ميلاد مجتمع

مشكلات الحضارة

by مالك بن نبي, عبد الصبور شاهين (ترجمة)

يتناول شبكة العلاقات الاجتماعية وتشمل المفاهيم النظرية للعناصر التاريخية الخاصة بميلاد مجمتع، ويفسرها، ويحدد مفهوم المصطلحات المستخدمة وخاصة مفهوم لفظة مجتمع ذاتها حين يولد وحينينهض والشروط الاولية للتربية الاجتماعية.

للتحميل

http://www.4shared.com/office/5ZLzmlh...

Genres: Sociology, Nonfiction, Cultural, Politics, History, Religion, Philosophy

110 pages, Paperback

First published January 1, 1974

About the author

مالك بن نبي (1905-1973م) الموافق ل(1323 هـ-1393 هـ) من أعلام الفكر الإسلامي العربي في القرن العشرين
يُعدّ المفكر الجزائرى مالك بن نبي أحد رُوّاد النهضة الفكرية الإسلامية في القرن العشرين
ويُمكن اعتباره امتدَادًا لابن خلدون، ويعد من أكثر المفكرين المعاصرين الذين نبّهوا إلى ضرورة العناية بمشكلات الحضارة
كانت جهود مالك بن نبي في بناء الفكر الإسلامي الحديث وفي دراسة المشكلات الحضارية عموما متميزة، سواء من حيث المواضيع التي تناولها أو من حيث المناهج التي اعتمدها في ذلك.
وكان ابن نبي أول باحث يُحاول أن يُحدّد أبعاد المشكلة، ويحدد العناصر الأساسية في الإصلاح، ويبعد في البحث عن العوارض، وكان كذلك أول من أودع منهجًا مُحدّدا في بحث مشكلة المسلمين على أساس من علم النفس والاجتماع وسنة التاريخ"

Reviews

[عدنان عوض · Rating 5 out of 5]

المراجعة بعد القرآءة الثانية :)


ميلاد مُجتمع يُعَد من الكُتب التأسيسة في فِكرْ مالك -بالإضافة- لكتابَيّ : مُشكلة الأفكار في العالم الاسلامي و مشكلة الثقافة .. الكُتب الثلاثة تُمثل نسيج
واحد من أحد أنسجة مشروع مالك بن نبي الفكري .

مالك كما وضّح في المقدمة الغرض من دراسته هو التأسيس لمفاهيم بنآء المُجتمعات .. عن طريق شرح عدة مفاهيم ، والتي تصب في مُجملها على الفكرة المحورية للكتاب وهي : شكبة العلاقات الإجتماعية .

يبدأ بتحرير المُصطلحات فيقول في تعريف المُجتمع : "هو الجماعة التي تُغيّر دآئماً خصآئصها الاجتماعية بانتاج وسآئل التغيير "مع عِلمها بالهدف الذي تسعى إليه من ورآء هذا التغيير.

ويرى أنَّ الوحدة الأساسية في تكوين المُجتمع هو (الشخص أو الفرد المشروط/المُكيّف) و ليس (الفرد)
والفرق بينهما أنَّ الفرد هو ما أنتجته الطبيعة في حالتها الأولية ١ / فجميع غرآئزه موجوة في الحالة التي وهبته إياها الطبيعة (الفطرة) ، وهو يقوم بعملية تكييف و تنظيم و توجيه لغرآئزه/طاقاته عن طريق (الظرف الاستثنائي) الذي يطرأ في نفسية هذا الفرد .
هذا الظرف الاستثنآئي الناقل للفرد من حالته الأولية إلى فرد مشروط/مكيف ، هو (الفكرة الدينية) التي تولّد تأثيرها في (روح) الفرد حسب ما يرى مالك بعد عرضه لعدة نظريات في تفسير الحركة التاريخية لماركس و هيغل و توينبي .

الفرق الآخر بين الفرد و الفرد المشروط ٢ /أنَّ (الظرف الاستثنآئي) بالإضافة لعمله في تنظيم الغرآئز و توجيهها ، يقوم بدور المُنشط للإرادة أو الرغبة بتكوينه للمثل الأعلى و الغاية لهذا الفرد المشروط ، وهو ما توفره أيضاً الفكرة الدينية لهذا الفرد .

الفرق الثالث بين الفرد و الفرد المشروط ٣ /هو وجود مجموعة من العلاقات الفعالة بين هؤلآء الأفراد المتكيفين ، هذه العلاقة تقودها الروح التي جآء بها (الظرف الاستثنآئي) ، هذه الروح تستحيل الفرد جماعةً و الجماعة فرداً ، أي أنَّ (الأنا) واشباع (غرآئزها) تتلاشى في هذه الحالة المثالية من التوتر المُجتمعي ، بحيث تكون هذه الشبكة هي الأساس الذي يقوم عليه المجتمع في انتاج عوالمه الثلاثة (الأفكار - الأشخاص - الأشيآء) .. هذه الروح هي ما أطلق عليها مالِك بـ
شبكة العلاقات الإجتماعية .
أي أنَّ لكل مُجتمع بداية تسبق عالم أفكاره (المُنتَج) وبقية العوالم ، بل هي الأساس/البداية لهذه العوالم الثلاثة .

شبكة العلاقات الإجتماعية -في نظري- هي الفكرة المحورية الغآئبة عن كثير من المطلعين على فكر مالك ، حيث طغت عليها فكرة العوالم الثلاثة . مالك يلفت الانتباه بضربه لأمثلة على الحضارة الاسلامية التي كانت عند انحطاطها غنية بعالم الأفكار ، ولكن السبب في ذلك هو تمزق شبكة علاقاته الاجتماعية في عالم الأشخاص .
وهذا التمزق هو ما أطلق عليه (الفراغ الاجتماعي) .

حالة الفراغ الاجتماعي تحوّل المجتمع إلى جماعة عاجزة عن آدآء أي (نشاط مُشترك) ، والعلاقة طردية بين وجود الفراغ الاجتماعي وعجز المجتمع عن آدآء نشاطه المُشترك تجاه غايته .
ولشرح هذه النقطة أكثر يقول مالك أنَّ هذه العلاقات -شبكة العلاقات الاجتماعية- قآئمة بالأساس على قيم ثقافية خُلقية ، وهذه القيم كامنة في الفكرة الدينية ، فالفكرة الدينية: يظهر أنها هي البذرة في تنظيم الغرآئز ، وفي تكوين المثل الأعلى ، وفي إرسآء القيم المكونة لشبكة العلاقات الاجتماعية . أي أنَّ"العلاقة الروحية بين الله و بين الانسان ، هي التي تلد العلاقة الاجتماعية ، وبدورها تربط ما بين الانسان و أخيه الانسان"

تكون هذه العلاقة في أرقى معانيها و أقصى فعاليتها في الطور الأول من الحضارة . حيث يكون الفرد و المجتمع كجسدٍ واحد ، بينها علاقة مُتبادلة : الفرد يكتسب مجموعة انعكاساته (أفعاله) من المُجتمع الذي بدوره نتيجة لهذه الانعكاسات المتجانسة معه يكتسب شبكة علاقاته و يقويها ، ومنها نقول أنَّ الفراغ الاجتماعي هو تحلّل في هذه العلاقة المتبادلة ..
والذي يظهر كلما اتجهنا للطور الثاني و الثالث من الحضارة لتصل مرحلة التحلل الأولى التي تكوّن منها المُجتمع ابتدآءاً (جماعات و أفراد) في حالة بدآئية كما أوجدتهم الطبيعة .

وللحفاظ على شبكة العلاقات الاجتماعية لابد من وجود مدافع ومُعزز لها ، ويرى مالك الحل في هذا هو التربية ، التي اُكتسبت في العهد الأول لبداية أي حضارة تلقآئياً من الفكرة الدينية ، ولكنها مع الوقت يبدأ اكتسابها في مؤسسات التربية كالمدرسة .. و النتيجة واحدة هي الحفاظ على شبكة العلاقات الاجتماعية من الفراغ الاجتماعي و تعزيز قوتها من ناحية أُخرى .

و يُشدد مالك على فكرة (استيراد الحلول) -حلول الفراغ الاجتماعي في شبكة العلاقات الاجتماعية- حيث يذكر بأن الحلول التي آتت أُكلَها في ظروفٍ ما ليس بالضرورة -بعد استيرادها- أن تُحقق نفس النجاح ، فـ(مُركب الحل) لا يقتصر على المواد المؤلفة له ، بل هُناك عوامل أُخرى لا تظهر في الصورة هي التي تكون سبب في نجاحه ، فنحن نقوم باستيراد المواد المؤلفة تاركين عوامل نجاحها ، وهذا ما يولّد فشلها على المدى القصير أو البعيد .

ـــــــــــ
قرأت الكتاب للمرة الثانية ، وبين المرتَين فاصل خمسة أشهر ، لم يتغيّر تقييمي له .. يستحق أكثر من خمس نجمات ..
كُنت أعتقد في تقييمي الأول أنه تقييم حماسي ، ولكن هو يستحق

هذه المراجعة رغم طولها إلاّ أنها لا تحتوي على (كُل) أفكار الكِتاب .

:)

[Wafaa Golden · Rating 4 out of 5]

في كلّ مرة أقرأ لبن نبي أكاد أُذهل من سعة أفقه وعمق فكره ونظرته..
تراه يشخّص الحالة بشكل دقيقٍ جدّاً والأجمل من ذلك يصف العلاج الناجع..

يا تُرى لو كان عندنا في هذه الأيّام ماذا سيكتب!!

رحمك الله يا بن نبي
وأقرّ عينك بما كنت تطمح إليه بما وضعته من حلولٍ واقتراحات
وما ذلك ببعيد..
أرى أنّ أمارات ذلك تلوح في الأفق..

[Salwa Orabi · Rating 5 out of 5]

هذا الكتاب الرابع الذي أقرأه لمالك بن نبي بعد كتبه (من أجل التغيير، شروط النهضة، تأملات) صراحة كل ما قرأته حتى الآن لهذا المفكر العملاق كان قيم وعميق وقد غير بالنسبة لي الكثير من المفاهيم والأفكار التي كنت أعتقدها وأضاف لي الكثير الكثير من الأفكار النيرة الرائعة المتعلقة بالنهضة والحضارة والمجتمع والإنسان والأفكار..أصبحت عندما أسمع باسم (مالك بن نبي) أو آرى صوره أرى نفسي مباشرة أمام مفاهيم (الحضارة، الثقافة، العلم، الفكر، النهضة، الإسلام) هذه كلها مفاهيم تبناها هذا الإنسان وكتب عنها ونذر حياته وراحته وجهده من أجلها وحاول أن يضع منهج إصلاحي إسلامي عملي وشامل حتى نستطيع تطبيق هذه المفاهيم وتجسيدها على أرض الواقع ولا تبقى مجرد مفاهيم نظرية مجردة..

في هذا الكتاب (ميلاد مجتمع) تحدث بن نبي عن كل شيء يخص المجتمع، نشأته وتكوينه والمؤثرات التي يمكن أن تؤثر فيه وفي انتاجيته ومسيرته اتجاه النهضة والتقدم..
فرق مالك بن نبي بين المجتمع (البدائي) وهو المجتمع الذي لم يتجدد ولم يتغير وبقي ثابت..المحتمع الساكن
والمجتمع (التاريخي) وهو المجتمع الذي نشأ في ظروف أولية ولكنه عدل من صفاته الجذرية وتطور..المجتمع الذي يخضع لقانون التغيير لأن لديه غاية تجعله يتطور عبر الزمن..

المجتمع بالنسبة لمالك بن نبي هو كل تجمع لأفراد تنشأ فيما بينهم علاقات اجتماعية ويغير الزمن ويعدل من علاقاتهم ولا يثبتون ولا يتحجرون باعتبار أن الوظيفة التاريخية لأي مجتمع تتغير وفق الزمن ووفق التغيرات والمتطلبات التي تفرضها الحقبة الزمنية التي يعيشها هذا المجتمع، وبالتالي مع تغير وظيفة المجتمع إن لم يطرأ على هذا المجتمع تغير في خصائصه التشكيلية وفي ثقافته فهو لا يندرج تحت كلمة (مجتمع).. فالمجتمع بالنسبة لمالك بن نبي يجب أن يكون حساس لحركة التغيير التي تتعرض لها الحياة..
من هذا الوجه يعرف مالك بن نبي المجتمع: ( الجماعة التي تغير دائماً من خصائصها الاجتماعية بإنتاج وسائل التغيير مع علمها بالهدف الذي تسعى إليه من وراء هذا التغيير).

يرى مالك بن نبي أن المجتمع هو نظام يقوم على عناصر ثلاثة: 1-حركة يتسم بها المجموع الإنساني 2-إنتاج لأسباب هذه الحركة 3-تحديد لاتجاهها
بالنسبة لي فهمت من هذه العناصر الثلاث أنها: 1-حركة يتسم بها المجموع الانساني أي: تغيير وحركة بعيداً عن الجمود والثبات 2-إنتاج لأسباب هذه الحركة أي: الغاية 3-تحديد لاتجاهها أي: اتجاه النهضة والتطور
تأملت هذه العناصر الثلاث وحاولت أن أبحث عن موقع مجتمعاتنا الإسلامية منها فوجدت أن مجتمعاتنا العربية الإسلامية: 1-ساكنة من حيث التغيير الإيجابي ومتحركة من حيث التغيير القائم على استيراد ما لدى الشعوب الأخرى، استيراد لم يقتصر على الأشياء المادية فقط بل وصل للحياة الثقافية والإجتماعية وحتى الدينية 2-لا غاية واضحة محددة: مجتمعاتنا تعيش حياة اجتماعية لا غاية لها ولا معنى 3-لا تسير باتجاه الحضارة والنهضة بل باتجاه التفكك والانحلال.

في( التاريخ والعلاقات الإجتماعية) يتحدث بن نبي عن أن النفس هي المحرك الجوهري للتاريخ الإنساني وصناعة التاريخ بالنسبة له تتم تبعاً لتأثير ثلاثة عوالم أو طوائف اجتماعية: 1-عالم الأشخاص 2-عالم الأفكار 3-عالم الأشياء وهذه الطوائف أو العوالم لا تعمل متفرقة بل تتوافق في عمل مشترك فالتاريخ يصنع من تضافر هذه العوالم: فكرة يتم تنفيذهابواسطة عالم الأشياء من أجل غاية يحددها الأشخاص..إذن المجتمع ليس عبارة عن تجمع عفوي للأشخاص بل هو اشتراك مجموعة من الأفراد في اتجاه واحد من أجل غاية محددة..المجتمع هو تركيب وتفاعل (عالم الأفكار والأشياء والأشخاص) فيما يسمى (شبكة العلاقات الإجتماعية)..وحتى إذا كان المجتمع غني بالأفكار والأشياء والأشخاص إذا لم تتكون لديه شبكة علاقات اجتماعية أو أصاب شبكته المرض فإنه سينتهي لأن أي مجتمع دون شبكة علاقات اجتماعية يصبح عبارة عن تجمعات لا هدف لها وتطغو الفردية والأنانية وحب وتضخيم الذات.
يقول مالك بن نبي: (لا يقاس غنى المجتمع بكمية ما يملك من أشياء بل بمقدار مايملك من أفكار) فلا يمكن للمجتمع أن ينتهي ويخرب حتى ولو فقد أشياءه طالما أنه يملك ثروة من الأفكار، نرى كيف أن ألمانيا تعرضت لدمار في عالم الأشياء لكنها سرعان ما أعادت بناء كل شيء بفضل رصيدها من الأفكار وشبكة العلاقات الاجتماعية التي تنظم المجتمع والتي تؤدي لعمل مشترك يقوم به المجتمع نحو هدف أو غاية معينة..إذن الأفكار أيضاً لوحدها ليست كافية وليست ذو فاعلية فهي تحتاج لشبكة علاقات ا��تماعية تستطيع من خلالها أن تكون فاعلة فلا يمكن أن يكون هناك عملاً متجانساً من الأفكار والأشخاص والأشياء دون وجود هذه العلاقات الاجتماعية الضرورية..إذا تأملنا هذا الكلام قليلاً ندرك السبب الذي يجعل الأنظمة العربية وقبلها الإستعمار تعمل على تمزيق جسد المجتمع وعمل صدوع وثغرات في انسجامه وعلاقاته من خلال تعزيز الطائفية، نشر الفساد، تغييب العدالة، القضاء على الأفكار، افقار المجتمع ليغرق في تأمين عالم الأشياء حتى الأشياء الأساسية المتعلقة بحفظ الحياة، دائماً ما يسعون لعمل انفصال وتفكيك في شبكته الاجتماعية لأنهم يدركون أنه لا بقاء لهم إلا في ظل مجتمع جامد ساكن لا يملك شبكة علاقات اجتماعية تأخذه نحو غايته وهدفه في الحضارة والنهضة..
وكثيراً ما يفشل مجتمع ما في حل مشاكله ليس بسبب فقر في الأفكار أو الأشياء أو الأشخاص بل بسبب ضعف وتدهور في شبكة علاقاته الإجتماعية.

إن أي مجتمع لا يستطيع أن يؤدي نشاطه المشترك دون أن يكون هناك شبكة علاقات اجتماعية بين أفراده توظف الأفكار باستخدام الوسائل(الأشياء) باتجاه غاية معينة أو هدف معين ولابد لهذه الشبكة الاجتماعية من أن يكون لديها قيمة خلقية دينية ثقافية وإلا فإنها ستتمزق وتنهار ويفقد بذلك المجتمع وظيفته التاريخية ويصبح عبارة عن تجمع بشري بلا معنى ولا هدف..

الكتاب قيم وممتع ومثير ولا يمكن أن تخرج منه دون تصور جديد عن المجتمع ووظيفته وفاعليته
........................................................................................................................................................

تلك هي قراءتي الثانية لهذا الكتاب القيم، قرأته في المرة الأولى بتأني شديد وكتبت عنه تلك الأسطر التي في الأعلى وكنت على يقين أني فهمته فهماً جيداً ووصلت لكل معانيه ومراميه ، إلا أنني اكتشفت مع قراءتي الثانية أن هناك بعض من مقاصد الكتاب لم أصل لها إلا مع قراءتي الثانية تلك وهذا كثيراً ما يحصل مع الكتب القيمة العميقة حيث مع كل قراءة يكتشف القارىء معاني ومقاصد جديدة تجعله يقف مبهوراً من عمق فكر المؤلف وقدرته الكبيرة على توليد أفكار متجددة لا تنطفأ ولا تخبت مع مرور الزمن وتوالي العقود..

وأعود وأكرر أنه من الواضح أن مالك بن نبي رحمه الله قد عاش مخلصاً لقضايا أمته، نذر عمره وجهده وفكره خدمة لها..
ولكن الشي المحزن أن منهجه التطبيقي لم يدخل حيز التطبيق حتى الآن ولا حتى على المستوى الفردي..

باختصار: تحدث مالك بن نبي عن شبكة العلاقات الإجتماعية وضرورة قيامها بنشاط مشترك نحو غاية نبيلة سامية حتى يكون المجتمع معافى وسليم ومثمر، ركز رحمه الله على أهمية توفر عالم الأفكار حتى يستمر المجتمع وينهض ويثمر وفاعلية تلك الأفكار تخضع لشبكة العلاقات الإجتماعية فكلما كانت شبكة العلاقات أوثق وأقوى كان العمل فعالاً ومثمراً وبالتالي تتحول تلك الأفكار من الحيز النظري إلى الحيز التطبيقي وهنا يبرز مصطلح (النشاط المشترك) الذي أشار إليه مالك بن نبي بقوله: (إن شبكة العلاقات الإجتماعية يجب أن تقوم بنشاط مشترك وإذا عجزت عن القيام بنشاط مشترك فإن ذلك يؤشر إلى أن هذا المجتمع مريض وأنه ماض إلى نهايته)
والسؤال الآن: ماذا يعني نشاط مشترك؟
يعني أن العلاقات بين الأفراد علاقات قوية يسودها الاحترام والإخلاص والنصح وتفضيل المصلحة العامة والإيثار وأن يكون هناك ثوابت في المجتمع ومبادىء تحدد هويته و وجهته فيتجه الأفراد نحو غاية ما يتحركون نحوها بموجب ما سماه مالن بن نبي (نشاط مشترك)
أما عندما يصاب المجتمع بمرض في العلاقات الإجتماعية بين الأفراد (تفشي الظلم، الكذب، الخيانة، الغدر، الحسد والبغض، الحقد، الفردية والأنانية...الخ من تلك الأمراض الإجتماعية والأخلاقية) فإن ذلك يؤدي إلى انفصالات في شبكته الإجتماعية وتصاب الذوات بالتضخم فيصبح العمل الجماعي المشترك صعباً وحينها يكون النقاش والعمل ليس لإيجاد حلول للمشكلات بل نجد كل فرد يحاول جاهداً إيجاد الأدلة لتبرئة نفسه وإدانة الآخر، وهذا تماماً ما نعيشه اليوم
وقد ركز أيضاً على أهمية الدين في بناء شبكة العلاقات الإجتماعية وشرح ذلك بطريقة جداً جميلة بحيث توصل في النهاية إلى نتيجة أن الدين يغذي الجذور النفسية العامة ويدخل في الشخصية التي تكون الأنا لدينا، وينظم الطاقة الحيوية للغرائز وبالتالي هو يبني المجتمع المتحضر من خلال بناء شبكة علاقاته الإجتماعية وتماسكها، وعندما يتحلل العنصر الديني ويفسد أو يتلاشى دوره في كل ما سبق يؤدي ذلك لنشوء جوانب مرضية وبالتدريج إلى تفكك شبكة العلاقات الإجتماعية في المجتمع وتلاشي المجتمع وانهياره وهذا فعلياً ما نعاصره اليوم نحن كمسلمين وخاصة كعرب مسلمين.

على المسلم اليوم: أن يحتفظ باستقلاله الأخلاقي وسيادة مبادئه ومثله العليا التي استمدها من الدين حتى ولو كان يعيش في مجتمع لا يتفق نهائياً مع مبادئه تلك

أن يقوم بكل مسؤولياته مهما كانت الظروف المحيطة به وأن يكون صاحب قضية يدافع عنها ويعيش لأجلها

وبذلك يستطيع أن ينشئ وسطه الخاص به وبالتدريج سيكبر هذا الوسط ويتوسع حتى يصبح نافذة أمل للتغيير المنشود والنهضة المنتظرة

[Hanan Kamal · Rating 2 out of 5]

واحد من أحد أنسجة مشروع مالك بن نبي الفكري .

[وَادْفَل عَبدُ النَّاصِر · Rating 5 out of 5]

يأخذنا مالك بن نبي رحمه كعادته في عالمه التحليلي الفذ للمصطلحات والأحداث، بطريقة لا يحسنها غيره.

بدأ مالك بن نبي بتعريف المجتمع وأسباب نشأة المجتمعات من حيث الهجرة أو فكرة أو الاقتصاد..

ثم تخدث عن أهمية أهمية التحدي في تتطور المجتمعات أو تخلفها والفرار منه، وكذا ‏دور القرآن الكريم في إنشاء مجتمع متوازن بين التطور والتخلف.
تكلم عن أسباب ميلاد المجتمعات وتكوينها.. وهي"عالم الأشخاص وعالم الأفكار وعالم الاشياء"، وأن أي مجتمع ينشأ ويستمر بسبب ترابط علاقته الاجتماعية.."المجتمع المسلم نموذج " ( إنشاء رابطة الإخا بين المهاجرين والأنصار.. لهدف معين)، وأي مجتمع يتدهور بسبب تفكك روابطه الاجتماعية. "المجتمع المسلم نموذج" ( عندما كان مجرد«تجمعات لا هدف لها» وحديث القصعة شاهد على ذلك ).
•
كما شدد على أنه لا يقاس "غنى" مجتمع بكمية ما يملك من "أشياء" بل بمقدار ما فيه من أفكار. وأن ‏العلاقات الاجتماعية تكون فاسدة عندما تصاب الذوات بالتضخم فيصبح العمل الجماعي المشترك صعباً أو مستحيلاً، إذ يدور النقاش حينئذ لا لإيجاد حلول للمشكلات، بل للعثور على أدلة وبراهين. "نموذج.. عزل عمر ..خالد بن الوليد" بين الأمس واليوم!!
هذا غيض من فيض مما يمكن سرده من هذا الكتاب رغم قلة صفحاته، ولكن نفعه كبير جدا.

[Amel Khennoussi · Rating 5 out of 5]

كتاب أعتبره أعظم ما كتبه بن نبي بكل صراحة،لأنه هنا يشرح اهم عامل لولادة المجتمعات وهو شبكة العلاقات الاجتماعية
لاأظنني قادرة على مراجعته لأن أفكاره لاتُبسّط ،فكل جملة منه تعتبر فكرة عظيمة ولي قراءة ثانية له ربما سأتمكن من محاولة تقريب الأفكار وطرحها مجددا على شكل مراجعة موسعة ...رحمة الله عليك يا فيلسوف الحضارة فخورة بأني أنتمي لبلد ينتمي إليه بن نبي ...

[تسنيم · Rating 4 out of 5]

كان عندي أمل أكتب ريفيو بس للأسف مقدرتش
كتب آخر السنة الفاتت

[Asmaa M · Rating 5 out of 5]

أحببتُ هذا الكتاب.
مالك بن نبي من الأشخاص القليلين الذين بإمكانهم إبهاري في كل مرّة أقرأ لهم، ولا يتسلّل إليّ المللُ أبدا معهم.

يُقدّم في هذا الكتاب دراسة عن المجتمع والأمراض التي قد تُصيبه خاصّة على مستوى شبكة العلاقات الإجتماعيّة وعلاقة هذه الشبكة بالدين، الجغرافيا، علم النّفس والإستعمار... ثُمّ ينتقل في الأخير إلى الحلّ المُتمثّل في التّربية الإجتماعيّة وشُروطها.

لا أعتقد فعليا بأن مالك قد وصل إلى الدواء فالمُشكلة مُعقدّة ومُستعصية جدّا، ولكن من الممكن القول أنه قد شخّص المُشكلة بشكل جيّد.

[أيمن مشانة · Rating 4 out of 5]

"المضمون"
يقدم بن نبي في هذا الكتاب خلاصة نظريته في نشوء المجتمعات بدأ بتعريفه هو للمجتمع من خلال سياقين ، وهما السياق النظري والسياق التاريخي التطبيقي ويضع تصنيفين للمجتمعات البدائي والتاريخي، ويضع المجتمع الإسلامي ضمن المجتمعات التاريخية التي تتقبل التغيير وغير راكدة فهي دائمة الحركة وتعرف غايتها وأنها تتصلح من ذاتها.
===
"عبقرية بن نبي"
ويحلل بن نبي أسباب الازمة التي وقعت فيها تلك المجتمعات ومن خلال إستعانته بتفسيرات فلاسفة التاريخ لحركة المجتمعات بمن المادية والعقلية والدينية وغيرها، ثم ينتقل بن نبي للكلام عن "شبكة العلاقات الإجتماعية" وعلاقتها بالدين والجغرافيا وعلم النفس والإستعمار ..الأمراض التي تصيبها من خلال النماذج التاريخية كالمجتمع الأوربي والبرهمي والإسلامي الذي يخللل لحظة ميلاده وسبب الخلل الذي أصابه من خلال سياق يوحي لك بمدى عظمة هذا المفكر.
===
"شروط ميلاد المجتمع"
فمن شروط المجتمع عند بن نبي هو أن : ١- أن يكون متحركا في التاريخ يعمل على التحدي والإستجابة كما يقول تويمبي متفاعل مع العوالم الثلاثة (الأفكار، الإنسان، الأشياء) حيث ضمنها يحدث هذا التغيير وأهمها فكرة الدين كغيرها من الأفكار فإن لحظة ميلاد المجتمع مرتبطة بها ولغايتها يسعى المجتمع ويتحرك "غير أن تأثير الفكرة الدينية تبقى رهنا ببعض شروط الجغرافية الإنسانية إن لم تجدها هذه الفكرة في موطنها هاجرت إلى حيث تجدها" وكذلك باقي الأفكار كالقومية والصهيونية .. ٢- أن ينتظم المجتمع في شبكة علاقات غائية(عقيدة، قوانين...) تحفظ للمجتمع غايته من خلال الحفاظ على قوامه من خلال قداسة مبدأه، وذلك ليس معناه الذوبان التام في الهو، بل المقصود بها ما يربط الفرد (الأنا) بالمجتمع (الهو).
===
" عدو المجتمع "
يرى بن نبي أن أعداء المجتمعات هم : الفراغ الإجتماعي، الإستعمار ،الدولة نموذج البدائي السكوني.
______
" الاسلوب"
يستصعب البعض مصطلحات بن نبي وذلك راجع للترجمة اولا، وثانيا لطبيعة ما يكتبه فكل ما يكتبه هو من إنتاجه وتوليده ولذا فهو كمن ي��حت شيئا جديدا، لكنه عظيم وشيق ووجدت أن أسلوبه سلس بمجرد أن تتعوده.

[نجد · Rating 2 out of 5]

من الفوائد الواردة في الكتاب:

1- المجتمع الإسلامي الذي يعد موضوع دراستنا هو من النموذج ذي الحجر الواحد أي أن بناءه قد اتخذ صورةً واحدة تتفق كثيراً أو قليلاً مع الحديث المشهور [المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً].

2- تكتسب الجماعة الإنسانية صفة المجتمع عندما تشرع في الحركة وتغيير نفسها للوصول إلى غايتها وهذا يتفق من الوجهة التاريخية مع لحظة انبثاق حضارة معينة.

3- الحركة في علم الاجتماع إما أن تؤدي بالمجتمع لتطور راقي، أو إلى وضع متخلف وإنهيار.

4- يورد أرنولد توينبي حالة الإسكيمو كجماعة إنسانية لا تغير شرائط وجودها لأن تحدي الطبيعة لها وقد أربى على إمكانياتها وقواها جمدها في شكل من أشكال الحياة الساكنة.

5- المجتمع الإسلامي كان أيام الإستعمار غنياً لكن شبكة علاقاته الاجتماعية تمزقت، وهو ما ألمح إليه النبي (غثاء كغثاء السيل) فلم يعد المجتمع الإسلامي مجتمعاً بل مجرد تجمعات لا هدف لها كغثاء السيل.

6- تتأثر الفكرة الدينية بعناصر المكان (الجغرافيا) فإذا لم تجد في موطنها هاجرت لمكان آخر كهجرة البوذية من مسقط رأسها في الهند إلى الصين لظروف أكثر ملاءمة، ومغادرة الفكرة المسيحية أرض مولدها فلسطين إلى أوروبا الغربية حيث كانت الرومانية تتفكك ومجتمع غربي أوروبا يتحلل، استطاعت المسيحية أن تبني المجتمع الجديد خطوة خطوة.

7- إن نهضة مجتمع ما تتم في الظروف العامة نفسها التي تم فيها ميلاده، كما يخضع بناؤه وإعادة بناؤه للقانون نفسه [لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها]!

[Yazeed Mosa · Rating 5 out of 5]

ما أحوجنا لهدوء فكري يمليه علينا عقل رزين في جو عاصف بفوضى الأفكار ! لم يخطأ و الله من أسمى مالكا بابن خلدون عصره !

[Hamza El · Rating 4 out of 5]

نعم إنه مفكر مالك بن نبي ،يستحق أن تقرأ له مشروعه الفكري والوقوف عليه نعم إنه من قلة الدين فهم الواقع.

[Omar Adel · Rating 4 out of 5]

من الافكار المهمه فى الكتاب هو كلامه عن دور الدين فى بناء المجتمعات واللى لخصه مالك بن نبى فى 3 امور رئيسيه
اولا انه بيمثل الظرف الاستثنائى او ما يسمى بلحظة ميلاد المجتمع واللى بتظهر فى صورة شخص الرسول وفكرته زى الايه الكريمه ان ابراهيم كان امة
ثانيا انه الدين له دور كبير فى قوة شبكة العلاقات الاجتماعيه فكلما كانت العلاقه بين الافراد ذات طابع دينى او ميتافيزيقى كلما كانت الشبكه الاجتماعيه اقوى وكلما كان العلاقات ذات طابع عقلى كانت الشبكه الاجتماعيه اضعف فى حين انها تنهار اذا كانت العلاقات ذات طابع غرائزى
ثالثا دور الدين فى تهذيب الانعاكاسات الشخصيه لأفراد المجتمع يعنى تحويلها من انعكاسات غرائزيه حيوانيه لإنعكاسات اكثر خدمه للمجتمع زى قصة ابو ذر لما قال لسيدنا بلال يا ابن السوداء ولكن مرجعيته الدينيه جعلته يعتذر ويقبل قدميه ليغفر له تلك الجمله وبالتالى فالدين له دور كبير فى تحويل الافراد الى اشخاص بمعنى تحويلهم من العالم الفردى الى جزء من الشبكه الاجتماعيه يعمل فى اتجاه غاية المجتمع الكليه

[Ahmed Elshair · Rating 5 out of 5]

قبل أن أقرأ أي كتاب, أضع نصب عيني سؤالا أجعل تفكيري يدور حوله أثناء القراءة,.
وكان سؤالي قبل قراءة هذا الكتاب " كيف نبني مجتمعا من الصفر ؟ "

- لقد سقى هذا الكتاب ظمأي , ورسم في ذهني خطوط بسيطة وواضحة لإجابة السؤال.
و يتلخص الكتاب في:

- المجتمع الذي تريد أن تبنيه في الخارج, يجب أن تكون أنت مثاله في داخلك و أنت المثل الأعلى.

و تذكر دائما أن : " الفرد للمجموع و المجموع للفرد " .

[Ibrahim Helal · Rating 4 out of 5]

اول كتاب فى علم الاجتماع كتاب ثقيل ومهم
حجمه صغير لكن معانيه عميقة
نحتاجه فى بداية بناء مجتمع سوى

[jihad · Rating 5 out of 5]

‏الكتاب في نقاط :

يقول مالك بالنبي : هكذا الأمر دائما فإذا ما تطور مجتمع ما على أي صورة فإن هذا التطور مسجل كماً وكيفاً في شبكة علاقاته.

‏شبكة العلاقات = النشاط المشترك للأفراد داخل مجتمع ما

‏شبكة العلاقات الاجتماعية هي التي تؤمن بقاء المجتمع وتحفظ له شخصيته، وإنها هي التي تنظم طاقته الحيوية لتتيح له أن يؤدي نشاطه المشترك في التاريخ .

العلاقة الفاسدة في (عالم الأشخاص) لها نتائجها السريعة في (عالم الأفكار) وفي (عالم الأشياء) وسقوط الاجتماعية الذي يصيب عالم الأشخاص يمتد لا محالة إلى الأفكار والأشياء

ثم يؤكد بن نبي على عامل الروح والدين ؛ إذ هما الأساس في نشوء الحضارة الإسلامية الأولى . إذ يقول : إن المشكلة التي تواجه المسلم اليوم هي تقريبا المشكلة نفسها التي عبّر عنها الرسول (صل الله عليه وسلم )في قوله: لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها .

[Yasser Alzainy · Rating 4 out of 5]

ميلاد مجتمع
• المجتمع الساكن و المجتمع المتحرك
ممثلة بطريقة جيدة في فيلم the Croods
• المجتمع في نظر مالك بن نبي له شرطان:
o أن يكون متحركا
o أن ينتظم في شبكة علاقات (عقيدة، قوانين، كيف تسير الأمور في المجتمع)
• عامل الحركة:
o تغير في الوسط المحيط: بروز التحدي (نظرية تويمبي)
o تغير في عالم الأفكار: نشوء القضية المعارضة (فلسفة/دين) (المنظور الإسلامي - الوحي)
• بروز التحدي يستحث التغير في عالم الأفكار – التجديد الديني كاستجابة لتحدي الاستعمار
• فكرة التحدي المناسب
o يتوقف علي أمرين:
 طبيعة التحدي (موضوعي)
 ثقة المجتمع في قدرته على مواجهة التحدي (ذاتي)
• التاريخ ينتج عن تفاعل العوالم الثلاثة (الأشخاص و الأفكار و الأشياء) في حيز الزمن
• مسار التفاعل يتحدد بشبكة العلاقات في المجتمع
• شبكة العلاقات هي العمل التاريخي الأول الذي يقوم به المجتمع ساعة الميلاد
• الفرد مقابل الشخص
الفرد الشخص
نوع مجتمع
غرائز غرائز موجهة في قنوات شرعية يحددها المجتمع
البقاء غايات أسمى يحددها عالم الأفكار في المجتمع
بدائي مكيف
الهو الأنا الأعلى / الروح

• الناتج الحضاري = إنسان + وقت + تراب (تفاعل الإنسان مع الطبيعة/المادة في حيز الزمن
• لا يقاس غنى المجتمع بقدر ما يملك من أشياء بل بقدر ما فيه من أفكار (مصر نموذجا: النيل ، الثروة البشرية ، الأرض الخصبة ، الآثار ، الشواطئ ، ممر ملاحي و بنشحت)
• فكرة القومية في حد ذاتها دليل على جدب المجتمع في عالم الأفكار بحيث لم تعد لديه غاية تنتمي إلى عالم الأفكار يسخر لها كيانه بل صار كيانه غاية في حد ذاته
أري أن مدي تقدم المجتمع يقاس بالفكرة المركزية التي يقدسها هل تنتمي في الحقيقة إلى عالم الأفكار (الحرية – العدالة – إلخ) أم تنتمي إلى عالم الأشخاص (تمثل الفكرة في فرد معين – كأنصار مرشح رئاسي مثلا) أم تنتمي إلى عالم الأشياء (الأرض – المال – الوطن)
• تقاس قوة المجتمع بمدى تماسك شبكة العلاقات (شبكة العلاقات يقصد بها ما يربط بين الفرد و أفراد المجتمع)
• النموذج اللإسلامي لشبكة العلاقات مقابل نموذج الدولة الحديثة
• النموذج الإسلامي يعرف الفرد على أساس اعتناقه مجموعة من الأفكار الجوهرية (عالم الأفكار) بينما تعرفه الدولة على أساس جغرافي (عالم الأشياء)
مجموعة الأفكار المشتركة تربط بين جميع أفراد المجتمع برباط عقدي في المجتمع الإسلامي بينما تهدف الدولة الحديثة إلى حل الروابط الاجتماعية بين أفرادها و ربطهم بها بحيث يتم تحييد الفرد بشكل كامل مما يجعله أسهل في التعامل
وضوح الغاية و طبيعة العلاقات الاجتماعية في النموذج الإسلامي للمجتمع و التي تتضح من الخبر التالي:
"في معركة القادسية ، بعث سعد -رضي الله عنه- رسولاً إلى رستم(قائد الفرس) وهو ربعي بن عامر، فدخل عليه وقد زيَّنوا مجلسه بالنَّمارق المذهَّبة، والزَّرابي الحرير، وأظهر اليواقيت واللآلئ الثمينة والزينة العظيمة، وعليه تاجه وغير ذلك من الأمتعة الثمينة، وقد جلس على سرير من ذهب. ودخل ربعي بثياب صفيقة وسيف وترس وفرس قصيرة، ولم يزل راكبَها حتى داس بها على طرف البساط، ثم نزل وربطها ببعض تلك الوسائد، وأقبل وعليه سلاحُه ودرعه وبيضتُه على رأسه. فقالوا له: ضع سلاحك فقال: إني لم آتِكم وإِنّما جئتكم حين دعوتموني، فإنما تركتموني هكذا وإِلا رجعت. فقال رستم: إئذنوا له، فأقبل يتوكأ على رمحه فوق النَّمارق فخرَّق عامتها، فقالوا له: ما جاء بكم؟ فقال: الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضِيق الدنيا إلى سعَتَها، ومن جَوْر الأديان إلى عدل الإِسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه؛ فمن قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا عنه، ومن أبى قاتلناه أبداً حتى نفضيَ إلى موعود الله، قالوا: وما موعودُ الله؟ قال: الجنة لمن مات على قتال من ��بى، والظفر لمن بقي. فقال رستم: لقد سمعت مقالتكم فهل لكم أن تؤخروا هذا الأمر حتى ننظر فيه وتنظروا؟ قال: نعم، كم أحبُّ إليكم؟ يوماً أو يومين، قال: لا بل حتى نكاتب أهل رأينا ورؤساء قومنا. فقال: ما سنَّ لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نؤخِّر الأعداء عند اللقاء أكثر من ثلاث، فانظر في أمرك وأمرهم، واختر واحدة من ثلاث بعد الأجل. فقال:أسيِّدهم أنت؟ قال: لا، ولكن المسلمون كالجسد الواحد يُجير أدناهم على أعلاهم. فاجتمع رستم برؤساء قومه فقال: هل رأيتم قط أعزَّ وأرجح من كلام هذا الرجل؟ فقالوا: معاذ الله أن تميل إِلى شيء من هذا وتدع دينك إلى هذا الكلب أما ترى إلى ثيابه؟ فقال: ويلَكم لا تنظروا إلى الثياب، وانظروا إلى الرأي والكلام والسيرة، إن العرب يستخفُّون بالثياب والمأكل ويصونون الأحساب."
في المقابل فإن الدولة الحديثة صارت هي الغاية (انعدام الغاية و انقلاب الوسائل إلى غايات) في حد ذاتها ("هتخربوا البلد" ... "بوظتوا اقتصاد البلد" ... "عطلتوا مصالح البلد" "آخر جيوش المنطقة" دونما اعتبار لصواب أو خطأ وضع الدولة / الجيش في حد ذاته أو قيامها بدورها / دوره من عدمه) بينما كانت قد وجدت في الأصل كوسيلة لتحصيل غايات المجتمع ... هذا التحول الذي ينتج ما يطلق عليه "الدولة التنين"
بمعنى أن الدولة بشكلها الحالي تميل إلى جعل المجتمع في حالة من السكون فتعود بالمجتمع إلى الحالة البدائية التي لا غاية ورائها إلا البقاء (بقاء الدولة) ... أي أن الدولة بشكل ما تتناقض و المجتمع الذي يعرفه مالك بن نبي على أساس الحركة في اتجاه غاية ما.
• أساليب تكييف الأفراد مع بنية المجتمع و شبكة علاقاته:
o داخلي – الأفكار (الإعلام – التربية)
o خارجي – السلطة (أجهزة الأمن/القمع)
• ل = ن ك = ن (ن-س)
o ل: العلاقات / درجة الانسجام في نسيج المجتمع
o ن: عدد أفراد المجتمع
o ك: علاقات الفرد الواحد
o س: الفراغ الاجتماعي (درجة الخلل في النسيج الاجتماعي)
• بم نفسر عدم انهيار مجتمعات تنادي بالحرية الفردية و التي تتعارض مع فكرة المجتمع في الأساس؟
الحرية الفردية مبدأ نظري لا يمكن بأي حال تحقيقه بشكل كامل في الواقع مع الحفاظ على بنية المجتمع
القيود التي تفرضها السلطة في تلك المجتمعات "القوانين" هي في الحقيقة التي تحفظ بنية المجتمع و التي تتعارض في الأساس مع وهم الحرية الفردية
• المجتمع يحدد شروطه التي يجب على الفرد أن يتكيف معها فيندمج في المجتمع.... أو يرفضها و ينشأ على إثر ذلك حراك مجتمعي (ظهور القضية المعارضة)
• الاستعمار (الجديد خلافا للبدائي العسكري) في الأساس يهدف إلى زيادة الفراغ الاجتماعي و الذي يترتب عليه زيادة في القابلية للاستعمار
• المجتمع يحمي شبكة علاقاته بإضافة القداسة عليها
• النموذج الإسلامي (قداسة الوحي) و نموذج الدولة القومية (مصر نموذجا: انظر ديباجة الدستور / الصفات التي يخلعها الإعلام على القوات المسلحة ... إلخ)

[نور · Rating 5 out of 5]

كتاب أكثر من رائع ، يستحق القراءة أكثر من مره

[عمر البدوي]

ميلاد مجتمع
شبكة العلاقات الاجتماعية
مالك بن نبي مفكر جزائري لم يكتشف بعد ، له من المؤلفات كثير وهو بشروط النهضة خبير وبالاهتمام والقراءة له جدير ، بالنسبة لي يعتبر هذا الكتاب الأول الذي أقرأه لهذا المفكر الناضج ، غير أني سمعت عنه كثيراً وقرأت عنه أكثر مما قرأت له ، وإذ قرأت له هذا الكتاب واكتشفت قدرته على الفهم والإحاطة وسبر أغوار عوائق النهضة الإسلامية فإني لا أستغرب ممن شهدت له الأمه بالعلم والفهم .
وهو عندما يتحدث فإنه مشبع بالثقافة الإسلامية سيما في مصدرها القرآني الذي استنطق منه السنن الكونية وأنزلها على الوقائع التاريخية ، كما أنه ملم بالنتاج الغربي الحضاري وهو عاش طويلاً بينهم وأحاط بثقافتهم .
وهنا في هذا الكتاب لا يتحدث عن بنية المجتمعات الراغبة في التقدم بطريقة سطحية ولا مباشرة ، ولكنه يتناول المقومات السليمة والأساسات القويمة اللازمة لأي مجتمع ينوي التحرك باتجاه التمدن والتقدم والنهوض وإفساح مقعد له من بين أمم الصدارة والتأثير .
إنه يتناولك عبر كتابه في تراتبية مترابطة ومتسلسل منطقي لإقامة مجتمع نشط له غاية وحكمة ومصوغ في إطار علائقي متين وفاعل ، وهذه شروط المجتمعات الحية والناجحة ، وإذا كان بعض مفكري الغرب أسس المجتمعات على قاعدة ( الجدلية الطبقية ) أو ( التحدي الجيوسياسي ) فإن ابن نبي لا ينفي هذا بقدر ما يسوق تأكيدات تاريخية لدور الدين كذلك في حفز المجتمعات على التعاون وتحقيق فاعليتها الاجتماعية الثرية .
ثم يثري أفكارك ويصوغ ذهنيتك وينضج تصوراتك بحزمة من ضرورات بناء المجتمع القوي الذي ينخرط فيه شخوص أقوياء على أساس تربية اجتماعية رشيدة وليس مجرد أفراد منفصلين في جزر مستقلة ومتباعدة لا يكونون مجتمعاً فاضلاً ولا يحققون غاية راشدة .
أستطيع أن أقول ابتداءاً أن المفكر مالك بن نبي بمسحته الإسلامية المعتدلة يملك مشروع نهضة متكامل ، إذ يبدو ذلك من تناوله لبناء العلاقات الاجتماعية في صورتها العميقة وليست مجرد العلاقات الثنائية التبادلية المباشرة ، هذا مالك بن نبي الذي يجسد المفكر الحقيقي اللازم لمشروع النهضة الغائب عن العرب والمسلمين .

[Samer Zydia · Rating 4 out of 5]

بين عوالم بن نبي (الاشخاص والافكار والاشياء)تناغم منهجي علمي متماسك مقنع رائع
لقب ابن خلدون عصره يليق به واعتقد انه لو كان يتحدث بعيد عن المنطق الاسلامي لدرست كتبه في المناهج المدرسية وللمع اسمه اكثر
ميلاد المجتمع كتاب من مئة وبضع صفحات ولكنه يحوي كم كبير جدا من المعلومات القيمة عن حركة المجتمع موزعة على 16 فصل يناقش فيه القيم والمبادئ التى تؤسس لتكوين المجتع وتطوره صعودا او هبوطا بمنهج مقارن بين مجموعة من النظرية العلمية الاجتماعية والمنهج الديني الاسلامي بشكل رئيس والديني بشكل عام ...ولا ينقص من قيمة بن نبي كعالم وباحث ابدا اعتماده وتكريسه للفكرة الاسلام كنظام واساس اجتماعي
وهو في النهاية إنسان يخطئ ويصيب نتفق او نختلف معه في جملة من ارائه ونتائجه ولكنه ظاهرة فريدة ومنهج ثابت يجب ان يكون مدرسة للاجيال وخصوصا في دراسات الاجتماعية التي ترتبط بواقعنا العربي والشرقي
مع كل رحلة لي مع ابن نبي احسده اكثر وارتق اكثر ويزداد ايماني اكثر

[Zain jatara · Rating 5 out of 5]

من المأكد أنني لن أفيَ هذا الكتاب حقه بمراجعته أو سرد أفكاره فإن مالك بن نبي قد عبر عن أفكاره بطريقة جذلة وملفتة للنظر في هذا الكتاب لكن ما أثار دهشتي هو بناء التأملات عند فكر مالك بن نبي بطريقة موضوعية ضمن نظام محكم الدراسة بعد أن أخذت الأفكار في عقله الإشباع الكافي المدروس ليخرج بالنتائج "الحلول" التي ذكرها!!
على سبيل المثال عندما تحدث عن مشكلة الإنفصال بين العنصر الروحي والعنصر الإجتماعي ذكَر أن علاجها من كلا جانبيها هو أن يكون لدينا "فكرة" عُليا تصل بيت الروحي والاجتماعي..
كم أنها تبدو في الوهلة الأولى بسيطة للقارئ وكم أنها أرّقت مالك بن نبي ليالٍ وأيام..
لي عودة أُخرى مع هذا الكتاب من باب دوام وصل الأحِبة😄

[Eisya · Rating 3 out of 5]

nampaknya seketul Eisya perlu berpijak di bumi yang nyata🤣 jujurnya mata tertangkap pada buku ini sebaik menyelak bab 'Social Relations and Psychology'. Dan sempat la baca bab awal. Itupun sudah memadai bagi menyuluh jalan untuk saya mengenal serba sedikit idea dan sosok Malik Bennabi. Sesiapa yang berminat dengan sejarah dan epistemologi 'pengislaman ilmu pengetahuan', idea berkenaan tamadun yang berkongsi persamaan dengan 'tamadun' oleh Ibn Khaldun dan runtuh bangun peradaban Islam.. bolehla baca buku ini. ✨👍

[عِماد عبابنة · Rating 4 out of 5]

من الكتب الاساسية في فكر مالك بن نبي .... وأظن أنه يجب لكل من يقرأ لبن نبي أن يقرأه

قد يكون فيه بعض تكرار الافكار لما ورد في بداية شروط النهضة ... ولكن تناوله لفكرة المجتمع والاجتماع ..

وفكرة الحركة التاريخية ..... والتأسيس لفكرة كيف بدأ المجتمع الاسلامي وكيف انتهى الى ما هو عليه من وجهة نظر أخلاقية تكوينية شيء جميل جدا


بشكل عام الكتاب جميل وبسيط ومن ركائز فلسلفة مالك بن نبي

[Sara Nasr · Rating 4 out of 5]

كالعادة.. الكتاب الثالث لمالك بن نبي..
أفكاره كلها ضرورية ومهمة إلا أن أسلوبه - أراه - جافاً جدا غير سلس.. أو أن الترجمة سيئة كما يقال عن كتبه !

[Houssem Eddine · Rating 5 out of 5]

كتاب أصنفه في خانة "لابد منه" و لا يغرنّك عدد صفحاته المتواضع!
من الكتب المؤسِّسة التي يدور حولها فكر مالك بن نبي

[Wahiba · Rating 4 out of 5]

لا بد أن أعود إلى هذا الكتاب ،إنه ليس من الكتب الت�� تقرأ ثم نضعها جانبا ،انما كتب ليكون رفيقا.

[قارئ النهضة · Rating 4 out of 5]

ضمن سلسلة فعاليّات الملف الاجتماعي لقارئ النهضة هذا العام 2014، ناقش الفريق في رُكن القراءة كتاب ميلاد مجتمع لمالك بن نبي .
وميلاد مجتمع كتابٌ صغيرٌ، إلاَّ أنَّه على صغره جدُّ عميق، يظهر فيه بجلاءٍ أسلوب مالكٍ المتسلسل ومذهبه الداعي إلى دراسة المشكلة بدءا من الجذور وانتهاء بالأطراف الدّقيقة.

جاءت شخصية مالك بن نبي فعالة وطامحة إلى إحداث التغيير المطلوب في بنية الذهنية الإسلامية سبيلاً إلى الإصلاح والنهضة، واتجه مساره الفكري إلى البحث عن أسباب التخلف في العالم الإسلامي، وكيفية الخروج من مأزق التخلف هذا، حيث حاول أن يخرج بالخطاب الإسلامي من مرحلة الدفاع عن الإسلام إلى مرحلة النظري العملي الموضوعي الموجه بقيم الإسلام وعقيدته لإيجاد الحلول العلمية.

في أوليات يقدم مالك بن نبي معنى المجتمع اصطلاحا ووظيفياً وينوه مالك بن نبي بداية إلى أن تعقد المصطلحات يؤدي إلى مناقشات أقرب إلى الطابع الأدبي منها إلى منطق العلم، فيبدأ بتعريف المفاهيم ــ المختلف عليها ــ من وجهة نظره فيعرّف المجتمع الطبيعي بأنه المجتمع الساكن ذي المعالم الثابتة كالمجتمعات الموجودة في مستعمرة النمل والنحل أو القبائل الأفريقية في عصر ما قبل الاستعمار، ويقارنه بالمجتمع التاريخي الذي يحقق النموذج المتحرك (المجتمع الذي يطبق قانون التغيير). ثم يتكلم بتفصيل أكثر عن التاريخي وأنه ينقسم إلى النموذج الجغرافي ( كالمجتمع الأمريكي الذي تكون نتيجة هجرة الأوروبيين وتكيفهم بالمنطقة) والنموذج الأيدويولوجي الملبي لفكرة "على اتساع هذا الوصف" ( كالمجتمع الإسلامي او المجتمع الأوروبي المسيحي، المجتمع السوفييتي والصيني ) . الخلاصة أن المجتمع ليس مجرد عناصر أو اأشخاص تدعوهم غريزة الجماعة للتكتل في إطارمعين وحسب! إنما هذه الغريزة وسيلة لإنشاء المجتمع وليست سببا لإنشائه. أي أن له ثوابت يدوم بدوامها والمجتمع يبقى ويفرض على القادمين عاداتهم وثوابتهم، أي الصفات الذاتية التي تحفظ شخصيته وكيانه عبر التاريخ.

ويشير مالك إلى أن التعريف الوظيفي هو أهم من الاصطلاحي وأهم ما يميزه هو "الزمن"، فالأفراد الذين لا يعدل الزمن من علاقاتهم الداخلية لا تتغير نشاطاتهم، فيعرف المجتمع على أنه الجماعة التي تتغير دائما خصائصها الاجتماعية بإنتاج وسائل التغيير وهو ليس مجرد أفراد بل هو تنظيم متين ذو طابع نسقي تم طبقا لنظام معين وهو يقوم على :
1- حركة يتسم بها المجموع الإنساني.
2- انتاج لأسباب هذه الحركة.
3- تحديد لاتجاهها وغايتها.

في فصل "النوع والمجتمع" يشير إلى أن الجماعة الإنسانية تكسب صفة المجتمع عندما تشرع في الحركة، أي عندما تبدأ في تغيير نفسها من أجل الوصول إلى غايتها، وهذا يتفق من الوجهة التاريخية مع لحظة انبثاق حضارة معينة. ويشير إلى أن الطبيعة توجد النوع ولكن التاريخ يصنع المجتمع، وهدف الطبيعة هو مجرد المحافظة على البقاء، بينما غاية التاريخ أن يسير بركب التقدم نحو شكل من أشكال الحياة الواقعية، هو ما نطلق عليه اسم الحضارة.

يذهب بنا بعد هذا إلى فصل "الأراء المختلفة في تفسير الحركة التاريخية" يقول أن أي وسط إنساني ينطوي في الحقيقة على نصيب من الخمود حتى يحيله إلى حركة .
ويعرض لأهم هذه التفسيرات للحركة : فهيجل: يرجعها إلى مبدأ التعارض، والفكرة ونقيضها، وتوينبي: يرجعها إلى مبدأ التحدي المناسب. ويتبنى مالك رأي توينبي ويسقطه على المجتمع الإسلامي إذ أنه وضع ضمير المسلم بين حدين : الوعد والوعيد؛ أي عوامل نفسية تؤدي إلى قوى روحية وحالة تحدّي.

أما في فصل "التاريخ والعلاقات الإجتماعية" فيقول المؤرخ جمزو أن التاريخ يصنعه علم الاجتماع وعلم النفس معاً، وبرأي مالك أن التاريخ يصنعه انطباع عالم الأفكار وعالم الأشخاص وعالم الأشياء معاً على صفحة الزمن وتؤدي هذه العوالم مجتمعة إلى ما يسميه "شبكة العلاقات اجتماعية" .

في الفصل التالي يحدثنا الكتاب عن "أصل العلاقات الاجتماعية" وأن أصلها ناشئ عن الحركات التاريخية (فهي نتيجة). والعلاقات الاجتماعية هي العمل التاريخي الأول الذي يقوم به المجتمع ساعة ميلاده مثل الميثاق بين المهاجرين والأنصار.

أما فصل "طبيعة العلاقات" فبرأي مالك أن الفرد يصبح شخصاً لا بد له من أن تتغير صفاته البدائية التي تربطه بالنوع إلى نزعات اجتماعية تربطه بالمجتمع ، وقد تكون هذه العلاقات علاقات ثقافية وعلاقات جمالية او علاقات اقتصادية حسب الماركسية ، بالنهاية يشير إلى أن التغييرات في الحياة الاجتماعية لا تعزى إلى المادة الإجتماعية أي الإقتصاد وإنما إلى العلاقات أي العمل المشترك الذي يصنع هذا الاقتصاد والتاريخ.

فصل "الثروة الإجتماعية" يطرح فيه المؤلف أهم ما عرف به، وهو أن غنى مجتمع ما لا يقاس بكمية ما يملك من أشياء بل بمقدار ما يملك من أفكار، فيقول مالك أن المجتمع بعالم أفكاره لا بعالم الأشياء ويذكر مثال روسيا وأملناني إبان الحرب العالمية وسرعان إعادة بناءهما بفضل عالم الأفكار، ثم يرجع ذلك إلى العمل المشترك لشبكة العالاقات الإجماعية التي تنظمه، وبرهن على ذلك بالرجوع إلى تاريخ العالم الإسلامي في القرن السابع الميلادي حينما بدأ المجتمع الإسلامي دخول حلبة التاريخ تلبية لفكرة. ففعالية الأفكار تخضع لشبكة علاقات، وأننا لانتصور عملاً متجانساً من الأفكار والأشخاص والألشياء دون هذه العلاقات الضرورية وكلما كانت شبكة العلاقات أوثق كان العمل فعلا ومؤثرا أكثر.

ويؤكد مالك بن نبي في "فصل المرض الإجتماعي" أفكارأً وإشارات مهمّة عن العلاقات المرضية التي تؤدي إلى انفصالات في شبكة المجتمع والذي يؤدي إلى تحلله ثم انهياره، فالأنا المتضخمة التي تغزو مجتمعاتنا تصبح فيها العلاقات الاجتماعية بسببها " فاسدة " ويصبح العمل المشترك صعباً أو مستحيلاً (مأساة اجتماعية) إذ يدور النقاش حينئذ لا لإيجاد الحلول بل للعثور على أدلة وبراهين. ويرجع ذلك الى انشغال العلماء بالمشكلات الفارغة لا الواقعية، وما أن يفسد عالم الأشخاص بتضخم الأنا حتى يُسقط ذلك على عالم، كاهتمام العلماء بقضايا وأفكار وجدليات من نسج الخيال والترف غير المفيد، كالبحث في جنس الملائكة وحكم وطأ البهيمة إن كان مفسداً للطهارة أم لا .. إلخ

ويؤكد المؤلف في فصل المجتمع والقيمة الخُلقية إلى أن للقيمة الخُلقية عنصراً جوهريًا في النشاط المشترك . ويتسائل مالك هل ينتج المجتمع تلقائياً تلك القيمة الخلقية التي تدفع تغييره في اتجاه غايته؟
ويطرح أمثلة، كوأد الإناث في الجاهلية وبعض محاولات إحيائهن، وظاهرة الزواج وطقوسه حتى في المجتمعات المدنية التي لا يوجد فيها أي انتساب ديني من نوع ما، وأيضاً القبائل الإفريقية الثابتة وغير المحكومة بنظر راشد وطقوس الزواج فيها غير المبني بدافع العلاقة الجسدية بين الجنسين في أي اختلاط يحدث بينهما ضمن تفاعلات الحياة الإجتماعية في هذا الجماعات!! يُرجع مالك بن نبي ذلك إلى أن القيم الخلقية لاينتجها المجتمع إنما تنظم نشاطه في سبيل غايته، وكلما حدث إخلال بالقانون الخلقي في مجتمع ما تمزقت شبكة علاقاته.

يتوصل مالك بن نبي في فصل "الدين والعلاقات الإجتماعية" إلى أن الظرف الإستثنائي الذي يلد مجتمعا؛ يتفق مع الفكرة الدينية، أي أن العلاقة بين الله والإنسان هي التي تلد العلاقة الإجتماعية التي تربط الفرد بالمجتمع بصورة القيمة الأخلاقية، فعلى هذا يمكننا أن ننظر إلى العلاقة الإجتماعية والعلاقة الدينية معاً من الوجهة التاريخية على أنهما حدث، ومن الوجهة الكونية على أنهما عنوان على حركة تطور اجتماعي واحد. ويبين أن العلاقة بين العلاقة الدينية والفراغ الاجتماعي "والذي يمثل عدد العلاقات المفقودة أو المبتورة في مجتمع ما" بأنها علاقة عكسية، ويستشهد بالحديث" المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا" وهي الدرجة الأمثل لكل الشرائع السماوية في أن يصل المجتمع إلى هذه المثالية في التناسق بين أفراده.

وفي فصل "شبكة العلاقات والجغرافيا" يرى أن تأثير فكرة دينية معينة رهن ببعض الشروط الجغرافية الإنسانية، فإذا لم تجدها في موطنها هاجرت لتجدها في مكان آخر؛ مثل المسيحية التي بدأت مهمتها التاريخية بعد الإسلام بستة قرون بعيدا عن مسقط رأسها "فلسطين" إلى أوروبا فأنشئت المجتمع الغربي، وكيف بنت نفسها على أنقاض الحضارة الرومانية فكل حدث في تاريخ أوروبا هو في الواقع تجسيد لفكرة المسيحية، فمثلا نهاية الحضارة الرومانية- الإقطاع- اللاتينية لغة الكنائس- الحروب الصليبة – النهضة والإصلاح وفي ذات الوقت تزامن ذلك مع عالم الأشياء حيث التجارب التي قام بها جلفاني واختراع ماركوني وغيره. كل ذلك يفسر أن الظاهرة الأوروبية ما هي إلا الظاهرة المسيحية. بعكس الفكرة الإسلامية التي أدت مهمتها بمهدها ذاته إذ كانت الجزيرة العربية أرض عذراء على عكس المسيحية التي التي ولدت على أرض مزدحمة بالديانات والثقافات، وكما قال المؤرخ جيزو: أن الفكرة المسيحية هي التي صاغت شبكة العلاقات التي أتاحت للمجتمع الغربي أن يسجل نشاطه في التاريخ، فالظاهرة المسيحية أو الظاهرة الاوروبية هما نسختين لعملة واحدة، وإذا كان هناك اختلاف ظاهر فإنه يختفي إذا مارجعنا قرنين إلى الخلف إذ أن كلمة " أوروبي" أصلا لم تدخل اللغة الدبلوماسية ولم تكن موجودة إلا منذ الحروب النابليونية 1814م.

ثم يوضح الكاتب في فصل "العلاقات الإجتماعية وعلم النفس" أن الطبيعة تأتي بالفرد في حالة بدائة ثم يتولّى المجتمع تشكيله فكل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهوّادانه أو ينصرانه أو يمجسانه. ثم يتحدث عن فكرة تكيّف الفرد فعملية "التنحية" تجعل الفرد لا يعبأ ببعض المثيرات ذات الطابع البدائي ( الثأر مثلاً) وعملية "الإنتقاء" تجعل الفرد قابلاً لمثيرات ذات طابع أخلاقي أو جمالي. ومن وجهة نظر علم النفس فإن العنصر الديني يدخل في تكوين الطاقة التفسية لدى الفرد وتنظيمها لدى وقوعها في تصرف "الأنا" الفرد ثم توجيهها تبعاً لمقتضيات النشاط الخاص بهذه " الأنا" وتبعا للنشاط الذي يؤديه المجتمع في التاريخ.

يُكمل مالك بن نبي استعراضه لفكرة شبكة العلاقات الإجتماعية ويربطها بفصل خاص مع الإستعمار، حيث يعلم الجميع العبارة القائلة (فرّق تسد)، فيتحدث مالك عن أساليب الإستعمار بأنها عسكرية بحتة، وأساليب غير مباشرة كالإغتيال وإحداث الفوضى والاستعمار الثقافي وغيرها! ويخبر ويشكك مالك تقريباً بكل تصرف أو سلوك يحدثه أفراد المجتمع من قبول بأي خطأ مهما كان صغيراً تحت مسمى "لا بأس" !! فكل هذا يخدم عمل الإستعمار في النهاية! ويتحدث بهذا الفصل ذاكراً أمثلة من الحياة الواقعية تجسد ذلك، ويحذر من ممثلين المجتمع أنفسهم ممثلين ثقافته ممثلين هويته، بأنهم هم أنفسهم أصحاب الاختصاصات هذه من يستخدمون معطفاً يختفي تحت استهتارنا وعدم اكتراثنا، ذلك أن العوام يفكرون بالواقع دون الرجوع لأي مقياس من التاريخ أو الاجتماع فتكوين عقولهم يمنعهم من أن يروا ما هو أمام عنيني الاستعمار!
وبهذا يقارن أن المجتماعت العربية والإسلامية لم تتصدى لمثل هذه المشاكل بينما المجتمع السوفييتي دافع عن علاقته ضد هذه المشاكل بإجراءات رادعة لحلها.

وفي فصل خاص يدافع عن شبكة العلاقات الإجتماعية فيؤمن مالك بن نبي أن جميع القوانين التي أملتها السماء أو وضعتها ومحاولات البشر هي في الحقيقة إجراءات لحماية شبكة العلاقات الإجتماعية وبدونها لا تستطيع الحياة الإنسانية أن تستمر لا أخلاقياً ولا مادياً وأن كلمات مثل "تصدّق" .. "أحبب أخاك" .. "إحترم مواعيدك".. هي الآثار الجذبية في الميول الإجتماعية التي توحد الأفراد في المجتمع. فالهدف الأساسي من هذه التعاليم الاخلاقية هي الدفاع عن شبكة العلاقات الاجتماعية. في هذا الفصل يعيد تعريف الحضارة والثقافة فليست الثقافة سوى تعلم الحضارة أي استخدام ملكاتنا الضميرية والعقلية في عالم الأشخاص وليست الحضارة التي يعرّفها مدّعوها الجدد بإطلاق غرائزنا من عقالها!! ويذكر برأيه أن هناك نوعين من خيانة المجتمع : نوع يهدم روحه يخلف فراغ اجتماعي حين يهدم الأخلاق، ونوع يهدم وسائله يخلف فراغ اجتماعي حين يوجه الإبداع خارج عالم الواقع. وكلمة تربية هي وسيلة لتقدير الانسان وتعليمه كيف يعيش مع أقرانه وكيف يكون معهم في شبكة علاقات اجتماعية تشترك في نشاطها، وأن هذه المصطلحات من "ثقافة وحضارة.." لا بد من أن نتجاوز تعريفها إلى مرحلة إدراكها في برنامج تربوي يصلح لتغيير الإنسان.

ختاماً يتكلّم مالك بن نبي في فصل عن "الشروط الأولية للتربية الإجتماعية" فلكي نواجه بطريقة فنية أية مشكلة اجتماعية ينبغي ألا يقتصر عملنا عل�� افتراض الحلول التي تأكدت صحتها خارج بلادنا، إنما يجب توفير المحيط اللازم لتطبيق ما نتصوره من حلول. ويُتبع مالك بن نبي هذا الحل بمشكلة الانفصال بين العنصر الروحي والعنصر الاجتماعي، ذلك الفرق بين المبدأ والحياه ( كمثال سلوك المسلم في المسجد وسلوكه في الشارع) ولحل هذه المعضلة يجب أن تكون هناك فكرة عليا تجمع الجانب الاجتماعي والجانب الروحي، وقد أكدت الفكرة الاسلامية في عهد الرسول ذلك فيجب إعادة تنظيم وتوجيه الطاقة فهي المهمة الأولى في خطة النهضة الإسلامية. ويتكلم بعدها عن دورة الحضارة وأطوراها :

أولاً: طور ترويض الغرائز في نظام خالص يكبح جماحها .
ثانياً: طور أوج الحضارة (ازدهار العلوم والفنون فيها) ولأن آثارها المحسّة بعيدة تواصل الغريزة المكبوحة بيد الفكرة الدينية سعيها للتحرر والانطلاق وتستعيد الطبيعة سيطرتها على الفرد والمجتمع شيئا فشيئا.
ثالثاً: تحرر الغرائز التام وإعادت سيطرتها على مصير الانسان بأن تنتهي الوظيفة الاجتماعية للفكرة الدينية.

وهنا نحن بحاجة الى إعادة تنظيم طاقة المسلم الحيوية وتوجيها، وتنظيم تعليم القرآن الكريم تنظيماً يوحي إلى الحقيقة القرآنية وأخيرا تحديد رسالة المسلم الجديدة في العالم فيستيقظ باستقلاله الأخلاق حتى لو كان مجتمعه لا يتفق مع مبادئه وكل ذلك ليس حلا إنما خطوة على طريق حل المشكلة.

كتبته بدور حبيب

[Abdelhakim Benlalla · Rating 4 out of 5]

مالك بن نبي مفكر عظيم، لديه عدة أفكار فلسفية ويحسن الصياغة، وفي نظري يجب على الجزائر أن تفخر برجل كهذا، لأن لديه من العلم ما لا يمتلكه أقرانه فهو ملم بمعظم العلوم الطبيعية، وملم بالفلسفة كما أنه ملم بالتاريخ...
الكتاب كان تحفة تدل على اتساع علم الأستاذ، هذا الكتاب ضمن مشكلات الحضارة، وقد تناول فيه أهم النقاط الأساسية للنهوض بالحضارة، وناقش خلالها مشكلات بلدان العالم الثالث وسبب تخلفها (رغم ان اختصاصه ليس علم التاريخ، ولا العلوم الانسانية او الاجتماعية بصفة عامة)

[نهى أحمد · Rating 5 out of 5]

ميلاد مجتمع (1) - شبكة العلاقات الاجتماعية.
للمفكر الجزائري : مالك بن نبي.
115 صفحة.
دار الفكر.
-
بعد قرن و ثلاثين سنة من الاستعمار الفرنسي على الجزائر، رأى مالك بن نبي أن أهم سؤال نحتاج لالإجابة عنه في هذه الفترة هو: كيف نبني مجتمعا من الصفر؟
و للإجابة على هذا السؤال تطرق إلى مفهوم المجتمع و أهم أركانه التي يقوم عليها، فعرف المجتمع بمفهومه الحضاري على أنه مجموعة من الأشخاص تتحرك و تتطور باستمرار من خلال إنتاج وسائل للتغيير سعيا وراء هدف مشترك، و كل جماعة لا تتطور و لا تتغير مع الزمن لا تسمى مجتمعا و إنما تعتبر مجرد جماعة إنسانية، و هذه الجماعة الإنسانية تكتسب صفة مجتمع عندما تبدأ في تغيير نفسها من أجل الوصول إلى غايتها التي تتمثل في شكل من أشكال الحياة الراقية التي يطلق عليها إسم "حضارة" ، و نقطة البداية هذه هي ما يسمى "ميلاد مجتمع".
و يمكن تقسيم هذا الكتاب إلى جزأين : جزء تحليل المشكلة، و جزء تقديم الحل.
*تحليل المشكلة:
يقول مالك بن نبي أن المجتمع يرتكز على ثلاثة أركان :
1- عالم الأشخاص.
2- عالم الأفكار.
3- عالم الأشياء.
و هذه العوامل لا تعمل بشكل منفرد، و إنما يشكل عالم الأفكار إيديولوجية معينة يتم تنفيذها بواسطة عالم الأشياء من أجل غاية يحددها عالم الأشخاص، و ترتبط هذه العوالم فيما بينها بما يسمى بـ ( شبكة العلاقات الاجتماعية )
و هذه الشبكة تقوم على تحويل الإنسان من مجرد فرد إلى شخص، و ذلك بتغيير صفاته البدائية التي تربطه بالنوع إلى نزعات اجتماعية تربطه بالمجتمع، فالعلاقات الاجتماعية تفسد عندما تصاب الذوات بالتضخم فيصبح حينها العمل الجماعي صعبا أو مستحيلا و يظهر لنا ما يسمى بـ: المأساة الاجتماعية (socio-drame)
و يذكر أن كل علاقة من هذه العلاقات الاجتماعية هي في جوهرها قيمة ثقافية يمثلها القانون الخلقي و الدستور الجمالي الخاص بالمجتمع، و كلما حدث إخلال بالقانون الخلقي في مجتمع معين، حدث تمزق في شبكة العلاقات التي تتيح له أن يصنع تاريخه.
حتى يتم تحويل الفرد إلى شخص يجب تكييف غريزته و أفعاله المنعكسة لتتوافق مع الغاية المشتركة للمجتمع، و هنا يأتي دور الدين، فنفسية الفرد مفعمة بالنزعة الدينية و هو ما جعل علم الاجتماع يعرف الإنسان بأنه ( حيوان ديني)، إذ يهتم العنصر الديني بتربية التفس الإنسانية، و بتنظيم غريزته الطبيعية لتوجهها تبعا للضمير العام، فيشبع احتياجاته الجسدية بما يتفق مع التقاليد الأخلاقية. و هو يخلق بعمله هذا شبكة العلاقات الاجتماعية التي تسمح لهذا المجتمع أن يؤدي نشاطه المشترك فهو يربط أهداف السماء بضرورات الأرض.
و يرى الكاتب أن سبب نجاح الاستعمار في بلد ما هو أن هذا البلد أصلا كان قابلا للاستعمار و ذلك لأن شبكة العلاقات الإجتماعية فيه ممزقة أو تم تمزيقها من قبل الاستعمار نفسه، إذ يعتبر أن أكبر فخ تقع فيه المجتمعات هو أنها لا تخشى إلا الأسلحة التي تصدر ضجيجا، بينما لا تقوم بأي احتياطات ضد الاستعمار الذي يضرب المنظومة الفكرية و الأخلاقية للمجتمع، و هو ما يجعلها فريسة سهلة حتى لو كانت تتوفر على أفكار و أشخاص و وسائل إلا أنها مشتتة، و ضرب مثلا بالعرب في عصر الانحطاط الذين كانوا لقمة سائغة في فم جيش التتار رغم أنهم يفوقون التتار جيشا و عدة و فكرا إلا أن شبكة العلاقات الإجتماعية آنذاك كانت ممزقة.
*تقديم الحل:
يعارض مالك بن نبي فكرة استعارة الحلول التي حققت نجاحا في مجتمعات أجنبية، لأن الحلول ينبغي أن تتكيف مع نفسية البلد الذي تطبق فيه، لهذا تفقد فاعليتها عندما تخرج من سياقها. و يقول الكاتب أننا ينبغي أن نهيئ في بلادنا المحيط اللازم لتطبيق ما نتصور من حلول لمشكلاتنا الاجتماعية
و ينادي بضرورة الحذر من الفراغ الاجتماعي الذي تحدثه (القوارض) كما سماها، و هي أدوات الاستعمار لهدم مبادئ و أخلاق المجتمع، و هدم وسائله التي يعمل بها لأجل غايته.
كما يدعو للفهم الجيد لكلمة حضارة إذ يقول أن الحضارة لا تعني تحرير غرائزنا، بل هي أن يتعلم الإنسان كيف يعيش في جماعة، و يدرك أهمية شبكة العلاقات الاجتماعية في تنظيم الحياة الإنسانية من أجل الوصول إلى غايتها التاريخية، فجميع القوانين التي أماتها السماء أو وضعها البشر هي بهدف حماية هذه الشبكة.
و في النهاية يقول مالك بن نبي أنه حتى ننجح في بناء مجتمعنا من الصفر يجب البدء بنفس الطريقة التي بدأ بها المجتمع الإسلامي لأن الرسول- صلى الله عليه و سلم - يقول (( لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها))
و قد كان سبب صلاح أولها هو العمل المشترك و ذوبان ذات الفرد في ذات الجماعة.
لهذا يجب العيش تحت ظل الحكمة القائلة : الفرد للمجموع و المجموع للفرد.
____________________
أبدع مالك بن نبي كعادته، فأجاد التحليل و أصاب في تقديم الحل، بطريقة متسلسلة تجعلك تتبع الأفكار و تشاركه في التحليل.

[Ahmed · Rating 4 out of 5]

page 37

لا يقاس غنى المجتمع بكمية ما يملك من ( أشياء ) ، بل بمقدار مافيه من أفكار
. ولقد يحدث أن تلم بالمجتمع ظروف اليمة ، كأن يحدث فيضان او تقع حرب ، فتمحو منه ( عالم الأشياء ) محو کاملا ، أو تفقده إلى حين ميزة السيطرة عليه فإذا حدث في الوقت ذاته أن فقد المجتمع السيطرة على ( عالم الأفكار ) كان الخراب ماحقا . أما إذا استطاع أن ينقذ ( أفكاره ) فإنه يكون قد أنقذ كل شيء ، إذ أنه يستطيع أن يعيد بناء ( عالم الأشياء ) . لقد مرت ألمانيا بتلك الظروف ذاتها، كما تعرضت روسيا لبعضها ، إبان الحرب العالمية الأخيرة ، ولقد رأت الدولتان - وخاصة ألمانيا . الحرب تدمر عالم الأشياء ) فيهما . حتى أتت على كل شيء تقريبا . ولكنها سرعان ما أعادتا ابناء كل شيء ، بفضل رصيدهما من الأفكار . هذا البناء هو في ذاته نوع من العمل المشترك الذي يقوم به مجتمع معين ، ولقد رأينا في تقدم أن تمام هذا العمل ضرب من المستحيل ، مالم تكن هناك الشبكة العلاقات التي تنظمه ، وتجعله سبيلا إلى غاية معينة . وبذلك نستنتج أن ثروة الأفكار وحدها ليست بكافية ، كما دلنا عل�� ذلك تاريخ المجتمع الإسلامي في موقفين فعندما بدأ هذا المجتمع دخوله حلبة التاريخ في القرن السابع الميلادي كان عالم أفكاره ) ما زال جنينة غامضة ، إذا ما قيس بالمجتمعات المتحضرة التي غزاها وهزمها في مصر وفي فارس وفي الشام . .
page 31


إن العمل الأول في طريق التغيير الاجتماعي هو العمل الذي يغير الفرد من کونه ( فردا ) إلى أن يصبح ( شخصا ) وذلك بتغيير صفاته البدائية التي تربطه بالنوع إلى نزعات اجتماعية تربطه بالمجتمع هذه العلاقات الخاصة بعالم ( الأشخاص ) هي التي تقدم الروابط الضرورية بين الأفكار والأشياء ، في نطاق النشاط المشترك الذي يقوم به مجتمع ما . واجتماع الأشخاص في أي ظرف وفي أي مكان ، هو التعبير المرئي عن هذه العلاقات في مجال معين من مجالات النشاط الاجتماعي . وجميع صور هذا الاجتماع - سواء كانت في هيئة تظاهرة أم مدرسة ، أم جيش أم مصنع أم نقابة أم سینما .. هي تعبير عن شبكة هذه العلاقات في صور مختلفة والاجتماع الذي يتمثل فيه أول عمل يؤديه مجتمع إبان میلاده يترجم ترجمة صادقة وقوية عن شبكة علاقاته وأصدق ما يدل على ذلك في المجتمع الإسلامي اجتماع المسلمين في المسجد ، في صلاة الجمعة مثلا ، فهذا الاجتماع يحمل في مضمونه أكبر المعاني التي تذكره بميلاده فهو رمزه وتذكاره .

page 70
فالإنسان يجب أن يشرب ويأكل وينسل و يملك ، ويكافح من أجل استمرار النوع . ولكنه يجب أن يراقب هذه الأعمال الأولية جميعها ، وأن يوجهها لغايات تتفق وتقدم النوع وهو بهذه الطريقة يشترك واقعيا في عمل الله عز وجل ، ومع ذلك فهو محکوم . إذا ما نظرنا إلى الأمر من الوجهة الدينية . تبعا هذا الاشتراك المنوط بتكليفه الديني ، أعني تبعا لخضوعه لقانون التقدم الأخلاقي ، فإذا ما حملته طبيعته على العمل فإن ضميره هو الذي يعطي لعمله معني تاريخية وأخلاقية . وهكذا يعمل الإنسان بداع من طبيعته من أجل الحفاظ على النوع . و بوحي من ضميره من أجل تقدمه ، فهو إذن مزود بسلطة مزدوجة ، لكن التكليف هو الذي ينظم العلاقة الداخلية لهذه السلطة المزدوجة ، تنظیما یکون معه عمل الغرائز واندماجها مطابقة لرسالته الاجتماعية .