قلت لها إنَّني أروي حكاية سامية لا حكايتها. وأنا أعرف أنَّ ما رويته حتى الآن لا يصلح حتَّى كمقدِّمة لحكاية البحر الميّت أو حكاية وداد أو إميل.
لكنَّني لا أكتب قصّة.
أترك الأشياء تأتي. أقول إنَّني أروي الحكاية كما هي, وكنت أريد أن أضيف: دون زيادة أو نقصان, لكنَّني عدلت عن ذلك. فوداد الشَّركسية التي ماتت منذ عشر سنوات تشبه هذه الدمية المكسورة التي أراها الآن على شرفة مكتب القوميسيون لصاحبه جورج نفَّاع. مسكين جورج نفَّاع. أقول مسكين لأنَّه مات. أحزن عليه دون أن يكون لذلك علاقة بالشَّاعر فؤاد غبريال نفَّاع الذي مات هو أيضا, ولكنَّه بقي في ذاكرتي كأنَّه تمثال. يمشي في طرقات (الأشرفيّة) التي اسمها أيضا (الجبل الصغير), يحوم حول بيت جوليا قرب مقرّ الصليب الأحمر, وفي جيب سترته أوراقٌ مجعلكةٌ هي ديوانه الجديد. يدخِّن (البافرا) ولا يردّ السَّلام على أحد. مسكين فؤاد غبريال نفَّاع, هو أيضاً مات. هكذا يبرِّر الأحياء خياناتهم للموتى ببعض الكلمات العاطفيّة التي لا معنى لها. نحن نخون الموتى بشكلٍ دائم, الكتابة عنهم هي ذروة خيانتهم. لكن هذا ليس صحيحا. مجرَّد استمرارنا في الحياة, رغم كلّ هذا الموت, هو خيانة. ولذلك نلجأ إلى الذكريات كي لا نخون, ولكن في النهاية ماذا نذكر? لا نذكر سوى أنفسنا
English: Elias Khoury. الياس خوري هو قاص وروائي وناقد وكاتب مسرحي لبناني، ولد في العاصمة اللبنانية بيروت عام 1948. كتب عشر روايات ترجمت إلى العديد من اللغات وثلاث مسرحيات وله العديد من الكتابات النقدية. شغل منصب رئيس تحرير الملحق الثقافي الأسبوعي لجريدة النهار منذ العام 1993 حتى عام 2009. وكان مسؤولاً عن القسم الثقافي في جريدة السفير من عام 1983 حتى عام 1990. وعمل مديراً فنياً لمسرح بيروت بين عامي 1992 و1998. ودرس في الجامعة اللبنانية والجامعة الأميركية في بيروت وجامعة كولومبيا في نيويورك، ويدرس حالياً في جامعة نيويورك مادة الدراسات الشرق أوسطية والإسلامية.
- أعتقد ان الياس خوري كان يشرع في كتابة رواية ما فأحب ان يشارك قرّاءه بالمسودة والأسئلة المباشرة حول ماذا يكتب والفرق بين الحقيقة والحكاية والرابط بينهما، ثم بدأ بوضع مشاريع قصص "قد" تُكتب وتُحبك لتشكل رواية ما، لكني اعتقد انه لم يوفّق بذلك وبقيت رواية "مملكة الغرباء" غريبة عن الرواية والقارئ.
- قصّتان اساسيتان في الرواية: وداد الشركسية (والتي لم تكن شركسية لاحقاً) وصيرورة حياتها من أذربيجان الى لبنان. الراهب اللبناني وحياته ما بين الحقيقة والخيال ما بين لبنان والقدس. مشروع الراوي بالتحقيق وكتابة القصة الثانية قاده الى عشرات القصص الجانبية الأخرى وإدخال اسماء كثيرة (الكثير منها شخصيات حقيقية نضالية) وكتّاب (إميل آزاييف وسلمان رشدي). يجمع بين القصتين وبعض القصص الجانبية مفهوم التغرب بوجهيه العام والذاتي.
- لغة الرواية هي النقطة المضيئة فيها، لغة عذبة طُعمّت بشاعرية في بعض الأماكن وبفلسفة في البعض الآخر وعكست اسلوب الهذيان الذي اتبعه خوري في بناء هذه الرواية.
- مشكلتي الأساسية مع الرواية هي عدم اقتناعي بتوافق الأسلوب المتبع مع مضمون الرواية، ورصّ الكثير من القصص دون رابط بينها وحشد شخصيات كثيرة لا يحتملها هذا العدد الصغير من الصفحات.
- من اسوأ قراءات العام دون ادنى شك، وللأسف من كتابات الياس خوري الذي احبه وأقدّره كثيراً.
وغداً عندما تنتهي الحكاية سوف نجلس على شاطئ البحر، ونسكر ونضحك ثم نمضي، لا اريد نهايات حزينة
" وقف الكاهن أمام المذبح وألقى عظة عن المحبة، توقف عن الكلام وبدأت دموعه تتساقط فوق لحيته البيضاء. ثم قال لها، قال لنا، إنه لا يريد أن يخاطبنا بل يريد أن يخاطب القتيلة، لم يستخدم كلمة شهيدة، قال قتيلة، وتابع، أقول لك إنهم قتلوك لأنك فلسطينية، وأجهش في البكاء.
قلت لسامية إننا لم نكن نعلم أنكم هنا في المخيم، لم تعودوا قادرين على إقامة المآتم، لأن المساحات ضاقت بكم فألغيتم القبور"
" هل هذه الأرض التي أسمها فلسطين هي مجرد حكاية تسحرنا بأسرارها وطلاسمها؟ ولماذا حين نستمع إلى هذه الحكاية لا ننام.. بل نموت؟"
كقارئة، من أكثر ما أنا ممتنة له وجود كاتب مثل إلياس خوري.. كاتب متفرد؛ يتقن إمساك قلبي من أول كلمة في أعماله حتى آخر كلمة.. تسحرني الطريقة التي يكتب بها، واللغة الأنيقة، السرد الممتع والغير متكلف مطلقًا ، إضافة لسعة اطلاعه على تفاصيل القضايا التي يكتب عنها.
إلياس خوري، ذلك الكاتب الجميل الذي يهدهد قلبي دائماً كلما ضقت بالبلاد وأهلها، الذي في كل عمل له عن فلسطين يقول لي أن هذه البلاد لا تزال تستحق الحب.
النجمة سقطت من التقييم لأنني لم أكن أريد لهذا السحر الذي تعبق به الرواية أن ينتهي!
رواية غريب حبلى بالعديد من قصص الغرباء الأخرى ( في لبنان و فلسطين ) التي كان لابد لإلياس خوري ان يكتب عنها لسبب ظلّ يتساءل عنه حتى النهاية " هل هي الذكريات حين تُستعاد تختلط و تتحول إلى مزيج، حكاية واحدة أصولها في كلّ الحكايات ؟" " أم نكتب لأننا لسنا أبطالاً ؟! فالأبطال يموتون و اما نحن فنروي حكاياتهم." قصص غرباء قضوا نحبهم بشكل أو بآخر و هم غرباء عن أوطانهم .. و هم في حالة حنين لذكريات طفولتهم المغتصبة و التي اجتثت -ظلماً - من أرض الأجداد مبكراً جداً فعاشوا ما تبقى من سنين حياتهم على أمل وصل ما قطع و العودة لرحم أرضهم و ترابها الحاني .. ربما اختلفت عنهم قصة " وديع السّخن " اليهودي الذي كان لبنانياً في الارض و الروح ثم في آخر حياته اضطر رغماً عنه للحاق بإبنه الذي سبقه الى اسرائيل ثم مات هناك غريباً على ارض ليست ارضه ..
أكثر قصة آلمتني هي قصة " وداد الشركسية" التي اختطفت و هي في سن الثانية عشرة من اهلها و بلادها و بيعت كخادمة، عاشت غريبة ووحيدة و حين اقترب منها الموت أخيراً بعد سنوات طويلة انتفضت ذاكرتها فنسيت لغة الغربة و صارت تهذي بلغتها الأم و تبكي طفولتها الضائعة و أرضها البعيدة .. ثم فيصل ذو الثلاثة عشر عاماً الذي شهد مجزرة شاتيلا و نجى من بين جثثها باعجوبة ليُقتل بعدها بثلاث سنوات و هو يناضل ثأراً لمن اغتالهم الغدر و الاحتلال و حنيناً للعودة إلى أرضٍ سيطول الشوق إليها …
قلم حاد يجرحك و هو يخط حروفه .. يبحث عن " مريمته " التي أضاعها فكانت هذه القصص و كأنها حكايات تُروى لمريم او مريم قد روتها له .. هو لا يعرف ….
في البدء كانت القصة مبهمة و صاحبني شيء من الملل اثناء القراءة ثم بدأ إلياس يشبك بعض الخيوط في حكاياته ليصيغ لنا " مملكة الغرباء " باسلوب مميز مليء بالمشاعر و الحب و الحنين
(ولكن أبي، رغم احترامه للأدب، كان يعتقد أن على الأديب أن يكون مثل جبران خليل جبران، يؤلف الشعر والقصص من خياله الشخصي، ولا يذهب من مكان إلى مكان بحثًا عنها، كما أفعل أنا.)
بين إلياس خوري ذلك الذي كان يبحث عن الحكايات وبيننا نحن القراء اللذين نبحث عن الكتب، نجدنا بعد خبر وفاة إلياس خوري نحن من نبحث في كتبه لنجد ذلك الكتاب الذي منه ندخل ونستكشف عالم إلياس خوري، والتحدي الأسبوعي مع القراء البحرينيون يحقق الأمنيات والطلبات ولا مجال للصدف مع اختيار الكتب فها هم يحيون موت إلياس خوري بإختيار مملكة الغرباء للقراءة الجماعية مع خبر موته، وكما لمجال للصدف نقرأ مملكة الغرباء التي تحكي عن شخصيات فلسطينية ولبنانية وعن بيروت تزامنًا مع الأحداث التي تحدث في فلسطين وغزة بالتحديد ولبنان والضاحية بالتحديد. أجدني في مملكة الغرباء لستُ مع رواية أو قصة بل مع حكايات، وهذه الحكايات أبدع في سردها إلياس خوري عبر تنقله الزمني ما بين النكبة في عام ١٩٤٨ وبين حكايات تحدث في الحرب الأهلية اللبنانية، وكما تميزه وأبدع كذلك في تنقله ما بين الأبطال ما بين وداد الشركسية وما بين علي وسامية وغيرهم، وكما طعم الحكايات بإبداء رأيه أو قد نقول الحديث عن بعض وجهات النظر لبعض المواضيع مثل الحرب والحب وفي الكتابة والهوية واللغة. كانت شخصياته البعض منها حقيقية والبعض منها خيالية، ولكننا وجدناها كلها تشترك في ذلك الشتات النفسي والثقافي، فكل أولئك الأبطال كانوا في ضياع في غربة لذلك جمعهم خوري في مملكة الغرباء. وجدتني أتشوق من خلال سرده لمعرفة نهاية حكاية هذا البطل او الانتقال للبطل الآخر، بعيدًا عن اي تشتت أو فوضى.
وفي النهاية جميل أن يبحث الكاتب عن قصص وحكايات كما فعل إلياس خوري في هذا الكتاب ليكتبها ومن خلالها يوصل صوته إلى كل مريم حوله، وقد أجدني مريم هي العالم الذي أراد أن يقول له أسمع هناك الكثير من العالم مازال في شتات من تلك الأعوام إلى الآن.
هي ليست قصة ولكنها قصة، نغور في شواطئها وتدمع أعيننا، وها هي القصة تتكرر، أننا نعيش في مملكة الغرباء وكأن حياتنا تتكرر كل يوم، وكأنه Groundhog Day يعيش معنا، لم تنتهي القصة بل تتشابك وتتشعب لتشملنا كلنا، وتتلاقى الأيام فتجعلنا نحس بأننا هم وهم نحن، أتعجب من تلك الدول التي تسكن في بيوت أعمارها مئات السنين ودكاكينها مليئة بالأشياء القديمة! ونحن تتهدم بيوتنا فوق رؤوسنا ويأتي الغير ليسكن فيها وتتكرر المأساة ! أين أنت يا إلياس خوري لترى ما يجري الآن، غزة وطوفان الأقصى! سنرتب المصائب كقطع الشطرنج على لوح يلعب به الصبيان في كل زمان
اقتباسات:
كان وجهها مغطى بالماء، بما يشبه الماء، ثم اقتربتُ واستلقيت الى جانبها، لم تقل كلمة، أغمضت عينيَّ كنا أغمضت عينيها ، ورأيتها كما رأتني، وصارت الأرجوحة التي تحملنا كأنها سفينة تهتز وسط بحر هادئ.
أي شيء أكثر ضررا من أية رذيلة؟ الشفقة الفاعلة لخدمة الضعفاء وذوي التكوينة المعوقة:- المسيحية
أي شيء يُعد حسنا؟ كل ما ينمّي الشعور بالقوة ،وبإرادة القوة، والقوة نفسها داخل الإنسان أي شيء يُعد سيئا ؟ كل ما يتأتى من الضعف ما هي السعادة؟ الإحساس بأن القوة في تنامٍ، وأن هناك مقاومة يتم التغلب عليها.
"في البدء كان الكلمة" الحكاية إذن هي مادة تُروى نجد الحكايات مرمية في شوارع الذاكرة وأزقة المخيلة. كيف نجمعها لنقيم نسقاً فوق أرضٍ تتحطم فيها كلّ الإنسان؟ من نحن كي نروي؟
هكذا الحب، يترنح قبل ان ينتهي. يوحي بأنه يبدأ، حين يكون قد بدأ بالاختفاء داخل تلافيف الذاكرة . ما هذه الذاكرة التي تجعلنا نعتقد أنّ الحب عز حين يكون قد انزلق الى نهايته التي تشبه الذكريات
اختفت الطرق، الركام هو الطريق، والمياه الآسنة تفرش الأرض برائحة ذلك الوقت الذي يتسلل الى المفاصل. كان الأفق ينحدر الى البيوت المهدمة ، ويدخل في شبابيكها. لم يكن هناك أفق. في شاتيلا اختفت السماء داخل الحطام ، وتحول الماء الى بِركٍ داخل الثقوب في الحيطان التي سقطت على الأرض.
أنا الذي رأيت، اشهد واقول واصرخ، أنا الواقف على شاطئ البحر الميت، حيث المرايا والوجوه النحاسية والأرض التي تنفصل عن الأرض هل هذه الأرض التي اسمها فلسطين هي مجرد حكاية تسحرنا باسرارها وطلاسمها؟
ويعتبر المكان الشخصية المحورية في الرواية، حيث تطغى الاحداث الخارجية معادل جمالي للاغتراب والدمار الداخلي
كان حضور الفلسطينيين في الرواية لافتاً وبدوا مثل غيرهم، في لبنان، غرباء. تحفل الرواية بشخصيات فلسطينية حقيقية لها تاريخها الشخصي الخاص وملامحها الفردية الخاصة أيضا مثل علي أبو طوق وأنيس صايغ ونبيلة سلباق وحنة شاهين.
إن الموت غير الطبيعي هو مصير هؤلاء الفلسطينيين الأربعة ولقد قتلوا بأيدي جهات مختلفة؛ بأيدي الكتائب -وقتل قسم من أهلهم بطائرات الإسرائيليين- وبمسدسات مقنعين أغلب الظن أنهم عنصريون من القوات اللبنانية، وبأيد فلسطينية تدعمها جهات لبنانية وربما سورية في أثناء حرب المخيمات.
نلحظ أن الراوي لا يكتب عن غربة الفلسطينيين وحسب، بل عن غربه من نوع اخر، ولذلك اختار لروايته عنوانها "مملكة الغرباء" وكان أول الغرباء هو السيد المسيح، ولا يختلف عنه الراهب المسيحي في الرواية.
هل هذه الأرض التي اسمها فلسطين هي مجرد حكاية تسحرنا بأسرارها وطلاسمها؟ ولماذا حين نستمع إلى هذه الحكاية لا ننام ... بل نموت".
مريم هي سيدة الحكاية لماذا مريم وقد كشف عن كثير من النساء اللاتي أسمائهن مريم نعم لماذا مريم هل ثمثل قداسة من جهة كما أخبر في بعض صفحاته ام هي تمثل ارتباط الشعب المكلوم من جهة أخرى اي كان منهما الشعب الفلسطيني او اللبناني. وقد تحدث عن الشركسية وفيصل وعلي وموسى اليهودي وغيرها مما وردت من اسماء كل شخص له حكاية. الاماكن الحركية في روايته كثيرة منها الاردن فلسطين لبنان وغيرها . الموت القتل التشريد الفقر الجوع المرض الاغتيالات الجثث لها سم وافي في هذه الحكاية. يروي لمريم ومريم تروي له يتحدث لها وتحدثه هل هو حب ام هو قضاء وقت مع من يشجعه الى ان ينهي حكايته ؟، وهل مريم الا الأمة العربية المتناثرة يخبرها بالذي جرى ويسألها عن الامور الأخرى لعله يجد مايشفي غليله . ابتسامة حكاية أخرى لانه ذهب اليها ليجدها وقد انظمت الى فصيل اخر وارته المقبرة. ماذا أكتب؟ العنوان هذا حكاية أخرى هل تساؤل يريد من يخبره اكتب كذا وعن كذا ام هو تساؤل يريد ان يبين عجزه عن اي يكتب كل ماحصل وكأنما تخرج من القلب كأنها آه آه.
مملكة الغرباء، مجموعة من القصص حول الغربة، غربة مختلفة، لا نتحدث هنا عن غربةٍ فلسفية كالتي يتميز بها بطل كامو، بل نتحدث عن الغربة بين الدم والرصاص. نعرف أحداث الرواية من لسان الراوي، يعمل الراوي في جامعة كولومبيا، وعمل الآن على بحث يجمع فيه القصص الفلسطينية الشعبية، يتتبع الخيوط والروايات ليصل إلى القصة. مريم هي حبيبة الراوي، الفتاة التي كان يخبرها أن الحب هو قصة الحب، وأن الحكاية تلقي الماضي في كنف الحاضر، كانت مريم تبكي حينما ترى أضواء القدس وهي في غور الأردن، مريم الفتاة التي خالطت رمال فلسطين شعرها، كانت تتحدث مع الراوي ويسترسل هو في الحديث عن قصصه، مريم الفتاة التي كان النوم معها لايشبه النوم المعروف، كان كالريح في الريح، أمتداد للجسد يختلف عن الدخول المعروف للمرأة وأخذها من خارجها إلى داخلها.
تختلط القصص والأسماء في رأس الراوي، الراوي الذي لا يمتلك اسمًا، لكن سامية تناديه بفيصل، وفيصل هو طفل فلسطين قتلت عائلته في مذبحة شاتيلا واختبئ بين جثثهم حتى نام أربعة ساعات وتحول بعد ذلك إلى فدائيًا، أما سامية فهي حبيبة علي أبو طوق الرجل الذي أصيب بتسع رصاصات في قدمه، ثم أختفى في سفينة يونانية عند دخول الإسرائيلين إلى لبنان، وقد عاد بعد ذلك ليصبح القائد العسكري لمخيم شاتيلا، ومن مخيم شاتيلا نجد نبيلة سلباق المرأة التي عاشت وهي تحاول توفير ما يلزم للاجئين، كانت تدرس البكالوريا مع الراوي، وعملت في اليونيسف، وفي النهاية أوقفها ٣ أفراد من ميلشية أمل وأفرغوا فيها بنادقهم، وها هي نبيلة التي وهبت حياتها للمساعدة تتوزع أشلائها على الرصيف، وذلك لأنها فلسطينية كما قال الراهب في جنازتها. وهناك وداد الشركسية الفتاة التي اشتراها إسكندر نفاع لتخدم زوجته، ثم وقع في حبها، رأته زوجته يخونها، لم يهتم، أشتعلت شرار وداد بداخله، أعلن إسلامه وتزوجها، كانت وداد غريبة ومختلفة، عاشت وحيدة وغريبة وفي نهاية حياتها فقدت اللغة، بلا ماضي، وبلا طفولة معروفة تساقطت اللفة منها وخصلات شعرها غير أن شعرها ظل كثيفًا كما هو، أما وديع السخن شريك إسكندري نفاع في تجارة القومسيون فقد سافر خلف ابنه إلى تل أبيب ووحيدًا هناك فقد روحه.
عرف الراوي إميل في مكتبة جامعة كولومبيا حينما كان يقرأ عن جرجي الراهب الذي تختلف عليه الأقاويل، وانتهت حياته بعدما لبس الزي الكنسي ومسك البندقية لنشر العدل، وقعت عصابته في كمينًا يهودي، ووجد بعدها جثةً هامد موزع بها عشر رصاصات.
الكثير من القصص والكثير من الذكريات، روى الراوي حكاياته لمريم، وحكاها للكاتب سلمان رشدي حينما قابله قبل نشره كتابه آيات شيطانية، دخل الراوي مع مريم مطعمًا، وهناك جلسة مريم مع جندي يشتهيها ولأنها مريم اسهب في الجندي في الحكايات ثم غادر وسقطت عليه قذيفة، وقد رأته مريم، وهو يموت ويتحول إلى بطل، يتحول إلى حكاية.
عن وداد الشركسية، وعن الراهب جرجي، وعن نبيلة سلباق، وعن إسكندر نفاع، وعن وديع السخن، وعن مريم، وعن سامية، وعن فيصل، وعن علي أبو طوق وغيرهم، يتحدث الياس الخوري، كلها قصص حقيقية، ومعظمهم ضحايا لمخيما الشاتيلا وصبرا، وانتهى معظمهم في المقابر الجماعية للمخيم.
الراوية ليست سهلة وتحتاج إلى وقت لهضمها بشكلٍ كامل، كان يمكن أن تكتب بطريقة سهلة لكن الكاتب أختار أن يكتبها هكذا، كحلم، أختار أن تحكى القصص وكأنها أساطير، وأن نسير في غور الأردن الرصاصي، وأن نرى الراوي يغرق في الماء لكن الجميع يقولون أنه مشى عليها كالمسيح، ولأنه قصة، ولأنهم أخبروه بذلك صدقهم.
"هل هذه الأرض التي اسمها فلسطين هي مجرد حكاية تسحرنا بأسرارها وطلاسمها؟ ولماذا حين نستمع إلى هذه الحكاية لا ننام.. بل نموت؟"
رواية متداخلة وصعبة بعذوبة نادرة يحكي لنا إلياس عن فلسطين والفلسطينيين؛ يحكي لنا سردية شاتيلا واليهودي الهائم والبحث عن الحكاية وعن الحب وحكاية الحب. الأحداث متداخلة والشخصيات كذلك والأحداث والسرديات متشابهة ولا أظن هذا أنه تقصيرًا مني فأظن أنه ما أراد إيصاله إلياس والذي هو بالتالي يعكس الأزمة الوجودية لبقعة فلسطين وأهلها.
الرواية أحاطت قلبي بانقباضة تخصها وحدها وستنخزني انقباضتي كلما رأيت هذا الغلاف، إنها دليل إضافي على بهتان العالم. أجواء ومواضيع وشخوص الرواية تذكرني جدًا بقامات الزبد لفقيد الأدب الإنساني إلياس فركوح.
بأسلوبه القصصي الواقعي يتكلم الكاتب عن الحكايا والواقع و توظيفهما وكيف بالسرد بإمكاننا إحياء ذكرى الشهداء والفدائيين و نخدم تاريخهم ونتقارب معهم ولا نجرهم الى عالم النسيان. فمن خلال الاحداث نتقاطع بالعديد من الشخصيات الواقعية الفلسطينية واللبنانية الذين كان لهم تاريخهم الوطني الشعبي والفدائي الجهادي.
وجدت لدى الكاتب القدرة في التحرك والتحول بين الشخصيات في الرواية وهي التي عاشت غربة الوطن والدار والروح.
لو أنه اختصر الكتاب بحكاية واحدة افضل من هذه الفوضى وابتعد عن أسلوب الغرابه والتوهان .. حكاية علي وفيصل ومذبحة صبرا وشتيلا جعلتني أكمل هذا الكتاب بحقد وألم رغم أنها حكاية قصيرة جداً ! لن يغفر للكتائب وللجيش اللبناني قبل الاسرائيلي مافعل يومها رغم أن العالم عامةً ( والخاصة المعنيه بالأمر ) تتذكر المذبحة فقط ، وتندب عليها وتنسى من تسبب بها وأن المجرم قابعٌ بجانبها وفيها ! إن الخاصة ترى ماهي تريد فقط وتضع اللوم على غيرها لنقصٍ بداخلها وقِلة !
مملكة الغرباء: رواية عن بعض صور المقاومة الفلسطينية وخاصة مخيم صبرا وشاتيلا، رواية عن حكايات الغرباء الذين لا تربطهم علاقة. ��لصدق، الحنين، الشوق، الألم، الحبّ كان فيها.
إحدى الاقتباسات التي أصبحت قريبةً إلى قلبي:
"هل هذه الأرض التي اسمها فلسطين هي مجرد حكاية تسحرنا بأسرارها وطلاسمها؟ ولماذا حين نستمع إلى هذه الحكاية لا ننام. بل نموت؟"
مرحبا يا اصدقاء💌🪽✨️ انتهيت من قراءة "مملكة الغرباء" للكاتب " إلياس خوري". هذه هي المرة الاولى التي اقرأ فيها لهذا الكاتب وكانت تجربة غريبة لكنها جيدة . طريقة السرد المفككة و كأنها افكار شخص سكران او ما شابه جعلتني اعيد قراءة الرواية من البداية مرة اخرى بعد أن انتهيت من قراءة الربع الأول منها بالفعل من دون فهم ، لكن المرة الثانية كانت افضل و بدأت في فهم ما يرمي اليه الكاتب . الراوي لي هذه الرواية هو كاتب يبحث عن قصه لكي يكتب عنها رواية ، قصه عن فلسطين ، فا يبدأ في ذكر عدة قصص مختلفه غير مرتبطه تحكي عن الحب ، عن الحرب ، عن الغربة ، وعن الموت ، وهو محتار ما يختار منها لكي يكتب. و للصراحه كا فتاة عشت الحرب و لازالت قائمة في بلدي ليبيا للاسف فا انا كل يوم اسمع قصص أناس تنفع ان تحول الي روايات لكنها كثيرة وجميعها جيدة لدرجة انك تحتار في اختيار من منهم هي الأكثر مأساوية لكي تكتب عنها ، وعندما تشرع في ذلك تجد ان معلوماتك عن القصه ليست كافيه لبناء رواية الا لو استخدمت الخيال لتملأ به الفراغات و هو ما لا تريده بالطبع ، هذا هو ما حصل مع الكاتب في قصة الراهب ، بدأ بالبحث و بالبحث عن تكملة قصته لكن لا أحد يعرف. هذا هو مصير البشر الذين يعيشون في الحروب لديهم ملايين القصص لكي يحكوها ، ولكن الورق لا يتسع لها ، الناس الذين يعيشون في الرخاء لا يريدون سماعها لكي لا يتعكر مزاجهم .
هذه الرواية تُعتبر رواية مصغرة لباب الشمس أو محاولة لخلق باب الشمس الذي كانت بدأت تتكون في عقل الكاتب. غريب هو إلياس، يجمع الحكايات القرى والأشخاص في لبنان وفلسطين وكل مكان يزوره لأجل أن يصل للحقيقة، مشتت، يحكيها بدون ترابط أو إيقاع أو خط منتظم.
ما زلت أبحث في كتاباته عن باب الشمس أخرى ولم أجد بعد.
*هل هذه الأرض التي اسمها فلسطين هي مجرد حكاية تسحرنا بأسرارها وطلاسمها؟ ولماذا حين نستمع إلى هذه الحكاية لا ننام .. بل نموت؟* ص١٢٧
*"اللغة كالأرض" ، قلت له. نستطيع احتلال لغة الآخرين كما نستطيع احتلال أرضهم. لكن المسألة هي من نحن. هل نهرب من أعدائنا إلى أعدائنا؟ هل نقبل أن نروي، و بدل أن تُقرأ حكاياتنا التي نكتبها نتحول نحن إلى حكاية؟*
أن تركض لاهثاً تبحث عن الذاكرة ويدفنك الطريق أن يدفنك المسجد بلا شاهدة لذلك القبر الجماعي أن تحتّل لغة كي تقنع نفسك بالانتماء أو أن تحتل قضية أو حكاية... فأهلاً بك في مملكة الغرباء
الكلمات تنبت فيها كالأعشاب، المشاعر الانسانيه وتصوير الاحداث ، كم كبير جدا من الشخصيات والحكايات ممتزجه مع بعضها البعض ومحورها واحد فلسطين الغرباء المتعدون الديانات المسيح الشركس اليهود كل ذاك النسيج في مكان واحد لاندري كيف نروي او نتذكر ماحدث ولكن الراوي يجمعها ليتحدث عن صور المقاومه والضحايا التي منذ العام 1949 وحتى يومنا هذا يقاومها بكل صبر وبساله صاحب الارض الاصليه لايتنازل تو ينهار مهما كثر عدد الشهداء . بعض الاقتباسات : •انني اشم رائحة الذكريات •حكايتان ، لا، ثلاث حكايات . لست أدري كم عددها ، ولا أعرف لماذا تترابط حين أرويها . •فلأبطال يحنون رؤسهم حين نروي حكاياتهم . •اترك الاشياء تأتي . أقول إنتي أروي الحكايه كماهي • شيئاً أكبر من الطب والعلم .رأيت روحه.كانت هذه انتفضت في جسمه لمدة نصف ساعه...هي الروح التي تنسحب بوحشية فظيعه من الجسد الميت وكانها فوجئت بالموت وارادت أن ترفضه. •عرفت الموت من العينين . فجأة تذبل العيون كما تذبل الزهور.االعين زهرة الجسد ، العين ملجأ الروح . رايت ظل ابتسامه صغيره على شفتيها تكررت هذه الابتسامه في ذاكرتي إلى مالانهاية . •الحب يا ابني هو ان لايكون الاخر لك ، هو ان تبقى الهوة مفتوحه . سبع مريمات يحطن بالشمس المتلالئه فوق البحر الميت . •اهمية الالحان البيزنطيه ....انها موسيقى تتداخل فيها بساطة الانسان وعظمة الموت.
هل أجرؤ على أن أقول بأنّ حكايتك هي ذكرياتي؟ هل أجرؤ على أن أنتظر منك جواب؟ كنت أعرف أنَّني لن أصير بطلاً. مرَّة واحدة حاولت البطولة وفشلت. خرجت من مركب الصَّيد, كان ذلك في بحر، وكنَّا نصطاد السَّمك. خرجت ومشيت على وجه البحر. قلت لهم إنَّني سأمشي على وجه الماء ومشيت. كلّهم رأوني أمشي, هكذا قالوا لي, وأمَّا أنا فغرقت. وجدت نفسي أغوص والماء يصبح فوقي. لم يأتِ أحدٌ لإنقاذي. كنت لا أريدُ أحدا. كنت أريد أن أمش وأن أغرق. غرقت ولم أمشِ. كلّهم قالوا إنَّهم رأوني أمشي, وأمَّا أنا فغرقت. ثمَّ صدَّقت ما قاله الآخرون. .
يغرقني إلياس خوري! كتاباته التي لا تضع الزمن والتواريخ مقياسا للذاكرة.. فهو يعيد تشكيل الذكريات المتراكمة والمتداخلة.. لتصبح نسيجا لقصة وطن لا يشبه شيئا.. هو ذكريات متداخلة من المنفى، خيالات تشكلت مع حكايات الأجداد.. إيمان بمكان لم تراه الأعين ولكنها نسبت اليه..
في كتب الياس خوري تجد كيف ان "فلسطين" تجاوزت كونها بقعة جغرافية.. هي انتماء سما عن الحدود.. واعيد تشكيله في كل ارض نزح اليها ابناءه.. فلسطين تحمل صورة الام الحنون لطفل لم يعرف سوى الملاجئ..
ينتقل إلياس خوري بسلاسة مرعبه بين الحكايات والشخصيات.. يرمي اختلاط الذاكرة بالألم والتأرجح بين رغبة قاسيه للنسيان ورفض قاطع لممارسته.. كيف بقي الغريب غريبا.. وكيف ان بحثه الدائم عن وطن يلقي فيه احماله كلها مرة واحدة كان بلا جدوى.. أرواح لم تجد الراحة إلا بعد ان ترحل هي.. أو يرحل من يربطها بالحاضر.. فتهيم في ماض هلامي اعتباطي.. يعود مختلطا بما تشعر اليوم.. وليس كما حدث.. فالتاريخ يبدو هنا ما نتذكر مما شعرنا به.. وليس ما حدث..
وكيف الخوف من الذاكرة.. أصبح يشكل حكاياتنا اليومية..
جميل جداً... مشتت في البداية، ومتماسك وجميل في النهاية. اعتقد انه يحتاج قراءة ثانية . - قراءة ثانية، بعد زيارة لبنان مجدداً وبعد زيارة قبر علي أبو طوق، وبعد معرفة المزيد عن لبنان وبيروت بالأخص. القصص أجمل مما أعرف، ومما قرأت وتوقعت، وطريقة الكتابة تبدأ سلسلة لتلمسَ جزءاً تطور فييّ عبر السنوات القليلة، ويلمس واقعاً بت أعرف أكثر عنه -على قلته-. يبدأ بسلاسة جميلة، لينتهي إلياس على عجل، ولكنه ممتع. ممتع حقاً. أستمتع في قصص أستطيع الارتباط بها لفهمها أكثر، وأستمتع في قصصٍ وكأنها فيلمٌ قديم مصور، وأتسأل وأنا أقرأ، ما الذي كان سيختلف لو أنها كتبت بعد أوسلو وبعد 1993 فلسطينياً وليس قبل؟ هل من الممكن أن التضمينات والشكل للعرض السياسي كان سيختلف مع أنها تبدأ وتدور وتموت في بيروت؟ "بيروت قصتنا، بيروت غصتنا، وبيروت اختبار الله" إلى قراءةٍ ثالثة في زمنٍ لاحق لا بد منه.
It's one of the rare books that might be better as a re-read. I liked that it's a bit different than what I'm used to: both in content and style. But I felt confused in parts.
I told her I could smell the aroma of memories. She smiled.
But my father, despite his respect for literature, believed an author should be like Kahlil Gibran and compose poetry and stories from his imagination, not go from place to place looking for them the way I do.
We find stories tossed in the streets of our memory and the alleys of our imagination. How can we bring them together, to impose order on a land in which all order has been smashed to pieces?
Is this land whose name is Palestine merely a story that bewitches us with its secrets and charms?
حسّيت بوحدة شديدة, صرت أقول لحالي, يا ريت نرجع نحن يلِّلي عايشين بالمخيَّم نعمل بلد صغيرة, بلد أو قرية أو مخيَّم, شي زيّ شاتيلا يلِّلي كنَّا عايشين فيه. رحت دغري أدوّر على أصحابي تقول لهم, تعالوا نعمِّر بلد صغيرة, بلد أو قرية أو مخيَّم, شي زيّ شاتيلا يلِّلي كنَّا عايشين فيه. رحت دغري أدوّر على أصحابي تقول لهم, تعالوا نعمِّر بلد بقلب فلسطين, تجمَّعنا مع بعض, وتكون زيّ المخيَّم, بسّ لحظتها فقت.
"في الماضي, كان هذا النوَّع من الحكايات يُنسى وُترك للزَّمن. فيقوم الزَّمن بإعادة صياغتها وتحويلها إلى ما يشبه الأسطورة, أو إلى حكاية شعبيّة على أقل تقدير. في الأسطورة تتجمَّع عناصر اللَّاوعي الفرديّ والجماعيّ, وأمَّا في الحكاية الشعبيّة فإنَّ هذه العناصر تتحوَّل إلى رموزٍ تخاطب اللَّاوعي, ومع الزَّمن تتحوَّل إلى حكاياتٍ للأطفال."
لم اتوقعها هكذا أو لنقل أنني كنت ابحث في السطور عن الدهشة التي عبثاً لم اعثر عليها هل يجب أن يكتب الكاتب بطريقة معقدة حَدّ اللامفهومة يضيع القارئ بين سطورها ليكون عميقاً؟
عدة قصص قي رواية واحدة وظللت اتساءل مع كل صفحة حتى وصلت مشارف النهاية أين الحبكة؟
كانت أول عهد لي مع الياس خوري اتطلع بالتأكيد لقراءة عمل آخر مختلف