المصادر التاريخية الأصلية التي أرّخت للأحداث التي يتناولها هذا البحث، والتراث الثقافي الذي ينقل صورة المجتمع الذي عاصرها، والآثار التي تركها الذين عاصروا تلك الوقائع وشاركوا فيها, تبين بوضوح أن صلاح الدين لم يكن في بدايته سوى خامة من خامات جيل جديد، مر في عملية تغيير غيرت ما بأنفس القوم من أفكار وتصورات وقيم وتقاليد وعادات، ثم بوأتهم أماكنهم التي تتناسب مع استعدادات كل فرد وقدراته النفسية والعقلية والجسدية، فانعكست آثار هذا التغيير على أحوالهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية، وسددت ممارستهم ووجهت نشاطاتهم. والذين قادوا عملية التغيير هم أناس عاشوا قسوة الأحداث، وتجرعوا مرارة التجارب والأخطاء والإغراق في الفكر والممارسات العملية، وذاقوا حلاوة الإصابة وخلصوا من ذلك كله إلى تغييرها بأنفسهم أولا ثم إلى بلورة تصورات معينة واستراتيجية خاصة انتهت بهم إلى وجوب تكامل الميادين والتخصصات والى تضافر جميع الهيئات والجماعات. وبعد ذلك كله مضوا في تنفيذ هذه الاستراتيجية طبقا لخطوات مرحلية متنافسة مقدرة في انتهوا إلى الخطوة الأخيرة. وهي إعلان التعبئة العامة والجهاد العسكري. وكان مقدار النجاح الذي حققوه في جهادهم متناسبا مع درجة الصواب والإخلاص في استراتيجياتهم. ولا شك أن وقوف القارئ على تفاصيل هذا التغيير ومظاهره ومراحله التي جرت في المجتمع الإسلامي سواء في المرحلة التي مهدت للغزو الصليبي آنذاك، أو المرحلة التي هيأت الأمة لدفع هذا الغزو، يقدم الدرس المفيد في محنتنا التي تواجه إزاء عوامل الضعف التي تعمل في كياننا من داخل والأخطار التي تهددنا من خارج!! وهذا هو ما استهدفته هذه الدراسة التحليلية للتاريخ بغية الإسهام في تبصير المسلمين وقياداتهم الفكرية والسياسية والاجتماعية والتربوية للاستراتيجية الصائبة في حشد الطاقات وتؤهلهم لمواجهة التحديات
درس في الجامعة الأمريكية في ( بيروت ) و جامعة القاهرة و الجامعة الأردنية , ودرّس في جامعة ( أم القرى ) في قسم ( التربية الإسلامية ) . مهتمٌ بالتربية , والنهضة , والإصلاح
عرفناه من خلال كتاب ( هكذا عاد صلاح الدين وهكذا عادت القدس ) ولكن له - في الحقيقة - كتب أعمق و أهم منه .. وهيَ : ( 1 ) تطور مفهوم النظرية التربوية الإسلامية . ( 2 ) الفكر التربوي عند ابن تيمية ( رسالة الدكتوراه ) . ( 3 ) أهداف التربية الإسلامية . ( 4 ) مقومات الشخصية المسلمة . ( 5 ) الأمة المسلمة . ( 6 ) فلسفة التربية الإسلامية . ( 7 ) رسالة المسجد . ( 8 ) حياة الإنسان في العالم العربي . ( 9 ) التربية والمستقبل في المجتمعات الإسلامية . ( 10 ) الخطر الصهيوني على العالم الإسلامي . ( 11 ) أهداف التربية الإسلامية . ( 12 ) أصول العقل الأمريكي وتطبيقاته الاقتصادية والسياسية والعسكرية . ( 13 ) صناعة القرار الأمريكي .
قبل أن أتحدث عن هذا الكتاب, سأطلب منكم أن تستذكروا معي هاتين الآيتين وتحفظوها جيدا: وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ القَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ
قرأت هذا الكتاب منذ 2003 لغير نظرتي في فلسفة التاريخ, وعلاقته بالمستقبل.. تماماً
هو مهدى للذين يتطلعون إلى الصحوة ويقلبون وجوههم في السماء متضرعين إلى الله لرؤيتها..
يقول الكيلاني في الكتاب (بتلخيص) :
إن التغيير لا يكون مثمراً إلا إذا واجهته قوانين أشار إليها القرآن الكريم وهي:
1) أن يبدأ التغيير في محتويات الأنفس ثم يعقبه التغيير في الميادين الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعسكرية والإدارية والقضائية وسائر ميادين الحياة الخارجية. ومحتويات الأنفس ذات معنى واسع يشمل الأفكار والقيم والثقافة والاتجاهات والعادات والتقاليد كما يشمل التصور عن المنشأ والكون والحياة والمصير ويشمل نوع الإرادات النفسية إن كانت تقتصر على بقاء الجسد البشري ومتطلباته في النكاح والغذاء والكساء والمأوى أم تتعداها إلى إرادات رقي النوع البشري ومتطلباته في الأمن والاحترام والعدل والإحسان
2) إن التغيير إلى الأفضل أو الأسوء لا يحدث إلا إذا قام ( القوم ) مجتمعين وليس ( الأفراد ) بتغيير ما بأنفسهم وإن آثار هذا التغيير الجماعي تنعكس على ما بالقوم من أحوال سياسية واجتماعية واقتصادية وعسكرية بنفس القدر الذي يحدث به تغيير ما بالأنفس
3) إن التغيير المثمر يحدث حين يبدأ ( القوم ) بقسطهم من تغيير ما بأنفسهم فإذا أحسنوا هذا التغيير التربوي والفكري تبعه التغيير المثمر في مجالات الاقتصاد والسياسة .....
وفهم طبيعة هذا التغيير والاستفادة من قوانينه يجب أن يراعي شرطين اثنين: الإحاطة الكاملة بحلقات السلوك الذي يفرز الظواهر الاجتماعية والرسوخ بتفاصيلها وتركيبها
والتزام هذه الفلسفة التاريخية في دراسة الأحداث واستراتيجيات الأحداث التاريخية يقود إلى الاستنتاجيين التاليين:
الأول: إن فترات القوة والمنعة في التاريخ الإسلامي إنما ولدت حين تزاوج عنصران هما الإخلاص في الإرادة والصواب في التفكير والعمل فإذا غاب أحدهما فلا فائدة من الجهود التي تبذل
والثاني: برهن التاريخ الإسلامي وغير الإسلامي على أنه حين تقوم شبكة العلاقات الاجتماعية على أساس الولاء الشامل ل ( أفكار الرسالة ) التي تتبناها الأمة وتعيش من أجلها فإن كل فرد في المجتمع يصبح مصاناً ومحترماً سواء أكان حياً أو ميتاً ومهما اختلفت آراؤه مع الآخرين لأن الصراع يوجه إلى خارج المجتمع فتتوحد الجهود وتثمر. أما عندما تتشكل شبكة العلاقات طبقاً لمحاور الولاء العشائري والمذهبي والإقليمي وطبقاً للدوران في فلك الأشخاص فإن الإنسان يصبح أرخص شيء داخل المجتمع وخارجه فيتمزق المجتمع إلى شيع يذيق بعضها بأس بعض
كتاب مميز جداً, لن تندموا أبداً على قراءته.. أعدكم
الكتاب الذي غيّر حلم طفولتي بعد أن كان: أحلم أن أكون صلاح الدين صار: أحلم أن أكون أبوحامد الغزّالي
فصلاح الدين لم يكن هو البطل بل كان فردًا وسط جيل بطل كان كلّ فرد فيه مستعدًا لفتح القدس العبرة إذًا في صناعة هذا الجيل العبرة أن أكون حجّة الإسلام اليوم ومن هنا توثّقت علاقتي بالمعرفة والتربية
ان قراءة هذا الكتاب بعد كتاب "قصة الحروب الصليبية للدكتور راغب السرجاني " قد تعطي امل لكل المحبطين في عصرنا من الحال التي وصلنا لها والفتور الذي يعم أرجاء البلاد الاسلامية في اغلب اقطارها فربما تكون هذه الفترة الممتدة بشكل رئيسي في القرنين الرابع والخامس الهجري مشابهة كثيراً لعصرنا وربما اسوء بكثير انتشر فيها تنازع الحكام على السلطة وسوء ادارتهم لبلادهم ما ادى الحال ببعض المسلمين لاكل بعضهم من الجوع الذي عم البلاد انتشار السرقات والفساد في اسوء صورها ، نزاعات طائفية اجتاحت ، الفرق السنية التي ارهقت الدماء لاسباب واهية فيما بينها
رجال دين يقدسون الحكام ويستغلون الدين للتقرب منهم والحصول على أعلى المناصب ورغد العيش مما أدى لفقدان الثقة فيهم من قبل الشعب وتوجه الكثير منهم للتيارات الفلسفية المنتشرة في وقتهم كما يتوجه كثير من شبابنا اليوم للتيارات الالحادية
وقد أدركت من هذا الكتاب المعنى الحقيقي لكون العلماء ورثة الانبياء فيجسد الكتاب في أغلب صفحاته جهود الغزالي وعبد القادر الكيلاني ومن عاصروهم من المخلصين في قلب حال المجتمع وبناء الجيل الذي أخرج صلاح الدين
استغربت من طرح الكاتب في الفصل الاخير من الكتاب أن التاريخ لا يعيد نفسه وأنه يرى أن الشعوب لا تتعلم من التاريخ ولا تأخذ منه العبرة حتى وتعيد الوقوع في نفس الاخطاء واستشهد بالاية : وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَىٰ مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا وقد اوافقه الرأي الثاني أن الشعوب غالبا ما تعيد اخطاء التاريخ ذاتها ولا تعتبر منها ولكن أليس هذا بالضرورة يحتم أن يعيد التاريخ نفسه طالما أن الشعوب تكرر نفس الاخطاء ؟ لا أرى أن التاريخ سيعيد نفسه بصور مطابقة دائماً ولكن الصورة العامة واحدة ولو تغيرت التفاصيل أحيانا والأسماء والمناطق ولا يستثني هذا القول أن تظهر بعض المفاجآت نادراً
تعليقي على النقطة الاخيرة مجرد انتقاد بسيط لا يلغي أن الكتاب جيد جدا في مجمله وينصح بقراءته كتاب قصة الحروب الصليبية يعطي الصورة العامة عن هذه الحقبة وهذا الكتاب يعطي صورة اكثر تفصيلا فربما تعطي قراءتهم معا صورة إجمالية أفضل لمن يحب
بعض الزعامات التاريخية تتحول مع الوقت لتصير بمنزلة “أيقونة” تمارس دوراً عاطفياً في إلهاب مشاعر الجماهير، خاصة عندما ترتبط هذه الزعامات بنصر تاريخي تفتقده الجماهير وتتوق للحصول على ما يماثله في حاضرها..
هذه “الايقونة ” توظف شخصية الزعيم المعني خارج سياقها التاريخي تماما، بل خارج أي سياق إنساني أحيانا، بطريقة تمجد الصفات الشخصية للفرد وتجعله فرداً خارقاً “سوبرمان” عجزت الأمهات عن ولادة مثله (أو تربية مثله).. و قد يحدث أحيانا أن الجيل- الذي ينتمي له الفرد- سيوظف بأكمله داخل سياق تاريخي – شخصي حيث سيعتبر أن الفرد هنا جزء من “جيل” كامل، وجد ظروفاً معينة لتنشئته، مما رفع مستوى الجيل ككل وأنتج ذلك الفرد – البطل..
بكل الأحوال، فإن استلهام و استثمار النموذج الأيوبي تحديداً، سواء كفرد، أو كجيل، كان أمراً مغرياً دوماً من قبل المؤسسات السياسية والدينية والثقافية ، ويعود ذلك “الاستثمار” إلى عوامل تجعل من الوضع الذي (غيّره) صلاح الدين شبيهاً بالوضع الذي نعيشه اليوم وبالتالي سيبدو (الترياق) الأيوبي هو الأنسب لوضعنا الحالي…
أول هذه العوامل واقع التفتت والتجزئة الذي كان سائداً قبل صلاح الدين، وهو واقع يشبه إلى حد كبير واقعنا المعاصر، كانت الدولة الإسلامية قد تفتت إلى دويلات وإمارات صغيرة بعد ضعف الخلافة العباسية ، وكانت هذه الدويلات متناحرة ومتحاربة فيما بينها رغم وجود مظاهر شكلية لولاء مشترك للسلطان (السلجوقي في تلك الفترة) و الدعاء له على المنابر، وكان أمراء هذه الدويلات كثيراً ما يتحالفون مع الأعداء ضد بعضهم البعض ، رغم ان بعضهم كان ابناء عمومة.
ثاني هذه العوامل أن (العدو ) – (الآخر) في النموذج الأيوبي كان الفرنجة، (وهو الاسم الذي كان المسلمون يسمون به ما عرف لاحقاً بالحملة الصليبية)، وكان الفرنجة هنا يمثلون “احتلالاً” أجنبياً، يشبه في نواح ظاهرية عديدة، ليس أقلها الدين ولا الانتماء القارّي، الاستعمار الغربي الذي واجهته شعوبنا في العصر الحديث.
أما ثالث هذه العوامل وأكثرها حساسية وتأثيراً في الوجدان المسلم فترتبط بالقدس، التي تحتل مكانة مقدسة لا مثيل لها بين المدن الإسلامية، بعد مكة والمدينة طبعاً، فهي اولى القبلتين، وهي مسرى النبي عليه الصلاة والسلام، وهي التي تضم مسجد الأقصى الذي الصلاة فيه تعدل خمسمائة صلاة في غيره من المساجد.. إلخ وكل هذا يجعل لها أمراً جارحاً للكرامة والوجدان المسلمين..
هذه العوامل المشتركة الثلاثة (التجزئة، الآخر الغربي- الفرنجة، واحتلال القدس) جعلت من الأوضاع التي تمرد عليها صلاح الدين شديدة الشبه بأوضاعنا المعاصرة، وجعلت من نجاحه (في تحرير القدس على الأقل) وهزيمته لجيوش الصليبيين، نموذجاً يجب أن يحتذى للوصول إلى انتصارات مماثلة. وهكذا، تم استثمار النموذج الأيوبي (الكردي أساساً!) لصالح فكرة القومية العربية إبان مدها في فترة الخمسينيات والستينات من القرن الماضي.
...
وهكذا أيضاً، وكتجسيد للحلم بإنجازات صلاح الدين وانتصاراته (الوحدوية) فقد اتخذت أكثر من دولة عربية رمز الدولة الأيوبية (العُقاب) الذي عرَّف خطأ أنه النسر، والذي صار الشعار الجمهوري المعروف كرمز لأكثر من دولة عربية إلى يومنا هذا..
انكسار التيار القومي لاحقاً، وبعد فترة وجيزة جداً من أوج مده، لم يؤدِّ إلى استبعاد النموذج الأيوبي على الإطلاق، لأن التيار الإسلامي الذي انتشر وساد عقب انكسار التيار القومي وجد أنه أحق بصلاح الدين من أولئك العلمانيين، فصلاح الدين كان كردياً بعد كل شيء، دولته بنيت على الإسلام، وليس على العرق أو القومية.. وإذا كان هناك من يحق له استثماره، فالإسلاميون أولى بذلك، خاصة وأن انهيار التيار القومي وصعود التيا�� الإسلامي تزامن مع ضياع كامل للقدس، ولمسجد قبة الصخرة خصوصاً، بعد هزيمة 1967 م..
وهكذا تم استلهام تجربة صلاح الدين من جديد، واستثمارها لصالح إيقاد مشاعر الحماس والثقة بالنصر..
...
والانت��ال من صلاح الدين – الفرد – إلى صلاح الدين الجيل، نقطة تحسب حتماً للتيار الإسلامي، رغم أن التنظير لذلك أبدل الزعيم الفرد، بالمفكر الفرد (الإمام الغزالي في هذه الحالة) باعتبار أنه الذي أنتج المدرسة الإصلاحية التي تربّى عليها هذا الجيل، ورغم إشكالية الوقوع في الفرد مجدداً، إلا أنه لا شك أن المفكر الفرد، أفضل بكثير من الزعيم الفرد مهما كانت مآخذنا على الفكر وعلى المفكر..
و شخصياً لا يمكنني أن أتجاوز بعض الملاحظات الأساسية على الأمر، منها عدم وجود دليل واضح على الربط بين ما أنتجه الغزالي (على أهميته من جهة تنوعه خاصة) وبين ما فعله جيل صلاح الدين، ومنها أيضاً أن نتاج الغزالي كان يحتوي ضمناً على “مثبطات” سلبية لا يمكن تجاوزها، ولا يمكن تجاوز آثارها السلبية أيضاً على المجتمع فيما لو اتيح لها التأثير الواسع ، و هو الامر الذي يتعارض مع فكرة “الاصلاح الغزالي” الذي تبنته الدراسة الرائجة ، ومنها أيضاً أن الترويج لهذا الآن يبدو ترويجاً لمنظومة أشعرية العقيدة شافعية المذهب و لست واثقاً أن هذه المنظومة يمكن لها أن تكون فعالة اليوم كما كانت في السابق. كما إن التركيز على نجاحات الانتصار العسكري و تحرير القدس يجعلنا نغفل عن بعض اخفاقات التجربة و الذي تمثل في سرعة تفتت الدولة الايوبية على أيدي أبناء صلاح الدين مباشرة..
لكن تحفظي الأساسي أسبق من ذلك كله، تحفظي الأهم يستوجب إعادة النظر في كون أوضاعنا المعاصرة تشبه الأوضاع إبان وقبل صلاح الدين الأيوبي..و هو الامر الذي عدّه التيار الاساسي مسلمة لا جدال فيها .. وهذا الأمر، يؤدي طبعاً، إلى إعادة النظر في مسألة استلهام النموذج الأيوبي ككل.
ما أقصده هنا، هو أن أمراضنا الحالية قد تشبه في بعض أعراضها الأمراض التي كان النموذج الأيوبي علاجاً لها، لكن أمراضاً كثيرة قد تتشابه في أعراضها دون أن يجعل ذلك منها مرضاً واحداً.. وإذا كان التشخيص خاطئاً، فإن الترياق الأيوبي، الذي نجح في سياقه، لن يعود ناجحاً ولا ناجعاً الآن، وهذا قد يفسر جزئياً على الأقل، السبب في الفشل المزمن الذي حاق بكل من حاول استلهام النموذج الأيوبي في الوقت الحاضر.
فواقع التجزئة والتفتت إلى دويلات، وإن بدا مماثلاً للوهلة الأولى، إلا أن جذوره مختلفة تماماً، فالتجزئة آنذاك كانت واقعاً سياسياً ناتجة عن هرم وضعف الدولة العباسية في مرحلتها تلك، كانت الدولة قد مرت بمراحل نشوئها وازدهارها، ولم تستطع أن تؤخر تدهورها وانهيارها أكثر من ذلك، وكان التفتت وتعدد السلطات السياسية، مظهراً من مظاهر ذلك الضعف.. رغم ذلك، فإن التجربة لم تكن قد كرست بعد، ولم تتعد المظهر السياسي، وكان حتى هذا المظهر السياسي يحتوي على مظاهر لا تخلو من مغزى، مثل الدعاء للسلطان، أو للخليفة، حتى وإن كان ذلك مجرد شكليات، إلا أنها صبت عموماً في داخل ذلك الشعور العام للمسلمين أن دولتهم دولة واحدة، وأنها كلها “دار إسلام”…
تجزئتنا اليوم من نوع مختلف جداً، وإذا كان لا بد من تشبيه، فهي لا تشبه أبداً تفتت الدولة الضعيفة من بعد قوة وازدهار، بل لعلها تشبه إلى حد كبير التفرق الأساسي الذي يسبق الوحدة والاتحاد، أي يشبه وضع القبائل العربية الممزقة في الجاهلية، قبل أن يوحدهم الإسلام..
أي حديث عن النموذج الأيوبي غالبا ما يتجاوز هذه الحقائق التي تراكمت وتفاعلت، الوحدة في النموذج الأيوبي ضمن سياقه التاريخي كانت تأسيساً على ما سبق، كانت امتداداً لما كان موجوداً أصلاً وإن تعرض لثغرات وهنات.. وكان وجود قيادة سياسية طموحة وقوية مثل قيادة صلاح الدين كفيلة بإرجاعها إلى ما كانت عليه..
أما اليوم، ومع كل ما تكرس فإن الوحدة يجب أن تتأسس من جديد، تبدء من نقطة جديدة،مستندة إلى “مشترك” بدأ يقل يوماً بعد آخر.. وهو أمر لا يمكن لأي قيادة سياسية أن تفعله وحدها، لأنه لا يدخل في إمكاناتها، وإنما يدخل في البنية التحتية الثقافية والاجتماعية..
الأمر الثاني الذي له أهمية قصوى هنا هو أن (الآخر) في الحالتين، رغم أن لون بشرته بقي نفسه ، إلا أن كل شيء عدا ذلك قد تغير كثيراً، كان الفرنجة أيام النموذج الأيوبي، يمثلون أوربة قبل أن تمر بنهضتها وتنويرها، كانوا لا يزالون في عصورهم المظلمة، في قرونهم الوسطى، كانوا لا يزالون ممالك متفرقة ومتناحرة، تمكنت دعوة البابا من أجل إنقاذ قبر المسيح من أيدي “الكفار” من تجميعهم وتنفيذ تلك الحملات الصليبية التي تختلف كثيراً – في جوهرها – عن الحملات الاستعمارية لاحقا ، فقد كان الفرنجة آنذاك في درجات متدنية من السلم الحضاري مقارنة بالمسلمين الذين كانوا في اعلاه ، صحيح ان ضعف الدولة الاسلامية و تفرق المسلمين أغرى الفرنجة على الغزو لكن ذلك حدث مرارا و تكرارا مع أقوام مختلفين تمكنوا من إحداث خرق هنا و هناك ثم ما لبثوا ان هزموا أو ذابوا في المحيط المسلم الاكثر تحضرا ..
بعبارة اخرى أي مقارنة على كافة الاصعدة الحضارية كانت ستكون لصالح المسلمين، صحيح إن حضارتهم كانت قد شاخت و أصابها ما يصيب الحضارات من تدهور و إنحلال إلا ان تراكم الخبرة الحضارية كان يجعلهم في وضع أفضل بالمقارنة ، خاصة عند توافر القيادة السياسية التي تستثمر تراكم الخبرة هذا..كما ان مفهوم “العدة و الاسلحة” في تلك الفترة لم يكن يشبه مفهومها اليوم و اسلحة الطرفين لم تكن تختلف كثيرا إن لم تكن لصالح المسلمين.
أما “الآخر” اليوم ، و منذ ان جاءنا منذ حوالي قرنين فقد اختلف كثيرا و لم يبق فيه مالم يتغير سوى لون بشرته ، لقد إختزن اللحظة الصليبية في لاوعيه لكنه اضاف الى ذلك نهضته و تنويره و قيما أخرى كثيرة قد نختلف قي تقييم منطلقاتها و أهدافها لكن قد لا نختلف أن هذا الاخر قد تمكن من تحقيق هذه الاهداف و انجز خلال ذلك ما لا ينكر على اصعدة مختلفة ، المهم ان هذا الآخر قد خرج بنجاح من عصوره الوسطى المظلمة و انجز قطيعة شبه تامة معها نحو عصر تنويره..
أما نحن فقد أنجزنا قطيعتنا مع عصور إزدهارنا و نهضتنا وولجنا في قرون وسطى لن يكون من المبالغة القول انها لا تزال مستمرة حتى ألان.. كان الفرنجة يشعرون بالنقص تجاه المسلمين رغم انهم عدوهم كفارا و أعملوا فيهم السيف و الذبح و لعل الادبيات الغربية التي اشادت بفروسية و نبل صلاح الدين كانت جزءا من الانبهار بالاكثر تحضرا.. لكن عودتهم الثانية كانت بمقاييس مختلفة : نظرتهم لنا صارت فوقية ، بينما الانبهار صار من نصيبنا و عقدة النقص سكنتنا نحن ، الآخر الذي رفس بقدمه قبر صلاح الدين و قال “ها قد عدنا يا صلاح الدين” كان قد عاد مدججا ليس بأسلحته فحسب ، بل بنهضته و تنويره التي انتجت تفكيره الجديد بالاضافة الى تلك الاسلحة..
بسبب من كل ذلك لا يمكن إعتبار سقوط القدس في الحالتين متشابها ، سقوط القدس الاول كان نتيجة لضعف سياسي و شيخوخة دولة ، اماالسقوط المعاصر فهو نتيجة حتمية لمسلسل انهيار حضاري وثقافي طويل، وسقوط القدس يمثل كل تخلفنا أمام كل حضاراتهم، فإسرائيل في النتيجة النهائية هي جزء من الحضارة الغربية بقيمها ومنطلقاتها، وإن امتلكت خصوصيات أخرى…
الطريق إلى القدس اليوم إذن، ليس على الإطلاق هو نفسه الطريق إلى القدس يوم حطين.. إنه لا يمر بالإصلاح السياسي ولا حتى بالمنظومة القيمية نفسها التي ساعدت في هذا الإصلاح، الأمر صار أعقد الآن، الطريق إلى القدس يجب أن يمر بكل ما هو نحن، بإعادة نظر شاملة في كل ما تراكم حتى الآن ، في إعادة بناء الذات على أسس هي نفسها الأسس التي حققت الفتح العمري للقدس، وليس التحرير الأيوبي لها.. فالنموذج العمري هنا يمثل ما يجب أن نستلهمه، إنه نموذج النهضة الشاملة التي حققها ذلك الجيل، النهضة التي حققت قطيعة مع ما سواها وأنجزت منطلقاتها وأهدافها..النهضة التي هي أكبر بكثير من مجرد نصر عسكري أو تنمية اقتصادية ..
ليس الإصلاح إذن على طريقة صلاح الدين (الناجحة بالتأكيد في سياقها)، لأن سياقنا الآن تجاوز تماماً إمكانية الإصلاح من هذا النوع، صار آيلاً للسقوط بطريقة لا يجدي فيها الترميم الذي يقترحه الترياق الايوبي..
إنها النهضة إذن، النهضة المستمدة من تلك القيم القرآنية التي شكلت ذلك الجيل الأول الذي أنتج ضمن ما أنتج رجالاً أمثال عمر، وأبو عبيدة، وسعد.. النهضة التي تحتاج منا ان نفهم كيف تفاعل ذلك الجيل مع القرآن و قيمه و انجز قطيعته الحاسمة مع مفاهيم الجاهلية و دخل عصر نهضته و تنويره..نحتاج الآن، في مفترق طرقنا الحاسم اليوم، أن نبحث عما يمكن أن نقول عنه: هكذا ظهر جيل “الفتح”.. هكذا ظهر جيل عمر..
الفكرة العامة للكتاب تؤكد أن صلاح الدين لم يكن فردا, وإنما ممثلا لجيل كامل سبقه إصلاح مجتمعي نتج عنه دحر الفرنجة في معركة حطين.
هذا الكتاب يعطي بصيصا من الأمل لأصحاب النظارات السوداء بأن الماضي في بعض جوانبه كان أسوأ من الحاضر...كانت المذاهب السنية تتناحر فيما بينها! أين يحدث هذا اليوم؟
العمل الصالح هو: العمل الصواب + النية الصادقة
عمل صواب بلا نية صادقة لا يقبل, ونية صادقة بلا عمل صواب لا يفلح
كتاب فيه الكثير من الجهد لصنع الكثير من التلفيق.. وهو أحد إنتاجات المدرسة التي أسميها "الدعاة بالتاريخ" حيث يستخدم التاريخ لإثبات الفكرة وليس استخلاص الدروس من التاريخ.. وهذا الكتاب يريد إثبات أنه لابد من "تكوين جيل" للوصول إلى النصر والتحرير
الكتاب مذهل وهو بحق كتاب تاريخي وعلى رغم صغر حجمه "٤٠٠ صفحة" إلى أنه حوى أهم القواعد والمرتكزات التي بها تنهض الأمة
وهكذا فليكن التحليل التاريخي القراءة للتاريخ بهذا الأسلوب هو ما سيجعلنا نستثمره الاستثمار الحق
الكتب يستحق أن يُقرأ مرات وأن تبنى عليه الأبحاث والدراسات، فقد وضع فيه الكيلاني رحمه الله عصارة النظريات النهضوية، وقدم أفضل الأمثلة على سبل التطبيقات العملية
يشير العنوان اشارة مبدئية إلى النظرية التي يفترضها الكاتب : النصر الذي حققه صلاح الدين لم يكن انتصارا فردياً يعتمد على صفات شخصية فذة ، بل كان في حقيقته ثمرة عمل ثلاثة أجيال متتابعة بدأت مع الامام الغزالي حتى وصلت لصلاح الدين .. و هذه نظرية مهمة تستحث التفكير و التأمل و البحث .. الكتاب فيه العديد من النقاط الإيجابية التي تحسب له و أهمها تقديم صلاح الدين كانسان " ممكن " انسان له أخطائه التي تعلم منها و تجاوزها ، انسان ابن بيئته . النقطة الثانية التأكيد على العمل الجماعي كحتمية أساسية للتغير فالله لن يغير ما بقوم سواء أكان التغير للأفضل أو الأسوء حتى يغيروا ما بأنفسهم . النقطة الثالثة تحويل البطل المنتظر من " قائد عسكري " إلى " مفكر ". النقطة الرابعة هي تقديم الفترة التاريخية التي تناولها البحث من منظور اجتماعي و اقتصادي و سياسي ما جعلني أفهم الفترة بشكل أفضل .
إلا أن الفكرة التي قدمها الكتاب تبقى نظرية تحتمل الصواب و الخطأ ، إذ أن الكاتب لم يقنعني بالأدلة التي قدمها كرابط بين الامام الغزالي و صلاح الدين ، و لم يفسر سبب الانهيار و الضعف للجيل الذي يقدمه باسم جيل صلاح الدين بعد وفاة صلاح الدين مباشرة و اقتسام دولته بين أولاده . هناك اشارة إلى تشابه ظروف الفترة التي عاش فيها الامام الغزالي رحمه الله و الظروف التي نعيشها حالياً ما يجعلنا نصل إلى استنتاج منطقي هو أن الحل الذي نفعهم سيحل مشاكلنا حتماً وهذا الافتراض خاطئ إذ كما يقول الكاتب التاريخ لا يعيد نفسه .. أما التناقض الكبير الذي وجدته في نظرية ماجد عرسان الكيلاني هو التركيز على أن التغير لن يحدث إلا نتيجة عمل جماعي من جهة ، و تقديم الإمام الغزالي كمنقذ الأمة من جهة أخرى ..
هناك الكثير من الحشو الإطالة و التكرار في الكتاب و اسلوب الكاتب في تقسيم فكرته إلى بنود يشبه كتب التاريخ المدرسية المملة و أعتقد أن فكرة الكتاب يمكن أن تقدم في 200 صفحة على الأكثر
جمل أعجبتني :
- إن الملك و الإسلام مع الظلم لا يدوم , و أن الملك و الكفر مع العدل يدوم .
- إن الله لا يغير ما بقوم من أحوال أسيفة حتى يغيروا ما بأنفسهم من معتقدات و أفكار و مفاهيم و اتجاهات و طرائق تفكير و قيم و معايير .
- ضرر الشرع ممن ينصره " لا بطريقة" , أكثر من ضرره ممن يطعن فيه " بطريقة ", و هو كما قيل عدو عاقل خير من صديق جاهل .
- فكن أحد رجلين : إما مشغولاً بنفسك , و إما متفرغاً لغيرك بعد الفراغ من نفسك . و إياك أن تشتغل بما يصلح غيرك قبل إصلاح نفسك .
كان عنوان الكتاب محفزا كبيرا لي للبدء بقراءته واكماله،، رغم بعض النمطية التي شابت الكتاب. هكذا ظهر (جيل) صلاح الدين وليس هكذا ظهر صلاح الدين. نعم.. إن في العنوان شيد يشير إلى وعي الكاتب بأن التغيير جماعي ، وأن التغيير لا يحدث على يد مخلص يأتي ليتقذنا،، إنا لتغيير عمل يد جماعي،، يتطلب جيلا أو أجيالا، ويتطلب مجتمعا ، إن التغيير لم يكن يوما علي يد شخص واحد فقط وإنما هو تراكمات تغييرات على يد جماعات.
هناك في الكتاب ما يشبه كثيرا وإلى حد ما ما نعانيه الآن ، أيام انحطاط المسلمين أقصد هناك تشابه كبير مع ما يحدث الآن، من الدوران حول الاشخاص، و الاهتمام بالسلطة و المال لا العدل.. الاختلاف بعنف مع الاخر ورفضه، حتى ان بعض الطلاب يتعاركون حول المساجد بسبب اختلافات فقهية.
تشابه الأوضاع والأمراض ليس بالضرورة أن يعني تطابق الحلول، نعم التاريخ يعيد نفسه، لكن الحلول تتجدد وتتغير حسب الزمان والأشخاص. لكني أؤمن أن الحلول تنطلق من نقطة واحدة.. العودة للقرأن والسنة والعلم،. ثم يتم التغيير بما يناسب الوضع والزمان والمكان. التغيير يبدأ من الأسفل وهذا ما حصل ذلك الوقت، وهذا مايجب أن يحصل الآن.
أرشح الكتاب للقراءة من قبل الجميع، فهو بحث يستحق أن يدرس بعمق ، و يُتأمل ، ونستخلص منه دروسا، بدون أن ننتشر الكاتب أن يخرجها لنا
لدي ملاحظة شخصية علي عدم موضوعيته في موقفه من الغزلي، فأجده يدافع بشدة عن شخصه، والحقيقة أن الجميع لايدري مالذي حدث بالضبط، التاريخ معرض للتغير و الخطأ. كنت أجد في حديثه حول الغزالي الكثير من التحيز، لاثبات فكرة ما . وهذا مالم يعجبني، رغم ان شخصية الغزالي بالنسبة لي ساحرة. لكن طريقته في تبجيلها - ان صح التعبير - أو إظهاراها بالشكل الذي أرداه كونت لدي انطباع سلبي،
ايضا هناك الكثير من الحشو والتفاصيل الغير مفيدة، والأحداث التي يمكن أن تكون مملة أكثر من كونها مفيدة. ربما كان الاسلوب نمطي في عرضها..
عدا ذلك هو كتاب يستحق أن يقرأ لا لأن توافقه، بل لكي يستحث عقلك على التفكير واستخلاص دروس من تجربة هذا الجيل
كتابٌ رافقني طويلًا، كان شاهدًا على الكثيرِ من الظّروف الّتي مررتُ بها، كنتُ أهربُ إليهِ كثيرًا من الحياة، ومن نفسي! والآن انتهيتُ منهُ وبقَت أجزاءٌ كثيرة منهُ في عقلي.
كتابٌ رائع بحقّ، يحاول الكاتب فيهِ أن يكسر وهم "البطل الخارق" الّذي سيأتي من العدم فيُحرّر القدس ويقلب حال الأمّة وينتشلها من ضياعها، ويفقء على وجهك هذهِ الفقّاعة الفارغة الّتي تمّ نفخها عبر سنينٍ طويلة، ويوقظكُ من سباتك وكأنّه يصرخ في وجهك: "لا وجود لبطلٍ خارق، أنت جزءٌ من الحكاية، قم بدورك!"
فيبدأُ في محاولتهِ لتسليطِ الضّوء بأنّ بطُولة "صلاح الدّين" لم تكن بطولة فرديّة، وإنَّما ما حرّر القدس: "جيلُ صلاح الدّين" بعد أن مرّ برحلةٍ طويلة ومنهجيّة وجادّة من تصحيحِ المفاهيم وتوظيف الفكر الإسلامي الصّحيح المستمد من القرآن والسنّة في عمليّة الإصلاح والتّغيير، وأحببتُ هنا دور الإمام الغزالي والشّيخ عبد القادر الجيلاني جدًا جدًا، وأحببتُ هذا الفصل جدًا! كيف استطاعَ العلماء والمشايِخ تكريس جهودهم وتوحيد كلمتهم ومدارِسهم لبناءِ جيل كلّ فردٍ فيه مُستعد لفتحِ القدس! بعد أن كانت الأمّة تعاني من تخلّف وجهل وفقر وفجور وضياع قد يزيد عمّا نعايشهُ اليوم.. هذا تمامًا ما نحتاجهُ اليوم، نحتاجُ الإمامَ الغزالي والشّيخ عبد القادر ليظهر جيلُ صلاح الدّين، فيظهر البطل الخارق الّذي يحرّر القدس، ووضّح الكاتب في الكتاب العديد جدًا من التّطبيقات العمليّة المُمكنة لتحقيق هذا الهدف العظيم!
الكتاب في مجملهِ عظيم ويدعُو إلى العمل، أنصحُ جدًا بقراءتهِ ولكنّني لا أتّفق مع كامل الأفكار فيهِ، وأهمها فكرة ربط الذكاء بالتفوق الدّراسي، وأنّ المتفوّقين دراسيًا هم من يساهِمون في نهضةِ الأمّة!
أيضًا كثرة الإسهاب والتّفاصيل في المذاهب الفكريّة والقائمين عليها جعلت منهُ مملًّا ومضجرًا في بعضِ الفصول، تمنّيتُ لو كان مختصرًا أكثر، ولكنّني لم أندم لحظةً واحدة على قراءتهِ فهو محاولة منطقيّة للاستفادة من التّاريخ، بدلًا عن "النّوم بالعسل" الّذي تصدِّرهُ كتب التّاريخ الأخرى.
من تلك الكُتب الّتي تغيّر فيك شيئًا بعد قراءتها 👌🏻
في التاريخ و يعتبر دراسة تاريخية تقييمي ٣/٥ .. رغم أنه عظيم لكن فيه إسهاب وطول سبب الملل . عن الكتاب : يغوص الكاتب من خلال كتابه في الأسباب و الظواهر التي أدت لظهور قائد عظيم كصلاح الدين ، فرغم عظمة صلاح الدين رحمه الله إلا أنه فرد وما كان أن يتحقق ما تحقق إلى بظهور الكثير من الإصلاحات التي سبقت ظهوره .. على مر قرن تقريباً يذكر المؤلف حال الأمة الإسلامية ، الصراعات ، الإنغماس في الملذات و الانحراف عن سبيل الله ثم كيف عادوا إلى الله ومن ساهم في عودتهم كأمثال الغزالي وغيره. . اقتباس : " إن كل مجتمع يتكون من ثلاثة مكونات هي : الأفكار ، والأشخاص ، و الأشياء ،وأن المجتمع يكون في أوج صحته وعافيته حين يدور الأشخاص و الأشياء في فلك الأفكار الصائبة .. " الكتاب جميل ويستحق القراءة
يتحدث الكتاب عن عوامل نهوض الامة مستعرضا شواهد و روايات على مراحل و تفكك الدولة الاسلامية على عدة فترات منها الفاطميين.السلاجقةو الغزوات الصلبية و غيرها . ينتقل بعد ذلك و يحدثنا عن مدارس التجديد و الاصلاح منها المدرسة الغزالية و مدرسة عبد القادر الجيلاني و غيرها . و يحدثنا بعد ذلك عن دولة جيل نور الدين زنكي و صلاح الدين الايوبي و الجيل الجديد الذي على يديه تم فتح المسجد الاقصى. يختم الكاتب بقوانين التاريخية . اختار الكاتب ان يقسم الكاتب على 6ابواب و كل باب قسم على فصول. اسلوب الكاتب ممل جدا و غير مشوق لولا وفرت المعلومات التي بيه و التي افادتني كثيرا لما انهيته .
تلك الحقيقة التي ستملؤك مرارةً عند قراءتك هذا الكتاب، مرارة أن الحل ليس بتلك السهولة و أن التاريخ لم يكن بذلك "البياض" الذي صوُّر لنا..
يحاول الكتاب أن يكسر وهم "البطل المغوار" و الحل السحري الذي يملكه ليقلب حال الأمة و ينتشلها من ضياعها،و يفقء الفقاعة التي تم نفخها على مر السنين، فيبدأ باستعراض حال الأمة قبل ظهور جيل صلاح الدين، من تخلف و جهل و فقر و فجور و فسوق و ضياع قد يزيد عمّا نعايشه اليوم؛ ثم يفكك المقومات التي ساهمت بظهور هذا الجيل، من بناء فكري و تعليمي و تنشأة قويمة و ظروف سياسيّة، و يُظهر كيف أن الحل لم يكن بيد نور الدين الزنكي و صلاح الدين إنما سبقتهما رحلة طويلة جعلت خطوتهما تُثمر.. و لكن على القدر المرارة يأتي الأمل و التكليف، ما نشهده اليوم ليس بالجديد كلياً على الأمة، إنما عايشت ما يشبهه سوءً و استطاعت أن تتخطاه بجهود جماعية متراكمة، ذلك ما يجعلنا مكلفين بحمل جزء من الحل إن أردنا بصدق أن تقوم هذه الأمة..
أمَّا الكتاب فلا أتفق معه ببعض الأفكار و أهمها فكرة ربط الذكاء و بالتفوُّق الدراسي، و أن الأذكياء أهم من ��ساهم بنهضة الأمة! أيضاً إسهابه بشرح الخطوات اللازمة للنهضة و ذكر تفاصيل المذاهب الفكرية و القائمين عليها جعله مضجر نوعاً ما ، لكنه مع ذلك كتاب عظيم و محاولة منطقية للاستفادة من التاريخ بدل "النوم بالعسل" الذي تُصدّره كتب التاريخ. عدد الصفحات 513
حصلت على هذا الكتاب كهدية نجاح مقدمة من مدرستي عندم�� كنت في الصف الثامن الإعدادي، ولكن عندما قرأت عنوان الكتاب ظننت أنه يتكلم عن قصة صلاح الدين وحروبه ضد الصليبيين، فلم أتحمس كثيرا لقرائته وتركته مهملا في رف مكتبتي... وبعد أربع سنوات وقع في يدي فقررت أن أتصفحه فلما بدأت به أعجبني فكر الكاتب الإصلاحي وفلسفته التاريخيه ولكنني لم أفهمه جيداً في تلك الفترة .... ... أما الآن فقد قررت إعادة قرائته حتى أفهم النقاط التي لم أستطع فهمها من قبل
الكتاب رائع يتحدث فيه الكاتب عن طرق إصلاح المجتمع والأمة الإسلامية وانتشالها من واقعها المتردي وكيفية النهوض بها حتى تستطيع مواجهة أعدائها ... وذلك من وجهة نظر الكاتب لا يتم إلا بإصلاح نفوسنا من الداخل ، والعمل على تغيير أفكارنا وإخلاص نياتنا قبل الشروع بإصلاح الناس جاء الكاتب بمثال لأفكاره من الفترة التاريخية التي سبقت الحروب الصليبية على البلاد الإسلامية. ويذكر الأسباب التي أدت الى انهيارها في تلك الفترة أمام تلك الهجمات الخارجية. ثم يشرع بذكر المدارس الإصلاحية التي ظهرت لتنهض بالأمة وتعيد لها المجد. ومن المدارس التي ذكرها المدرسة الغزالية التي أسسها أبا حامد الغزالي الذي بدأ بصلاح نفسه وغيّر معتقداته الخاطئة، وذلك بفترة عزلته عن الناس، ثم عاد بعد ذلك بأفكاره الجديدة والصحيحة (المطابقة للكتاب والسنة النبوية والبعيدة عن الأهواء والمصالح الشخصية) الرامية إلى إصلاح الأمة بجميع أفرادها. ليشرع بعدها بتغيير الناس للأفضل شيئا فشيئا هو وعدد كبير من المصلحين الذين ساروا على نهجه واتحدوا سوية بأفكارهم وأعمالهم وابتعدوا عن العصبية القبلية والمذهبية التي كانت سائدة في تلك الفترة ... وبسبب جهود هذه المدارس، ظهر جيل الإصلاح (جيل نور الدين الزنكي وصلاح الدين) .. من الملاحظ أن الكثير من الكتّاب يذكرون الجهود الفردية ويعزون هذه الانتصارات إلى صلاح الدين ونور الدين كأفراد ويهملون ذكر الفترة التي سبقت ظهورهم أو ما ساعد على ظهور مثل هؤلاء القادة، وهم الفقهاء والعلماء والمصلحين. وقد حلل الكاتب هذه الفترة التاريخية وخَلُص إلى مجموعة من القوانين التي حكمت أحداث تلك الفترة، مع ذكر مقارنات وتطبيقات من زمننا المعاصر برأيي فلسفة الكاتب التاريخية رائعة، وأفكاره واقعية وصحيحة ليست بحاجة إلا إلى التطبيق، وتعد مرجعاً مهماً لمختلف الفئات من الجماعات والقيادات وحتى الأسر و الأفراد، ولو تسنى لجيلنا تطبيق أفكاره ومبادئه والرجوع ...إلى الإسلام الصحيح لعادت أمتنا لعافيتها وكنا خير أمة أخرجت للناس بإذن الله
أنصح الجميع بقراءة هذا الكتاب حتى يتسنى لنا فهم واقعنا والمساعدة على إصلاحه أو المساهمة على الأقل عن طريق تربية أبنائنا التربية الصحيحة الموافقة للكتاب والسنة لإخراج جيل صلاح الدين الجديد .
ينقسم الكتاب إلى قسمين الثاني هو اسقاطات الأول على الواقع والأول هو شواهد تاريخية على الثاني المشكلة أن الشواهد استغرقت أكثر من 300 صفحة في حين أن الزبدة لم تتجاوز 100 صفحة
يعرض الدكتور ماجد الكيلاني في القسم الأول شواهد وروايات تاريخية على مراحل انحلال وتفكك الدولة الإسلامية في فترة ما قبل ظهور الدولة الزنكية والأيوبية ... أي في فترات حكم العباسيين والفاطميين والسلاجقة والغزوات الصليبية والمغولية ويسوق في سبيل ذلك روايات تاريخية ممتعة ومدهشة أحياناً ثم ينتقل إلى الحديث عن مرحلة المدرسة الغزالية نسبة لأبو حامد الغزالي والقادرية والنيسابورية وغيرها والتي سماها مدارس التجديد وهي المدارس التي أسست لظهور (جيل) نور الدين وصلاح الدين الذي على يديه عادت القدس واستعادت الدولة الإسلامية شيئاً من عزتها الضائعة ولكن مؤقتاً
في القسم الثاني يتحدث عن الارتباطات بين هذه الشواهد التاريخية والواقع اليوم في البلاد العربية والإسلامية ويحاول أن يستخلص عبراً ودروساً تكون أساساً في إنشاء جيل جديد يشابه جيل صلاح الدين
يعاب على الكتاب الإطالة غير الضرورية وكثرة إيراد الأمثلة المتشابهة والتفصيلات التاريخية التي تجعل الكتاب أحياناً مرجعاً وفهرساً تاريخياً فمثلاً يذكر عشرات المدارس التجديدية وعشرات النساء اللواتي ساهمن في النهضة مع التفصيل الممل أحياناً
بالإضافة إلى أن الفكرة النهائية من الكتاب واضحة وسهلة ولا تحتاج إلى 420 صفحة ... وربما المشكلة هي في ضيق صبري ... لست أدري
على العموم الكتاب يستحق القراءة والاطلاع وخصوصاً الصفحات ال70 الأخيرة من الكتاب
لدى شعور بأن الكتاب يمكن اختصاره فى حوالى نصه الكاتب أسهب كثيرا فى ذكر مدرستى الغزالى والجيلانى لا أعتقد أن جيل صلاح الدين يتميز عن باقى الأجيال لمجرد استرداد صلاح الدين وجيشه للقدس وإلا فالكاتب لم يبين لماذا تفككت الدولة الايوبية بعد صلاح الدين وأين ذهب هذا الجيل أعتقد أن الكتاب سرد جيد لحياة المسلمين فى القرنين الرابع والخامس الهجرى وهنا تكمن فائدة الكتاب
" هل كان صلاح الدين ظاهرة فردية، وشخصية عبقرية معجزة برزت فجأة على مسرح الأحداث طاهرة مطهرة من عوامل الضعف البشري، أم كان عينة لجيل مثله، وثمرة مقدمات وتغييرات قام بها القوم آنذاك و شملت الأمة ففجرت فيها ينابيع العبقرية الجماعية وهيأتها للتخلص من الخطر الذي أحاق بها؟ ونصَّبت من صلاح الدين ناطق باسمها؟" في هذا البحث سوف تتعرف على جنود الصفوف الأمامية في عملية الاصلاح والتغيير.
الكتاب مفيد جدا من ناحية السرد التاريخي التحليلي لواقع الأمة قبل الهجمات الصليبية والتغييرات التي حصلت على مستوى الفكر والمجتمع من خلال مدارس الاصلاح التي بدأت بأفكار الإمام الغزالي رحمه الله وجاء تطبيقها العملي بشكل موسع على يد الشيخ الجيلاني رحمه الله. ومن ثم يستعرض الكتاب عدة قوانين تاريخية مهمة وتطبيقات معاصرة لها.
مهم أن يُقرأ الكتاب مرات أخرى للاستفادة الأكبر مما جاء فيه.
المصادر التاريخية الأصلية التي أرّخت للأحداث التي يتناولها هذا البحث، والتراث الثقافي الذي ينقل صورة المجتمع الذي عاصرها، والآثار التي تركها الذين عاصروا تلك الوقائع وشاركوا فيها, تبين بوضوح أن صلاح الدين لم يكن في بدايته سوى خامة من خامات جيل جديد، مر في عملية تغيير غيرت ما بأنفس القوم من أفكار وتصورات وقيم وتقاليد وعادات، ثم بوأتهم أماكنهم التي تتناسب مع استعدادات كل فرد وقدراته النفسية والعقلية والجسدية، فانعكست آثار هذا التغيير على أحوالهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية، وسددت ممارستهم ووجهت نشاطاتهم. والذين قادوا عملية التغيير هم أناس عاشوا قسوة الأحداث، وتجرعوا مرارة التجارب والأخطاء والإغراق في الفكر والممارسات العملية، وذاقوا حلاوة الإصابة وخلصوا من ذلك كله إلى تغييرها بأنفسهم أولا ثم إلى بلورة تصورات معينة واستراتيجية خاصة انتهت بهم إلى وجوب تكامل الميادين والتخصصات والى تضافر جميع الهيئات والجماعات. وبعد ذلك كله مضوا في تنفيذ هذه الاستراتيجية طبقا لخطوات مرحلية متنافسة مقدرة في انتهوا إلى الخطوة الأخيرة. وهي إعلان التعبئة العامة والجهاد العسكري. وكان مقدار النجاح الذي حققوه في جهادهم متناسبا مع درجة الصواب والإخلاص في استراتيجياتهم. ولا شك أن وقوف القارئ على تفاصيل هذا التغيير ومظاهره ومراحله التي جرت في المجتمع الإسلامي سواء في المرحلة التي مهدت للغزو الصليبي آنذاك، أو المرحلة التي هيأت الأمة لدفع هذا الغزو، يقدم الدرس المفيد في محنتنا التي تواجه إزاء عوامل الضعف التي تعمل في كياننا من داخل والأخطار التي تهددنا من خارج!! وهذا هو ما استهدفته هذه الدراسة التحليلية للتاريخ بغية الإسهام في تبصير المسلمين وقياداتهم الفكرية والسياسية والاجتماعية والتربوية للاستراتيجية الصائبة في حشد الطاقات وتؤهلهم لمواجهة التحديات
أنهيت الكتاب منذ فترة، وتمهّلت كثيرًا في كتابة مراجعة له .. الحقيقة أن الكتاب فيه جهد واضح يشكر مؤلّفه عليه خصوصا في البابين الأخيرين .. في الباب السادس أبدع الكاتب في العرض والتنقل بين المواضيع، والاستنتاجات ولا يخفى على أحد أنه دكتور في التربية أصلاً فهذا ليس بغريب عليه، بل يصح فصل هذا الباب بكتاب لوحده أما في الأبواب الأربعة الأولى فقد كنت أرى أجزاء غير واقعية .. المبالغة في كثير من الأحيان لتأكيد فكرته، حتى ولو نقلت القصة بطريقتين أحداهما تقلّ مبالغة عن الأخرى تجده ينقل الأكثر مبالغة .. كثير من التساؤلات تدور حول بعض المصطلحات المشتبهة جدًا التي استخدمها في كتابه، وحول تقريراته عن التصوف وعن العقائد وعن طريقة التعامل معهما، بنظرة وردية يريد أن يوحد الأمة كلها وهذا ما لا يمكن حصوله، فحتى النماذج التي عرضها لو تعرض لعقائدهم لوجد العجب العجاب في إبطالهم لعقائد الطرف الآخر
اسم الكتاب: هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس اسم الكاتب: ماجد عرسان الكيلاني اجمالي الصفحات المقروءة: 421
بعد بسم الله نبدأ الكتاب. قرأت المقدمة فقط وكانت رائعة جدا. تناول فيها الكاتب سبب تأليف الكتاب، وسبب تخلف الأمة فقال أن المؤلفين لطالموا اعتمدوا على تناول سيرة صلاح الدين ونور الدين زنكي فقط، وهذا يأخذنا إلى اشكالية كبيرة، فهذا الفهم يوجه نحو العمل الفردي،و يحول دون العمل الجماعي ، ويطمس في العقول مفهوم المسؤولية الجماعية لأفراد الأمة. فتظل الأمة متثاقلة إلى الأرض وعاجزة ، تنتظر المعجزة وظهور القائد المخلص، وترسم له صورة غيبية أسطورية وتتناقش حول ماهيته وهويته، فتارة يقولون المهدي المنتظر وتارة يقولون بفاتح جديد. بينما في حقيقة الأمر لن ينقذ أمتنا هئا ولا ذاك، انما هي الجهود المشتركة والوعي الجمعي الذي يؤدي للاصلاح في شتى الميادين.
دعوها فإنها منتنة(ما أشبه اليوم بالأمس) وصف دقيق لما نعيشه اليوم من كتاب (هكذا ظهر جيل صلاح الدين)
ظاهرة المذهبية والخلافات التي سببتها أدت إلى تعطيل الفكر الإسلامي عن الإبداع، والاجتهاد وتعطل الاجتهاد لم يكن بسبب اغلاق باب الاجتهاد بسبب العلماء كما يشاع، ولكن الاجتهاد تعطل لأن المختصين تحولوا من الاتصال المباشر مع القرآن والسنة إلى الالتزام بكلام أئمة المذاهب، والانغلاق عن التفاعل مع الآخرين، وسياسة الاقصاء للآخر فلا يتعلم شخص من آخر.
ذلك أن الاجتهاد هو ثمرة النظر في مصدرين: أولها: ( القرآن والسنة) ومن مظاهر اعجازهما هو تجدد معانيهما بتجدد الأزمنة وتنوع الأمكنة. ومن الطبيعي أن لا يحدث ذلك مع كتابات أئمة المذاهب، فليس لها مثل هذا الإعجاز ، فإنما هي أفهام بشرية محدودة بحدود الأزمنة التي عاصروها، والأمكنة التي عايشوها.
والمصدر الثاني هو الآفاق والأنفس أي البيئة الطبيعية والاجتماعية، وهذه انقطعت عن أتباع المذاهب بسبب التقوقع على الذات والاقصاء للآخرين فجف أفهام الذين توقفوا عند آثار المذهبية، ولم يملكوا سوى فن الاجترار(الحواشي والمختصرات والشروح). وهذا المبحث تجدونه مفصلا باسهاب في كتاب حجاب الرؤية.ذكر فيه الكاتب تأثير التربية والتقاليد والأمكنة على المشايخ والعلماء وبالتالي تنعكس في فتاويهم.
ولقد تجددت هذه الظاهرة المذهبية في فترات مختلفة من التاريخ الإسلامي، ففي عصر ابن تيمية وصفها بأنها نوع من الكهانة التي ينطبق على أهلها قول الله تعالى:{اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله}
ونتيجة لذلك انقسم الناس على بعضهم، وانصرفوا عن التحديات التي تهددهم من الداخل والخارج، واستنزفوا طاقاتهم في الخصومات والمصادمات المذهبية.
أين أنتم يا مداخلة ويا أشاعرة ويا متصوفة؟
تحدث الكاتب عن الآثار الاقتصادية والاجتماعية التي خلفها التعصب والخلافات المذهبية فقد كانت وبالا على الفرد والمجتمع، وانتشر الفقر والجوع بسبب الاحتكار والمضاربة، وانتشرت الآفات الاجتماعية كالزنا والسرقة وغيرها، وانتشرت الفوضى والفتن وكل هذا بسبب انشغال العلماء والنخب التي تربي الأفراد في خلافات جزئية ومعارك كلامية جعلتهم مغيبين عن دورهم التوعوي الإرشادي، وبذا استطالت الحكومات والأمراء وبغوا وتفرعنوا.
نتيجة لتلك الأوضاع المقرفة والحالة الفكرية المتردية أصاب الاستياء نفوس المخلصين وآثروا الانسحاب والسلبية والانطواء على النفس، والهروب من المناصب والفتن وبيئة الشبهات. وقسم آخر آثر التقوقع و الاشتغال بالنفس لتقويمها ومراجعة الأفكار التي تحيط بها، والتأمل من بعيد في الوضع العام، والتفكير في سبل لمعالجته عن طريق الاصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولعل الشيخ أبو حامد الغزالي برز وتألق وتميز في هذا الاتجاه.
وركز الشيخ على ثلاث نقاط أساسية تمثلت في خلو كتاباته من التحريض ضد الصليبيين وأعداء الدين، وتجنب التنديد بوحشيتهم و التركيز على النقد الذاتي، وتجنب التبريرات ، وتجنب القاء المسؤولية على القوى المهاجمة التي جذبتها القابلية للهزيمة وعوامل الضعف الداخلية وهذا مصداقا لقوله تعالى:{وما أصابتكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم}
فكان الغزالي يعالج قابلية الهزيمة بدل التباكي على مظاهر الهزيمة، تماما كما فعل مالك بن نبي حين طالب بالقضاء على القابلية للاستعمار بدل توجيه اللوم على الاستعمار.
الأمر الثالث الذي اعتمده منهج الاصلاح لدى الغزالي هو الانطلاق من المصدر الأول القرآن والسنة، ولم يجعل منطلقه الأول الاصلاح السياسي أو العسكري فقد كان عاصر ذلك وجربه من قبل وباء بالفشل. وهذا منطلق قرآني واضح{إن الله لا يغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}.
في هذا المبحث يشير الكاتب لجهود الغزالي في إصلاح المجتمع وأن أول عمل قام به هو تشخيص الأمراض المتفشية في عصره، فتحدث عن أمراض العلماء والذين انغمسوا في المناصب والدنيا، ونسوا تزكية الأنفس وتعليم العامة، وصنف آخر ظهرت فيهم آفات الكلام من تعصب أدى إلى بروز فنون المناظرات والجدال والتي أدت إلى التجريح والتبديع والاتهام وجرت الخصومة والغيبة والنمية فكان فيها هلاك الخلق ورسوخ البدعة، ولو أنهم نصحوا في الخلوة والتزموا جانب اللطف واللين لنجحوا. ولكنهم أخطأوا الوسيلة بظنهم أن الجدل من القربات إلى الله، وأنه لايتم لأحد دينه مالم يفحصه بقواعد الكلام و الجدل.
كما ذكر الغزالي حال التصوف ومراتب المتصوفين وأن التصوف لم يبق منه سوى اسمه، فانحرف المتصوفة انحرافا كبيرا، وضلوا ضلالا بائنا.
ثم ذكر أحوال الأغنياء وماكان من اسراف البعض وبخل البعض الآخر، فلم يتم الاستفادة منهم لخدمة فقراء المسلمين.
كما ذكر أيضا أحوال العامة والفقراء، وتقاعسهم عن العمل والسعي، وملازمتهم لمجالس الذكر دون العمل، مما عزز السلبية وساهم بتردي أوضاعهم. فهم مغرورون لأن فضل مجلس الذكر لكونه مرغبا في الخير، فإن لم يهيج الرغبة في الخير فلا خير فيه.
أهم جوانب الأثر الذي تركه الغزالي تمثل في أمرين: الأول: تطبيقه لمنهج الانسحاب ثم العودة الذي أصبح مثلا احتذاه جمع غفير من مختلف المذاهب والجماعات الاسلامية، حيث توقف هؤلاء عن الصراع، وانصرفوا إلى خاصة أنفسهم حتى اذا زكت نفوسهم عادوا إلى المجتمع من جديد، ليسهموا فيه متعاونين متوادين دون أن يفرقوا دينهم شيعا. والاحتكام إلى القرآن والسنة بدل آثار المذاهب والتعصب.
الأمر الثاني: انحسار التيارات الفكرية المنحرفة التي مثلها الباطنية والفلاسفة، فركدت سوقهما بين الجماهير، وآل أمرهما فيما بعد إلى البوار والسقوط.
في هذا المبحث تناول الكاتب سيرة عبد القادر الكيلاني أو الجيلاني، الشيخ المشهور والمتصوف الزاهد العابد، وذكر أنه اعتمد أسلوب الشيخ أبي حامد الغزالي نفسه، فقام بالتزكية والتربية وتخريج آلاف الطلاب على يديه. وأهم شرط اتبعه الشيخ في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هي أن يستعمل اللطف واللين لا القسوة والغلظة، وأن يأمر العاصي وينهاه في خلوة. وأن لا يخوض في مسائل الاختلاف أمام من لا يعتقدونها، لأن ذلك يفتح بابا من الجدال والخصومة، فالحكمة هنا واجبة، وأدب العالم أولى من علمه.
ثم تطرق الكاتب لأسماء مشايخ ومدارس كثيرة أغلبها صوفية على الطريقة الصحيحة، ومما يكمل صورة هذه المدارس أنها كانت تطبق منهاجا موحدا في التربية والتدريس يتطابق إلى حد كبير مع تفصيلات مناهج المدرسة الغزالية والقادرية. وكان لها امتدادات أصغر في الأرياف والجبال والبوادي، بحيث يمكن القول أنها بلغت المئات لأن الأمر لم يتطلب سوى أن ينذر أحد الهريجين نفسه للرباط في زاوية بقرية أو جبل وتكريس نفسه للتعليم والتربية والتزكية وتدريس سلوك الزهد.
دور المرأة في عملية التجديد والإصلاح: كان للمرأة دور مهم في عملية الإصلاح وبناء وتخريج جيل نور الدين وصلاح الدين، حيث تذكر كتب التأريخ لتلك الفترة دور الواعظات والمربيات والعالمات والتلميذات، ورغم كل تلك الأسماء التي ذكرها المؤلف إلا أن مشكلة البحث في تلك الكاب والمؤلفات التي تناولت سير الكثير من نساء ذلك الجيل أنها جرت على تجزئة الظواهر التاريخية، والموضوعات العلمية، فتتناول تلك الكتب تلك الشخصيات مقتصرة تخصصها ومكانتها العلمية فقط بدون تناول الجوانب الحياتية الأخرى والمحيطة بهذه الشخصية أو تلك. ولهذا كان واجبا على الباحث مسؤولية كبيرة في ترميم الظاهرة التاريخية التي توضح دور تلكم الشخصيات في قالب مزيج من الأحداث والوقائع لتبيان دورها الفعال وما ترتب على هئا الدور من اسهامات في اخراج ذلك الجيل المتميز.
تأسيس دولة اسلامية فتية: والمصادر الاسلامية التي أرخت للأحداث لا تورد تفاصيل الخطة التي سارت عليها الدولة الفتية، ذلك أن منهج المؤرخين الاسلاميين القدامى ينسب الأحداث للأشخاص الذين يتصدرون القيادات السياسية والعسكرية، ويعالج الأحداث باعتبارها منجزات فردية لا أثر للعمل الجماعي فيها، ولا ترابط بين مسلسل الوقائع، غير أن المطلع والمتأمل يدرك جيدا سير الأحداث وجهود المصلحين ودورهم قبلها. فلقد ترتب على تلك الجهود التربوية والتعليمية لتغيير ما بأنفس القوم من أفكار وتصورات وقيم واتجاهات أن برز جيل مسلم يختلف عن الأجيال السابقة التي نعتها ابن جبير بالأهواء والبدع.
صلاح الدين الأيوبي كان يشرب الخمر:
قد يعز على الغيورين أن يسمعوا مثل هذه الأخبار عن صلاح الدين، ويودون أن تكون له صورة صالحة منذ المهد، لأن هذه الصورة - حسب تصوراتهم- هي التي تليق بالبطل.
لكن هذه الصورة الحقيقية التي استغرضناها لا تضير صلاح الدين، وإنما هي مفخرة للإسلام في استمرار قدرته على إعادة صياغة البشر وإن سقطوا.
وهذا ما قرره عمر بن الخطاب بقوله:« انما تنقص عرى الاسلام، عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لم يعرف الجاهلية»
هذه هي الصورة التي يجب أن تعرض حتى تكون أملا وحافزا للأجيال الحاضرة التي تفرستها تيارات اليأس والفشل والإحباط.
فالإسلام الذي أعاد صياغة صلاح الدين قادر على إعادة صياغة من يوصمون بالانحلال والتمرد على القيم والأخلاق، اذا برزت المؤسسات التربوية الحكيمة الواعية.
في الختام: ذكر الكاتب أن عملية الإصلاح ينبغي أن تكون عملية مدروسة بقوانين مضبوطة وتسير بتدرج، وإلا انتهت إلى الفشل والإحباط كما حدث مع كثير من الحركات الإصلاحية قديما وحديثا ولعل أقرب مثال هو الحركات الإسلامية المعاصرة. وذكر أن المرحلة الأولى ينبغي أن تبدأ بالانسحاب والانزواء وتزكية النفس ثم العودة إلى المجتمع بالتربية والتصفية والتوعية. ثم نقل الأفراد من مرحلة الغياب عن القضايا الاجتماعية إلى مرحلة الحس الجمعوي بالحاجات العليا المشتركة والتحديات المصيرية. وتبدأ العملية بالعودة إلى ماضي الأمة للتعرف على هويتها بعد الضياع. #شموسة
كتاب عظيم! في كل مرة أرى فيها شخصا عظيما أو إنجازا باهرا فإن أول سؤال يتبادر إلى ذهني هو كيف كانت بداياته ؟ البدايات هي في الحقيقة أهم ما يعني الإنسان المُعتبِر بإنجازات غيره، لأن منحنى الإنجاز شبيه بالدالة الأسية حيث يتزايد بسرعة في القيم الإيجابية كلما زادت قيمة المتغير..و الإنسان الذي لا يفهم سنن التغيير قد يحاول يائسا أن يتجاوز البدايات و يتعلق بالصورة المثالية التي تبدو عليها ثمرة الإنجاز فينتحر من حيث يظن أنه يقفز.. و ينسى أن بعض الوقود الأوّلِيَّ لن يشهد اشتعال النار و انتشارها و حسبه من ذلك أنه كان فتيل البداية.. و كذلك كانت سنن الحياة فسمية أم عمار بن ياسر و حمزة بن عبد المطلب–رضي الله عنهم- و غيرهم الكثير الذين استشهدوا في فترة الاستضعاف لم يشبعوا من غنائم الانتصارات و لم يعودوا إلى مكة فاتحين و لا شهدوا مفاتيح كسرى و قيصر ، و لكنهم حصّلوا شرف البدايات و ما أسهل الانضمام للانجاز حين يقف على قدميه و ما أصعب نحته من صخور الجمود و إخراجه من تجريد الأفكار إلى حسية التطبيق.. التغيير يحتاج كثيرا من الجهود التي تحقق شرطي الإخلاص و الصواب من أفراد لهم من الإيمان برسالتهم ما يكفيهم لأن لا يشترطوا رؤية الثمار في حياتهم و الاستمتاع بها.. و لهم من الإخلاص ما يكفيهم لأن يعطوا أحسن ما لديهم و هم يدخرون ذلك عند الله حتى تحين ساعة التغيير و لهم من الصواب و الحكمة ما يكفيهم للعمل بمنهجية صحيحة يبدؤون فيها بتربية الأجيال و استثمار العنصر البشري بكل ما يتطلبه ذلك من صبر و ثبات..
Dr. Majid Irsan al-Kaylani merupakan seorang sejarawan dan tokoh pendidikan kelahiran bumi Jordan yang unik. Tesis yang dibawa oleh beliau dalam buku ini agak menarik – kebangkitan dan kejayaan dalam pemerintahan dunia Islam seperti yang termanifestasi melalui sosok Salahuddin al-Ayyubi (w. 1193 M) berakar daripada benih-benih pendidikan, keruhanian dan pemikiran yang dipasak teguh oleh ilmuwan tulen sebelumnya iaitu Imam al-Ghazali (w. 1111 M) dan beberapa tokoh dan madrasah lain seperti Syeikh Abdul Qadir al-Jaylani (w. 1166 M).
Melalui tesis inilah, beliau membingkaikan sejarah serta inti-inti penting dalam karya agung ilmuwan terdahulu semisal al-Ghazali, Ibn Taimiyyah, Suhrawardi, al-Hujwiri, al-Jaylani, Ibn al-Athir, Ibn Kathir dan Ibn Khallikan yang telah menanam benih-benih keilmuan penting kepada generasi zaman tersebut seperti keutamaan fardu ain dan keutamaan mengisi kelompongan fardu kifayah dalam fabrik masyarakat, bahasa sebagai ilmu alat (bukannya matlamat) untuk mencapai keranuman buah-buah keilmuan, keadilan sosial dan ketirisan pemerintah dalam mengerjakan haji berkali-kali dalam keadaan ribuan rakyat yang kelaparan.
Bertitik tolak daripada akar keilmuan yang luhur inilah, inti dan praktikalitinya sebati dalam kalangan masyarakat lalu melahirkan generasi pemerintah yang sistematik, adil serta bijaksana semisal Nuruddin Zinki (w. 1174 M) dan kemudiannya Salahuddin al-Ayyubi, puluhan tahun selepasnya.
Dalam erti kata yang lain, kejayaan tamadun Islam itu tidak boleh terus melompat kepada marhalah ketiga (menguasai tampuk pemerintahan), sebaliknya, perlu melalui marhalah pertama (mempunyai akar keilmuan, kefahaman, pemikiran dan keruhanian yang teguh) diikuti dengan marhalah kedua (kesedaran yang mendalam, penyebaran serta pembumian nilai-nilai keilmuan dan keruhanian ke dalam fabrik masyarakat) sebelum ianya diaplikasikan dalam marhalah ketiga iaitu menguasai tampuk pemerintahan dengan adil dan saksama.
Konsep yang dilakar oleh al-Kaylani ini ialah “konsep pengunduran dan persiapan diri” dalam satu tempoh masa tertentu sebelum “kembali kepada masyarakat” dengan buah pemikiran, keilmuan, keruhanian dan amalan yang masak ranum seperti yang terpamer pada tokoh semisal al-Ghazali.
Sayang sekali, buku yang merupakan cetakan kedua terbitan ISSI ini, terkandung ralat dan kesalahan ejaan yang tidak sedikit terutamanya pada nama-nama tokoh dan kitab yang sangat wajar dikemaskini semula pada masa akan datang.
هذا كتاب خطير خطير. ولو بيدي ليدرسنه كل طالب وكل مسلم. ولو بيدي لفرضته في المعارض وفي النوادي وفي خطبة الجمعة وفي التلفاز والمدارس. وهو كتاب رصين، ليس خطابياً- ولا يعيب الخطابة شيء- مستند على أسس علمية تربوية وتاريخية وشرعية تستمد من الدين ومن القرآن ومن فهم عميق لسنن الكون، وحقيقة استخلاف الله للإنسان في الأرض، وصلاح حال المسلمين عندما فهموا هذا، وثابوا إليه من غفلة، وتأثير الغفلة على ضياعهم وسوء أحوالهم. ويطلب إلى المسلم- كل مسلم- أن يفهم ويركز على الآية القرآنية ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ [الرعد: ۱۱]، ويحققها، ونبه على خطورة ربط الصلاح والنجاحات التاريخية والانتصارات بأفراد، بل هي مربوطة ومتوقفة على مجموع الأفراد في الأمة، على الأمة كلها أو أغلبها، لا على أقلها. البطولة بهذه الطريقة في القصص والأفلام التي تعتمد على البطل الفرد، أما الواقع ففيه مجموعة بشر يقومون معاً بدور البطل.
بدأته الخميس ۲۹ شوال ۱٤٤۲ هـ، وأنهيته ۹ ذو القعدة ۱٤٤۲ هـ. فلم أملك نفسي من الإضاءات والأفكار التي فيه إلا أن أنكب عليه حتى أنهيه، وأود ان أقتنيه وأن أقرأه مرات ومرات.
"و بذلك تتكامل الطاقات و المؤسسات و يظهر جيل صلاح الدين الجديد و تعود القدس" آحر كلمات الدكتور ماجد عرسان الكيلاني في كتابه الرائع #هكذا_ظهر_جيل_صلاح_الدين_و_هكذا_عادت_القدس .
كتاب ثوري بأتم ما تعنيه الكلمة من معنى... دحض من خلاله كل توجهات المؤرحين التي شخصنت النصر في صلاح الدين الأيوبي دون غيره متناسية أن هذا العلم لم يرفع لولا جيل بأكمله و منظومة متكاملة متجانسة مترابطة أنتجت نصرا و مجدا...
أبواب خمسة شخصت معالم البنيان الإسلامي بكافة أوجهه قبل و أثناء و بعد فتح بيت المقدس... ليكون عنوان الباب السادس "قوانين تاريخية و تطبيقات معاصرة" و الذي أبرز فيه السنن و القوانين التي تحتكم إليها المتغيرات و الثوابت من ظواهر تاريخية و التي دونها ستكون دراسة المرء للتاريخ عبثا...
لن أخوض في تفاصيل الكتاب عجزا مني على اختيار الأهم منها فكل حرف فيه بأهمية أخيه. و لكني سأكتفي بالإعراب عن مدى عجبي من أسلوب الكاتب الذي جمع بين الإبداع و الحكمة...
كتاب وجب على كل مكتبة أن تضعه في قمة مراجعها وكاتب وجب على كل باحث أن يجعله أول وجهاته في القراءة...
سأكبح جماح إعجابي و أختم بدعوتكم لقراءة الكتاب ...
الواقع أن إقبال الجماهير المسلمة على الطرق الصوفية وجماعات الدراويش هو لون من ألوان الانتحار الإجتماعي الذي تمارسه الجماهير المسلمة حين تيأس من عدل المجتمع الظاهر الحي، فتنسحب منه إلى عالم ميتافيزيقي وتعيش معطلة الفاعلية لا أثر لها في الأحداث ولا وزن في مجابهة الأخطار والتحديات. وهو انتحار ما زال يمارسه الشرقي بشكل عام حين ترهبه السلطة العسكرية والسياسية، وتكمم فاه عن المطالبة بقوام حياته المادية وحرياته الأساسية. فينسحب للركوع بين يدي شيوخ الطرق والدراويش بالقدر الذي يجبر سلاطين السياسة وأمراء العسكر مظلوميهم على الركوع بين أيديهم. فهو انتحار اجتماعي يطور مبرراته في ظل ثقافة الدين، تماما كما ينتحر الغربي انتحارا جسديا حين يضربه الإحباط واليأس في ظل ثقافة المادة. ويساعد الشرقي على هذا الانتحار الإجتماعي أن نظام القيم في المجتمعات الشرقية عامة يدحر قيم االعدل والحرية من المحور إلى الهامش، ويجعل الإنسان يرضى بإغتصاب حقه.
قرأت هذا الكتاب قبل ١٥ عام، وما زلت أعتبره من أفضل الكتب التي قرأتها لليوم.
يطرح الدكتور كيلاني موضوع اهمية التغيير الجماعي للأمة لأنفسهم من خلال ما فعله الامام الغزالي بعد احتلال القدس عندما قام بتخريج جيش من الدعاة الجدد انتشروا في بقاع الأمة لينشؤوا جيلا جديدا كان صلاح الدين واحدا منهم.
يربط الكاتب دور الاصلاح الديني و المجتمعي بان تتبنى الحكومة الاصلاح كسياسة دولة، كما يؤكد على ان التغيير يجب ان يكون تغيير على مستوى الأمة وليس على مستوى الفرد مرتكزا على قول الله تعالى: ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. فهنا نتحدث عن قوم وليس فرد، وعن أنفس وليس نفس. يهيئنا الكاتب لفكرة ان المجتمع الفاسد لن يخرج منه قائد فذ يعيد القدس، وان القائد الذي ظهر قبل ثمانية قرون كان مثل ابناء جيله الذي كان ثمرة جهد و تغيير استمر قرن من الزمان الا قليلا...
مدرسة في الإصلاح بعيدا عن الميول والانتماء لأي تيار فكري نظرة لماضي مفعم بالأمجاد لاترنما بل لنعلم سر نهضتهم لنرفض عجزنا وضعفنا ونثور على عقليات الانهزام والدونية أكثر ماشدني فيه أنه وعى وشرح الجيل البطل لا القائد البطل فصلاح الدين نتيجة لجيل كامل وسلسة من خيرة الرجال توجت بذلك القائد الهمام
طال مقدمته وتمهيده ليعبد الطريق أمام قارءه لربما نال مني الضجر أحيانا في المقدمة ولكن استحوذ على تفكيري وغير بعض أفكاري ليقوم القارئ بغير وعي منه بإسقاط تعاليمه على واقعنا فيطبق بالكثير ولكن نختلف بالقليل فهناك فرق بين فلسفة الإصلاح والبناء وفلسفة الثورة ورد العدوان وتحرير البلاد
اللهم أرنا(( جيل )) صلاح الدين ينهض من جديد قد اشتاقت أرض الشام وفلسطين لأمثال فكرهم وجهادهم