لقد هيّأ الله تعالى لهذه الأمة الكثير من ورثة الأنبياء؛ العلماء الفقهاء، الذين أفنوا أعمارهم في خدمة هذا الدّين، في العلم والتعليم، والتصنيف والتّأليف، وكان منهم الإمام العلّامة عبد الله بن محمود بن مودود الموصلي الحنفي رحمه الله تعالى، وكان من أجلّ مؤلفاته "المختار للفتوى" وشرحه هذا "الاختيار لتعليل المختار"، وهما سفران نفيسان، وكتابان معتبران عند الفقهاء، تكاد لا تجد مشتغلًا بالفقه الحنفي إلّا وله حظّ من قراءة وإقراء هذا الكتاب المبارك
الشيخ الإمام أبو الفضل عبد الله بن محمود بن مودود بن محمود ابن بلدجي الموصلي، الحنفي المذهب، ولد في الموصل في شوال عام 599هـ/1203م، ونشأ بها وتلقى مبادئ العلوم على أبيه، ودرس في المدرسة الصارمية، على الشيخ عمر بن محمد بن طبرزد.
روى عن مسمار بن عمر بن العويس النيار، ثم رحل إلى دمشق، ودرس على علمائها، وصحب الشيخ جمال الدين الحصيري، ثم قدم إلى بغداد، وقرأ كتاب صحيح البخاري على الشيخ أبي الفرج محمد بن عبد الرحمن، وأبي الحسن علي بن أبي بكر بن روزبة، واخذ عن الشيخ عمر بن محمد السهروردي، وأبي النجا عبد الله بن عمر، ونصر بن عبد الرزاق الجيلي، وعثمان البتي.
أجازه طائفة من علماء خراسان منهم المؤيد بن محمد الطوسي وأبو بكر القاسم بن عبد الله الفراوي ابن الصفار وعبد الرحيم بن عبد الكريم السمعاني، وغيرهم.
وأجازه من الموصل المبارك صاحب الأصول.
كان الشيخ أبو الفضل ابن بلدجي فقيهاً وإماماً عالماً، له مصنفات عدة. تولى القضاء في مدينة الكوفة، ودرس عليه الكثير من العلماء منهم أبو العلاء محمود الفرضي، وأبو محمد عبد المؤمن الدمياطي، وذكراه في معجميهما.
قال أبو العلاء محمود الفرضي:
«كان أبو الفضل عالماً له مصنفات عدة في مسائل الخلاف ومعرفة الرجال، ولم يزل يفتي ويدرس ويسمع الحديث إلى آخر حياته.» حدث مجد الدين بالإجازة عن جماعة من شيوخ خراسان، وألحق الأحفاد بالأجداد وانتشرت عنه الرواية، وقصده طلاب علم الحديث، وكان صبوراً على الأسماع وربما صلى صلاة الصبح واستند في محرابه إلى قريب صلاة العصر.
تولى التدريس في جامع أبي حنيفة عام 667هـ، وكانت حلقته واسعة في الدرس يقصدها مختلف العلماء والطلاب وتدور فيها المناظرات العلمية.
توفي الشيخ مجد الدين ابن بلدجي يوم السبت 20 محرم عام 683هـ/1284م، وشيع بموكب حافل وصلوا على جنازته بجامع القصر ببغداد ثم بمبنى المدرسة المستنصرية، ثم خارج باب السلطان (باب المعظم حالياً)، ثم صلوا عليه في جامع الإمام الأعظم، ودفن في مقبرة الخيزران بجانب مرقد الإمام أبي حنيفة وتحت قبته.
من أهم كتب الفقه الحنفى وأيسرها.. لغته ثرية وقد لا يفهم القارئ المعاصر بعض مصطلحاته لكن مع وجود قاموس المعانى على الانترنت أصبح الأمر سهلاً. بالنسبة لى كان فاتحة كتب الفقه، فقد بدأت به التعمق فى الفقه الاسلامى وفهم الأحكام وطريقة استنباطها وأدلتها ومواطن الخلاف بين الفقهاء وأدلة كل منهم—كل هذا بشكل مبسط بالطبع.. مازلت أرجع إليه بالرغم من مرور حوالى 15 عاما على دراسته. بجوار شرح معانى الآثار يكون هذان الكتابان درع الفقه الحنفى لدارسيه ومحبيه. أنصح به من يريد التعمق فى الفقه الاسلامى بصورة بسيطة وخاصة إذا كانت هذه أول قراءاته فى الفقه. جزى الله محمود بن مودود الموصلى الحنفى عن مجهوده هذا خير الجزاء ونفع الناس بالسديد مما أوضح من آراء واجتهادات. نقطة أخيرة.. أنصح بشراء النسخة القديمة من مطابع مصطفى الحلبى بالأزهر.
متن الإختيار هو الخطوة التي تلي فهم القواعد الفقهية التي قرّرها الإمام القدوريّ في متنه ... فيأتي هذا الكتاب كمرحلة بناء لاحقة له ليتشكّل في ذهن المتفقّه على مذهب الإمام الأعظم صورة واضحة لبناء المذهب ومناطق الخلاف فيه بين الإمام والصاحبين ... وهذه الطبعة من دار الفيحاء جاءت مرتبة غاية الترتيب لكنّها فقيرة في حواشيها فيضاف إليها حواشي الدكتور صلاح أبو الحاج حفظه الله ليثري المتن والشرح غاية الإثراء...!
كتاب قيم في الفقه الحنفي أنصح بالطبعة التي حققها الشيخ محمد جمعة تلميذ الشيخ عبد الرزاق الحلبي والمروف بقارئ الحاشية وأستاذ الفقه الحنفي في معهد الفتح الإسلامي في دمشق