ليست حياتي السابقة سوى وقع أقدامٍ ثقيلة على بلاطٍ بارد. كلّ حياتي السابقة للكتابة ضجيج، لا أجد مبرّرًا له الآن سوى أنّه كان يجب أن يُعاش. يجب أن تسير هذه الأقدام بوقعها المزعج كي تصل إلى الصمت.
بعد تجربته الطويلة في الكتابة، والتي تكللت بالكثير من الجوائز، يعود الكاتب السوري خالد خليفة إلى ذاته، وينقل الأصوات من هناك هذه المرة. على عكس رواياته الطويلة، التي نقلت معاناة آخرين وتصوراتهم عن الحياة، يضع على الطاولة تصوراته هو، ويبوح للمرة الأولى بأفكاره عن الكتابة والكتّاب، متمسكاً بالحرية دائماً. يستعيد خليفة فصولاً من طفولته، ومن بداياته مع الكتابة، ولا يتعثر عندما يكتب عن العثرات السابقة، بل يقفز فوقها برشاقة، ناظراً إلى العالم كعادته بمزيجٍ من الحب والازدراء.
Khaled Khalifa was born in 1964, in a village close to Aleppo, Syria. He is the fifth child of a family of thirteen siblings.
He studied law at Aleppo University and actively participated in the foundation of Aleph magazine with a group of writers and poets. A few months later, the magazine was closed down by Syrian censorship.
He currently lives in Damascus where he writes scripts for cinema and television.
"لقد فقدت الكثير من الأشياء والخصائص خلال السنوات العشر الماضية، ولست نادماً على فقدي ما فقدت. ببساطة فتحت كفي وجعلتهم ينسربون، أشياء فائضة عن الحاجة، وأشخاص ميتون منذ زمن في قلبي، لم يعد يهمني الحديث عن تلك الأشياء والأشخاص الذين فقدتهم، ببساطة اعتبرت وجودهم في حياتي خطأ قامت الحياة بتصحيحه."
كتاب "نسر على الطاولة المجاورة" هو ما يُشبه سيرة للكاتب "خالد خليفة" يتحدث فيها عن نفسه وعن الكتابة بشيء من التفصيل، بسرد جميل ومُرتب، بفصول تشعر أنها قصائد شعرية وليست سيرة مكتوبة نثراً، الكاتب تحدث في كثير من الفصول عن الكتابة وظروفها، وبكل تأكيد لم يصف كيف تكتب؟ فالكتابة ليست عملية واحدة مُتكررة لها خطوات ثابتة واعتيادية، ولكنه نقل تجربته الشخصية، مع لمحات عديدة من حياته، لماذا اختار مهنة الكتابة، وكيف كانت ردة فعل من حوله، والعديد من التفاصيل والجمل والكلمات التي ستجعلك موقناً أن هذا الكاتب يُحب فعل الكتابة، كلمات وجمل رقيقة وموزونة، فلو كنت لم تقرأ له من قبل -كحالتي- فأظن أن هذا الكتاب مُشجع لتبدأ قراءته، الكتاب وكاتبه.
كتاب لا يقتصر فقط على إظهار علاقة الكاتب بالكتابة وتجربته معها بل علاقة الإنسان بأي شكل من أشكال الكتابة، ولعلّ أهم ما يميّز النصوص ال 76 أنّها تسعى الى الإبتعاد عن الأنا لتجنح نحو الغير...فضلاً عن تجنب خالد خليفة للتنظير ولو أن الإيعاز استخدم وكأنّ الكتابة مهنة أو صنعة ممّا جعل بعض النصوص تشبه كتب التنمية البشريّة ... كتاب يعلمنا أن نتعاطى بإنسانيّة وبحبّ معتدل للذات والغير ...لا تكفيه قراءة واحدة وحكمًا لا تكفينا!