و راكد مفيش إنطلاقة لقدام دا غير ان الكاتب فتح خط (الي هو الفصل الاول) و معرفناش مصيره و الفصل التاني يغفر له رمزياته و التالت كان أفضلهم من حيث تسلسل الاحداث و هو الي فهمنا الشيء الغريب الي وصفته في الاول جه منين لكن برده الرواية خلصت من غير ما نعرف الجسم دا و لا مصدره يمكن بيرمز لشيء الله اعلم
للاسف كنت متوقع عمل اقوي من كدا، مش معني انك حاطط رمزيات حلوة انك تبوظ احداث العمل و تخليه ممل و بلا هدف طب ونبي الي قرأ العمل يقولي ايه الي كان هيحصل لو الشعب كان ناس عادية مش تؤام ملتصق.. ولا حاجة الكاتب فعلا بني عالم حلو بس معرفش يستخدمه صح في صالح العمل.
"هكذا هي كل حبيبة، صعبة في كل البدايات ، تعطي الأمل شبراً ، و تأخذ الأمل بعدها أربعة و عشرين قيراطا"
"كانت فتاة (ميجو)، ذات الابتسامات التي تشبه أطباق الفاكهة، ترقص كأنها تطير ،وتطير كأنها ترقص"
" لا أحد يفهم الفلاسفة يابني، ولكن من الغباء أن نقول إنه لا أحد يفهم الفلاسفة"
"ولي عهد الحاكم ابن السماء يتحسس ساقي. ساقي في يد ابن الحاكم ابن السماء. أي فخر هذا"
#جزيرة_إلخ_إلخ
فيه عالم سحري خلقه مينا عادل جيد في روايته دي عن جزيرة متحررة من المكان و الزمان و الدين (و إن اقترب من المسيحية بشكل ثنائي الرؤوس)، فيها كل الناس عبارة عن بشر براسين، جسم واحد و راسين.
يمتازوا بالتفاهة و الإهتمام بصغائر الأمور و ترك الأمور المصيرية المهمة كليا ً.
رواية ضحكتني و شوفت فيها عالم تاني، أتمنى من قلبي الرواية دي تتشاف سينمائيا - رغم صعوبتها انتاجيا- بس لو بقت رسوم متحركة هتحقق نجاح كبير جدا.
حبيت جزيرة إلخ إلخ.. أنضج تجارب مينا عادل جيد و أمتعها ، أحلى حتى من "كنت طفلا قبطياً في المنيا" - و في رأيي المتواضع دي كعمل أدبي أحلى بكتير - كنت طفلا قبطيا اللي كسب بيها جائزة المركز الأول في العلوم الانسانية من معرض القاهرة للكتاب من سنة و نص تقريبا.
الرواية صادرة عن الدار المصرية اللبنانية ، و حقيقي أنصح بيها ، و هي مش كبيرة ٢١٥ صفحة فقط.
في انتظار الأجزاء القادمة.. لسه فيه كتير.. لازم يكون فيه أجزاء أكتر..