كتاب الحيوان -وهو من مؤلفات الجاحظ الأخيرة أيضا- أول كتاب وضع في العربية جامع في علم الحيوان.. لأن من كتبوا قبل الجاحظ في هذا المجال أمثال الأصمعي وأبي عبيدة وابن الكلبي وابن الأعرابي والسجستاني وغيرهم.. كانوا يتناولون حيوانًا واحدًا مثل الإبل أو النحل أو الطير.. وكان اهتمامهم الأول والأخير بالناحية اللغوية وليس العلمية.. ولكن الجاحظ اهتم إلى جانب اللغة والشعر بالبحث في طبائع الحيوان وغرائزه وأحواله وعاداته. ولأن الجاحظ كان غزير العلم.. مستوعبًا لثقافات عصره.. فقد كانت مراجعه في كتبه تمتد لتشمل القرآن الكريم والحديث النبوي والتوراة والإنجيل وأقوال الحكماء والشعراء وعلوم اليونان وأدب فارس وحكمة الهند بالإضافة إلى تجاربه العلمية ومشاهداته وملاحظاته الخاصة. وقد كان للجاحظ أسلوب فريد يشبه قصص ألف ليلة وليلة المتداخلة… إذ أن شهرزاد تحكي لشهريار قصة… ثم يحكي أحد أبطال هذه القصة قصة فرعية.. وتتخلل القصة الفرعية قصة ثالثة ورابعة أحيانًا..ثم نعود للقصة الأساسية.. فالجاحظ يتناول موضوعًا ثم يتركه ليتناول غيره.. ثم يعود للموضوع الأول.. وقد يتركه ثانية قبل أن يستوفيه وينتقل إلى موضوع جديد… وهكذا. فكتابه "الحيوان" مثلاً لم يقتصر فيه على الموضوع الذي يدل عليه عنوان الكتاب.. بل تناول بعض المعارف الطبيعية والفلسفية.. وتحدث في سياسة الأفراد والأمم.. والنزاع بين أهل الكلام وغيرهم من الطوائف الدينية.. كما تحدث في كتاب الحيوان عن موضوعات تتعلق بالجغرافيا والطب وعادات الأعراب وبعض مسائل الفقه … هذا عدا ما امتلأ به الكتاب من شعر وفكاهة تصل إلى حد المجون بل والفحش.
Because of the caliphs' patronage and his eagerness to establish himself and reach a wider audience, al-Jāḥiẓ stayed in Baghdad (and later Samarra), where he wrote a huge number of his books. The caliph al-Ma'mun wanted al-Jāḥiẓ to teach his children, but then changed his mind when his children were frightened by al-Jāḥiẓ's goggle-eyes. This is said to be the origin of his nickname.
He enjoyed the patronage of al-Fath ibn Khaqan, the bibliophile boon companion of Caliph al-Mutawakkil, but after his murder in December 861 he left Samarra for his native Basra. He died there in late 868, according to one story, when a pile of books from his private library collapsed on him.
Most important books: *Kitab al-Hayawan (Book of the Animals) *Kitab al-Bukhala (Book of Misers) also (Avarice & the Avaricious) *Kitab al-Bayan wa al-Tabyin (The Book of eloquence and demonstration) *Risalat mufakharat al-sudan 'ala al-bidan (Treatise on Blacks)
Al-Jāḥiẓ returned to Basra with hemiplegia after spending more than fifty years in Baghdad. He died in Basra in the Arabic month of Muharram in AH 255/December 868-January 869 CE. His exact cause of death is not clear, but a popular assumption is that Jahiz died in his private library after one of many large piles of books fell on him, killing him instantly.
هو من كتب الجاحظ وليس أشهرها. أي ليس بمستوى كتبه العظيمة كالبيان وتحفته اللطيفة الأدبية،البخلاء، ولا يصل لمستوى رسائله. لكنه أي هذا الكتاب به الكثير من الظرف والغرابة فـ"هو له صلة وليس له صلة" بعنوانه الغريب، الحيوان.
الكتاب مختص في عالم الحيوان وطباع الحيوان وأنواعها وفصائلها وأسمائها وحتى في التزاوج والتلاقح فيما بينها وعن بعض أماكن تواجدها ولم يؤلف الكتاب أحد خريجي كليات الطب البيطري أو علم الحيوان بل الجاحظ. أنفرد صاحبنا بالتنوع والتوسع والتخصيص الدقيق ولكن لم ينفرد بالأسبقية حيث ثمة كتب تعالج نفس الموضوع في الخيل والطير والحشرات عربية وغير عربية. ومع حديثه عن الحيوان يأتي الحديث عن أمور خارج باب الحيوان فأصبح الكتاب موسوعي إن صح التعبير.
كانت الغاية الأساس للكتاب الحديث عن الحيوانات لكنه كان فجأة ودون مقدما يخرج عن السياق لسب طبعًا سياق النص عندما يقف عند حادثة مرتبطة بحيوانٍ ما. فعندما مثلًا يتحدث عن الصيد والهوس به يذكر قصص ملوك فارس، ومن ثم يتحدث فجأة عن (الحكمة في تحالف النزعات والميول). هكذا دون تبويب سابق وهذا مما يأخذ عليه في بناء الكتابو ومثال آخر يتحدث عن قصائد (هجاء الكلب) وفجأة يحدثنا عن (الشرف والخمول في قبائل العرب) وهو رغم غرابته إلا أن من أجمل المقاطع في الكتاب وهو في الجزء الأول.
كذلك استفاد الجاحظ من عدة مصادر لهذا الكتاب منها المصارد الدينية مثل القرآن حيث ناقش الكثير من الآي من القرآن، ومر على السنة وهي قليلة تكاد لا تذكر لكنه أغترف من الشعر العربي جزء عظيم من مادته ليس فقط كتدعيم مقولته ببعض الشعر ولكن أخذ منه معلومات قائمة في حد ذاتها. كذلك يبدو جليًآ إعتماده على الكتب السابقة من الحضارة اليونانية فتجدع يعلق على على كتاب (أرسطو) عن الحيوان، ويسخر من بعض أطروحاته عن الحيوان مستفيدًا في ذلك من إرثه الثقافي العربي الخالص الذي خالفه به.
قوة لغة الكتاب ففي نهاية الأمر هذا كتاب للجاحظ، وهذا قد يكون منفرًآ لبعض القراء الذين يحاولون التقرب ومغازلة كتب التراث فهذا لن يكون ضالتهم. وأنصحهم بـ(تهذيب الحيوان) لنفس المحقق (عبد السلام محمد هارون) لعل وقعه يكون أخف.
خصص الكتاب للحديث عن الحيوان لكنه يفتقر إلي التبويب والتنسيق وهو كثير التشعب حد الكره وإن كانت هذه من خصائص الكتابة عند عمنا الجاحظ إلا أنه لم يجانب الصواب فيها.
يعرض الكتاب للعلم الحيوان ولكن به مادة عظيمة من المعرفة العقلية وماجاء في باب علم أهل الكلام من المنطق والمتكلمة والفلاسفة، وعدة أراء في الحياة الاجتماعية وحياة الجماعات والأفراد، وقضايا دينية ومعلومات جغرافية وطبيعية.
ثمة معلومات تاريخية لابأس بها قد تذكر كتزجية للوقت وتسلية أِناد القراءة لكن بعضها ضعيف المورد وليس كأخباره التاريخية في (البيان والتبيين) ولهذا يتوجب النظر لها بعناية.
الكتاب مرجع رائع للأنثروبولوجيا العربية والقبيلة والعادات والتقاليد.
تنوع مصادر الكتاب من عربية وغير عربية.
من غريب الكتاب : من الأشياء الظريفة حديث الجاحظ عن التزاوج بين الحيوانات وكأن هذا الرجل ظل بقرب كل حيوان ذكر وأنثى لعدة أشهر وهو يراقبهم أثناء التزاوج "والتلقيح" كحديثه عن طلب (التيس) لـ(لنعجة) وهو قليل – كما يقول – بل يزيد على ذلك بدراية غريبة ويقول "وأقل القليل" حيث أنه يبدو كان لا يميل لها والله أعلم. ربما لأن التيس كان يتم خرفنته من أنثى أخرى غير النعجة، وكذلك الحال مع ابن فصيلته (الكبش) الذي لم يكن يرغب كثيرًا في معاشرة (العنز). وهذا يدل دلالة علمية أنه حتى الحيوان الذكر ينفر من إناث جنسه، وإناث جنسه تنفر منه وتبحث عن شهوتها عند حيوان آخر . أو أن الـ(النعجة والعنز) “نكديات ويطفشوا” والله أعلم.
الحديث عن الهجين وهو باب عظيم عند الجاحظ عندما يتحدث عن التناسل الهجين وقد توهّم في كثير منه مما يأبى قبوله العلم الحديث، وحقيقة كان يرد بعضه ويجده من فساد القول والإستهتار .
النسخة التي لدي من طبعة (دار الجيل) في ثمانية مجلدات، من تحقيق أحد أشهر المحققين العرب، عبد السلام محمد هارون، 1965م / 1385هـ.
خارج النص : الكثير من كتاب القرون الأولى وقوفًا عند القرن السابع الهجري تجد لهم مؤلفات غريبة التصنيف. فمثلما كان بعض الفقهاء يجتهدون في (النوازل : الإفتاء في حوادث لم تمر على علماء سابقين) ويقابل النوازل اليوم في الوقت الحالي فتاوى (شيوخ الفلاشات) في القنوات الخليجية في أم بي سي وروتانا والقنوات المصرية واللبنانية وهو باب رزق عظيم. أقول كان يقابل هؤلاء الشيوخ علماء لهم وزنهم ولهم مؤلفات كـ(أبي بكر السيوطي) في الجنس وأنواع الأرحام ونوعية النساء على الفراش!!، أو تجد تصنيف في السحر وعلومه لرجل دين وفقيه!!، أو كتابًا في عدة السهام والرماح والمنجنيق لرجل قاضي أو ربما قاضي القضاة. هذا غير محاولات بعض الكتاب في إبداع قدراتهم المعرفية مع حفاطنا على تنوعهم العملي فواحدهم تجده أديب (في النحو، واللغة، ويكتب القصة “الحكاية” والشعر ولو لحق بالرواية لهزم ماريو فارغاس بجلالة قدره) وفقيه وقاضي وعالم بالفلك والنجوم والحساب والجبر، ووالله لو خرج الكمبيوتر في عهدهم لوجدت الجاحظ لايمشي إلا واللاب تب معه، ووجدت (عباس بن فرناس *) يصمم برامج الأيباد كل يوم في قرطبة.
قراءات 2007م. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ عباس بن فرناس : عباس هذا كان مخترعًا وله ساعة شهيرة وعالم بالفقه وكتب الشعر وموسيقي ومن مشاهير العلماء الأندلسيين في الرياضيات والجبر والفلك والنجوم والكيمياء واللغة والنحو وأجتهد في عدة مخترعات مثل الزجاج المصنّع وتصميم النظارات وختمها كما قرأنا عنه بأن سبق كل المحاولات الحديثة في الطيران وأراد أن يطير.... هذا عندما كان العربي مهوس بكل شيء وليس الآنو وأعتقد أن عمنا عباس هذا كان آخر المهوسين بالعلم.. ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قليل من النفع والتقزّز، مع كثير من المتعة كتاب يمزج الأدب والثقافة العامّة تودّ لو أنّ الجاحظ رفيق سفر طويل ويحادثك بما تقطعان به الطريق لكنّك تمجّه لاحقًا حين تنظر للخلف وتسأل عن ثمرة الكلام فلا تجد شيئًا ذا بال بل تجد الكثير من المعرفة التي لا تدري كيف تتعامل معها ولا تدري إن كانت صحيحة أم لأ
كتاب رائع جداً جداً جداً، رغم الصعوبات التي واجهتني في بداية قراءتي له بسبب اللغة القويّة المستخدمة فيه إلاّ أنّه أثرى لغتي العربيّة بشكل كبير, يتحدّث فيه الجاحظ عن كل مايقع على عينه وكأنّه يقصد بالحيوان كل حيّ حوله. كان بوابتي لدخول مجال الكتب التراثية الرائعة.
ايه اللغة دي وايه الجمال ده وايه الجاحظ ده الكتاب مش بيكتلم عن الحيوان وتصنيفات عالم الحيوان زي ما كنت فاكر الكتاب بيتكلم عن كل حاجه فلسفة وجغرافيا وتاريخ وطب اقرووه
هناك العديد من الكتاب المسلمين في العصر الذهبي للإسلام من تناولت أقلامهم الحيوان، مثل السجستاني صاحب كتاب الأبل، وأبي عبيدة صاحب كتاب الخيل، لكن معظمهم تناول هذه الموضوعات من وجهة نظر لغوية بحتة، فانصرفوا إلى جمع الشعر والنثر وما ذكر في الكتاب والسنة ويتعلق بالحيوان موضوع كتابهم. لذلك كان منهج الجاحظ في كتابه الحيوان مختلفًا ومميزًا، فهو في نظري أول كتاب علمي عربي يتناول الحيوان وسبل معيشته أو العلم الذي يسمى اليوم بالـ Species Ecology، فهو يعرض في كتابه للحيوان ثم يصفه ويصف طرق غذاءه، وأساليب الصيد التي يتبعها إن كان مفترسًا، أو أساليب الهروب والتخفي التي يستخدمها إذا كان فريسة، وتناسله وحاله مع ذريته وما إلى ذلك من موضوعات هي لب ايكولوجي الأنواع، أضف إلى ذلك ما يظهره في أكثر من موضع من كتابه من المامه وأهل زمانه بمفاهيم مثل السلسلة الغذائية وأثر البيئة على النوع وتصنيف الكائنات الحية إلى ممالك. وهو في هذه المقاربة المتقدمة جدًا بالنسبة لزمانة، يحافظ على تقاليد الكتابة في هذا الزمن، فتجده يرصع كتابه بالشواهد الأدبية عم الحيوان الذي يتناوله. وهو وإن كان قد أعتمد في كتابه على أراء أرسطو وبعض أراء غيره من المفكرين مثل النظام أستاذ الجاحظ، إلا أنه قد أتبع منهجًا فريدًا يحسب من أوليات الجاحظ، فهو لا ينقل نقل حاطب الليل، بل يرجع إلى المشاهدة والمعاينة بنفسه، فإن لم يقدر عليها سأل أهل الاختصاص، فتجده يسأل صيادي السمك عن أمور متعلقة بالسمك، ويسأل المزارعين عن أمور تتعلق بالنحل، وربما رد رأي أرسطو، وهو أمر عظيم في هذا الزمان، لرأي صياد سمك لأن الأخير أعلم بالسمك وسبل حياته من ارسطو.
قراءة متصلة لأعظم كتب أعظم ناثر في الأدب العربي. الجاحظ لا يُقرأ حديثا كما يجب. لن أزعجكم بالجاحظ كناثر في الادب القديم، ولكن لنركز حديثا، إنه لا يُقرأ بما يجب من توسع ومقارنة. يظل الجاحظ من أهم الكتاب العرب في ��لمقارنة مع ما بعد الحداثيين مثلا. زاوية اللامركزية الفوضوية الموسوعية، الإسهاب الاستطرادي الذي يعود دائما إلى نقطة انطلاق جديدة ليخرج منها إلى أخرى وكأنه يوحي بمطلق نثري لا نهاية له. التناقض الادعائ�� الذي يجعله يروج لأفكار متضادة. هنالك وصف عظيم لابن قتيبة للجاحظ، يقول إنه قد بلغ به الاقتدار لدرجة أنه يعمل الشيء ونقيضه، فينتصر لهؤلاء على هؤلاء، ثم يعكسها في نفس السياق، لدرجة أنك لا تعرف هو مع من (بل لنساعد ابن قتيبة بتعريفات حديثة: لدرجة أنه يصل إلى مرحلة لم يعد هنالك هو، لقد اختفى تقريبا كوجود اعتباري وصار وجودا اسلوبيا فحسب). ويواصل ابن قتيبة قائلا: ويقول قال رسول الله ويتبعه بقال الجماز الخليع هههه. هذه الأخيرة فقط، يجب أن تؤلف فيها دراسات خاصة واستقرائية في كتب الجاحظ الألمعي المدلس. لن اقول يجب أن يقرأ الروائيون تحديدا الجاحظ لأنه نقطة انطلاق لكل كاتب يكتب باللغة العربية. لن أكون وعظيا وأخلاقيا، اقرأ ما تريد، على كيفك. ولكن، على الاقل، اقرأ الجاحظ لأنك ستجد فيه تداخلات مثيرة للاهتمام بالمناهج الكتابية الحديثة. ستتصل بالرجل أكثر بكثير مما كنت تتوقع.
ركنٌ من أركان الأدب العربي ولو لم يعدّه ابن خلدون، إن أردته تاريخًا فهو تاريخ، وإن أدبًا فهو أدب، وإن فلسفةً فهو فلسفة، وإن علمًا فتجد فيه شكلًا بدائيًا من أشكال العلم التجريبي، وإن أردته تفسيرًا وبلاغةً فهو كذلك، وأبدع الجاحظ في كل فن وكأنه أفنى حياته فيه. حديثه عن الحيوان ثري، فيورد صفته ومسمياته، وأجزاءه ومميزاته، وما نقل من أخباره، وما روي من أشعاره. ولا يغفل عما تقوله الأمم عنه، فينقل عن اليونان والفرس والهند والأحباش. وكثيرًا ما ينقل ذلك باستخدامه مناظرات وهمية بين شخصيات تدافع عن حيواناتها وتهاجم غيرها، ليسرد سلبياتها وإيجابياتها. ويفرق بين ذلك بطرف وملح ونوادر، فلا تمل من باب حتى تلج الذي يليه، وهكذا حتى تنتهي منه ولا تكاد تشعر بملل، إلا في إسهابه فيما نقله عن المتكلمين وأقوالهم في النار والماء والهواء والتراب، وإن كان الحديث هنا لا يخلو من بعض المعلومات العلمية الحديثة كتكثف البخار، وعناصر الحريق، وسرعة الضوء والصوت، لكن يغلبه تنظير ممل. وهذا كله أساس الكتاب دون تفريعاته التي تكاد تطغى عليه، وأسلوب الجاحظ في استطراده غني عن التعريف، فضم إلى كتابه أقاويل في الإنس والجن والنار، وطعّمه بآرائه وانتقاداته وتفسيراته. لكن استطراده طغى حتى أهمل بعض المواضيع التي نوّه بالعودة لها، كباب الحمير، والظباء، وإن كان لم يهملها كليًا في استطراداته. أما النصيب الأكبر من الحيوانات فهو للكلب والديك والحمام والحية والفيل والحشرات. أما حديثه العلمي فقد اعتمد كثيرًا على أقاويل اليونان، كجالينوس، وأفليمون، وأغلب نقله عن أرسطو (من كتابه بنفس عنوان هذا الكتاب: الحيوان). ثم مزج هذا مع أدب العرب، وكان يعتمد على الشعر الشائع كونه دليلًا، وعلى الخبر المتواتر كذلك. أما التحقيق فهو من محمد بن عبداللطيف من مكتبة التقوى، وليس فيه فضل من زيادة وتعليق وشرح، إلا قليل في المجلد الثاني (من الجزء الخامس إلى السابع). وكتاب ضخم وثري كهذا، وددت لو قرأته بتحقيق دسم كتحقيق عبدالسلام هارون، فلا أظنه يترك جوانب كثيرة تُركت هنا.
الكتاب ليس عن الحيوان فقط كما يوحي بذلك الاسم إنما هو تاريخ إجتماعي للعصر العباسي الأول ايضا يعد من الاثار المعدودة الباقية من الفكر المعتزلي .. يتناول فيه الجاحظ كل شئ من فلسفة وشعر واصول فقه وغير ذلك ومعروف ان الجاحظ إمام في الشعر والأدب وصاحب مدرسة كتابية هي الافضل من سماتها الاستطراد ووهو ما يجعل الكتاب خفيف يحتاج الكتاب شئ من التهذيب إذا كعادة الجاحظ يكثر من المجون وبعض الاشياء مقذعة وصادمة يتناول في احد الاجزاء ارسطو يذكره احيانا وفي مرات يقول عنه صاحب المنطق , فيقره في اشياء ويسفهه في اخرى وهي ميزة من مميزات المعتزلة الاستقلالية في الفكر والتجريب إذ يقول هذا ما يقوله صاحب المنطق وبالتجربة بان لي فيه خطأ في حين نجد دور باهت لفلاسفة الاسلام .. تجدهم جمدو في فلسفاتهم واكتفو بشروحات وترجيحات يقال ان ابن رشد حنف ارسطو وتوما الاكويني نصره "من ادخله في الحنيفية" الكتاب يبين لك عبقرية الجاحظ .. الرجل من احآد العالم في سعة الاطلاع وتنوع المعارف
قال أبو عثمان: خرجت يوم عيد، فلما صرت بعيسا باذ إذا أنا بتلّ مجلّل بقطوع ومقطّعات، وإذا رجال جلوس، عليهم أسلحتهم فسألت بعض من يشهد العيد فقلت: ما بال هذه المسلحة في هذا المكان وقد أحاط النّاس بذلك التّلّ؟ فقال لي: هذا الفيل! فقصدت نحوه وما لي همّ إلّا النّظر إلى أذنيه فرجعت عنه بعد طول تأمّل وأنا أتوهّم عامّة أعضائه بل جميع أعضائه إلّا أذنيه، وما كانت لي في ذلك علّة إلّا شغل قلبي بكلّ شيء هجمت عليه منه، وكلّه كان شاغلا لي عن أذنه التي إليها كان قصدي، فذاكرت في ذلك سهل بن هارون، فذكر لي أنّه ابتلي بمثلها، وأنشدني في ذلك بيتين من شعره، وهما قوله:
أتيت الفيل محتسبا بقصدي ... لأبصر أذنه ويطول فكري فلم أر أذنه ورأيت خلقا ... يقرّب بين نسياني وذكري --
وكان سهلُ بنُ هارونَ يتعجَّبُ مِنْ نَظَر الفيلِ إلى الإنسان وإلى كلّ شيء يمرّ به وهو الذي يقول: ولمَّا رأيتُ الفيلَ ينظُرُ قاصداً ... ظننْتُ بأنّ الفيلَ يلزمُه الفرضُ
لغة عربية قديمة و الكثير جدا من أبيات الشعر جعلتني لا اكمل حتي المجلد الاول من المجلدات الثماني المقسم إليها هذا الكتاب للاسف الكتاب يحتاج إلي مطالعة المعجم اللغوي مع كل صفحة لمعرفة العديد من الكلمات العربية فيه.. كنت أستطيع ان أحتمل هذا و اكمله و بخاصة إني من أشد المعجبين بالفكر المعتزلي ككل و بكتاب الجاحظ نفسه البخلاء .. لكن عدم إهتمامي بالشعر العربي جعل قراءة هذا الكم من أبيات الشعر كشاهد علي ما يقوله الجاحظ جعلني أشعر بعدم القدرة علي المواصلة.. الكتاب في نظري يستحق درجة واحدة ليس لمستواه الأدبي و لكن لأنه يحتاج إلي صبر طويل جدا و حب للشعر و داية قوية للغاية للغة العربية التراثية و هو ما لا يتوافر للقارئ العادي
الكتاب فيه الكثير من الحشو الزائد ناهيك عن المواضيع السخيفة للغاية تقريبا الجاحظ جمع كل ما يمكن أن يكتبه في هذا المجلد الضخم تشتت رهيب في المواضيع من الحيوانات إلى الخصيان إلى الأشعار و الغزل… التنقل بين المواضيع مزري للغاية و الكثير من الأشعار السيئة.. قصص كانت تصلح للفكاهة في أزمنة غابرة أكثر كتاب عشوائي قرأته.. مضيعة وقت فعلا.
مقتطفات: "والكتاب هو الجليس الذي لا يطريك، والصديق الذي لا يغريك، والرفيق الذي لا يملك، والمستميح الذي لا يشتريك، والجار الذي لا يستبطيك، والصاحب الذي لا يريد استخراج ما عندك بالملق، ولا يعاملك بالمكر، ولا يخدعك بالنفاق، ولا ييحتال بالكذب. والكتاب هو الذي إن نظرت فيه أطال امتاعك، وشحذ طباعك، وبسط لسانك، وجود بنانك، وفخم ألفاظك، وبجح نفسك، وعمر صدرك، ومنحك تعظيم العوام، وصداقة الملوك وعرفت به في شهر ما لا تعرفه من أفواه الرجال في دهر، مع السلامة من الغرم ومن كد الطلب، ومن الوقوف بباب المكتسب بالتعليم، ومن الجلوس بين يدي من أنت أفضل منخ خلقاً، وأكرم منه عرقا، ومع السلامة من مجالسة البغضاء، ومقارنة الأغبياء."
"اعلم أن المصلجة في أمر ابتداء الدنيا إلى انقضاء مدتها، امتزاج الخير بالشر، والضار بالنافع، والمكروه بالسار، والضعة بالرفعة، والكثرة بالقلة، ولو كان الشر صرفاً هلك الخلق، أو كان الخير محضاً سقطت المحنة، وتقطعت أسباب الفكرة، ومع عدم الفكرة، يكون عدم الحكمة، ومتى ذهب التخيير ذهب التمييز، ولم يكن للعلم تثبت وتوقف وتعلم، ولم يكن علم ولا يعرف باب التدبير، ولا دفع المضرة ولا اجتلاب المنفعة، ولا صبر على مكروه، ولا شكر على محبوب..."
First extensive study of animals published in the Islamic world. It came close to being a theory of evolution and natural selection that would not be matched for another thousand years.
Seven volumes. The Book of Living Beings is a strange and beguiling jumble of insights, speculations, and facts about animals: more than a miscellany, it is virtually an encyclopedia.
There is no complete English translation to this day.
“ولا يستطيع أعقل الناس أن يعملَ عمل أجرأ الناس ، كما لا يستطيع أجرأ الناس أن يعمل أعمال أعقل الناس . فبأعمال المجانين والعقلاء عرفنا مقدارهما من صحّة أذهانهما وفسادها ، وباختلاف أعمال الأطفال والكهول عرفنا مقدارهما في الضعف والقوّة ، وفي الجهل والمعرفة . وبمثل ذلك فَصَلنا بين الجماد والحيوان ، والعَالِم وأعلمَ منه ، والجاهل وأجهل منه .”
ثراء لغوي منقطع النظير، ممتع و مشوق إلى حد بعيد. يعطي لمحة عن الحياة الإجتماعية في العصر العباسي الذهبي و تظهر فيه الصبغة المتعزلية المتمثلة في ترابط الأفكار و تسلسلها منطقياً. الشيئ الوحيد المحزن هو أننا لم نبن على تلك الكتب و المخطوطات العظيمة بل على العكس تماماً ارتددنا على اعقابنا.
هذا الكتاب يعد عمل الجاحظ الأول، ليس كتاباً عن الحيوان كما يظنّ المتعجلون، إنه كتاب يقرأ لنا ذهنية الجاحظ وثقافته وأدبه وشهادته على مجتمعه، كما لو أنه مذكرات شخصية وملاحظات مثقف مبدع على كل ما يجري حوله في الحياة، لقد استطاع الجاحظ أن يرقى باليومي والهامشي إلى مستوى النخبة في تجربة تكاد تكون الأولى من نوعها في تاريخ الأدب العربي كله
من الكتب الثرية جدا والجاحظ تعرفه من اثره كما يعرف العاقل بحكمته مليء بالاحاديث والاخبار والادب والشعر العباسي والطرائف والحقائق .. احببني في الكلاسيكيات العربية والموروثات الادبية..
الكتاب يسير على " المنهج الوصفي " وهو يصف ما يحدث فقط وتتجلى عبقريه الجاحظ في دقة الملاحظة وجمع الحيوانات على وجه الاستيعاب تقريبا وهو من الكتب التي تدل على اهتمام الحضارة الإسلامية بالحيوان.
كتاب ممتع في الادب و الطرائف و النوادر الخاصه بالجاحظ رحمه الله و الكتاب مقسم الى ٧ اجزاء بما فيها جزء مخصص للفهارس كعادة ( دار الكتب العلمية ) المميزين باثراء المكتبة الحديثه بكتب العصر الذهبي
ما دفعني لتصفح هذا الكتاب هي محاضرة للدكتور عدنان ابراهيم ذكر فيها ان بدايات فكرة نظرية التطور كان لها اثر في الثقافة الاسلامية ذاكرا شواهد عليها ككتاب الحيوان و المقدمة لابن خلدون بالاضافة لمراسلات عند جماعة" اخوان الصفا و خلان الوفا" و لكن للاسف لم اجد اي اثر يذكر عن هذه الفكرة الا سطرين لا يمكن للمطلع ان يكتشفهما الا بالتاويل. فقد ذكر الجاحظ فكرة تطور الملكات و القدرات و الاعضاء في حالة الصراع و الاحساس بالخطر بين الكاءنات الحية. و لكن لم يذكرها من باب التطور بين الاصناف بل من باب الحث علا التمرين و العمل الشاق و الجاد لتطوير قدرات الانسان. في المقابل، ممكن اعتبار الكتاب محاولة اولية لتاليف نص يختص بعلم البايولوجي " الكاءنات الحية" حيث ذكر فيه الجاحظ انواع الحيوانات و خصاءصهم بالاضافة لما يتميز به بعضهم عن الانسان. يمتاز الكتاب ايضا بتنوع الموضوعات و بلاغة اللغة الا ان الجاحظ جمع فيه مواضيع لا تمت بصلة في الحيوان. تطرق الكاتب لمواضيع فلسفية كدليل وجود الله و الحكمة من وجود الحيوانات الضارة ثم انصرف لمفهوم السعادة و علاقة المال بها بالاضافة لخصاءص الحرم المكي و المدني.
المضحك في الكتاب ان الجاحظ افرد اكثر من فصل ذاكرا فيه مضار الكلب مستدلا بذلك عن طريق الاحاديث منتهيا بفكرة ان الكلاب كانت تقتل و ينكل بها في عهد الرسول الاعظم. ثم الحق هذا الفصل بفصل اخر يبين فيه منافع الكلب و بغض النظر عن الموضوع، فقد اعجبني الجاحظ في نقطة واحدة و هي الانصاف العلمي. فهو قد ذكر كل مساوء الكلب و محاسنه و هذه الطريقة العلمية امتاز بها العرب منذ ان بزغ فجر المعرفة و البحث.