يضم هذا الكتاب تسع عشرة مقالة كُتبت بين عامي 1931 و1964، وقد صدرت الطبعات القديمة منه في 160 صفحة من القَطْع المعتاد (17×24)، ثم أعاد حفيد المؤلف، مجاهد مأمون ديرانية، إصداره مؤخراً في 300 صفحة من القطع المتوسط (14×21) بعدما أضاف إليه ملحقاً يضم نحو مئة صفحة من الصور، وهي صور رُتِّبَت في ثلاثة أبواب: "رجال من دمشق"، و"من تاريخ دمشق"، و"من معالم دمشق"، بالإضافة إلى بعض الخرائط المفيدة.
الاسم الكامل لهذا الكتاب هو: "دمشق: صور من جمالها، وعبر من نضالها"، وهو اسم يوحي بأن مقالات الكتاب وصفية أو تاريخية. والحقيقة أن فيها من ذلك الكثير، لكن في الكتاب أيضاً صوراً من الأدب وفيضاً من المشاعر والأحاسيس هي أقرب إلى "حديث النفس"، بل إن فيه فصولاً من الذكريات، مثل مقالة "ساقية في دمشق" (وفيها أشتات من ذكريات الدراسة في الكتّاب) و"مكتب عنبر"، وهذه الأخيرة كانت في الأصل مقدمة كتبها المؤلف لكتاب أصدره ظافر القاسمي عن مكتب عنبر سنة 1963. ومكتب عنبر هو اسم المدرسة الثانوية التي درس فيها علي الطنطاوي والتي كان لها أثر كبير في حياته، ولذلك لم يكن غريباً أن تثير كتابة هذه المقدمة مشاعره وأن توقظ ذكرياته، فنجده قد استرسل -فيها- في هذه الذكريات وهو يقول مخاطباً مؤلف الكتاب: "لقد حركتَ سواكن نفسي، وبعثت لي ذكريات أمسي، وهززتني هزاً، حتى لقد أحسستُ كأن قد عادت لي مواضي أيامي. وهل تعود الأيام الماضيات؟ لقد كان عهد مكتب عنبر جنتي التي خرجت منها ثم لم أعُد إليها، فرجَعْتَني إليها -يا أخي ظافر- بكتابك، أطير من فوق أسوارها العالية وأبوابها الموصدة بجناحين من ذكرى وخيال، حتى أدخلها مرة ثانية، فأعيش فيها في حلم ممتع فتّان".
وفي بعض المقالات صور أدبية تاريخية نكاد نحسّ، ونحن نقرؤها، أننا نعيش في دمشق في بعض أيامها القديمة؛ مثل مقالة "العيد في دمشق"، وفيها وصف للعيد في بيوت دمشق وأحيائها في مطلع هذا القرن، و"دمشق التي عرفتها وأنا صغير". وفي كثير من مقالات الكتاب تصوير أدبي لواقع تاريخي؛ مثل مقالة "كارثة دمشق"، ومن هذا الباب مقالات تتحدث عن مراحل من الجهاد والنضال سبقت استقلال الشام وجلاء الفرنسيين عنها، ومنها: "أطفال دمشق" و"مقدمة كتاب عن دمشق"، وهي تُختتم بمقالتي "دموع ودموع" و"الجلاء عن دمشق" اللتين نُشرتا عقب الجلاء في عام 1945.
وفي مقالتَي "حي الصالحية" و"منشئ حي المهاجرين في دمشق" نقرأ أطرافاً من تاريخ المدينة؛ ففي الأولى تاريخ مفصل لهذا الحي من أحياء دمشق من يوم استوطنه آل قدامة (أسرة الفقهاء الحنابلة المشهورة، ومنهم الموفق صاحب المغني؛ أوسع كتب المذهب) حين التجؤوا إلى دمشق هرباً من الصليبيين في فلسطين، وفي الثانية تاريخ مفصل لحي "المهاجرين" الذي لم يكن شيئاً في أول القرن الهجري الماضي ثم استحال واحداً من أفضل أحياء دمشق في آخره، وفي المقالة -أيضاً- استعراض موجز لأعمال عدد من متأخري الولاة العثمانيين في دمشق.
أما بقية مقالات الكتاب فتكاد تقتصر على وصف دمشق، فكأنها هي التي استحق الكتاب -من أجلها- أن يُضاف إلى اسمه: "صور من جمالها" كما استحق -لأجل المقالات السابقة- أن يُضاف إليه "عِبَر من نضالها". ومن هذه المقالات مقالة "هذي دمشق"، وفيها وصف للمدينة يحس القارئ -معه- أنه زارها وتنقل في شوارعها وبين أحيائها وجال على أهم معالمها، ومنها مقالة "نهر دمشق" التي يصف فيها المؤلف "بردى"، ومقالة "الجادة الخامسة في دمشق"، ومقالة "على سفوح جبل الشيخ"، وهي من أواخر ما أُلف من مقالات الكتاب، وقد نُشرت سنة 1964.
ولد علي الطنطاوي في دمشق في 23 جمادى الأولى 1327 (12 حزيران (يونيو) 1909) لأسرة عُرف أبناؤها بالعلم، فقد كان أبوه، الشيخ مصطفى الطنطاوي، من العلماء المعدودين في الشام وانتهت إليه أمانة الفتوى في دمشق. وأسرة أمه أيضاً (الخطيب) من الأسر العلمية في الشام وكثير من أفرادها من العلماء المعدودين ولهم تراجم في كتب الرجال، وخاله، أخو أمه، هو محب الدين الخطيب الذي استوطن مصر وأنشأ فيها صحيفتَي "الفتح" و"الزهراء" وكان له أثر في الدعوة فيها في مطلع القرن العشرين.
كان علي الطنطاوي من أوائل الذين جمعوا في الدراسة بين طريقي التلقي على المشايخ والدراسة في المدارس النظامية؛ فقد تعلم في هذه المدارس إلى آخر مراحلها، وحين توفي أبوه -وعمره ست عشرة سنة- صار عليه أن ينهض بأعباء أسرة فيها أمٌّ وخمسة من الإخوة والأخوات هو أكبرهم، ومن أجل ذلك فكر في ترك الدراسة واتجه إلى التجارة، ولكن الله صرفه عن هذا الطريق فعاد إلى الدراسة ليكمل طريقه فيها، ودرس الثانوية في "مكتب عنبر" الذي كان الثانوية الكاملة الوحيدة في دمشق حينذاك، ومنه نال البكالوريا (الثانوية العامة) سنة 1928.
بعد ذلك ذهب إلى مصر ودخل دار العلوم العليا، وكان أولَ طالب من الشام يؤم مصر للدراسة العالية، ولكنه لم يتم السنة الأولى وعاد إلى دمشق في السنة التالية (1929) فدرس الحقوق في جامعتها حتى نال الليسانس (البكالوريوس) سنة 1933. وقد رأى -لمّا كان في مصر في زيارته تلك لها- لجاناً للطلبة لها مشاركة في العمل الشعبي والنضالي، فلما عاد إلى الشام دعا إلى تأليف لجان على تلك الصورة، فأُلفت لجنةٌ للطلبة سُميت "اللجنة العليا لطلاب سوريا" وانتُخب رئيساً لها وقادها نحواً من ثلاث سنين. وكانت لجنة الطلبة هذه بمثابة اللجنة التنفيذية للكتلة الوطنية التي كانت تقود النضال ضد الاستعمار الفرنسي للشام، وهي (أي اللجنة العليا للطلبة) التي كانت تنظم المظاهرات والإضرابات، وهي التي تولت إبطال الانتخابات المزورة سنة 1931.
في عام 1963 سافر علي الطنطاوي إلى الرياض مدرّساً في "الكليات والمعاهد" (وكان هذا هو الاسم الذي يُطلَق على كلّيتَي الشريعة واللغة العربية، وقد صارت من بعد جامعة الإمام محمد بن سعود). وفي نهاية السنة عاد إلى دمشق لإجراء عملية جراحية بسبب حصاة في الكلية عازماً على أن لا يعود إلى المملكة في السنة التالية، إلا أن عرضاً بالانتقال إلى مكة للتدريس فيها حمله على التراجع عن ذلك القرار.
وهكذا انتقل علي الطنطاوي إلى مكة ليمضي فيها (وفي جدّة) خمساً وثلاثين سنة، فأقام في أجياد مجاوراً للحرم إحدى وعشرين سنة (من عام 1964 إلى عام 1985)، ثم انتقل إلى العزيزية (في طرف مكة من جهة منى) فسكنها سب
عبر 19 مقالة مكتوبة بفترات زمنية مختلفة ما بين (1932 و 1946 يأخذنا الطنطاوي بقلمه الذي يقطر حبا وبأجواء حميمية مليئة بالذكريات والدفء نحو دمشق مقالات اشبه بفضفضة للروح والنفس وهذه واحدة من مميزات الكتاب وأسلوب الطنطاوي عامة بعض المقالات ضاعفت جرعة الحنين المسيطرة عليي في الفترة الأخيرة (حيث تخليت فيها عن سياستي في تنويع ما اقرأ ليس من ناحية النوع فقط إنما حتى جنسيات الكتاب ففي الشهرين (الأخيرين كانت الغلبة لدمشق ولكتابها
ذكر الكاتب لحي المهاجرين مرارا في الكتاب ومدى حبه وتفضيله له اوجع قلبي حتى الندم فكثيرا ما مررت به أما سيرا في شارعه العام او راكبة مكرو "دوار الشمالي" لم اتنعم بالدخول إلى الحي وجاداته ما خفف جرعة الألم أنني أملك في قلبي الكثير من الصور والذكريات تعادل حي المهاجرين جمالا
وفي بعض المقالات شعرت ببعض الملل وحتى الغرابة احيانا فدمشق التي يصورها الكاتب بعيدة عن دمشق التي اعرفها وعشت فيها عمرا إلا أن اختلاف الفترة الزمنية يبرر لكل شخص أن ينحاز ويتحسر على دمشق التي ألفها وكبر فيها فدمشق في الثلاثينات لا تشبه دمشق في الستينات ودمشق التسعينات تختلف عن دمشق اليوم ومهما اختلفت الازمنة واختلفت بعض التفاصيل ومهما ♥️♥️ اختلفت نظرتنا وتفضيلنا لفترة معينة دون أخرى ما سيبقى ثابتا على الدوام حبنا لهذه المدينة العريقة
المقالات مقسمة لمقالات تتناول لمحات من جمال دمشق وأثناء قراءتها ستشعر وكأنك تتجول في دمشق وإن لم تزرها يوما فحينا ستتمنى لو تمتلك منزلا في المهاجرين وتحديدا في الجادة الخامسة وتارة ستتوجه إلى أسواق دمشق القديمة( الحميدية ..العصرونية ..) و تصلي في الأموي وقد تغريك بوظة بكداش بتناولها ولو كنت في فصل الشتاء وبعدها ستتوجه إلى إحدى مقاهي ساروجة وتتناول مشروبا ساخنا لتنهي رحلتك المتخلية على جبل قاسيون معانقا دمشق شبرا شبرا أما بقية المقالات فكانت عن نضال دمشق ضد الفرنسيين وصولا إلى الجلاء
3 تقييمي للكتاب قبل الشروع في القراءة 5 نجوم مع البدء في القراءة 4 وبعد الملل في بعض الصفحات إلا أن النجوم ال 3 استمرت في النقصان وخاصة بعد عبارة أتحفظ عن ذكرها قررت منح الكتاب نجمتين لتكون الصفحات الخمسين الأخيرة كفيلة بإعادة رفع التقييم قرأت الكتاب بالنسخة القديمة ذات ال 160 أما المعدلة فعبارة عن 300 صفحة مع ملحق صور ولأن نسختي لم تحوي الكثير من الصور قررت إضافة ملحقي الخاص
دمشق بغوطتك الوادعة ..حنين إلى الحب لا ينتهي بالغار كللت أم بالنار يا شام ..أنت الأميرة تعلو باسمك الهام
تمنيت لو أن الكتاب لم ينته و لو أن الكاتب استمر بالحديث عن دمشق الكتاب هو عبارة عن خواطر تجمع بين الأدب و التاريخ و السيرة الذاتية و في الحقيقة بدأت بقراءة هذا الكتاب للدخول إلى عالم دمشق و أنا ابنها عشت فيها 22 سنة .. عشت مع كل كلمة في الكتاب و كل وصف من أوصافها عن حارات دمشق و بيوت دمشق ... طبيعة دمشق و نهرها و قاسيونها و ربوتها و غوطتها .. جامعها الأموي و مآذنها
أدركت أنني لا أعرف شيئاً عن دمشق بعد رغم أنني حرصت مذ كنت صغيراً على معرفة كل أثر و السؤال عن كل قصة تقبع وراء كل حائط و كل باب من أبوبها السبعة و الصلاة في كل مسجد من مساجدها .. و لكن هيهات هيهات
كيف لي أن أعرف مدينة تاريخها عشرة آلاف سنة .. ؟ من الآراميين العرب فاليونانيين فالرومان فالأمويين فالعباسيين فالسلاجقة فالزنكيين فالأيوبيين فالعثمانيين - وقد استثنيت هنا المحتلين من الفرس و العبيديين و الفرنسيين
لا يخطر على بالي و أنا أكتب عن دمشق إلا ماقاله أمير الشعراء أحمد شوقي حينما زارها و هو يصفها و قد تداعت عليها الأمم كما تتداعي عليها الآن
لولا دمشق لما كانت طليطلة ... ولا زهــــــت ببني العبــاس بغدانُ مررت بالمسجد المحزون أسأله ... هل في المصــلى أو المحراب مروان تغير المسجد المحزون واختلفت ... على المنابـــــر أحرار وعبدان فلا الأذان أذان في منارتـه ... إذا تعــــــالى ولا الآذان آذان آمنت بالله واستثـــــنيت جنته ... دمــــــشق روح وجنات وريحان
أعرف أنني لم أتكلم عن الكتاب في مراجعتي و إنما تكلمت عن دمشق :) و لكنني لا أجرؤ على تقييم كتاب يتحدث عن دمشق فكيف إذا كان الكتاب بقلم الشيخ علي الطنطاوي
" صور من جمالها " لست أدري إن كان يحق لنا أهل دمشق أن نفخر بها لهذه الدرجة , فربما عدت هذه عنصرية .. أنا لم أر دمشق لأحكم , ولم أزر بقية مدن العالم لأقارن ,,
لكنني أصدق الشيخ رحمه الله , :")
" عبر من نضالها " تمنيت أن يؤخر الشيخ كتابه قليلا ,, ثلاثين سنة فقط .. فربّما قال كلاما آخر , أو أضاف فصولا أخرى .. حزينة بعكس سابقتها , كيوم الجلاء , وغيرها ..
لا أفضّل سماع مديح أهل العواصم لمدنهم، بالأخص مديح أهل الشام لها، إذ أن فيه الكثير المبالغة أحياناً والكثير من التفضيل دائماً، وهو أمر راجعٌ لأهله، لكنه لا يقربني لحب المدينة مادام يزخر بالمباهاة. لذلك آثرت طويلاً أن لا أقرب هذا الكتاب رغم رغبتي مراراً في القراءة للطنطاوي - رحمه الله - حتى جاء الوقت الذي طغى فيه الفضول على النفور، وأُخذت في رحلةٍ لمدينةٍ بهيةٍ تزينت بغزل الطنطاوي لها، وتألقت بوصفه لسحرها، فغدت دانةً لم يجُد الزمان بمثلها. مقالات متفرقة يتحدث فيها الطنطاوي عن دمشق بتفاصيل مناطقها تارةً،و بتاريخ معالمها وما عاصرت تارة،ويحكي من حين إلى حين عن ذكرياته فيها، فيرى القارئ دمشق بعينيه ويحبها من حبه لها، ويشتهي لقائها في زمنه أكثر من زمنها اليوم.
لقد هززت شجوني و قطَّعت أوصالي يا شيخي بهذا الكتاب ! ما عرفتُ دمشقَ إلا وطناً حنوناً دافئاً و لم أعش فيه !!.. لكن كلماتك الأليمة هذه جَعَلَتني أعيش في حارات دمشق و أزِقَّتها .. جعلَتني أتسلق قاسيون و أحلِّق في الغوطة و أشرب ماء بردى .. جعلَتني أسمع صوت مآذن دمشق و هو يهزُّ أركان الأرض .. و أرى خطب النضال و الحرية .. و أتأمل وجوه أهلها السمحة .. لقد أَرَتني كل هذا ! و خلَّفَتْني حرَّانةَ الفؤاد .. إن العين لتبكي لو استطاعت بدل الدمع دماً على ما قد كان و ما قد صار .. لا تلوموني إن بكيت .. لا تلوموني فقد سحقت المصيبة قلبي ! .. رحمك الله يا شيخي فقد أحيَيت حباً قديماً كاد يموت من شدة الضنى و الأسى .. دمشق .. الجرح الذي لا يندمل ..
ما أجمل كتابات الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله ، و أنت تقرأ له تشعر كأنه أمامك ��باشرة يحدثك بكل لطف و أريحية أزكى الكلام بأمتع أسلوب ، ساعة تضحك ساعة تبكي ، فمشاعره تسربل كلماته و تصل لأعمق نقطة في القلب ، هنا يصف لك دمشق ببهائها وماكانت عليه في الماضي و ماكان عليه أهلها و تغرق في بحر هااائل من الذكريات الجميلة حينا والمؤلمة حينا آخر .
سقطت النجمة الأولى بسبب أن الفصول الأولى في الكتاب لم تعجبني كثيرًا كانت مملة بصراحة ، أما عن الثانية فإن الكتاب احتوى على بعض الاخطاء الشرعية كقول: فكان هذا الامر بفضل كذا ولم يقل بفضل الله ثم كذا ، وايضًا قوله يا زمان الشؤم وهذا لا يجوز لأنه من سب الدهر وأيضًا في قسم الصور كانت هنالك صورة امرأة وغيرها من الاخطاء..
ما أجملها دمشق! ما اعرقها من مدينة .. عامرة بأهلها و خيراتها وحضارتها الباقية .. مشهود لها بالخير .. معهود لها بالنهوض من كل كبوة .. من كل أزمة و عقبة .. وصف الطنطاوي لا يجاريه وصف و كأنه يصف الجنة على الأرض. يجعلك تفكر و تتذكر عندما زرت هذه المدينة في يوم ما هل استشعرت ما استشعره؟ هل أدركت مكانة هذه الارض العريقة؟ هل تذوقت خيراتها؟ هل أبصرت آثارها بكل ما تحمله من عبر و قصص و حكايا؟ هل مشيت في أحيائها و تتبعت خطوات أجدادها؟ ما احلى هذه الحكاية. أسلوب الطنطاوي الجميل السلس المشوق زاد من حبي للمدينة و ولعي بحضارتها أنصح بقراءة الكتاب وبشدة . #تحدي_القائمة #2016 كتاب مذكرات
"دمشق! وهل توصف دمشق؟ هل تصور الجنة لمن لم يرها؟ من يصفها وهي دنيا من أحلام الحب وأمجاد البطولة وروائع الخلود؟ من يكتب عنها وهي جنات الخلد الباقية بقلم من أقلام الأرض فانٍ؟"
هكذا استهل علي الطنطاوي كتابه عن دمشق، الذي يسطِّر لنا فيه بأسلوبه البديع صورا من جمالها وعبرا من نضالها، جامعًا بين عراقة التاريخ وشجون الذكريات وجمال المشاهد الحية. ولعل الأستاذ طلال الجابري لم يبالغ حين قال: "لا أعتقد أن أحدًا كتب عن مدينته عشقاً وهياماً وطرباً كما كتب الأديب الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله عن (دمشق)".
عندما كنت طفلة كنت دائما أسأل والدي من أين نحن من سوريا؟؟ فيجيبني من دمشق من حارة اسمها القنوات .. ماكنت أعلم حينها كم هي عظيمة دمشق بأبوابها السبعة وحاراتها القديمة وشوارعها الجميلة وغوطتها الرائعة ،فقد كنت أفرح بلقائها ولكن ماكنت أميز معنى هذا الفرح .. عندما كبرت وعشت فترة بسيطة فيها توسعت في معرفتي لدمشق حتى حفظت أسماء حاراتها وشوارعها وزُرع حبها في قلبي لدرجة التعلق بكل شيء ينتمي إليها.. نعم كم هي رائعة هذه المدينة وكم أفتخر بأنني منها وكم هي عظيمة بتاريخها المليء بالشجاعة والكرم والأصالة .. لذلك اقتنيت هذا الكتاب عندما لفت نظري في إحدى المكتبات في السعودية والمسمى ب"دمشق" ل #علي الطنطاوي رحمه الله،،قرأته كاملاً وعرفت عن دمشق أشياء لم أعرفها،حفظت منها تواريخاً وشخصيات كنت أجهلها،عرفت شجاعة أهل الشام في القرون الماضية،عرفت خريطة دمشق بأكملها،ضحكت على عادات يتصفون الدمشقيون بها،وكلمات قديمة ماكنت أعرفها، ذرفت دموعا على فترة مرت بها من حرب ودمار وقتل وظلم واعتداء والآن التاريخ يعيد نفسه،ومن خلال تاريخها العظيم عرفت معنى جملة "أقدم مدينة في التاريخ "..وأيضا أعطاني بصيص أمل هذا الكتاب أن تعود دمشق وأن تعود سوريا كلها كما كانت عليه قبل .. اختتمت هذا الكتاب بمشاهدة صور عن دمشق أُرفقت بصفحاته الأخيرة أعادتني بعض منها إلى ذكريات عشتها في دمشق..أحببت الكتاب رغم اختصاره لأشياء وددت معرفة المعلومات الكثيرة عنها.. فأسأل الله كما أنجاك سابقا يادمشق من كل الحروب أن ينقذك هذه الأيام بكل مايحل بك وأن نعيد بناء غوطتك من جديد..
دِمشقُ أقدم مدُن الأرض قِدماً ،وأكبرها سنّاً، وأرسخها في الحضارة قدَماً. كانت مدينة عامرةً قبل أن تولد بغداد والقاهرة وباريس ولندن، وقبل أن تنشأ الأهرام ويُنحت من الصّخر وجهُ أبي الهول ، وبقيَت مدينة عامرةً بعدما مات أترابها واندثرت منهنّ الآثار. وفيها تراكم تراث الأَعصار، وإلى أهلها اليوم انتقلت مزايا كلّ من سكَنها في سالف الدّهر؛ ففي نفوسهم من السجايا مثل ما في أرضِها من آثار التّمدن وبقايا الماضي، طبقات بعضها فوق بعض . فالحضارة تجري في عروقهم مع الدّماء ،وهم ورَثتها وحاملو رايتها وهي فيهم طبع وسجيّة .فأيّ مدينة جمع الله لها من جمال الفتوة وجلال الشيخوخة كالذي جمع لدمشق ؟
لَم أَكن يَوماً دِمَشقِيَ النَّسَب والمَسكَن، ولكني لَم أعهد نَفسي إلا دِمَشقيَ الهوى وَالمَعشَق. كلماته - رحمه الله – في وصف دمشق وغوطتها تطرق شغاف القلب وتُسيل الدمع على الوجنات، ولكني أرى أنه بالغ في وصف دمشق وجادتها الخامسة أيما مبالغة، ولا أحسبه زار القدس ووقف عند مدخلها العظيم الذي سُمِيَ بإسم محبوبته، فسماه الناس باب دمشق، ولو فعل!! لقال غير القول. لقد فَعَل وصف دمشق بقلبيَ الأفاعيل، كيف لا وأنا ابنٌ بارٌ لشقيقتها الصغرى التي تتربع على أخٍ توأمٍ لقاسيونها، ولمن لا يعرفها فهي دِمَشقٌ الصغرى " نابلُس" لها جادة لا أحسِبُها خامسة، بل أحسبها تلامس السماء، غير أن لا بَرَدى فيها. وقد صَدَقَ – رحمه الله – لما قال: "كيف لي بتصوير الجادة الخامسة للقراء وهم منتشرون في أقطار الأرض كلها؟ وكيف لي باقناعهم ولكل منهم بَلده، وكل ببلده فخور! أن الشام درة تاج الكون ...." نعم والله انه لمن المحال !!!
.... ولو يعلم الشيخ وهو يكتب " إن الذي رأيت في الكلاسة من الفواجع والمآسي لايقدر على وصفه لسان ولا قلم" ما حَلَّ بسوريه لعلم أن ما عاصره ليسير على الوصف وذلك للحال الذي آلت اليه سورية اليوم. ... لو تعلم – رحمك الله – ما حل بسورية اليوم لما كتبت: "...أَمَا ضَرَبَ الفرنسيون دمشق أقدم مدن الأرض العامرة بالقنابل مرتين في عشرين سنه .." لوتعلم ما حل بسورية !! لبكيت دماً على حالها، فقد باتت تُضرَبُ بقَنابلَ صُنعت في عشرينَ سنه في يومٍ أو يومين ، فلا حول ولا قوة الا بالله. يقدِّرُ الله لي أن أقرأ هذا الكتاب في أيام عصيبة جداً على أهل الشام ومُدُنِها، فَحَلَبٌ الشَهباء عَروس الشمال السوري تحترق بصواريخ ملل الكُفر من الشُقْرِ الروس وأذنابهم من النصيرية اتباع المجرم الهالك-بإذن الله- بشار الأسد، فلا أجد لنصرتهم سبيل، لا بسلاح ولا بمال، وليس لي إلا هذا القلب الذي يرتجف كَمَداً عليهم، لما آلو اليه من دماء أغرقتهم ورُكامِ بيوتٍ صارت قبراً لهم، والعالم القذر من حولي لا يحركُ حكامه ساكناً - العربُ منهم - ، فكيف لهذه الأمة من قيام يعيد لها مجدها؟ وأهلها ممزقون ينظر الواحد فيهم الى جاره واخيه وزوجته تقتل ولا تهتز جفونه نخوة لهم. ولكنَّ سُنَنَ الله نافذه، وأهل الشام هم صفوة الأمة وعمودها الذي لا ينهار، والله ناصرُهم وان خذلهم الحُكام. فكَ الله أسرَك يا مُرسي فلم يَصْدَحْ بِتَلبِيَةٍ لِنِداءِ سُوريا غَيرُك، ولو كانت تلك حَسَنَتَكَ في هَذه الدنيا لكَفَتك.
دمشق .. وما دمشق؟ دمشقُ سيفٌ للبطولة لا ينبو وبقيةٌ من المجد لا تندثر وصورةٌ للجمال لا تشيخ، دمشق نبع التاريخ ودرةٌ للحضارة وحصنٌ للمجد.. أن تجتمع دمشق المدينة الجليلة مع علي الطنطاوي القلم الفذّ والابن البار والأديب الأريب في كتابٍ واحد فأنت أمام تحفةٍ نابغة ولوحةٍ عبقرية قلّما تظفر بها المتاحف والمعارض! اقتنيت الكتاب لحبٍ قديم ومقيم لدمشق.. وغرامٍ ساكنٍ وولاءٍ مبرّح لشيخي وأستاذي علي الطنطاوي رحمه الله، ولم يخِب ظني ولم تنقص مقادير إعجابي بالكاتب والمكتوب عنه معًا!
يكتب علي الطنطاوي عن دمشق بعشقٍ نادر ووفاءٍ خالص.. فتارةً يكتب نُزرًا من الحوادث ونُتفًا من الشواهد عن طرفٍ من تاريخها الذي شهَده هو بنفسه؛ أي من أواخر العهد العثماني الاتحادي إلى ما بعد ذلك.. وتارة يكتب عن جنّاتها وغوطتها وضيعاتها (قرُاها) الفاتنة بوصفٍ مبهر لا يترك في نفس قارئها إلا السحر والنشوة والسَكرة وعالمٍ لذيذ من حلمٍ وخيال.. وتارة يكتب عن أهلها الأفاضل ويتكلم عن جهادهم ونضالهم إبان عهد الاستعمار الفرنسي في سرد مجتهد ووصف دقيق ليته لم يتعب نفسه في كتابته! لأننا ببساطة قد رأينا ما صوّره من خلال الكلمات والعبارات عيانًا بيانًا عبر شاشات الأجهزة المحمولة والتلفاز أو "الرائي" كما يحب أن يكتبه ويسميه.. رأيناه مرة أخرى صورة حيةً ومرئية في ثورة أهل الشام وفي مقاومتهم لنظام الظلم والطغيان ! ثم تارةً يكتب عن ذكرياته في كل حي وكل ضاحية وكل مربع من مرابع دمشق في حنينٍ شجي مبكي.. وتارة يكتب عن دمشق الماضي ومآثرٍ وأثار لا يملك القلب المتيّم إلا أن يقف على طلولها ويسكب عبرات الحسرة والحزن على ثراها حيال الاندثار والتبدّل الذي أحدثته عواصف التغريب والتخريب ..
كنت أحب دمشق من قبل ثم زاد هذا الكتاب القلبَ لها حبًا والتفاتًا صوبَ جهتها باكيًا ومشتاقًا من غير ما لقاء ومرددًا صدر قصيدة شوقي :"سلامٌ من صَبا بردى أرقُ.. ودمعٌ لا يُكفكف يا دمشقُ".
"عز الشرق أوله دمشق" حسناً اعترف بانه لا تتجاوز معرفتي بدمشق 20 بالمئة مقارنة بما كتبه الطنطاوي .. ولربما لم اعرف من تلك الحارات القديمة غير اسمها .. لكنني اعلم علم اليقين انه لا يمكن لاي مدينة اخرى ان تضاهيها جمالاً ، وسحراً ، وتاريخاً .. ما اثار اعجابي حقاً و رفع امالي و امنياتي هو ان دمشق تدمرت تماما على مر العصور من قبل اناس مختلفين لكن نهاية كل مرة كان يعلن الاستقلال و كانت تعود لبناء مجدها من جديد .. لربما تستطيع العودة هذه المرة ايضاً من جديد .. لي الفخر اني انتمي اليها و اليها سأعود ..
الكتاب جعلني أقرأ كل فصل بوقت مختلف لتشغيل ملكة التخيل والتفكر بكل كلمة وصف بها الكاتب دمشق وصفه كوصف محب لمحبوبته أو طفل لجمال والدته دمشق الحضارة،دمشق التاريخ،دمشق العراقة ودمشق الجمال والعلم والكرم كان الشيخ والأديب الطنطاوي يوصفها ويشرح حالها بعد الانتهاء من الاحتلال الفرنسي بفرح كبير كسعادة طفل يوم عيد والآن دمشق رجعت جريحة مكسورة بإذن الله سنقرأ قريباً عن دمشق بعد انتهاء الحرب من كاتب محب عاشق لها مثلما كتب الطنطاوي رحمه الله بعد انتهاء الاستعمار
كنت وأنا أقرأ وصف دمشق في الكتاب لا يتراءى لي إلا الدمار الذي لحق بشامنا الحبيب في عصرنا هذا. وكنت أتساءل بيني وبين نفسي عما كان سيقوله الشيخ الطنطاوي رحمه الله إن رأى حالها الآن وهو الذي انتابته الغصص يوم كان الشام تحت وطأة الاحتلال، فكيف به يقول عنه وبأس المسلمين اليوم منهم وفيهم وبينهم؟ اللهم أعد إلينا شامنا شامة في خد وطننا العربي ودوحة غناء كما كانت وأفضل وانصر إخواننا المسلمين المستضعفين والمظلومين. إنك على ذلك قدير
" اللهم ! إن تحت كل شجرة من أشجار الغوطة جثة شهيد مات دفاعاً عن هذه الأرض الطاهرة التي سُقيت بالدم ؛ ثم إنها لم تخلص لأهلها ، ولم تنجُ من الغاصب الدخيل . اللهم كما جعلت دمشق درّة الكون ، ومنحتها ما لم تمنح بلداً ، أكمل عليها نعمتك َوهبْ لها الحرية والمجد "
انتهى الكتاب لكنَّ دمشق لا تنتهي .. دمشق المبتدى والمنتهى .. وعزُّ الشرق هي أولُه .
ميزة الكتاب الأساسية هي التاريخ المهول الذي يكتنزه الشيخ علي الطنطاوي في حديثه .. هو يشعرك بأنه عاش سوريا بكل عصورها و بأنه سيخبرك تاريخها إخبار العارف بها ، كتاب سيربطك بدمشق
داهمني الشوق لدمشق ، وشعرت للحظات أنني نسيت شوراعها ! فاخرجت هذا الكتاب من مكتبتي الموقع من أمي الدمشقيه واعدت قراءته خلال ساعات .. وتخيلت صوت علي الطنطاوي يقرأ ماكتب ... كم كان عاشقا لدمشق ، خلدها في كتابه الرائع هذا
————————————————————
فعلا اروع ما كتب عن دمشق ، مع الاعتراف اني لم أقرأ كل ما كتب عنها لكن الكتاب دعوة لكل دمشقي ان يطالعه، ولكل من لم يزر دمشق ان يفعل فمقالات الطنطاوي، وان بدت شخصية حياتية الا انها نقلت واقع المدينة في ذاك الزمن البعيد الجميل، بكل مآثره، وبكل تفاصيله من مناطق، مناسبات وتقاليد
سعيدة ان الكتاب في مكتبتي ومن ضمن ما سأخلفه لاولادي
كتاب ماتع مفيد يحكي عن الفاتنة دمشق، لكن لست أدري أطال بي العهد على أسلوب الطنطاوي رحمه الله فما استمتعت القراءة، أم أن الحديث عن أطراف من التاريخ دون الإلمام بكامل القصة يتوهني، لا أعلم لكن الكتاب بمجمله عذب جميل، أتذكر اليوم الأول الذي بدأت فيه قراءته وفتحت الصفحات الأولى لأرى الخارطة وأقرأ أسماء الأماكن: الأموي، القلعة، الصالحية، الحريقة إلخ، وتهطل دموعي غزيرة عالقة في ذهني مقالة "الجادة الخامسة" وذلك لأني أحب أكثر ما أحب منظر دمشق من جبل قاسيون، وإذ بالطنطاوي يحكي ويصف ذلك المنظر وكيف كان يراه من بيته في الجادة الخامسة ويبدع فيه وأنا يتردد في داخلي: أفهم ذلك، أفهم ذلك!
كتاب يشعرك بعراقة تاريخك و تاريخ مدينتك .. أحسست انه يتحدث عن واقعنا الآن .حينما قال دمشق أصبح نصفها مقبرة للموت و نصفها الآخر مستشفى للذين ينتظرون الموت
كتاب كلما اعدته لا تمل منه .. و كيف تمل و انت تقرأ عن مدينتك و أصلك .. لا شك أن الطنطاوي أحب دمشق أضعاف ما أحببنا فكتب ما كتب و لربما كانت دمسق الشام غير التي عرفنا نحن و رأينا
ومع هذا الكتاب شعرت وكأنني أتجول في دمشق برفقة الشيخ علي الطنطاوي، عرفت الكثير عن دمشق ( أقدم مدن الأرض وأجملها ) عشت معهم في أحزانهم وأفراحهم، وتعرفت على حياتهم وعاداتهم وتقالديهم ومدارسهم وتاريخهم
أجمل شيء أن تقرأ كتاب عن دمشق والأجمل أن يكون بقلم ابنها علي الطنطاوي رحمه الله
قرأت هذا الكتاب بعيد سقوط النظام السابق و نحن في ذروة فرحنا و اضطراب مشاعرنا بالنصر فشعرت بكلمات الشيخ و وصفه للنضال ضد الاستعمار الفرنسي و الاحتفال بيوم الجلاء و كأنه كتبها ليصف حالنا، و عشت معه في دمشق و سرت في حاراتها و شوارعها و قارنت بين ما وصفه الكتاب و بين ما أصبحت عليه و زاد شوقي لها، كتاب يهم كل عاشق لدمشق و لمن يحب ان يعرف عنها كيف كانت و كيف صارت
كيف أجرؤ ألا أقيّم كتاب الطنطاوي بخمس؟ ثم كيف ذلك والكتاب عن حبيبتنا دمشق؟ كلما هممت أن أقتبس من الكتاب جزءا، أتى جزء يماثله أو يعلو عليه، فأقول: لعلي أنصح بالفصل كاملا بما فيه من نثر حسن، وتاريخ وفن، وتنفيس شجن، حتى يأتي فصل يكون للفصل السابق كما كانت نصوصه لنصوصه، وهكذا حالي حتى قلت: لا يغني عن الكتاب إلا الكتاب. رزقنا الله برؤية دمشق عيانا، ورحم الله شيخنا فقد أبكانا على ما لم نعرف، وشوّقنا لما لم نر، فبكينا لبكائه أطلاله، وكأنه استوقفنا معه كما يستوقف الشاعر أصحابه.
درّة التاج، ياسمينة الشرق، قلب الشيخ علي دمشق الحزن الذي مرّت من حوله أسراب فجائعنا، وارتحلت من حولها الآمال، وبقيت وحيدة في الذاكرة تُنسى وتُذكر.. تُريد اليوم أن تُذكر فتناديني هنا، فهي الدرّة اليوم حرّة! دمشق قلب علي الطنطاوي النابض بالحب، المغموس بالحنين، والمليء بالحسرات. هي حبيبته التي غابت عنه قسرًا فبكاها بحرقتين، حرقة المكان؛حرقتها وهي مغصوبة، وحرقة الإنسان؛ حرقته وهو مُبعد. ليتها قرّت عينك ورأيتها اليوم وقد نُزعت نزعًا ممن حرموك إياها، ليتها تتواضع أمنياتك بزيارة مغاني الطفولة ومراتع الصبا، وليتها تعود كما أنت وصفتها.. أقرأ وصفه وأغصّ إذ أعرف أن العودة ليست العوض، أننا حُرمنا من دمشق التي عرفها هو للأبد. ترك كتابه هذا مرآة للوجع والفرح، للحنين والحرمان، تركه وصية لنا أن نحبها، أن نحلم بها. نحبها ونحلم بها يا شيخ رغم كل ما ذقنا في الطريق إليها نحبها ونحلم بها.
لم أزر دمشق من قبل، ولم أقرأ عنها، كان هذا الكتاب هو أول عهدي بها، كتابٌ مُهدى من صديق دمشقيّ عزيز. لا تعقيب على كُتبُ الأديب والفقيه الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله. هذا الكتاب يأخذك إلى حارات دمشق الحيّة وبيوتها المُزهرة، يجعلك تبصُر بعينيك جمال خضرتها. شعرت بأني غمستُ يدي في نهر بردى، استشعرتُ طيبة أهلها، عشتُ معهم في أيام ثورتهم العصيبة، وفرحت معهم يوم الاستقلال المنشود. أحببت الكتاب كثيرًا، لمن هو مهتم بدمشق تحديدًا ويودّ التعرّف عليها أكثر وأكثر. لم أكن منغمسةً بشدة في المجتمع السوري وأقطاره المتنوعة، ولكنني في الفترة الأخيرة وجدت نفسي بينهم فجأة، عاشرت الحمصيين والدمشقيين والحمويين منذ فترة، ولكنني توغلت فيهم أكثر هنا في اسطنبول. ومن خلال معاشرتي أولًا للشاميين (الدمشقيين) وثانيًا من خلال قراءتي لكتاب الشيخ علي الطنطاوي، اتضحت لي أكثر طبيعتهم وحبّهم للمباهاة والغرور بمدينتهم وأصلهم، لا أنقم عليهم ذلك تمامًا، أحيانًا وبطريقة عجيبة أجد أنه يحقّ لهم التفاخر بذلك لعظمة دمشق "التي لم أزرها" ولكنّ هيبتها وصيتها ليس هيّنًا أبدًا. على كلٍّ لا أقصد أي إساءة للإخوة الشاميين، أحبهم ولدي الكثير من الأصدقاء الشاميين الرائعين المثقفين الذين أسعد بصحبتهم كثيرًا. هذا الكتاب أضاف لحصيلتي التاريخية واللغوية والجغرافية كثيرًا، ولا يعيبه شيءٌ غير شيءٍ بسيط، ألا وهو التعظيم الزائد لمدينة دمشق، ربّما لا يحق لي لوم الشيخ كونه ابن دمشق منذ القدم وقد عاصر عزّها ونصرها وجمالها الخلّاب، ولكنني في نهاية الأمر وجدت بعض المبالغة في المدح والذي لا أستحسنه على كلّ الأحوال شخصيًا. (هذا رأيٌ شخصيٌّ بحت لا يمسّ أي عرق أو فصلٍ معين)