الأدب هو الكاشف الحافظ للقيم الثابته فى الإنسان والأمة، الحامل الناقل لمفاتيح الوعى فى شخصية الأمة والأنسان.. تلك الشخصية التى تتصل فيها حلقات الماضى والحاضر والمستقبل. والفن هو المطية الحية القوية التى تحمل الأدب خلال الزمان والمكان. والأدب بغير فن رسول بغير جواد في رحلة الخلود.. والفن بغير أدب مطية سائبة بغير حمل ولا هدف.. ولقد كان همى دائما محاولة الجمع بين الرسول وجواده.. ولقد رأيت دائما الأدب مع الفن، والفن مع الأدب.. لذا سميت هذا الكتاب «فن الادب»..
Tawfiq al-Hakim or Tawfik el-Hakim (Arabic: توفيق الحكيم Tawfīq al-Ḥakīm) was a prominent Egyptian writer. He is one of the pioneers of the Arabic novel and drama. He was the son of an Egyptian wealthy judge and a Turkish mother. The triumphs and failures that are represented by the reception of his enormous output of plays are emblematic of the issues that have confronted the Egyptian drama genre as it has endeavored to adapt its complex modes of communication to Egyptian society.
ليس الكتاب سيئا بالمناسبة، بل هو جيّد جدا، لكن هذا ما يحدث حينما لا يقرأ في غير وقته. لقد رافقني توفيق الحكيم طيلة فترة البلوغ، وما بين العاشرة والخامسة عشر تقريبا لم أنعم بأفكار وقصص بقدر تلك التي غنمتها من توفيق الحكيم. إنه أستاذي، وأفكاره هي تلك الأسس الأولى التي بنيت عليها شخصيتي. ولا عجب أن يكون حمار الحكيم أوّلها. ولكن المرء يكبر ويتعلم أكثر فأكثر. وتصبح حاجته أعقد وأعمق. والواضح أن توفيق الحكيم من خلال مقالاته لا يرمي أن يصيب بها أعماق المعنى بقدرما يبغي تبسيطها لعموم الناس، ولذلك كان كتابه فنّ الأدب عموميّ النزعة، لا يلمس من المعاني إلا سطحها، ولكنّها معان مهمة ووجهات نظر لافتة لمن لم يلتفت إليها بعد، وهذا ليس حال من شبّ على أفكار هذا الرجل.
وقد تسألني بعدئذِ "ماهو الأبتكار؟" فأقول لك بسرعه ووبساطة "هو أن تكون انت .. هو أن تحقق نفسك .. هو أن تُسمعنا صوتك أنت .. ونبرتك أنت .." ___
حسنًا ، لقد وجدت كنزًا ! اثناعشر فصلًا من اشياء واجب فهمها لتبُدع بالطريقه الصحيحه ، حصيلة كبيره من المفردات اللغويه ، من التعبيرات اللفظية ، من الخبرات الأدبيه ، من المواقف الطريفة ، من بساطة الأسلوب وسهوله الفهم ،، اثناعشر فصلًا لابد من إعادة قرائتهم مرة اخرى !
اﻷدب هو الكاشف الحافظ للقيم الثابتة في اﻹنسان و اﻷمة ،الحامل الناقل لمفاتيح الوعي في شخصية اﻷمة و اﻹنسان...تلك الشخصية التي تتصل فيها حلقات الماضي الحاضر و المستقبل.
الفن هو المطية الحية القوية التي تحمل اﻷدب خلال الزمان و المكان.
لقد رأيت دائما اﻷدب مع الفن، و الفن مع اﻷدب.
"الكتاب يحمل عنوانه بكل سلاسة و صدق و جمال..أحببت هذه القراءة بين الماضي و المستقبل و اﻵن "
في الكتاب خلاصة المدرسة الأدبية ل توفيق الحكيم ،أحب من قرأت لهم ،أقتنع بكل وجهات نظره تقريبًا في ماهيه الأدب. كتاب جميل ! .. مع كل قراءة للكتاب أخرج بأشياء جديدة، لكن الفصول الأخيرة في الكتب لم أحبها بعد !
ليس الخلق في الأدب _إن لم يكن في كل شئ_ هو خلق شئ جديد بل هو أن تتحدث عن شئ يألفه الناس فتبث فيه من أدبك وفنك فيعشقون قرأته من بعدك كتاب رائع عبارة عن مقالات منفصلة في الادب والفن
-- عميد المسرح العربي الحديث المرحوم الأستاذ توفيق الحكيم قمة من قمم الأدب العربي المعاصر ، و هو أديب و كاتب مسرحي و قاص كبير . و إلى جانب كونه أحد رواد الرواية و الكتابة النثرية فهو يصنف كإسم هام من الأسماء الرائدة في تاريخ الأدب العربي الحديث . و يعتبر كذلك من أبرز القامات الثقافية المعاصرة ، و قد امتد تأثيره لأجيال متعاقبة لكونه يعتبر من المؤسسين لفن الكتابة المسرحية و الملهم الأول لكتاب الأدب المسرحي ، كما كان ناقدا أدبيا شجاعا ، و ناثرا و قاصا ، و له إبداع خاص و متميز في كتابة القصة و المقالة الصحفية بشكل عام ، و قد عكست مؤلفاته و مسرحياته وضعية المجتمعات العربية و مشاكلها و ساهمت في تشكيل وعي الأجيال المثقفة و إثراء الفكر العربي بشكل عام كما ترجمت كتبه إلى العديد من اللغات .
-- ولد توفيق إسماعيل الحكيم في 9 أكتوبر عام 1898 بمدينة الإسكندرية ، لأب مصري من أصل ريفي يعمل في سلك القضاء ، و كان من أثرياء الفلاحين ، و أم تركية أرستقراطية ، ابنة أحد الضباط الأتراك . - ثم التحق بمدرسة حكومية بمحافظة البحيرة حيث أنهى الدراسة الثانوية ، ثم انتقل إلى القاهرة مع أعمامه ، لمواصلة الدراسة الثانوية في مدرسة محمد علي الثانوية . شارك في عام 1919 في الثورة المصرية مع أعمامه و قبض عليهم و اعتقلوا بسجن القلعة ، إلا أن والده استطاع نقله إلى المستشفى العسكري إلى أن أفرج عنه ، حيث عاد عام 1920 إلى الدراسة و حصل على شهادة البكالوريا عام 1921 . انضم إلى كلية الحقوق بسبب رغبة أبيه ليتخرج منها سنة 1925 . تمكن والده من الحصول على دعم أحد المسؤولين في إيفاده في بعثة دراسية إلى باريس لمتابعة دراساته العليا في جامعتها قصد الحصول على شهادة الدكتوراه في الحقوق و العودة للتدريس في إحدى الجامعات المصرية الناشئة فغادر إلى باريس لنيل شهادة الدكتوراه ( 1925 – 1928 ) و في باريس كان يزور متاحف اللوڤر و قاعات السينما و المسرح ، و اكتسب من خلال ذلك ثقافة أدبية و فنية واسعة إذ اطلع على الأدب العالمي . عمل وكيلا للنائب العام سنة 1930 في المحاكم المختلطة بالإسكندرية ثم في المحاكم الأهلية ، و في سنة 1934 انتقل إلى وزارة المعارف ليعمل مفتشاً للتحقيقات ثم نقل مديراً لإدارة الموسيقى والمسرح بالوزارة سنة 1937 ثم إلى وزارة الشؤون الاجتماعية ليعمل مديرا لمصلحة الإرشاد الاجتماعي . استقال في سنة 1944 ليعود ثانية إلى الوظيفة الحكومية سنة 1954 مديرا لدار الكتب المصرية و في نفس السنة انتخب عضواً عاملاً بمجمع اللغة العربية . ثم عضوا متفرغا في المجلس الأعلى لرعاية الفنون و الآداب بدرجة وكيل وزارة في عام 1956 و في سنة 1959 عيّن كمندوب مصر بمنظمة اليونسكو في باريس ثم عاد إلى القاهرة في أوائل سنة 1960 إلى موقعه في المجلس الأعلى للفنون و الآداب . عمل بعد ذلك م��تشاراً بجريدة الأهرام ثم عضواً بمجلس إدارتها فى سنة1971. اعتبره الرئيس جمال عبد الناصر الأب الروحي لثورة يوليو 1952 ، بسبب قصته { عودة الروح } التي صدرت عام 1933. لكن الحكيم هاجم التجربة الناصرية في كتابه { عودة الوعي } ، و اعتبر أن الشعب المصري عاش فيها فاقدا للوعي ! . - و قد ترجمت العديد من أعماله إلى اللغتين الفرنسية و الإنجليزية ، و حولت بعض أعماله إلى أفلام و مسلسلات . توفي في 26 يوليو عام 1987 عن عمر ناهز 89 عاما .
-- أما عن الكتاب فأعتبره أول لقاء لي بقلم توفيق الحكيم ، و بدا أنه كان موعدا غراميا موفقا إلى حد ما كوني قد استمتعت كثيرا بالقراءة له و استكثرت نهاية رحلتي معه بهذا السرعة ! . ففي الإثنا عشر فصلا التي يحتويها الكتاب ستبلغ يا باغي الأدب ذروة متعتك النفسية و أنت تنتقل بها من فصل إلى آخر ! محلقا مع الحكيم في مواضيع شتى يربط فيها الفن بالأدب مصورا ذلك الإرتباط الوثيق في النظرة الفنية الواقعية للنص الأدبي . و حيث أنك لن تقدر على مجاوزة أي فصل دون التأمل في ما استفدته منه ، فهو خلاصة المدرسة الأدبية للمؤلف و فيه حصيلة دسمة من النظريات و المواقف و الآراء ، و هو خير معين للكاتب المبتدئ و الناثر الناشئ ، فهو يعطيك الزاد الضروري لتصور وجهات النظر الأدبية المتعلقة بالكتابة و النثر و الشعر و البلاغة عموما ، و هذا ما يجعلك على اطلاع واف بخريطة الإبداع الأدبي الموصلة للطرق الصحيحة و الواجبة في تذوق الأدب و كتابته . و هذا يكسب الكتاب أهمية كبرى خصوصا للباحثين الأكاديميين في مجال البلاغة اللغوية و علوم الأدب . - و قد ابتدئ الحكيم كتابه هذا معرفا بغرضه ، بهذه المقدمة الصغيرة و الباذخة ، و التي تدور رحاها حول مفهوم الأدب نفسيا و فنيا ، ليرسي في نفوس قراء كتابه هذا مفهوم عدم الخروج عن الموضوع الأساسي و الذي جعله محور كتابه ، ألا و هو : علاقة الفن بالأدب و تلازمهما و استحاله تصور أحدهما دون الآخر فيقول معرفا بالأدب في ذلك : -- الأدب هو الكاشف الحافظ للقيم الثابتة فى الإنسان والأمة ، الحامل الناقل لمفاتيح الوعي فى شخصية الأمة و الإنسان .. تلك الشخصية التى تتصل فيها حلقات الماضي و الحاضر و المستقبل . و الفن هو المطية الحية القوية التي تحمل الأدب خلال الزمان و المكان . والأدب بغير فن رسول بغير جواد في رحلة الخلود .. و الفن بغير أدب مطية سائبة بغير حمل و لا هدف .. و لقد كان همى دائما محاولة الجمع بين الرسول و جواده .. و لقد رأيت دائما الأدب مع الفن ، و الفن مع الأدب . لذا سميت هذا الكتاب ( فن الأدب ) ! . -- و الفنان في نظر الحكيم بحاجة ماسة إلى قدر معين من الأدب حتى يحسن ترجمة فنه ومشاعره و إلهاماته للآخرين ، و الأديب بدوره لا غنى له عن الحس الفني و الذي عادة ما يكون نابعا من إحساسه الخاص أو مكتسبا من تجارب الكتاب السابقين له بحكم اطلاعه على ما كتبوه و اقتدائه بخطاهم في الكتابة الأدبية ! . و الغاية الحقيقية من وراء الفن الأدبي ليس أن يكتب الأديب في موضوع لم يسبق إليه ، فقد طرق الكتاب و الأدباء على مدار القرون السالفة شتى مواضيع الحياة و تناولوا أغلب مواد الكتابة ، و قد قطعوا قول كل من سيأتي بعدهم من المؤلفين ، و لم يتركوا لأحد مجالا للخط في الصحائف إلا أن يكون مستمدا منهم و ماشيا على دروبهم و مقتبسا من إنتاجهم . إلا أن الدور الصحيح للكاتب هو في أن يتناول ما تناوله السابقون و لكن بصورة فنية مبتكرة تجعله في سربال جديد و لباس حديث . و هذا ما أعتقد ( من خلال نظرتي المتواضعة ) أن توفيق الحكيم أراد توضيحه و تأكيده ، على أنه اختصر ذلك بشدة في بعض المواضع . -- و تعتبر مادة الكتاب من جهة أخرى مزيجا بين الدرس الأدبي ( الذي يقدمه الحكيم في صورة أسلوبية براقة ) و انطباعاته الخاصة و آرائه الشخصية و ذكرياته الماضية ، و التي هي في نظره جزء من قواعد النضوج العلمي ، كون هذه التجارب كان لها حصة من نمو ملكاته و تفتح شخصيته و ازدياد اطلاعه على كتاب الحياة ! . -- فصول الكتاب موزعة على شكل مقالات ( غير أنها ليست مقالات ! ) ، و غالبا ما لا يزيد النص الواحد من تلك الفصول على ثلاث أو أربع صفحات ! . و أسلوب الحكيم فيها يبدو مسبوكا بالكلمات الحية و الألفاظ الجزلة مع الخفة و الوضوح و السهولة ، و هي طريقة خالصة له في الكتابة ! ، يعرفها منه كل من قرأ له سواء في كتبه النثرية أو مسرحياته أو مقالاته الصحفية . -- تناول الحكيم في تلك الفصول الخصبة موضوعات شتى و مواد مختلفة عن الأدب العربي و الشعر و فن التصوير و الموسيقى و الأدب الغربي و النقد و علاقة الدين بالأدب و الفن و علاقته كذلك بالعلم التجريبي و سوانحه الخاصة و مسامراته الشبابية و نقاشاته و غير ذلك . -- و قد انفرد الأستاذ توفيق في كتابه هذا برأي في تفرد الأدب العربي و تفوقه على سائر الآداب الإنسانية بقوله إن تاريخ الآداب العالمية ينبؤنا بأن وجود الأدب في شعب من الشعوب ( كاليونان مثلا الذين أبدعوا في مجال النحت و الرسم و المسرح إلى جانب الأدب ) لابد و أن يكون قد عاصره وجود للفن ! ، فهما مترادفان دائما لا يفترقان و هما متوازيان غالبا ! ، غير أن الأدب العربي لم تكن له تلك الميزة الطبيعية ، فعندما نبغ هذا الأدب ممثلا في الشعر و الخطابة و الحكم و الوصايا في الجاهلية خصوصا لم تكن لدى العرب أي ملكة فنية تدفعهم للإبداع في هذا النوع ! فكان أن صار هذا الأدب أدبا عذريا لم تخالطه أي مؤثرات أخرى قد تصرفه عن صورته الطبيعية التي ظهر بها فيما بعد . و إن نشوء هذه اللغة النضرة العالية في تلك الصحاري المقفرة و نبوغ العرب في أدبها بدون معين لها من الفنون التي أثرت في بزوغ شمس الآداب العالمية الأخرى ، ليدل دلالة واضحة لا تدع مجالا للشك بأنها اللغة العربية تحدت الصعاب و قطعت أشواطا كبيرة على مدار القرون لتبقى دائما شامخة واقفة على ساقها كوقوف قرن الظاد . -- أما عن صلة الدين بالفن و التي تحدث عنها المؤلف هنا فقد بدت ضبابية أو غير مفهومة نسبيا بالنسبة لي ! ، و قد أرجع الحكيم أصل التوافق بينهما بقوله إن الدين و الفن يضيئان من مشكاة واحدة و هي الأفق العلوي السماوي الذي يملأ قلب الإنسان بالراحة و الصفاء و الإيمان ، غير أنه عقب على ذلك قائلا بأن رأيه هذا خاص به و هو مخالف لرأي أهل التخصص الفني و الذين لا يرون ما يرى هو هنا ! . -- و في مجال الكتابة الفنية من الأدب ! ذهب الحكيم إلى سبق العرب في ما يسمى ب : ( التصوير الكاركاتوري ) على جميع الآداب العالمية المعروفة ، و واضع أساسات هذا الفن ( في نظره ) هو الجاحظ ، الذي عرفناه أديبا ساخرا ، ثم يعرف هذا الفن بأنه : يهدف إلى إبراز ما تخفيه طبائع الناس و مظاهرهم من مثالب و ذلك بقصد السخرية دون الهجاء ! . و هذا الفن له شقان : نثري و عميده الجاحظ كما ذكرنا ، و شعري و رائده ابن الرومي . ثم يستدل على الشق النثري بنص من كتاب ( التربيع و التدوير ) في غاية من السخرية و التهكم و تلك هي الروح الحقيقية لفن الكاريكاتور ، و الذي دخل على فن الرسم ( في عصرنا ) حتى استبد به كليا . -- و في منعطف آخر تحدث الحكيم عن الصلة بين الحضارة و الأدب ، ساق فيه السؤال الإشكالي الذي طرحه و لا يزال يطرحه أبناء جيلنا و الأجيال التي سبقتنا ! و هو : كيف نستفيد من الحضارة الغربية ؟ و ما نأخذ منها و ما ندع ؟ ، و نحن هنا نجد أنفسنا أمام تيارين اثنين يشتركان في نفس الغلو المذموم الذي يهدم ( على حد تقدير المفكرين ) المستقبل الآمن و المنشود لأمتنا . تيار يرى تحريم حرية الإقتباس و الإستفادة كلية من الغربيين و هؤلاء لاشك أنهم رجعيون اجتراريون و خطابهم بال و لا يقوم على أسس منطقية مقبولة ، و تيار آخر ( و منهم طه حسين على ما أبانه في كتابه : مستقبل الثقافة في مصر ) يرى وجوب الأخذ الشمولي عن الأوربيين و في جميع المناحي المادية و الروحية و يفرض هؤلاء على المتلقين أن يعتنقوا الفكر الغربي بجميع ما فيه من أفكار منحرفة و أخلاقيات سيئة ، غير أن الحكيم لخص هنا رأيه في هذا كله فقال : نأخذ من الحضارة الغربية ما في رؤوسهم لا ما في نفوسهم ، نأخذ كل ألوان المعرفة لا نترك لونا واحدا ، كل الثقافات الموجودة يحب أن نلم بها إلماما ، و أن نتخير محاسنها و نقتطف أطايبها ، نغترف منها و نضيف إليها من ذات أنفسنا ، و نضفي عليها من مشاعرنا .... إلا أنه في نفس الوقت يؤكد على أن لروح الشرق مميزات نفسية تجعلها في منأى عن الأخلاقيات المادية لروح الغرب ، و لذا فيجب الإقتباس منهم بحذر و تؤدة و دون إفساد للروح الحضارية الشرقية التي وهبها الله لأسلافنا فجاهدو لأجلها أعداءهم و حرروا الأوطان و الضمائر في سبيلها ، و إلى هنا يصل الحكيم إلى نقطة التماس فيطرح مداولته العادلة كقاض درس قضيته هذه جيدا فوافق حكمه النهائي هوى في نفوس العقلاء ! . -- ناقش الحكيم أيضا في إحدى فصول الكتاب إشكالية قتل الأعمال الأدبية سينمائيا ! حيث يقول : [ فالأديب إذن لا يستطيع أن ينقل الصور إلا عن طريق المعاني ، على حين أن السينما يستطيع أن ينقل الصور صورا عن طريق مباشر ، فالمعاني إذن للأديب ، كما أن الصور المرئية هي أداة السينمائي ، و لما كانت المعاني أوسع نطاقا ، و أعمق عالما من الصور المرئية ، لأنها تشمل ما يرى بالعين و ما لا يمكن أن يرى ..... فلذلك وقفت السينما أمام واجهة الأدب المنظورة البراقة ، دون أن تجرؤ على ولوج بابه ] . و هو يصدر في كلامه هذا عن فهم صحيح جدا ، كون العمل السينمائي يختزل كثيرا مما في الكتب ( لأن أغلب الأعمال الدرامية زمن الحكيم كانت سيناريوهاتها مأخوذة من إصدارات أدبية ) و يحد من النظرة الشمولية للأحداث و الوقائع ، بينما قراءة الكتاب تجعلك حرا في تخيل مجريات القصة أو الرواية ، و هنا يرى المؤلف أن المخرج السينمائي يكبل حريتك بقيود رؤيته الفنية الخاصة به ، في حين أن الكاتب يمنحك إبداعه الأدبي مع حفاظه على حريتك في تصور رؤيتك الخاصة بك لعمله ! . -- و من بين ما أثار انتباهي و أنا أقرأ لعميد المسرح هنا ، إجابته الشافية الكافية التي واجه بها سؤالا كان قد طرحه على نفسه في هذا الكتاب ! و هو لماذا لا ينتج أدباؤنا و شعراؤنا أدبا عاليا كأدب الغربيين اليوم ؟ ، و قد قاده هذا إلى تساؤل آخر و هو : كيف استطاع أدباؤنا هؤلاء أن ينتجوا أصلا ! . و جوابا على ذلك ، بعد خوض موجز في بعض الجزئيات ، خلص الحكيم إلى أن إنتاج العرب الأولين في الأدب شعرا و نثرا كان مدعوما من جهات معينة سواء من الطبقات الحاكمة أو من الفئات الشعبية أو من ذوي السعة و اليسار ، الذين كانوا يغدقون على الأدب و أهله مشجعين و متحمسين ، كونهم كانوا يحبون الأدب و يعشقون الشعر ، فلما ماتت همم أهل زماننا و ذبلت غراس الأدب في قلوب معاصرينا ، صار أهل العلم كاليتامى بيننا ، محاطين بأغنياء لا شأن لهم بعلم أو أدب ، و شعوب لم يتم تثقيفها و لا تعليمها ، حتى صار مثقفونا يكتبون في الفراغ لأنهم أصلا يعلمون أن أعمالهم أصبحت بدون جمهور ! .
-- موضوعات الكتاب كثيرة جدا و أفكارها دسمة على نحو لافت ! ، و جولات الحكيم في أغوار العلم و الفلسفات الحديثة و الأدب و غيرها لا تكاد تنتهي إلا بنهاية أوراق فصو��ها ، و لذا فليس من اليسير على المتحدث أن يحيط بجميع مضامين الكتاب ، فقد لخصت هنا فقط من المواد و الأفكار ما أثار في نفسي الإعجاب و المتعة و حرك فيها رغبة التفكير و النظر ! . و إلا فالكتاب شبه موسوعة امتزج فيها الأدب بالفكر و العلم بالشعر و الذكريات بالفلسفات .... و مما زاد من لذاذة القراءة فيه أن نسختي منه قديمة جدا و ورقها أصفر عتيق ، و يعلوها غبار السنين و تتراءى للقارئ بين صفحاتها صور الماضي ، و هي طبعة مكتبة الآداب التي تعد من أقدم دور النشر التي أخرجت للقراء العديد من الأعمال الأدبية و الفكرية للقراء في زمن بداية النهضة العلمية الشرقية المعاصرة .
يمناه الخلق الذي ينتج ويبتكر، ويسراه النقد الذي ينظم ويفسر. ما الخلق في الادب؟ ما هو الابتكار الادبي؟ بهذه المقدمة المشوقة بدأت فيلسوف الأدب العربي توفيق الحكيم كتابته التحليلية لفن الادب، ليقدم لنا معجزة أدبية لفلسفة الأدب وفنه، لأنه ليس من السهل الإجابة على مثل هذا السؤال. فالخلق لا يعني أن تخرج من العدم وجودا او ان تنفخ روحا في مادة موجودة، انما هو ان تطرق موضوعا او فكرة مألوفة فتسكب فيها من أدبك لنجعلها تنقلب خلقا جديدا يبهر العين ويدهش العقل . او ان تعالج الموضوع الذي كاد يبلى بين أصابع السابقين، فإذا هو يضيء بين يديك بروح من عندك. من اجمل ما قرأت وسمعت إبداعا إضافيا لتوفيق الحكيم.
عن هذا الكتاب: إن الأدب الكبير هو ذلك الذى يصلح لعصره ولكل عصر ، وينفع الناس ويعرض لشئونهم ، ويوجه حياتهم ثم يمضى بعد ذلك ينفع الناس في كل الأجيال هو ذلك الذى ينظر بإحدى عينيه إلى الوطن الصغير ممثلاً في بيئته وزمته ، وبعينه الأخرى إلى الوطن الأكبر ممثلاً في الإنسانية إلى نهاية الدهر .
فن الادب للمفكر العريق توفيق الحكيم، كتاب تغوص فيه في أعماق الفن بشتى أنواعه أشكاله، ورشاقة قلم السيد توفيق الحكيم تبيق متنبها لكل جملة في الكتاب الرائع
ما معنى الأدب، وما هي غايته، وما أثره في حياة المجتمع؟ توفيق الحكيم يجيب، ونحن نقرأ..
هو المرآة الّتي تعكس حياة الإنسان والمجتمع، المرآة الّتي تُبين عن مكامن الخير ومكامن الشرّ في العالم، هو الشمس الّتي تشرق على كلّ الأشياء بدون تميّيز، هو تربية القارئ نفسه على حسب وضَوء ما قرأ وما وعى، هو إعادة بناء النفس الإنّسانية بناءً علميا يسمو بها أعلى مدراج الفضيلة وينأى بها عن أحط مهاوي الرذيلة، هو القدرة على الحكم بين الصواب والخطأ، الأدب هو القدرة على استشعار الجمال.
في ماذا نتفق مع الحكيم، وهل نختلف؟ الحكيم حلو العبارة ظريف الفكرة، لا تخلو كلماته عن طرفة، وهو بزلاته وتجاوزاته إنسان:
ما نأخذ عن الغرب؟: "نأخذ ما في رؤوسهم، وندع ما في نفوسهم". نأخذ علوم الغرب ونحتفظ بأخلاق الشرق.
"فالإنسان العظيم قدير على الإحتفاظ بقدره ومقامه في كلّ زمان ومكان مهمها تتجدد المعارف، ويقفز العلم، وتتعدّد الإكتشافات، وتتغير الظروف والأحداث". الفصول الّتي تحدث فيها الحكيم عن العلم والعلماء والعظماء ومدى التطور الّذي بلغته البشرية ماتعة وبها أسئلة جميلة وعميقة، خاصة الحديث عن أفلاطون والملكات الروحية الإنسانية، والقدرة على احتفاظ العظماء بمبادئهم في كلّ الأوقات والأزمان.
"من يحتلُّ أرضك يحتلّ فكرك، ومن يسلبك بلدك يسلبُك روحك". وقد كاين رأي العين ولا زال الفكر محتلا بعد سِتين.
"لقد انتصرت أمريكا لا لفضائل في جوهرها، ولا لمزايا في روحها، ولكن لذهب الممولين الّذي استطاعت أن تشتري به العلم والعلماء، وتحصل به على مواد الفتك وخبرة الخبراء، وهي بالمال تقتني كلّ شيء".
إنّك يجب أن تنفق المال أولا، ليدخل إلى جيوبك ثانيا". الإستثمار الأفضل للمال هو انفاقه عندها سيعود إليك مضاعفا، أمريكا تحكم العالم اليوم بالدولار، ونحن نكتنزه..!!
"يا لفظاعة ما يرتكب باسم الثقافة والإحساس والفكر". الحروب تشهد وغزّة تبصم بالعشرة، عندما يكون الفهم سقيما، والفطرة حيوانية، ولا يكون الدين مهذبا للنفس والفكر.
"الشعور العام يصدر عن الضمير، أما الذوق فيصدر عن المدارك". فلا تلوث ضميرك بمدخلات الحداثة والعلمانية وصنه بسابغات الحديث والسير والعقيدة، وابذل جهدك لتنمية مداركك بالقراءة والمطالعة والمشاهدة، ولا تكسل، فإن العالم لا ينتظرك.
"لا أريد من الكاتب أن يريح قارئه ويلهيه، إنّما أريد أن يطوي القارئ الكتاب فتبدأ متاعبه". كن خصيما للكاتب وأنت تقرأ، ولا تكن وعاء مستقبلا، ثم لا يمخض ولا يمحص.
*الحضارة في دم الإنسان: مقالٌ بديع جدا، ص123. *القدر في الخلق القصصي: مقال رمزي جميل حول تصرفات الأزواج، ص221.
❌️ فيما نختلف؟
1/_ترك الصلاة على النبي -عليه أفضل الصلاة والسلام- وذكره باسم محمد مجردا من أي صفة -في كل المواضع التي ذكر فيها- سقطة كبيرة من الحكيم.
2/_"فالأدب العربيُ الإنشائيُ في تلك الأزمان، قد عنى باللفظ أكثر مما يجب، ولم يشأ أن ينزل عن تكلفه الّذي يعتبره فصاحة وبلاغة.."
قلّما تجد بين أدباء القرن الماضي واحدا خلت نفسهُ من الإنبطاح الثقافي للغرب، فلم يحاكم الأدب العربي إلى غيره من الفنون، فاعتبره فنًّا مستقلا بذاته، معبرا عن هوية أصحابه، في لغته وسجعه، ووشيِّهِ اللفظي وبلاغته، وألفاظه وتصويراته، وشعره ومقالاته، وبيئته ومحيطه، فوجد في النزعة العربية الأصيلة والكتابة باللغة الفصحى الرزينة مزيّة لا عيبا، واستقلالا ثقافيا لا جمودا، وابداعا وابتكارا تصويريا لا تقليدا، وتعبيرا عن حقيقة العربيّ ونفسه وعيشته، لا عن عيشة غيره، لكن رأي الحكيم غير..!!
وكأنّ على العربيّ أن يأتي دائما في ثوب الغربيّ وأن ينحو على منواله في كلّ خطوة حتى يكون حضاريا، وحتى لا يتهم بالتكلف والجمود وعقم الخيال والإبتكار..!!
فهل كان العربي يا سيدي يكتب إلّا بلغة قومه، ومزاجهم السائد، وبلاغتهم وسجعهم حتى نتهمه بالجمود؟ وهل يجب علينا فعلا محاكمته للغرب في كلّ خطوة ومنحى حتى فيما يكتب وما يرى؟ أليس الأدب تصوير بيئة معينة في وقت معين بلسان أبناءها نثرا أو شعرا؟ أليست المعلقات الجاهلية ضروبا من الإبداع والإبتكار والغاية في الوصف؟ وهل كان التوحيدي والمبرّد والأصبهاني والمعرّي يتكلفون السجع ويتحذلقون في اختيار الألفاظ؟ وهل كانت بضاعتهم وشيا من اللغو وزخرف القول يراد بها اللهو؟ وهل اللغة إلّا هوية المرء حتى نتغاضى عما في الكتب من قصور؟
لكن واأسفاه؛ إنّها النظرة الدونية والإنبطاح الثقافي، وفساد الذوق واختلال الموازين، قد وقفا حائلا دون مجرد الإنصاف والنظرة المعتدلة، وعدم الجور في الحكم.
ثمّ يعود الحكيم في ختام مقاله "فنٌّ جديد عند الجاحظ" ليقول: وهكذا زاول العرب فنّ الكاريكاتور شعرا ونثرا، حيث لم تتح لهم الظروف أن يزاولوه رسما ونقشا.. كل شيء خطر على بال عبقريّتهم.. وإنهم ليعوضون دائما ما يفوت في جانب، بالإجادة في جانب آخر..!! قانون التعويض الطبيعي كان رائدهم في حضارتهم.. حضارة كاملة شاملة، آن للغرب الظالم المجحف أن ينظر إليها بعين التقدير والتوقير!!
فما هذا التذبذب، وهلّا عدلت أنت أولا ولم تجحف، ثم طلبا ذلك من غيرك..!!
3/_ذلك هو الدرس الأول في الخلق .. أريد لنا أن نتلقاه عن الخالق الأكبر..
هل التشبيه من الحكيم هنا صحيح؟ وهل كلّ موجود فعلا قد سبقه لا بدّ موجود فكان منه؟ أوليس الطين الّذي هو مادة الأرض قد جاء من لا شيء، فقط من كن فكان بقدرة الخالق الأكبر..!!
لو كان التشبيه خاصا بالبشر لكان حقا لا جدال، فلا يمكن أن يوجد البشر -مهمها عَتَوْا- شيئا إلّا من شيء قد سبق وجوده، أمّا الخالق فيوجد ما يشاء مما شاء وكيف شاء، وكذلك يوجد من لا شيء إذا شاء، وهذا هو الدرس الأكبر الحقّ، والله أعلم.
كتاب فن الأدب من أشهر كتب الأديب والكاتب والروائي والمسرحي الأستاذ توفيق الحكيم. جاء في إثني عشر بابا : الأدب ويداه، الأدب العربي وتجدده، الأدب والفن، الأدب والدين، الأدب والعلم، الأدب والحضارة، الأدب والمسرح، الأدب والصحافة، الأدب والسينما والإذاعة، الأدب ومشكلاته، الأدب وأجياله، الأدب والتزاماته. وكل باب يحوي مقالات عده. تمتاز كتب الحكيم بالأسلوب الفلسفي المتقن، بعمق الفكر، بروعة السياق بتناسق الكلمات، ببراعة الأسلوب. لمن يحب القراءة يجد في الكتاب متعته، ولمن أراد علما وجد فيه مطلبه، والباحث له فيه زاده، وللكاتب مبتغاه.
**ليس الابتكار في الأدب والفن أن تطرق موضوعا لم يسبقك إليه سابق ، ولا أن تعثر على فكرة لم تخطر على بال غيرك .. إنما الابتكار الأدبى والفنى ، هو أن تتناول الفكرة التي قد تكون مألوفة للناس ، فتسكب فيها من أدبك وفنك ما يجعلها تنقلب خلقا جديدا يبهر العين ويدهش العقل .. أو أن تعالج الموضوع الذي كاد يبلى بين أصابع السابقين ؛ فإذا هو يضيء بين يديك ، بروح من عندك**
**هنالك صلة ـ في اعتقادی ــ بين رجل الفن ورجل الدين ؛ ذلك أن الدين والفن كلاهما يضيء من مشكاة واحدة ، هي ذلك القبس العلوي الذي يملأ قلب الإنسان بالراحة والصفاء والإيمان .. وإن مصدر الجمال في الفن هو ذلك الشعور بالسمو الذي يغمر نفس الإنسان عند اتصاله بالأثر الفني .. من أجل هذا ، كان لا بد للفن أن يكون مثل الدين ، قائما على قواعد الأخلاق وهذا رأيي ! . ولكنه ليس رأى كل المشتغلين بشئون الفن . فلقد اشتد الجدل من قديم بين طائفتين ؛ طائفة تقول : إن الفن ينبغي له أن يكون أخلاقيا ، وطائفة تقول : إن الفن يجب أن يتحرر ـ يتحرر ــ حتى من الأخلاق ؛ لأن الجمال في الفن ينبع من الإتقان ، وأن الإجادة في تصوير الدمامة والرذيلة لا تقل فضلا عن الإجادة في تصوير الحسن والفضيلة ! **
الكتاب به حصيلة كبيرة من الخبرات الأدبية، خلاصة المدرسة الأدبية للأستاذ توفيق الحكيم.
**الأدب هو الكاشف الحافظ للقيم الثابتة في الإنسان، الحامل الناقل لمفاتيح الوعي في شخصية الأمة والإنسان .. تلك الشخصية التي تتصل فيها حلقات الماضي وال��اضر والمستقبل. والفن هو المطية الحية القوية التي تحمل الأدب خلال الزمان والمكان والأدب بغير فن رسول بغير جواد في رحلة الخلود .. والفن بغير أدب مطية سائبة بغير حمل ولا هدف ولقد كان همي دائما محاولة الجمع بين الرسول وجواده .. ولقد رأيت دائما الأدب مع الفن ، والفن مع الأدب لذا سميت هذا الكتاب ، فن الأدب **
ال��دب هو الكاشف الحافظ للقيم الثابتة في الإنسان و الأمة. الفن هو المطية الحية القوية التي تحمل الأدب خلال الزمان و المكان.
من هذا المنطلق يأخذنا توفيق الحكيم للبحث في أثر الأدب في الفرد و المجتمعات، و دور الأديب و واجباته نحو مجتمعه، و هي تسليط الضوء على مشاكله، بعد إبرازها و إظهارها،عن طريق مختلف الفنون، يتخذ منها وسيلة اتصال و تواصل بينه و بين مجتمعه و ساسته، و باقي أطيافه من رجال دين و صحفيين و مثقفين.
حاول توفيق الحكيم البحث عن الروابط و النقاط التي تجمع بين الأدب و الدين و الحضارة و الفنون،كالمسرح و الموسيقا و الإذاعة و الصحافة. فالأدب يرتبط بها إرتباطا وثيقا، يحمل الأدب القلم ليكتب في الصحف و يؤلف الكتب، و يصعد فوق خشبة المسرح ليعبر عن مشكلات مجتمعه و يظهرها للعلن بطريقة فنية،أو في صورة سينمائية متحركة تأخذ بالمشاهد إلى عالم الخيال. للأدب ارتباط وثيق بالحضارات، يبزغ في الحضارات كمظهر من مظاهر التقدم، أو كوسيلة لتخليد ذكرى حضارة بعد اندثارها.
بعض الاقتباسات :
"إن الفنان أو الأديب يظل يبحث عن ذاته و شخصيته إلى أن يجدها، فإذا هي تملكه بعد ذلك إلى الأبد، و تطبع كل ما يلمسه بذلك الطابع، الذي لا يزول ولا يتحول."
"الأدب يمناه الخلق الذي ينتج و يبتكر، و يسراه النقد الذي ينظم و يفسر"
"العناية بهذا الجزء الأعلى من الإنسان(الروح) هي التي يجعل من القصة أدبا رفيعا"
أول تجربة مع توفيق الحكيم و لن تكون الأخيرة،فقد وجدت نفسي أمام موسوعة فنية و أديب فنان له في كل فن علم و دراية.
لا أكاد أصدق أن هذا الكتاب أُصدر في عام 1952 من فرط ما به من أفكار سباقة لعصرها أو قل إننا تخلفنا، إن شئت. توفيق الحكيم كاتب من طراز رفيع تشعر أنه فيلسوف يحاور النفس البشرية ويبحر في الأعماق ليعبر عن مكنونها. ليس متعصبا لرأيه حتى إنه يستعرض نقد أعماله في الكتاب ويطرح أفكار فلسفية عن الحياة، ويدافع عن أعماله بعرض وجهة نظره. يقول إن النقاد يعيبون عليه أنه يرى أن الإنسان يواجه مصيره دائما مقيد به في أعماله، على العكس من فكرة الكتاب الغربيين في ذلك الأمر. وأعجتني فكرة الرضا والسعادة من خلال تصور أن السماء وهبت البشر ما يريدون من نعيم ومن كل شيء إلى أن ملوا وضجروا مما هم فيه لأنه ليس به عناء ولا انتهاء ولا أمل في غد جديد فاليوم هو الأمس هو الغد، فاستغاثوا مطالبين بالرجوع إلى سابق عهدهم حيث الكد والتعب والسعي والعمل من أجل الغد. والحكيم يجيب على من يجول بخاطره سبب عدم اهتمامه بالتنميق وحسن الديباجة وجزالة اللفظ. هذا كله يجب عليه، إذ يهمه أن يخرج العمل واضحا وموصلا لفكرته بوضوح، إذا لا يهمه أن يكون الكتاب حسن اللفظ أجوف بلا فائدة. هذا كتاب يغذي الروح، يستحق القراءة بحق. لن يضيع وقتك سدى.
أنهيت الكتاب للتو، وأشعر وكأني خارج بعد منتصف الليل من مجلس أدبي طويل، تحدثت فيه مع الأديب في الأدب والشعر والدين والفن والسياسة والتربية، وغيره من الموضوعات.
مع كل كتاب مقالات للحكيم يترسخ لي يقين أنة بلا شك أفضل من كتب المقال في مصر في كتاب فن الادب وفي حضرة الحكيم لن تمتلك سوي ألاندهاش في كيفية تحويلة الموضوعات الادبية الخشنة الي مقالات سهلة يفهمها الجميع
شعرت بمتعة واغتناء كشخص قرأ هذا الكتاب ليحصل على إطلالة واسعة على مجال الأدب كفنّ وماهيته وغايته وتقلباته عبر الأماكن والأزمنة.. يعيب الكتاب بعض التكرار في الأفكار والسأم في فصوله الأخيرة.