عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله آل باز، قاض وفقيه سعودي. شغل منصب مفتي عام المملكة العربية السعودية منذ عام 1992 حتى وفاته. كان بصيرًا ثم أصابه مرض في عينيه عام 1927 وضعف بصره ثم فقده عام 1931. ولد في الرياض لأسرة يغلب على بعضها العناية بالزراعة، وعلى بعضها الآخر العمل في التجارة، وعلى كثير من فضلائها طلب العلم. ومن أعيان هذه الأسرة الشيخ عبدالمحسن بن أحمد آل باز، الذي تولى القضاء بالحلوة "الحوطة" والإرشاد في الهجرة الأرطاوية في قبيلة مطير. ومنهم كذلك الشيخ المبارك بن عبدالمحسن، تولى القضاء في بلدان كثيرة من المملكة ومنها الطائف وبيشة وحريملة والحلوة.
خفيف. لغته سلسة جدا لا تعج بالمصطلحات صعبة الفهم. و قد عمل على توضيح رأيه من عدة جوانب منطقية مدعمة بأدلة منطقية و عقلانية و طبعا قرآنية و نبوية.
تعلمت الأسباب وراء نفي القومية العربية و عدم صحتها، الفقرة الأخيرة مما اقتبست. و تعلمت أن للعرب المسلمين فضل لكن لا يمتد لجعلهم خيرا من غيرهم.
--
اقتبست:
"ومن زعم من دعاة القومية أن الدين من عناصرها، فقد فرض أخطاء على القوميين، وقال عليهم ما لم يقولوا لأن الدين يخالف أسسهم التي بنوا القومية عليها، ويخالف صريح كلامهم ويباين ما يقصدونه من تكتيل العرب، على اختلاف أديانهم تحت راية القومية."
***
"وإنما الحقيقة أنها [أي القومية:] تنافس الإسلام وتحاربه في عقر داره، وتطلي ببعض خصائصه ترويجاً لها وتلبيساً أو جهلاً وتقليداً"
***
"ومن العجب الذي لا ينقضي، أن كثيراً من شبابنا وكتابنا - ألهمهم الله رشدهم - خفيت عليهم هذه الحقيقة، حتى ظنوا أن التكتل والتجمع حول القومية العربية، والمناصرة لها، أنفع للعرب وأضر للعدو، من التجمع والتكتل حول الإسلام ومناصرته، وهذا بلا شك ظن خاطئ، واعتقاد غير مطابق للحقيقة. "
***
"الواجب على أبناء الإسلام بدلاً من التحمس للقومية والمناصرة لدعاتها: أن يكرسوا جهودهم للدعوة إلى الإسلام وتعظيمه في قلوب الناس، وأن يجتهدوا في نشر محاسنه وإعلان أحكامه العادلة، وتعاليمه السمحة الصافية، نقية من شوائب الشرك والخرافات والبدع والأهواء حتى يعيدوا بذلك ما درس من مجد أسلافهم، وحماستهم للإسلام، وتكريس قواهم لنصرته وحمايته، والرد على خصومه بشتى الأساليب الناجعة"
***
"مذهب أهل السنة تفضيل جنس العرب على غيرهم، وأورد في ذلك أحاديث تدل على ذلك، ولكن لا يلزم من الاعتراف بفضلهم أن يجعلوا عمادا يتكتل حوله، ويوالي عليه ويعادي عليه، وإنما ذلك من حق الإسلام الذي أعزهم الله به، وأحيا فكرهم ورفع شأنهم، فهذا لون وهذا لون، ثم هذا الفضل الذي امتازوا به على غيرهم، وما من الله به عليهم من فصاحة اللسان، ونزول القرآن الكريم بلغتهم، وإرسال الرسول العام بلسانهم، ليس مما يقدمهم عند الله في الآخرة، ولا يوجب لهم النجاة إذا لم يؤمنوا ويتقوا، وليس ذلك أيضا يوجب تفضيلهم على غيرهم من جهة الدين"
***
"إن اجتماع المسلمين حول الإسلام، واعتصامهم بحبل الله، وتحكيمهم لشريعته، وانفصالهم من أعدائهم والتصريح لهم بالعداوة والبغضاء، هو سبب نصر الله لهم وحمايتهم من كيد أعدائهم، وهو وسيلة إنزال الله الرعب في قلوب الأعداء من الكافرين، حتى يهابوهم ويعطوهم حقوقهم كاملة غير منقوصة، كما حصل لأسلافهم المؤمنين."
***
"من المعلوم من دين الإسلام بالضرورة أن الدعوة إلى القومية العربية أو غيرها من القوميات، دعوة باطلة وخطأ عظيم، ومنكر ظاهر، وجاهلية وكيد سافر للإسلام وأهله، وذلك لوجوه"
الوجوه التي ذكرها: 1-"الدعوة إلى القومية العربية تفرق بين المسلمين، وتفصل المسلم العجمي عن أخيه العربي" 2-"الإسلام نهى عن دعوى الجاهلية وحذر منها" 3-" أنها سلم إلى موالاة كفار العرب وملاحدتهم من غير المسلمين، واتخاذهم بطانة" 4-" إن الدعوة إليها والتكتل حول رايتها يفضي بالمجتمع ولا بد إلى رفض حكم القرآن؛ لأن القوميين غير المسلمين لن يرضوا تحكيم القرآن"
من الرسائل المميزة التي كتبها الشيخ ابن باز رحمه الله في فورة القومية العربية وانتفاضاتها وهي مليئة بالأدلة الشرعية التي تنقض عليهم بنيانهم، كما أنها مذيلة بنبوءة الشيخ رحمه الله بتهاوي الدعوة القومية وسقوطها، ولغتها سلسة عذبة وقريبة إلى نفس القراءة وهي تنضح بعزة المؤمن وشموخه على المبطلين...رحم الله الشيخ وسائر علماء المسلمين
الكتاب مميز بالنسبة لي لسبب واحد لا صلة له بالقومية بالعربية. وهو أنه يورد رأيا قديما لابن باز في تحكيم الشريعة، وهو تكفير المبدل لشرع الله دون النظر من موقفه المعلن من الشريعة. في وقت لاحق رأى الشيخ التفصيل في هذه المسألة، والتفريق بين المبدل الزاعم توقير الشريعة، والمبدل الذي لا يوقر الشريعة.
كذلك لابن عثيمين رأيا قديما في المسألة، يرى تكفير المبدل دون تفصيل، أورده في كتاب فتاوى أركان الإسلام. ثم تغيرت هذه الفتوى بالتفصيل المذكور..في أشرطة سجلت له قبل وفاته بسنة.
أما الكتاب، أعني نقد القومية العربية، فقد ظهر في زمن، كان التنافس على أشده في ريادة العالم العربي بين القطبين السعودي والمصري. ولا شك أن القومية العربية قد راجت بين شبان الجزيرة العربية بسبب رواج العداء للإمبريالية الغربية بهوية محلية (عربية). ما زلت أقرأ مانشيتات الصحف المصرية آنذاك، فأجد في نفسي بعض الأعذار لأسلافنا في تأييد القومية. فمن يطالع الصحف سيجد أن لها وقعا أكبر وأقوى من صحافتنا العربية المعاصرة. فهي لا تتحدث إلا عن مشاكل الشعوب والحكومات بصراحة أو بما يشبه الصراحة..وهو الشيء المفقود في معالجة صحافتنا لقضايا المنطقة العربية.
القالب الذي يجري فيه النقد عرف به الإسلاميون قديما..جامع ما بين الوعظ والمادة العلمية الشرعية الجادة. فكرة إفراد المسألة في ما يشبه الرسالة الجامعية كانت غائبة عن المشهد. ولا أزعم بأن الأخير هو الأفضل دوما..فالمخاطبون (بصيغة اسم المفعول) تتفاوت قدراتهم..فمن يكفيه شريط وعظي، لا يقدر على قراءة كتيب. ومن لديه حب للتفاصيل لمن يقنع بما يراه فتات الموائد من الكتيبات والرسائل القصيرة.
ألف العلامة ابن باز كتابه هذا في توقيت حساس في عام 1970 وهو نفس العام الذي توفي فيه عبدالناصر رائد و داعم الافكار القومية ومنافس الملك فيصل في الساحة العربية، فكأن الكتاب جاء لإضعاف التوجه القومي بعد وفاة زعيمه.
وفي الكتاب قرر الشيخ حرمة الاستعانة بالكفار والقتال معهم فقال :[وليس للمسلمين أن يوالوا الكافرين أو يستعينوا بهم على أعدائهم، فإنهم من الأعداء ولا تؤمن غائلتهم وقد حرم الله موالاتهم، ونهى عن اتخاذهم بطانة، وحكم على من تولاهم بأنه منهم، وأخبر أن الجميع من الظالمين، كما سبق ذلك في الآيات المحكمات، وثبت في: (صحيح مسلم )، عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بدر فلما كان بحرة الوبرة أدركه رجل قد كان يذكر منه جرأة ونجدة ففرح أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأوه فلما أدركه قال لرسول الله جئت لأتبعك وأصيب معك وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم لتؤمن بالله ورسوله؟ قال لا قال ((فارجع فلن استعين بمشرك)) قالت ثم مضى حتى إذا كنا بالشجرة أدركه الرجل فقال له كما قال أول مرة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم كما قال أول مرة فقال لا قال ((فارجع فلن استعين بمشرك)) قالت ثم رجع فأدركه في البيراء فقال له كما قال أول مرة ((تؤمن بالله ورسوله؟)) قال نعم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ((فانطلق)) فهذا الحديث الجليل، يرشدك إلى ترك الاستعانة بالمشركين، ويدل على أنه لا ينبغي للمسلمين أن يدخلوا في جيشهم غيرهم، لا من العرب ولا من غير العرب؛ لأن الكافر عدو لا يؤمن. وليعلم أعداء الله أن المسلمين ليسوا في حاجة إليهم، إذا اعتصموا بالله، وصدقوا في معاملته. لأن النصر بيده لا بيد غيره، وقد وعد به المؤمنين، وإن قل عددهم وعدتهم كما سبق في الآيات وكما جرى لأهل الإسلام في صدر الإسلام] وقد اختلفت فتوى الشيخ فيما بعد في حرب الخليج،وهذا لا يطعن في نهج الشيخ فالاجتهاد الفقهي قد يتغير على حسب الحالات والازمنة،انما هو تسجيل موقف للشيخ غفر الله لنا وله.
الكتاب لا يحمل اي تعقيد انما هو كلام عام واستدلالات من النصوص وكأنه وثيقة رسمية صريحة في مهاجمة المد القومي .
الشيخ العالم ابن باز رحمه الله يتناول دعوة القومية في تلك الفترة من التاريخ بالإبطال من عدة أوجه بنصوص الكتاب والسنة، ويمكن إسقاط النقد على الموجة الوطنجية والنسوية حالياً وما شابه لأنها كلها دعوات جاهلية .
مما ورد في الكتاب:
1- ذكر كثير من مؤرخي الدعوة إلى القومية العربية، ومنهم مؤلف الموسوعة العربية: أن أول من دعا إلى القومية العربية في أواخر القرن ال19 هم الغربيون على أيدي بعثات التبشير في سوريا، ليفصلوا الترك عن العرب، ويفرقوا بين المسلمين، ولم تزل الدعوة إليها في الشام والعراق ولبنان تزداد وتنمو حتى عقد لها أول مؤتمر في باريس من نحو ستين سنة وذلك عام 1910 م، وكثرت بسبب ذلك الجمعيات العربية، وتعددت الاتجاهات، فحاول الأتراك إخمادها بأحكام الإعدام التي نفذها جمال باشا في سورية في ذلك الوقت.
2- ذكر غير واحد من أهل العلم، ومنهم ابن تيمية أن مذهب أهل السنة تفضيل جنس العرب على غيرهم، ولكن لا يلزم من الاعتراف بفضلهم أن يُجعلوا عماداً يُتكتّل حوله و يُوالى عليه و يُعادى عليه، وإنما ذلك من حق الإسلام الذي أعزهم الله به وأحيا فكرهم ورفع شأنهم، فهذا لون وهذا لون، ثم هذا الفضل الذي امتازوا به على غيرهم، وما من الله به عليهم من فصاحة اللسان ونزول القرآن الكريم بلغتهم ليس مما يقدمهم عند الله في الآخرة، ولا يوجب لهم النجاة إذا لم يؤمنوا ويتقوا، وليس ذلك أيضاً بموجب تفضيلهم على غيرهم من جهة الدين، بل أكرم الناس عند الله أتقاهم، بل هذا الفضل عند أهل التحقيق يوجب عليهم أن يشكروا الله سبحانه أكثر من غيرهم، وأن يضاعفوا الجهود في نصر دينه الذي رفعهم الله به، وأن يوالوا عليه ويعادوا عليه دون أن يلتفتوا إلى قومية أو غيرها.
3- وهدف القومية كما يُعلَم من كلامهم هو التكتل والتجمع والتكاتف ضد الأعداء ولتحصيل المصالح المشتركة كما سلف، ولا ريب بأن هذا غرض نبيل وقصد جميل، فإذا كان هذا هو الهدف، ففي الإسلام من الحث على ذلك والدعوة إليه وإيجاب التكاتف والتعاون لنصر الإسلام، وحمايته من كيد الأعداء ولتحصيل المصالح المشتركة ما هو أكمل وأعظم مما يرتجى من وراء القومية.