ينطلق هذا الكتاب من النظر إلى النحو العربي التقليدي على أنه علم بالغ التطور والنضج وعلى أنه مفخرة من مفاخر علومنا اللغوية. غير أن هذا النحو كان ابن زمانه، فهو بحاجة بالتالي إلى إصلاح وتصحيح و تطوير لكثير من مفاهيمه الأساسية: وليس إلى مجرد التيسير والتبسيط. وفي محاولة لدفع النحو العربي إلى قلب التفاعل مع منجزات الثورة النحوية المعاصرة في لغات أخرى، باعتبار النحو علم بناء الجملة، بعيدا عن التمحور حول الإعراب، يركز الكتاب على نظرية وتطبيق عناصر بناء الجملة، هذه الجملة العربية الواحدة التي لا مبرر لتقسيمها إلى جملة اسمية وأخرى فعلية
الرائع خليل كلفت يذكرنا بأن النحو هو منطق لغوي فهذا الكتاب هو محاولة حقيقية لرد النحو العربي لاصوله المنطقية بعد ان ضاع في محاولات التصنع والتكليف .. فقد دون علم النحو في وقت انتشر فيه اللحن وخيف على اللغة فزادت في التصنع والتعقيد وتمحور النحو الموضوعي حول الاعراب متناسيا ان وظيفته بناء الجمل بشكل صحيح حتى بدا وكأن النحو هو علم الاعراب ورغم تأكيد الكاتب على ان العقل اللغوي الجمعي هو الاصل فهو لا ينقض النحو الموضوعي ولكنه يدعو لوجوب اعتماده على اللغة الجمعية الممارسة وان يتطور بتطورها دون السقوط في التبسيط الزائد ... هذا كتاب أكثر من رائع ويجب قرأته وسيكون لي بالتأكيد عودة اليه مرة اخرى وهو محاولة حقيقية للتجديد وتستحق شديد التقدير وأتمنى لو تتخذ كبداية لبناء أكثر سعة لعلم نحوي جديد يليق بالعصر والفكر ويليق بلغتنا العربية العريقة ... وهو يقوم في تطويره للنحو على فكرة المسند والمسند اليه وعلى خطأ التمييز اللغوي بين الجملة الخبرية والفعلية وهي فكرة وان لم تكن بجديدة ولكنها لم تحظى بما يكفي من الفحص والدراسة وهذه المحاولة الجريئة لم تخرج بشكل مفرط عن اصول اللغة العربية ولكنها تقوم بالاحرى بتفسير قواعد النحو بشكل منطقي بما يتلائم مع دور النحو فمن المعروف ان كثير من الفلاسفة والمنطقيين العرب اعتمدوا فكرة المسند والمسند اليه فاصل المنطق هو اللغة واذا لم تكن اللغة ذات اصول منطقية فلن يستطيع العقل الناطق بها ان يتوصل لفكر منطقي متكامل ولعل في ذلك جزء من أزمتنا ولكنا نسينا او تناسينا ان اصل الفكر هو اللغة وتطور اللغة هو جزء من تطور الفكر وما أشد حاجتنا الي ذلك