What do you think?
Rate this book


588 pages, Hardcover
First published December 1, 1974
هم قادة الدنيا فما انقادوا ولا عرفوا المحيد
هم أسوة الانسان فى الأقوال والفعل السديد
أجمل به من قلمٍ رشيق كتب هذه القصص بمثل هذه العذوبة، تدفقت الكلمات فى مجرى لغوى بديع صاغه قلم عبد الرحمن رأفت الباشا، وكيف لها ألا تتدفق وهى تصف خير الخلق بعد الانبياء، الجيل الأول؛ جيل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلغة مؤلفنا الكريم العذبة كان ينهلها من بئر لا ينضب، فقصص الصحابة رضوان الله عليهم ملأى بالصور العذبة.
وإنهم للرهط لا ريب فيهم ***على نُجُبِ الفردوس بالنور تسرح
فقد نطق الوحي المبين بفضلهم ***وفي الفتح أيٌ للصحابة تمدح
أنَّى للمرء أن يصل إلى يقينهم وإلى ثقتهم بالله وإلى جمال تضحياتهم ماضيين فوق الألم ناشدين الأمل فى الفوز بالجنة وتثبيت أقدام المسلمين ودينهم فى الدنيا. كيف إذا قيل لك يا صاحبى أنك قد ربحت البيع، كما قال النبى لصهيب الرومى عندما باع الدنيا واشترى الآخرة " ربح البيع أبا يحيى.. ربح البيع" . وكيف بك إذا علمت وأنت تتخبط فى هذه الدنيا الفانية أن موعدك الجنة كما قال النبى الكريم لآل عمار بن ياسر " صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة" فوالله 《لمثل هذا فليعمل العاملون》. ولك أن تسأل المغفرة والرحمة وأن تدع دائما بمثل ما دعا به عمرو بن العاص عندما شعر بدنو الأجل "اللهم لا بريء فأعتذر، ولا عزيز فأنتصر، وإلا تدركني رحمتك أكن من الهالكين". ولنا بفهم سهيل بن عمرو لمعنى الاستدراك وتقدير فضل السابقين عندما قال "أيها القوم إني والله قد أرى الذي في وجوهكم فإن كنتم غضاباً فاغضبوا على أنفسكم دُعِى القوم ودُعيتم فأسرَعوا وأبطأتم أما والله لما سبقوكم به من الفضل أشد عليكم فوتاً من بابكم هذا الذي تتنافسون فيه ثم قال: أيها القوم إن هؤلاء القوم قد سبقوكم بما ترون ولا سبيل لكم والله إلى ما سبقوكم إليه فانظروا هذا الجهاد فألزموه عسى الله عز وجل أن يرزقكم شهادة ثم نفض ثوبه وقام ولحق بالشام". وهل بنا الى الحقيقة والمعرفة وايثار الحق على الكِبر والأنفة بمثل ما كان لسلمان الفارسى إذ أراد نور الاسلام مضحياً بالباطل. وهل يتملكنا إحساسٌ بذنبٍ اقترفناه وتَضيق علينا الأرض بما رَحبت أو نظن انفسنا قد هلكنا بسبب هذا الذنب ، كما حصل لكعب بن مالك يوم تخلفه عن الزحف يوم غزوة تبوك، فحدَّث نفسه بالصدق وأقرّ بالذنب وحدَّث النبى بالصدق، ولم يكابر بل اعترف بتقصيره راجياً عفو الله ورحمته.
كل هذا غيضٌ من فيض، فَيض صور حياة الصحابة التى أخرجها لنا عبد الرحمن رأفت الباشا فى أجمل حلة منسوجة ببديع الكلمات راجيا بها وصف ولو يسير من حياة جيل الهَدى الأول الذين ذاقوا حلاوة القرآن وآياته وجمال تراكيبه ومعانيه إذ القرآن يومئذ يتنزل على الرسول الكريم فيضرب على اوتار القلوب ويصعق الآذان وينير الأفهام ويميز المؤمن من المنافق. كانوا وقد صدق فيهم القائل رهباناً بالليل ، فرساناً بالنهار يعملون فى الدنيا بمفهوم الآخرة، رضى الله عنهم أجمعين.