الكاتب التركي نديم غورسل يحمل استانبول في قلبه وروحه وذاكرته يحبها في كل اسمها ليغوس، بيزنطة، القسطنطينية، دار السعادة ، دار الخلافة) ويقول لها: (دائماً كنت استامبول).
يعتبر نديم غورسل من مشاهير الأدباء الأتراك إذ نقل الأدب التركي إلى خارج حدود تركيا بكتبه التي ترجمت إلى عشر لغات أجنبية، وقد ترجم له إلى اللغة العربية الأديب أحمد عثمان مجموعته «كتاب النساء» بعنوان «المرأة الأولى» وترجم له الأديب أحمد سويد قصته «صيف استمر طويلاً بعنوان (صيف طويل في استامبول).
في كتابه هذا سوف نرى ونشعر ونلمس استامبول بأزمنها وأبوابها وبحارها ومفاتنها في كل المدن التي قدر لنديم غورسل المرور فيها (بارس، موسكو، لينينغراد وأثينا والجزائر، مراكش ونيويورك) كل الأمكنة الجديدة ترسخ أمكنته القديمة العالقة في الذاكرة يحمل ماضيه ورائحته وهواجسه في بوتقة واحدة ويظل الحنين ذاته يعيشه أينما حل ومهما ابتعد عن (استامبوله) حيث يقول:(إني الآن في غرفتي المنزوية المطلة على الفسحة الداخلية لفندق دبي سنس في زقاق فيغور أميل على أوراقي البيضاء مفكراً فيك ها أنت تتراءين لي رويداً رويداً على ضوء المصباح هي ذي قبابك ومآذنك! هي ذي أزقتك المتعرجة وشوارعك العريضة هو ذا مدخل المضيق ومياه الخليج الوسخة وهو ذا السكون! سكون فناء المدرسة الداخلي، سكون المقابر، سكون خزانات (الماء..)
يذهب إلى أثينا ويقاطع في ذاكرته بين استامبول التي يعرفها وأثينا التي يتعرف عليها أزقة طويلة جداً تتقاطع متعامدة، شوارع عريضة، مساحات، مدينة ناصعة البياض بلا أشجار يرى في جبالها الساحرة ميدوسا ويرى أن أثينا تشبه قليلاً بيوت الأغنياء في الأناضول الغربي.. يتراءى له أوديسيوس ويذكر للقارىء بيقين أن أوديسيوس لم يكن سعيداً عند كاليبسو.. وتتوالى المفردات التي تذكرنا بحضارة الاغريق مثل (سماء أوليمبوس، نظرات الجورجون..قسوة بوسيدون).
وفي فصول جميلة يربط الكاتب بين الأمكنة وأعلامها مثل الفصل الذي جاء بعنوان (ساحة بوشكين) فيقول: (موسكو في الربيع، لكن الشمس لا تبعث الدفء، فكرت في ذوبان الثلوج في سهول أوكرانيا المترامية الأطراف وفي بدء تفكك الجليد في الأنهار كانت المياه تسيل بقوة تحت الجسر وقطع الجليد الضخمة تمر بسرعة كأنها في سباق فيما بينها).
يمشي على طول شارع غوركي قاصداً أن يقطعه من أوله إلى آخره إلى أن يظهر أمامه تمثال بوشكين ويصبح في ساحة بوشكين وعلى اليمين يرى تمثال يوري ولغوروكي مؤسس مدينة موسكو حيث كان الأمير مرتدياً درعه منتصباً فوق صهوة حصانه يشير بيده إلى مكان ما ولينين ماثل إلى الأمام قليلاً في كرسيه الذي يجلس عليه متغلغلاً في حديقة سوفيتسكايا يقول لنا: (كنت أعرف أن بوشكين سينتصب أمامي بعد قليل وحدث ما توقعته فبعد أن مشيت أيضاً التقيت ببوشكين كان داخل معطفه النحاسي ظريفاً ومكدراً وفي الخلف يقوم بناء حديث سأعرف فيما بعد أنه من أكبر دور السينما في موسكو قلت في نفسي غداً يجب أن أحضن تانيا هنا تحت هذا التمثال).
غورسل يعشق بوشكين إلى حد أنه يفكر باحضار حبيبته تانيا ويعانقها عند قدمي بوشكين.
وفي باريس يعايش حالة الحنين ذاتها حين يصل إلى ضفاف السين فيطلب من السائق أن يغير مساره ويوصله إلى البيت (إذ سيكون من الأفضل أن أكمل طريقي إلى استانبول بعد أن أرتاح يوماً هنا).
في نيويورك سيعثر على كل شيء كفيل أن يذكره بحبيبته استانبول ويعتمد الكاتب الخلط في أحيان كثيرة بين زوجته واستامبول ويستخدم مفردات مضللة ومدروسة بحيث تصنع خلطاً ذكياً بين المرأة والمدينة.
(صحيح فالعشق قميص ناري، وهكذا أجول بدونك أرجاء العالم بدونك، أي هائم من مدينة إلى أخرى، متناثر من امرأة إلى امرأة غيرها، وكم مرة تجنحت ورحت أطير مثل ايكاروس فقد جسمي ثقله، وارتفع في الفراغ، وشدني السفر إلى أعماقه مثل بحر هائج..).
Nedim Gürsel was born in Gaziantep, Turkey, in 1951. He published his first novellas and essays in Turkish literary magazines in the late 60s. After the coup d’état in 1971, he had to testify in court for one of his articles. This led to his decision to temporarily reside in France. He studied Comparative Literature at the Sorbonne in Paris and completed his dissertation in 1979 on Nâzim Hikmet and Louis Aragon. Gürsel then returned to Turkey, but the military putsch of 1980 sent him back into exile in France. He first wrote articles and travel reports which were published in 'Le Monde', as well as in the Turkish newspapers 'Cumhuriyet' and 'Milliyet'. Today he teaches contemporary Turkish literature at the Sorbonne and directs the Centre National de la Recherche Scientifique.
Nedim Gursel'in metinlerinde on plana cikan bir gocebe ruh var. Belki de bu nedenle ilgimi cekiyor. Surekli ait oldugu yerden uzakta, ait olamadigi yerlerde, hareket halinde bir anlatici; butun bunlardan dolayi da artik tam olarak nereye ait oldugunu bilmemenin yarattigi yalnizlik duygusu ve ozlemler... Kendine ozgu bir romantizmi var yazarin, bende her zaman karsiligini bulmasa da, cogu zaman dogru bam tellerine dokunan bir dil ve uslup. Bu kitapta, ozellikle "Donus" tam da o bam teli oykulerden biri benim icin.
Kitaba adını veren İstanbul’dan başka, Atina, Paris, Moskova, Marakeş gibi pek çok kente yolu düşen yazarın kâh gurbet sancılar, kâh aşk acıları, çoklukla özlem ve hüzün ile ördüğü, biraz bize yüreğini açıp, bir an sonra kapadığı, kısa, lezzetli öyküler. “Atlas” ve “Ölü Canlar Alanı”nı çok sevdim. Kitapta diyalogsuz bir kısa film senaryosu ve yazarın ilk öyküleri de var.