نبذة النيل والفرات: لا تكمن أهمية هذا الكتاب-البيان في غياب مؤلفه، الذي اغتيل في الثاني من حزيران عام 2005 في بيروت. غير أن الموت أضفى طابع الوصية على نص أراده صاحبه تأسيسياً. هنا تقع مفارقة العلاقة بين كتابة التاريخ وصناعته. سمير قصير كان يبحث عن بداية تواصل الفكر التنويري الذي صنعته النهضة العربية في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، فقاده الشقاء العربي إلى نهايته المأساوية. إنها مفارقة الانتقال من الديكتاتورية إلى الديموقراطية، التي يمر بها المشرق العربي وسط تعقيدات كبرى، وبحار من الدم والمآسي، تمتد من فلسطين إلى العراق، مروراً بلبنان وسوريا.
يحمل هذا الكتاب-البيان، قوة الوصية ورؤيوية البداية. في هذا المزاج التراجيدي بين النهاية الفردية والبداية الجماعية، يلخًص سمير قصير مقتربه لنهضة عربية جديدة، تدافع عن الحداثة وتعيد قراءة لاثقافة العربية المعاصرة بروح نقدية جديدة. يمكن تحديد هذا المتقرب بثلاث عناصر: أولاً: إعادة تقويم عصر النهضة العربية، عبر وضعه في سياق بحث العالم العربي الخارج من الهيمنة العثمانية الطويلة، عن الاستقلال والحداثة والحرية. هذه القيم الثلاث صنعت نهضة لغوية وفكرية، ميزتها الانفتاح على عصر الأنوار الأوروبي من جهة، وإعادة النظر في الموروث الثقافي العربي من جهة ثانية. ثانياً: تحليل الشقاء العربي في وصفه ابنا للعجز. ثالثاً: رفض ثقافة الموت والدعوة إلى ثقافة الحياة، عبر تعددية ثقافية وسياسية تشكل بداية الرد على الشقاء. ترتبط هذه التعددية بفكرة الحداثة. فالشقاء ليس نتيجة الحداثة بل نتيجة إجهاضها. الحداثة العربية التي أحدثت انقلاباً كبيراً في الحياة والثقافة كانت وليدة الفكر النهضوي. أما النكوص الذي تجلّى في هزيمةالخامس من حزيران 1967، فقاد إلى استفحال الديكتاتورية، وتجذر وجهها الآخر المتمثل في المشروع الأصولي.
على الرغم مما في بعدي الوصية والبداية من تناقض ظاهري فإنهما يؤشران إلى اللحظة السياسية والفكرية المعقدة التي يعيشها العالم العربي اليوم. الوصية، التي تعيد رسم صورة المثقف في وصفه ضميراً متحرراً من كل التزام سوى التزام الحرية والدفعا عن الحقيقة مثلما يراها.
وبشكل عام ينتمي هذا الكتاب إلى سلالة الكتابة النهضوية العربية، التي جمعت العمل الصحافي إلى الكتابة العلمية، وقدمت صورة لمثقف يعي دروس التاريخ، ويعمل من أجل التغيير، ويمارس إلى جانب دوره الفكري، دور القائد الميداني يوم انطلاق أكبر تظاهرة شعبية في تاريخ بيروت في الرابع عشر من آذار 2005.
لذا يشعر القارئ أنه أمام صرخة من أجل الحرية والديموقراطية، يطلقها صحافي يعيش الحدث، ويبلورها مؤرخ يصنع الذاكرة. وفي هذا الجمع يعلن سمير قصير فرادة مرتبطة بعمق انتمائه إلى بيروت، التي لم تكن فقط مركز التحدي في مشروع الحداثة العربية، بل هي المدينة التي قاومت الحصار الإسرائيلي وصنعت أفق حريتها في مواجتهه.
في الفصل الخامس من هذا الكتاب، وفي إطار تحليله محاولات إجهاض الحداثة العربية، أشار قصير إلى انكفاء بيروت بعد الحصار الإسرائيلي عام 1982، متبنياً مقولة بعض الأدباء "في اعتباره الحد الذي انتهت عنده مغامرة النهضة".
كان من الطبيعي للمثقف الذي يسعى إلى استعادة روح النهضة والحداثة، أن ينخرط في النضال الكبير الذي صنعته بيروت في انتفاضتها الاستقلالية التي اندلعت بعد اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري.
غير أن المفكر الذي رفض أيديولوجيا الضحية في الثقافة العربية، وناضل كي تصنع بيروت حريتها وفرحها، واجه قدر الضحية، وقتل في انفجار إرهابي أراد إخراس صوته، وإطفاء بريق الحياة في عينيه.
سمير قصير (1960 - 2 يونيو 2005). صحفي وأستاذ لبناني من أصل فلسطيني وأمه سورية. كان أستاذاً للعلوم السياسية في جامعة القديس يوسف في بيروت ودرس في جامعة السوربون في باريس. وهو من الداعاة للديمقراطية ومعارضي التدخل السوري في لبنان، ويحمل الجنسية الفرنسية. شارك عام 2004 في تأسيس حركة اليسار الديمقراطي وكان من أبرز مجوهها إلى الياس عطاالله ونديم عبد الصمد. ساهم في صنع وقيادة انتفاضة الاستقلال قبل أن يدفع حياته ثمنا لمواقفه. في 2 يونيو 2005 تم اغتياله عن طريق قنبلة في سيارته، وما زالت هوية الفاعلين مجهولة. هناك تخمينات حول تورط جهات أمنية سورية ولبنانية في عملية الاغتيال، إلا أن أيا من هذه التخمينات لم يتم تأكيده أو نفيه.
وهو متزوج من الإعلامية اللبنانية جيزيل خوري المذيعة في قناة العربية، وله ابنتان من زواج آخر.
أذكر أني تلقفت هذا الكتاب مباشرة بعد إغتيال سمير قصير في بيروت على يد مخابرات النظام السوري. والآن بعد بداية الربيع العربي فإني أدهش من كيفية التي قد أصنف بها هذا الكتاب!!، فهو خليط بين إستعادات نوستالجية لما يسميه الكاتب بتحبب عصر "الرينيسانس العربي" وتحليل جيوبوليتيكي لأسباب صعوبة تشكيل أمة عربية واحدة، ومحاولات قلبية من الكاتب لبرهنة وجود "أمل" في غد عربي أفضل، وتحليل مختصر لإقتصاديات ثقافة كل إقليم عربي على حدة....الخ لا أدري ماذا سيكون رد فعل سمير قصير إن عاش ليرى الربيع العربي. الكتاب عموما لا يحمل جديداً وهو مكتوب بروح متعبة تبحث عن الحل والأمل بأي طريقة ولكنه يضيف الكثير لمن يريد أن يزيد معرفته بوجهة نظر النخبة العربية "العلمانية" بمرحلة ما قبل الربيع العربي
(لا خيرَ في أن تكون عربيا في هذه الأيامِ) يتجلى في سمير روحُ التشاؤمِ التي انطبعتْ في كل حرفٍ من كتابه، ونجدُ له العذرَ في ذلك، تشاؤمُه من العجز العربي وتوالي الخيبات، وذلهم وعدمِ قيام وزن لهم، هذا العجزُ نزدادُ ردة الفعل تجاهَه إذا استرجعنا بعض الجوانب النهضوية كتلك التي قام بها محمد علي. من الملاحظِ أن الكاتبَ يبدي حساسيةً تجاه بعض الأمور سيما الحجاب ويسر وغنى دول النفط، وهي أمورٌ كان عليه أن يبرأَ بقلمه عنها وهو يعالجُ شقاءَ العرب. لا ننسى أخيرا أن الكتابَ كُتِب قبل الثوراتِ العربية ولعله لو كان قد نُسِأ له في أجله لتغير شئٌ من مضمونِ كتابه.
تحيزه للعلمانية وتكراره لعبارة "ترسيخ الزي التقليدي وحجاب المرأة" لا أدري ما هو الرابط العجيب بين الزي وتطور الوطن العربي. ومقياسه لتمكين المرأة هو وجودها على المسرح وارتفاع صوتها بالغناء لا على وجود القوانين التي تحميها أو مشاركتها في سوق العمل. أغلب توقعاته عن الخليج العربي بائت بالفشل كذلك وخصوصا عن الإيرادات النفطية وعن ناطحات السحاب في دبي وللعلم الدول الخليجية هي من أكثر الدول العربية إلتزاماً بالزي التقليدي.
ليتني تعرفت إلي سمير قصير منذ زمن طويل .. وليت العمر أمتد به حتي عاصر ما نحن بصدده الأن
طوال فترة مطالعتي للكتاب شعرت بأنه مربع ناقص الضلع .. رؤية ناضجة ومعرفة موسوعية وتحليل ثاقب غابت عنه اللحظة التاريخية الفارقة والراديكالية .. ليت سمير قصير عاش حتي عاصر الربيع العربي .. فرأيي كان سيصقل أراءه بالتجربة التاريخية الواضحة والحية وكان ليستفيد من الثورة التنكولوجية والمعلوماتية بشكل يمكنه من صياغة أفكاره بشكل أكثر عمقاً وتوسعاً وحداثة
في هذا الكتاب -والذي أعتبره نص مهم في أدبيات ما بعد الكولونيلية علي صعيد الثقافة العربية- يلخص سمير قصير تجربته الثقافية والسياسية ويضع خلاصة تجاربه وأراءه في هذة النص القصير والدسم الغني بالمعلومات والذي يربط ما بين المعارف والألوان الثقافية المختلفة ليصب في بوتقة واحدة الا وهي هدم الأساطير والخزعبلات الدارجة شعبوياً وسياسياً وثقافياً حول وضع العرب في القرنين العشرين والواحد والعشرين وما قبلهما .. حيث يحاول قصير تفكيك المقولات الإستعمارية المتغطرسة والرجعية المنبطحة هو أفة الوضع العربي والسر وراءها .. وذلك سعياَ لإستشراف النور في نهاية النفق المظلم
يكثف قصير جهوده في الفصول الأولي من الكتاب لنفي حالة الإحتقار الحضاري للعرب وثقافتهم وتجربتهم التاريخية وإعادة الإعتبار لها ولمنتوجها الحضاري وتأثيرها في مجري التاريخ البشري وإثبات أن مشكلة الواقع العربي تتعلق بالأساس بالعلاقة بالغرب ومتناقضات الحياة السياسية والثقافية وليست أفة التخلف الأزلي التي يدعيها الغرب ولا الإنحراف عن نهج أو تجربة تاريخية سابقة تنسج حولها الخرافات
وفي الفصول الأخيرة يضع يده علي مكمن الألم وسر الأزمة كما يراها بطريقة تحليلية تستمد قوتها من الإطلاع الواسع علي التاريخ وربط التجارب التاريخية المختلفة ببعضها بدقة ومنطقة وبلا تدليس أو لي لعنق الحقيقة
من النادر أن أنجذب في القراءات السياسية لرؤية تتحاشي القولبة اليسارية .. ومن النادر أن أنبهر بأدبيات أختلف معاها فكرياً وسياساً .. الا أنني في هذة التجربة وجدت من الأرضية المشتركة بيني وبين سمير قصير ما ساعدني علي تقبل ما نختلف وأحترامه
كتاب شيق وثري بالمعلومات بشكل يجبرني علي رفع القبعة له ولكاتبه الراحل
بل إن المؤلف هو الذي يبدو عليه الشقاء وهو يحمل على عاتقه شقاء أمته بين المحاولات العرجاء لمواكبة موجة الحداثة والكبوات التي منيت بها ومرثيات الأطلال والنحيب على أمجادها التليدة ومحاولة استرجاع ولو جزء من لمعة العصر الذهبي الموغل في القدم ............................................... تتمة مراجعة الكتاب على مدونتي: ((( همى الغيث )))
انتهيت من قراءة الكتاب، لكني لم أحط جيدا بما أراد الكاتب إيصاله، ربما لأن القراءة قد تمت في ظروف لم تسمح بالأمل الكافي. غير أن أسلوب الكاتب جاف غير محبب، وقد يرجع ذلك إلى المترجم. نجمتان.
This entire review has been hidden because of spoilers.
ماهو يا إما انا غبية و مفهمتوش يا إما انا حقيقي مقتنعتش ب اي حاجة من اللى قالها بالذات لما نربطها ب"شقاء العرب" مثال: في فصل الجغرفيا قال(او اللى انا فهمته) ان من حظنا السيء ان الثروة البترولية تكون في الدول الخليجية لأنهم مش متحضرين ثقافيًا و كدة... معلش يعني بس نفس البترول ده لو كان في "دول عربية متحضرة" مكانتش هتفرق كتير في حالنا لأننا دول ديكتاتورية مع بعض
أجمالاً كتاب مقبول ,, لكن بصراحة الأفكار اليسارية لللكاتب لم تعجبني كلها ,, مثلاً ربط التقدم ببعض المجتمعات بنزع الحجاب !! شو خص الحجاب بالرجعية والتخلف
O-o
لكنه في مواطن أخرى وضع يده على الجرح ,, خصوصاً من ناحية التاريخ والجغرافيا ...