تتوحد نصوص علوية صبح في كتابها الاول "نوم الايام" في لحظتين متداخلتين. اللحظة الاولى، هي لحظة المرأة - الشاهدة. فالمرأة لا تكتب عن الاشياء الا بوصفها اشياءها هي. الكتابة هي حوار مع الذات، والذات تتحول في الاخرين حين تشهد على نفسها معهم وفي زمنهم المكسور بالحروب والخوف والموت. واللحظة الثانية، هي لحظة النص المفتوح على احتمالاته المتعددة. فهذه النصوص لا تختار شكلها المسبق. الشكل هو لحظة تماس التجربة بالكتابة، فيأتي الشكل وكأنه لا يبحث عن اكتماله، بل يختار التعبير الحي المباشر جاعلا منه اقترابا من القصة عبر الشعر، وتحويلا للشعر الى لغة قصصية خاصة. في تداخل هاتين اللحظتين يقدم هذا الكتاب تجربته الخاصة. انه ليس كتابا عن المرأة او عن الحرب. انه ليس المتوقع الجاهز. انه كتابة امرأة في الحب. كتابة لايقاع الداخل الذي يفتح الواقع على المنام ويكتب المنام كواقع، ويتحول من لغة الصفات الى لغة الذات وقد تحولت الى مرايا متعددة. كأن الكتابة هي مساحات للسفر. او كأن السفر هو الذي يقود الكتابة الى متاهة الحلم
ولدت علوية صبح في بيروت سنة 1955. درست الأدب العربي والإنكليزي في الجامعة اللبنانية في بيروت. وبعد أن تخرجت سنة 1978، عملت مدرسة تعليم ثانوي في احدى المدارس بالتزامن مع نشرها مقالات في قسم الفن والثقافة في صحيفة "النداء" البيروتية. في اوائل الثمانينات نشرت الرواية، والشعر ومقالات أدبية عديدة في الصحيفة اللبنانية الرائدة" النهار". كما كانت تحرر القسم الثقافي في أوسع مجلات المرأة العربية انتشارا في ذلك الوقت وهي مجلة "الحسناء"، والتي أصبحت رئيسة تحريرها سنة 1986. وفي أوائل التسعينات، أسست مجلة "سنوب الحسناء" والتي أصبحت اليوم أكثر مجلات المرأة مبيعا في العالم العربي، وما زالت صبح رئيسة تحريرها. تشارك علوية صبح بانتظام بمحاضرات ثقافية في أنحاء العالم العربي، وتتم استضافتها في الكثير من البرامج التلفزيونية للحديث عن قضايا تتعلق بالمرأة، والحرب والحداثة في لبنان والعالم العربي. وروايتها، المعنونة "مريم الحكايا" الصادرة عن دار الآداب للنشر، سنة 2002 ترجمت الى لغات عديدة وصدرت طبعتها الفرنسية عن دار غاليمار، والالمانية عن دار سوركامب. وقد نالت روايتها الثانية "دنيا" اعجاب النقاد والقراء بشكل واسع في انحاء العالم العربي. ولها رائعة أخرى بعنوان "اسمه الغرام"
ربما تحتاج قراءة نوم الأيام إلى تشتت ذهني أو مزاج معكّر كي نتقبل أكثر الانغماس في نوع من الحزن ,, تعطي شعورا سلبيا مزعجا قد لا يكون خانقا لكنه فقط مزعج .. في النهاية ما ذكر على الغلاف الخلفي للكتاب قد يزيل بعضا من توترك تجاه المرأة والحرب على حد سواء ...
بعض الاقتباسات بتصرّف واعادة ترتيب :
الخطأ ممتع أيها الرجل السّيد ..
وإن حلمت بامرأة تُسْليك , ان حلمت بليل تتوّج فيه من تحب أميرة فعليك أن تبعد عنك المرأة الشّديدة الوضوح والحذر واليقظة , إذ لا سعادة إلّا مع السّذّج .
وإن كنت يا سيّدي" تعبان" إلى حدود كبيرة , قـل لجسدك خذ , خذ المزيد ..
وإن كنت - أيها الرّجل السّيّد - تحتاج إلى من يمسك يدك بحنان ليهدأ قلقك وتتخفف وحدتك فأنت غير طبيعي يا سيّدي وجميل أن تكون كذلك ..
وإن لم تشعر أنك تورطت في أمر خطير اجمع فضلات عظامك وعمرك واذهب إلى المنام , نم واحلم ..
- وكن مدهشا أيها الرجل السيد , كن مدهشا في تأجيل الأوطان والأحلام والحب , كن مدهشا في أسر ضباع الوقت , ولكن لا تدع الوقت يرتّب وقتك ..
لا تلبس حذاءك -سيدي- في يديك ( أو حتى رأسك ) , ولا تصفف وقتك كما تصفف النسوة شعرهن.
لا تجمع الزمن في لحظة واحدة لا توافق على أخذ القرارات الصعبة لأن كل قرار هو ضدك وكل ضد هو أنت.
كشّر عن أسنانك -سيّدي الرّجل- , لأن السواد هو الوضوح في استمرار ولا تفرك أسنانك فالنساء المدللات يحببن الرجال هكذا
وإن صادف أن نمت يوما نوما هنيئا, ستعرف أهمية الرأس الفارغ ..
- احذر أيها الرجل السيد من أن لا تتعود يداك على الوداع , فليس أجمل من اليد الخاسرة وليس أجمل من القدم التي تتأهب دائما للرحيل , وإلا ستكون على حافة باب كبير تطرقه برأسك فيسقط الرأس في هوة الفراغ الذي يلي الباب , وكن حذرا أيها السيد من أن تتعلق بلحظة زمن رقيقة ودافئة لأنها ستنساب حتما من إصبعك و الإصبع ليس لك , الاصبع في الوقت , والاصبع على الوقت ... شيئ فظيع أنت تعرفه وحدك .
الجدة تخبرني أن الميت حين ينزل القبر يصرخ صرخة لا يسمعها الإنسان ولكن تهتز لها حيوانات ونباتات وصخور في العالم بأسره . إن مات الليل يوما أيها السيد ,, صدق أنك موجود ...
الرجل السيد العزيز , لا تنظر أبدا لـ : أحبوا بعضكم بعضا ,, وإن لم تستطيعوا أحبوني , على الأقل سأسليكم , وأرشّ عليكم من حناني .. الغربان تعرف أسرار لا أحد يعرفها يا سيّدي
..................
- شوهدت منذ سنوات بلا عنوان , وبلا كلام وبلا وقت وبلا شيء أرادت أن تفعل أي شيء يصلها بالأشياء , أن تسمع صوتها مثلا أو صوت أحد ما
فجرعة نفس حنون تكسر الحرب إلى حطام أكيد , نظرة أليفة دافئة وتمضي الساعات إلى لحظة صامته معلقة في عين عارية , مخلّفة وراءها أعواما وحيدة تحصي تعبها المتهدل
- البكاء كانت تقول جدتي , لا يجلب الحزن , بل يغسله من الصدر , و البكاء فرج
والحقيقة أن الوأد حصل منذ قرون , ولكني لم أصدق الخبر , فهل يمكن لرائحة الدم أن تبقى قرونا على الجسد .. كانت رائحة جسدي قرونا ..
غريب شأنك, كل شيء يحدث تغييرا في مزاجك , وتماسككَ الخارجي لا يشير إلى ذلك " !! " .