What do you think?
Rate this book
أنا قادم أيها الضوء
هذا كتاب مُلهم وإنساني، يحمل في كلماته روح المقاتل وعزيمة المثابر وحكمة المتأمل، لا يحكي فيه محمد أبوالغيط عن المعركة الشرسة بينه وبين أبغض أمراض العصر، بل يحكي عن العشرات والعشرات من التفاصيل في جوانب الحياة المختلفة، تتماس وتبتعد عن بعضها البعض لكن يبقى هو وروحه التي لا تقهر وإرادته البشرية الهائلة وإنسانيته اللامحدودة، هي العوامل المشتركة بين كل تلك الحكايات.
196 pages, Kindle Edition
First published December 1, 2022
401 people are currently reading
5187 people want to read
About the author
محمد أبو الغيط
1 book220 followersصحافي استقصائي وكاتب مصري، مارس الطب فترة قصيرة إبان فترة ثورات الربيع العربي قبل أن ينتقل للعمل الصحفي الذي بدأه مبكرا منذ أن كان طالبا.
Ratings & Reviews
Friends & Following
Create a free account to discover what your friends think of this book!
Community Reviews
Displaying 1 - 30 of 923 reviews
November 7, 2025
في كتب بعد ما تخلصها بتلاقي نفسك مش قادر تكتب عنها..
-حتكتب ايه عن شاب كلنا شوفنا الناس زعلت عليه قد ايه عند وفاته؟
-حتكتب ايه عن شجاعته في توثيق رحلته المؤلمة مع مرض السرطان؟
-حتكتب ايه عن لحظات كان يصرخ فيها من الألم و
ولحظات تانية بيكتب فيها عن ضعفه وخوفه بمنتهي الصدق؟
-حتقول ايه عن حبه لمراته و كلامه الرائع عن والده و ووالدته؟
-حتعبر إزاي عن وجع القلب في رسالته لإبنه الوحيد اللي كان نفسه يكبر قدامه؟
التجارب الإنسانية لا تقيم بنجوم أبداً وفعلاً مفيش حاجة تكتب ومفيش كلام يتقال بعد كل الوجع اللي موجود داخل صفحات هذا الكتاب..
محمد أبو الغيط كان متشبث بالحياة ولا يريد الاستسلام أبدًا لفكرة رحيله و جزء منه كان يتمسك بشدة بأمل كبير أن كل هذا سينتهي و ستتدخل يد ما لإنقاذه في اللحظة الأخيرة..
كان يسعي بلا حدود لأي وسيلة و بأي ثمن لكي يبقي مع عائلته ولو لبضعة أيام لا أكثر ولكنه في النهاية توفي عن عمر يناهز ٣٤ عاماً بعد أن خسر بشرف معركته مع السرطان...
يقول محمد في الكتاب إنه يرجو أن يري بعد وفاته نورًا وهدوءًا وأمنًا، وأن يكون في هذا الكتاب ما قد ينقب ولو ثغرة واحدة، ليمر منها بعض الضوء إلى من يقرأ...
روحه الطيبة كانت موجودة في كل كلمة و إستطاع بقلمه أن يضئ صفحات هذا الكتاب و بالتأكيد سيضئ قلوب كل من سيقرأه...
"هذه صيحتي: محمد أبو الغيط مرَّ من هنا .."
ما أصعب مرورك يا محمد...
الله يرحمه:(
-حتكتب ايه عن شاب كلنا شوفنا الناس زعلت عليه قد ايه عند وفاته؟
-حتكتب ايه عن شجاعته في توثيق رحلته المؤلمة مع مرض السرطان؟
-حتكتب ايه عن لحظات كان يصرخ فيها من الألم و
ولحظات تانية بيكتب فيها عن ضعفه وخوفه بمنتهي الصدق؟
-حتقول ايه عن حبه لمراته و كلامه الرائع عن والده و ووالدته؟
-حتعبر إزاي عن وجع القلب في رسالته لإبنه الوحيد اللي كان نفسه يكبر قدامه؟
التجارب الإنسانية لا تقيم بنجوم أبداً وفعلاً مفيش حاجة تكتب ومفيش كلام يتقال بعد كل الوجع اللي موجود داخل صفحات هذا الكتاب..
محمد أبو الغيط كان متشبث بالحياة ولا يريد الاستسلام أبدًا لفكرة رحيله و جزء منه كان يتمسك بشدة بأمل كبير أن كل هذا سينتهي و ستتدخل يد ما لإنقاذه في اللحظة الأخيرة..
كان يسعي بلا حدود لأي وسيلة و بأي ثمن لكي يبقي مع عائلته ولو لبضعة أيام لا أكثر ولكنه في النهاية توفي عن عمر يناهز ٣٤ عاماً بعد أن خسر بشرف معركته مع السرطان...
يقول محمد في الكتاب إنه يرجو أن يري بعد وفاته نورًا وهدوءًا وأمنًا، وأن يكون في هذا الكتاب ما قد ينقب ولو ثغرة واحدة، ليمر منها بعض الضوء إلى من يقرأ...
روحه الطيبة كانت موجودة في كل كلمة و إستطاع بقلمه أن يضئ صفحات هذا الكتاب و بالتأكيد سيضئ قلوب كل من سيقرأه...
"هذه صيحتي: محمد أبو الغيط مرَّ من هنا .."
ما أصعب مرورك يا محمد...
الله يرحمه:(
May 23, 2025
ويجيء الرحيل كما تجيء كل الأشياء المقدر لها أن تأتي.
وَلَـٰكِنَّـنَا هُنَـا أَمَـامَ رَحِـيلٍ مُّـمَـيَّـزٍ... رحيلًا محملًا بتفاصيل من الدهشة والوجع متجهًا بصاحبه نحو النور، والضوء ليتركنا خلفه في حالة مربكة من اللوعة والألم، معلنين بانحناءة استسلامنا للقدر، والواقع الذي لا مفر منه، لكنه يورثنا انتباهة قوية، إلى أن كل إنسان بوسعه أن يبقى حيًا حتى وإن رحل جسدًا، سوف يبقى روحًا صارخة في وجه الغياب فيقول كماقال الراحل "محمد أبو الغيط":
«لقد كنت هنا»
ونقول:
لا ياسيدي بل إنك لازلت هنا بأثرك العظيم، كأثر الضوء الذي لا يرى لكنه يترك أثره في كل مكان مر به
يتحدث الراحل "أبو الغيط" عن رحلة من الألم والمرض عاشها، فيرويها بسخرية لاذعة أحياناً، وبمرارة أحيان أخرى، وبإمتنان للمولى عز وجل على نعمه العظيمة التي لا تعد ولا تحصى، والتي لا يستشعرها إلا من عانى الألم وحرم من وجودها مثله.
في العادة يبتعد الكثيرون عن قراءة المقالات، والأحاديث التي تتحدث عن مرض السرطان، ربما لأن القراءة عنه مؤلمة حد الوجع، وربما تطيرًا من ذكر هذا اللعين الذي لا يرحم صغيرًا ولا كبيرًا
لكن في هذا الكتاب، والذي هو عبارة عن مقالات ويوميات مجمعة عن رحلة وتجربة إنسانية عظيمة، وبوح متعب موشى بالألم
عن ذكريات حلوة ومُرة لم يكن المقصود منها سرد مجرد تفاصيل مرضية موجعة فحسب؛ بل هو دعوة للتأمل ووقفة مع النفس، ورسالة إنسانية يتركها لنا الغائب الحاضر، قبل أن يلملم شظاياه ويستعد للغياب.
فهل مر احدكم بجانب الألم يومًا قبل أن يقرأ هذا الكتاب؟!
أما عني لقد طرق بابي يومًا، وعبثت معه طويلًا، وناوشني وناوشته كثيرًا، ولكنني ادين له بالفضل في تبديل قناعاتي السطحية الساذجة، فقد غير مواقع الأشخاص والأماكن، والأولويات عندي، ترك بصمة قوية فوق ذاكرتي، هز أعماق وجودي بقوة، جعلني أرى الأشياء بعيون غيري، ففتح عيني على ضوء الحقيقة..
فجعلني أكثر التصاقًا بكل ما كنت أظنه مضمونًا، فتلك هي الحقيقة التي تفجؤنا بها الحياة بلا استئذان، أن لا شئ مضمون وكل ما هو غير متوقع قد يحدث
قد لا أنكر أن الكتاب مؤلم، لكنني واثقة انك عزيزي القارئ سوف تلتهم الصفحات بكامل إرادتك، وستعترف في النهاية أن الجهر بالضعف ليس عيبًا، وأن دموع الرجال قوة، وان الإمتنان تجاه أحبائك واجب عليك فعله عاجلًا لا أجلًا، لأن الحياة مهما طالت فهي قصيرة، والأهم أنك تكون مستعدًا لتقلبات الزمن في أي وقت، وان تستقبل الموت إذا جاء، على أن تكون ميتتك، ميتة لها معنى.
رحم الله محمد أبو الغيط وأدخله فسيح جناته، وجعله في ضوء ونور وسرور كما كان يتمنى.
اقتباسات
أنا أيضا لوغبت عنك يا بني بعد عشرين يومًا، أو شهرًا، أو عشرين عامًا فثق أنني سأكون في مكان ما أنظر إليك، لعلي في نسمة هواء، أو تراكم قطرات الندى، أو في أصغر وردة بيضاء تذكرني بأمك
لعلي أظهر في "تشابك كمي" لا يرى بالعين المجردة بين أجزاء أصغر من الذرات.
النسيان طريدة مراوغة لا يمكن أن تحصل عليه بملاحقته، نصيحة للنسيان (تجنب الأشياء التي تحفز على التذكر).
وَلَـٰكِنَّـنَا هُنَـا أَمَـامَ رَحِـيلٍ مُّـمَـيَّـزٍ... رحيلًا محملًا بتفاصيل من الدهشة والوجع متجهًا بصاحبه نحو النور، والضوء ليتركنا خلفه في حالة مربكة من اللوعة والألم، معلنين بانحناءة استسلامنا للقدر، والواقع الذي لا مفر منه، لكنه يورثنا انتباهة قوية، إلى أن كل إنسان بوسعه أن يبقى حيًا حتى وإن رحل جسدًا، سوف يبقى روحًا صارخة في وجه الغياب فيقول كماقال الراحل "محمد أبو الغيط":
«لقد كنت هنا»
ونقول:
لا ياسيدي بل إنك لازلت هنا بأثرك العظيم، كأثر الضوء الذي لا يرى لكنه يترك أثره في كل مكان مر به
يتحدث الراحل "أبو الغيط" عن رحلة من الألم والمرض عاشها، فيرويها بسخرية لاذعة أحياناً، وبمرارة أحيان أخرى، وبإمتنان للمولى عز وجل على نعمه العظيمة التي لا تعد ولا تحصى، والتي لا يستشعرها إلا من عانى الألم وحرم من وجودها مثله.
في العادة يبتعد الكثيرون عن قراءة المقالات، والأحاديث التي تتحدث عن مرض السرطان، ربما لأن القراءة عنه مؤلمة حد الوجع، وربما تطيرًا من ذكر هذا اللعين الذي لا يرحم صغيرًا ولا كبيرًا
لكن في هذا الكتاب، والذي هو عبارة عن مقالات ويوميات مجمعة عن رحلة وتجربة إنسانية عظيمة، وبوح متعب موشى بالألم
عن ذكريات حلوة ومُرة لم يكن المقصود منها سرد مجرد تفاصيل مرضية موجعة فحسب؛ بل هو دعوة للتأمل ووقفة مع النفس، ورسالة إنسانية يتركها لنا الغائب الحاضر، قبل أن يلملم شظاياه ويستعد للغياب.
فهل مر احدكم بجانب الألم يومًا قبل أن يقرأ هذا الكتاب؟!
أما عني لقد طرق بابي يومًا، وعبثت معه طويلًا، وناوشني وناوشته كثيرًا، ولكنني ادين له بالفضل في تبديل قناعاتي السطحية الساذجة، فقد غير مواقع الأشخاص والأماكن، والأولويات عندي، ترك بصمة قوية فوق ذاكرتي، هز أعماق وجودي بقوة، جعلني أرى الأشياء بعيون غيري، ففتح عيني على ضوء الحقيقة..
فجعلني أكثر التصاقًا بكل ما كنت أظنه مضمونًا، فتلك هي الحقيقة التي تفجؤنا بها الحياة بلا استئذان، أن لا شئ مضمون وكل ما هو غير متوقع قد يحدث
قد لا أنكر أن الكتاب مؤلم، لكنني واثقة انك عزيزي القارئ سوف تلتهم الصفحات بكامل إرادتك، وستعترف في النهاية أن الجهر بالضعف ليس عيبًا، وأن دموع الرجال قوة، وان الإمتنان تجاه أحبائك واجب عليك فعله عاجلًا لا أجلًا، لأن الحياة مهما طالت فهي قصيرة، والأهم أنك تكون مستعدًا لتقلبات الزمن في أي وقت، وان تستقبل الموت إذا جاء، على أن تكون ميتتك، ميتة لها معنى.
رحم الله محمد أبو الغيط وأدخله فسيح جناته، وجعله في ضوء ونور وسرور كما كان يتمنى.
اقتباسات
أنا أيضا لوغبت عنك يا بني بعد عشرين يومًا، أو شهرًا، أو عشرين عامًا فثق أنني سأكون في مكان ما أنظر إليك، لعلي في نسمة هواء، أو تراكم قطرات الندى، أو في أصغر وردة بيضاء تذكرني بأمك
لعلي أظهر في "تشابك كمي" لا يرى بالعين المجردة بين أجزاء أصغر من الذرات.
النسيان طريدة مراوغة لا يمكن أن تحصل عليه بملاحقته، نصيحة للنسيان (تجنب الأشياء التي تحفز على التذكر).
July 17, 2023
أنا قادم أيها الضوء
محمد أبو الغيط
لماذا نقرأ الألم؟
مذكرات مصاب بالسرطان غادر عالمنا مؤخراً، ماذا نتوقع منها سوى توثيق المعاناة؟ وإذا كان الألم هو صلب الكتاب فما هو المغزى إذن من قراءته؟ في الحقيقة، من الصعب تحليل نفسية الجمهور ودواعي اختياره لكتب معينة. بالنسبة لي أعتقد أن مطالعة مثل هذه المذكرات فيها نوع من تكفير عن الخطيئة، خطيئة أننا ننعم بالصحة والعافية وغيرنا يتعذب عذاباً لا يمكننا تصوره. ربما إذا أنصتنا لها تطهرنا من وزر العافية التي لم نبذل مجهوداً لإحرازها. أضف إلى ذلك أن الوجع يشعرنا بإنسانيتنا، ربما أكثر من الضحك والأحلام والشعور بالإثارة. وفوق هذا وذاك، مثل هذه الكتب تلهمنا الصبر والتحمل إذا واجهنا مأساة من نوع مشابه. وأخيراً، لا شك أننا نقدر النعمة التي نحن فيها إذا تلمسنا مصائب الآخرين.
إنه يُشبهنا
إنْ تفرد أبو الغيط في محنته، فإنه يشبهنا كثيراً في الكثير من تفاصيل حياته. إن كان القارئ شاباً، فالكاتب كان كذلك، وإن كان ربة أسرة فأبو الغيط كان زوجاً وأباً لطفل، إن كان المتلقي ناجحاً فالصحفي المنكوب كان في ذروة نجاحه، وإن كنا في بداية المشوار فالمرحوم كان أمامه الكثير ليحققه. كذلك طريقة تفكيره ومراحل تلقي الصدمة: الإنكار، الأمل، الرثاء للنفس ثم محاولة إقناعها...لا بد أن كثيراً منا سار على نفس الخطى في مواجهة مصائب مختلفة. لذا لم يكن من الصعب عليّ أن أتخيل نفسه مكانه.
قوة وضعف، ألم وأمل
لسنا بصدد كتاب يضخ الإيجابية العمياء محولاً مأساة إنسانية إلى ورشة عمل للتنمية الذاتية، ولن نخوض أيضاً في نص لا يجيد سوى ذرف الدموع والتلوي من الألم. فمن ناحية، يشير أبو الغيط إلى أنه كان محظوظاً في نواحٍ معينة، ويلتمس التفاؤل والقوة من كل شيء وكل شخص حوله. ومن ناحية أخرى فهو لا يتحرج من الاعتراف بانهياره، كاشفاً نقاط ضعفه مطلقاً تنهيدات حسراته. هنا تجربة إنسانية بكافة نواحيها، المظلمة منها والمشرقة.
حياة حافلة
بكل وضوح يرفض الصحفي المصري أن يُختزل أو يخلّد في الذكرى كمريض سرطان فحسب، ربما لذلك عمد إلى مشاركتنا تجاربه ومراحل مختلفة من حياته الحافلة كطالب وطبيب وناشط وصحفي. وحده الكاتب الموهوب هو الذي يمكنه أن يسلب لبّك وهو يروي قصصاً ويدلي بآرائه على الرغم مما يكابده جرّاء الداء والدواء على حد سواء.
تنويه واجب
على أنني أنصح بقراءة الكتاب دون تردد، إلا أنني أُحذر القارئ العزيز من مغبة مطالعته. ثمة أجزاء شديدة الوطأة على النفس. في إحدى الليالي جافاني النوم بعد قراءة جزء منه. هو ذلك النوع من النصوص التي تنزع عنك غلالة الطمأنينة الرقيقة التي تغلف بها نفسك حتى لا تصاب بالهلع مما هو آت أو تفقد الشعور بجدوى المضي قدماً في الحياة.
محمد أبو الغيط
لماذا نقرأ الألم؟
مذكرات مصاب بالسرطان غادر عالمنا مؤخراً، ماذا نتوقع منها سوى توثيق المعاناة؟ وإذا كان الألم هو صلب الكتاب فما هو المغزى إذن من قراءته؟ في الحقيقة، من الصعب تحليل نفسية الجمهور ودواعي اختياره لكتب معينة. بالنسبة لي أعتقد أن مطالعة مثل هذه المذكرات فيها نوع من تكفير عن الخطيئة، خطيئة أننا ننعم بالصحة والعافية وغيرنا يتعذب عذاباً لا يمكننا تصوره. ربما إذا أنصتنا لها تطهرنا من وزر العافية التي لم نبذل مجهوداً لإحرازها. أضف إلى ذلك أن الوجع يشعرنا بإنسانيتنا، ربما أكثر من الضحك والأحلام والشعور بالإثارة. وفوق هذا وذاك، مثل هذه الكتب تلهمنا الصبر والتحمل إذا واجهنا مأساة من نوع مشابه. وأخيراً، لا شك أننا نقدر النعمة التي نحن فيها إذا تلمسنا مصائب الآخرين.
إنه يُشبهنا
إنْ تفرد أبو الغيط في محنته، فإنه يشبهنا كثيراً في الكثير من تفاصيل حياته. إن كان القارئ شاباً، فالكاتب كان كذلك، وإن كان ربة أسرة فأبو الغيط كان زوجاً وأباً لطفل، إن كان المتلقي ناجحاً فالصحفي المنكوب كان في ذروة نجاحه، وإن كنا في بداية المشوار فالمرحوم كان أمامه الكثير ليحققه. كذلك طريقة تفكيره ومراحل تلقي الصدمة: الإنكار، الأمل، الرثاء للنفس ثم محاولة إقناعها...لا بد أن كثيراً منا سار على نفس الخطى في مواجهة مصائب مختلفة. لذا لم يكن من الصعب عليّ أن أتخيل نفسه مكانه.
قوة وضعف، ألم وأمل
لسنا بصدد كتاب يضخ الإيجابية العمياء محولاً مأساة إنسانية إلى ورشة عمل للتنمية الذاتية، ولن نخوض أيضاً في نص لا يجيد سوى ذرف الدموع والتلوي من الألم. فمن ناحية، يشير أبو الغيط إلى أنه كان محظوظاً في نواحٍ معينة، ويلتمس التفاؤل والقوة من كل شيء وكل شخص حوله. ومن ناحية أخرى فهو لا يتحرج من الاعتراف بانهياره، كاشفاً نقاط ضعفه مطلقاً تنهيدات حسراته. هنا تجربة إنسانية بكافة نواحيها، المظلمة منها والمشرقة.
حياة حافلة
بكل وضوح يرفض الصحفي المصري أن يُختزل أو يخلّد في الذكرى كمريض سرطان فحسب، ربما لذلك عمد إلى مشاركتنا تجاربه ومراحل مختلفة من حياته الحافلة كطالب وطبيب وناشط وصحفي. وحده الكاتب الموهوب هو الذي يمكنه أن يسلب لبّك وهو يروي قصصاً ويدلي بآرائه على الرغم مما يكابده جرّاء الداء والدواء على حد سواء.
تنويه واجب
على أنني أنصح بقراءة الكتاب دون تردد، إلا أنني أُحذر القارئ العزيز من مغبة مطالعته. ثمة أجزاء شديدة الوطأة على النفس. في إحدى الليالي جافاني النوم بعد قراءة جزء منه. هو ذلك النوع من النصوص التي تنزع عنك غلالة الطمأنينة الرقيقة التي تغلف بها نفسك حتى لا تصاب بالهلع مما هو آت أو تفقد الشعور بجدوى المضي قدماً في الحياة.
December 8, 2025
(انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ) صدق الله العظيم..
كنت تأمل أن تجد في نهاية طريقك النور يامحمد.. وأنت النور.. انظرني يوم القيامة لأقتبس من نورك واسأل الله الا يجعل بيننا سور.. ونكون في باطن الرحمة سوياً.. نتحسبك عند الله شهيداً في أعلى درجات جنة الله العليا.. مما عانيت من المرض..
❞ من معجزاتنا البشرية قدرتنا على نسيان الموت، وإلا لتوقفت الحياة تماما، وانقسم كل البشر إلى منتحرين، أو شهوانيين عابثين، أو نُساك زاهدين.
وإذا كان يمكن أن ننسى الموت، فهل يمكن أن ننسى أي شيء آخر بما في ذلك المرض؟ ❝
قرأت عن السرطان كثيرا، أصيب به أقرب الأقربين إليّ.. رحل به عدد كبير من عيلتي.. وأقربهم إليّ عمي.. توفى بسرطان القولون وشهدت مرضه كأنه يعاد أمام عيني مرة اخرى في كتاباتك يا محمد، .. لكنك انت؟ شهدت ما لم أشهده في مرضى السرطان من قبل.. معاناة لا توصف.. معاناة لا يمكن أن يتحملها أحد.. النسبة النادرة من كل شيء أصيبت بها أنت، اختارك انت السرطان دون غيرك بأبشع صورة ممكنة له. ورغم ذلك روحك كانت طاهرة لأقصى درجة حتى أخر كتاباتك.
❞ لعل هذا من أقسى ما يفعله ذلك المسخ السرطاني: تغييره لكل ما نعرفه عن أنفسنا والآخرين. تلك القدرة بعقل إسراء قد تطورت بشكل عكسي، فأصبح صوتي المألوف هو علامة الخطر المحتمل لا العكس! ❝
محمد أبو الغيط، رحمه الله، طبيب صحفي شاب صاعد وواعد في مجال الصحافة.. كاتب يحمل من القلم ما تطيب به النفوس ويحمل من الفكر والفلسفة ما يشتهي العقول.. ويحمل من الخبايا والاسرار ما لا يعلمه الكثير، ويحمل من العلم ما ينقصنا نحن.. إنه محمد أبو الغيط كان الأصغر في كل شيء.. الصحفي الأصغر والأنجح في جيله.. من أصغر شباب الثورة.. وسط نخبة أبو الغيط وبلال فضل ورجب وغيرهم، كان أيضا أبو الغيط هو الأصغر والأنقى.. وأكتمل الأمر، ليكون من أصغر المصابين بالسرطان الخبيث العنيف ال adenocarcinoma.
❞ فقط أعرف أن الواقع الحالي كتوصيف بحت هو أني ببذلتي الحمراء أنظر إلى سفينتي تغرق. تهبط ببطء لكن باستمرار، ولا شيء يسد الثقوب المتزايدة.
أحيانا أستسلم تماما للغرق، وأحيانًا، فجأة�� أجد يدي «تعزف».. ❝
إذا جاء هذا النوع من السرطان.. فلا أمل في الحياة رغم تشبثك بها.. كان يريد ابو الغيط الحياة لكن السرطان الغادر لم يمهله ذلك.. كان يريد يحيى، ويحيى يريده ابا له حتى النهاية لكن اراد الغادر اليتم ليحيى.. أما إسراء فقد فقدت بالسرطان والدتها في العام السابق لتشخيص ابو الغيط بالسرطان ايضا، لم يكن يريد محمد أن يترك الكرسي الثالث فارغا على سفرتها.. لكن لم يمهلم القدر ذلك او ذاك.
❞ بين ليلة وضحاها تغيرت تجاربي كلها. كل يوم أغرق في تجارب أنواع الطعام والشراب، والمسكنات، والمكملات العذائية، ثم دخولي هذه «التجربة» الدوائية الأخيرة التي تساوي نتيجتها حياتي حرفيًّا.
لم يعد بإمكاني التخطيط لشهر قادم، بل ليوم قادم.
وكذا غدر نوائب الدهر، وعجز الإنسان، فلا أمان لتصاريف الأقدار، ولا اطمئنان لتقلبات الأحوال، فتأمل.. ❝
وانا؟ منذ معرفتي الأولى بإصابتك بالسرطان.. كنت أعلم يقين النهاية، ربما انا بائس واذيع اليأس للجميع وأرجح الفشل عن سواه.. لكن لم أشهد لأحد حولي في الواقع او بين الصفحات تعافى من السرطان خصوصا لو كان ذاك النوع الخبيث للمعدة او القولون.
❞ سواء شفيت قريبا أو بعيدا، سواء عاد المرض أو لم يعد، هي ليست حربا بانتصار أو هزيمة نهائية لأن الصحة والمرض، السعادة والحزن، النسيان والتذكر، الحياة والموت، كلها ثنائيات تتدافع داخلنا دون أن يزول أحدها أبدا. ❝
قررت ألا اتابع محمد مرة أخرى.. قررت أن انساه، وذلك جاء في وقت امتنعت فيه عن السياسة بشكل عام وكل من يتحدثون عنها ماعدا بلال فضل فهو جزء من ايامي على كل حال.. تركت ابو الغيط ورحلت عسى الا أفجع يوماً في رحيله.. كنت أظن إني أنسى، فأنا مجرد قارئ لكاتب لم أراه يوماً سوى في التلفاز والصحف الإليكترونيه، عسى أن اجد ولو بمعجزة إنه بخير الأن.. ولو بدعاء نبوي، او بأذكار التصوف او بمعجزة جبريل بأي معجزة من السماء..
كنت أعلم إن حلول الأرض منتهية، وكنت أعرف ومتأكد من ان السماء لا حد لها، لا حاجز لما نبحث عنه فيها، هكذا آملت، هكذا ظننت، هكذا فجعت.. لذلك انا اتألم الأن على رحيله اكثر مما تتوقعت..
❞ قال المؤرخ المفصول ميلان هوبل: «لتصفية الشعوب، يُشرع بتخريب ذاكرتها وتدمير كتبها وثقافتها وتاريخها… بعد هذا يبدأ الشعب شيئا فشيئًا في نسيان من هو وكيف كان، فينساه العالم من حوله بشكل أسرع.
صحيح أن قدرة الإنسان على التعود والنسيان لا يضاهيها شيء، لكن هذا يشترط وجود نمط ثابت يمكن التعود عليه. ❝
انا لم أحدث محمد ولو مرة واحدة حتى.. لم اراه في الواقع ابدا.. لكن كنت اعرفه، ولا يزال اعرفه، والأن بعد انتهاء هذا الكتاب أصبحت اعرفه أكثر من اي وقت مضى.. أكثر مما فات، محمد صديق مقرب إلي حتى وإن لم أكن صديق له ذات يوم.. كم كنت أتمنى حضور حفلة توقيعك يا رفيق..
❞ قد تهبط الكارثة فجأة علينا. وقد نحملها داخلنا منذ الميلاد دون أن نعرف. لا حيلة لنا في ذلك. كما لا حيلة لنا أمام كثير من المآسي؛ الفراق، والضعف، والموت. لا حيلة لنا بمشاعرنا. ❝
محمد أبو الغيط الشهير بمقالته الأولى في أوائل شهر يونيو من عام الثورة الاول 2011 المنشورة حينها بأسم " الفقراء أولا يا ولاد الكلب "
ثم تسلسل وتطور محمد أبو الغيط بين الصحافة والمقالات والمنشورات وطموحه الأول لنشر روايتين وكان دائماً ما يرى نفسه محاط بالمعجبين والأقارب وتحابي كتفه صديقة عمره وزوجته إسراء شهاب في حفل توقيعه الأول..
❞ تتصارع داخلي صورتان غائمتان، هل أراني جالسًا لأوقِّع الكتاب وبقربي أبي وأمي وإسراء، أم أنا غائب وأرى إسراء هي من تطلق الكتاب، بينما صورتي معلقة في الخلفية وعليها شريط الرثاء الأسود؟ ❝
والأن.. الأن في هذا الوقت يحضر كتابك في المعرض وحده.. يقرأ الناس الخط دون رؤية الخطاط.. يبحثون عن الكلمة دون حضور للمتكلم.. رحلت وتركت الاثر الأولى.. تركت حلمك.. وتحقق الحلم وحدة رغم وداع الحالم له.. رحلت عن الدنيا ولن تعلم ما يدور بها.. لكن صيحتك تبقى في أثرنا.. إنها صيحة أبو الغيط الاولى والوحيدة للأسف.
❞ أكتب لأن الكتابة هي أثري في الحياة، هي أهراماتي الخاصة، فإلى متى ستبقى منتصبة بعدي؟
أعرف أني مهما عشت فإن حياتي، والعالم كله، كذرة غبار لا تُرى على شاطئ ذلك الكون الفسيح. لكن الكتابة قد تجعل ذرتي ألمع بين باقي الذرات على الأقل.
❞ الكتابة هي محاولتي لمغالبة الزمن والموت بأن يبقى اسمي أطول من عدد سنوات حياتي التافهة مقارنة بعمر الكون الشاسع المقدر حاليًّا بـ ١٤ مليار سنة.
هذه صيحتي: محمد أبو الغيط مرَّ من هنا! ❝
قال محمد عن إسراء شهاب زوجته:
❞ أحبها؛ لأن استقراري النفسي أصبح بالكامل مرتبطًا بها، ولا يمكنني الاطمئنان والهدوء إذا كانت هي تشعر بأدنى ضيق حتى لو لسبب خارج عني.
أحبها؛ لأني أصبحت أشعر بالفخر حين أحدثها أو ألتقيها. بمجرد أن أمشي جوارها أشعر فورًا دون أي تفسير عقلاني أني ممتلئ فخرًا، وأني مميز فوق البشر.
أحبها؛ لأن هواي صار يوافق هواها. حين تخبرني أنها تحبّ أو تكره شيئًا أو شخصًا، لا أوافقها مجاملة، بل حقًّا يتحول شعوري العاطفي نحو هذا الشيء أو الشخص لحظيًّا.
أحبها؛ لأني أصبحت «أحبُّ من الأسماء ما وافق اسمها، أو شابهه، أو كان منه مُدانيًا» كما قال قيس بن الملوح قبل ألف عام. أصبحت أذني بالغة الحساسية لالتقاط اسمها أو أي كلمة حروفها قريبة منه. ❝
ادعوا لها كثيرا بالصبر والسلوان، ادعوا لها في كل لحظة وفي كل وقت.
سلامٌ على قبرِ المكارمِ
محمد أبو الغيط، 34 عاما
مغتربا توفي ودفن في لندن
5 ديسمبر/ كانون أول 2022
إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ (10)
وكم صبرت يا محمد.. وكم عانيت يا محمد.. ١٧ شهر من العذاب المستمر بعد تشخيصك
❞ كلنا تتملكنا تلك الرغبة؛ رغبة الخلود في الحياة، فإن لم نخلد بأجسادنا فلنخلد بآثارنا، ولكلٍّ آثاره. ❝
ترك ابو الغيط خلفه قلوب قراءه المتيمين به.. ترك خلفه قلب مشقوق ومفتور عليه.. ترك لنا ابو الغيط صغيره، يحيى محمد أبو الغيط.. أيا يحيى هل تدرك كم كان ابوك عظيما ذات يوم؟ يحمل بداخله سمات الإنسانيه أجمع، كلما مرض محمد وازداد آلماً.. زاد بريقاً ونوراً من خلفه.. ترك محمد وراءه نوراً. وعلى يمينه نوراً ومن فوقه ومن تحته نوراً.. وذهب إلى النور.. وتركنا نحن وحدنا في عتمة فراقه..
❞ كل خسارة لم نخسر فيها أنفسنا خسارة عابرة» على رأي إبراهيم الكوني. ❝
يا يحيى عليك أن تعلم رغم انك فقدت والدك وهو في ال ٣٤ من عمره فقط وبمسيرة صحفية لم تصل إلى عامها الثاني عشر..
إلا إنها مسيرة إنسانيه ستخلد إن شاء لله لها من خلود.. ستبقى ما بقيت السماوات والارض..
❞ كان يجب أن أنجب ابني؛ لأفهم وأحترم خطفة قلب الأب على ابنه.
وكان يجب أن أمر بالهزائم، ومخاوف ومطامع الحياة؛ لأعرف أن الأمل ليس دائمًا «توأم اليأس، أو شعره المرتجل»، وأن العالم مليء بأطياف الألوان بين الأبيض والأسود. ❝
لو قررت أن اختار صورة وحيدة تمثل ثورة يناير وشبابها.. سأختار تلك الصورة. أعلم أن ما فيها بشر، والبشر بطبعهم متغيرون ومتطورون، نجدد أفكارنا وانماطنا كل يوم.. يوم تلو اليوم.. هكذا كانوا، هكذا حلموا وتأملوا وتدبروا أفكارهم.. وأين هم الأن؟ مات من مات، ورحل من رحل، وبقى طيفهم بصورة شحيحة في خلفية الماضي السحيق المدجن بالغيوم..
أولئك كانوا نجوم تلك الغيوم، أولئك وحدهم كانوا القليل والقليل من النور العاتم..
تلك الصورة الموضوعة على بروفايل محمد حتى يوم وفاته.. تحمل في باطنها وجوفها الكثير من الأوجاع، اكثرهم وجعاً فجيعة محمد، ورحيل الآخرين حيث يعلم الله وحده..
بخصوص تلك الصورة، ترك لنا أيضاً بلال فضل فيديو يحكي فيه عن بعض ما يحكى ويترك بعض ما يمكن أن يُترك من محمد.. وبعد قراءة ذلك الكتاب سيقوم بسرد ما تبقى من حياته
لينك حلقة بلال فضل
❞ قد يختار الإنسان أفعالا نبيلة أو شجاعة، لكن المرض ليس اختيارًا، فلا تعني محاولة الشفاء منه بالضرورة إضفاء مثالية ما على المريض، قد تتحول لعبء في حد ذاته.
وما ينطبق على مصارعة النفس، ينطبق على مصارعة الجسد. ❝
في 12 مايو عام 2019، وضع محمد ابو الغيط تلك الصورة كصورة بروفايل له على الفيس بوك، واستشهد بقصيدته المفضلة لشاعره المفضل محمود درويش قائلا:
"إن كان لابُدَّ من حُلُمٍ،
فليكُنْ مِثلَنا .. وبسيطاً
كأنْ: نَتَعَشَّى معاً بعد يَوْمَيْنِ
نحن الثلاثة،
مُحْتَفلين بصدق النبوءةِ في حُلْمنا
وبأنَّ الثلاثةَ لم ينقصوا واحداً"
ولكن لم يمهلكم المرض سوى ثلاثة أعوام فقط ورحلت عنهم يا محمد تاركهم للفراغ.
على الرغم من جمع تلك الكلمات، ومعاناتي في تلك المشاعر، ومحاولاتي المتكررة لمدة ايام عن وصف شعوري اثناء قراءة الكتاب.. لا أعلم كيف يمكن أن أرثي محمد ابو الغيط؟
كيف يكون الرثاء لشاب في مقتبل عمره حزن عليه الجميع؟
كيف نرثي شاب يمحقه السرطان الغادر بأشد انواع الالم والاوجاع؟ كيف نرثي من ترك خلفه إسراء ويحيى، كيف نرثي من كان يملك تلك العذوبة في كلماته.. لن يوصفك العالم ابدا ولن يرثيك احد حق الرثاء..
نحن فقدناك وأنتهى الأمر، رحلت ولم ترحل عنا ابداً.
كَفَى حَزناً أَنَّ النَّوَى صَدَعَتْ بِهِ ... فُؤَاداً مِنَ الْحِدْثَانِ لا يَتَصَدَّعُ
وَمَا كُنْتُ مِجْزَاعاً وَلَكِنَّ ذَا الأَسَى ... إِذَا لَمْ يُسَاعِدْهُ التَّصَبُّرُ يَجْزَعُ
فَقَدْنَاهُ فِقْدَانَ الشَّرَابِ عَلَى الظَمَا ... فَفِي كُلِّ قَلْبٍ غُلَّةٌ لَيْسَ تُنْقَعُ
وَأَيُّ فُؤَادٍ لَمْ يَبِتْ لِمُصَابِهِ ... عَلَى لَوْعَةٍ أَوْ مُقْلَةٍ لَيْسَ تَدْمَعُ
( محمود سامي البرودي )
محمد تطور وتغير وتقدم وتأخر وشارك وصمت، وصاح وكتم صيحته لفترة، محمد كان إنساناً يريد الحياة، ومن لا يريدها؟ محمد تطور رغم كل شيء حتى أتم رسالته في الحياة في عامه الرابع والثلاثين فقط.
❞ وهي أكثر الخيبات مرارة على الإطلاق، حين تكتشف خطأ أفكار أو آراء لا أشخاص كم اعتنقت أفكارًا وأجوبة بيقين تام، تكونت داخلي عبر سنوات من البحث والتجارب، واتخذت بناء عليها قرارات عملية تؤثر في حياتي كلها، ثم أكتشف بعد لحظة
ثم أكتشف بعد لحظة تنوير درامية، أو بعد تراكم عكسي تدريجي، أني كنت أحمق أحمق. كنت أخادع نفسي، وكان عقلي متأثرًا بانحيازات عاطفية و«خرائط ذهنية» مسبقة. ❝
❞ اسعدوا بكل يوم طبيعي.
بالطبع اطمحوا واسعوا بأقصى الجهد للأفضل، لأنفسكم، وأسركم، وبلادكم، لكن إن لم يحدث فلا بأس. كل يوم من المعافاة هو إنجاز عظيم.
حقًّا وصدقًا «من أصبح آمنًا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فقد حيزت له الدنيا بحذافيرها». ❝
هذه كانت رسالة محمد ابو الغيط الأخيرة لكم، هذه رسالة من رحم المعاناة، من رحمة السرطان الذي لا يرحم، من روح محمد الباقية في جسده الذي كان وصل إلى الفناء والهلاك بالكامل، عندما كتب محمد تلك الرسائل الأخيرة في كتاباته الأخيرة في شهر نوفمبر بين 15 إلى 17، كان رحل جسده عنها، والروح فقط تنتظر ايام معدوده لتمهل أحبابه فرصة أخيرة للوداع.
فرصة أخيرة للاستعداد للرحيل، من شهر اكتوبر تقريبا، وكان هلك محمد بالكامل ولكن على الرغم من ذلك لم تفنى روحه ابداً، وكتب أفضل جزئين في كتابه تقريبا، عن أبيه وامه، والأخر عن إسراء ويحيى، ثم رحل وقد أتم رسالته وكتابه الأول لنا، رحل وتركنا نبكي خلفه كلما نقرأ عنه أو إليه.
❞ كلما اتسع عالمي أدركت مدى ضيقه السابق. ❝
January 6, 2025
“ولو وافاني القدر، ورحلت في الوقت الذي قدره الأطباء، فإني أرجو أن يكون ما بعد نفقي نورًا وهدوءًا وأمنًا، وأن يكون في هذا الكتاب ما قد ينقب ولو ثغرة واحدة، ليمر منها بعض الضوء إلى من يقرأ.”
بدأت هذا الكتاب بالتزامن مع دور برد شديد -كورونا؟- لا زلتُ أتعافى منه حتى الآن، ويُغادر جسدي ببطء، بعد أيام من الصداع المُستمر، والنوم العميق الذي تستيقظ منه حالتك أسوأ من السابق، والخمود، وإنهدام الجسد بشكل عام، وتختلف الأعراض فتجد السعال موجوداً وبشدة، وفجأة يختفي ويظهر غيره بلعبة تباديل وتوافيق لانهائية، ولكم كرهت فكرة المرض، ذلك العجز المقيت، الذي تتمنى أن يذهب بأي ثمن، وأي دواء، حتى تستعيد العادي، الذي لا نشعر به أبداً.
لأجد نفسي مع هذه السيرة المؤلمة، والتي على الرغم من كل الألم والحزن الذي ستشعر به، كسرة قلبك وروحك، والكثير من البكاء، يحكي "محمد أبو الغيط" سنواته مع المرض، سنوات كاملة من حياته، من الألم الخاص، الفحوصات المليونية، والأدوية المختلفة، الحياة بعد السرطان ليست كقبلها، حياتك تختلف تماماً، ونظرتك لكل شيء تُصبح أوسع، فهذا الكتاب الذي ستقرأه رُبما لن تجد فرصة لتقرأه مرة أخرى، وتلك الأكلة، وذلك الشخص الذي تراه رُبما لن تراه مرة أخرى! إنه لعنة على كل شيء، يحتل كل كيانك، من جسدك، حتى روحك، ولكنه وجد مُقاتلاً عنيداً اسمه "محمد أبو الغيط"، الذي لم أكن أعرف عنه سوى ما يذكره بلال فضل بمقاطعه المصورة على "اليوتيوب" أو بعض المنشورات على "الفيسبوك"، ليكون هذا الكتاب دعوة لنتعرف على هذا الكاتب الشاب، ولنحزن عليه، حزن صادق أمين، لهذه البذرة الصالحة، ولهذا الشخص طيب الذكر، عظيم الأثر، وكل تلك الأشياء ليست تأثرأ بكتابته، أو بوفاته المؤلمة، ولكن بتأثيره الحقيقي على العديدين، الذي ستلسمه بكل تأكيد بين طيات هذا الكتاب، أخضر اللون، كقلب محمد أبو الغيط.
يتأمل "محمد أبو الغيط" حياته القصيرة، ولكنها مليئة بالأحداث، من وجهة نظر مُغايرة، لأفكاره وصعوده، ونجاحاته المهنية، لحياته في مصر ثم سفره إلى لندن، لعلاقته بأهله وخصوصاً والده ووالدته، وعلاقته بزوجته "إسراء" التي كانت خير سند، وابنه، الذي كان الفصل الخاص به أكثر ألماً، وحزناً. من الصفحات الأولى للكتاب سيلمسك قلم "محمد أبو الغيط"، حديث سلس ودافئ، شلال لا ينتهي من الحكايات، والتعليقات الساخرة والضاحكة، والذكية والمُثقفة، يحكي حكايته توثيقاً لا طلباً للشفقة أو هذا القبيل، يحكي لأنه عنده ما يقوله، وهذا الكتاب على ألمه فهو تجربة مؤثرة، ستجعلك ترى الحياة على كبرها بأنها لا تستحق كل ذلك التسارع المجنون والمحوم نحو ماذا؟ الحياة تستحق أن تُعاش بروية وهدوء، فنحن لا نعلم، متى سنرى الضوء، فربما يأتي أقرب مما تتوقع.
ختاماً..
سيرة ذاتية مؤلمة وصادقة، مليئة بالدفء والجمال برغم كل شيء، حياة بين دفتين كتاب، لتجعلنا نُعيد النظر إلى العديد من الأمور حولنا، وننظر للضوء القادم بهدوء وسكون.
لا استطيع أن أنصح بها للجميع، فهي أشد ألماً على النفس، ووطأتها كبيرة على الروح.
ملحوظة أخيرة: كنتُ حزيناً على المشاريع العديدة الذي تحدث عنها الكاتب طوال أحداث الكتاب، وكانت كالغصة في الحلق، ولكن أكد بلال فضل في مقطع مصور أنه لن يكون كتابه الأخير بإذن الله.
December 6, 2024
*** 2024 الذكرى السنوية الثانية.. الله يرحمه ويغفر له.
*** 2023 الذكرى السنوية الاولى.. الله يرحمه ويغفر له.
تعديل. كان هذا الكتاب في اول اشتراك لي في تطبيق أبجد ديسمبر ٢٠٢٢
بلغ معي الانفعال أقصاه..كل كلام سأكتبه سيكون بلا معنى..كلام مكرر.
بصدفة ما، وقعت على كتابات محمد أبو الغيط منذ ما يقرب من عام، شدني بأسلوبه والموضوع الذي يتحدث فيه.
اعترف أني ضعيفة بشكل خاص أمام مرض السرطان، لا أتحمل الحديث عنه ولا أطيقه. لكن الكاتب بتوليفة ما يجذبك إلى كلامه وبالرغم من طول المنشورات غير العادي، ترى نفسك تواصل القراءة حتى النهاية.
قرأت آخر منشور له قبل الوفاة بأيام، وعلمت بموضوع الكتاب الذي جمع فيه الكاتب ما نشر سابقا. جمع ما كتب كأنه عرف أن النهاية قد حانت ولم يعد هناك ما يكتب😪😪😪
وأعتقد أنه شعور كل من قرأ ذلك المنشور الأخير.
قررت تأجيل القراءة ولكن عندما بدأت أولى صفحاته استولى على كياني.
تسافر معه في قطار رحلته العصيبة لمدة عام ونصف، مشاعر وانفعالات، جرت معها انفعالات لتجربة شخصية طالما فررت منها محاولة النسيان، تجربة مرض أمي بهذا المرض اللعين. نفس السرعة في تطور المرض وغزوه الشرس غير المتوقع، الآلام الرهيبة التي لا تتوقف. العمليات.. أجزاء الجسم التي تفقد، الكيماوى البشع والاشعاعي. فقدان الشعر والوزن، التحول إلى حطام😪😪😪.
قراءة الكتاب مختلفة عن منشور فيس بوك تقرأه كل فترة.. كثافة الانفعالات والقرب الشديد من الكاتب خاصة عندما تعلم أن هذا الكاتب الذي كان بيننا منذ ايام يرد على التعليقات.. توفي الى رحمة الله.
لا يتحدث الكتاب فقط عن تجربة المرض، ولكن يتحدث عن نشأة الكاتب؛ فخره بوالديه وحبه العميق لزوجته وتمسكه بالحياة من أجل ابنه.. تفاصيل صغيرة عاطفية، ومحاولات للتمسك بالأمل والتشبث بالحياة والتعايش مع المرض.
حياة سريعة لكنها حافلة ومؤثرة. فيها الكثير من الفلسفة والتأملات، أحيانا أتعجب هل يتكلم فعلا عن نفسه!!! هل كل هذا مر به!!! شاب صغير للغاية، لكن مر بخبرات وتجارب استثنائية، كاتب مبدع وعاطفي وإنسان.
رحمك الله يا محمد رحمة واسعة وألهم أهلك الصبر.
❞ حين أتخيل ما سيحدث بعد موتي، أتخيل أن أصدقائي وأهلي سيحزنون بصدق، لكن سيتجاوزون ذلك بعد فترة طالت أو قصرت حتى إسراء ستفعل رغم غضبها حين أخبرتها بذلك، وأني سأكون سعيدا لسعادتها لا لغرقها في حزن أبدي.
الشخص الوحيد الذي أشعر أنه لن يتجاوز غيابي بسهولة هو ابني كلما فكرت فيه يتيما دمعت عيناي وكلما فكرت فيه صممت على أن أحتمل لأقصى مدى ممكن، وأسعى بلا حدود لأي وسيلة بأي ثمن تجعلني أبقى معه لفترة أطول، ولو لبضعة أيام لا أكثر.
أتأمله يلعب لاهيًا.
آه لو يعرف.. ❝
*** 2023 الذكرى السنوية الاولى.. الله يرحمه ويغفر له.
تعديل. كان هذا الكتاب في اول اشتراك لي في تطبيق أبجد ديسمبر ٢٠٢٢
بلغ معي الانفعال أقصاه..كل كلام سأكتبه سيكون بلا معنى..كلام مكرر.
بصدفة ما، وقعت على كتابات محمد أبو الغيط منذ ما يقرب من عام، شدني بأسلوبه والموضوع الذي يتحدث فيه.
اعترف أني ضعيفة بشكل خاص أمام مرض السرطان، لا أتحمل الحديث عنه ولا أطيقه. لكن الكاتب بتوليفة ما يجذبك إلى كلامه وبالرغم من طول المنشورات غير العادي، ترى نفسك تواصل القراءة حتى النهاية.
قرأت آخر منشور له قبل الوفاة بأيام، وعلمت بموضوع الكتاب الذي جمع فيه الكاتب ما نشر سابقا. جمع ما كتب كأنه عرف أن النهاية قد حانت ولم يعد هناك ما يكتب😪😪😪
وأعتقد أنه شعور كل من قرأ ذلك المنشور الأخير.
قررت تأجيل القراءة ولكن عندما بدأت أولى صفحاته استولى على كياني.
تسافر معه في قطار رحلته العصيبة لمدة عام ونصف، مشاعر وانفعالات، جرت معها انفعالات لتجربة شخصية طالما فررت منها محاولة النسيان، تجربة مرض أمي بهذا المرض اللعين. نفس السرعة في تطور المرض وغزوه الشرس غير المتوقع، الآلام الرهيبة التي لا تتوقف. العمليات.. أجزاء الجسم التي تفقد، الكيماوى البشع والاشعاعي. فقدان الشعر والوزن، التحول إلى حطام😪😪😪.
قراءة الكتاب مختلفة عن منشور فيس بوك تقرأه كل فترة.. كثافة الانفعالات والقرب الشديد من الكاتب خاصة عندما تعلم أن هذا الكاتب الذي كان بيننا منذ ايام يرد على التعليقات.. توفي الى رحمة الله.
لا يتحدث الكتاب فقط عن تجربة المرض، ولكن يتحدث عن نشأة الكاتب؛ فخره بوالديه وحبه العميق لزوجته وتمسكه بالحياة من أجل ابنه.. تفاصيل صغيرة عاطفية، ومحاولات للتمسك بالأمل والتشبث بالحياة والتعايش مع المرض.
حياة سريعة لكنها حافلة ومؤثرة. فيها الكثير من الفلسفة والتأملات، أحيانا أتعجب هل يتكلم فعلا عن نفسه!!! هل كل هذا مر به!!! شاب صغير للغاية، لكن مر بخبرات وتجارب استثنائية، كاتب مبدع وعاطفي وإنسان.
رحمك الله يا محمد رحمة واسعة وألهم أهلك الصبر.
❞ حين أتخيل ما سيحدث بعد موتي، أتخيل أن أصدقائي وأهلي سيحزنون بصدق، لكن سيتجاوزون ذلك بعد فترة طالت أو قصرت حتى إسراء ستفعل رغم غضبها حين أخبرتها بذلك، وأني سأكون سعيدا لسعادتها لا لغرقها في حزن أبدي.
الشخص الوحيد الذي أشعر أنه لن يتجاوز غيابي بسهولة هو ابني كلما فكرت فيه يتيما دمعت عيناي وكلما فكرت فيه صممت على أن أحتمل لأقصى مدى ممكن، وأسعى بلا حدود لأي وسيلة بأي ثمن تجعلني أبقى معه لفترة أطول، ولو لبضعة أيام لا أكثر.
أتأمله يلعب لاهيًا.
آه لو يعرف.. ❝
March 25, 2025
لا استطيع مراجعة الكتاب بأقل من ٥ نجوم، بل لا أستطيع كتابة مراجعة له، كيف اقيم أو أراجع محنته ومعاناته مع المرض؟ وهي لا ولن يفهمها الا من مر بها شخصيا أو عن قرب...
من أول صفحة ندخل مع محمد رحلته مع السرطان بكل تفاصيلها المؤلمة وحتى آخر فصل، وإن كان الكتاب كله مؤلم فجواب محمد ليحيى ابنه أكثر إيلاما...
يدمج محمد سيرته الذاتية بلمحات طبية كونه طبيب، سياسية بحكم عمله وكونه من ثوار يناير، دينية بحكم نشأته وعائلته ليكون الكتاب مخلدا لذكراه الشخصية، وليس كتاب آخر عن المرض، علمت ببحث بسيط أن محمد توفي الى رحمة الله في ديسمبر ٢٠٢٢ بعد نهاية يوميات الكتاب التي امتدت حتى نوفمبر.
انا لا أعرف شيئا عن حياة محمد ولم أسمع عنه قبل قراءة الكتاب، ولا عن تاريخه وتوجهاته ولا يعنيني هذا في شيء، انما قرأت هذا الكتاب لموضوعه الانساني.
الله يرحمك يا محمد ويصبر أهلك، ويشفي كل مريض...
MiM
من أول صفحة ندخل مع محمد رحلته مع السرطان بكل تفاصيلها المؤلمة وحتى آخر فصل، وإن كان الكتاب كله مؤلم فجواب محمد ليحيى ابنه أكثر إيلاما...
يدمج محمد سيرته الذاتية بلمحات طبية كونه طبيب، سياسية بحكم عمله وكونه من ثوار يناير، دينية بحكم نشأته وعائلته ليكون الكتاب مخلدا لذكراه الشخصية، وليس كتاب آخر عن المرض، علمت ببحث بسيط أن محمد توفي الى رحمة الله في ديسمبر ٢٠٢٢ بعد نهاية يوميات الكتاب التي امتدت حتى نوفمبر.
انا لا أعرف شيئا عن حياة محمد ولم أسمع عنه قبل قراءة الكتاب، ولا عن تاريخه وتوجهاته ولا يعنيني هذا في شيء، انما قرأت هذا الكتاب لموضوعه الانساني.
الله يرحمك يا محمد ويصبر أهلك، ويشفي كل مريض...
MiM
Read
February 23, 2023سأخرج عن صمتي قليلًا لقولِ ما لا بدّ من قوله. أرجو أن لا يكون رواج الكتابِ مُرغِمًا لأيّ أحد بقراءته -- أرجو أن تؤخذ نصيحتي بحسن نيّة، فهذا كتاب شاقٌّ على النفس؛ أرّقني وأوهنَ بدني ولم أجد عزاءً في البكاء. كنتُ أحبّ لو أقول أنّني انتحبتُ وبكيت كثيرًا عليه، لكنّ الحقّ غير ذلك، سالت دموعي في لحظات رحمني فيها القدر، وما غير ذلك فقد كان قلبي مشدودًا، صامتًا، وكنت أشعر بعضلة قلبي وهي تنتفض وترجوني أن أتوقّف عن القراءة. لذلك رأيتُ من الواجب أن أنوّه لهذا عسى أولئك - ضعاف القلوب والأبدان مثلي - يتحيّنون الوقت المناسب لقراءته أو حتّى التحرّج عن قراءته أساسًا.
نعم، هُناك ضوءٌ جرى خلفه محمّد أبو الغيط طيّب الله ثراه، ونعم، كان تمسّكه بهذا الضوء أكبر من إيمان ناسكٍ يشدّ أطناب الأرض بقدميه، سيرًا إلى فردوسٍ مفقود، آملًا أن يجده عمّا قريب. ورغم ذلك؛ رغم الصّبر الّذي يُسَجّد الجباه، ويذر القلوب تخرّ شاكرة حامدة مستغفرة، إلّا أنّها كتابةٌ صعبة، ولن أقول مؤلمة، لأنّها أكبر من ذلك.
تذكارًا وأمانةً لرجاء أبو الغيط في أن لا نسِمَه بصفة "المقاتل" أو أن نذكره ك "مريض سرطان" فأنا أترّحم على نُبلهِ وانسانيّته، ونحتسب لله صبره وإيمانه وحبّه جميعًا.
لا أستطيع تقييم هذا الكتاب أو صياغة عبارة موجزة بحقّه.
رحمه الله وأورث أهله الصبر والسلوان
آمين.
نعم، هُناك ضوءٌ جرى خلفه محمّد أبو الغيط طيّب الله ثراه، ونعم، كان تمسّكه بهذا الضوء أكبر من إيمان ناسكٍ يشدّ أطناب الأرض بقدميه، سيرًا إلى فردوسٍ مفقود، آملًا أن يجده عمّا قريب. ورغم ذلك؛ رغم الصّبر الّذي يُسَجّد الجباه، ويذر القلوب تخرّ شاكرة حامدة مستغفرة، إلّا أنّها كتابةٌ صعبة، ولن أقول مؤلمة، لأنّها أكبر من ذلك.
تذكارًا وأمانةً لرجاء أبو الغيط في أن لا نسِمَه بصفة "المقاتل" أو أن نذكره ك "مريض سرطان" فأنا أترّحم على نُبلهِ وانسانيّته، ونحتسب لله صبره وإيمانه وحبّه جميعًا.
لا أستطيع تقييم هذا الكتاب أو صياغة عبارة موجزة بحقّه.
رحمه الله وأورث أهله الصبر والسلوان
آمين.
December 20, 2022
يمكنني القول بكل ثقة بعدما انهيت الكتاب أن خسارة أبو الغيط، خسارة لنا جميعًا، سواء عرفناه عن قرب أو لا،
وأعتقد أن كل من سيقرأ الكتاب سيكون له شعور مشابه.
/
تمنيت لو أسعفه الوقت ورأى سعادة واحتفال الناس بكتابته- لكن عزائي الوحيد أنه ارتاح من الألام التي كان يعانيها
ألف رحمة ونور.
وأعتقد أن كل من سيقرأ الكتاب سيكون له شعور مشابه.
/
تمنيت لو أسعفه الوقت ورأى سعادة واحتفال الناس بكتابته- لكن عزائي الوحيد أنه ارتاح من الألام التي كان يعانيها
ألف رحمة ونور.
September 4, 2025
في الثلاثين
يكتشف أحد ألمع العقول الشابّة الطموحة
أنّه بدأ احتضارًا لن يمهله في الحياة إلا بضعة أشهر
فحاول تلخيص وجوده بصدق وذكاء في هذه الصفحات
التي صاغ لها مقدّمة ساحرة، ثمّ بترها الموت دون خاتمة
لتكون النصوص كما استلهمها من التايتانيك: معزوفة الغرق
.
عن الألم والتشخيص والصدمة والإخبار والآثار
والوصيّة وتسليم كلمات السرّ وترتيب الشؤون الماليّة
عن حضانة زوجته إسراء لابنهما يحيى وقرار مكان الدفن
عن التصالح مع الحياة، وعن ما يفتخر به، وأشدّ ما يحزنه
عن تردّده في زراعة لن يرى ثمارها بل سترهق ورثته بعنايتها
وعن نظرته لدار المسنين حين ظنّ أنّه سيصل إلى مرحلتهم
يدير نقاشات نعيه وهو لا يزال يمشي بلياقة جسديّة ونفسيّة
.
يلاحظ بأنّ أسوأ نوبات مرضه ليست لأسباب مادّيّة
بل نفسيّة، مثل أن يتهمه شخص ظلمًا بأيّ تهمة باطلة
.
"
حين أفارق طفلي يحيى، فإنّ ممّا يعزّيني
أن يكون ميراثه منّي خير أهل، وأجمل أصدقاء
وطيب الذكريات، والأهم، هو أجمل وأقوى أم
إسراء
"
يكتشف أحد ألمع العقول الشابّة الطموحة
أنّه بدأ احتضارًا لن يمهله في الحياة إلا بضعة أشهر
فحاول تلخيص وجوده بصدق وذكاء في هذه الصفحات
التي صاغ لها مقدّمة ساحرة، ثمّ بترها الموت دون خاتمة
لتكون النصوص كما استلهمها من التايتانيك: معزوفة الغرق
.
عن الألم والتشخيص والصدمة والإخبار والآثار
والوصيّة وتسليم كلمات السرّ وترتيب الشؤون الماليّة
عن حضانة زوجته إسراء لابنهما يحيى وقرار مكان الدفن
عن التصالح مع الحياة، وعن ما يفتخر به، وأشدّ ما يحزنه
عن تردّده في زراعة لن يرى ثمارها بل سترهق ورثته بعنايتها
وعن نظرته لدار المسنين حين ظنّ أنّه سيصل إلى مرحلتهم
يدير نقاشات نعيه وهو لا يزال يمشي بلياقة جسديّة ونفسيّة
.
يلاحظ بأنّ أسوأ نوبات مرضه ليست لأسباب مادّيّة
بل نفسيّة، مثل أن يتهمه شخص ظلمًا بأيّ تهمة باطلة
.
"
حين أفارق طفلي يحيى، فإنّ ممّا يعزّيني
أن يكون ميراثه منّي خير أهل، وأجمل أصدقاء
وطيب الذكريات، والأهم، هو أجمل وأقوى أم
إسراء
"
September 29, 2025
عارف لما تخلّص كتاب فتخلَص معاه لأنك عارف إن الكتاب ده هو اللحظات الأخيرة لمحكوم عليه بالموت؟
عارف الألم الخام لما يكتبه قلم راسي؟
عارف القلم اللي بينزل على وشك يفوقك لملايين النعم، اللي مهما كنت مدركها برضه أنت مش مدركها؟
عارف لما تفضل 5 شهور مش عارف تقول إيه عن الكتاب بعد ما خلصته لأنه مش مجرد عمل أدبي، بل هو انتصار الموت على الحياة في واحد من أقسى سيناريوهات الدنيا؟
عارف الألم الخام لما يكتبه قلم راسي؟
عارف القلم اللي بينزل على وشك يفوقك لملايين النعم، اللي مهما كنت مدركها برضه أنت مش مدركها؟
عارف لما تفضل 5 شهور مش عارف تقول إيه عن الكتاب بعد ما خلصته لأنه مش مجرد عمل أدبي، بل هو انتصار الموت على الحياة في واحد من أقسى سيناريوهات الدنيا؟
December 24, 2022
من أكثر الكتب التي قرأتها في حياتي إيلامًا.
December 10, 2022
مجموع المقالات التي كتبها الدكتور محمد رحمه الله على مدار الشهور الماضية، مع تقديم رائع وسياق متعوبٌ فيه ليخرج الكتابُ تامًا. حتى على سرير مرضه، لا يفوته الإتقان. قرأت خبر الإعلان عن الكتاب وأنا عائد في القطار من أسوان، وضعت يدي على قلبي. قلت لنفسي، هذا خبر وفاته، وهو ما حدث.
رحم الله د محمد وألحقنا به على خير.
رحم الله د محمد وألحقنا به على خير.
December 11, 2022
(١) أغسطس 2015
أنت الآن روائى شاب فى سن الرابعة والثلاثين، تخبر صديقك الذى يصغرك بسبعة أعوام أنك بدأت تكتب روايتك الأولى وتسأله متى سيخطو هذه الخطوة ليمسك بيده كتابه الأول فيدعو لك بالتوفيق ويجيبك «لما أبقى فى سنك هعمل كده».
صديقك لم يبلغ سنك أبدا.
(٢) مارس 2017
عادة ما أراسل كتّابى المفضلين ممن أحب القراءة لهم وأطلب منهم كتابة رواية أو عمل أدبى؟ لماذا؟ لأنى أحب الكتابة الحلوة، ماذا تقول؟ لم أفعل هذا معك أبدا؟ ربما سأفعل وربما أنت لست من كتابى المفضلين.
محمد أبو الغيط أحد كتابى المفضلين.
حين طلبت من كاتبى المفضل أنى أحب أن أقرأ له كتابا أخبرنى أنه لا يحب تجميع المقالات فى كتب، والله الولد عنده حق، وافقته واقترحت كتابا يضم كتابته الإنسانية التى لها خط محدد والتى يمكن قراءتها فى أى وقت مقترحا أن يضيف إليها ويربطها فى خيط ناظم واحد، فكرة جميلة والله، عدانى العيب، ما النتيجة؟ لا توجد أى نتائج حضرتك الفكرة لم تعجب ابننا.
(٣) مارس 2022
أخيرا كاتبى المفضل وافق.
ابننا وافق لسمسم (أنا سمسم حضرتك، قد أبدو لك أكثر جدية من هذا لكننى سمسم عند أبو الغيط) على فكرة كتاب يجمع تجربته الإنسانية.
وافق، ثم تشجع، ثم تحمس، ثم انطلق يكتب فى كل لحظة يتمكن فيها من أن يراوغ فيها الألم.
فى البدء ناقشنا سويا فكرة إنتاج روايته الأولى وقد كانت تلح عليه فكرتان لروايتان وأحدهما كانت أكثر وضوحا، توصلنا لأن هذه الخطوة لن تكون مناسبة لأسباب بعضها فنى مرتبط بعناء التجربة الروائية الأولى وبعضها مرتبط بموضوع الرواية (لا لن أخبرك بموضوع الرواية وكونى سمسم لا يعنى أننى غبى).
وكأى مستشار نشر مجتهد جمعت لـ«أبو الغيط» كل ما كتبه مقترحا فصولا جديدا، مجهود مقدر والله، ولكن أبو الغيط هو من أعاد كتابة العمل ليتواءم مع أنه كتاب وأعاد نظمه بشكل يليق بكتاب.
هيا نبدأ العمل.
(٤)
«أكتب هنا عن رحلتى ضد مرض السرطان كمحاولة لتحدى الموت وقهر الزمن، ولو مؤقتا، وكما يقولون فى «قانون الجذب» فإن تخيل الصورة بتفاصيلها قد يحولها حقيقة، فأنا أكتب لأوثق تفاصيل معركتى المتحدية وأتخيل امتدادها، ليس سليما وصف كل مريض سرطان بأنه «مقاتل»، لكنى أنا شخصيا لا أشعر بالأمر داخليا إلا كذلك، أنا مقاتل فى معركة شرسة، أستخدم فيها كل أسلحتى البشرية، بما فيها قوة الخيال العاتية تلك، آملا أن تتحول إلى حقيقة، فأرانى الآن أقرأ ذلك الكتاب مع ابنى بعد نحو عشرين عاما، نتناقش فى تفصيلة هنا أو موقف هناك، ونضحك!»
محمد أبو الغيط ــ أنا قادم أيها الضوء.
(٥)
أبو الغيط أنجز الكتاب.
الكتاب يتضمن فقرات وأفكارا وفصولا لم يشاركها على مواقع التواصل لأنه رأى أن من اللائق نشرها فى وقت لاحق أو على نطاق أضيق (الكتاب ملموم فى الآخر وفقا لتعبيره).
كما أن هناك فصلا كتبه ولم ينشره لا فى الكتاب ولا عبر فيسبوك لأن الفكرة بدت لكلينا مع صوابها فى ذاتها لكنها قد يساء فهمها.
لطالما تبادلنا أدوار المحرر والكاتب، ابننا سبق أن ساعدنى فى تحرير روايتى الأولى كما عاد وساعدنى بأفكاره وملاحظاته فى تحرير روايتى الثانية «رسائل من الجنة»، وهو أصلا كان واحدا من محررى مقالاتى فى جريدة الشروق حين كان يعمل صحفيا بها.
حررت الكتاب كعين ثانية له وقدمت بعض الاقتراحات التى كنت أتصور أنها ربما تكون مفيدة فى تطوير النص فى طبعته الثانية.
«سأكتبها الآن».
قال ابننا، دقيقة واحدة يا دكتور بمحمد، دقيقة واحدة يا أستاذ محمد، لم تكن هذه خطتى، أريد الانتهاء لنراجع الماكيت ونتوكل على الله، ما زال أمامنا مراجعة لغوية وتنسيقا وجمعا وتصميم غلاف وطباعة، أريد أن ننشر ليمسك ابننا كتابه فى يده، لا تفسد الخطة يا أستاذ محمد أبو الغيط لو سمحت.
دار الشروق تحولت إلى خلية أولويتها «أنا قادم أيها الضوء»، أخبرته أن روايتى التى سلمتها للدار من أشهر ما زالت معلقة فى الدار لتتفرغ لإصدار كتابه أولا، يا ابنى خلصنا لو سمحت.
«سأكتب بقية الفصول الآن؟»
قال ابننا، كنت قد ناقشت معه تفاصيل تكريمه وكلمته وخططه حال التعرض لوعكة فى مصر خلال عودته لحضور منتدى مصر للإعلام، اقترحت إنهاء الكتاب ليمسك نسخته فى يده ونعمل حفل توقيع فى إحدى مكتبات الشروق فى نفس التوقيت.
خطتى كانت بسيطة، أن يرى ابننا كتابه، يا ابنى الخطة عظيمة، وحياة أمى الخطة عظيمة.
(٦)
«أكتب لأن الكتابة هى أثرى فى الحياة، هى أهراماتى الخاصة، فإلى متى ستبقى منتصبة بعدى؟
الكتابة هى محاولتى لمغالبة الزمن والموت بأن يبقى اسمى أطول من عدد سنوات حياتى التافهة مقارنة بعمر الكون الشاسع المقدر حاليا بـ ١٤ مليار سنة
أعرف أنى مهما عشت فإن حياتى، والعالم كله، كذرة غبار لا تُرى لا شاطئ ذلك الكون الفسيح لكن الكتابة قد تجعل ذرتى ألمع بين باقى الذرات على الأقل
هذه صيحتى: محمد أبو الغيط مر من هنا»
(٧)
أنت أيضا خطتك مثلى أن ترى صورة لمحمد أبو الغيط يمسك فى يده كتابه؟ ولكن ومن قال إن رأيى ورأيك مهم، هذه لم تكن خطة ابننا، فهل يبدو لك هذا السبب كافيا؟
ابننا يريد أن يكتب.
صدور الكتاب فى التو واللحظة ليمسكه فى يده لا يهمه، فالكتاب سيصدر سيصدر، لكنه وسيلته ليعبر، ليخبر عائلته خلال حفل التوقيع فى معرض الكتاب أن ابنهم ناجح ومحبوب وهم يرون التفاف قرائه حوله (نداء إلى الدكتور أبو الغيط على القاطن فى مدينة أسيوط ويعالج خلق الله بحب، ولدك ناجح ومتحقق ومؤثر ومحبوب كان هو الآخر يؤثر فى حياة خلق الله لكن بطريقته) وليخبر أصدقاءه فى مصر أنه يحبهم بينما يصافحهم بعدما يوقع لهم الكتاب (يا كل من عمل معهم فى جريدة الشروق ومنتدى روايات كان يريد أن يعيش ويصافحكم فردا فردا).
شكوت الباشمهندس إبراهيم المعلم (هل أخبرتكم من قبل أننى أحب إبراهيم المعلم، غالبا لا كى لا أتهم بالنفاق، حسنا أنا أحبه والآن لا أهتم بأفكارى المريضة سابقا) إن ابننا لا يعرف مصلحته الكتاب هكذا سيتأخر فى الطبع، أخبرنى بالحكمة البسيطة «سيبه على راحته»
إليك خطة ابننا..
ابننا نفذ ما اقتنع به من تعديلات بعدما ناقشناه وراجع ماكيت الكتاب، الجمعة 25 نوفمبر أرسل لى كلمته فى منتدى إعلام مصر، ويوم الأحد 27 نوفمبر أرسل آخر فصل من الكتاب (فصل لماذا أكتب الذى أستعين الآن بفقرات منه فى هذا المقال) ثم يوم الأربعاء 30 نوفمبر راجع الماكيت النهائى وأخبرنى أن أصابعه بات يجد صعوبة فى تحريكها ولتكون الحكاية أفضل وأكثر صراحة يبدو أنه آخر فصل فعلا، الحمد لله، أنا خلصت يا سمسم.
ابننا ودعنى برسالة شخصية، سأفتحها كثيرا كثيرا فيما بعد وابتسم، فى اليوم التالى أرسلت له صورة أول نسخة من الكتاب الذى، لم يرَ الرسالة.
قيل لى إنه فى غيبوبة.
(٨)
«رحت عشرات حفلات التوقيع للكبار ولأصحابنا وكنت دايما أفكر إمتى أبقى صاحب الفرح زيهم»
قال وهو يخبرنى عن حلم طفولته، حدثنى عن ارتباطه العاطفى بمعرض الكتاب.
وعدت ابننا بأن نحتفل سويا باحتساء العرقسوس وفى يدنا الكتاب فى حفل التوقيع بمعرض الكتاب كما فعل عادل إمام مع صلاح قابيل فى دموع فى عيون وقحة، مشهد العرقسوس وفى يدنا الكتاب هو لحظة انتصارنا على الخلايا المسرطنة والمخاوف والزمن.
«انتصارنا» تحول لمشاعر تتضخم بداخلى كل ليلة بالعجز والضالة لأنى لم أنفذ وعدى، لكن ابننا نفذ وعده لى بأنه لن يخذلنى أبدا، ووعده بأنه سيكتب.
عزيزى ابننا، أخبرتنى أن الحاجة الوحيدة التى تحبها هى الكتابة بينما الخراء كثير جدا، حسنا الآن أنت كتبت وأنا قرأت، استمتعنا بوقتنا، فعلنا ما نحبه، شكرا لابننا لأن خطتك كانت أفضل.
(٩)
«لماذا أكتب؟
بالنسبة لى الكتابة كأنها إفراز طبيعى، لا أملك له دفعا ولا تفسيرا
كما أن النحلة لا يمكنها بالطبيعة إلا أن تصنع عسلها، والنار لا يمكنها بالطبيعة إلا أن تكون ساخنة حارقة، النمور متوحشة، والأرانب أليفة، والماء بارد، فأنا أيضا لا يمكننى بالطبيعة إلا أن أكتب».
محمد أبو الغيط ــ أنا قادم أيها الضوء.
أنت الآن روائى شاب فى سن الرابعة والثلاثين، تخبر صديقك الذى يصغرك بسبعة أعوام أنك بدأت تكتب روايتك الأولى وتسأله متى سيخطو هذه الخطوة ليمسك بيده كتابه الأول فيدعو لك بالتوفيق ويجيبك «لما أبقى فى سنك هعمل كده».
صديقك لم يبلغ سنك أبدا.
(٢) مارس 2017
عادة ما أراسل كتّابى المفضلين ممن أحب القراءة لهم وأطلب منهم كتابة رواية أو عمل أدبى؟ لماذا؟ لأنى أحب الكتابة الحلوة، ماذا تقول؟ لم أفعل هذا معك أبدا؟ ربما سأفعل وربما أنت لست من كتابى المفضلين.
محمد أبو الغيط أحد كتابى المفضلين.
حين طلبت من كاتبى المفضل أنى أحب أن أقرأ له كتابا أخبرنى أنه لا يحب تجميع المقالات فى كتب، والله الولد عنده حق، وافقته واقترحت كتابا يضم كتابته الإنسانية التى لها خط محدد والتى يمكن قراءتها فى أى وقت مقترحا أن يضيف إليها ويربطها فى خيط ناظم واحد، فكرة جميلة والله، عدانى العيب، ما النتيجة؟ لا توجد أى نتائج حضرتك الفكرة لم تعجب ابننا.
(٣) مارس 2022
أخيرا كاتبى المفضل وافق.
ابننا وافق لسمسم (أنا سمسم حضرتك، قد أبدو لك أكثر جدية من هذا لكننى سمسم عند أبو الغيط) على فكرة كتاب يجمع تجربته الإنسانية.
وافق، ثم تشجع، ثم تحمس، ثم انطلق يكتب فى كل لحظة يتمكن فيها من أن يراوغ فيها الألم.
فى البدء ناقشنا سويا فكرة إنتاج روايته الأولى وقد كانت تلح عليه فكرتان لروايتان وأحدهما كانت أكثر وضوحا، توصلنا لأن هذه الخطوة لن تكون مناسبة لأسباب بعضها فنى مرتبط بعناء التجربة الروائية الأولى وبعضها مرتبط بموضوع الرواية (لا لن أخبرك بموضوع الرواية وكونى سمسم لا يعنى أننى غبى).
وكأى مستشار نشر مجتهد جمعت لـ«أبو الغيط» كل ما كتبه مقترحا فصولا جديدا، مجهود مقدر والله، ولكن أبو الغيط هو من أعاد كتابة العمل ليتواءم مع أنه كتاب وأعاد نظمه بشكل يليق بكتاب.
هيا نبدأ العمل.
(٤)
«أكتب هنا عن رحلتى ضد مرض السرطان كمحاولة لتحدى الموت وقهر الزمن، ولو مؤقتا، وكما يقولون فى «قانون الجذب» فإن تخيل الصورة بتفاصيلها قد يحولها حقيقة، فأنا أكتب لأوثق تفاصيل معركتى المتحدية وأتخيل امتدادها، ليس سليما وصف كل مريض سرطان بأنه «مقاتل»، لكنى أنا شخصيا لا أشعر بالأمر داخليا إلا كذلك، أنا مقاتل فى معركة شرسة، أستخدم فيها كل أسلحتى البشرية، بما فيها قوة الخيال العاتية تلك، آملا أن تتحول إلى حقيقة، فأرانى الآن أقرأ ذلك الكتاب مع ابنى بعد نحو عشرين عاما، نتناقش فى تفصيلة هنا أو موقف هناك، ونضحك!»
محمد أبو الغيط ــ أنا قادم أيها الضوء.
(٥)
أبو الغيط أنجز الكتاب.
الكتاب يتضمن فقرات وأفكارا وفصولا لم يشاركها على مواقع التواصل لأنه رأى أن من اللائق نشرها فى وقت لاحق أو على نطاق أضيق (الكتاب ملموم فى الآخر وفقا لتعبيره).
كما أن هناك فصلا كتبه ولم ينشره لا فى الكتاب ولا عبر فيسبوك لأن الفكرة بدت لكلينا مع صوابها فى ذاتها لكنها قد يساء فهمها.
لطالما تبادلنا أدوار المحرر والكاتب، ابننا سبق أن ساعدنى فى تحرير روايتى الأولى كما عاد وساعدنى بأفكاره وملاحظاته فى تحرير روايتى الثانية «رسائل من الجنة»، وهو أصلا كان واحدا من محررى مقالاتى فى جريدة الشروق حين كان يعمل صحفيا بها.
حررت الكتاب كعين ثانية له وقدمت بعض الاقتراحات التى كنت أتصور أنها ربما تكون مفيدة فى تطوير النص فى طبعته الثانية.
«سأكتبها الآن».
قال ابننا، دقيقة واحدة يا دكتور بمحمد، دقيقة واحدة يا أستاذ محمد، لم تكن هذه خطتى، أريد الانتهاء لنراجع الماكيت ونتوكل على الله، ما زال أمامنا مراجعة لغوية وتنسيقا وجمعا وتصميم غلاف وطباعة، أريد أن ننشر ليمسك ابننا كتابه فى يده، لا تفسد الخطة يا أستاذ محمد أبو الغيط لو سمحت.
دار الشروق تحولت إلى خلية أولويتها «أنا قادم أيها الضوء»، أخبرته أن روايتى التى سلمتها للدار من أشهر ما زالت معلقة فى الدار لتتفرغ لإصدار كتابه أولا، يا ابنى خلصنا لو سمحت.
«سأكتب بقية الفصول الآن؟»
قال ابننا، كنت قد ناقشت معه تفاصيل تكريمه وكلمته وخططه حال التعرض لوعكة فى مصر خلال عودته لحضور منتدى مصر للإعلام، اقترحت إنهاء الكتاب ليمسك نسخته فى يده ونعمل حفل توقيع فى إحدى مكتبات الشروق فى نفس التوقيت.
خطتى كانت بسيطة، أن يرى ابننا كتابه، يا ابنى الخطة عظيمة، وحياة أمى الخطة عظيمة.
(٦)
«أكتب لأن الكتابة هى أثرى فى الحياة، هى أهراماتى الخاصة، فإلى متى ستبقى منتصبة بعدى؟
الكتابة هى محاولتى لمغالبة الزمن والموت بأن يبقى اسمى أطول من عدد سنوات حياتى التافهة مقارنة بعمر الكون الشاسع المقدر حاليا بـ ١٤ مليار سنة
أعرف أنى مهما عشت فإن حياتى، والعالم كله، كذرة غبار لا تُرى لا شاطئ ذلك الكون الفسيح لكن الكتابة قد تجعل ذرتى ألمع بين باقى الذرات على الأقل
هذه صيحتى: محمد أبو الغيط مر من هنا»
(٧)
أنت أيضا خطتك مثلى أن ترى صورة لمحمد أبو الغيط يمسك فى يده كتابه؟ ولكن ومن قال إن رأيى ورأيك مهم، هذه لم تكن خطة ابننا، فهل يبدو لك هذا السبب كافيا؟
ابننا يريد أن يكتب.
صدور الكتاب فى التو واللحظة ليمسكه فى يده لا يهمه، فالكتاب سيصدر سيصدر، لكنه وسيلته ليعبر، ليخبر عائلته خلال حفل التوقيع فى معرض الكتاب أن ابنهم ناجح ومحبوب وهم يرون التفاف قرائه حوله (نداء إلى الدكتور أبو الغيط على القاطن فى مدينة أسيوط ويعالج خلق الله بحب، ولدك ناجح ومتحقق ومؤثر ومحبوب كان هو الآخر يؤثر فى حياة خلق الله لكن بطريقته) وليخبر أصدقاءه فى مصر أنه يحبهم بينما يصافحهم بعدما يوقع لهم الكتاب (يا كل من عمل معهم فى جريدة الشروق ومنتدى روايات كان يريد أن يعيش ويصافحكم فردا فردا).
شكوت الباشمهندس إبراهيم المعلم (هل أخبرتكم من قبل أننى أحب إبراهيم المعلم، غالبا لا كى لا أتهم بالنفاق، حسنا أنا أحبه والآن لا أهتم بأفكارى المريضة سابقا) إن ابننا لا يعرف مصلحته الكتاب هكذا سيتأخر فى الطبع، أخبرنى بالحكمة البسيطة «سيبه على راحته»
إليك خطة ابننا..
ابننا نفذ ما اقتنع به من تعديلات بعدما ناقشناه وراجع ماكيت الكتاب، الجمعة 25 نوفمبر أرسل لى كلمته فى منتدى إعلام مصر، ويوم الأحد 27 نوفمبر أرسل آخر فصل من الكتاب (فصل لماذا أكتب الذى أستعين الآن بفقرات منه فى هذا المقال) ثم يوم الأربعاء 30 نوفمبر راجع الماكيت النهائى وأخبرنى أن أصابعه بات يجد صعوبة فى تحريكها ولتكون الحكاية أفضل وأكثر صراحة يبدو أنه آخر فصل فعلا، الحمد لله، أنا خلصت يا سمسم.
ابننا ودعنى برسالة شخصية، سأفتحها كثيرا كثيرا فيما بعد وابتسم، فى اليوم التالى أرسلت له صورة أول نسخة من الكتاب الذى، لم يرَ الرسالة.
قيل لى إنه فى غيبوبة.
(٨)
«رحت عشرات حفلات التوقيع للكبار ولأصحابنا وكنت دايما أفكر إمتى أبقى صاحب الفرح زيهم»
قال وهو يخبرنى عن حلم طفولته، حدثنى عن ارتباطه العاطفى بمعرض الكتاب.
وعدت ابننا بأن نحتفل سويا باحتساء العرقسوس وفى يدنا الكتاب فى حفل التوقيع بمعرض الكتاب كما فعل عادل إمام مع صلاح قابيل فى دموع فى عيون وقحة، مشهد العرقسوس وفى يدنا الكتاب هو لحظة انتصارنا على الخلايا المسرطنة والمخاوف والزمن.
«انتصارنا» تحول لمشاعر تتضخم بداخلى كل ليلة بالعجز والضالة لأنى لم أنفذ وعدى، لكن ابننا نفذ وعده لى بأنه لن يخذلنى أبدا، ووعده بأنه سيكتب.
عزيزى ابننا، أخبرتنى أن الحاجة الوحيدة التى تحبها هى الكتابة بينما الخراء كثير جدا، حسنا الآن أنت كتبت وأنا قرأت، استمتعنا بوقتنا، فعلنا ما نحبه، شكرا لابننا لأن خطتك كانت أفضل.
(٩)
«لماذا أكتب؟
بالنسبة لى الكتابة كأنها إفراز طبيعى، لا أملك له دفعا ولا تفسيرا
كما أن النحلة لا يمكنها بالطبيعة إلا أن تصنع عسلها، والنار لا يمكنها بالطبيعة إلا أن تكون ساخنة حارقة، النمور متوحشة، والأرانب أليفة، والماء بارد، فأنا أيضا لا يمكننى بالطبيعة إلا أن أكتب».
محمد أبو الغيط ــ أنا قادم أيها الضوء.
July 5, 2025
لا أدري ما أقول
عاجزة عن الكتابة
أهذا كتابٌ يحق لي مراجعته؟ هل يراجع الألم والمرض؟ هل يراجع الحب أو تراجع الإنسانية؟ أنا لا أدري لذلك أنا عاجزة.
وصلت لمنتصف پاولا لـ إيزابيل الليندي ودون أي مقدمات أو أسباب وجدتني أفتح هذا الكتاب، ألتهمه وللمفارقة فإن الكاتب استشهد بپاولا العديد من المرات.
هذا الكتاب أنقذني، أنا أتألم من داخلي ورغم ذلك فإن دموعي تأبى النزول، لو أنها تنزل لارتحت، هذا الكتاب أبكاني، أبكاني أمام كتب دراستي، على سريري، في المواصلات العامة وفي قاعة الدرس، بكيت، مرات بكيتُ لأجلي ومرات بكيت لأجله، مرات مست تعبيراته ومشاعره قلبي ومرة أومضت بداخلي ومضات نبهتني لأشياء ما كنت لأدركها ولو أدركتها كنت سأدركها متأخرًا، بطريقةٍ ما لقد نقل لي جزءً كبيرًا من خبرته، إن نسيها عقلي فإنها في قلبي باقية.
بصراحة أنا مستغربة من قتاله ضد المرض، أنا التي عرفت العديد من أقاربي أصابهم ذات اللعين وكل مرة أتساءل لِمَ لا يموتون في سلام؟ أتستحق الحياة كل هذا العناء؟ فكرتُ أنه لو -لا قدر الله- أصبتُ بهذا الابتلاء فإني سأحاول عيش ما تبقى من حياتي بشكل جيد دون الخضوع للعلاج الكيميائي، شاركت خاطري مع أسرتي مرةً ونحن نرثي آخر موتانا من السرطان، نظروا إليّ نظرةً حارقةً أبدًا لن أنساها.
ما يجعل هذا الكتاب مميزًا بالنسبة لي هو أني كنت موجودة وقت كتابته، ليس قبل ٢٠ أو ٤٠ عامًا، ليس قبل أن يتزوج والداي، بل حتى أني أتذكر العديد من التواريخ المدونة بالكتاب وأتذكر كيف مرت عليّ، قرأت من الكتب التي أشار إليها وأفهم ما يقول أو على الأقل بعضه، فجوة العمر بيننا ليست مئة عام إنما ١٣ أو ١٤ فقط، كل هذا يجعلني أقرب للكاتب والكتاب وأندم لأني لم أعرفه مسبقًا.
بما أني أقرأ أشياء مشابهة هذه الفترة، ولا أدري ما الذي قذف كتابات المرض في حياتي هكذا فإني أتساءل، هل هذا أدب المرض أم أدب المشافي؟ أم أنه نوع جديد قاس من الأدب والألم سميته أنا؟
دومًا ظننتُ أني مبتلاة بالمرض، صداع نصفي حاد وضعف نظر وحساسية صدر وجيوب أنفية وقولون عصبي وبعض الأشياء المتفرقة الأخرى، الآن أدرك أني في نعمة لم أوف حقها من الحمد أبدًا، فالحمد لله قدر كلِ ما خلق.
الغلاف الرائع وسط الخضرة التي يحبها، إنها نقطة أخرى لا أدري كيف أصفها سوى أنها جعلتني أفكر وأفكر.
أخذت عشرات الاقتباسات، ولن أتنازل أبدًا عن نشرها بقناتي ذات المشتركين القليلين، يجب أن أحفظها، بعيدةً عن عيني قريبةً من قلبي، لأعود إليها إن نسيت.
رسالتي إليك أستاذ محمد
لم يمر الضوء فقط إليّ عبر كلماتك، دفقات متتالية منه اخترقت حياتي، كتابتك لهذا الكتاب في أصعب لحظاتك أثرت في نفس شقية مثل نفسي، يومًا ما إن اجتمعنا بالجنة سأشكرك بصدق.
٦ سبتمبر
٢٠٢٣
***
اللهم ارحمه وارزقه الفردوس الأعلى واجعله من المقربين منك وإليك يا الله وارحمه وارحم موتانا وموتى المسلمين🤍
عاجزة عن الكتابة
أهذا كتابٌ يحق لي مراجعته؟ هل يراجع الألم والمرض؟ هل يراجع الحب أو تراجع الإنسانية؟ أنا لا أدري لذلك أنا عاجزة.
وصلت لمنتصف پاولا لـ إيزابيل الليندي ودون أي مقدمات أو أسباب وجدتني أفتح هذا الكتاب، ألتهمه وللمفارقة فإن الكاتب استشهد بپاولا العديد من المرات.
هذا الكتاب أنقذني، أنا أتألم من داخلي ورغم ذلك فإن دموعي تأبى النزول، لو أنها تنزل لارتحت، هذا الكتاب أبكاني، أبكاني أمام كتب دراستي، على سريري، في المواصلات العامة وفي قاعة الدرس، بكيت، مرات بكيتُ لأجلي ومرات بكيت لأجله، مرات مست تعبيراته ومشاعره قلبي ومرة أومضت بداخلي ومضات نبهتني لأشياء ما كنت لأدركها ولو أدركتها كنت سأدركها متأخرًا، بطريقةٍ ما لقد نقل لي جزءً كبيرًا من خبرته، إن نسيها عقلي فإنها في قلبي باقية.
بصراحة أنا مستغربة من قتاله ضد المرض، أنا التي عرفت العديد من أقاربي أصابهم ذات اللعين وكل مرة أتساءل لِمَ لا يموتون في سلام؟ أتستحق الحياة كل هذا العناء؟ فكرتُ أنه لو -لا قدر الله- أصبتُ بهذا الابتلاء فإني سأحاول عيش ما تبقى من حياتي بشكل جيد دون الخضوع للعلاج الكيميائي، شاركت خاطري مع أسرتي مرةً ونحن نرثي آخر موتانا من السرطان، نظروا إليّ نظرةً حارقةً أبدًا لن أنساها.
ما يجعل هذا الكتاب مميزًا بالنسبة لي هو أني كنت موجودة وقت كتابته، ليس قبل ٢٠ أو ٤٠ عامًا، ليس قبل أن يتزوج والداي، بل حتى أني أتذكر العديد من التواريخ المدونة بالكتاب وأتذكر كيف مرت عليّ، قرأت من الكتب التي أشار إليها وأفهم ما يقول أو على الأقل بعضه، فجوة العمر بيننا ليست مئة عام إنما ١٣ أو ١٤ فقط، كل هذا يجعلني أقرب للكاتب والكتاب وأندم لأني لم أعرفه مسبقًا.
بما أني أقرأ أشياء مشابهة هذه الفترة، ولا أدري ما الذي قذف كتابات المرض في حياتي هكذا فإني أتساءل، هل هذا أدب المرض أم أدب المشافي؟ أم أنه نوع جديد قاس من الأدب والألم سميته أنا؟
دومًا ظننتُ أني مبتلاة بالمرض، صداع نصفي حاد وضعف نظر وحساسية صدر وجيوب أنفية وقولون عصبي وبعض الأشياء المتفرقة الأخرى، الآن أدرك أني في نعمة لم أوف حقها من الحمد أبدًا، فالحمد لله قدر كلِ ما خلق.
الغلاف الرائع وسط الخضرة التي يحبها، إنها نقطة أخرى لا أدري كيف أصفها سوى أنها جعلتني أفكر وأفكر.
أخذت عشرات الاقتباسات، ولن أتنازل أبدًا عن نشرها بقناتي ذات المشتركين القليلين، يجب أن أحفظها، بعيدةً عن عيني قريبةً من قلبي، لأعود إليها إن نسيت.
رسالتي إليك أستاذ محمد
لم يمر الضوء فقط إليّ عبر كلماتك، دفقات متتالية منه اخترقت حياتي، كتابتك لهذا الكتاب في أصعب لحظاتك أثرت في نفس شقية مثل نفسي، يومًا ما إن اجتمعنا بالجنة سأشكرك بصدق.
٦ سبتمبر
٢٠٢٣
***
اللهم ارحمه وارزقه الفردوس الأعلى واجعله من المقربين منك وإليك يا الله وارحمه وارحم موتانا وموتى المسلمين🤍
Read
July 23, 2024< >من الصعب تجاوز هذه السيرة وهذا الإنسان..
عاجزة عن التعبير والكلام لكن محمد أبو الغيط من أجمل من قرأت عنهم ولهم، ولم أتخيل أن أقرأ كتاب أغلب محتواه عن رحلة المرض والعلاج، وتفاصيل دقيقة للأدوية والتجارب العلاجية، وكل تلك الأعراض والآلام التي عاناها، ومع ذلك أكملت القراءة، وأحببت أن يستمر أكثر في الحديث عن نباتاته وأحبائه، وأي شيء يرغب في الكتابة عنه..
عندما تحدث عن ابنه وزوجته وأمه وأبيه أحببت تلك العائلة أحببت كيف كتب عن إسراء وعن أبيه بالتحديد.
رحمه الله وجعل صبره وإيمانه، ورقته، وكلمة الحق التي أخذ جانبها، شفيعاً له آمين.
Fri , 2 Jun ,2023 📚 ♥️
عاجزة عن التعبير والكلام لكن محمد أبو الغيط من أجمل من قرأت عنهم ولهم، ولم أتخيل أن أقرأ كتاب أغلب محتواه عن رحلة المرض والعلاج، وتفاصيل دقيقة للأدوية والتجارب العلاجية، وكل تلك الأعراض والآلام التي عاناها، ومع ذلك أكملت القراءة، وأحببت أن يستمر أكثر في الحديث عن نباتاته وأحبائه، وأي شيء يرغب في الكتابة عنه..
عندما تحدث عن ابنه وزوجته وأمه وأبيه أحببت تلك العائلة أحببت كيف كتب عن إسراء وعن أبيه بالتحديد.
رحمه الله وجعل صبره وإيمانه، ورقته، وكلمة الحق التي أخذ جانبها، شفيعاً له آمين.
Fri , 2 Jun ,2023 📚 ♥️
September 1, 2025
الله يرحمه ويغفرله يارب 🤲🏻
مع إني عارفه النهاية ، كنت كل ما بنجز شويه في الكتاب ، كان عندي أمل أن كل الالام دي تطلع مجرد رواية في الاخر مش وقائع حقيقية ..
اللهم اشفي كل مريض وهون عليهم اوجاعهم ..
❞ من سوء حظي أني نجوت مرارا من الموت حبًّا، ومن حسن حظي أني ما زلت حيًّا لأدخل في التجربة ❝
❞ أكره الأمل الكاذب، هو أقسى من اليأس. أشعر بغيظ شديد ممن ينشرون الآمال الكاذبة حتى لو بحسن نية، أما من يفعلونها عمدا فهم عندي كالمجرمين❝
❞ بين ليلة وضحاها تغيرت تجاربي كلها ❝
❞ كنت أريد أن أقول لعقلي الباطن: لا حاجة لما تفعله، هذه المرة أنا أعرف يا أحمق! ❝
❞ تذكرت عذاب سيزيف في الأساطير الإغريقية. يحمل الصخرة بمشقة بالغة إلى قمة الجبل، ثم تتدحرج فيعود لتكرار العملية للأبد. لقد عاقبته الآلهة بعقاب رهيب: العبث. ❝
❞ في تجربتي الشخصية وجدت أن الكتابة فعل خارق الصعوبة كما هو خارق الإمتاع والمساعدة أيضًا؛ لأن تكثيف مشاعري هي عملية قاسية ومدمرة للأعصاب في أثناء حدوثها، تجعلني بعد كل مرَّة منهكًا للغاية، ❝
❞ قد تهبط الكارثة فجأة علينا. وقد نحملها داخلنا منذ الميلاد دون أن نعرف. لا حيلة لنا في ذلك. كما لا حيلة لنا أمام كثير من المآسي؛ الفراق، والضعف، والموت. لا حيلة لنا بمشاعرنا. لكن لنا حيلة بأفعالنا، أو على الأقل في السعي لذلك، دون ضمان النجاح. ❝
❞ أنظر إلى سفينتي تغرق .. تهبط ببطء لكن باستمرار، ولا شيء يسد الثقوب المتزايدة ، أحيانا أستسلم تماما للغرق، وأحيانًا، فجأة، أجد يدي
تعزف ❝..
❞ الحب عدو الألم.
أحيانا أذهب وحيدًا لجلسات العلاج وأحيانا ترافقني إسراء. في كل مرة تمسك بيدي بينما أتلقى الطعنة في الجانب الأيمن من صدري، أشعر بأن الألم أقل. الألم يقل حقيقة لا مجازًا والله! ❝
❞ والرحمة عدوة الألم.
ولم أرَ وسيلة أفضل لتوليد الرحمة من أن يحاول كل منا فهم آلام الآخر، أن يضع نفسه مكانه. ❝
❞ لكن الخير يعود خيرًا، حتى لو ألقيته في البحر، بل بالذات لو ألقيته في البحر دون حساب. ❝
مع إني عارفه النهاية ، كنت كل ما بنجز شويه في الكتاب ، كان عندي أمل أن كل الالام دي تطلع مجرد رواية في الاخر مش وقائع حقيقية ..
اللهم اشفي كل مريض وهون عليهم اوجاعهم ..
❞ من سوء حظي أني نجوت مرارا من الموت حبًّا، ومن حسن حظي أني ما زلت حيًّا لأدخل في التجربة ❝
❞ أكره الأمل الكاذب، هو أقسى من اليأس. أشعر بغيظ شديد ممن ينشرون الآمال الكاذبة حتى لو بحسن نية، أما من يفعلونها عمدا فهم عندي كالمجرمين❝
❞ بين ليلة وضحاها تغيرت تجاربي كلها ❝
❞ كنت أريد أن أقول لعقلي الباطن: لا حاجة لما تفعله، هذه المرة أنا أعرف يا أحمق! ❝
❞ تذكرت عذاب سيزيف في الأساطير الإغريقية. يحمل الصخرة بمشقة بالغة إلى قمة الجبل، ثم تتدحرج فيعود لتكرار العملية للأبد. لقد عاقبته الآلهة بعقاب رهيب: العبث. ❝
❞ في تجربتي الشخصية وجدت أن الكتابة فعل خارق الصعوبة كما هو خارق الإمتاع والمساعدة أيضًا؛ لأن تكثيف مشاعري هي عملية قاسية ومدمرة للأعصاب في أثناء حدوثها، تجعلني بعد كل مرَّة منهكًا للغاية، ❝
❞ قد تهبط الكارثة فجأة علينا. وقد نحملها داخلنا منذ الميلاد دون أن نعرف. لا حيلة لنا في ذلك. كما لا حيلة لنا أمام كثير من المآسي؛ الفراق، والضعف، والموت. لا حيلة لنا بمشاعرنا. لكن لنا حيلة بأفعالنا، أو على الأقل في السعي لذلك، دون ضمان النجاح. ❝
❞ أنظر إلى سفينتي تغرق .. تهبط ببطء لكن باستمرار، ولا شيء يسد الثقوب المتزايدة ، أحيانا أستسلم تماما للغرق، وأحيانًا، فجأة، أجد يدي
تعزف ❝..
❞ الحب عدو الألم.
أحيانا أذهب وحيدًا لجلسات العلاج وأحيانا ترافقني إسراء. في كل مرة تمسك بيدي بينما أتلقى الطعنة في الجانب الأيمن من صدري، أشعر بأن الألم أقل. الألم يقل حقيقة لا مجازًا والله! ❝
❞ والرحمة عدوة الألم.
ولم أرَ وسيلة أفضل لتوليد الرحمة من أن يحاول كل منا فهم آلام الآخر، أن يضع نفسه مكانه. ❝
❞ لكن الخير يعود خيرًا، حتى لو ألقيته في البحر، بل بالذات لو ألقيته في البحر دون حساب. ❝
This entire review has been hidden because of spoilers.
November 21, 2023
كتاب حزييين وجميل ف نفس الوقت
من احلى الكتب اللي قرأتها السنة دي واحزنها اكيد
خلصته ف وقت صغير اوي وكنت بجري الصفحات يمكن ألحق محمد ويبقى كويس مش عارفه ليه جالي الاحساس ده مع اني عارفه أنه سبنا خلاص
الله يرحمك ويصبر عائلتك ع فراقك 🙏
من احلى الكتب اللي قرأتها السنة دي واحزنها اكيد
خلصته ف وقت صغير اوي وكنت بجري الصفحات يمكن ألحق محمد ويبقى كويس مش عارفه ليه جالي الاحساس ده مع اني عارفه أنه سبنا خلاص
الله يرحمك ويصبر عائلتك ع فراقك 🙏
February 12, 2024
ألف رحمة ونور يا محمد.
December 9, 2022
رحمة الله عليه
December 19, 2022
لا توجد كلمات تصف شعور من يقرأ هذا الكتاب
كتابة مرهفة وصادقة
ربنا يرحمه ويجعل مثواه الجنة
—
❞ قد تهبط الكارثة فجأة علينا. وقد نحملها داخلنا منذ الميلاد دون أن نعرف. لا حيلة لنا في ذلك. كما لا حيلة لنا أمام كثير من المآسي؛ الفراق، والضعف، والموت. لا حيلة لنا بمشاعرنا. لكن لنا حيلة بأفعالنا، أو على الأقل في السعي لذلك، دون ضمان النجاح. فلا إنسان كامل أبدا، وكلنا، كلنا بلا استثناء، قد نمر بأوقات من النقص والخوف والأنانية والطمع وغيرها من الأخطاء والخطايا، لكن الفارق هو بين من يترك نفسه لتلك الأهواء، وبين من يعيها ويواصل الصراع معها بنسب نجاح وفشل متفاوتة، يغالبها، و«يسدد ويقارب»، قدر الإمكان. ❝
كتابة مرهفة وصادقة
ربنا يرحمه ويجعل مثواه الجنة
—
❞ قد تهبط الكارثة فجأة علينا. وقد نحملها داخلنا منذ الميلاد دون أن نعرف. لا حيلة لنا في ذلك. كما لا حيلة لنا أمام كثير من المآسي؛ الفراق، والضعف، والموت. لا حيلة لنا بمشاعرنا. لكن لنا حيلة بأفعالنا، أو على الأقل في السعي لذلك، دون ضمان النجاح. فلا إنسان كامل أبدا، وكلنا، كلنا بلا استثناء، قد نمر بأوقات من النقص والخوف والأنانية والطمع وغيرها من الأخطاء والخطايا، لكن الفارق هو بين من يترك نفسه لتلك الأهواء، وبين من يعيها ويواصل الصراع معها بنسب نجاح وفشل متفاوتة، يغالبها، و«يسدد ويقارب»، قدر الإمكان. ❝
Read
June 6, 2023أكتب ايه؟
مفيش حاجة تتكتب، ولا شايفة إنه ينفع حتى يتقيم
كتاب شديد الصدق، شديد الألم..
عمري ما هنسى أثره عليا أبدًا
رحمة ونور يا دكتور محمد..
في الجنة ونعيمها يا رب
مفيش حاجة تتكتب، ولا شايفة إنه ينفع حتى يتقيم
كتاب شديد الصدق، شديد الألم..
عمري ما هنسى أثره عليا أبدًا
رحمة ونور يا دكتور محمد..
في الجنة ونعيمها يا رب
February 13, 2023
في فيلم Me Before You اختار ويل انه ينهي حياته بنفسه لأنه لم يستطع الحياة بدون حياة ـو الحياة مع الشلل والمرض
قد يكون اختيار الموت الرحيم اذا كان متاحا لنا ك مسلمين في بلادنا كان قد اختاره الكثيرون من اصحاب المرض الذين لم يصمدوا امام آلام المرض
السرطان
كلمة سرطان كلمة مرادفها عندنا هو الألم والموت
هذا اذا علمنا ان شخص نعرفه قد اصيب به فما بالك ان يصيب به شخص قريب أو نصيب به نحن ؟!
دائما ما تسائلت " ماذا لو عرف الإنسان وقت موته ماذا سيفعل؟!"
هل سيتعبد لله ولن يفعل اي شيء سوي الحسنات ؟
هنا الأمر مختلف فلقد علم محمد ابو الغيط انه ينحدر نحو هاوية الموت ولكن هل هذا كل شيء ؟
انها هاوية مليئة بالآلام وليست كأية آلام
منذ سنوات أصيب طالب في مدرستي بالصف الثاني الإعدادي بالمرض اللعين وكنت مصدومة حدا وقمت بزيارته مرات عديدة الي ان تم شفاؤه
كانت فترة عصيبة جدا خصوصا انني كنت مدرسة قريبة للطلاب وشديدة التعلق بهم
ثم
منذ أربع سنوات أصيب والدي بسرطان القولون
كلمة ما يحدث للأخرين أصبح الأخرين هو أنا
كل ما حكاه دكتور محمد ابو الغيط عايشته وتألمته مع أبي ولن يفهم هذا الشعور سوي من عاشه
أشفقت علي اسراء جدا فالذي يرافق المريض هو مريض أيضا
كتاب مرهق ذهنيا ونغسيا
اخد مني وقتد كبير
وكتيرا جدا ما قلت لنفسي بلا هذا العذاب لماذا أعذب نفسي بقراءة أشياء أنا عشتها بالفعل !
هل كنت أعذب نفسي بالقراء أم أن قراءة هذا العمل كانت شفاء ؟ّ!
قرأت كثيرا روايات عن المرض لكنها رواية بها جزء من الحقيقة وليست كاها حقيقة مثل هذا الكتاب
كنت اقرأ لأعالج مفسي من تبيعات ما عايشته ولكني كنت أشعر بكل ما عاناه هذا الشاب الذي نحتسبه في جنان االخلد
رحمك الله يا محمد ابو الغيط ولروحك السلام والطمأنينة
ول اسراء ويحيي واسرتك وأهلك كل الدعوات القلبية بالصبر والسلوان
قد يكون اختيار الموت الرحيم اذا كان متاحا لنا ك مسلمين في بلادنا كان قد اختاره الكثيرون من اصحاب المرض الذين لم يصمدوا امام آلام المرض
السرطان
كلمة سرطان كلمة مرادفها عندنا هو الألم والموت
هذا اذا علمنا ان شخص نعرفه قد اصيب به فما بالك ان يصيب به شخص قريب أو نصيب به نحن ؟!
دائما ما تسائلت " ماذا لو عرف الإنسان وقت موته ماذا سيفعل؟!"
هل سيتعبد لله ولن يفعل اي شيء سوي الحسنات ؟
هنا الأمر مختلف فلقد علم محمد ابو الغيط انه ينحدر نحو هاوية الموت ولكن هل هذا كل شيء ؟
انها هاوية مليئة بالآلام وليست كأية آلام
منذ سنوات أصيب طالب في مدرستي بالصف الثاني الإعدادي بالمرض اللعين وكنت مصدومة حدا وقمت بزيارته مرات عديدة الي ان تم شفاؤه
كانت فترة عصيبة جدا خصوصا انني كنت مدرسة قريبة للطلاب وشديدة التعلق بهم
ثم
منذ أربع سنوات أصيب والدي بسرطان القولون
كلمة ما يحدث للأخرين أصبح الأخرين هو أنا
كل ما حكاه دكتور محمد ابو الغيط عايشته وتألمته مع أبي ولن يفهم هذا الشعور سوي من عاشه
أشفقت علي اسراء جدا فالذي يرافق المريض هو مريض أيضا
كتاب مرهق ذهنيا ونغسيا
اخد مني وقتد كبير
وكتيرا جدا ما قلت لنفسي بلا هذا العذاب لماذا أعذب نفسي بقراءة أشياء أنا عشتها بالفعل !
هل كنت أعذب نفسي بالقراء أم أن قراءة هذا العمل كانت شفاء ؟ّ!
قرأت كثيرا روايات عن المرض لكنها رواية بها جزء من الحقيقة وليست كاها حقيقة مثل هذا الكتاب
كنت اقرأ لأعالج مفسي من تبيعات ما عايشته ولكني كنت أشعر بكل ما عاناه هذا الشاب الذي نحتسبه في جنان االخلد
رحمك الله يا محمد ابو الغيط ولروحك السلام والطمأنينة
ول اسراء ويحيي واسرتك وأهلك كل الدعوات القلبية بالصبر والسلوان
December 14, 2022
من أفضل الكتب اللي قرأتها مؤخراً
بيتكلم محمد أبو الغيط، عن تجربته مع مرض السرطان وازاي كان بيحارب وبيقاوم المرض لحد آخر نفس.
الكتاب عبارة عن نصوص كتبها محمد أبو الغيط خلال فترة مرضه على فيسبوك وكمان في نصوص كتبها خصيصاً للكتاب ده بيتكلم فيها عن حاجات مختلفة لقاها خلال مرضه. ردود أفعال اللي حواليه، هو نفسه ازاي كان بيتعامل مع المرض، وازاي كانت معنوياته عالية في الأول انه هيقاوم المرض وبعدين الأمور ازاي اتحركت من سيء لأسوأ مع كل مرحلة للعلاج والعلاجات التجريبية.
بيوصف ألمه ومشاعره مع اللي حواليه.. حبيت آخر فصلين تحديداً في الكتاب اللي كان بيتكلم فيهم عن زوجته إسراء والرسالة الأخيرة لابنه يحيى.
كتاب كان حزين وصادق لأقصى درجة.
بيتكلم محمد أبو الغيط، عن تجربته مع مرض السرطان وازاي كان بيحارب وبيقاوم المرض لحد آخر نفس.
الكتاب عبارة عن نصوص كتبها محمد أبو الغيط خلال فترة مرضه على فيسبوك وكمان في نصوص كتبها خصيصاً للكتاب ده بيتكلم فيها عن حاجات مختلفة لقاها خلال مرضه. ردود أفعال اللي حواليه، هو نفسه ازاي كان بيتعامل مع المرض، وازاي كانت معنوياته عالية في الأول انه هيقاوم المرض وبعدين الأمور ازاي اتحركت من سيء لأسوأ مع كل مرحلة للعلاج والعلاجات التجريبية.
بيوصف ألمه ومشاعره مع اللي حواليه.. حبيت آخر فصلين تحديداً في الكتاب اللي كان بيتكلم فيهم عن زوجته إسراء والرسالة الأخيرة لابنه يحيى.
كتاب كان حزين وصادق لأقصى درجة.
March 31, 2023
تعلمت أن الكرامة فوق الأموال، لكن الكرامة لا تعني الانتحار. الخوف ليس عيبا، واتقاء الأذى لحماية النفس ومن نحب هو واجب لا جُبن، لذلك يمكن أن نسكت عن قول الحق تبعا لموازين القوى، لكن أبدًا لا ننصر الباطل.
February 6, 2023
❞ أذكر جيدًا كيف أني أنهيت القراءة ثم بقيت جامدًا مكاني من هول الصدمة، قلبي يخفق بسرعة، وأتنفس بصعوبة. ❝
November 3, 2023
هذا الكتاب قرأته على أكثر من مرة، وأعود إليه كلما تذكرته، رغم ما فيه من ألم فهو كتاب مهم وجميل، كنت أبتعد عن الكتابة عنه، ولكنه حفزني في المقابل لكتابة موضوع كامل عن كتابة الألم عند عدد منالكتاب والروائيين، وكتبت عنه
ربما لم يُعرف للصحفي المصري محمد أبو الغيط الذي فارق الحياة شابا بعد صراع طويل مع المرض إلا كتابه الأخير "أنا قادم أيها الضوء"،ولكنه كان كافيا
ليعبّر عن تأملاته ومسيرة حياته في فترة من أصعب فترات التي مر بها هو ومصر على السواء. يضمّ الكتاب الذي جمعه أصدقاؤه من مقالات وتدوينات كتبها على صفحته الشخصية على "فيسبوك" وتابعها الكثيرون أثناء فترة مرضه، ستة عشر مقالا يتناول في كل مقالٍ منها موضوعا مؤرقا أثناء فترة علاجه، يتسلل بين تلك الموضوعات آثار مقاومته للمرض رابطا بينها وبين أطراف من سيرته وحياته منذ ولادته ونشأته في قريته صعيد مصر، وحتى سفره إلى لندن للعمل ثم للعلاج، يقول:
"عجيبة هي الأقدار وألاعيبها، كأنما طُويت حياتي وكُثفت، فمنحتني بسرعة كثيرا من السعادة والتوفيق، كما انهارت على رأسي بنفس السرعة. كنت مرارا أصغر صحفي في صحف وقنوات عملت بها، كما أنني الآن أصغر مقيم في جناح الرعاية الخاصة بمرضى السرطان في ذلك المستشفى البريطاني.عبر ذلك المسار كله، تغيرت داخليّا وخارجيّاُ، حتى إني أُدهشُ اليوم من شكلي في المرآة. تبدلت الكثير من قناعاتي، كما تغيرت من حولي الوجوه والعوالم، لكن ما لم يتغير قط هو بحثي عن ذلك الضوء الذي يشع من الأرواح الطيبة؛ ضوء التعاطف مع الإنسان من حيث كونه إنسانا قبل أي شيء آخر".
يتناول أبو الغيط في كتابه فكرة الألم وتعبير الناس عنها وتعاملهم معها، ولعل هذا المقال من أجمل وأهم مقالات الكتاب، إذ أنه يقود القارئ من الألم الخاص الذي شعر به المريض، إلى الآلام التي نشعر بها جميعا سواء في مصر أو في بلدٍ عربي، من ممارسات الظلم والقمع التي نمارسها على أنفسنا ونتواطأ عليها، يتحدث في "سؤال الألم" عن خوفه منذ الطفولة من الشعور بالألم، من الألم الجسدي إلى الآلام النفسية، فيتذكر أول تجربة له في أيام الطفولة مع الضرب في المدرسة الابتدائية وكيف واجهت أسرته هذا التصرّف بقوّة، وأن ذلك من حسن حظه لأن المصريين وكثيرا من العرب يتعاملون مع الأطفال كملكية خاصة ولا يجدون غضاضة في ذلك التعامل العنيف، ثم ينتقل من هذه الحكاية إلى حكاية أعقد وأدلّ وهي في التعامل رجال الشرطة مع رجل قبض عليه وعُذّب حتى الموت، وكيف واجه ذلك التصرف غير الإنساني وظل يتابع تلك القضية حتى حكم على الجناة بالسجن 5 سنوات بعدها بسنوات، يتذكر تلك الحوادث ويقارن بين هذه الحكايات والآم فيما هو يعاني أشد أنواع الألم من انتشار السرطان في جسده، ويتساءل لماذا يحدث هذا الألم؟ ويقوده ذلك إلى سؤال أكبر عن الكوارث الطبيعية جماعية وفردية، ومع كل شعور متزايد بالألم وقسوته يرى أن هذا الألم كله ليس شعورا نبيلا ولا يستحق أبدا تلك المكانة التي له في الأشعار والأغاني، وأنه إذا لم يكن بأيدينا وقف الكوارث الطبيعية فإنه علينا أن نوقف تلك الكوارث البشرية التي تحدث حولنا. ويتفق مع سي إس لويس صاحب كتاب "معضلة الألم" في أن "الهدف الأسمى هو تعليم الناس الثبات والصبر.. القليل من الشجاعة يساعد أكثر من المعرفة، والقليل من التعاطف الإنساني أفضل من الشجاعة، وأقل لمسة من محبة الله تفيد أكثر من ذلك كله".
.
بقية المقال
https://www.majalla.com/node/301456
ربما لم يُعرف للصحفي المصري محمد أبو الغيط الذي فارق الحياة شابا بعد صراع طويل مع المرض إلا كتابه الأخير "أنا قادم أيها الضوء"،ولكنه كان كافيا
ليعبّر عن تأملاته ومسيرة حياته في فترة من أصعب فترات التي مر بها هو ومصر على السواء. يضمّ الكتاب الذي جمعه أصدقاؤه من مقالات وتدوينات كتبها على صفحته الشخصية على "فيسبوك" وتابعها الكثيرون أثناء فترة مرضه، ستة عشر مقالا يتناول في كل مقالٍ منها موضوعا مؤرقا أثناء فترة علاجه، يتسلل بين تلك الموضوعات آثار مقاومته للمرض رابطا بينها وبين أطراف من سيرته وحياته منذ ولادته ونشأته في قريته صعيد مصر، وحتى سفره إلى لندن للعمل ثم للعلاج، يقول:
"عجيبة هي الأقدار وألاعيبها، كأنما طُويت حياتي وكُثفت، فمنحتني بسرعة كثيرا من السعادة والتوفيق، كما انهارت على رأسي بنفس السرعة. كنت مرارا أصغر صحفي في صحف وقنوات عملت بها، كما أنني الآن أصغر مقيم في جناح الرعاية الخاصة بمرضى السرطان في ذلك المستشفى البريطاني.عبر ذلك المسار كله، تغيرت داخليّا وخارجيّاُ، حتى إني أُدهشُ اليوم من شكلي في المرآة. تبدلت الكثير من قناعاتي، كما تغيرت من حولي الوجوه والعوالم، لكن ما لم يتغير قط هو بحثي عن ذلك الضوء الذي يشع من الأرواح الطيبة؛ ضوء التعاطف مع الإنسان من حيث كونه إنسانا قبل أي شيء آخر".
يتناول أبو الغيط في كتابه فكرة الألم وتعبير الناس عنها وتعاملهم معها، ولعل هذا المقال من أجمل وأهم مقالات الكتاب، إذ أنه يقود القارئ من الألم الخاص الذي شعر به المريض، إلى الآلام التي نشعر بها جميعا سواء في مصر أو في بلدٍ عربي، من ممارسات الظلم والقمع التي نمارسها على أنفسنا ونتواطأ عليها، يتحدث في "سؤال الألم" عن خوفه منذ الطفولة من الشعور بالألم، من الألم الجسدي إلى الآلام النفسية، فيتذكر أول تجربة له في أيام الطفولة مع الضرب في المدرسة الابتدائية وكيف واجهت أسرته هذا التصرّف بقوّة، وأن ذلك من حسن حظه لأن المصريين وكثيرا من العرب يتعاملون مع الأطفال كملكية خاصة ولا يجدون غضاضة في ذلك التعامل العنيف، ثم ينتقل من هذه الحكاية إلى حكاية أعقد وأدلّ وهي في التعامل رجال الشرطة مع رجل قبض عليه وعُذّب حتى الموت، وكيف واجه ذلك التصرف غير الإنساني وظل يتابع تلك القضية حتى حكم على الجناة بالسجن 5 سنوات بعدها بسنوات، يتذكر تلك الحوادث ويقارن بين هذه الحكايات والآم فيما هو يعاني أشد أنواع الألم من انتشار السرطان في جسده، ويتساءل لماذا يحدث هذا الألم؟ ويقوده ذلك إلى سؤال أكبر عن الكوارث الطبيعية جماعية وفردية، ومع كل شعور متزايد بالألم وقسوته يرى أن هذا الألم كله ليس شعورا نبيلا ولا يستحق أبدا تلك المكانة التي له في الأشعار والأغاني، وأنه إذا لم يكن بأيدينا وقف الكوارث الطبيعية فإنه علينا أن نوقف تلك الكوارث البشرية التي تحدث حولنا. ويتفق مع سي إس لويس صاحب كتاب "معضلة الألم" في أن "الهدف الأسمى هو تعليم الناس الثبات والصبر.. القليل من الشجاعة يساعد أكثر من المعرفة، والقليل من التعاطف الإنساني أفضل من الشجاعة، وأقل لمسة من محبة الله تفيد أكثر من ذلك كله".
.
بقية المقال
https://www.majalla.com/node/301456
July 6, 2023
عرفت محمد أبو الغيط من اقتراحات كيندل بداية العام، لكن كتابه لم يسترع انتباهي وقتها. حتى كنت في يومٍ من أيام نيسان أزور مكتبة ديوان في الزمالك، أبحث عن كتابٍ أشتريه قبل عودتي للزقازيق. لما طال بي البحث وملّ رفيقاي، أخذته فور رؤيته على طاولة العرض وحاسبت ثم انصرفت. حتى تلك الساعة لم أكن أعرف أبو الغيط ولا أن هذه مذكراته ولا أن الله توفاه قبل مدة قصيرة رحمه الله.
لم أشعر بصدق امرئ يكتب يومياته كما أحسست بصدق محمد هنا. تمنيت لو أنني عرفته باكرًا وقرأت تقاريره ومنشوراته. بكيت في مشاهد كثيرة من اليوميات كما لو كان محمد أقدم صديق عرفته. محمد هنا لا يرثي نفسه، يكتب بطريقة هادئة، كأنه يعيد قراءة ما يكتبه ألف مرة على الأقل، لا يكتب كمن يرى الموت على بعد خطوات قليلة. محمد هنا يرثي متعلّقاته. كأن كل شيء يحبه سوف يموت لو لم يكتب عنه. يكتب عن الخيبة، خيبتنا كلنا. وحلمنا في أن يمرّ لمرة واحدة، في حياةٍ واحدة، ربيعٌ واحدٌ في بلادنا.
كان هذا الكتاب بمثابة رسالة حول مباهج الحياة الصغيرة في صفحة، وفي الصفحة التالية حول مآسي الحياة الكثيرة. لا أستطيع الكتابة أكثر عن جرح ما زال مفتوحًا. لكنني أعزي نفسي أن رثاءك يا محمد كان مهمتنا نحن إذ نقرأ كلماتك.
لم أشعر بصدق امرئ يكتب يومياته كما أحسست بصدق محمد هنا. تمنيت لو أنني عرفته باكرًا وقرأت تقاريره ومنشوراته. بكيت في مشاهد كثيرة من اليوميات كما لو كان محمد أقدم صديق عرفته. محمد هنا لا يرثي نفسه، يكتب بطريقة هادئة، كأنه يعيد قراءة ما يكتبه ألف مرة على الأقل، لا يكتب كمن يرى الموت على بعد خطوات قليلة. محمد هنا يرثي متعلّقاته. كأن كل شيء يحبه سوف يموت لو لم يكتب عنه. يكتب عن الخيبة، خيبتنا كلنا. وحلمنا في أن يمرّ لمرة واحدة، في حياةٍ واحدة، ربيعٌ واحدٌ في بلادنا.
كان هذا الكتاب بمثابة رسالة حول مباهج الحياة الصغيرة في صفحة، وفي الصفحة التالية حول مآسي الحياة الكثيرة. لا أستطيع الكتابة أكثر عن جرح ما زال مفتوحًا. لكنني أعزي نفسي أن رثاءك يا محمد كان مهمتنا نحن إذ نقرأ كلماتك.
December 8, 2022
"اسعدوا بكل يوم طبيعي."
December 12, 2022
انتابتني مشاعر متضاربة عند قرائتي لهذا الكتاب، على المستوى الشخصي استرجعت لحظات الألم والذهول لدى معرفتي بخبر إصابة والدتي بالسرطان منذ أربع سنوات مضت ، وما تلى ذلك من فجيعة بعد وفاتها بفترة قصيرة ، كل مرحلة جديدة مرت بالكاتب وودت فيها أن أربت على كتفه وأقول له هون على نفسك ، كلنا راحلون! عن مرارتي عند قراءة جملة بسيطة قالها لزوجته يوماً ❞ هُوَّ أنا أستاهل اللي بيحصلي ده؟ والله ما عملت حاجة وحشة في حياتي تستاهل كده❝
وعلى المستوى العام وددت لو كنت عرفته بشكل شخصي، فكتاباته تدل على قاريء موسوعي ذو ذائقة رفيعة ، ابتسمت للمحات كثيرة بالكتاب ، وأعجبت بالكتب التي أشار إليها فبعضها أعرفها أو قرأتها بالفعل، وتستمر العودة كفلاش باك إلى لمحات من طفولته وتربية والديه له ومذكرات عن مدرسته ومعلميه وثورة يناير وعمله الصحفي المستقل.
ما كل هذه العذوبة ! لم أكن أتخيل كل هذا الجمال والنقاء والبراءة وحبه لزوجته ذات الضياء!
مثال عن هذا النقاء ما كتبه عن الرحمة والألم:
❞ الأصل ألا نؤلم بعضنا.
أحلم بوطن أكثر رقة، لا أكثر قوة.
أتمنى أن يكون السياسيون حول العالم أكثر رحمة، لا «ذوي هيبة». ❝
إلهي .. أحيانًا كثيرة تخونني مشاعري ، لماذا تأخذ الأنقياء الأبرياء من عالمنا وتترك الأوغاد .. عذرًا.. ولا نقول إلا ما يرضي ربنا ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم!
وحتى عن هذا أجده قد رجع لنفس الكتاب الذي قرأته (في محاولة لمواجهة غضبي بعد وفاة والدتي) ل سي إس لويس (معجزة الألم) ،: ❞ «يمكننا ربَّما أن نتخيَّلَ عالمًا يعمل الله فيه باستمرار على تصحيح الأخطاء التي ترتكبها مخلوقاته بسبب الإرادة الحرَّة، بحيث تصير قطعةُ الخشب ليِّنة عندما تُستخدم لضَرْب إنسان، وصلبةً عندما تُستخدَم في البناء. وعندما أحاول أن أستخدم الهواء لنَقْل موجات صوتيَة تحمل كذبًا أو إهانة، فإنَّه لا يتجاوبُ معي. لكنْ سيصبحُ مثل هذا العالم عالمًا يكون الخطأ فيه مُستحيلًا، وفيه تكون فكرة الإرادة الحرَّة خاليةً من المعنى». ❝
تخنقني العبرات في الصفحات الأخيرة من الكتاب، فنحن نودع عالمًا قد مر فيه محمد أبو الغيط …
رحمك الله وأسكنك فسيح جناته وألهم أسرتك وزوجتك وابنك وكل محبيك الصبر والسلوان.
وعلى المستوى العام وددت لو كنت عرفته بشكل شخصي، فكتاباته تدل على قاريء موسوعي ذو ذائقة رفيعة ، ابتسمت للمحات كثيرة بالكتاب ، وأعجبت بالكتب التي أشار إليها فبعضها أعرفها أو قرأتها بالفعل، وتستمر العودة كفلاش باك إلى لمحات من طفولته وتربية والديه له ومذكرات عن مدرسته ومعلميه وثورة يناير وعمله الصحفي المستقل.
ما كل هذه العذوبة ! لم أكن أتخيل كل هذا الجمال والنقاء والبراءة وحبه لزوجته ذات الضياء!
مثال عن هذا النقاء ما كتبه عن الرحمة والألم:
❞ الأصل ألا نؤلم بعضنا.
أحلم بوطن أكثر رقة، لا أكثر قوة.
أتمنى أن يكون السياسيون حول العالم أكثر رحمة، لا «ذوي هيبة». ❝
إلهي .. أحيانًا كثيرة تخونني مشاعري ، لماذا تأخذ الأنقياء الأبرياء من عالمنا وتترك الأوغاد .. عذرًا.. ولا نقول إلا ما يرضي ربنا ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم!
وحتى عن هذا أجده قد رجع لنفس الكتاب الذي قرأته (في محاولة لمواجهة غضبي بعد وفاة والدتي) ل سي إس لويس (معجزة الألم) ،: ❞ «يمكننا ربَّما أن نتخيَّلَ عالمًا يعمل الله فيه باستمرار على تصحيح الأخطاء التي ترتكبها مخلوقاته بسبب الإرادة الحرَّة، بحيث تصير قطعةُ الخشب ليِّنة عندما تُستخدم لضَرْب إنسان، وصلبةً عندما تُستخدَم في البناء. وعندما أحاول أن أستخدم الهواء لنَقْل موجات صوتيَة تحمل كذبًا أو إهانة، فإنَّه لا يتجاوبُ معي. لكنْ سيصبحُ مثل هذا العالم عالمًا يكون الخطأ فيه مُستحيلًا، وفيه تكون فكرة الإرادة الحرَّة خاليةً من المعنى». ❝
تخنقني العبرات في الصفحات الأخيرة من الكتاب، فنحن نودع عالمًا قد مر فيه محمد أبو الغيط …
رحمك الله وأسكنك فسيح جناته وألهم أسرتك وزوجتك وابنك وكل محبيك الصبر والسلوان.
Displaying 1 - 30 of 923 reviews