بحث قدمه المؤلف فى المؤتمر الثلاثون لجماعة خريجى المعهد القومى للإدارة العليا تحت عنوان "مستقبل التنمية فى مصر والدور المنتظر لها فى القرن الواحد والعشرين" حول الإدارة السياسية وفن إدارة المجتمعات باستخدامها سواء كانت الجغرافية أو التاريخية أو الثقافية أو الإنسانية أو الاقتصادية
أبرز الصحفيين العرب والمصريين في القرن العشرين. من الصحفيين العرب القلائل الذين شهدوا وشاركوا في صياغة السياسة العربية خصوصاً في مصر. قام بتحرير كتاب فلسفة الثورة الذي صدر للرئيس جمال عبد الناصر. عين وزيراً للإرشاد القومي ولأنه تربطه بالرئيس جمال عبد الناصر صداقة نادرة في التاريخ بين رجل دولة وبين صحفي ـ يعرف تمسكه بمهنة الصحافة - فإن المرسوم الذى عينه وزيراً للإرشاد القومي نص في نفس الوقت على إستمراره فى عمله الصحفى كرئيس لتحرير الأهرام.
بقي رئيساً لتحرير جريدة الأهرام لمدة 17 سنة وفي تلك الفترة وصلت الأهرام إلى أن تصبح واحدة من الصحف العشرة الأولى في العالم. رأس محمد حسنين هيكل مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم - الجريدة والمؤسسة الصحفية - ومجلة روز اليوسف. أنشأ مجموعة المراكز المتخصصة للأهرام: مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية ـ مركز الدراسات الصحفية ـ مركز توثيق تاريخ مصر المعاصر. إعتزل الكتابة المنتظمة والعمل الصحافي بعد أن أتم عامه الثمانين ومع ذلك فإنه لا يزال يساهم في إلقاء الضوء بالتحليل والدراسة على تاريخ العرب المعاصر وثيق الصلة بالواقع الراهن مستخدماً منبراً جديداً وهو التلفاز حيث يعرض تجربة حياته فى برنامج أسبوعى بعنوان مع هيكل في قناة الجزيرة الفضائية.
الكاتب الصحفي الوحيد الذي تجد فى نهاية كتبه ملحق كامل بصور الوثائق. الكاتب السياسي الوحيد الذي يكتب بأسلوب أدبى ممتع دون الإخلال بالموضوع لأنه خبير بخفايا النفس البشرية. قال عنه أنتوني ناتنج - وزير الدولة للشؤون الخارجية البريطانية فى وزارة أنتوني إيدن - ضمن برنامج أخرجته هيئة الاذاعة البريطانية : عندما كان قرب القمة كان الكل يهتمون بما يعرفه وعندما إبتعد عن القمة تحول اهتمام الكل إلى ما يفكر فيه. ساند الكاتب نجيب محفوظ عند مهاجمة روايته أولاد حارتنا.
إن الكتاب ككل يُعَد ورقة في حوار كما هو مُدوَّن على غلافه يبدأه المرحوم هيكل بعبارة رقيقة ينهيها بـ: وقد أسجل مسبقًا أن تصورات كل منا تظل متأثرة بموقفه وموقع نظره ومنهجه في الإجتهاد، وبالتالي فإني أقدر سلفًا أن بعض ما أعرضه من تصورات قد يختلف مع تصورات أخرى، ويطمئنني – في كل الأحوال – أن اختلاف التصورات مفيد في البحث عن الحقيقة
وبهذه العبارة يحسم هيكل مفهومه من "التصورات" و"الرأي والرأي الآخر" و"الإختلاف" فيما بين أصحابها، بشرط تقبل حرية إبداء التصور والإختلاف معه دون رفض صاحب التصور نفسه، وهو ما وقع فيه البعض عندما تمسّكوا بما قيل عن هيكل ورفضوا قراءة ما قدمه في كتبه، ونصّبوا أنفسهم قضاة، قضاة بلا محاكم ولا أوراق قضايا ولا روح قانون ولا حتى حيثيات للحكم يمكننا أن نرفض أي شخص أو نرفض ما كتب لمجرد الرفض، لشيء ما في أنفسنا، يجعلنا نجعل منه مشجب "شماعة" لنعلق عليها فشل ما حققناه أو وصلنا له بفعل الآخرين، لكن هل موقفنا الذي نبنيه على تعصب ضد الآخر موقف سليم؟
الجزء الأكبر من الكتاب يبدأ بالحديث عن النظام العالمي القديم "بريطانيا العظمى" والنظام العالمي الجديد "الولايات المتحدة" إلى جانب سقوط حائط برلين في 89 وتفكك الإتحاد السوفييتي في 91 والحرب العالمية الأولى والثانية والحرب الباردة، يتناول تداعيات الحدث ونتائج الوصول العجيب أنه على عكس نعّوم تشومسكي – على سبيل المثال وليس الحصر – لم يورد إشارة للمصادر التي أخذ عنها، لأن الأهم من الإشارة لحدث ما الإشارة للخبر أو الإحصائية أو الدراسة التي تؤرخ للحدث أو لمجموع أموال نقلت من بنك كذا لبنك كذا فمثلاً في صفحة (39) يقول: وربما يساعدنا أن نتذكر أن النظام البنكي العالمي تدور فيه الآن: 430 بليون دولار تقريبًا من أموال مواطنين سعوديين (لا تشمل الملكية العقارية أو الزراعية) 112 بليون دولار تقريبًا من أموال مواطنين مصريين 74 بليون دولار تقريبًا من أموال مواطنين جزائريين 65 بليون دولار تقريبًا من أموال مواطنين سوريين وغير هؤلاء كثيرون، وهذا عدا حقيقة أن الدول التي ينتمي إليها أصحاب هذه الثروات أصبحت كدول غارقة في الديون، حتى تلك التي كانت تعتبر ضمنها من أغنى الأغنياء أتى الكتاب ليجيب عن دور (مصر والقرن الواحد والعشرون) وانتهى ببضعة أسئلة مثل السؤال عن الهدف الواضح والمحدد وإمكانية تحقيقه ومشروعية قبوله من أصحابه ومن العصر وهل سيتوافر – للهدف – أصلح وأنضج العناصر وإلخ.. أسئلة عامة لا تصل بالقارئ ولا بالمجتمع إلى بر أمان بل تدعوه حقًا للتفكر في ماهية ما نعيشه وما هو المستقبل الذي نريد قبل أن نحصل على المستقبل الذي نستحق
إن الكتاب محاولة لتقييم الماضي وايجاد رؤية واضحة لمستقبل قد يكون قريبًا، قد يأتي ونحن كالجنرال الذي فقد جيشه ووقف وادعًا يستقبل الموت في صمتٍ مريع. لكن هل اهتم أحد ممن كانوا عليهم الإهتمام بالمستقبل وما سيؤول إليه الحال حينها؟.. كلا
طبعة الكتاب الأولى كانت في 1994 ،، أكتوبر 1994 وبعد 19 عامًا نجد أن الكثير من هذا الكتاب صار واقعًا
صعود الصين - غشومية أمريكا لانعاش اقتصادها - سيطرة الشركات العابرة للقارات - سفور صندوق النقد والبنك الدولي - عودة الدب الروسي وعلى المستوى المحلي : التناقض بين الدين والعلم - مشكلة العروبة أم الإسلام - تناقض الوطنية والقومية - تناقض بين الأصالة والحداثة - وبين الحاضر والماضي - تبديد الثروات - أزمة شرعية الأنظمة الحاكمة - ديكاتورية الحكم - الإذعان العربي لإسرائيل - خطر الإسلام الإرهابي - اختراق خارجي للعالم العربي - قيادات جاهلة - تعتيم معلوماتي
ويؤمن الأستاذ هيكل أن كل هذه العوامل ستتفاعل محدثة تغيير في الخريطة السياسية والاقتصادية ،، وأن الخريطة الجديدة ستكون أهم وأخطر من خريطة ( سايكس بيكو ) .
وفي نهاية الكتاب لا يتركنا الأستاذ لليأس ،، بل يسرد ثلاثة أسباب تجعله يتفائل بحراك اجتماعي نشيط مدفوع بشحنة من القلق على المستقبل تتعامل مع تلك العوامل المحلية لمواجهة التحديات الخارجية.
خلاصه القول وهذا ما وصلنا إليه الأن، كما قال هيكل : أن القرن الواحد والعشرين فيما نستطيع ان نري منه سوف يكون أشبه بشركة مساهمة يجلس ضمن إداراتها من أسهموا في رأسمالها ، وأما العاطلون عن المساهمة ، أو الطالبون لوظيفة ، أو السائلون لمساعدة ، فمن الصعب أن نراهم في مفاعد مجلس الإدارة ..
ورقة بحثية بمثابة التطلع إلي المستقبل وأغلب ما تحدث عنه حدث بالفعل ، من ضمن تنبأته قدوم الصين وهيمنة اقتصادها علي دول العالم ، أن مستقبل الدول العربية مبهم ، وإن كان يتضح من كلامه ان الأعتماد علي مقارنة الأحوال بالماضي ، وعدم معرفة التاريخ جيدآ سيقضي علي الدول العربية وهذا ما حدث بالفعل ، أن امريكا قوي سياسية عظمي .. اعتقد لو كانت هذه الورقة البحثية اخذت علي محمل الجد والدراسه وتفادي سلبيات الأمور ، لأثرت علي مستقبل الدول العربية ، لكننا أمه تسمع دون ان تبذل مجهود لفعل شئ ، هي فقط تنصت ثم تعود إلي ما كانت علية متناسية كل ما قيل عن المستقبل متطلعه لما سيحدث غدا فقط ...