إن مقولة الغزو الثقافي ليست سوى مقولة واهمة هدفها المبالغة في تخويف الذات، فالشباب الذين يلبسون الجينز ويأكلون الوجبات السريعة هم أنفسهم الذين يقفون ضد سياسات الهيمنة، هذا يحصل في بلادنا كما يحصل في أوروبا.
إن الثقافات البشرية كلها تواجه اليوم تحولاً ثقافياً واجتماعياً متسارعاً ومليئاً بالتحديات، وتلعب الصورة المنتجة عن هذه الثقافة أو تلك دوراً مهماً، والثقافة التي تنتج صوراً جديدة هي التي سيكون بمقدورها تحقيق موقع آمن لها. ولا سبيل إلى التفاعل الحي والإيجابي إلا عبر دخول العالم بشروطه ومنطقه الحديد، إذ لم يعد المنطق القديم ولا الأساليب القديمة كافية لتمثيل الذات ولا قادرة على المواجهة. ولم يعد، خاصة، منطق التحصن والدفاع عن الهوية كافياً لأداء دور حضاري وتحقيق موقع متقدم في الحضارة. وهذه مدعومة بإنتاج معرفي وفكري ينتج صورة قادرة على الخروج ومواجهة العالم.
لقد ثبت أن الصورة لا تقاومها إلا صورة تملك الدرجة نفسها من القوة والتعبير والمصداقية. فالصورة اليوم هي ثقافة وفكر وإنتاج اقتصادي وتكنولوجي وليست مجرد متعة أو محاكاة فنية، هي لغة عصرية يشترط فيها تطابق القول مع الفعل وتمثل الحقيقة التكنولوجية بما أن الصورة علامة تكنولوجية ومؤشر إنتاجي ومنطق مستقبلي.
أكاديمي وناقد أدبي وثقافي سعودي وهو أستاذ النقد والنظرية في جامعة الملك سعود بالرياض، حاصل على درجة الدكتوراة من جامعتي اكستر بريطانيا، صاحب مشروع في النقد الثقافي وآخر حول المرأة واللغة. حصل على جائزة مكتب التربية العربي لدول الخليج في العلوم الإنسانية، وحصل على جائزة مؤسسة العويس الثقافية في الدراسات النقدية ، عام 1999م وتكريم ( مؤسسة الفكر العربي ) للإبداع النقدي ، أكتوبر 2002 ـ القاهرة .
أولى كتبه كانت دراسة عن خصائص شعر حمزة شحاتة الألسنية، تحت اسم (الخطيئة والتكفير: من البنيوية إلى التشريحية). كان عضوا ثابتا في المماحكات الأدبية التي شهدتها الساحة السعودية، ونادي جدة الأدبي الثقافي تحديدا في فترة الثمانينات بين الحداثيين والتقليديين، لديه كتاب أثار جدلاً يؤرخ للحداثة الثقافية في السعودية تحت اسم (حكاية الحداثة في المملكة العربية السعودية). يعد من الأصوات الأخلاقية في المشهد السعودي الثقافي، ويترواح خصومه من تقليديين كعوض القرني إلى حداثيين كسعد البازعي وأدونيس. يكتب مقالا نقديا في صحيفة الرياض منذ الثمانيات، وعمل نائبا للرئيس في النادي الأدبي والثقافي بجدة، حيث أسهم في صياغة المشروع الثقافي للنادي في المحاضرات والندوات والمؤتمرات ونشر الكتب والدوريات المتخصصة والترجمة.
الفصل الأول : يتحدث الغدامي عن ثقافة الصورة ,وعلى انتشار الصورة التلفزيونية يقول :لم تعد للكلمة المدونة حضورها كما كانت سابقاً,فالصورة التلفزيونية باتت لغة من نوع جديد وخطابا حديثا له صفة المفاجأة والتلقائية مع السرعة الشديدة وقوة المؤثرات المصاحبة وحدية الإرسال,وشدة التغير في الوسيلة صاحبه شدة مماثلة في تغير الرسالة نفسها وشروط الاستقبال, ومن هنا يأتي التغير الثقافي بتحوله من ثقافة النص إلى ثقافة الصورة .. وكيفية انتقال التعبير من الخطاب الأدبي لدى الشعوب إلى خطاب الصورة مع ظهور السينما ثم التلفزيون ثم ظهور البث الفضائي التلفزيوني . ويشير في النهاية الفصل الى كيفية إن التلفزيون قد ملك علينا عقولنا وسيطر على التفكير البشر حتى لم يعد للبشر حيلة ولم يعد لهم رأي ..
الفصل الثاني : الثقافي التفاهي يطرح الغدامي سؤال :من يقرر المصطلحات والصور ومن يحدد الجاد والعبثي ويفترض الراقي والهابط ؟ ويقول:إن الملحوظ هنا أن كل أصحاب صنعة يرون أن صنعتهم هي الفعل الجاد وفي المقابل فإن كل ما عداها هو عبثي وهابط . ويتحدث الدكتور أيضاً عن مفهوم الذوق , يقول إن ما طابق تعريف الشخص صار راقياً وثقافياً ومن خالفه صار تفاهياً ودونياً ,وهذه طبقية مترسخة في كل الثقافات . ويقول عن الصورة :إنها استجابة لوازع نسقي مغروس ومثبت وليست من صنع الصورة ذاتها ولكنها ناتج تأويلي يستند إلى مضمر نسقي عريق
الفصل الثالث : الخوف من الصورة يقول الغدامي :الصورة تخيف لأنها تفضح وتكشف ,والصورة معرية للكلمة ويعطي مثلاً سقوط تمثال صدام مسح كل ما كان يقال فيه من كلمات مدح وغيرها, كما أن إحراق دمية لبوش تمسح كل الخطابات والكلمات التي تصوره كرجل سلام ويقول عن الصورة بوصفها أداة كشف وتعريف من حيث إنها تثير وتسخر وتفضح وتعيد إنتاج الحدث الاجتماعي بإخراج فني منتقى ومكثف
ويقول أن الخوف هو خوف تقليدي مغروس في النفس البشرية من الصورة .ولكن البشرية تظل تنتج الصورة وتستعملها ليس للمتعة فحسب ولكن أيضاً لتخويف الأعداء وإنتاج حالة من الرعب , فالصورة تؤدي وظائف متعددة
ويضرب مثلاً عن الصورة المحبوبة والمكروهة ,يقول أنها متعة من جهة وهي وسيلة تعبير بليغ ومؤثر من جهة أخرى , ولكنها تحمل مخاطرها حينما تكشف عن الذات وتفضحها وحينئذ تصبح مكروهة ..
الفصل الرابع : اللباس بوصفه لغة يقول الغدامي :ان اللباس مهما كان ارتباطه بالصورة إنما يمثل أمرين الأول:تعبير عن التقاليد الاجتماعية وثقافتها والارتباط بما هو فولكلوري والثاني:التأكيد على الهوية، أما كونه يمثل ثقافة للصورة، فهذا يجعلنا نستحضر قيماً أخرى للباس المتخيل، وللباس طقوس الدفن، وللباس المأتم والأعياد والأعراس وهي كلها أمور تندرج في الدراسات الفولكلورية
ويقول ايضاً :ان اللباس الذي نلبسه, لا بوصف قيمة معاشية ضرورية,وإنما بوصفه صورة ثقافيه لها معانيها ولها دلالاتها
إن اللباس يعلمنا الحقائق أو هو يطمس علينا الحقائق , بل هو يفعل الشيئين معا ً, حيث يخفي ويستر ,وفي الوقت ذاته يكشف ويعلن . إنه يستر ما يجب ستره من الجسد لكنه يعلن في الوقت ذاته عن اللابس , عن جنسه (جنسها) وبلده وطبقته وعن زمنه قديماً أو حديثا وعن وقته شتاء أو صيف , مثلما ينم عن ثقافته وحاله المادية والاجتماعية , وقد يستعمل للإيهام بذالك كله , ويكون حينئذ مجازاَ أو كناية أو خدعة أو نكتة .
الفصل الخامس : التلفزيون والتأنيث جاءت الصورة المرسومة في لوحات تشكيلية أولا ومنحوتات وأعقبتها السينما بصورة متحركة وفي هذه كلها جرى تأكيد التأنيث بألونها ومقاساتها الجسدية وحركاتها ونبرات لغتها .
وضرب مثال على مايكل جاكسون حيث انه سعى إلى تغيير لونه من الأسود إلى الأبيض وأجرى عمليات طبية خطيرة ومكلفة مادياً وصحياً لكي يبدو أبيض اللون ثم عمل على تغيير صوته واللعب بحباله الصوتية حتى صار صوته أنثوياً ويظهر بتسريحة شعر كالبنات وحركاته مؤنثة, وهو نموذج شائع عبر صورته العمومية وعبر تعلق الفتيان والفتيات به وبفنه .
الفصل السادس : أيديولوجيا الصورة كيف تلعب الصورة دور المحفز التأويلي ,فالصورة تفتح أفقا ذهنياً تتوارد من خلاله التصورات والأيديولوجيا لتعبر عن نفسها بصورة مختلفة ,وهي مقياس ثقافي على مدى حدية التأويل أو تسامحه..
ويناقش ايضاً مقالة الكاتب الفرنسي أدونيس التي بعنوان: حجاب الرأس أم حجاب العقل
الفصل السابع: أللإرهاب بوصفه صورة يتناول أحداث الحادي عشر من سبتمبر يقول:حينما نقيس حادثة الحادي عشر من سبتمبر ,وتفجير البرجين في نيويورك والطريقة التي استقبل فيها الناس الخبر فإن ما ستحصل عليه هنا هو أننا أمام لحظة انعطاف في الثقافة البشرية تتحقق عبر تحويل المذهل والمفاجئ والغرائبي ,تحويله من عالم السينما والإخراج الفني إلى عالم الواقع الحي ,وهو تحويل واقعي يضاهي الفني بل يفوقه في شدة وقعه وقوة تأثيره .
الفصل الثامن : الصورة بوصفها نسقا ثقافيا أن مقولة (الغزو الثقافي ) ليست سوى مقولة واهمة هدفها المبالغة في تخويف الذات ، والذي يحدث غالبا أن الناس يمنحون بعض المظاهر الثقافية الشكلية يمنحونها قيمة جوهرية ليست لها ، فيظنون أن التغير في الملبس والمأكل والذوق الفني هو من الأشياء الخطيرة حتى لكأن تسريحة الشعر ونغمات الموسيقى وفطائر الجبن كأنما هي جوهريات مقدسة ، وكلما صار التغيير حسبوه غزوا ثقافيا ، بينما الحقائق تؤكد أن الجوهريات الثقافية لها من القوة والقدرة على المواجهة ما هو كاف للتحدي آما تغيرات الشكل فهي تحدث بسرعة وتلقائية لأنها أشكال هامشية وليست جوهراً
في ما يزيد على المائتين صفحة يتناول الدكتور الغذامي فكرة متشعبة، أو لنقل مجموعة من الأفكار الصغيرة التي اجتمعت في نسيج فكرة واحدة كبيرة.
الثقافة التلفزيونية، كما يقول العنوان، أو ثقافة الصورة بشكل أعم، ثابتة كانت كالصور في الصحف والمجلات، أو متحركة كما في التلفاز، هي فكرة الغذامي الكبيرة التي يحللها على مدى ثمانية فصول ومقدمة.
ما هي الثقافة التلفزيونية؟ وما المقصود بالعنوان الفرعي ( سقوط النخبة وبروز الشعبي)؟ يقول الدكتور الغذامي في المقدمة أن الثقافة مرت بأربعة مراحل متجاورة، بمعنى أن كل مرحلة لا تلغي ما قبلها وإنما تتجاور معه، هذه المراحل هي المرحلة الشفاهية، ويقصد بها المرحلة التي كانت فيها الثقافة تنتقل بين الناس عن طريق الكلام والشعر والخطب القصيرة والمقفاة بحيث يحفظها الناس بسهولة، تلت هذه المرحلة مرحلة التدوين، حيث صار الناس يدونون ما يسمعونه، ثم المرحلة الكتابية وهي تختلف عن مرحلة التدوين، في أنها ليست مجرد تدوين لما يقال، وإنما هي تأليف وكتابة يبين فيها الإنسان أفكاره حول موضوع معين، وأخيرا ً مرحلة ثقافة الصورة حيث صار يمكن للإنسان أن يعبر عن أفكاره عن طريق الصور.
هذه الفكرة تعني أننا صرنا في عصر صارت الصورة وامتداداتها التلفاز والفضائيات والأفلام السينمائية والقنوات الإخبارية تشكل وتعيد تشكيل أفكار الناس وآرائهم حول الكثير من الأشياء، وهذا أدى إلى سقوط النخبة، وهم المثقفين حيث خسروا موقعهم ودورهم القديم في تفسير الأحداث والتركيز على ما يهم وما لا يهم برأيهم، وأدى إلى بروز الشعبي أي انفراد كل إنسان وحصوله على الصورة بنفسه، مما يمنحه القدرة على تفسيرها بطريقته وأسلوبه الخاص.
الكتاب يتناول الكثير من المواضيع التي تمس وتدور حول الثقافة التلفزيونية، ملامحها، أشكالها، تأثيراتها، حيث يعرض في فصله الأول إلى ( ثقافة الصورة) وفي فصله الثاني إلى الصراع ما بين ثقافة النخبة والثقافة الشعبية فيما دعاه ( الثقافي / التفاهي)، أما الفصل الثالث فكان يدور حول ( الخوف من الصورة) والذي افتتحه بمقطع من حوار دار عند أحد المعابر بين روائية عربية وجنود إسرائيليين منعوها من تصويرهم وهددوها بالقتل، ثم تناول في الفصل التالي ( اللباس بوصفه لغة) حيث تحمل ملابس الإنسان دلالات كثيرة عن بيئته ودينه وثقافته، أما الفصل الخامس فدار حول فكرة ( التلفزيون والتأنيث)، والسادس حول ( إيديولوجيا الصورة)، والسابع حول ( الإرهاب بوصفه صورة)، واختتم الكتاب بـ ( الصورة بوصفها نسقا ً ثقافيا ً).
مَن هم بقربِ اللغةِ من شعراء ونقادٍ كتاباتهُم لها روحُها التي تتباينُ عن الآخرين، هنالك تفننٌ في توظيفِ اللغةِ، أشعُرُ خلالَها بسلاسةٍ في القراءةِ لا تتوفرُ هذه السلاسةُ عند غيرِهم كثيرا. الغذامي يريدُ أن يقولَ لنا في كتابِه الجميلِ هذا عدةَ أمور وقد يتعرضُ لفكرةٍ واحدةٍ أكثرَ من مرة بأسلوبٍ آخر ويقلِّبها من عدةِ وجوه يقول: أن الصورةَ أخذت البساطَ من تحت النخبةِ الفئةِ المسيطرةِ المحتكرةِ للمعرفةِ والثقافةِ لتجعلَها حقا مشاعا فالآن للكلِ الحقُّ أن يُسمعَ صوتَه بلا قطعٍ للسان أو لليدِ كما حدث لذلك المؤرخ في قصتِه المشهورة. للغذامي رأيه المتفردُ في أن ليس التلقي دائما سلبيا وإنما هنالك جوانبُ تلقي إيجابية وناقدةٍ ولها ردةُ فعلٍ مختلفةٍ ويرغبُ أن يفتح مداركَنا على خطرِ الصورةِ بما تحملُه من وهجٍ وتأثيرٍ مما لجأ بعضُهم إلى مصادرتِها -أمريكا في العراقِ مثلا- وبالطبعِ عجزوا في ذلك، ويستمر الحديثُ عن تأنيثِ العلاماتِ الاجتماعيةِ في اللباسِ واللغةِ ولغة الجسدِ، عن ثقافةِ الصورةِ بما تحملُه من سرعةٍ ومباشرةٍ وقابليةٍ للنسيان وكيف تم توظيفُ الإرهابِ ومحاربته بواسطةِ هذه الثقافةِ التي لا يفلحُ التعاملُ معها إلا بمقارعةِ الصورةِ بمثلِها. التأثيرُ برأيي لم يعد الآن للتلفزيون وحده وإنما تجاوزه وإن كان هو بالأصلِ من ضمنه ولا يخرجُ عن إطاره، ولكن تبقى المفاهيمُ والقراءةُ الثقافيةُ لهذه الثقافةِ تنطبقُ على ما جد في الساحةِ التكنولوجيةِ.
من سبق وقرأ للغذامي يعرف كيف يحلل هذا الرجل المواضيع ويدرسها بطريقة جميلة عقلانية ، وهو هنا يتكلم عن ثقافة الصورة وأهميتها وكيف اختزلت ثقافة الكتابة فهي أسرع وأوضح ولا تحتاج تعقيدات كثيرة وكيف استخدمت وسائل الإعلام هذه الثقافة لصالحها وكيف استخدمتها السياسة أيضا ملحقة بإحصائيات جميلة تبين أن الناس لديهم حس نقدي فلا يصدقون كل الصور التي تعرض عليهم بل تقابل بشيء من التشكيك وأن هذا عصر الصورة فلا تقابل الصورة إلا بصورة وضرب أمثلة كثيرة جدا كان الكتاب متشعبا لكنه يعود في النهاية ليصب في مصب واحد فقد تكلم عن الثقافة والشعبية والحجاب والتعري والتأنيث والمرأة والتفحيل والعنف والحرب والسياسة أمور كثيرة أجاد الغذامي في ترتيبها في سياق متحد ، حسمت نجمة لبعض التكرار
يتحدث الكتاب عن الغزو التلفزيوني الذي تزايد اثره في ال10 سنين الماضيه ، ويشرح كيف غير هذا الجهاز مفاهيم الثقافه ، فالنخبة سقطوا والشعبوين برزوا لانه ببساطه تغيرات معطيات المعرفه ، فلم يعد المواطن البسيط ينتظر من المثقف ان يشرح له مايدور حوله او ان يؤول له الاحداث بل بات الفرد ذاته يرى ويسمع ويحلل ويفهم بل ويشارك في اختيار مايريد ولم يعد يقبل ان يتبع امر النخبه ، هذا مادفع بالمثقفين انذاك الى مهاجمة التلفاز وبرامجه ويطرح مثالا بارزا هو برنامج المسابقات (سوبر ستار) الذي تعرض لهجوم عنيف انذاك-2003- من قبل المثقفين قابله قبول واعجاب هائل من قبل المواطنين ،هذا يشرح حجم الفجوة التي نمت انذاك ويوضح التناقض الذي وقع فيه النخبوين اذ رفضوا البرنامج رغم انه قدم اغان تعتبر اغاني راقيه لكنهم رفضوه لانه ببساطه يسحب البساط من تحتهم كفئة مثقفه .. الكتاب يخبرنا ان الصورة باتت ابلغ من الكلام واقدر على ان تقلب الحقائق كليا لانه كل متلق يؤولها حسب ما انطبع في ذهنه من افكار سابقه ...
مشكلة الكتاب انه قديم نسبيا ، فما يطرحه بات الان وبعد 10 سنين بديهيا بل وباتت اثاره ملموسه والامر لم يقتصر على التلفاز فشبكات التواصل وحدها خلقت عالما موازيا مختلفا له شروط ومعايير خاصه ويتحكم بنا كليا..
استغربت هجوم الكاتب على ادونيس بشأن قضية الحجاب لاني شعرت انه توسع في الامر بما لا يناسب موضوع الكتاب..
رائع كعادته، يرى الدكتور كل حدث عادي من منظوره التشريحي فتظهر لنا مؤلفات تُغني المكتبة العربية أظهر الصورة كوسيلة جديدة للتعبير تُؤثر على المتلقي وعلى الرسالة، وتعبث بكل ثوابته الفكرية القائمة على التروي في الأحكام، فالصورة سريعة ولحظوية وصفاتها تتحكم بطريقتنا في تأويلها
الشيء الوحيد الذي استفزني هو التعميم لإيصال فكرة معينة، كأن يجعل كل من أظهرته الصورة وقد نسفته مرة أخرى بقوله (تنتهي دائما في تدمير ذاتها) والحق أن الصورة حفظت تاريخًا لكثيرين، كان بروزهم حسب شرطها
الكتاب أغناني كثيرًا لأنني كنت أحمل بعض التصورات القريبة عن الصورة، فزادها ورفع مستواها إلى النظرية، ثم التحقق العملي
لقد ثبت أنَّ الصورة لا تقاومها إلا صورة تملك الدرجة نفسها من القوة و التعبير و المصداقيّة. فالصورة اليوم هي ثقافة و فكر و إنتاج اقتصادي و تكنولوجي و ليست مجرد متعة أو محاكاة فتيّة؛ هي لغة عصريَة يشترط فيها تطابق القول مع الفعل و تمثل الحقيقة التكنولوجية بما أن الصورة علامة تكنولوجية و مؤشر إنتاجي و منطق مستقبلي.*
يقع الكتاب في ١٩٥ صفحة تقريبًا في فصولٍ ثمانية تناول فيها الغذامي ثقافة الصورة و الثقافي/التفاهي و الخوف من الصورة و تطرق إلى اللباس بوصفه لغة و التلفزيون و التأنيث و عن أيديولوجيا الصورة و طرح قضية الإرهاب بوصفه صورة و انتهاءً بالصورة بوصفها نسقًا ثقافيًا .
الكتاب عبارة عن نظرة تحليلة واعية للصورة التلفزيونية وثقافتها ومؤثراتها في العصر الحديث .. الكتاب يحتوي على مقدمة وثمانية فصول : 1. ثقافة الصورة 2. الثقافي / التفاهي 3. الخوف من الصورة 4. اللباس بوصفه لغة 5. التلفزيون والتأنيث 6. أيدلوجيا الصورة 7. الإرهاب بوصفه صورة 8. الصورة بوصفها نسقا ثقافية
أكثر ما لفت انتباهي , أنه أول كتاب أقرأه يتناول ثقافة الصورة من وجهة نظر ثقافية نقدية تحليلية
لا أعيب على الكتاب إلا شيئاً واحداً، و هو تكرار الدكتور وضع الهوامش لبعض المصطلحات و التي تقتضي الرجوع إلى كتاب "النقد الثقافي" و هذا مزعج لمن لم يقرأ هذا الكتاب مسبقاً.
كتاب مهم جداً غير من نظرتي تجاه أهمية وسائل الاعلام الحديثة في خلق ثقافة المجتمعات وتوجيههم بشكل كبير نحو مسارات ترسمها المؤسسات المسيطرة على هذه الوسائل .. أحببت القصة التي افتتح بها الكاتب موضوعه وكيف انطلق من خلالها لتوضيح آثار تحول الخطاب الثقافي من خطاب نخبوي الى خطاب شعبي بعد أن باتت المنابر الاعلامية متاحة للجميع خلاف السابق حين كانت تسيطر عليها فئات محدودة
كانت سمعة الشخص في السابق هي المعيار الذي يرفع قدره أو ينزله بين الناس ، وهي ماينظر الناس إليه اذا أرادوا معرفة شخص ما ..
أما اليوم فأصبح العكس هو الواقع ( وليس الصحيح طبعاً ) فإن الصورة هي ما ينظر إليه الناس وما يحدد قيمة الشخص ويحدد بقاؤه على الشاشة من عدمه ، فجسد المذيعة أو الممثلة وشبابها وووالخ هي مايهم المنتج وبالتالي المشاهد ، وهذا الأخير ليس إلا وعاء يتم تعبئة بمزاج الأول وليس له إلا الإستقبال والإنبهار كذلك ..
لذلك تجد الكثير من الذكور يحاولون التخنث شكلاً وتعبيراً في كلامهم حتى يجتذبوا أذواق المشاهدين !!
أعجبتني عبارة "سقوط النخبة وبروز الشعبي" وبتعبير آخر "سقوط القيمة وبروز التفاهه" هذا مانراه في السوشل ميديا
*
لا أعلم لماذا أشعر أن الفكرة لم تنضج في عقل الغذامي لذلك لم يستطع إيصالها بوضوح ، ولكن ربما يكون حاول التبسيط - لأجل القارئ العادي - فوقع في التسطيح ؛ ربما .
يعجبنيّ الغذامي في أنه غالباً يأخذ معلومة بديهية .. ثم يسلط الضوء عليها بشدّة و يعيد تحليلها و إبرازها , لدرجة تجعلكَ تشعر أنك تقرأ هذة المعلومة للمرة الأولى . أحببت الطريقة التي إستهل بها الكتاب .. من خلال عرضه لأحداث فيلم " أن تكون هناك " كتمهيد للدخول إلى الموضوع بطريقة تستفزك على مواصلة القراءة لمعرفة كيف وصل الحال بـ " تشانص " إلى ما وصل إليه من وجهه نظر علمية و من خلال دراسات تحليلية . في الفصل الأول من الكتاب المعنون بـ " ثقافة الصورة " شدتنيّ عدة نقاط : أ - أن الناقد الأعلاميّ و الذي يفضح عيوب و مثاليه الصورة المتلفزة و أنها غير واقعية هي الفئات المهمشة من المجتمع و التي لا تملك أي سيطرة على المادة الإعلامية بحكم أن الصورة الإعلامية المسيطر عليها هي القوة " الفحولية " المثمثلة في الرجل غالباً , مما يجعل العجائز و الأطفال و النساء هي العين التي تفضح خديعة الصورة المتلفزة التي تخفي الواقع و تبدله . ب - أن النسق ينتج نفسه و نقيضه في آن واحد , و الدليل ما رأيناه من معارضات شديدة و مظاهرات ضد الحرب على العراق في المدن التي تدعم و تقود هذة الحرب . ج - أنه مع سرعه تغير الصورة أصب��نا نفتقد عامل الثبات في المعلومه التي نتلقاها و هو الأمر الذي أستخدمته أمريكا في إقناع الشعب بالحرب ضد العراق . د - بعض القصص الغريبة مثل قصه العبدالكريم و تحليله للحدث الإعلامي الشهير و هو المشي على القمر بأن ذلك لم يكن القمر نفسه بل الشيطان انتفخ و خيّل للإنسان أنه كوكب القمر , كما هي قصة الرجل الأمريكي الذي عاش في إحدى الكهوف في كاليفورنيا خوفاً من صدام حسين الذي عظم الإعلام الأمريكي صورته بعد حرب الخليج الثانية . هـ - أن الإعلام يخلق لك حقيقة مصورة و يدفعها بكل الإمكانات و الماديات حتى يدفعك لتصديقها ثم إذا صدقتها سخر منك , مما يجعل الإعلام يكذب نفسه بنفسه . في الفصل الثاني من الكتاب : أعجبتني طريقة تحليله للنظرية ( الثقافي / التفاهي ) و أصل هذة التسميات و كيف أنها ليست إلا مجرد مسميات أطلقها ذات النسق الذي يرفض التجديد في الخطاب الثقافي و الإعلامي , و ايضاً إتخاذه ل��ِ " برنامج سوبر ستار " مثالاً على أن هذا البرنامج جعل المسيطرين على الوجة الثقافي و الذين يظنون أنهم صوت الجماهير و ممثلوا الشعب قد صفعوا بشدة حينما أصبح للجماهير صوتها الخاص الذي تقرر من خلاله ما تشاء ما جعلهم يفيقون من سباتهم و يتباكون على أنفسهم مدركين حقيقة مُره هي أنهم لم يمثلوا للجماهير أي شيء فيما مضى , و إنما أوهموا أنفسهم بذلك . ايضاً أن محاربين هذا البرنامج من خلال نقدهم و محاربتهم له يتبين أنهم متابعين له بشدة و هذا دليل على أنهم يقبلون فكرة هذة البرنامج مع إنفسهم ولكن يرفضون طرحها على العلن بحكم أنهم قدوات و مسؤولين عن توجهات و ذوق الجماهير . في الفصل الثالث : أحببت الحديث المتعلق بنظرية أن الأعلام يبني صورة المجد الذي يغلف أصحاب الرئاسه و الوجهاء و يهدمها متى ما شاء , و مثل الدكتور بذلك على سيرة صدام حسين الذي كان يحرص على إلتقاط صور له دائماً مع بندقيته و مع الفقراء و اليتامى و أبناء الشعب .. كما ايضاً حرصه على توزيع التلفزيون على الفلاحين في القرى حتى يستطيعوا مشاهدة صورة التي تعرضها المحطه المحليه العراقيه على الدوام و من ثم بعد سقوط العراق تحت أيدي النظام الأمريكي شهد العالم سقوط و إنكسار صورة ذلك الرئيس من خلال إسقاط التمثال الشهير لصدام حسين , ايضاً كما هو الحال مع سيرة بوش الذي إستخدم الصورة المتلفزة ليربح الإنتخابات الرئاسيه ثم بعد مرور فترة على رئاسته و بدأ الحرب على العراق قام عدد من المعارضين لسياستة في الحكم بإسقاط تمثال وهمي له . في الفصل الرابع و الخامس : شدنيّ فكرة أنه مع سيطرة ثقافة الصور على المجتمع أصبح المجتمع يتوقع أن هذة الصورة ما هي إلا إنعكاس للواقع من أن المفترض أخذ الدلالات الصورية و تحويلها إلى معنويه , ايضاً ما يتعلق بتحليل اللباس على أنه رمز يغطي و يستر و في ذات الوقت يفضح و يعلن .. مثال ذلك العمامه حيث أتخذها العرب لتغطيه الرأس و زيادة طول القامة و في ذات الوقت هي رمز على شرف و رفعه مرتديها , ايضاً فكرة تسويق المرأة و قولبتها حسب القوانين الفحولية .. مثال على ذلك الكتاب الذي تم إصداره تحت مسمى " ماذا يعرف الرجل عن النساء " و هو عبارة عن كتاب من صفحات بيضاء تصل إلى 200 صفحه و هو دليل على أن الرجل لا يعرف شيئاً عن متطلبات المرأة و حياتها . في الفصل السادس : أحببت منطقية و حكمة الدكتور في تحليله و الرد على آراء أدونيس حول حجاب المرأة في فرنسا , ايضاً الحديث المتعلق حول قرار منع إرتداء الحجاب في فرنسا و كيف أن هذا من مصادرة الحريات و النقاش الطويل في هذا الموضوع و عرضه لنظريات و آراء مضادة حول هذا القرار , ايضاً رجع و أكد على نقطة أن الحجاب دلالاة رمزية متعلقة بالمرأة مع ذلك يتحكم الرجل في تخصيصها و قولبتها .. مؤكداً في ذلك أن الرجل يبقى المتسلط و المتحكم الأكبر في تكوين الصورة الأعلامية للمرأة أو على الصعيد العام . في الفصل السابع : كان الحديث على أن الصورة لا تحارب إلا بصورة مضادة لها , و يعلق على ذلك من خلال أحداث الحادي عشر من ستمبر , و من خلال محاربة ظاهرة ( الإرهاب ) في العالم . أحببت نظرية التضاد التي قام بصياغتها الدكتور من خلال بوش _ ( الشر ) _ بن لادن .. إلخ . في الفصل الثامن و الأخير : يعيد ترتيب ما رواه بالفصول السابقه من جديد , حتى يخرج لنا بخلاصة الحديث .. بشكل واضح !
هذا الكتاب كتاب مذهل , حيث يتعدى ثقافة التلفاز ليصل بنا إلى العمق و يحدثنا أكثر عن تأثيرات الصورة بشكل أعمق , أذهلني الدكتور أكثر بعد قرائتي له هذا الكتاب حيث أقنعني بحكمة المنطق الذي يتكلم به , و بأنهُ عقلية مذهلة و ذات رؤية عميقة و تحليلية يجدر بنا أن نتخذ من أراءه مرجعاً لنا في علم الصورة .. و ثقافة الإعلام المصور , حتى نفهم القضية و نعمل على حصرها و مداراتها . أشجع الكل لقرائته .
الثقافة التليفزيونية عبد الله اغذامي .................. الثقافة التليفزيونية كتاب لعبد الله الغذامي يتحدث فيه عن عصر جديد اصبحت فيه الصورة و ثقافة الصورة هي النوع الجديد المسيطر علي كل مصادر الثقافة الاخري . حيث كانت الثقافة في عصر الكتابة تحتاج الي وسيط ( المثقف او القاريء ) كي ينقل الثقافة الي الاخرين ، الا ان الثقافة في عصرنا الحديث لا تحتاج الي وسيط بين المرسل و المتلقي ، فالصورة تغزو العقول بلا واسطة و يفهم رسالتها الجميع دون وسيط من عقل كبير او مثقف كبير . كما ان الصورة لا تحتاج الي ترجمة من لغة الي اخري . عدم الحاجة الي وسيط انهت دور النخبة الناقلة للثقافة و افقدتها دورها تماما . الا ان للثقافة التليفزيونية بعض خصائصها السلبية منها اعتمادها علي نجومية الفرد او الحدث ،و الغاء السياق الذهني للحدث و قابليته للتلون التقني و قابيلته السريعة جدا للنسيان . كان الادب قديما التعبير الاكثر شعبية عن الثقافة ، فكان الانجليز مثلا يتباهون بشكسبير ، لكن الان اصبحت الصورة المتحركة في دور اسينما هي الصورة الاكثر شعبية للثقافة . الصورة في العصر الحديث مخيفة كما كانت مخيفة قديما ، فقديما كان الجهلاء يخافون من التصوير معتقدين انها تسلب جزءا من روحهم ،و في العصر الحديث نقابل كثيرا عبارة ممنوع التصوير ، و كثير من المؤسسات تمنع اصطحاب الات التصوير داخلها ، ذلك لان الصورة تفضح و تكشف و لا تحتاج الي مفسر او مترجم ، فالصورة عابرة للثقافات و اللغات . كثير من الدول في حروبها اعتمدت علي تسويق جيشها بصورة انسانية رغم بشاعة ما فعلوه عن طريق الصورة ، و كذلك فعل الارهابيون ايضا ، نشروا ارهابهم و ضخموا حجمه عن طريق الصورة ، فاصبحت الثقافة التليفزيونية في حاجة الي نقد لتحليل محتواها و تحديد مشاراتها التي يجب ان يتعامل معها الانسان من خلالها . كتاب جديد مميز للغذامي و هو ثاني كتاب اقرأه له و لن يكون الاخير و انصح به و بكل كتبه . ........................
إذا أردت أن تشرح أي قضية بوجهة نظر ثقافية ، فمن الأفضل أن تستعين بمبضع الغذامي الثقافي حيث يشرح الغذامي في كتابه هذه ، قضية الثقافة التلفزيونية من جانب ثقافي رائع وكيف أن الإعلام المرئي أستطاع أن يسقط النخبة ، أي النخبة العلمية من الكتاب والذين كان لهم صدى قوي في المجتمع وكيف أن الصورة أستطاعت أن تتضع المهمش في المجتمع إلى خانة المتن وكيف تعاملت النخبة مع هذا التبادل الذي حصل بينهم وبين من كانوا في الهامش كما قلل الكاتب من قضية الغزو الفكري عبر تخصيص جزئية عن قضية قدرة المتلقي على تأويل ما يستقبل من صور وعرج كذلك على فحولية الخطاب الذي يسيطر على الثقافة التلفزيونية بالإضافة إلى قضايا أخرى شيقة أخيراً صحيح أن الكاتب يتحدث عن ثقافة الصورة وكيف أنها أسقطت النخبة من الكتاب إلا أنك تستطيع أن تستبدل عبارة "الثقافة التلفزيونية" بعبارة "الثقافة الإنترنتية" لتجد نفسك تحصل على معلومات جيدة تعينك على فهم ما يشهد العالم من تطور إعلامي غير قواعد اللعبة
وهذه متعة في القراءة أحرص دائماً على أتابعها مقاربة النصوص المكتوبة مع ما يستجد في الساحة من قضايا تتعلق بها بشكل مباشر أو غير مباشر
بشكل عام ، تحدث الكاتب عن هيمنة ثقافة الصورة ، ومالها من دور كبير في بروز فئات كثيرة كانت مهمشة في السابق ، حتى أنها تسببت في تراجع دور النُخب كرموز قيادية. هي المرة الأولى التي أقرأ فيها كتاباً للدكتور الغذامي ، وقد أبهرني بقدرته العجيبة على التحليل الموضوعي وطريقة تقديمه للأفكار . إلا أن الكاتب لم يقنعني بأن "مقولة الغزو الثقافي أو الفكري ليست إلا مقولة واهمة"!
أعجبني الكتاب بشكل كبير. يقدم الغذامي في هذا الكتاب تحليلًا مبتكرًا وعمقًا فريدًا حول تأثير الثقافة التلفزيونية على المجتمع وتغيير الهيكل الثقافي.
من أبرز ما أحببته في الكتاب هو قدرة الغذامي على تسليط الضوء على المعلومات البديهية بطريقة تجعلك تعيد التفكير فيها من جديد. أسلوبه في تقديم وتحليل الأحداث مثل فيلم "أن تكون هناك" جعل القراءة ممتعة ومحفزة. لقد نجح في توضيح كيف أن الإعلام المرئي قد غيّر شكل النخبة الثقافية وأبرز الفئات الشعبية، بطريقة جعلتني أشعر بالدهشة والإثارة.
الكتاب يستعرض بإبداع كيف أن الصورة أصبحت أداة قوية في تشكيل الواقع وتوجيه الرأي العام. يعالج الغذامي موضوعات مثل تأثير الثقافة التلفزيونية على النخبة والأفراد، ويستعرض كيف أن الإعلام يصنع واقعًا قد يضللنا. أحببت التحليل العميق والنقدي الذي قدمه حول كيف يمكن للصورة أن تخلق حقيقة موازية وكيف تؤثر على تصوراتنا.
على الرغم من أن بعض الأجزاء كانت تتطلب مزيدًا من التفصيل، فإن الكتاب بشكل عام يُعتبر إضافة قيمة لمكتبة أي مهتم بالإعلام والثقافة. كانت قراءتي له ممتعة وجعلتني أعيد التفكير في تأثير الإعلام على حياتنا اليومية.
أنصح بشدة بقراءة هذا الكتاب لكل من يهتم بفهم كيف يمكن للثقافة التلفزيونية أن تؤثر على النخبة الشعبية. ستجد فيه رؤى جديدة ومعمقة حول هذا الموضوع المهم.
قرأت الكتاب في السابع عشر من مارس 2021، وأجريت التدقيق اللغوي في السابع من سبتمبر 2024.
جميلة مثل هذه الكتب التي تعطيك دراسات واقعية وتنقلك بالأحداث ��التواريخ والحقائق عبر تسلسل زمني عايشناه جميعاً تكلم الكاتب عن دور الثقافة التلفزيونية في تغيير وعلى حياة الأفراد وكيف أن الشاشة الصغيرة صارت رمز ثقافي مهم عند العوائل وكيف كان التلفزيون في بدايته مصدر استنكار ورفض وكيف تغطين بعض النساء حياء من المذيعين اعتقاداً منهم أنه رجل حقيقي وهذا الكلام صحيح كيف كانت المرأة المصرية ايقونة ورمز للموضة والأزياء وتحرص كل الفتيات العربيات على تقليدها بشكلها وبلهجتها أو اقلها الاعجاب بها ثم عند ظهور القنوات الفضائية واكتساح اللبنانيات مكانهن في القنوات الفضائية اختلفت المقاييس وصارت اللبنانية هي الاخرى مصدر اعجاب بل أن الرشاقة واللباقة صارت مطلب ضروري للفتاة الأنيقة بعكس عندما كانت الأفلام المصرية منتشرة لم تكن الرشاقة للسيدات مطلب مهم للاهتمام بالموضة وكيف أن برنامج مثل سوبر ستار مان مصدر سخط واستنكار من المشاهدين مع أن نسبة المشاهدات كانت جداً عالية له وحصلت الفائزة على تهنئة ومباركة من شخصيات عربية سياسية ومرموقة مثل الاستنكار على طاش ماطاش مع نسب المشاهدة العالية
ما أعجبني في هذا الكتاب هو تناوله للثقافة البصرية والإعلامية بأسلوب نقدي قائم على بحث وتحليل عميق. فلم يكن مجرد آراء شخصية مُقدمة بأسلوب نرجسي ككتب أخرى. فقد امتلك الكاتب ثقافة ومعرفة رفيعة، وعرض أفكاره بأسلوب واعي.
مع أن سنة النشر كانت قديمة بعض الشيء، إلا أننا ما زلنا نلمس تأثير مواضيع الكتاب حتى اليوم، رغم تغير الجهاز (من التلفزيون إلى الهواتف ووسائل التواصل الاجتماعي).
فقد تغيرت مفاهيم الثقافة لأن طريقة حصولنا على المعلومات ومعطيات المعرفة تغيرت بشكل كبير. أصبح الأفراد الآن يُحللون ما يرونه بسهولة ودون مرجعية واضحة، مما وسّع الفجوة بين "النخبة" و"الشعبويين".
ناقش الكاتب مواضيع متنوعة - بما في ذلك تأثير الملابس، والإعلام، والبرامج التلفزيونية، والمرأة في الإعلام، وغيرها من المواضيع المتشعبة - بأسلوب مبسط وسهل الفهم.
أنصح بقراءة الكتاب، لا سيما أن محتواه لا يزال مناسبًا لعصرنا، رغم صدوره قبل عشرين عامًا.
الكتاب ممتع جدا وتحليل الدكتور عبدالله ذكي ومثري معرفيا للمطلع ، ولكني اخالفه واعارضه بشده في موضوع الحجاب والارهاب تبريراته ضعيفه وحجته غير عقلانية نهائيا ، ويظل يبرر للحجاب كثقافة ولباس ويستغرب من الهجوم الغربي عليه ويتسائل لماذا لا يهاجمون الساري وملابس الثقافات الاخرى ، الفكرة ليست في اللباس وحده بل في الأيدولوجيا المتمثله به ، لو قام الهندوس بتفجير الناس وقتل الأبرياء وافتعال المشاكل في كل مكان وراحوا يفرضون لبس الساري بالإجبار على النساء لدرجة تصل للقتل وكان الساري يمثل الجماعات الهندوسية المتطرفة سنرى الغرب حينها ينتقد الساري والهندوس
لقد أثبت هذا الكتاب أن الصورة لا تقاومها إلا صورة تملك الدرجة نفسها من القوة والتعبير والمصداقية. فالصورة اليوم هي ثقافة وفكرة وإنتاج اقتصادي وتكنولوجي وليست مجرد متعة او محاكاة فنية هي لغة عصرية يشترط فيها تطابق القول مع الفعل وتمثل الحقيقية التكنولوجية بما أن الصورة علامة تكنولوجية ومؤشر انتاجي ومنطق مستقبلي.
الصورة متحركة والكلمة ساكنة ، في الصورةالتفاعل وجداني تسمع وتشاهد وتقرأ. أما التفاعل مع الكلمات والكُتب فهو مختلف ، في هذا الكتاب تحليل نقدي لثقافة التلفزيون وقرأة وتفكيك لثقافة الصورة الدكتور عبدالله الغذامي له سيرة طويلة مع نقد النصوص الأدبية، ولكن بعد ذلك اتجه من النقد الأدبي إلى النقد الثقافي، وهذا الكتاب "الثقافة التلفزيونية" نموذج على النقد الثقافي.
الدكتور عبدالله الغذامي يقدم نظريات عميقة عن ثقافة الصورة/الشاشة (بأنواعها الثلاثة: صورة شاشة الجوال/ صورة شاشة التلفزيون/ وصورة شاشة الإنترنت) ، ويقدم في الكتاب مصطلحات جديدة...صناعة المصطلح مسئلة علمية عميقة لأن كل مصطلح يحتوي على نظرية ، وكل نظرية لها مصطلح أو في الفيزياء معادلة رمزية. بالبداية: نظرية سقوط النخبة وبروز الشعبي النخبة والنخبويون هم الوسيط بين السلطة و المجتمع ، لذلك هذه الفئة كانت بارزة ومؤثره في المجتمع ، لكن بعد ثقافة الصورة يرى الدكتور عبدالله الغذامي بأن هذه الفئة"النخبة" سقطت وبرز مكانها "الشعبي" و ظهر صوت المهمشين والعوام ، وأصبح التأويل حرية مطلقة لكل أفراد المجتمع بعد أن كان خاصية للنخبه فقط (وتويتر خير شاهد)، رغم إن الدكتور عبدالله كتب "الثقافة التلفزيونية" وقت الحرب، ووقت دخول أمريكا للعراق في نهاية عام 2003 أي قبل "الربيع العربي" بسنوات وهنا إثبات على صحة نظريات الغذامي قبل وقوع الأحداث ، والناقد الواعي يرى المستقبل قبل وقوعه.. الصورة و العين: العين تُصدق أسرع من الأذن ،الذي تشاهده في التلفزيون هو برهان بصري لكن الدكتور الغذامي يقول رغم ان كل مايعرض على شاشة التلفاز موثق بالصورة إلا انه يقبل الصواب والخطأ كأي خطاب أخر رغم أن الصورة أصدق من ألف كلمة إلا أن الصورة في التلفزيون تمر بعملية المونتاج و الكتابة والإعداد قبل أن تعرض بمعنى انها "تأليف" وبالتالي هي مادة من الممكن أن تكون كاذبة ، ومن خلال الكتاب يعرف المتفرج ماذا يصدق و ماذا يكذب. التعامل مع الصورة: كعادة الدكتور عبدالله الغذامي في بعض كُتبه يحكي بعض القصص التاريخية الاجتماعية مع أي تحول ثقافي للمجتمع السعودي ، و في هذا الكتاب يذكر أمثلة على التعامل مع شاشة التلفاز في أيام البث الأولى، ويذكر بأن إمرأة كانت تشاهد التلفاز وعندما رأت المذيع غطت وجهها خوفاً بأن المذيع في الشاشة يستطيع رؤيتها كما هي تراه. المسلم الإرهابي: الكتاب يتطرق لنقاط مهمة منها الصورة النمطية حول الإسلام والإرهاب، وربط صورة المسلم ذهنياً بصورة الارهابي ، ويذكر أمثلة مختلفةعن ذلك في الكتاب. مُجمل الكتاب هو أن الثقافة مرت بمراحل أربعة حتى وصلت إلى ثقافة الصورة ومنها التلفزيونية، ويبدأ الدكتور في نقد هذا الخطاب التلفزيوني ليكون المتفرج واعي بمفهوم الصورة وتأويلها. أخيراً: الدكتور عبدالله في هذا الكتاب يعرض نقد سيميولوجي عن الفيلم السينمائي " أن تكون هناك" ونوعه كوميديا سوداء من إخراج هال أشبي ومن بطولة بيتر سيلرز ، وفيه يلعب بيتر سيلرز دور مزارع (فلاح) في حديقة قصر صغير، هذا الفلاح إسمه تشانس ليس لديه أي عمل حقيقي في الزورعة لذلك في السنوات العشرين الاخيرة وبسبب وحدته وقلة وقت عمله أصبح يتابع شاشة التلفاز بإدمان وتعلق هذا المزارع بجهاز التحكم بالشاشة (لتغيير القنوات) ، و كلما غضب أو فزع حول القناة وكلما ضحك بما فيه الكفاية غير القناة، وتعلق هذا الفلاح تشانس بجهاز التحكم بالتلفاز..فجأه.. مات صاحب القصر ويجب على تشانس الفلاح أن يغادر القصر ، وبعد الرحيل يصطدم تشانس بالواقع ويكتشف بأنه لايستطيع تغيير الواقع بجهاز التحكم بالتلفاز كما كان يغير القنوات، فيبدأ تشانس في تحدي حقيقي مع الواقع بعد تأثير التلفاز عليه طيلة عمر حياته..
من الكتب التي أشار إليها الدكتور عبدالله في أحد هوامش هذا الكتاب هو American Indian Myths and Legends وهو كتاب باللغة الأنجليزية ولكنه ممتع ولطيف عن ثقافة الهنود الحمر وأساطيرهم
أكثر ما يعجبني في كتب د.الغذامي أنه يأخذ شيء روتيني و يحلله و يفصل فيه ويجعلك تنظر له من منظور جديد مختلف! ولو خرجت من كتبه بهذا الشيء وحده لكفى
الثقافة التلفزيونية يتمحور حول فكرة تحول الخطاب والرأي من النخبة - وهم المثقفون و من كان لهم الرأي وحدهم في السابق - إلى الشعب. وكيف أن الكثير من الأنساق التي تعودنا عليها مثل الحكم على هذا الفن بأنه هابط مقارنة بالفنون القديمة ، هو مجرد رأي النخبة و ليس رأي الشعب!
فصوب الكتاب تتناول العديد من المواضيع التي تعزز تأثير الصورة الكبير في هذا العصر.
تكلم الكاتب عن الغزو الثقافي ، ووضح أن الثوابت والمعتقدات لا تتغير بسهولة حتى لو تغيرت المظاهر و اتُبعت الموضات. وأن الكثير من الأشياء التي يفعلها الشباب قد تكون رغبة في التعايش والتجربة وليست بالضرورة دليلًا على الغزو الثقافي.
ولكن الغريب هجوم الكاتب على النخبة المثقفة ثم اختزالها في الادباء ومن ثم اختزالهم في الشعراء وكأنه موقف شخصي والتناقض في دفاعه عن ظاهرة برنامج سوبر ستار وانه تعبير عن الشعوب وفي ذلك تناقض واضح لرأي المؤلف نفسه عن ثقافة الصورة التي تتجكم في الناس وعن النخبة الجديدة المتحكمة في الصورة وتجاهل تماما التأثير السلبي لهذا البرنامج وغيره في تخدير الناس عن همومهم الحقيقية واستنزاف اموالهم في الاتصالات والرسائل وتضخيم الوطنية الزائفة وزيادة الفرقة والتناحر بين العرب وهذا ما كان واضح جلي حينها من تبادل السباب بين الجنسيات المختلفة في الرسائل على الشاشات وفي المنتديات الاجتماعية على الانترنت. وأعيب على الكاتب التكرار والاطالة في العديد من الامثلة.